إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

جمانة الشغّالة ... في الميزان

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • جمانة الشغّالة ... في الميزان



    جمانة شغالة إندونيسية . وهي زوجة السائق الخاص لإحدى العائلات .


    كنت أراها عند صديقة لي . ودائما أراها متعبة وتعمل بتباطؤ . فقد بلغت من العمر


    الخامسة والخمسين . ثم أصيبت بمرض السكري .


    سألت صديقتي مرة : أما آن لهذه المسكينة أن ترتاح ؟؟ أجابت : أولادها


    بالجامعة , كان الله في عونها .


    آخر مرة سألت عن جمانة : ابتسمت صديقتي وقالت : جمانة ارتاحت وجلست في


    منزلها . قلت يحق لها فقد تعبت كثيرا ً . لمعت عينا صديقتي ببريق غريب تفاجأت


    منه . وابتسمتْ ابتسامة أغرب . قلت : ماوراءك ؟ قالت : جمانة حققت هدفها ,


    فهدأ بالها واطمأنت نفسها فتوقفت عن العمل .


    قلت : وما كان هدفها ؟ تعليم أولادها ؟ هل تخرجوا ؟


    ذهبتْ إلى أحد الأدراج وأخرجتْ منه صورة مسجد جميل أنيق صغير كتب على


    حَجَر رخامي كبير في مقدمته عبارة بالخط الأسود : مسجد جمانة !!


    قلت ُ : ما هذا ؟ قالت : هذا هو هدف جمانة الذي حققته .


    لقد كان هدفها أن تبني مسجدا ً من تعبها وعرقها ليكون صدقة جارية لها وبركة في


    حياتها وبعد مماتها .



    """""""""""""""""""""


    عندما سمعت الخبر دارت بي الدنيا ولفت . وصغرت نفسي أمام عيني . أحسست


    أنني قزمة أمام عملاق : اسمه جمانة الشغالة ...


    جمانة الشغالة وضعت لنفسها أهدافا ً سامية نبيلة أخروية وليس مجرد هذف او


    حلم حلمت به وتقاعست ثم تمنت ان يفتح الله لها أبواب الرزق لتحققه . بل


    أتبعت الهدف سعيا ً حثيثا ً , وعملا ً دؤوبا ً . وهمة لا تنقطع .



    وانا الآن أتساءل :


    إذا كان هذا هو هدف شغالة أمية غير عربية . فما هي أهدافنا نحن العرب الذين


    نقرأ القرآن بمهارة ونفهم مافيه . نحن الذين تعلمنا . وأنعم الله علينا بنعم كثيرة .


    ما هي أهدافنا ؟؟؟؟


    ـــ بناء منزل أكبر من منزل أختي !


    ـــ شراء سيارة أفخم من سيارة أخي !


    ــــ توسيع تجارتي


    ــــ تعليم أولادي الطب والهندسة ليقولوا : أم الطبيب وأم المهندس .


    ــــ التخريب على صاحبتي , أو نسيبتي , أو قريبتي ,أو جارتي , أو كلهن . وإفساد


    هنائها , وإظهارها بأنها فاشلة وأنني أنجح منها !


    ــــ هدفي الأكبر حاليا ً عرس قريبتي القادم : سأرتدي فيه أغلى الملبوسات


    وسأتزين بأثمن المجوهرات .. حتى أبدو فيه أجمل الحاضرات .!



    ــ شغلي الشاغل وجل اهتمامي أن أقبع في منزلي : أمضغ اللبان وأتشدق بالكلام


    على هاتف أو نت , وأصرخ بوجه جمانة أخرى أحتقرها وأهينها بعقلي الفارغ


    ونفسي المريضة . ومن يدري !! قد تكون عند الله أفضل مني وأرفع منزلة !




    """""""""""""""""""""""



    تعسا ً لنا ولأهدافنا


    تعسا ً لنا ولحضارتنا المزيفة


    تعسا ً لعقولنا التي تعفنت وتجرثمت وتآكلت !!!!!




    """"""""""""""""""""""""



    قصة جمانة جرتني لموضوع هام جدا ً . جعلتني أتفكر في الموازين ..


    والمفاضلات :


    مَن ْ أفضل ُ مِنْ مَن ْ ؟؟؟


    بعبارة أخرى :



    مَن الخاسر ؟؟ ومَن الرابح ؟؟



    هناك موازين الدنيا وهي حسية , مرئية , مادية , آنية .


    وهناك موازين الآخرة وهي موازين أخروية , إيمانية , غيبية .



    من سيحدد الرابح والخاسر ؟؟


    لنشاهد هذه الأمثلة :



    سمية أم عمار : يعذبها أبو جهل حتى تموت . والرسول صلى


    الله عليه


    وسلم يصبرهم ويقول : صبرا ً آل ياسر فإن موعدكم الجنة .




    صهيب بن سنان أعطى قريش كل ما يملك ليهاجر ويلحق


    برسول الله فيقول


    له الحبيب المصطفى : ربح البيع يا أبا يحيي !!




