قبل أن تغرق السفينة .. // مفهرس

[* آية *]

الحمد لله غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ,
والصلاة والسلام على من فتح الله به باب المتاب , وعلى آله وصحبه ومن تبعه إلى يوم الإياب ..
أما بعد ..

قبل أن تغرق السفينة

كلمات صادقة خالصة نافعة بإذن الله يُذَكِرُنا بها شيخنا الجليل الشيخ/
محمد حسين يعقوب - حفظه الله -

أضع بين أيديكم هذه الكلمات تذكرة لى ولكم ..

لكي يعرف كل منّا حقيقة نفسه ويكشف سريرة نفسه لنفسه ..

فاللهم استرنا واجعل من تحت الستر ما ترضى به عنّا ..

والآن فلندخل في صلب الموضوع وكلام شيخنا الفاضل - حفظه الله - ..

قبل أن تغرق السفينة

أيها الأخوة في الله ..

هل مَرَّ بك ساعة آن لك أن تقف فيها مع نفسك لتسألها في لحظة صدق وإخلاص .. ؟

هل أنت مسلم حقا .. ؟
هل أنت مخلص صدقاً .. ؟
هل أنت محب لله ورسوله .. ؟
هل أنت صادق مع الله .. ؟
هل أنت موقن بالله .. ؟
هل أنت متوكل على الله .. ؟
هل أنت تخشى الله .. ؟
هل أنت راضٍ بالله .. ؟ هل .. وهل .. وهل .. ؟!!

أسئلة كثيرة ينبغي أن تتوارد على خاطر المسلم قبل أن:
( لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا ) الأنعام: 185 .

قبل أن تأتي الساعة بغتة فتنكشف الحقائق:
( يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ ) الطارق: 9 .

فتكون المفاجأة المذهلة التي تدع الناس سكارى:
( وَمَا هُمْ بِسُكَارَىٰ وَلَٰكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ) الحج: 2.

إخوتاه ...
إنها قضية الكذب , قضية الدعاوي الخالية من جوهرها فإذا تساءلت:
هل نحن ملتزمون ؟
هل نحن سُنِّيون حقاً .. ؟
هل نحن مؤدبون في تعاملنا مع الله .. ؟
هل نؤثر كلام الله ونحبه أكثر من أي شيء آخر ... ؟
هل نصبر عند قضاء الله ... ؟
هل نشكر نِعم الله علينا ... ؟

أسئلة كثيرة تتوارد تبحث عن إجابة في طيات نفسك لعلك تتشاغل عنها .
والأدهى أن الإجابة عند كل الناس .. نعم ... نعم ... نعم , بادي الرأي ,
والحقيقة غير ذلك .
قد يجيب البعض كذباً , وقد يجيب البعض زوراً ,
وقد يتوقف آخرون لا يعرفون جواباً لتلك الأسئلة ... !!
فاللهم ارزقنا الصدق واجعلنا من أهله .

إخوتاه ..
إني والله أحبكم في الله , وإني والله ثم والله لكم ناصح أمين ,
وإني والله ثم والله , وتالله وبالله عليكم حريص ,
أقسم بالله إني أحب أن تدخلوا الجنة لذلك أحاول الضغط على الجرح النازف ,
سأجتهد في إيقاف نزيف دم الإيمان ,
وإن تألمت قليلاً فاصبر فستكون الثمرة كبيرة أكبر مما تتخيل ,
شيء من الصبر على ألم الضغط على الجرح لكي يوقف النزيف في
جسد الأمة النابض من شبابها الضائع ,
أين الشباب ؟ يا حسرة على الشباب !!
نعم أين الرجال ؟ يا حسرة على الرجال !!

إننا بحاجة إلى وقفة لنتدبر أصادقون نحن ,
أم نحن كاذبون ,لنتأمل كذبة كبرى كذبناها على الناس
فصدقناها وعشنا هذه الكذبة الكبيرة , نسأل الله أن يتوب علينا وعلى عصاة المسلمين .

إخوتي في الله .. إن معالجة الأخطاء بمنتهى الصراحة والوضوح والكشف جديرٌ بإيقافها عند حدها ,
أما التفاوض عن الأخطاء والتغافل عن الأمراض يُغرق السفينة ,
لا تكن كالذي يدفن رأسه في الرمال لكي
لا يرى خطأه , إننا بحاجة أن ننهى
عن المنكر قبل أن
تغرق السفينة .
فقبل أن تغرق السفينة في وسط همومك الشخصية
وقضاياك العائلية سأتدخل مضطراً لإنقاذ السفينة قبل أن تفرق .

إخوتاه ...

الصدق هو مفتاح السعادة .
فأصل السعادة أن ترضى عن الله , ويرضى الله عنك .

