المجاهدة الكبيرة، صاحبة الضفيرة
في الكون مخلصون يسيرون على الأرض لكن ارتبطت قلوبهم بخالقها فارتقت حتى بلغت عنان السماء، ويسجدوا لله على الأرض فارتفعت جباههم حتى لامست السحب في الفضاء، فصاروا لا يهابون أحداً من البشر، ولا يركنون إلى قوة من قوى الأرض، ولا يقفون عند مغنم من مغانم الدنيا ،طريقهم واضح، و هدفهم واضح، وغايتهم إ رضاء الله فقط لا غير....!! عملهم لا يخالف كتاب الله وسنة رسوله....لا يضرهم إن أثنى الناس على عملهم أم لا..!!
يود الواحد منهم لو تنشق الأرض وتبتلعه ولا يراه أحد من البشر وهو يعبد الله أو يدعو إليه، ويضحي من أجله، ويعمل ابتغاء مرضاته ، يعلمون إنهم في معية الله طالما سلكوا طريق الجهاد " وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ "(لعنكبوت:69) ومعية الله فوق كل عتاد وأقوى من كل عدة..!!!
ويعلمون أن رحمة الله ترتجى من الإيمان أولا ثم الهجرة الدائمة فالجهاد المستمر..!! " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أُوْلَـئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللّهِ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ "(البقرة218)
وجدوا أن منهج الرسول صلى الله عليه وسلم كان يدعم الجهاد فجاهدوا، ويشجع الابتكار في أعلى درجاته، فابتكروا، وذلك من أجل بقاء الإسلام ورفعة المسلمين.
وبنت الإسلام،هي نبت الإسلام...!! وهي أم المسلمين، حاملة النور إلى الدنيا" خرج مني نور أضاءت منه قصور الشام ) صحيح.... و مضرب المثل في الحياء (كان صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها)....ومدرسة الأخلاق في الحياة...!!
الأم مدرسة إذا أعدتها أعدت شعبا طيب الأعراق
لذلك يجب أن تعتز بدينها، وتتزين بعلمها، وتعمل لإرضاء ربها، وتفخر بمن سبق من أخواتها وأمهاتها...!!!
امرأة مجاهدة من طراز فريد: ذكر أحمد بن الجوزي الدمشقي رحمه الله في كتابه المسمّى بسوق العروس وأنس النفوس.. أنه كان بمدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل يقال له أبو قدامة الشامي، وكان قد حبب الله إليه الجهاد في سبيل الله والغزو إلى بلاد الروم، فجلس يوماً في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحدث مع أصحابه، فقالوا له: يا أبا قدامة حدثنا بأعجب ما رأيت في الجهاد ؟ فقال أبو قدامة نعم إني دخلت في بعض السنين الرقة أطلب جملاً أشتريه ليحمل السلاح، فبينما أنا يوماً جالساً إذ دخلت علي امرأة فقالت: يا أبا قدامة سمعتك وأنت تحدث عن الجهاد وتحث عليه وقد رُزقتُ من الشَّعر ما لم يُرزقه غيري من النساء، وقد قصعته وأصلحت منه شكالا للفرس وعفرته بالتراب كي لا ينظر إليه أحد، وقد أحببت أن تأخذه معك فإذا صرتَ في بلاد الكفار وجالت الأبطال ورُميت النبال وجُردت السيوف وشُرعت الأسنّة، فإن احتجت إليه وإلا فادفعه إلى مَن يحتاج إليه ليحضر شعري ويصيبه الغبار في سبيل الله، فأنا امرأة أرملة كان لي زوج وعصبة كلهم قُتلوا في سبيل الله ولو كان عليّ جهاد لجاهدت. ( جهاد وعفة فهي لا تحب أحداً أن ينظر إلى شعرها حتى ولو فصل عنها )
التربية السليمة وروعة الإهداء: وناولتني الشكال وقالت: اعلم يا أبا قدامة أن زوجي لما قُتل خلف لي غلاماً من أحسن الشباب وقد تعلم القرآن والفروسية والرمي على القوس وهو قوام بالليل صوام بالنهار وله من العمر خمس عشرة سنة وهو غائب في ضيعة خلفها له أبوه فلعله يقدم قبل مسيرك فأوجهه معك هدية إلى الله عز وجل وأنا أسألك بحرمة الإسلام، لا تحرمني ما طلبت من الثواب، فأخذت الشكال منها فإذا هو مظفور من شعرها. فقالت: ألقه في بعض رحالك وأنا أنظر إليه ليطمئن قلبي. فطرحته في رحلي وخرجتُ من الرقة ومعي أصحابي، فلما صرنا عند حصن مسلمة بن عبد الملك إذا بفارس يهتف من ورائي: يا أبا قدامة قف علي قليلاً يرحمك الله، فوقفت وقلت لأصحابي تقدموا أنتم حتى أنظر مَن هذا، وإذا أنا بفارس قد دنا مني وعانقني وقال: الحمد لله الذي لم يحرمني صحبتك ولم يردني خائباً. قلت للصبي أسفر لي عن وجهك، فإن كان يلزم مثلك غزو أمرتك بالمسير، وإن لم يلزمك غزو رددتك، فأسفر عن وجهه فإذا به غلام كأنه القمر ليلة البدر وعليه آثار النعمة.
