في إحدى الليالي جلست سيدة في المطار لعدة ساعات في انتظار رحلة لها.
وأثناء فترة انتظارها ذهبت لشراء كتاب وكيس من الحلوى لتقضي بهما وقتها.
فجأة وبينما هي متعمقة في القراءة أدركت أن هناك شابة صغيرة قد جلست بجانبها وأختطفت قطعةمن كيس الحلوى الذي كان موضوعا بينهما.
قررت أن تتجاهلها في بداية الأمر,, ولكنها شعرت بالأنزعاج عندما كانت تأكل الحلوى وتنظر في الساعة بينما كانت هذه الشابة تشاركها في الأكل من الكيس أيضا.
حينها بدأت بالغضب فعلا ثم فكرت في نفسها قائلة: "لو لم أكن امرأة متعلمة وجيدة الأخلاق لمنحت هذه المتجاسرة عينا سوداء في الحال".
وهكذا في كل مرة كانت تأكل قطعة من الحلوى كانت الشابة تأكل واحدة أيضا. واستمرت المحادثة المستنكرة بين أعينهما وهي متعجبة بما تفعلة,,
وبهدوء وبابتسامة خفيفة قامت الفتاة باختطاف آخر قطعة من الحلوى وقسمتها إلى نصفين فأعطت السيدة نصفا بينما أكلت هي النصف الآخر.
أخذت السيدة القطعة بسرعة وفكرت قائلة "يالها من وقحة كما أنها غير مؤدبة حتى أنها لم تشكرني".
بعد ذلك بلحظات سمعت الاعلان عن حلول موعد الرحلة فجمعت أمتعتها وذهبت إلى بوابة صعود الطائرةدون أن تلتفت وراءها إلى المكان الذي تجلس فيه تلك السارقة الوقحة.
وبعدما صعدت إلى الطائرة ونعمت بجلسة جميلة هادئة أرادت وضع كتابها الذي قاربت على إنهائه في الحقيبة,
وهنا صعقت بالكامل...
وجدت كيس الحلوى الذي اشترته موجودا في تلك الحقيبة,
بدأت تفكر " ياالهي لقد كان كيس الحلوى ذاك ملكا للشابة وقد جعلتني أشاركها به".
حينها أدركت وهي متألمة بأنها هي التي كانت وقحة, غير مؤدبة, وسارقة أيضا.
كم مرة في حياتنا كنا نظن بكل ثقة ويقين بأن شيئا ما يحصل بالطريقة الصحيحة التي حكمنا عليه بها,
ولكننا نكتشف متأخرين بأن ذلك لم يكن صحيحا ..
وكم مرة جعلنا فقد الثقة بالآخرين والتمسك بآرائنا نحكم عليهم بغير العدل بسبب آرائنا المغرورة بعيدا عن الحق والصواب.
هذا هو السبب الذي يجعلنا نفكر مرتين قبل أن نحكم على الآخرين ...
دعونا دوما نعطي الآخرين آلاف الفرص قبل أن نحكم عليهم بطريقة سيئة.
__________________
صادفنا في حياتنا احداثا كثيرة ومواقف نسيء التصرف فيها والتعامل معها ،
وهذا قد يجعلنا نخطيء في حكمنا على الآخرين و بسبب اندفاعنا وانفعالنا
نسبب لغيرنا الالم ، لاننا نتصرف بتهور شديد نجرح به اشخاصا قريبين منا ومن
حياتنا فنحن بهذا التصرف قد نبعدهم عنا ونتسبب في خسارتهم للابد ، فلو
انا تمهلنا بتقديرنا وتفهمنا لما يدور حولنا لاستطعنا ان نحيا دون خوف من ان
نفقدهم ...