إنني اليوم أنادي الباحثين عن السعادة , هلموا إلى رب كريم يسعد قلوب عباده المؤمنين ,
نعم هلموا إلى رب كريم يسعد قلوب عباده المؤمنين ,
لقد جربتم المال فلم يجلب السعادة ,
وجربتم الجاه والمنصب والشهرة والمركز الإجتماعي وما حصّلتم سعادة ,
هلموا إلى الذي يملك السعادة , وهو ( الله ) وبالصدق تعيشون السعادة , والصدق معنى سامٍ عالٍ ,
قال تعالى:
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) التوبة: 119 .
وقال تعالى: ( وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ) الزمر: 33 .

إلى آخر الآيات التي تتحدث عن الصدق , ثم نبدأ نتحدث عن الصديقية ,
وصفات الصادقين وأحوال الصادقين مع الله , فنسمع الكلام ونُعجب به , نتمناه . ثم .. ثم ننام ,
فلا نصنع شيئاً , ولا نكون من الصادقين .

إخوتاه ..

لابد من علاج تربوي لهذه القضية , والعلاج نبدأ حين نقتنع - أولاً -
إننا كذابون , فنحاول أن نتعلم الصدق فنكون من الصادقين .وإننا بحاجة إلى رجال يتهمون
أنفسهم بالكذب ليستطيعوا الوصول إلى الصديقية ليكونوا مع الصادقين .انظروا إلى صنيع صحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ..

فعن حنظلة الأسيدي وكان من كُتّاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال:

" لَقِيَني أبو بكر فقال: كيف أنت يا حنظلة , قال: قلت:
نافق حنظلة , قال: سبحان الله ما تقول ؟ قال: قلت: نكون عند رسول الله
(صلى الله عليه وسلم) يذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأي عين فإذا خرجنا من عند رسول الله
(صلى الله عليه وسلم) عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات فنسينا كثيراً , قال أبو بكر: فوالله إنا لنلقى مثل هذا " .

وانظر إلى سلفنا الصالح ..

كان الحسن البصري - رضي الله عنه - يقول:
" كلما عرضت عملي على قولي تبين لي أنني كذاب خالص " .
وكان أيوب السختياني كلما قرأ قول تعالى
( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىٰ نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ ) محمد: 31 ..
يبكي ويقول: " يارب إن بلوت أخبارنا فضحتنا , هتكت أستارنا وتبين لك كذبنا " .

بهذه القناعة مع ذل النفس , سابقوا الصديقية حتى قال أبو مسلم الخولاني:
" أيظن أصحاب محمد أن يستأثروا به دوننا كلا والله لنزاحمنهم عليه حتى يعلموا أنهم خلفوا وراءهم رجالاً " .

هكذا يكون الأمر إخوتاه -
أمَّا إذا ظللنا نُحسِنُ الظن بأنفسنا ونُبدي قناعتنا بأننا من الصادقين , فهنا لن نحاول تحقيق الصدق ,
ولا تحصيل الصدق , لأننا - أصلاً - صادقون !!! .

أخي في الله ..

تعالى لنتدبر حالك ..

يقول بعض السلف:

" من ادعى محبة الله ثم مال بقلبه إلى الدنيا فهو كذاب ,
ومن ادعى الإخلاص ثم مال بقلبه إلى مدح الناس وذمهم فهو كذاب ,
ومن ادعى ابتغاء وجه الله ثم مال بقلبه إلى الراحة في الدنيا فهو كذاب , ومن ادعى اتباع النبي
(صلى الله عليه وسلم) ثم لم يتبعه في جميع الأحوال فهو كذاب , ومن ادعى التوكل على الله ثم تعلق قلبه بالأسباب فهو كذاب " .

هذا طرف من أحوال الكذابين , تعال نتأمل حالك لنضعك تحت جهاز كشف الكذب
, قبل ذلك اقترحنا من منظور إسلامي جهازاً لقياس
" ضغط الهم "
, واليوم نبحث عن جهاز لكشف الكذب .. أين هو ... ؟! .

إخوتاه ... القضية أن هناك قول وحقيقة , فلكل قول حقيقة فما حقيقة قولك (( ملتزم )) ؟!! ...

هـــنا وقفـــــات ......

يُتبع بإذن الله ... انتظرونـــــا

[jomana]

رد: قبل أن تغرق السفينة ..

طبتم وطاب ممشاكم وتبؤتم من الجنه منزلا ::........... .

أشهد الله -عزوجل- انى أحبك فى جلاله ، وأسأله -جل فى علاه- أن يظلنا تحت عرشه يوم لا ظل الا ظله .

جزاكى الله خيرا أختى " * أيه * "، الله العظيم أسأل أن يجعله فى ميزان الحسنات وأن يرزقنا جميعا الصدق ."انه ولى ذلك والقادر عليه" .

*** قال الله تعالى :: " مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً " (23) الآحزاب .


فأين نحن من هذه الآيه ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ .


