ولما قســا قلبي وضاقت مذاهبي *** جعلتُ رجـائي نحـو بابك سُلما
على الرغم من أنني كنت مشتغلاً بدراستي الجامعية إلا أن لدي بعض الوقت أقضيه في مزاولة هوايتي المفضلة – كما يقال – وهي المراسلة.. فقد اشتركت في مجلة دولية للمراسلة.. وكانت لي علاقات مع أصدقاء كثيرين في أنحاء العالم فقد كنا نتبادل الصور والطوابع.وفي نهاية السنة الثالثة الجامعية وقبل اقتراب العطلة الصيفية.. فكرت في أن أسافر لعدة دول..
أولا: أتعرف على تلك الدول..
ثانياً: أتعرف على الأصدقاء الذي لي علاقة ببعضهم منذ سنتين أو أكثر..
من الناحية الاقتصادية.. الموضوع بالنسبة لي سهل حيث أنني لن أصرف مبالغ كثيرة.. سأحل ضيفاً على الأصدقاء لمدة يومين أو ثلاثة.. إلى أسبوع.. ومن جهة أخرى سيقوم الأصدقاء بتعريفي على الأماكن الأثرية والمواقع السياحية.. فسأكون محفولاً مكفولا.. نظمت خط سير رحلتي من المملكة فقررت أن أزور فرنسا أولا بعد ذلك أغادر إلى أسبانيا ثم إلى المغرب ثم إلى مصر وأخيراً أعود إلى بلادي..وخط سيري هذا رتبته مع العديد من الأصدقاء الذين في هذه الدول ورحبوا بزيارتي.. كما أنني لم أرتبط بحجز للسفر.. بل تركت الأمور حسب ارتياحي في كل دولة..أنهيت العام الدراسي.. ونجحت والله الحمد بتفوق.. أخبرت أهلي بسفري.. لم يكن لديهم ممانعة في ذلك.. أحضرت آلة تصوير وبعض الأوراق الضرورية..
كما أنني لم أنس عناوين وهواتف الأصدقاء أقنعت نفسي أنني سأسافر للسياحة.. لا للمظاهر والبهرجة.. لذا اشتريت من الملابس أبسطها.. وحملت من المال ما يكفيني.. لغتي الإنجليزية لم تساعدني في محطتي الأولى حيث يتكلم الشعب الفرنسي اللغة الفرنسية ولكن عندما استقلت سيارة أجرة من المطار إلى مدينة باريس..عرف أن اللغة الإنجليزية يتحدثها أصحاب الفنادق والمحلات الكبرى..نزلت في فندق متواضع وكان الجو بارداً.. وملابسي يبدو أنها لن تقوم بالواجب.. فجسمي بدأ يرتعش من البرد.. الليلة الأولى مضت.
وسرني أنني عندما اتصلت على صديقي وكان في مدينة بعيدة عن باريس وأخبرته بقدومي.. أظهر لي السرور وأخبرني أنه سينتظرني غداً عند محطة القطار في مدينته..في الغد حملت حقيبتي.. وركبت القطار..ولا شك أنني عاتبت نفسي لكثرة التقاطي للصور.. خوفاً من نفاد الأفلام التي معي..ولكن المناظر الطبيعية.. تأسرك بجمالها..قبل وصول القطار بفترة.. أخرجت صورة صديقي الفرنسي أتفحصها.. لكي أتعرف عليه.. فأنا لم أره ولم يرني من قبل..لم أجد صعوبة عند توقف القطار ونزولنا في التعرف على صديقي..سار بنا إلى منزله.. وكان يتلكم الإنجليزية.. لغة المراسلة بيننا..
قضيت أياماً جميلة عندهم.. امتدت لخمسة أيام.. ثم بعد أن شاهدت مدينته وزرت مناطق السياحة فيها..سافرنا سوياً إلى مدينة أخرى مكثنا فيها يومين ثم عدنا إلى باريس معاً وأمضينا فيها ثلاثة أيام عند أحد أصدقائه..