أسرة تبنت الجهاد فنالت شرف الاستشهاد: قلت للصبي: ألك والد ؟ قال: لا, بل أنا خارج معك أطلب ثأر والدي لأنه استشهد فلعل الله يرزقني الشهادة كما رزق أبي. قلت للصبي: ألك والدة ؟ قال: نعم. قلت: اذهب إليها فاستأذنها فإن أذنت وإلا فأقم عندها فإن طاعتك لها أفضل من الجهاد، لأن الجنة تحت ظلال السيوف وتحت أقدام الأمهات. قال: يا أبا قدامة أما تعرفني قلت: لا. قال: أنا ابن صاحبة الوديعة، ما أسرع ما نسيت وصية أمي صاحبة الشكال، وأنا إن شاء الله الشهيد ابن الشهيد، سألتك بالله لا تحرمني الغزو معك في سبيل الله، فإني حافظ لكتاب الله عارف بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، عارف بالفروسية والرمي وما خلفت ورائي أفرس مني فلا تحقرني لصغر سني وإن أمي قد أقسمت على أن لا أرجع، وقالت: يا بني إذا لقيت الكفار فلا تولهم الدبر وهب نفسك لله واطلب مجاورة الله تعالى ومجاورة أبيك مع إخوانك الصالحين في الجنة فإذا رزقك الله الشهادة فاشفع فيّ فإنه قد بلغني أن الشهيد يشفع في سبعين من أهله وسبعين من جيرانه، ثم ضمتني إلى صدرها ورفعت رأسها إلى السماء وقالت: إلهي وسيدي ومولاي هذا ولدي وريحانة قلبي وثمرة فؤادي سلمته إليك فقربه من أبيه.
فلما سمعت كلام الغلام بكيت بكاءاً شديداً أسفاً على حسنه وجمال شبابه ورحمة لقلب والدته وتعجباً من صبرها عنه. فقال: يا عم مم بكاؤك ؟ إن كنت تبكي لصغر سني فإن الله يعذب مَن هو أصغر مني إذا عصاه. قلت: لم أبك لصغر سنك ولكن أبكي لقلب والدتك كيف تكون بعدك.
رؤيا صادقة: وسرنا ونزلنا تلك الليلة فلما كان الغداة رحلنا والغلام لا يفتر من ذكر الله تعالى، فتأملته فإذا هو أفرس منا إذا ركب وخادمنا إذا نزلنا منزلا، وصار كلما سرنا يقوى عزمه ويزداد نشاطه ويصفو قلبه وتظهر علامات الفرح عليه. فلم نزل سائرين حتى أشرفنا على ديار المشركين عند غروب الشمس فنزلنا فجلس الغلام يطبخ لنا طعاما لإفطارنا وكنا صياما، فغلبه النعاس فنام نومة طويلة فبينما هو نائم إذ تبسم في نومه فقلت لأصحابي ألا ترون إلى ضحك هذا الغلام في نومه، فلما استيقظ قلت: بني رأيتك الساعة ضاحكاً مبتسماً في منامك، قال: رأيت رؤيا فأعجبتني وأضحكتني. قلت: ما هي. قال: رأيت كأني في روضة خضراء أنيقة فبينما أنا أجول فيها إذ رأيت قصراً من فضة شُرفه من الدر والجواهر، وأبوابه من الذهب وستوره مرخية، وإذا جواري يرفعن الستور وجوههن كالأقمار فلما رأينني قلن لي: مرحبا بك فأردت أن أمد يدي إلى إحداهن فقالت: لا تعجل ما آن لك، ثم سمعت بعضهن يقول لبعض هذا زوج المرضية، وقلن لي تقدم يرحمك الله فتقدمت أمامي فإذا في أعلى القصر غرفة من الذهب الأحمر عليها سرير من الزبرجد الأخضر قوامه من الفضة البيضاء عليه جارية وجهها كأنه الشمس لولا أن الله ثبت علي بصري لذهب وذهب عقلي من حسن الغرفة وبهاء الجارية. فلما رأتني الجارية قالت: مرحبا وأهلا وسهلا يا ولي الله وحبيبه أنت لي وأنا لك فأردت أن أضمها إلى صدري فقالت: مهلا، لا تعجل، فإنك بعيد من الخنا، وإن الميعاد بيني وبينك غداً بعد صلاة الظهر فأبشر.