اللهم استرنا واجعل لنا من تحت الستر ما ترضى به عنا .


والله المستعان .

[آية الله]

رد: قبل أن تغرق السفينة ..

ما شاء الله .. ولا حول ولا قوة الا بالله ..اللهم باااااااارك
رااااااائع جدااااا أختى الحبيبة : * آية *

جزاكِ ربي الكريم خيراً على اثارة هذه القضية الهامة .. و التى يعاني منها اغلب الملتزمون ..
و جزاكِ الله خيراً على نقلك لكلام الشيخ المربي الفاضل ..الشيخ يعقوب ..حفظه الله ..
الذي وضع يده علىالجُرح المُنِزف ,,

أسأل الله العظيم رب العرش العظيم ان يجعله في ميزان حسناتك ..و أن يرزقنا و إياكِ الاخلاص في القول و العمل و السر و العلن ,,,

و ما شاء الله ..تنسيق الالوان , و تنظيم الموضوع , و الخط يريح العين و يجذب القاريء على الاكمال ,و ديه طريقة مؤثرة .. أحيكِ عليها ,,

و بارك ربي فيكِ و نفع بكِ... ولا تتأخري في الجزء الثاني (( الموضوع مهم الحقي الناس و هيا سخنة ))

وفقكِ الله لما يحب و يرضى ,,,

[* آية *]

رد: قبل أن تغرق السفينة ..

جزانا وإياكِ أختي " jomana " ..

أحبك الذي أحببتنا فيه .. بارك الله فيكِ ونفع بكِ ..

جزانا وإياكِ أختي " آية الله " ..

بارك الله فيكِ ونفع بكِ ..

وجزاكِ الله خيراً على كلامك النافع وجزا الله شيخنا خير الجزاء ..

وبإذن الله سأضع الجزء الثاني غداً ..

لا عدمت تواجدكن الطيب ..

[* آية *]

رد: قبل أن تغرق السفينة ..

الوقفة الأولى

المُحب

" من ادعى محبة الله ثم مال بقلبه إلى الدنيا فهو كذاب " ..

هل تحب الله ؟! فالجواب: طبعاً طبعاً !!

أنت تزعم أنك تحب الله , فهل قلبك يميل إلى الدنيا ؟!

آه ... إذاً أنت كذاب كبير ..

يقول الله تعالى: ( وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ ) البينة:5 .

قال - جل شأنه -: ( ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) النحل: 123 .

وقال الله: ( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ) الروم: 30 .

أتدري ما معنى الحنيف ؟! , الحنيف: المائل: يعني مِلْ بِكَلِّيتك إلى الله عن كل ما سواه , ولأجل ذلك من لطائف الخلق أن القلب في الجهة اليسرى من الصدر مائل إلى جهة اليمين , أليس هذا عجباً ؟! أن القلب بأصل الخلقة مائل إلى اليمين , وكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يحب التيمن في شأنه كله .
فاللهم اجعلنا من أهل اليمين ..

أحبتي في الله ..

أُمرت أن تكون حنيفاً أي مائلاً إلى الله , فلو لم تمل بل إذا انضبطت في الوسط فأجبت أحداً كحب الله صرت مشركاً فلابد من الميل إلى ملك الملوك جل جلاله .

لذا قال المشركون في جهنم في قول الله تعالى: ( تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ ) الشعراء: 97- 99 .

نعم إننا بحاجة إلى أن لا نسوي أحداً مع الله , أنت الآن تسوي مع الله آلهة كثيرة ..

مثال آخر: يقول النبي (صلى الله عليه وسلم):

" كلمتان خفيفتان على اللسان , ثقيلتان في الميزان , حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده , سبحان الله العظيم " رواه البخاري ومسلم والترمذي .

تعال نضعك تحت جهاز كشف الكذب , هل هما خفيفتان على لسانك ؟ نحتاج إلى قياس . هاتان الكلمتان أخف على لسانك من اللغو ... من المسليات .. من الغيبة من النميمة ؟!! هل هما أخف على لسانك من كل فضول الكلام ؟!! .

(( حبيبتان إلى الرحمن ))

يا من تزعم حب الله هل تحب سبحان الله وبحمده , سبحان الله العظيم ؟! زعمت أنك تحبها , هل هي أحب إليك أو ولدك ؟! هي أحب إليك أو زوجتك ؟! هل هي أحب إليك أو مالك ؟! هل هي أحب إليك أو صحتك ؟! هل هي أحب إليك أم عينيك ؟! هل هي أحب إليك أو جاهك ؟! هل هي أحب إليك أو شهادتك ؟! أيهما أحب إليك ؟! .

ثقيلتان في الميزان , إذا وضعت سبحان الله وبحمده , سبحان الله العظيم في كفة , ومالك في كفة أيهما أثقل عندك ؟! .