قد نعتذر لهم عما بدر منا ولكن الاعتذار احيانا لا يفيد ولا يشفى الجروح
لذا لو اننا نتاني في حكمنا على الامور وليس على ظاهرها لكان افضل لنا
ولغيرنا فلنحكم عقلنا مع قلبا دون ان يطغى احدهما على الآخر ولنرجح
الكفتين معا لنعدل في حكمنا دون ان نخطيء في حق انفسنا وفي حق
الآخرين....
نحن دائما ما نحاول ان نعطي الامور حسب ما نشاهده فقط
دون التأني في الحكم على الاخرين
اذا لماذا لا نعطي انفسنا بعض الوقت للتفكير دون ان نحكم مسبقا من خلال عمل ما يقوم به الفرد
فليس بالضرورة ان يكون هذا العمل يعبر عن شخصية الفرد او سلوكه
أيها الطبيب، اشف نفسك
نحن - إذ ندين الغير نحكم حسب الظاهر؛ فلا نستطيع أن نعرف كل الظروف التي أحاطت بهم، كما لا نستطيع معرفة مدى جهادهم وصبرهم، فربما يكونون قد جاهدوا كثيراً وزلّوا قليلاً بينما نبدو نحن كمعصومين من الزلل لقلة ما نعمل واستمتاعنا بحياة الكسل.
في كثير من الأحيان نفعل نفس الأشياء التي ندين الآخرين لأجلها. وكثيراً ما نتساءل: لماذا نفعل نحن أشياء نعتقد أنها رائعة بينما ندين الآخرين عندما يفعلونها؟ والإجابة: "إنك تنظر إلى نفسك من خلال نافذة وردية اللون، وتنظر إلى الآخرين من خلال نظارة معظمة".
قال الله العظيم في كتابه الحكيم ?بسم الله الرحمن الرحيم ?
?يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن أن بعض الظن إثم?
جاء عن رسول الله أنه قال: «إن الله حرم على المسلم دمه وماله وعرضه وأن يظن به السوء»[1] إساءة الظن بالآخرين كالاعتداء عليهم وسرقة أموالهم وهتك أعراضهم، فكلها أمور منهي عنها شرعاً. إلا أن سوء الظن اعتداء معنوي، والاعتداء على دماء الناس وسرقة أموالهم وهتك أعراضهم اعتداء مادي.
وعن الإمام علي أنه قال: «ضع أمر أخيك على أحسنه حتى يأتيك منه ما يغلبه» فأنت مطالب بتفسير أي عمل بأحسن تفسير إلا أن تكون هناك أدلة قاطعة أو ما يرجح الاحتمال السيئ بشكل واضح فلا ينبغي أن يكون الإنسان ساذجا أيضاً.
وينقل عن أحد العلماء هذه المقولة: (لو رأيت شخصاً وبيده قدح به خمر وهو على فمه يرتشف منه فإنك يمكن أن تحمله على أنه مجرد مضمضة أو أنه لم يعلم أنه خمر).
هكذا يربي الإسلام الإنسان على أن يكون حسن الظن بالآخرين، ولا شك أن هذا يتعلق بالشخص الذي ظاهره الصلاح لكن من يضع نفسه في موضع التهمة أو أنه معروف بذلك فهنا الخواطر تتوارد بشكل طبيعي في نفوس الناس وسيرته السابقة هي التي تؤكدها.
وعن الإمام الصادق أنه قال: «حسن الظن أصله من حسن إيمان المرء وسلامة صدره»
ينبغي على كل إنسان مؤمن عاقل أن يتجاوز هذه الحالة وينظر إلى الآخرين نظرة إيجابية، ولو جال في خاطره تصور خاطئ على شخص ما فعليه أن لا يبنيَ عليه موقفاً قد يضر أو يسيء به إلى الآخر، فذاك إثم وظلم نهى عنه الشرع القويم، ويرفضه العقل السليم.
نأمل من الله العظيم أن يوفقنا للتحلي بمكارم الأخلاق، التي ترقى بنا نحو الكمال، حتى نظهر بالوجه المشرق للإسلام.
تعليق