فقه الجهاد: قال أبو قدامة: قلت له: رأيت خيراً، وخيراً يكون. ثم بتنا متعجبين من منام الغلام، فلما أصبحنا تبادرنا فركبنا خيولنا فإذا المنادي ينادي: يا خيل الله اركبي وبالجنة أبشري، انفروا خفافاً وثقالاً وجاهدوا. فما كان إلا ساعة، وإذا جيش الكفر خذله الله قد أقبل كالجراد المنتشر، فكان أول مَن حمل منّا فيهم الغلام فبدَّد شملهم وفرَّق جمعهم وغاص في وسطهم، فقتل منهم رجالاً وجندل أبطالاً فلما رأيته كذلك لحقته فأخذت بعنان فرسه وقلت: يا بني ارجع فأنت صبي ولا تعرف خدع الحرب. فقال: يا عم ألم تسمع قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ)، أتريد أن أدخل النار ؟ فبينما هو يكلمني إذ حمل علينا المشركون حملة رجل واحد، حالوا بيني وبين الغلام ومنعوني منه واشتغل كل واحد منا بنفسه.
وداع في الدنيا للقاء الاخرة: وقُتل خلق كثير من المسلمين، فلما افترق الجمعان إذ القتلى لا يحُصون عددا فجعلت أجول بفرسي بين القتلى ودماؤهم تسيل على الأرض ووجوههم لا تعرف من كثرة الغبار والدماء، فبينما أنا أجول بين القتلى وإذا أنا بالغلام بين سنابك الخيل قد علاه التراب وهو يتقلب في دمه ويقول: يا معشر المسلمين، بالله ابعثوا لي عمي أبا قدامة فأقبلت عليه عندما سمعت صياحه فلم أعرف وجهه لكثرة الدماء والغبار ودوس الدواب فقلت: أنا أبو قدامة. قال: يا عم صدقت الرؤيا ورب الكعبة أنا ابن صاحبة الشكال، فعندها رميت بنفسي عليه فقبلت بين عينيه ومسحت التراب والدم عن محاسنه وقلت: يا بني لا تنس عمك أبا قدامة في شفاعتك يوم القيامة. فقال: مثلك لا يُنسى لا تمسح وجهي بثوبك ثوبي أحق به من ثوبك، دعه يا عم ألقى الله تعالى به، يا عم هذه الحوراء التي وصفتها لك قائمة على رأسي تنتظر خروج روحي وتقول لي عجّل فأنا مشتاقة إليك، بالله يا عم إن ردّك الله سالماً فتحمل ثيابي هذه المضمخة بالدم لوالدتي المسكينة الثكلاء الحزينة وتسلمها إليها لتعلم أني لم أضيع وصيتها ولم أجبن عند لقاء المشركين، واقرأ مني السلام عليها، وقل لها إن الله قد قبل الهدية التي أهديتها، ولي يا عم أخت صغيرة لها من العمر عشر سنين كنت كلما دخلت استقبلتني تسلم علي، وإذا خرجتُ تكون آخر من يودعني عند مخرجي، وقد قالت لي بالله يا أخي لا تبطء عنّا فإذا لقيتَها فاقرأ عليها مني السلام وقل لها يقول لك أخوك: الله خليفتي عليك إلى يوم القيامة، ثم تبسم وقال أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له صدق وعده وأشهد أن محمداً عبده ورسوله هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله، ثم خرجت روحه فكفناه في ثيابه ووريناه رضي الله عنه وعنا به.