إذا قلت: نعم خفيفة على لساني , حبيبة إلى قلبي , ثقيلة في ميزاني فلا يساوي معها شيء , يأتي سؤال بيان كشف الكذب , كم مرة قلت هذه الكلمة اليوم ؟!!

كم مرة في هذا الأسبوع ؟! كم مرة في الشهر الماضي , كم مرة قلتها في السنة ؟! إذاً أنت كذاب كبير !! نعم إننا بحاجة إلى وقفات مثل هذه لنتأمل صدقنا من كذبنا .

هذه أشياء يسيرة على الطريق , فهذا الذكر ليس فرضاً , وإنما هو نفل كما هو معلوم , ومن ترك قولها ليس بآثم , ولكن القضية أننا نتكلم عن الدرجات الرفيعة في الجنة ..

قيل للإمام أحمد: الرجل يملك ألف دينار ويكون زاهداً؟
قال: نعم , قيل: كيف ؟!
قال: إذا لم يفرح إذا زادت , ولم يحزن إذا نقصت ..

لا بأس أن تملك مليون أو عشرة ملايين بشرط أن تكون في يدك لا في قلبك .. أن لا تكون أحب إليك من الله تعالى , أن لا يكون قلبك أميل إليها من طاعة الله ... أن لا تفسد عليك دينك !! .
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا , وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا , وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا ...

يُتبع بإذن الله ... انتظرونـــــا

[* آية *]

رد: قبل أن تغرق السفينة ..

الوقفة الثانية

إرادة وجه الله

" من ادعى ابتغاء وجه الله ثم مال بقلبه إلى الراحة في الدنيا فهو كذاب " ..

أنت تبتغي وجه الله , إذاً لا فتور , ولا كسل , لا رجاء بلا عمل بل تواصل ودوام ..

انظر إلى سيد ولد عدنان محمد عليه وعلى آله الصلاة والسلام قام حتى تفطرت قدماه - يعني تشققت , قام حتى ورمت قدماه , قام حتى سالت قدماه دماً , بَلَّ الثرى بدموعه وهو ساجد , سجد حتى ظُنَّ أنه مات , خرج إلى صلاة الجماعة محمولاً على كتفي رجلين ورجلاه تخطان الأرض , بأبي أنت وأمي يا رسول الله , كان يُعد له في المجلس الواحد " رب اغفر لي وتب عليَّ إنك أنت التواب الرحيم " سبعين مرة .
فقيل له: قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟
قال: " أفلا أكون عبداً شكوراً " أخرجه البخاري ومسلم .

إنني أريد وأتحدى أن يرني أحدكم قدمه قد ورمت من طول القيام , أين الأقدام المتورمة من طول القيام ؟ أين الأشداق المتقرحة من كثرة الصيام ؟ أين الألسن اللاهجة بذكر الله ؟! أين القلوب المتوهجة بحب الله ؟! أين الأعين المتورمة من كثرة البكاء ؟!! .

أين الجباه المتقرحة من كثرة السجود ؟! أين الأيدي التي ذابت من كثرة الوضوء ؟! أين الأقدام التي تمزقت من السعي في سبيل الله ؟!أين وأين وأين ؟! .. يا حسرة على العُبَّاد !! أين العُبَّاد في عصرنا ؟! أين الذين يُستسقى بهم ... أين هم ؟! .

إننا بحاجة إلى دعاء من يعرفون كيف يستنزلون رحمات السماء , إننا بحاجة إلى المخبت الأشعث الأغبر الذي لا يُؤبه له , ولكنه لو أقسم على الله لأبره , نعم إن فينا مغرورين كُثر , متكبرين كُثر , معجبين كُثر , لا يعرفون كيف يدعون فضلاُ عن أن يستجاب له .

نعم ... أحبتي في الله إن من ابتغى وجه الله ليست له راحة في الدنيا قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: " لا مستراح للعبد إلا تحت شجرة طوبى " .

قيل للإمام أحمد: متى يذوق العبد طعم الراحة ؟!
قال: عند أول قدم يضعها في الجنة .

قيل لبعض السلف: ارفق بنفسك فقد أتعبتها .
قال: راحتها أريد !!! .

انظر إلى النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) , وهو يقوم ليلة بسورة البقرة , وآل عمران والنساء , هذا قيامه (صلى الله عليه وسلم) !! .

فعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال:

" صليت مع النبي (صلى الله عليه وسلم) ذات ليلة فافتتح بالبقرة , فقلت: يركع عند المائة , ثم مضى , فقلت: يصلي بها في الركعة , فمضى , فقلت: يركع بها , ثم افتتح النساء , فقرأها , ثم افتتح آل عمران , فقرأها , يقرأ مسترسلاً , إذا مر بآية فيها تسبيح سبح , وإذا مر بسؤال سأل , وإذا مر بتعوذ تعوذ , ثم ركع فجعل يقول: سبحان ربي العظيم , فكان ركوعه نحواً من قيامه , ثم قال: سمع الله لمن حمده , ثم قام قياماً طويلاً قريباً مما ركع , ثم سجد فقال: سبحان ربي الأعلى , فكان سجوده قريباً من قيامه " أخرجه مسلم .

