حسبي الله و نعم الوكيل فيمن ظلمني و كسر بخاطري وقلبي
يَ رب انتقم لي اللهم انني رفعت أكف الضراعه اليك أدعوك بلسانٍ مظلوم
وكلي يقين في استجابتك فاللهم انتصرلي ولو بعد حين
[SWF]http://www.muslmah.net/upload/swfiles/csi47969.swf[/SWF]
كان يحيى يتردد بين حين وآخر يتردد على محل أبى أحمدالسلمان للعطور ومنه يشترى العطر الذى يستعمله
كان حريصا على وضع الطيب فى كل أحيانه لان النبى صلى الله عليه وسلم كان يحب الطيب
وبعد مضى أسبوعين على محاولة ليلى وفى عصر الأربعاء من نهار مشمس جميل أقبل يحيى على محل العطور
وكان البائع هو محمد سيد خان الهندى المشهور عند أهل المنطقة كلها فقد كان خفيف الظل باسم المحيا وكان قصيرا سمينا أهداه يحيى كتبا وأشرطة إسلامية بلغته ففرح بها جدا
كان محمد سيد خان يحب يحيى كثيرا وكان لا يكف عن الحديث عن العطور التى يبيعها وأنواعها وجودتها
وما هى إلا هنيهة حتى أقبلت ليلى معها خادمتها خديجة تسير إلى جانبها ووقفت على محل العطور دون أن تلتفت إلى يحيى فهى لا تعرفه ولم تره من قبل احتفل البائع بها وأخذ يعرض عليها نماذج كثيرة وهى ترفضها بإشارة من يدها
ولم يبد على يحيى أى اهتمام بالفتاة ولكنه انتبه بعد ذلك عندما سمع محمد سيد خان وهو يعرض عليها نوعا من العطور قائلا : إنه أجود انواع العطور يا سيدتى إن يحيى يستعمله أليس كذلك يا شيخ يحيى ؟
لم يجب يحيى ولم يرفع إليها نظره أما ليلى فقد التفتت إليه وقد تفاجأت بذلك
أيكون ذلك الشاب هو يحيى ؟ يحيى نفسه ؟!
غمزتها خادمتها خديجة وكانها تقول لها : هذا هو يحيى
فألقت عليه نظرة سريعة ثم عادت تخاطب البائع وقد غيرت من أسلوبها وحركاتها وقالت : لقد ذكرت لى مرة أن لديك نوعا من العطر الكمبودى
فهز البائع رأسه وقال بأسف : لقد نفذ يا سيدتى , لم يبق منه شئ , أتدرين يا سيدتى إنه يستخرج من زهرة الحياة إنها زهرة تنبت على الهضاب الزرقاء فى كمبوديا إن أوراقها تجلب الشفاء إنها ....
وانتبه البائع إن الفتاة لم تكن تنظر إليه ولا تستمع لحديثه كانت تنظر خلسة إلى يحيى إلى الشاب الذى ضاق بحديث محمد سيد خان والذى سمعه منه مرات ومرات
هذا هو الشاب الذى حدثتها عنه خادمتها خديجة إنها لم تتجاوز فى وصفه بل لم تبلغ وصفه
تنحنح البائع وهو يرفع يده يعدل طاقيته وقال : انتظرى لحظة
ثم خرج من محله وهو يقول : سأطلبه لكِ من آخر السوق
وهمّ يحيى بالإنصراف فلم يكن يرغب فى البقاء طويلا فى مثل هذا السوق الذى تتوافد عليه النساء لم يكن يلبث إلا بمقدار ما يتناول حاجته من العطر ثم يعود سريعا
التفتت إليه الفتاة وقالت : إننى متأسفة
ولم يكن قد وقع عليها نظره حتى هذه الساعة
قالت بصوت هامس : إننى متأسفة لم أستطع أن أكتب مشكلتى ليتك تسمعها .
فغض بصره وتذكر الرقعة التى حملتها إليه الخادمة وقال : تكلمى
قالت وبصوت كأنين الوتر الحزين : آلان
فقال دون أن ينظر إليها أو يرفع نظره مرة أخرى : نعم
قالت وهى تحاول أن تجره للحديث : هنا فى السوق
قال : نعم
وعاد العطار وهو يمسح جبينه من العرق وينفخ وقال معتذرا : لم يبق لديه شئ يا سيدتى .