بعدها غادرت إلى ألمانيا..نفس مشكلة اللغة من جديد فالألمان لا يتكلمون إلا اللغة الألمانية.في ألمانيا ارتحت أكثر لأن صديقي يملك سيارة.. وهذا ساعدنا على حرية الحركة وإن كان أفقدنا بعض المتعة من السفر في القطار والرحلات الجماعية..على أية حال.. مكثت في ألمانيا لمدة أسبوع وكان صديقي يمضي إجازة مثلي.. فلم نُقم في منزلهم سوى يوم واحد.. ومن ثم أخذنا في التجوال في ألمانيا.. بل إننا قطعنا مسافة تزيد على خمسة آلاف كيلو متراً من الطرق.. وهذا كلفنا ثمن شراء وقود السيارة.. وكان هذا الثمن مناصفة بيننا..رأيت ألمانيا أكثر من فرنسا.. كما أن صديقي الألماني وضعه المادي جيد.. وله أقارب في مناطق متفرقة من ألمانيا.. وإن كان أقاربه لم يقدموا لنا شيئاً يذكر..
غادرت ألمانيا إلى أسبانيا وقد خططت لتكون الإقامة أطول فيها..دمعتك في أسبانيا تسبق نظرك..ماذا ترى بالأندلس.. ألم تسمع قصيدة الرثاء في سقوط الأندلس..
أولا: أتعرف على تلك الدول..
ثانياً: أتعرف على الأصدقاء الذي لي علاقة ببعضهم منذ سنتين أو أكثر..
من الناحية الاقتصادية.. الموضوع بالنسبة لي سهل حيث أنني لن أصرف مبالغ كثيرة.. سأحل ضيفاً على الأصدقاء لمدة يومين أو ثلاثة.. إلى أسبوع.. ومن جهة أخرى سيقوم الأصدقاء بتعريفي على الأماكن الأثرية والمواقع السياحية.. فسأكون محفولاً مكفولا.. نظمت خط سير رحلتي من المملكة فقررت أن أزور فرنسا أولا بعد ذلك أغادر إلى أسبانيا ثم إلى المغرب ثم إلى مصر وأخيراً أعود إلى بلادي..وخط سيري هذا رتبته مع العديد من الأصدقاء الذين في هذه الدول ورحبوا بزيارتي.. كما أنني لم أرتبط بحجز للسفر.. بل تركت الأمور حسب ارتياحي في كل دولة..أنهيت العام الدراسي.. ونجحت والله الحمد بتفوق.. أخبرت أهلي بسفري.. لم يكن لديهم ممانعة في ذلك.. أحضرت آلة تصوير وبعض الأوراق الضرورية..
كما أنني لم أنس عناوين وهواتف الأصدقاء أقنعت نفسي أنني سأسافر للسياحة.. لا للمظاهر والبهرجة.. لذا اشتريت من الملابس أبسطها.. وحملت من المال ما يكفيني.. لغتي الإنجليزية لم تساعدني في محطتي الأولى حيث يتكلم الشعب الفرنسي اللغة الفرنسية ولكن عندما استقلت سيارة أجرة من المطار إلى مدينة باريس..عرف أن اللغة الإنجليزية يتحدثها أصحاب الفنادق والمحلات الكبرى..نزلت في فندق متواضع وكان الجو بارداً.. وملابسي يبدو أنها لن تقوم بالواجب.. فجسمي بدأ يرتعش من البرد.. الليلة الأولى مضت.
وسرني أنني عندما اتصلت على صديقي وكان في مدينة بعيدة عن باريس وأخبرته بقدومي.. أظهر لي السرور وأخبرني أنه سينتظرني غداً عند محطة القطار في مدينته..في الغد حملت حقيبتي.. وركبت القطار..ولا شك أنني عاتبت نفسي لكثرة التقاطي للصور.. خوفاً من نفاد الأفلام التي معي..ولكن المناظر الطبيعية.. تأسرك بجمالها..قبل وصول القطار بفترة.. أخرجت صورة صديقي الفرنسي أتفحصها.. لكي أتعرف عليه.. فأنا لم أره ولم يرني من قبل..لم أجد صعوبة عند توقف القطار ونزولنا في التعرف على صديقي..سار بنا إلى منزله.. وكان يتلكم الإنجليزية.. لغة المراسلة بيننا..
قضيت أياماً جميلة عندهم.. امتدت لخمسة أيام.. ثم بعد أن شاهدت مدينته وزرت مناطق السياحة فيها..سافرنا سوياً إلى مدينة أخرى مكثنا فيها يومين ثم عدنا إلى باريس معاً وأمضينا فيها ثلاثة أيام عند أحد أصدقائه..