فكيف صيامه (صلى الله عليه وسلم) ؟!

" يصوم حتى نقول لا يفطر , ويفطر حتى نقول لا يصوم " أخرجه البخاري ومسلم .. هذا صيامه .

فكيف ذكره (صلى الله عليه وسلم) ؟!

نزل عليه قول الله ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ) الأحزاب:42,41 .
أين الذكر الكثير ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) يؤثر عنه في كل حركة وسكنه ذكر لله ؟! .

أخي لماذا لا تقوم الليل ؟! يقول أتعب وأكد بالنهار فأحتاج إلى أخذ قسط من الراحة بالليل , وأنام لا أستطيع القيام , لا حول ولا قوة إلا بالله , إنه يقوم لعمله نشيطاً , ويظل في عمله مخلصاً , أما مع الله فيؤثر الكسل والتنازلات ,
رضي الله عن صحابة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) .. كانوا رهباناً بالليل فرساناً بالنهار !!! ..

يُتبع بإذن الله ... انتظرونـــــا

[المؤمنة بالله]

رد: قبل أن تغرق السفينة ..

أن شآء الله أختي
بارك الله فيكي
وجزاكي الجنه أن شآء الله

[إبنت عائشة]

رد: قبل أن تغرق السفينة ..

ما شاء الله جزاكِ ربي خيراً على المجهود الرائع ،وفقكِ الله لما يحبه ويرضاه وجعل هذا العمل في ميزان حسناتك؛متابعة ان شاء الله ........

[* آية *]

رد: قبل أن تغرق السفينة ..

وفيكِ بارك الله أختي " المؤمنة بالله " ..
أريد فقط أن أوضح أمراً بارك الله فيكِ عن قول " جزاك الله الجنة إن شاء الله " ..
وغيرها من الدعاء بما يشابها بقول " إن شاء الله " بعد الدعاء ..
وهو نقلاً لكلام الشيخ العلامة / محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - عندما سُئل:

ما حكم قول الإنسان في دعائه: " إن شاء الله " ؟
الجواب:
لا ينبغي للإنسان إذا دعا الله سبحانه وتعالى أن يقول: " إن شاء الله " في دعائه، بل يعزم المسألة ويعظم الرغبة، فإن الله سبحانه وتعالى لا مكره له، وقد قال سبحانه وتعالى: ( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ )، فوعد بالاستجابة، وحينئذ لا حاجة إلى أن يقال: " إن شاء الله " لأن الله سبحانه وتعالى إذا وفق العبد للدعاء فإنه يجيبه إما بمسألته، أو بأن يرد عنه شراً، أو يدخرها له يوم القيامة، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لا يقل أحدكم: اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت، فليعزم المسألة، وليعظم الرغبة فإن الله تعالى لا مكره له " .
فإن قال قائل: ألم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: للمريض: " لا بأس طهور إن شاء الله " ؟
فنقول: بلى ولكن هذا يظهر أنه ليس من باب الدعاء، وإنما هو من باب الخبر والرجاء وليس دعاءً، فإن الدعاء من آدابه أن يجزم به المرء، والله أعلم.
مجموع فتاوي ورسائل الشيخ محمد بن صالح العثيمين المجلد الأول - باب العبادة

جزاكِ الله خيراً أخيتي على المرور الطيب ونفع الله بكِ ..

جزانا وإياكِ أختي " إبنت عائشة " ..
وفقنا الله وإياكِ لما يحبه ويرضاه .. جُزيتِ خيراً كثيراً ..
لا عدمت دعائكم لي ولجميع المسلمين بظهر الغيب ..
دمتم في طاعة الله ..

[(فارس الإسلام)]

رد: قبل أن تغرق السفينة ..

أسجل متابعتي
وأسأل الله أن يجعله سبباً في تجديد الإيمان في قلوبنا .

[ام ميرهان]

رد: قبل أن تغرق السفينة ..

جزاك الله خيرا

[* آية *]

رد: قبل أن تغرق السفينة ..

أسأل الله أن يجعله سبباً في تجديد الإيمان في قلوبنا .

اللهم آمين ..

جزاك الله خيرا

وإياكِ أختي الكريمة ..

[* آية *]

رد: قبل أن تغرق السفينة ..

الوقفة الثالثة

الإخلاص

" من ادعى الإخلاص ثم مال بقلبه إلى مدح الناس وذمهم فهو كذاب " ..

