كيف أَسْلَمَ صديقي ؟
( قصة واقعية عجيبة)
هذه قصة حقيقية يرويها أحد الزملاء عن زميله في الجامعة، رواها لي منذ سنوات و نحن نتجاذب أطراف الحديث بين يدي طابور طويل من الطلاب ، في انتظار وجبة الغداء الجامعية ، إذ به يكشف لي عن أعظم سر كان يخفيه في صدره ، قائلا لي : أتدري يا عبد الحميد أنني كنت نصرانيا في يوم من الأيام ثم أسلمت!!
فأصابتني دهشة عظيمة ، حاولت عبثا إخفاءها ، و قلت له على الفور : و كيف حدث ذلك ؟
فراح يروي لي قصته العجيبة بكل صدق و شجاعة :
كنت نصرانيا فأسلمت!
(...نشأت في قرية نائية من قرى بلاد القبائل ، في كنف أسرة مسلمة محافظة كباقي أسر الجزائريين، حتى بلغت الصف المتوسط ، بدأت أقرأ و أتعرف على الثقافة الغربية و أطالع في كتب الغرب و رواياتهم بالفرنسية الطافحة بذكر النصرانية و مدح الرهبان و تمجيدهم ، مع جهلي الكبير بالثقافة العربية الاسلامية....
ثم تعرفت على بعض سكان القرية من أقراني و غيرهم و كان منهم نصارى ارتبطوا بالكنيسة التي أقيمت في قريتنا !!!
كان أمرهم عجيبا بالنسبة لمراهق متعطش مثلي !
كانوا كثيري الاجتماع ، يلعبون معا ، و يذهبون معا إلى الكنيسة لحضور الصلاة يوم الأحد! و الاستماع للدروس التي تنظم يومي الاثنين و الخميس !!!
و مع سذاجتي حينها و ضعف إيماني و صغر سني و قلة علمي...انجذبت إليهم و انضممت إلى جماعتهم...
و اتخذت قرارا غير مسؤول بدخول النصرانية وسط غفلة شديدة من أبوي الأميين البسيطين ....
كان أهم عامل لاعتناقي النصرانية هو حبي لحياة الشباب الجماعية التي افتقدتها من قبل ، و غياب محضن دعوي إسلامي يهتم بالشباب في قريتنا و يملأ لهم ذلك الفراغ الرهيب الذي استغله هؤلاء ...بل وأزيدك أمرا عجيبا !!
و هو أن القساوسة الذين يعملون في قريتنا و ينشطون فيها كانوا يجيدون العربية و الفرنسية و حتى الأمازيغية لغتنا المحلية!!!
و يساعدون الشباب الذين يستجيبون لهم بالمال و غير ذلك...
سألته : و لكن أما نصحك أحد من الأسرة ؟
قال : كانت لي أخت كبرى محافظة على الصلوات و الحجاب و متدينة ، لم تقصر في نصحي و وعظي ، و لكن ماذا تصنع في مقابل ذلك السيل الجارف الذي حملني معه و أمثالي...
و تمضي فترة من الزمن ، و أنا على ذلك الدين ، حتى جاء اليوم المشهود الذي نزلت فيه ضيفا على صاحبي النصراني في بيته وسط أسرته ، إذ بي ألمح في جوانب الدار خنزيرا مقرفا يطوف عليهم كالهرة الأليفة !!!
خنزير !!! الحيوان النجس الذي فطرت و تربيت على اجتنابه و البعد عنه بل و عدم رؤيته ...أراه في البيت ملتصقا بي !
فانتفضت من مكاني فزعا متقززا من هول ما رأيت !
فقال لي صاحبي : ما الغرابة في هذا ؟ إنه خنزير ...
نحن النصارى نحبه ونربيه و نأكله ، هذا أمر طبيعي!
حينها...حينها...أحسست بقشعريرة في جسدي هزت كياني ، و أفقدتني صوابي....خرجت من بيته مسرعا ....هائما على وجهي....و توجهت صوب البيت...بيتنا المسلم...
دخلت الغرفة ، فأبصرت المصحف على الرف ، آه...إنه القرآن!!!...الذي طالما هجرته و استبدلت به غيره ...
و في لحظة من الحنين و الشوق فتحت المصحف ، فماذا وجدت ؟؟...ماذا قرأت؟؟!!....
(وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (88) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (89) تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (91) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا (92) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آَتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (93)) مريم(88ـ93)
الله أكبر...الله أكبر....سبحان الله و بحمده....
نداء أتاني من السماء....يصحح لي المسار...و يضيء لي الطريق...و يخرجني من تلك الظلمات....إلى هذا النور ...نور الايمان و التوحيد...
و الله إنها الآية الكبرى على صدق الاسلام ...إنها رسالة الهداية من الله لي و لأمثالي !!!
طهرت هذه الآيات قلبي ، و أعادت الاسلام إلى روحي و لبي ، بعد فترة من العبث و الضلال و الضياع.
و لم تكن حادثة الخنزير سوى القطرة التي أفاضت الكأس و السبب الذي كان وراءه المسبِّب و هو الرحمن سبحانه و تعالى...
و قد عوضني الله بكرمه و جوده عن جماعة الكنيسة بجماعة المسجد ، مع بزوغ الصحوة الاسلامية في بلاد القبائل ، و صرت أنشط معهم بل و أقودهم إلى أعمال البر ، مع ما يكتنفها من صعوبات و عراقيل من بعض كبار السن ، لكن الواجب الصبر و الاحتساب ، و أنا الآن أسمع و أستمتع بالقرآن خاصة تلاوة سورة مريم و تلك الآيات الخالدات بالذات....)
فيالها من نهاية....و ما أعظمها من آية..
و ما أروعها من حكاية...
فالحمد لله على الهداية
منقول
تعليق