البشرى: فلما رجعنا من غزوتنا تلك ودخلنا الرقة لم تكن لي همة إلا دار أم الغلام، فإذا جارية تشبه الغلام في حسنه وجماله وهي قائمة بالباب وتقول لكل مَن مر بها: يا عم مَن أين جئت؟ فيقول من الغزو، فتقول: أما رجع معكم أخي فيقولون لا نعرفه، فلما سمعتها تقدمت إليها فقالت لي: يا عم من أين جئت؟ قلت: من الغزو قالت: أما رجع معكم أخي ثم بكت وقالت ما أبالي، يرجعون وأخي لم يرجع فغلبتني العبرة، ثم قلت لها: يا جارية قولي لصاحبة البيت أن أبا قدامة على الباب، فسمعت المرأة كلامي فخرجت وتغير لونها فسلمت عليها فردت السلام وقالت: أمبشراً جئت أم معزياً. قلت: بيّني لي البشارة من التعزية رحمك الله. قالت: إن كان ولدي رجع سالماً فأنت معز، وإن كان قُتل في سبيل الله فأنت مبشر. فقلت: أبشري. فقد قُبلت هديتك فبكت وقالت: الحمد لله الذي جعله ذخيرة يوم القيامة، قلت فما فعلت الجارية أخت الغلام. قالت: هي التي تكلمك الساعة فتقدمت إلي فقلت لها إن أخاك يسلم عليك ويقول لك: الله خليفتي عليك إلى يوم القيامة، فصرخت ووقعت على وجهها مغشياً عليها، فحركتها بعد ساعة، فإذا هي ميتة فتعجبت من ذلك ثم سلمت ثياب الغلام التي كانت معي لأمه وودعتها وانصرفت حزيناً على الغلام والجارية ومتعجباً من صبر أمهما..
إن الأمة الفاضلة: تربي بنيها على البذل والعطاء، على التضحية والفداء ،على الإقدام والسخاء، على الكرم والإنفاق، أما البخل والإمساك فلا يقم عليهما خلق، ولا يبنى عليهما عمل، ولا يوصل بهما إلى نجاح، ولا ينتج عنهما فلاح ، ثم إن الحياة ليست لونا واحدا فالجو يصفو ويغيم،والصحة تقوى وتضعف والأيام تقبل وتدبر وربك يخلق ما يشاء ويختار،وكل شيء عنده بمقدار،فلا يجب أن تتعثر الخطى مع بلايا الأيام، أو تتراجع الهمم مع نكبات الدهر، أو تخور العزائم مع بعد الغاية و وعثاء الطريق، دعاة الإيمان ورجال الدين وحراس العقيدة،وأهل الحق،وحاملي الأمانة أجدر الناس بمعرفه هذه الحقيقة والنزول عن حكمها، فمن ظن أن طريق الإيمان مفروش بالأزهار والرياحين، تحفه أنضج الثمار، وأجمل الورود، وأعظم البساتين، فقد ضل الطريق بل جهل طبيعة الإيمان بالرسالات، وطبيعة طريق الجنات،و ما فيه وما عليه وما حوله من فتن ومحن وابتلاءات " أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا " (البقرة:214 )." الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) " (العنكبوت: 2:1 ) الجنة إذن لابد لها من ثمن، وهى سلعه غالية وقد دفعه أصحاب الدعوات السابقين،فلا بد أن يدفعه إخوانهم من اللاحقين، منذ القدم والعاملون لدين الله، يعملون فكرهم، ويبذلون رأيهم، ويحسنون جهدهم، يحاولون إرضاء ربهم، يستمدون منه المعية، ويرجون معه الهداية " وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ "(العنكبوت69)
هذا هو الإسلام: إنَّه الإسلام يَهدي القلوبَ لفاطرها، ويُطوِّع النفوس لباريها، ويُوجِّه الضمائر لخالقها..!!
امرأة تعلم النساء أنهن ولدن في العطاء، وشاركن في البناء، وحملن اللواء وترسمن طريق الفداء، وفرحن بطاعة رب الأرض والسماء..!! في شدتهن.. في كربهن.. في محنتهن.. لا يتخلفن أبدا عن تليية النداء..!! وحتى تكون الصورة أكثر جمالا وضياء..!! فالإسلام شريعة السماء، ونور الأرض، وهداية البشر، وجمال الوجود، وزاد طيب في الحياة، للذكر و الأنثي، للرجل والمرأة، للشاب والفتاة "مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ "(النحل:97)
ثمن الجنة: الجهاد لايقتصر على الرجال فحسب، وإنما الرجال والنساء، أو على الشباب فقط ، وإنما الشباب والغلمان، وصاحبة الضفيرة المجاهدة الكبيرة مقاما وجهادا وعفة..وابنها الغلام الكبير فهما وبذلا وإقداما وبرا..ضربا أروع المثل في التقرب إلى الله بتقديم العزيز والنفيس في ساحات الجهاد وفي ميادين القتال، إنها روح البذل، وعين الفداء، وسبيل التضحية وكل ذلك يرسم لجهاد هو ذروة سنام الأمر، جهاد يهون في سبيل الدين، جهاد يهون في سبيل العقيدة، جهاد يهون في سبيل البقاء، احرص على الموت توهب لك الحياة ...!!! تعلمن يا نساء الكون من صاحبة الضفيرة كيف تعطي أعز ما تملك، ولدها فلذة كبدها وفوق ذلك شعرها، لتكتب في المجاهدين والمجاهدات، والصابرين والصابرات، والمحسنين والمحسنات...!! ولتعلم الأجيال جيلا بعد جيل، أن الإنسان بقدر ما يبذل هنا يملك هناك، بقدر ما يعطي هنا يأخذ هناك، وبقدر ما يدفع هنا يشتري هنالك " إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ "(التوبة:111)
يود الواحد منهم لو تنشق الأرض وتبتلعه ولا يراه أحد من البشر وهو يعبد الله أو يدعو إليه، ويضحي من أجله، ويعمل ابتغاء مرضاته ، يعلمون إنهم في معية الله طالما سلكوا طريق الجهاد " وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ "(لعنكبوت:69) ومعية الله فوق كل عتاد وأقوى من كل عدة..!!!