إن المخلص لا يعبأ بمدح الناس ولا ذمهم , لا يميل بقلبه إلى مدح الناس وذمهم , فإنه مهما مدحه الناس , ومهما قالوا عن صدقه ..
فلن ينفعه إجماع الناس على صدقه , إذا كان عند الله كذاباً , وإذا كنت عند الله صادقاً فلن يضرك إجماع الناس على أنك كاذب , فكم من نبي وصفه أهل الضلال بالكذب , وما ضره ذلك بل هو عند الله صديق , وكم من مخلص لله أجمع أهل الضلال على كذبه , وهو عند الله أعلى قدراً وأرفع منزلة ..

أحبتي في الله ..

من ادعى الإخلاص إنما يخلص إبتغاء وجه الله , فإذا مال بقلبه إلى مدح الناس , عُلِمَ أنه لم يكن في عمله إخلاص ..
قال بعض السلف: " الصَّادقُ يجد حلاوة عمله قبل أن يعمله , والمخلص يجد حلاوة عمله بعد أن يعمله " .
فكما قال ابن القيم: " وذرة من حلاوة الإيمان لا تعدلها أمثال الجبال من ملذات الدنيا " .

دعك من الناس , وهل أضل الناس إلا الناس ؟! ..
قال تعالى: ( وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ) الأنعام: 116 .

الوقفة الرابعة

متابعة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)

" من ادعى اتباع النبي (صلى الله عليه وسلم) ثم لم يتبعه في جميع الأحوال فهو كذاب " ..

اشتهر اسم (( السُنية )) نسبة إلى السُّنة , فتعالوا لنتحرى أعمالنا وأقوالنا تحت مجهر السنة ..

أحوالك في ضبط المواعيد كيف هي ؟ قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم):

" آية المنافق ثلاثة: إذا حدث كذب , وإذا وعد أخلف , وإذا أؤتُمن خان " أخرجه البخاري ومسلم .

أين أنت من هذا في ضبط مواعيدك ؟! أين أنت من هذا في صدق وعودك ؟! أين أنت من هذا في كلام النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) ؟!

قس شيئاً آخر تعلمه أب من ابنه , أرسل الوالد ابنه إلى الكُتّاب , فبدأ يتعلم القرآن حتى إذا قرأ قول الله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا ) المزمل:2,1 .
قال يا أبت: ما معنى هذا الآية ؟ قال: الله يأمر نبيه (صلى الله عليه وسلم) أن يقوم الليل فيصلي إلا قليلاً , فقال يا أبت .. ومالي لا أراك تقوم ؟ قال يا بني: هذا خطاب للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم) .

هنا يهرب الأب من الصدق في الإجابة , حتى إذا قرأ الولد قول الله تعالى: ( كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ) الذاريات:18,17 .
قال: يا أبت: ما معنى هذه الآية ؟ قال: هذا وصف المؤمنين المتقين أهل الجنة , فقال:
يا أبت أتحب أن تدخل الجنة ؟! قال: نعم يا ولدي , قال: فَلِمَ لا أراك تقوم ؟! , فخجل الأب وقام يصلي ؟!! .

إخوتاه ..

كثيراً ما يُهَوِّن الناس الأشياء تحت مسمى السنة و فيزعمون أنَّ اللحية سنة - وهي فرض - ولكن جدلاً ( تنزلاً مع الخصم ) وإن كانت سنة أفنتركها تهاوناً بسنة النبي (صلى الله عليه وسلم) , ثم ندعي حب النبي , إن الذين يحبون المغنيين والممثلين أخلص لهم من حبك للنبي , فهم يتشبهون بهم في اللبس والكلام ..

إن النساء المتبرجات اللاتي يتابعن أحدث الموضات أخلص لمصممي هذه الأزياء من إخلاصك للنبي (صلى الله عليه وسلم) ..

قيام الليل نافلة , ليست فرضاً , فهل معنى أنها ليست فرضاً ألا نقوم الليل ؟! ..
صيام الإثنين والخميس نافلة أفمعنى ذلك أن نتركه ؟! ..
لماذا نترك السُّنة ؟!! ..

إنه أحد أمراض الأمة .. مرض الإستسهال .. , إننا بحاجة إلى علاج (( الجفاف )) في قلوب المسلمين , (( بمحلول السنة )) يشربه المسلمون ..

إذا سألتك هل قمت الليل ؟ هل استغفرت في السحر ؟ هل رددت الآذان - آذان الفجر - ودعوت للنبي محمد (صلى الله عليه سلم) بالوسيلة ؟! هل صليت سُنة الفجر ثم دعوت بين الآذان والإقامة ؟! هل حضرت في الصف الأول خلف الإمام ؟! هل اعتكفت إلى شروق الشمس ؟! هل قلت أذكار الصباح ؟! هل قرأت سورة الكهف ؟! هل أكثرت من الصلاة على النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) ؟! ..
هل بكرت إلى الصلاة فأنصت ولم تتخط الرقاب , ولم تؤذ المسلمين ؟! هل أنصت وفهمت ما سمعت , ونويت نية صالحة أن تعمل بما سمعت ؟!! ..

