إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

طبيب يبحث عن عشاء ,,!

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • طبيب يبحث عن عشاء ,,!

    بسم الله الرّحمن الرّحيم
    السّلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

    طَبيبٌ يبحثُ عَن عَشاءٍ!



    للأستاذ/ مُحمّد القوصيّ؛ يحفظهُ الله تعالى.



    مَـا عرف الراحةَ يوماً، وما هَدَأَتْ نفسه سَاعَةً واحدةً منذ أَنْ خرج من رَحِم الأحزان، وتقاذفته صروف الزمان؛

    فقد نَحَتَ الصخرَ بأظافره، وَمَشَى على الشوك حافيَ القَدَمَيْن في سبيل مواصلة دراسته للطب.

    في يـومٍ ذي مَسْـغَبَة طَافَ يميناً وشِمالاً عساه أنْ يَجِدَ عملاً، فَلَمْ يجدْ فَتَسلَّلَ إليه شعور بالإحباط أكثر من ذي قبل،

    وَأَصَابَه من الهَمِّ والحزن ما أصابه؛ لِسَطْوَةِ الدَّيْنِ وتراكمه، وشبح الضَّيَاع الذي نَسَجَ خيوطه في طريقه.

    فَقَرَّرَ أَنْ يقترض ما يكفيه للغد، فسأل أحد زملائه فاعْتَذَرَ إليه. وذهب إلى آخَر، فَعَلِمَ أنه سافر إلى أهله.

    فبلغ به اليأس مبلغه لعجزه عن تحقيق مطلبٍ بسيط كهذا. فَتَحَامَلَ على نفسه أكثر، وقام بمحاولةٍ أخيرة،

    فَتَوَجَّه إلى صَدِيقٍ في قريةٍ نائية، فَلَمَّا وَصَلَ إلى هناك لَمْ يجده!

    فَضَاقَتْ نفسه من نفسِه، واسْتَبَدَّتْ به الحَيْرَة، وَأََحَسَّ بأنَّ الدنيا أَوْصَدَتْ أبوابها في وجهه؛

    بعدما أعياه البحث عن ثمن وجبة عشاء! فَتَمْتَمَ يائساً: ليس هناك من خَيْرٍ يرْتَجَى في هذا الزمان!

    وراودته نفسه الأَمَّارَة بالانتحار ابتغاء الخلاص من غَلَبَة الدَّيْن وقهر الرِّجَال.

    ظَلَّ سائراً بين الحقول الشاسعة، يجوب الآفاق بنظراته القَلِقَة، فاقداً الأمل في إكمال دراسته،

    بَلْ كارهاً البقاء في الدنيا كلها! وبينما هو كذلك فإذا به يبْصِر من بين النَّخِيل رَجلاً نحيلاً،
    تكاد قِرْبَة الماء التي على كَتِفِهِ ترْدِيه على الأرض، فانْطَلَقَ نحوه ليحملها عنه.

    وما إِنْ وَصَلَ إليه حتى تَهلَّلَ وجه الرجل بالسرور، فَرَحَّبَ به بشدة وَقَدَّمَ له في الحال طَبَقاً مملوءاً رطَباً جَنيّاً، فَأَكَلَ بِنَهَمٍ حتى شبع.

    ثمَّ مَا لَبِثَ أَنْ قَصَّ عليه مَأْساته، فَمَسَحَ الرجل على كَتفِه برفقٍ، وقال: اعلَم أنَّ دوام الحال من المحال، وما دامَ رِزْقكَ على الله فلا تَحْزَنْ، والأَجْر على قدر المَشَقَّة؛ فـ (إدريـس) عَمِلَ خَيَّاطَاً، و (نـوح) نَجَّاراً، و (موسَـى) رَاعِياً، و (داود) حَدَّاداً، و (محَمَّـد) تَاجِراً، عليهم الصلاة والسلام جميعاً.

    ثمَّ استدارَ الرَّجل، وتناول جرعة ماء، وَأَرْدَفَ قائلاً: تفاءل - يا ولدي - ولا تَقْنَط أبداً؛ فإِنَّه عندما يَجِيء أََوَان الفَرَج،

    فلا قِيمَةَ للأسباب؛ فقدْ خَرَجَ (يهـودا) بالقميص، فسبقته الرياح بالبشْرَى {إنِّي لأَجِد رِيحَ يوسفَ} [يوسف: 94]،

    ومَرْيَـم التي {كَفَّلَهَا زَكَرِيَّا} كانت {كلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْـمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا} [آل عمران: 37].