ويعلمون أن رحمة الله ترتجى من الإيمان أولا ثم الهجرة الدائمة فالجهاد المستمر..!! " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أُوْلَـئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللّهِ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ "(البقرة218)
وجدوا أن منهج الرسول صلى الله عليه وسلم كان يدعم الجهاد فجاهدوا، ويشجع الابتكار في أعلى درجاته، فابتكروا، وذلك من أجل بقاء الإسلام ورفعة المسلمين.
وبنت الإسلام،هي نبت الإسلام...!! وهي أم المسلمين، حاملة النور إلى الدنيا" خرج مني نور أضاءت منه قصور الشام ) صحيح.... و مضرب المثل في الحياء (كان صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها)....ومدرسة الأخلاق في الحياة...!!
الأم مدرسة إذا أعدتها أعدت شعبا طيب الأعراق
لذلك يجب أن تعتز بدينها، وتتزين بعلمها، وتعمل لإرضاء ربها، وتفخر بمن سبق من أخواتها وأمهاتها...!!!
امرأة مجاهدة من طراز فريد: ذكر أحمد بن الجوزي الدمشقي رحمه الله في كتابه المسمّى بسوق العروس وأنس النفوس.. أنه كان بمدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل يقال له أبو قدامة الشامي، وكان قد حبب الله إليه الجهاد في سبيل الله والغزو إلى بلاد الروم، فجلس يوماً في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحدث مع أصحابه، فقالوا له: يا أبا قدامة حدثنا بأعجب ما رأيت في الجهاد ؟ فقال أبو قدامة نعم إني دخلت في بعض السنين الرقة أطلب جملاً أشتريه ليحمل السلاح، فبينما أنا يوماً جالساً إذ دخلت علي امرأة فقالت: يا أبا قدامة سمعتك وأنت تحدث عن الجهاد وتحث عليه وقد رُزقتُ من الشَّعر ما لم يُرزقه غيري من النساء، وقد قصعته وأصلحت منه شكالا للفرس وعفرته بالتراب كي لا ينظر إليه أحد، وقد أحببت أن تأخذه معك فإذا صرتَ في بلاد الكفار وجالت الأبطال ورُميت النبال وجُردت السيوف وشُرعت الأسنّة، فإن احتجت إليه وإلا فادفعه إلى مَن يحتاج إليه ليحضر شعري ويصيبه الغبار في سبيل الله، فأنا امرأة أرملة كان لي زوج وعصبة كلهم قُتلوا في سبيل الله ولو كان عليّ جهاد لجاهدت. ( جهاد وعفة فهي لا تحب أحداً أن ينظر إلى شعرها حتى ولو فصل عنها )
التربية السليمة وروعة الإهداء: وناولتني الشكال وقالت: اعلم يا أبا قدامة أن زوجي لما قُتل خلف لي غلاماً من أحسن الشباب وقد تعلم القرآن والفروسية والرمي على القوس وهو قوام بالليل صوام بالنهار وله من العمر خمس عشرة سنة وهو غائب في ضيعة خلفها له أبوه فلعله يقدم قبل مسيرك فأوجهه معك هدية إلى الله عز وجل وأنا أسألك بحرمة الإسلام، لا تحرمني ما طلبت من الثواب، فأخذت الشكال منها فإذا هو مظفور من شعرها. فقالت: ألقه في بعض رحالك وأنا أنظر إليه ليطمئن قلبي. فطرحته في رحلي وخرجتُ من الرقة ومعي أصحابي، فلما صرنا عند حصن مسلمة بن عبد الملك إذا بفارس يهتف من ورائي: يا أبا قدامة قف علي قليلاً يرحمك الله، فوقفت وقلت لأصحابي تقدموا أنتم حتى أنظر مَن هذا، وإذا أنا بفارس قد دنا مني وعانقني وقال: الحمد لله الذي لم يحرمني صحبتك ولم يردني خائباً. قلت للصبي أسفر لي عن وجهك، فإن كان يلزم مثلك غزو أمرتك بالمسير، وإن لم يلزمك غزو رددتك، فأسفر عن وجهه فإذا به غلام كأنه القمر ليلة البدر وعليه آثار النعمة.