هذا هو هدي النبي (صلى الله عليه سلم) يوم الجمعة ...
كلها سنن عن النبي (صلى الله عليه وسلم) لكن لمَّا فرطنا مرة ... فالتفريط يجر إلى التفريط , ثم يقع التفريط في الفرائض ..

من ادعى حب النبي (صلى الله عليه وسلم) ثم لم يتابعه في جميع أموره فهو كذاب ..

قال سفيان: " إن استطعت ألا تحك رأسك إلا بأثر فافعل " ..
بمعنى إذا أردت أن تحك رأسك بيدك فاسئل: كيف كان يصنعها النبي (صلى الله عليه وسلم) ؟ ثم افعل كما فعل ..

.. اللهم ارزقنا اتباع السُّنة ..

يُتبع بإذن الله ... انتظرونـــــا

[طريق الجنه]

رد: قبل أن تغرق السفينة ..

اختى فى الله
حفظكى الله ورعاكى وجعل جنه الفردوس

ان شاء الله ماؤاكى

[* آية *]

الوقفة الخامسة

التوكل وتوحيد الربوبية

" من ادعى التوكل على الله ثم تعلق قلبه بالأسباب فهو كذاب " ..

توحيد الربوبية معناه توحيد الرب جل جلاله بأفعاله فهو الذي تكفل لعباده بقضاء حوائجهم وإعاشتهم ومعاشهم , فهو الله الملك المدبر - جل جلاله - ..

قال الله تعالى: ( وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ) هود: 6 .
قال ربي وأحق القول قول ربي: ( وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ ) الذاريات: 23,22 .

إخوتي في الله ..

إن الذي يعتقد أن الله رب الأرباب , أن الله رب العالمين , لا يتعلق قلبه بسبب , بل يعتقد قول النبي (صلى الله عليه وسلم):
" يا غلام احفظ الله يحفظك , احفظ الله تجده تجاهك , إذا سألت فاسئل الله , وإذا استعنت فاستعن بالله , واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك , وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء فلن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك , رُفعت الأقلام وجفَّت الصحف " أخرجه الترمذي .

تظن أنك تعتقد هذا , فلماذا مع أول إختبار يتبين كذبك .... ؟! .
أنت تقول لزوجتك عندما يكون لك خمسة أولاد , كفى هذا لكي أستطيع أن أربيهم , هل أنت الذي تربي ؟! .

أين رب العالمين , ألا تصدق قوله: ( وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ ) الإسراء: 31 .

هل قرأتها ؟! هل صدقتها ؟!

اسمحوا لي أن أقف وقفة , وإن طالت قليلاً فإنها قضية خطيرة جاءت أخيرة , وهي قضية النفاق الإعتقادي الذي لا يظهر إلا عند التمحيص والإبتلاء ..

(1) أعرف رجلاً كنا نظنه صالحاً , تبدو عليه بوادر الصلاح فيما يبدو للناس كان له أولاد يموتون , كلما أنجب ولداً يعيش أربع خمس سنين ويموت !! سنتين ويموت !! شهور ويموت ! عاش له ولد كان عمره ثمانية عشر عاماًُ , فلما بلغ هذا السن مرض , أسرع إلى الأطباء وجاء بالأدوية , وفجأة مات الولد , خرج الرجل , وهو يحمل زجاجات الأدوية ليقذف بها في السماء ويقول: لماذا تتسلط عليّ ؟! أنت تريد إذلالي ؟! إن أولاد الناس يعيشون ويحيون , لماذا أولادي ؟!
لا حول ولا قوة إلا بالله , كفر الرجل بالله , هذا مخزون استراتيجي في قلبه أصلاً , خرج عند الفتنة , اللهم استرنا في الدنيا والآخرة , واجعل تحت الستر ما ترضى به عنّا ..

لو ابتليت مثل هذا البلاء .. ماذا سيبدو ؟! وماذا سيظهر ؟! ..

(2) جاءني أحد الناس - وهذه قصص واقعية - طلق زوجته ثلاث طلقات , ثم بعد ذلك قال: ابحثوا لي عن حل , قلنا: ليس فيها حل , الألفاظ الصريحة في الطلاق لا يُسأل فيها عن النية , انتهت , قال: ماذا تعني ؟! قلت زوجتك طالق , فقال كيف , أنا سأتزوج والأولاد سيُربون .. نعم , ولكن ما بال هذه المسكينة ؟!!
لقد عاشت معي تسع سنوات , أين ستذهب ..
أقول له: ( وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ ) ليست مسئوليتك , إنها هي مسئولية الملك , يقول لا , لا تقل لي: ( وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ ) .. سبحان الله !! لا تصدق الله , لا ترضى بالله , وتشك في الله ؟! تسيء الظن بالله !! .

