كاتب المادة: الشيخ عبد السلام بن إبراهيم الحصين
لا أدري لماذا أعرض هذه القصة هنا؟! وأولى الناس بها هم الآباء والأمهات، الذين ضاع كثير من البنين والبنات بسببهم، ولكن أرجو أن تنقل إليهم، فتلامس أسماعهم، وتنفذ منها إلى قلوبهم، فتهز مشاعرهم، وتحرك عاطفتهم، وتثير غيرتهم..
أن تنفذ إلى أعماقهم فتغير واقعهم، وتعيدهم إلى دينهم..
هل نسي الآباء والأمهات موقفهم بين يدي الله، حين يسألهم عن الأمانة التي حُملوها؟
ما أعظم حسرتهم، وما أطول وقفتهم، يا لعظيم خيبتهم..
ما جوابهم؟ ما عذرهم؟
هذه قصة ما نسجتها من عالم الخيال، ولا استخرجتها من العدم..
سمعتها بأذني، وقرأت حروفها بعيني..
قصة وقعت هنا، لكنها تتكرر كثيرًا في أماكن مختلفة، مع عالم الضياع الذي يعيشه البنات بسبب إهمال الآباء والأمهات.
قالت لي: هل أنت فلان؟
قلت: نعم.
قالت: هل تأذن لي بسؤال؟ ما حق الأبناء والبنات على الآباء والأمهات؟
فأجبت باختصار، وذكرت ما حضرني من النصوص التي تحث على تربية الأبناء..
لكنها قاطعتني بنبرة مليئة بالأسى، نبرة تنقلك إلى تجربة مريرة قائلة:
لماذا يركز طلبة العلم دائمًا على حقوق الآباء، والأمهات، وعلى حقوق الزوج؟؟!!
أما لنا نحن البنات من نصيب؟؟ أما لنا من حق على آبائنا؟؟ هل يكفي أن يوفر الأب لابنته المسكن، والملبس، والمأكل؟ هل يكفي أن يعيشها في فندق، فيه من متطلبات الجسد كل شيء، وليس فيه من معاني العطف والحنان والرحمة والمودة أي شيء.
لقد ضعت في دهاليز الحياة، وأنا أرى إهمال حقوق الأبناء، بالرغم من محافظة الأبناء على حقوق والديهم من طاعة وبر .
.
ضعت وأنا أرى التقاطع العائلي.. ينشأ الإنسان في أسرة مفككة، لا يعرف فيها الولد عمه ولا أقاربه الأقربين، بل إن أصدقاءه أقرب إليه من أبيه وأمه..
ضعت وأنا أرى ضعف الإيمان وعدم التنشئة الصحيحة للأبناء؛ حيث لم يتعلموا أصول الدين وشرائع الإسلام...
ضعت وأنا أرى انشغال الوالدين؛ أحدهما أو كلاهما بحياته الخاصة، وعدم الاكتراث بأبنائهم...
ضعت وأنا أرى جفاف مشاعر الأبوين، وحاجة الأبناء للاهتمام والمحبة والرعاية من قبل والديهم...
ضعت مع رفقاء السوء، الذين كانوا أقرب للابن من والديه، يُسْدُون إليه النصائح الفاسدة، ويدلونه على الطرق المظلمة، يظنون أنها هي الحل لمشاكلهم، ولكنهم لا يعلمون أنها بداية الضياع، والدخول في مصارعة الأمواج الصاخبة، والأعاصير العاتية..
ضعت وأنا أرى الفراغ يمزقني، والوحدة تقتلني، واليد الخبيثة تحتضنني...
رأيت شيئًا كثيرًا، حتى صرت وأنا ابنت الثالثة والعشرين كأني ابنت الأربعين.
هل تستمع لقصتي؟ هل تصغي لآهاتي؟ هل تنقل كلامي للناس، لكي يرو نتيجة إهمالهم تربية أبنائهم؟ هل أسرد قصتي عليكم، عسى أن تكون عبرة وعظة لغيري من أقراني و للوالدين؟
قلت: تكلمي، فكلي آذان صاغية.
تابعونا ..
تعليق