    تَسَلَّلَتْ هذه الكلمات إلى أذنِ الشاب كاللَّحْنِ العذب الجميل، فَظَلَّ يستمِع ويستمتِع بتلك الوصايا الغالية،

    حتى أَرْخَى اللَّيْل أَسْدَالَه، وتَلأْلأَتْ نجوم السماء، وَغَطَّتْ الحقولَ قطرات النَّدَى،

    فَتَمَنَّى أَلاَّ يغادِر المكان بعدما اسْتَهْوَتْ مسامعه الحِكَم الرفيعة، وَهَزَّتْ قلبَه المواعظ الجميلة.

    وقبل أنْ يقوم من مقامه سأل الشيخ: هَلْ تَمْتَلِك كل هذه الزروع والأشجار والنخيل؟.

    فابْتَسَمَ الشيخ، وقال: الملْك لله وحده، والمؤمن الحق مَنْ يَنْسِب كل خيرٍ لله، كما قال ذو القَرْنَيْن:
    {قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ} [الكهف: 95]، وكما قال سلَيْمَـان - عليه السلام -: {فَمَا آتَانِيَ اللَّه خَيْرٌ} [النمل: 36].

    ثمَّ أَرْدَفَ قائلاً: لا أخفي عليكَ سراً؛ أنَّنِي لَمْ يكن لَدَيَّ سوى نخلة واحدة، فكنت أََتَصَدَّق بنصف طَلْعِهَا،

    فرزقني الله هذا الرزق الكبير، فَزِدْت في الصدقة، فزادني أضعافاً مضاعفة. ففي النَّاموس الإلهي {مَن جَاءَ بِالْـحَسَنَةِ فَلَه خَيْرٌ مِّنْهَا} [النمل: 89].

    سأله مرةً أخرى: كيف تسمح لَكَ صحتكَ بصعود النخيل وأنْتَ في شيخوختك هذه؟.

    أَجَلْ! حفظناها في الصِّغَر، فَحَفِظَها الله لنا في الكِبَر.

    تَعَجَّبَ الشاب من يقين الشيخ، كَتَعَجّب موسَـى - عليه السلام - من الخضــر!
    فَزَالَ عنه القنوط الذي كان يغشاه، وَتَبَخَّرَ اليأس الذي كاد يقتله.

    ثمَّ قال وهو يَهِمّ بالرحيل: لَوْ ضاقت بيَ السبل، هَلْ تأذن لي أَنْ قِيمَ في خيمتكَ الصغيرة؟

    الشيخ: لا مانع مَا دمْتَ تؤمن بأنه {مَن جَاءَ بِالْـحَسَنَةِ فَلَه خَيْرٌ مِّنْهَا} [النمل: 89].

    ازداد تَعَجّبه من إيمان الشيخ ويقينه! فتنزَّلَتْ عليه السكينة، وغشيته الرحمة،

    ثمَّ وَدَّعَه قائلاً: أَشْكركَ يا سَيِّدي على كرمك، وعسى أَنْ نلتقي. أنا خادمك " رشــاد فــؤاد " طالب بكلية الطب.

    فقال: لا شكْرَ على واجب يا بنيَّ! جَعَلَكَ الله عَوناً لعباده، وَسِلْمَاً لأوليائِه.

    مَرَّتْ الأعوام سِرَاعاً، وأصبح طالب الطب أحدَ الجَرَّاحِين الذين يشَار إليهم بالبَنَان.

    وفي إحدى الليالي، تَمَّ استدعاؤه فوراً إلى (المستشفى الجامعي) لوصول حَالَةٍ حَرِجَةٍ للغاية،

    اعتذرَ عنها (المستشفى الدولي) لأنَّها ميئوسٌ منها، كما رَفَضَ استقبالها (المستشفى الاستثماري) بِحجَّة أنهَا حالة شبه ميتة!

    وبمجرد أَنْ اطَّلَعَ الدكتـور على اسم المريض واسم القرية التي ينتمي إليها تَذَكَّرَه على الفور! فقرَّرَ أنْ يفعلَ ما في وسْعِهِ لعلاجه.