أسرة تبنت الجهاد فنالت شرف الاستشهاد: قلت للصبي: ألك والد ؟ قال: لا, بل أنا خارج معك أطلب ثأر والدي لأنه استشهد فلعل الله يرزقني الشهادة كما رزق أبي. قلت للصبي: ألك والدة ؟ قال: نعم. قلت: اذهب إليها فاستأذنها فإن أذنت وإلا فأقم عندها فإن طاعتك لها أفضل من الجهاد، لأن الجنة تحت ظلال السيوف وتحت أقدام الأمهات. قال: يا أبا قدامة أما تعرفني قلت: لا. قال: أنا ابن صاحبة الوديعة، ما أسرع ما نسيت وصية أمي صاحبة الشكال، وأنا إن شاء الله الشهيد ابن الشهيد، سألتك بالله لا تحرمني الغزو معك في سبيل الله، فإني حافظ لكتاب الله عارف بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، عارف بالفروسية والرمي وما خلفت ورائي أفرس مني فلا تحقرني لصغر سني وإن أمي قد أقسمت على أن لا أرجع، وقالت: يا بني إذا لقيت الكفار فلا تولهم الدبر وهب نفسك لله واطلب مجاورة الله تعالى ومجاورة أبيك مع إخوانك الصالحين في الجنة فإذا رزقك الله الشهادة فاشفع فيّ فإنه قد بلغني أن الشهيد يشفع في سبعين من أهله وسبعين من جيرانه، ثم ضمتني إلى صدرها ورفعت رأسها إلى السماء وقالت: إلهي وسيدي ومولاي هذا ولدي وريحانة قلبي وثمرة فؤادي سلمته إليك فقربه من أبيه.
فلما سمعت كلام الغلام بكيت بكاءاً شديداً أسفاً على حسنه وجمال شبابه ورحمة لقلب والدته وتعجباً من صبرها عنه. فقال: يا عم مم بكاؤك ؟ إن كنت تبكي لصغر سني فإن الله يعذب مَن هو أصغر مني إذا عصاه. قلت: لم أبك لصغر سنك ولكن أبكي لقلب والدتك كيف تكون بعدك.
رؤيا صادقة: وسرنا ونزلنا تلك الليلة فلما كان الغداة رحلنا والغلام لا يفتر من ذكر الله تعالى، فتأملته فإذا هو أفرس منا إذا ركب وخادمنا إذا نزلنا منزلا، وصار كلما سرنا يقوى عزمه ويزداد نشاطه ويصفو قلبه وتظهر علامات الفرح عليه. فلم نزل سائرين حتى أشرفنا على ديار المشركين عند غروب الشمس فنزلنا فجلس الغلام يطبخ لنا طعاما لإفطارنا وكنا صياما، فغلبه النعاس فنام نومة طويلة فبينما هو نائم إذ تبسم في نومه فقلت لأصحابي ألا ترون إلى ضحك هذا الغلام في نومه، فلما استيقظ قلت: بني رأيتك الساعة ضاحكاً مبتسماً في منامك، قال: رأيت رؤيا فأعجبتني وأضحكتني. قلت: ما هي. قال: رأيت كأني في روضة خضراء أنيقة فبينما أنا أجول فيها إذ رأيت قصراً من فضة شُرفه من الدر والجواهر، وأبوابه من الذهب وستوره مرخية، وإذا جواري يرفعن الستور وجوههن كالأقمار فلما رأينني قلن لي: مرحبا بك فأردت أن أمد يدي إلى إحداهن فقالت: لا تعجل ما آن لك، ثم سمعت بعضهن يقول لبعض هذا زوج المرضية، وقلن لي تقدم يرحمك الله فتقدمت أمامي فإذا في أعلى القصر غرفة من الذهب الأحمر عليها سرير من الزبرجد الأخضر قوامه من الفضة البيضاء عليه جارية وجهها كأنه الشمس لولا أن الله ثبت علي بصري لذهب وذهب عقلي من حسن الغرفة وبهاء الجارية. فلما رأتني الجارية قالت: مرحبا وأهلا وسهلا يا ولي الله وحبيبه أنت لي وأنا لك فأردت أن أضمها إلى صدري فقالت: مهلا، لا تعجل، فإنك بعيد من الخنا، وإن الميعاد بيني وبينك غداً بعد صلاة الظهر فأبشر.
