حكى احدهم للشيخ محمد العريفي:
قال له:كنت مسافرا بالسيارة الى مكة،وفي الطريق فوجئت بحادث سيارة،يبدوأنه وقع لتوه،كنت اول من وصل اليه،أوقفت سيارتي،واندفعت مسرعا الى السيارة،أحاول انقاذ من فيها تحسستها بحذر نظرت
الى داخلها،قلبي ينبض بشدة ارتعشت يداي خنقتني العبرة ،ثم أجهشت بالبكاء،منظر عجيب،
قائد السيارة ملقى على مقودها جثة هامدة،مشيرا بسبابته كان وجهه مضيئا،تحيط به لحية كثيفة،كأنه فلقة من قمر،كنت أتلفت داخل السيارة كالمجنون،وفجأة رأيت طفلة صغيرة ملقاه على ظهره،محيطة بيديها على عنقه، وقد لفظت أنفاسها وودعت الحياة لا اله الا الله.
لم أرى ميتة كهذه الميتة،سكينة ووقار،صورته وقد أشرقت شمس الاستقامة على محياه،منظر سبابته
التي قبضت وهي توحد الله،جمال ابتسامته التي فارق بها الحياة.
بدأت سيارة المارين تقف حول السيارة،وارتفع اللغط والأصوات،كل هذاحدث بسرعة عجيبة،نسيت أن
أتفحص بقية من في السيارة،كنت أبكي بكاء الثكلى،لم أكن أشعر بمن حولي،من رآني ظن أني قريبه
صرخ بعض الناس:يوجد امرأةوأطفال في المقعد الخلفي.
صدموني!!التفت الى الخلف،فاذا امراة عليها ثيابها،وأحكمت حجابها،وجلست بهدوء تنظر الينا،تضم
الى صدرها طفلين صغيرين لم يصابا بأذى،كانا مضطربين ينتفضان،وهي تذكر الله وتهدئ من روعهما
شعرت أنها جبل شامخ، كانت تحاول النزول من السيارة بثبات عجيب،لا بكاء،ولا صياح،ولا عويل
أخرجناهم جميعا من السيارة،من رآني وراءها ظن أني صاحب المصيبة دونها،أشتد بكائي،والناس
ينظرون الي،فالتفتت الي وهي تغادر السيارة،وقالت بصوت تقطعه العبرات:يا أخي لا تبك عليه
انه رجل صالح،صالح ثم غلبتها العبرات فسكتت،نزلت تضم اليها طفليها.
بادر أحد المحسنين وحمل الرجل وطفلته الى المستشفى، وهي تنظر الينا من بعيد،وتحاول أن تشغل الطفلين عن النظر الى أبيهم وأختهم ،أقبلت اليها وعرضت عليها أن تركب معي لأوصلها لمنزلها
فردت بكل حياء بصوت هادئ:لاوالله لا أركب الا في سيارة فيها نساء.
بدأ الناس ينصرفون،كل يكمل طريقه،بقيت أرقبها من بعيد،شعرت أني مسئول عنهم مر الوقت طويلا
ونحن ننتظر على تلك الحالة العصيبة،وهي ثابتة ثبات الجبال ،ساعتان كاملتان حتى مرت بنا سيارة فيها رجل وأسرته،أوقفناهم،وسألناه أن يحملها الى منزلها،فوافق.
فأقبلت بطفليها وركبت معهم،كنت أشعر وهي تمشي أنها جبل يمشي على الارض،عدت الى سيارتي
وأنا أعجب من هذا الثبات العظيم،كنت أقول في نفسي أنظر كيف يحفظ الله الرجل الصالح في اهله.
تذكرت قول الله:"ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافواولا تحزنوا
وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون*نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة"فصلت30-31"
نعم لاتخافوا على من تركتم في الدنيا،لأننا نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا،نحفظ أهلكم من بعدكم،نسكن
روعهم،ونربط على قلوبهم،ونكفل رزقهم،ونزيد عزهم.
ماأروع القرآن،وما أجمل أن تكون علاقتك بالله قوية،متينةلأنه الحي الذي لايموت،والغني الذي لايبخل
ماأجمل أن يراك الله في الليل باكيا،وفي النهار تاليا،ما أجمل أن يراك قد غضضت بصرك عن الحرام،
وسمعك عن الآثام،لتكون محبوبا عند الله
:"فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم"آل عمران31.
تعليق