كثيراً ما ضربت لكم مثالاُ يبين الكذب , لو أن أحد المحسنين أعلن أن من سيأتي لصلاة الفجر قبل الآذان بساعة سيأخذ عشر جنيهات ذهب .. هل سيتأخر أحد ؟!! لا أعتقد ذلك ..

والله يقول كل ليلة: هل من سائل , قم وقل عشر جنيهات ذهب يا رب , هل الله قادر أن يعطيك ؟! نعم يعطيك إذاً صدقت الرجل , ولم تصدق الله .. !!

كان الناس يدفعون أموالهم لشركات توظيف الأموال مقابل ثلاثين بالمائة , والله يدعونا فيقول: ( وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ) سبأ: 39 .
سبعمائة في المائة ..

وللأسف المرير صدقنا شركات توظيف الأموال , ولم نصدق الله , ثم ندعي التوكل على الله ..
نعم .. إننا نحتاج إلى وقفة لنتبين هل نحن موحدون بتوحيد الربوبية , فإذا كنت حقاً موحداً فلماذا إذا ألزموك في عملك بحلق اللحية .. بترك صلاة الجماعة .. والعمل إلى أكثر وقت ممكن , حتى يضيع دينك , فلماذا تخشى فوات الرزق ؟!!

أتظن أنَّ الشركة ترزقك إنَّ الرزاق هو الله ..
لِمَ إذا كثر أولادك تخاف , أتشك أن الذي يطعمك وإياهم هو الله ؟! ..

تأتي المعونة على قدر المؤنة .. يا بني آمن بالله والله يعطيك , أصدق الله يصدقك , أصدق مع الله يعينك ويرفعك ..
نعم .. من ادعى توحيد الربوبية ثم تعلق قلبه بالأسباب فهو كذاب ..

ليس معنى هذا نفي الأسباب , بل عليك أن تسعى بجسدك , جمعها الله في آية: ( هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ) الملك: 15 .
(( فَامْشُوا )) هذا هو السعي في الأسباب , وأعقبها بقوله: (( وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ )) ,فلم يقل وكلوا من عرقكم أو جهدكم أو وظائفكم , أي أن الرزق بيد من ؟! بيد الله , ولكن هذا المشي في الأرض مجرد سبب نأخذ به , ولكن الرازق هو الله , (( وَإِلَيْهِ النُّشُورُ )) أي إلى الله راجع وسيحاسبك على سوء ظنك به ....

يا من أنت موحد تعلم توحيد الربوبية أحسن ظنك بالله , فالله يقول في الحديث القدسي: " أنا عند ظن عبدي بي , فليظن عبدي ما شاء " أخرجه الإمام أحمد .
ظُنَّ ما شئت , إن ظننت أنه سيجيعك فسوف يجيعك , وإن ظننت أنه سيحميك ويعطيك فلك ذلك .
قال الله عز وجل: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَٰذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) التوبة: 28 .
كان الإقتصاد القومي في مكة يعتمد على السِّياحة - يعتمد على من يأتون في الحج والعمرة - الله قال: لا تدخلوهم إنهم نجس , قالوا: إذاً سيدمر الإقتصاد في مكة , قال الله: ( وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ) ولكن لم يجعلها على سبيل الإلزام فقال: ( إِنْ شَاءَ ) ..

أخي اترك عمل الحرام , اترك الرزق الحرام , اترك الكسب من شبهة , وثق بالله , وتوكل عليه وسيعطيك , وإن لم يعطك فهذا ابتلاء .. ستجوع قليلاً ثم تنعم بالجنة طويلاً , قد تجوع , قد تقترض , وقد تتنازل عن بعض الكماليات , عن كل الكماليات , عن بعض الضروريات , ستتنازل عن المستوى الإجتماعي الذي كنت تعيش فيه , لابد أن تضحي حتى يرضى عنك الله ..

قال الله تعالى: ( قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ) التوبة: 24 ..

أحبتي في الله ....

هذا هو السؤال الذي يجب أن نسأله أنفسنا دائماً , نحن صادقون أم نحن كاذبون . نحتاج أن نصدق مع الله ليجعلنا الله مع الصادقين ..

.. اللهم اجعلنا من عبادك الصادقين ..

انتهى بفضل الله وكرمه ونعمته ..
أسأل الله أن يجزي شيخنا الفاضل - حفظه الله وأطال في عمره - عنّا خير الجزاء , وأن ينفعنا بكل ما نقرأ ونسمع ونقول وأن يعلمنا وإياكم من فضله , وأن يجعله حُجة لنا لا علينا ( يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) ..

.. لا عدمت دعائكم لي ولجميع المسلمين بظهر الغيب ..
.. دمتم في طاعة الله ..