فقه الجهاد: قال أبو قدامة: قلت له: رأيت خيراً، وخيراً يكون. ثم بتنا متعجبين من منام الغلام، فلما أصبحنا تبادرنا فركبنا خيولنا فإذا المنادي ينادي: يا خيل الله اركبي وبالجنة أبشري، انفروا خفافاً وثقالاً وجاهدوا. فما كان إلا ساعة، وإذا جيش الكفر خذله الله قد أقبل كالجراد المنتشر، فكان أول مَن حمل منّا فيهم الغلام فبدَّد شملهم وفرَّق جمعهم وغاص في وسطهم، فقتل منهم رجالاً وجندل أبطالاً فلما رأيته كذلك لحقته فأخذت بعنان فرسه وقلت: يا بني ارجع فأنت صبي ولا تعرف خدع الحرب. فقال: يا عم ألم تسمع قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ)، أتريد أن أدخل النار ؟ فبينما هو يكلمني إذ حمل علينا المشركون حملة رجل واحد، حالوا بيني وبين الغلام ومنعوني منه واشتغل كل واحد منا بنفسه.
وداع في الدنيا للقاء الاخرة: وقُتل خلق كثير من المسلمين، فلما افترق الجمعان إذ القتلى لا يحُصون عددا فجعلت أجول بفرسي بين القتلى ودماؤهم تسيل على الأرض ووجوههم لا تعرف من كثرة الغبار والدماء، فبينما أنا أجول بين القتلى وإذا أنا بالغلام بين سنابك الخيل قد علاه التراب وهو يتقلب في دمه ويقول: يا معشر المسلمين، بالله ابعثوا لي عمي أبا قدامة فأقبلت عليه عندما سمعت صياحه فلم أعرف وجهه لكثرة الدماء والغبار ودوس الدواب فقلت: أنا أبو قدامة. قال: يا عم صدقت الرؤيا ورب الكعبة أنا ابن صاحبة الشكال، فعندها رميت بنفسي عليه فقبلت بين عينيه ومسحت التراب والدم عن محاسنه وقلت: يا بني لا تنس عمك أبا قدامة في شفاعتك يوم القيامة. فقال: مثلك لا يُنسى لا تمسح وجهي بثوبك ثوبي أحق به من ثوبك، دعه يا عم ألقى الله تعالى به، يا عم هذه الحوراء التي وصفتها لك قائمة على رأسي تنتظر خروج روحي وتقول لي عجّل فأنا مشتاقة إليك، بالله يا عم إن ردّك الله سالماً فتحمل ثيابي هذه المضمخة بالدم لوالدتي المسكينة الثكلاء الحزينة وتسلمها إليها لتعلم أني لم أضيع وصيتها ولم أجبن عند لقاء المشركين، واقرأ مني السلام عليها، وقل لها إن الله قد قبل الهدية التي أهديتها، ولي يا عم أخت صغيرة لها من العمر عشر سنين كنت كلما دخلت استقبلتني تسلم علي، وإذا خرجتُ تكون آخر من يودعني عند مخرجي، وقد قالت لي بالله يا أخي لا تبطء عنّا فإذا لقيتَها فاقرأ عليها مني السلام وقل لها يقول لك أخوك: الله خليفتي عليك إلى يوم القيامة، ثم تبسم وقال أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له صدق وعده وأشهد أن محمداً عبده ورسوله هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله، ثم خرجت روحه فكفناه في ثيابه ووريناه رضي الله عنه وعنا به.
البشرى: فلما رجعنا من غزوتنا تلك ودخلنا الرقة لم تكن لي همة إلا دار أم الغلام، فإذا جارية تشبه الغلام في حسنه وجماله وهي قائمة بالباب وتقول لكل مَن مر بها: يا عم مَن أين جئت؟ فيقول من الغزو، فتقول: أما رجع معكم أخي فيقولون لا نعرفه، فلما سمعتها تقدمت إليها فقالت لي: يا عم من أين جئت؟ قلت: من الغزو قالت: أما رجع معكم أخي ثم بكت وقالت ما أبالي، يرجعون وأخي لم يرجع فغلبتني العبرة، ثم قلت لها: يا جارية قولي لصاحبة البيت أن أبا قدامة على الباب، فسمعت المرأة كلامي فخرجت وتغير لونها فسلمت عليها فردت السلام وقالت: أمبشراً جئت أم معزياً. قلت: بيّني لي البشارة من التعزية رحمك الله. قالت: إن كان ولدي رجع سالماً فأنت معز، وإن كان قُتل في سبيل الله فأنت مبشر. فقلت: أبشري. فقد قُبلت هديتك فبكت وقالت: الحمد لله الذي جعله ذخيرة يوم القيامة، قلت فما فعلت الجارية أخت الغلام. قالت: هي التي تكلمك الساعة فتقدمت إلي فقلت لها إن أخاك يسلم عليك ويقول لك: الله خليفتي عليك إلى يوم القيامة، فصرخت ووقعت على وجهها مغشياً عليها، فحركتها بعد ساعة، فإذا هي ميتة فتعجبت من ذلك ثم سلمت ثياب الغلام التي كانت معي لأمه وودعتها وانصرفت حزيناً على الغلام والجارية ومتعجباً من صبر أمهما..