    ابن ملحان : يدخل الرمح في ظهره فيخرج من بين ثدييه فيقول


    فرحا ً : فزت ورب الكعبة .
    ذو البجادين : أخذ عمُه كل أمواله . وعندما مات وأدخله رسول


    الله صلى الله عليه وسلم في قبره قال : اللهم إني أمسيت عنه
    راضيا ً فارض َ عنه . يقول
    ابن مسعود : يا ليتني كنت صاحب الحفرة .
    هؤلاء في نظر أهل الدنيا خاسرون .
    ولكن بموازين الآخرة ربحوا الفردوس الأعلى .
    لو نظرنا إلى قصة ماشطة ابنة الفرعون . فقد آمنت بالله ربا ً فألقاها فرعون
    المتأله في الزيت المغلي مع أبنائها , وما تراجعت عن عقيدتها .
    في موازين أهل الدنيا : ربح الفرعون وخسرت الماشطة .
    أما موازين الآخرة فتقول غير ذلك .
    في الحديث الشريف :
    مر الرسول صلى الله عليه وسلم برائحة طيبة فقال: ما هذه الرائحة ياجبريل
    ؟ قال: هذه رائحة ماشطة وأولادها .
    تعبق رائحة الماشطة في السماء والفراعنة يتجلجلون في أصل الجحيم .
    وأحيانا ً يكون الربح في الدنيا هو عين الخسارة في الآخرة .. فكل ربح من
    حرام هو خسارة مهما كبر وعظم .
    في قصة الغلام والساحر والملك . قصة أصحاب الأخدود , كلنا نعرفها . قال
    الملك : باسم رب الغلام .
    مات الغلام . إلا ان الناس صاحوا صيحة واحدة : آمنا برب الغلام .
    لقد ربح الملك ومات الغلام . ولكن ربحه كان عين الخسارة حتى في الدنيا
    قبل الآخرة . فقد خسر ملكه وشعبه وكل شيء . وربح الغلام .
    ولو عدنا إلى قصة جمانة :
    في موازين دار الفناء جمانة خاسرة : خسرت صحتها , وأرهقتها في العمل
    لتبني مسجدا ً لا يعود عليها في الدنيا بربح أو ريع .
    ولكن ميزان دار البقاء يقول ان جمانة هي الرابح الأكبر . فقد جعلت لنفسها
    صدقة جارية تدر عليها الربح الوفير بعد مماتها .. حيث ستأتيها الأرباح
    تتوالى .. مادام المسجد قائما ً يرفع فيه ذكرُ الله . ويمجدُ فيه اسمه .
    أما الخاسرة الحقيقية فهي التي تجلس لتحتقر جمانة وأمثالها , تظلمهم
    وتسومهم سوء العذاب . فتمنع عنهم الخير وحتى حقوقهم تمنعها . وتجلب
    لهم البؤس والشقاء . من تفعل ذلك خاسرة حتى ولو كان بين يديها خدم
    وحشم . وتحت تصرفها المليارات . ولن ينفعها كل ذلك شيئا .
    ما نفع فرعونَ موسى تأليهُه لنفسه : فأغرقه الله في اليم . وحشره في جهنم .
    وجعله عبرة وموعظة للناس في الدنيا .
    ما نفع قارون َ أموالُه التي تنوء بحمل مفاتيحها العصبة أولو القوة .. فخسف
    الله به وبداره الأرض .
    لن ينفعنا يوم القيامة مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم .
    القلب السليم هو إخلاص النية وتحديد الهدف .
    ان تكون النية لله والهدف هو الآخرة .
    8-مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ
    مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ [الشورى 20]
    فأي حرث نريد ؟ حرث الدنيا أم الآخرة ؟
    منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة . استغرب الصحابة وقال بعضهم : ماكنا نعلم أن بيننا
    من يريد الدنيا حتى نزلت هذه الآية .
    فماذا نريد ؟
    علينا ان نحدد هدفنا ومسارنا . علينا تحديد الغاية والاتجاه .
    فالاتجاه الصحيح هو التوجه إلى الله فهو الغاية وهو الهدف .
    ولو كان الهدف لغير الله فلن تنفعنا عبادتنا ولو كانت أمثال أُحُد . لن تنفعنا صلاتنا ولا صيامنا ولا
    صدقاتنا ستكون سرابا ً ووهما ً .
    فهيا بنا نفر إلى الله
    دعونا نفر من نوايا مهزوزة , وأهداف مشوشة , وتكالب على الدنيا إلى نوايا
    ثابتة , وأهداف محددة علوية , وتفان ٍ في طلب الآخرة .
    دعونا نفر من كبريائنا وعنجهيتنا
    من مظاهر الدنيا التي أكلت قلوبنا
    من جاهلية عفنة سيطرت على عقولنا .
    هيا بنا نفر إلى الله
    عسى أن يقبلنا
    ويرفع قدرنا
    ويُعلي شأننا .مما راق لي



  • #2
    رد: جمانة الشغّالة ... في الميزان

    جزاكم الله خيرا اختي طالبة الجنان
    موضوعك مثل مواضيعك الباقيه مميز وفيه عبره كبيره
    بارك الله فيك
    امل لا ينقطع = حاملة الرايه
    انتظروا قسم القصص الدعويه في ثوبه الجديد قريبا ان شاء الله

    تعليق


    • #3
      رد: جمانة الشغّالة ... في الميزان

      وخيرا جزاك
      نسأل الله أن يتقبله منا


      تعليق

      يعمل...
      X