بعدها غادرت إلى ألمانيا..نفس مشكلة اللغة من جديد فالألمان لا يتكلمون إلا اللغة الألمانية.في ألمانيا ارتحت أكثر لأن صديقي يملك سيارة.. وهذا ساعدنا على حرية الحركة وإن كان أفقدنا بعض المتعة من السفر في القطار والرحلات الجماعية..على أية حال.. مكثت في ألمانيا لمدة أسبوع وكان صديقي يمضي إجازة مثلي.. فلم نُقم في منزلهم سوى يوم واحد.. ومن ثم أخذنا في التجوال في ألمانيا.. بل إننا قطعنا مسافة تزيد على خمسة آلاف كيلو متراً من الطرق.. وهذا كلفنا ثمن شراء وقود السيارة.. وكان هذا الثمن مناصفة بيننا..رأيت ألمانيا أكثر من فرنسا.. كما أن صديقي الألماني وضعه المادي جيد.. وله أقارب في مناطق متفرقة من ألمانيا.. وإن كان أقاربه لم يقدموا لنا شيئاً يذكر..
غادرت ألمانيا إلى أسبانيا وقد خططت لتكون الإقامة أطول فيها..دمعتك في أسبانيا تسبق نظرك..ماذا ترى بالأندلس.. ألم تسمع قصيدة الرثاء في سقوط الأندلس..
لكل شيء إذا مـا تـم نُقصــان *** فلا يُغــر بطيب العيــش إنسـان
هي الأمـور كمـا شاهدتها دولً *** من سـره زمـُن ساءته أزمــــان
يعتصر قلبك ويعجز لسانك.اتصف الآثار.. عظمة في الدولة.. وعظمة في البناء.. هذا مآله..كلما دخلتُ مسجداً اهتز قلبي..كم من الركع ذهبوا.. كم من العباد دلفوا..والناس مشغولة..هذا الفسيفساء.. وهذا عقد.. وهذا.. كأن الإسلام مباني.. على الرغم من أنني أزور المسجد المجاور لنا إلا قليلاً.. لكن مساجد الأندلس تختلف..بل كم مرة دخلت مسجد الحي ولم يهتز في جفن.. وأنا داخل للصلاة..
والآن تهتز جوانحي وأنا سائح.. لا مصل ولا عابد...حدثني صديقي الأسباني عن عدل المسلمين عندما كانوا هنا.. وحدثني عن معلومات تاريخية..لا أعرف صحتها من خطئها.. كلما هنالك أنني أحرك رأسي عند نهاية كلامة.. لا أجد جواباً.. ولكن قلبي يهتز..يتحدثون عن التاريخ الإسلامي.. تاريخ آبائي وأجدادي.. ولا أعرف عنه شيئا.. بل إنني أفكر.. هل أنا من أحفاد من فتح الدنيا..؟ غادرت الأندلس وأنا حيران بكل ما تدل عليه هذه الكلمة من معنى..
وصلت بطريق البحر إلى المغرب..ثم سافرت بالحافلة إلى قرية صديقي المغربي وكانت بالقرب من الحدود الجزائرية.. أقبلنا على القرية.. قرية وادعة في وسط الصحراء.. تذكرني بقريتي.. لم نحتج للعنوان..أين بيت جابر.. الكل يعرفه.. وجه غريب.. الكل ينظر إليّ.. أخذني أحدهم عندما عرف أنني قادم من أرض الحرمين.. حمل حقيبتي بإصرار عجيب..طرقنا الباب.. هذا والد جابر.. لم أعط فرصة لأن أعرف نفسي..
هذاقادم من مكة..احتضنني.. تفضل.. حفاوة بالغة.. أخجلتني.. لقد كانوا ينتظرون قدومي بشوق منذ أسبوع. أعدوا لي الحفلات كما ذكروا..بعد شرب الشاي.. وضعوا لي غرفة مرتبة.. في المساء..قالوا إن أهل القرية يريدون أن يروك.. (ماذا...) يرونني.. وضُعتُ على المنصة في الحفلة.. وتكلم مسئول الحفل.. فرحب بي ترحيباً حاراً.. وكان الحفل يضم أغلب أهل القرية إن لم يكن كلهم.. رجالاً.. ونساءً وأطفالاً..بعدها تحدث إمام المسجد عن فضل مكة المكرمة والمدينة المنورة.. ورحب بي..
وكانت المفاجأة الصاعقة لي..يتحدث إليكم القادم من أرض الوحي من مهبط القرآن الكريم من أرض مكة والمدينة.. كنت قبل ابتسم عندما تحدثوا.. ولكن عندما طلبوا مني الحديث..تغير لوني.. ارتعدت فرائصي.. إنعقد لساني..لم أتعود أن أتحدث في جمع كهذا.. ثم ماذا أقول.. وأنا طالب الاقتصاد ولا معلومات شرعية أو ثقافية لدي..