إن الأمة الفاضلة: تربي بنيها على البذل والعطاء، على التضحية والفداء ،على الإقدام والسخاء، على الكرم والإنفاق، أما البخل والإمساك فلا يقم عليهما خلق، ولا يبنى عليهما عمل، ولا يوصل بهما إلى نجاح، ولا ينتج عنهما فلاح ، ثم إن الحياة ليست لونا واحدا فالجو يصفو ويغيم،والصحة تقوى وتضعف والأيام تقبل وتدبر وربك يخلق ما يشاء ويختار،وكل شيء عنده بمقدار،فلا يجب أن تتعثر الخطى مع بلايا الأيام، أو تتراجع الهمم مع نكبات الدهر، أو تخور العزائم مع بعد الغاية و وعثاء الطريق، دعاة الإيمان ورجال الدين وحراس العقيدة،وأهل الحق،وحاملي الأمانة أجدر الناس بمعرفه هذه الحقيقة والنزول عن حكمها، فمن ظن أن طريق الإيمان مفروش بالأزهار والرياحين، تحفه أنضج الثمار، وأجمل الورود، وأعظم البساتين، فقد ضل الطريق بل جهل طبيعة الإيمان بالرسالات، وطبيعة طريق الجنات،و ما فيه وما عليه وما حوله من فتن ومحن وابتلاءات " أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا " (البقرة:214 )." الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) " (العنكبوت: 2:1 ) الجنة إذن لابد لها من ثمن، وهى سلعه غالية وقد دفعه أصحاب الدعوات السابقين،فلا بد أن يدفعه إخوانهم من اللاحقين، منذ القدم والعاملون لدين الله، يعملون فكرهم، ويبذلون رأيهم، ويحسنون جهدهم، يحاولون إرضاء ربهم، يستمدون منه المعية، ويرجون معه الهداية " وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ "(العنكبوت69)
هذا هو الإسلام: إنَّه الإسلام يَهدي القلوبَ لفاطرها، ويُطوِّع النفوس لباريها، ويُوجِّه الضمائر لخالقها..!!
امرأة تعلم النساء أنهن ولدن في العطاء، وشاركن في البناء، وحملن اللواء وترسمن طريق الفداء، وفرحن بطاعة رب الأرض والسماء..!! في شدتهن.. في كربهن.. في محنتهن.. لا يتخلفن أبدا عن تليية النداء..!! وحتى تكون الصورة أكثر جمالا وضياء..!! فالإسلام شريعة السماء، ونور الأرض، وهداية البشر، وجمال الوجود، وزاد طيب في الحياة، للذكر و الأنثي، للرجل والمرأة، للشاب والفتاة "مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ "(النحل:97)
ثمن الجنة: الجهاد لايقتصر على الرجال فحسب، وإنما الرجال والنساء، أو على الشباب فقط ، وإنما الشباب والغلمان، وصاحبة الضفيرة المجاهدة الكبيرة مقاما وجهادا وعفة..وابنها الغلام الكبير فهما وبذلا وإقداما وبرا..ضربا أروع المثل في التقرب إلى الله بتقديم العزيز والنفيس في ساحات الجهاد وفي ميادين القتال، إنها روح البذل، وعين الفداء، وسبيل التضحية وكل ذلك يرسم لجهاد هو ذروة سنام الأمر، جهاد يهون في سبيل الدين، جهاد يهون في سبيل العقيدة، جهاد يهون في سبيل البقاء، احرص على الموت توهب لك الحياة ...!!! تعلمن يا نساء الكون من صاحبة الضفيرة كيف تعطي أعز ما تملك، ولدها فلذة كبدها وفوق ذلك شعرها، لتكتب في المجاهدين والمجاهدات، والصابرين والصابرات، والمحسنين والمحسنات...!! ولتعلم الأجيال جيلا بعد جيل، أن الإنسان بقدر ما يبذل هنا يملك هناك، بقدر ما يعطي هنا يأخذ هناك، وبقدر ما يدفع هنا يشتري هنالك " إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ "(التوبة:111)
تعليق