إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

ما أجمل روح الحياة حين تجري في العروق

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ما أجمل روح الحياة حين تجري في العروق



    كاتب المادة: الشيخ عبد السلام بن إبراهيم الحصين
    لا أدري لماذا أعرض هذه القصة هنا؟! وأولى الناس بها هم الآباء والأمهات، الذين ضاع كثير من البنين والبنات بسببهم، ولكن أرجو أن تنقل إليهم، فتلامس أسماعهم، وتنفذ منها إلى قلوبهم، فتهز مشاعرهم، وتحرك عاطفتهم، وتثير غيرتهم..
    أن تنفذ إلى أعماقهم فتغير واقعهم، وتعيدهم إلى دينهم..

    هل نسي الآباء والأمهات موقفهم بين يدي الله، حين يسألهم عن الأمانة التي حُملوها؟

    ما أعظم حسرتهم، وما أطول وقفتهم، يا لعظيم خيبتهم..
    ما جوابهم؟ ما عذرهم؟

    هذه قصة ما نسجتها من عالم الخيال، ولا استخرجتها من العدم..
    سمعتها بأذني، وقرأت حروفها بعيني..
    قصة وقعت هنا، لكنها تتكرر كثيرًا في أماكن مختلفة، مع عالم الضياع الذي يعيشه البنات بسبب إهمال الآباء والأمهات.

    قالت لي: هل أنت فلان؟
    قلت: نعم.
    قالت: هل تأذن لي بسؤال؟ ما حق الأبناء والبنات على الآباء والأمهات؟

    فأجبت باختصار، وذكرت ما حضرني من النصوص التي تحث على تربية الأبناء..

    لكنها قاطعتني بنبرة مليئة بالأسى، نبرة تنقلك إلى تجربة مريرة قائلة:
    لماذا يركز طلبة العلم دائمًا على حقوق الآباء، والأمهات، وعلى حقوق الزوج؟؟!!
    أما لنا نحن البنات من نصيب؟؟ أما لنا من حق على آبائنا؟؟ هل يكفي أن يوفر الأب لابنته المسكن، والملبس، والمأكل؟ هل يكفي أن يعيشها في فندق، فيه من متطلبات الجسد كل شيء، وليس فيه من معاني العطف والحنان والرحمة والمودة أي شيء.


    لقد ضعت في دهاليز الحياة، وأنا أرى إهمال حقوق الأبناء، بالرغم من محافظة الأبناء على حقوق والديهم من طاعة وبر .

    .

    ضعت وأنا أرى التقاطع العائلي.. ينشأ الإنسان في أسرة مفككة، لا يعرف فيها الولد عمه ولا أقاربه الأقربين، بل إن أصدقاءه أقرب إليه من أبيه وأمه..

    ضعت وأنا أرى ضعف الإيمان وعدم التنشئة الصحيحة للأبناء؛ حيث لم يتعلموا أصول الدين وشرائع الإسلام...


    ضعت وأنا أرى انشغال الوالدين؛ أحدهما أو كلاهما بحياته الخاصة، وعدم الاكتراث بأبنائهم...

    ضعت وأنا أرى جفاف مشاعر الأبوين، وحاجة الأبناء للاهتمام والمحبة والرعاية من قبل والديهم...

    ضعت مع رفقاء السوء، الذين كانوا أقرب للابن من والديه، يُسْدُون إليه النصائح الفاسدة، ويدلونه على الطرق المظلمة، يظنون أنها هي الحل لمشاكلهم، ولكنهم لا يعلمون أنها بداية الضياع، والدخول في مصارعة الأمواج الصاخبة، والأعاصير العاتية..

    ضعت وأنا أرى الفراغ يمزقني، والوحدة تقتلني، واليد الخبيثة تحتضنني...
    رأيت شيئًا كثيرًا، حتى صرت وأنا ابنت الثالثة والعشرين كأني ابنت الأربعين.

    هل تستمع لقصتي؟ هل تصغي لآهاتي؟ هل تنقل كلامي للناس، لكي يرو نتيجة إهمالهم تربية أبنائهم؟ هل أسرد قصتي عليكم، عسى أن تكون عبرة وعظة لغيري من أقراني و للوالدين؟
    قلت: تكلمي، فكلي آذان صاغية.

    تابعونا ..
    يقول الشيخ الألباني رحمه الله: طريق الله طويل ونحن نمضي فيه كالسلحفاة وليست الغاية أن نصل لنهاية الطريق ولكن الغاية أن نموت على الطريق...

  • #2
    رد: ما أجمل روح الحياة حين تجري في العروق

    في يوم من أيام الربيع من عام 1982م, كان مولدي من أم ليست مواطنة، ولكنها عربية، وقد كنت الأمل الذي طالما عاشه أبي، استقبلني بحفاوة بالغة، مع أني لم أكن أول أولاده، ولكني كنت
    أول بناته..

    كان أبي يتمنى أن يولد له بنت في كل مولدٍ من ميلاد إخوتي الخمسة، حتى أعطاه الله البنت التي انتظرها كثيرًا..
    لكن فرحته لم تكتمل، والسبب مرضي الذي أثر على حياتي؛ فقد أصبت بمرض الربو، وكان شديداً علي، حتى عشت أغلب أيام طفولتي في المستشفيات والعيادات، وكان أبي أقرب شخصٍ إلي، حتى من أمي..

    لقيت اهتماماً شديداً منه، وعناية بالغة، حتى صار يُفرِّقُ بيني وبين إخوتي، كان يلبي جميع طلباتي، لم يتردد يومًا قط في شيء مما أريده، كان يحملني بين يديه، ويضعني على صدره، يطوف بي بين الأطباء، يتطلب لي الشفاء..