ولكن الله يسر.. فقد تحدثت إليهم عن الحرم والكعبة.. والحج.. وتكلمت كثير عن الحج فهو موضوع بسيط درسته منذ القدم ولدي معلومات سنوية متجددة من خلال الإعلام خلال موسم الحج..ودعوت الله يحجوا إلى مكة..فكان أن تعالت الأصوات والبكاء.. والتأمين..
يعلم الله أنني خفت من الموقف خوفاً من الله.. بدأت أتحدث بشكل منفعل وكأنني أخاطب نفسي بالتوبة.. خنقتني العبرة وأنا أتحدث.. فبكيت.. سكت الجميع برهة.. وأنا أصابني ذهول من نفسي.. كأني في حلم عجيب..قام الجميع يسلمون عليّ ويتحدثون بكلام لا أفهمه.. نصفه بكاء ونصفه الآخر بلهجة محلية..
بعد هذا المشهد وكأنني أشاهد تمثيلية وأنا بطلها.. دُعينا إلى العشاء.. وكان عشاء يكفي لجميع الحاضرين.. لكنني لم أكن أتلذذ بالأكل..في داخلي شيء لا أعرفه..ذهبت إلى غرفتي وأغلقت الباب على نفسي..وبكيت..بل إنني وضعت وجهي على وسادتي.. حتى ابتلت من الدموع حاولت أن أخفض صوتي حتى لا يسمعني أهل البيت..لا أعلم متى توقفت عن البكاء.. ولكن النوم غلبني وأنا أبكي.. ولعل عناء السفر ساعدني على النوم.
طُرق الباب علي..صلاة الفجر..خرجت إلى المسجد.. وصليت بخشوع قلب.. وبكيت في الصلاة.
أصبحت شارد الذهن.. لا أعلم ما أصابني.. لا أعلم كيف قضيت أيامي.. لكن ليالي كانت بكاء وكان الشرود بادياً علي في النهار..قررت أن أعود إلى بلادي..رغم إصرارهم على المكوث.. ولكنني عزمت على العودة.. وكان خط سيري إلى جدة.. انتقلت من جدة إلى مكة.. ومكثت أسبوعاً في الحرم.. لا أخرج إلا لحاجة ضرورية..بدأت أقرأ القرآن بتمعن.. أصلي بخشوع.. أطوف بطمأنينة.. أين أنا عن كل هذا.. أين السنين الماضية..لم أستطع أن أراجع حساباتي.. لأنه يغلبني البكاء.. والندم الشديد.. كنت إذا تفكرت في الماضي..أفتح المصحف وأقرأ.. دموعي لا تفارقني.. أين هذه الدموع السنين الماضية..لا أعلم..هدأ روعي تلك الدروس التي تقام في الحرم..اشتريت كتاباً بعنوان: (حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح) وآخر عنوانه: واحات الإيمان لعبد الحميد البلالي.
وقبل هذا وذاك..الحمد لله غافر الذنب وقابل التوب..
...
تاب الله علينا وعليكم
وغفر الله لى ولكم
القصة ليست لى وإنما لأحد الاخوة
والآن تهتز جوانحي وأنا سائح.. لا مصل ولا عابد...حدثني صديقي الأسباني عن عدل المسلمين عندما كانوا هنا.. وحدثني عن معلومات تاريخية..لا أعرف صحتها من خطئها.. كلما هنالك أنني أحرك رأسي عند نهاية كلامة.. لا أجد جواباً.. ولكن قلبي يهتز..يتحدثون عن التاريخ الإسلامي.. تاريخ آبائي وأجدادي.. ولا أعرف عنه شيئا.. بل إنني أفكر.. هل أنا من أحفاد من فتح الدنيا..؟ غادرت الأندلس وأنا حيران بكل ما تدل عليه هذه الكلمة من معنى..
وصلت بطريق البحر إلى المغرب..ثم سافرت بالحافلة إلى قرية صديقي المغربي وكانت بالقرب من الحدود الجزائرية.. أقبلنا على القرية.. قرية وادعة في وسط الصحراء.. تذكرني بقريتي.. لم نحتج للعنوان..أين بيت جابر.. الكل يعرفه.. وجه غريب.. الكل ينظر إليّ.. أخذني أحدهم عندما عرف أنني قادم من أرض الحرمين.. حمل حقيبتي بإصرار عجيب..طرقنا الباب.. هذا والد جابر.. لم أعط فرصة لأن أعرف نفسي..