    وبالفعل، فَلَمْ تمضِ ساعاتٌ قلائل حتى نَجَحَ في علاجه بمهارةٍ فائقة، مخَيِّباً ظن الآخَرين الذين توقعوا خِلاف ذلك.

    ثمَّ مَا لَبِثَ أنْ اشترى له الدواء اللازم، وكتب عليه: هذه هديتي إليك؛ لأنه {مَن جَاءَ بِالْـحَسَنَةِ فَلَه خَيْرٌ مِّنْهَا}. [النمل: 89]
    التوقيع: خادمكَ القديم (رشــاد فــؤاد) طالب كلية الطب.


    في تلك الأثناء، كانت الظنون تحيط بالرجل من كل جانب؛ إذْ تَوَقَّعَ أنه سيبيع أرضه، بَلْ سيقضي حياته كلها ليسَدِّدَ أجر العملية الجراحية! فَلَمَّا قرأ الورقة المرفقة بالدواء غمرته البهجة، وراح يَضمّها بشوقٍ وَيقَبِّلها؛ كأنَّها قَمِيص يوسـفَ في أجفانِ يعقـوبِ!
    فَتَدَفَّقَتْ دموع الفرح من عينيه، ورفع يَدَيْهِ إلى السماء قائلاً بصوتٍ خاشع: سبحانك! سبحانك!

    إذا كان المعــروف لا يَضِيع في الدنيا، فكيفَ يَضِيع في الآخرة؟ آمَنْت أَنَّه {مَن جَاءَ بِالْـحَسَنَةِ فَلَه خَيْرٌ مِّنْهَا} [النمل: 89].



    التعديل الأخير تم بواسطة راجية حب الرحمن; الساعة 12-01-2012, 04:00 AM. سبب آخر: التنسيق
    قدمنـــــــــاه وقفناك ,,,!!؟
    مقطع صوتي للشيخ عبد المحسن الاحمد ,, موثر للغاية
    http://www.wathakker.info/lib_audio/view.php?id=360

  • #2
    رد: طبيب يبحث عن عشاء ,,!

    جزاكم الله خيرا
    ينقل لقسم قصص دعوية


    اسئلكم الدعاء ﻻخي بالشفاء العاجل وان يمده الله بالصحة والعمر الطويل والعمل الصالح

    تعليق


    • #3
      رد: طبيب يبحث عن عشاء ,,!

      وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

      جزاكم الله خيرا الجزاء اختاه

      قصة رائعة ومؤثرة جدااا


      ننتظر جديدك بوركت
      التعديل الأخير تم بواسطة جارة فاطمة; الساعة 02-08-2012, 03:59 PM.
      [[ يا أيها الذِينَ آمنوا هل أَدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم * تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لّكم إن كنتم تعلمون * يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم ]] اللهم إرحم أبي .

      تعليق


      • #4
        رد: طبيب يبحث عن عشاء ,,!

        وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
        جزاكم الله خيرًا

        بارك الله فيكم
        ونفع بكم
        ضل الطريق من ترك الطريق . عودة من جديد

        يامن خذلتنا وخذلت إخوانك .. في وقت احتاجوا فيه نصرتك وعونك لهم .. ولكنك تركتهم ولم تلتفت لهم .!
        ابشر بالخذلان .

        حزب العار

        تعليق


        • #5
          رد: طبيب يبحث عن عشاء ,,!

          جزاكِ الله خيرا ونفع بكِ
          بالله أسألكم الدعااااااااااااااء

          تعليق


          • #6
            رد: طبيب يبحث عن عشاء ,,!

            جـــــــزاكم الله خيرا ونفع بكم

            تعليق


            • #7
              رد: طبيب يبحث عن عشاء ,,!

              جزاكم الله خير الجزاء ونفع بكم
              نسأل الله لكم دوام الصحه والسلامه
              حسبي الله و نعم الوكيل فيمن ظلمني و كسر بخاطري وقلبي
              يَ رب انتقم لي اللهم انني رفعت أكف الضراعه اليك أدعوك بلسانٍ مظلوم
              وكلي يقين في استجابتك فاللهم انتصرلي ولو بعد حين


              [SWF]http://www.muslmah.net/upload/swfiles/csi47969.swf[/SWF]

              تعليق

              يعمل...
              X