    أهمل أبي تربية أبنائه، وصرت شغله الشاغل، فأحدث ذلك فتنة بيني وبين إخوتي، وصاروا يحقدون علي؛ لأني محط اهتمام والدي.

    لاحظتْ أمي ذلك، وخشِيَتْ أن تقع بيني وبين إخوتي النفرة والجفاء، فطالبت أبي بالعدل، وأن يكف عن التمييز الواضح، والدلال الزائد، الذي سيكون أثره سلبيًا على الجميع، لكنه لم يفعل، وتجاهل جميع النصائح.

    بدأت أمي تتغير علي، أهملتني تمامًا، والتفتت إلى إخوتي، بل أصبحتُ أحس أنها تحقد علي بسبب دلالي الزائد، ولم تكتف بذلك، بل صارت لا تتوانى عن ضربي وإيذائي، ولسان حالها يقول: خلي دلال ابوج ينفعج.

    انقطعت حبال الوصل بيني وبين أمي، بعد أن انقطعت بيني وبين إخوتي، فصرنا فريقان متحاربين، كَرِهتُ أمي كراهيةً لا أظن أحدًا من البشر عرفها قط..
    وصار عندي نوع من الحالة النفسية برفضها وعدم الاعتراف بوجودها، وكنت كلما أراها أهرب من المنزل، وأذهب إلى أحد بيوت الجيران خوفًا منها..

    وجدت الراحة النفسية، وحنان الأم وعطفها ومحبتها عند جارتنا؛ فكنت لا أجلس في البيت حتى يعود أبي من العمل، وعند خروجه أعاود الخروج..
    كل هذا وأنا ما أزال في السنة الثالثة أو الرابعة من عمري.

    مضت الأيام، وبدأت حالتي الصحية في التحسن، حتى شفيت من مرضي ذلك بفضل من الله تعالى، وكان عمري وقتها 7 سنوات.

    دخلت المدرسة، وصارت لي متنفسًا، وجدت من ألعب معه من بنات جنسي، ممن هو في سني، لكني حين أعود إلى البيت أدخل في وحدة قاتلة، فإعراض أمي وجفاؤها، وفارق السن بيني وبين إخوتي، والمواقف السابقة التي تسبب فيها أبي، جعلت بيني وبينهم سدًا منيعًا، وزاد الأمرَ سوءًا انتقالُ جيراننا، وكنت لا أزال أحس بشيء من العطف والحنان عند أبي..

    أخرج إلى المدرسة فلا يودعني أحد، أعود منها فلا يستقبلني أحد..

    لو أن الإنسان مُنع من الطعام والشراب أيامًا ماذا يحصل له؟ أليس يضمر جسمه، ويتغير لونه، وتغادر روحه جسده؟

    ليتني مُنعت من الطعام والشراب، ولم أحرم من العطف والحنان..

    كانت روحي تضمر، ومشاعري تجف، كنت عطشى وجوعى، فلا يسقيني أحد، ولا يطعمني أحد..
    لا أريد ماء باردًا، ولكني أريد صدرًا حنونًا..
    لا أريد طعامًا ذا رائحة زكية، ولكني أريد قبلة حانية على جبيني، على ثغري، يدًا تحتضنني، تضمني..
    أمًا تودعني وتقول: في حفظ الله ورعايته... أماً تستقبلني وتقول: أهلاً بحبيبتي، كم أنا في شوق إليك، كأنك غبت عني سنة كاملة..

    وكانت الطامة حين بدأ أبي يبتعد عني شيئاً فشيئًا، كان يظن أني محتاجة إليه بسبب مرضي، أمَا وقد شُفيت فلا حاجة لي به..
    لكنه مخطأ، لقد أخطأ خطأ فادحًا أصابني في مقتل...
    أنا الآن أشد حاجة إليه، أكثر من ذي قبل..
    قلبي الآن يمرض، مرضًا أخطر من مرض جسمي..
    أنا الآن أشد حاجة إلى عطفه وحنانه وحبه الذي فقدته من الكل، حتى من أمي..
    صرخت، أدركوني، أنا مريضة فعلاً..
    أدركوني قبل أن أموت..
    أبي هل تسمعني؟ أما ترى مرضي يفت في عضدي، أما تراني أتضور جوعًا..
    أبي.. أين أنت؟ أعلم أنك موجود، كل يوم أراك في البيت، ولكني أراك جسمًا لا مشاعر فيه...
    أبي.. لم لا تضمني إلى صدرك؟!
    أبي.. لم لا تقبلني؟!
    أبي... لم لا تناديني بحبيبتك؟!

    كل يوم أكبر فيه تزداد مشاعر الوحشة في نفسي، والنفرة من واقعي، والهروب إلى المجهول...
    أتطلب شيئًا لا أجده عند أمي وأبي..
    لم يعد للبيت أي قيمة عندي... صارت المدرسة هي أنسي، وراحتي، وبيتي الحقيقي..
    ولكن هيهات أن تجد بين ساذجات مثلي من يقدم لك النصيحة الصادقة..
    بدأت العاصفة تهب، ودخلت في مرحلة جديدة من حياتي..

    تابع ...
    يقول الشيخ الألباني رحمه الله: طريق الله طويل ونحن نمضي فيه كالسلحفاة وليست الغاية أن نصل لنهاية الطريق ولكن الغاية أن نموت على الطريق...

    تعليق


    • #3
      رد: ما أجمل روح الحياة حين تجري في العروق

      اختي الفاضلة متابعين معك باذن الله
      ورجاء بعد انتهاء القصة نتناقش سويا فيها
      بارك الله فيك


      اسئلكم الدعاء ﻻخي بالشفاء العاجل وان يمده الله بالصحة والعمر الطويل والعمل الصالح

      تعليق

      يعمل...
      X