هذاقادم من مكة..احتضنني.. تفضل.. حفاوة بالغة.. أخجلتني.. لقد كانوا ينتظرون قدومي بشوق منذ أسبوع. أعدوا لي الحفلات كما ذكروا..بعد شرب الشاي.. وضعوا لي غرفة مرتبة.. في المساء..قالوا إن أهل القرية يريدون أن يروك.. (ماذا...) يرونني.. وضُعتُ على المنصة في الحفلة.. وتكلم مسئول الحفل.. فرحب بي ترحيباً حاراً.. وكان الحفل يضم أغلب أهل القرية إن لم يكن كلهم.. رجالاً.. ونساءً وأطفالاً..بعدها تحدث إمام المسجد عن فضل مكة المكرمة والمدينة المنورة.. ورحب بي..
وكانت المفاجأة الصاعقة لي..يتحدث إليكم القادم من أرض الوحي من مهبط القرآن الكريم من أرض مكة والمدينة.. كنت قبل ابتسم عندما تحدثوا.. ولكن عندما طلبوا مني الحديث..تغير لوني.. ارتعدت فرائصي.. إنعقد لساني..لم أتعود أن أتحدث في جمع كهذا.. ثم ماذا أقول.. وأنا طالب الاقتصاد ولا معلومات شرعية أو ثقافية لدي..
ولكن الله يسر.. فقد تحدثت إليهم عن الحرم والكعبة.. والحج.. وتكلمت كثير عن الحج فهو موضوع بسيط درسته منذ القدم ولدي معلومات سنوية متجددة من خلال الإعلام خلال موسم الحج..ودعوت الله يحجوا إلى مكة..فكان أن تعالت الأصوات والبكاء.. والتأمين..
يعلم الله أنني خفت من الموقف خوفاً من الله.. بدأت أتحدث بشكل منفعل وكأنني أخاطب نفسي بالتوبة.. خنقتني العبرة وأنا أتحدث.. فبكيت.. سكت الجميع برهة.. وأنا أصابني ذهول من نفسي.. كأني في حلم عجيب..قام الجميع يسلمون عليّ ويتحدثون بكلام لا أفهمه.. نصفه بكاء ونصفه الآخر بلهجة محلية..
بعد هذا المشهد وكأنني أشاهد تمثيلية وأنا بطلها.. دُعينا إلى العشاء.. وكان عشاء يكفي لجميع الحاضرين.. لكنني لم أكن أتلذذ بالأكل..في داخلي شيء لا أعرفه..ذهبت إلى غرفتي وأغلقت الباب على نفسي..وبكيت..بل إنني وضعت وجهي على وسادتي.. حتى ابتلت من الدموع حاولت أن أخفض صوتي حتى لا يسمعني أهل البيت..لا أعلم متى توقفت عن البكاء.. ولكن النوم غلبني وأنا أبكي.. ولعل عناء السفر ساعدني على النوم.
طُرق الباب علي..صلاة الفجر..خرجت إلى المسجد.. وصليت بخشوع قلب.. وبكيت في الصلاة.
أصبحت شارد الذهن.. لا أعلم ما أصابني.. لا أعلم كيف قضيت أيامي.. لكن ليالي كانت بكاء وكان الشرود بادياً علي في النهار..قررت أن أعود إلى بلادي..رغم إصرارهم على المكوث.. ولكنني عزمت على العودة.. وكان خط سيري إلى جدة.. انتقلت من جدة إلى مكة.. ومكثت أسبوعاً في الحرم.. لا أخرج إلا لحاجة ضرورية..بدأت أقرأ القرآن بتمعن.. أصلي بخشوع.. أطوف بطمأنينة.. أين أنا عن كل هذا.. أين السنين الماضية..لم أستطع أن أراجع حساباتي.. لأنه يغلبني البكاء.. والندم الشديد.. كنت إذا تفكرت في الماضي..أفتح المصحف وأقرأ.. دموعي لا تفارقني.. أين هذه الدموع السنين الماضية..لا أعلم..هدأ روعي تلك الدروس التي تقام في الحرم..اشتريت كتاباً بعنوان: (حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح) وآخر عنوانه: واحات الإيمان لعبد الحميد البلالي.
وقبل هذا وذاك..الحمد لله غافر الذنب وقابل التوب..
...
تاب الله علينا وعليكم
وغفر الله لى ولكم
القصة ليست لى وإنما لأحد الاخوة
تعليق