وتنهدت الفتاة وقالت : سأعود مرة أخرى .
ثم انصرفت بعد أن ألقت على يحيى نظرة جعلته يطرق خجلا
ثم انتبه إلى صوت محمد سيد خان وهو يقول : لم أر فى حياتى فتاة أجمل من هذه
فصاح به يحيى : اتق الله يارجل ألا تستحى من الله اعلم أن نظر الله إليك أسرع من نظرك إلى هذه الفتاة
أطرق محمد سيد خان حياءا واحمر وجهه ثم تابع كلامه بلكنة أعجمية : إنها غريبة جدا
ولما لم يرد عليه يحيى قال متابعا : كل شباب المنطقة يتمنون ابتسامة منها ولكنها لا تلقى لهم بالا
عجب يحيى من ذلك ونظر إلى البائع نظرة المستغرب
علم محمد سيد خان ما يدور فى بال يحيى فقال : صحيح أنها متبرجة ولكنها لا تأبه لهم إطلاقا إنها تحب الخروج إلى الأسواق وارتداء أجمل الثياب والتعطر بأجود أنواع العطور فأبوها حامد العامر المليونير المعروف لم تنل الفتاة من يحيى إلا كما ينال التراب من السحاب كيف لا وهو الشاب الذى لم يترك ثغرة ينفذ منها الشيطان إلى نفسه إلا وأغلقها
وعندما عاد يحيى تلك الليلة بعد صلاة العشاء وقبل أن يقف للصلاة لقيام الليل خيل إليه أنه سمع همسة أو لحنا أو صوتا جميلا
لم يفكر فى ذلك طويلا وإنما انصرف إلى صلاته لا يشغله عنها شاغل فالليل مركب الصالحين ومطية العابدين يأنس فيه العبد بمناجاة ربه الجليل وأقرب ما يكون العبد من ربه فى جوف الليل
وبعد أن صلى ثمانية ركعات وختمها بصلاة الوتر استلقى على فراشه وأخذ يردد بصوت خافت خاشع " باسمك اللهم وضعت جنبى وبك أرفعه إن أمسكت نفسى فارحمها وإن أمسكتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين "
وقبل أن يلفه النوم فى أحضانه تذكر أين سمع ذلك الهمس , سمعه عصر اليوم فى محل العطور نعم سمعه من الفتاة التى ذكرت أن لديها مشكلة تريد أن تعرضها عليه
وأسرع يحيى فصرف هذه الخواطر وشعر أنها دخيلة عليه , دخيلة على محرابه الآمن الذى تعمره التقوى إنها ليست من مدد السماء وانتقل إلى جو الآية التى كان يرددها فى قيام الليل
" إِِنّ لَدَيْنَآ أَنكَالاً وَجَحِيماً * وَطَعَاماً ذَا غُصّةٍ وَعَذَاباً أَلِيماً * يَوْمَ تَرْجُفُ الأرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيباً مّهِيلاً "
كل هذا العذاب ينتظر الإنسان الضال
كل هذا العذاب ينتظر الإنسان الآبق من رحمة الله
تدحرجت دمعة كبيرة على خده وتبعها سيل من الدموع حتى بللت الوسادة ثم راح فى نوم هادئ عميق
فى ذلك الوقت كان شباب الحى قد تجمعوا فى مجلس لهوهم كالعادة ولكن هذه المرة كان الجو هادئا ساكنا كلهم يفكر فى هذا الأمر الذى طرأ
قطع أسامة السكون وقال لعماد : ألم يقل لك حسن إن دون الوصول إلى يحيى سبعة أبواب عليها سبعة أقفال من حديد ؟
فقهقه وهو يقول : إننى أملك المفتاح الذى تتساقط أمامه جميع الأقفال إنه المفتاح الساحر المفتاح العجيب
ثم أشار إلى بيت ليلى وهو يقول : إنه المرأة
أخذ ماجد يحثه على قول المزيد :وكيف استطعت الحصول على الرقعة ؟
تابعونا
وآآآآه يا أبي بكر هل لي من لقياك نصيب
رضي الله عنك وأرضاك
تعليق