السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد :
أهلًا وسهلًا ومرحبًا بإخواني وأخواتي وأهلي وأحبابي، وأسأل الله - سبحانه وتعالى- بأسمائه الحسنى وصفاته العلى الذي جمعني وإياكم في هذه الساعة المباركة على طاعته أن يجمعني وإياكم في جنته، ودار كرامته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، وبعد:
اليوم بإذن الله- تبارك وتعالى - إخوانا وأخواتنا بعد ما اتكلمنا على سعة رحمة الله - سبحانه وتعالى- الشيخ ذكر لينا باب فسماه: باب "فضل الخوف من الله - سبحانه وتعالى-" وده الأصل اللي احنا أصلنا ليه.
- الخوف والرجاء مقامان متلازمان
لا ينبغي على العبد أبدًا في طريقه إلى الله -سبحانه وتعالى - أن يعيش بالرجاء فقط، لأن من عاش بالرجاء فقط-والعياذ بالله- انتهك المحرمات، ومن عاش بالخوف فقط قنط من رحمة الله، ولا يصل العبد إلى مقام القرب من الله -سبحانه وتعالى - إلا إذا حقق مقام الرجاء ومقام الخوف، وكان مثاله في ذلك كمثل طائر يطير إلى مكان يأوي إليه له جناحان فكذلك أيضًا الإنسان لا يأوي إلى ربه -سبحانه وتعالى - إلا وهو بجناحين: جناح للخوف وجناح للرجاء.
· مقام الخوف
ذكر الشيخ في هذا الباب حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: أن النبي -صلى الله عليه وسلم - قال: "قال رجلٌ ، لم يعملْ حسنةً قط ، لأهلِه : إذا مات فحرِّقوه . ثم اذروا نصفَه في البرِّ ونصفَه في البحرِ . فواللهِ ! لئن قدر اللهُ عليه ... " قدر هنا مش بمعنى القدرة ولكن بمعنى قال الله - عز وجل -: "وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ" الطلاق: 7، أي ضُيق عليه "ليعذبَنَّه عذابًا لا يعذبُه أحدًا من العالمين، فلما مات الرجلُ فعلوا ما أمرهم، فأمر اللهُ البرَّ فجمع ما فيه، وأمر البحرَ فجمع ما فيه، ثم قال : لم فعلتَ هذا؟ قال : من خشيتِك . يا ربِّ ! وأنت أعلمُ " من خشيتك وأنت أعلم. أي ما صنعت هذا إلا من خوفي منك قال - صلى الله عليه وسلم - : "من خشيتك وأنت أعلم فغفر اللهُ له" صحيح مسلم، هذا هو مقام الخوف من الله -سبحانه وتعالى -
مقام الخوف اللي قال عنه ابن القيم - رحمه الله - هو من أجل منازل الطريق وأنفعها للقلب، من أجل منازل الطريق، أي طريقنا إلى ربنا - عز وجل - وأنفعها إلى القلب وهي فرض على كل أحد، قال الله عز و جل: "فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ " المائدة: 44 وقال الله - سبحانه وتعالى - : "إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ" المؤمنون: 57، وكان ابن قدامى - رحمه الله - يقول: الخوف هو سوط الله يسوق به العباد إلى المواظبة على العلم والعمل لينال العباد بهما، أي العلم والعمل منزلة القرب من الله سبحانه وتعالى.
إذا كأن الشيخ بيقولنا: باب فضل الخوف من الله -سبحانه وتعالى - وذكر هذا الحديث الذي فيه أعطى الله - سبحانه وتعالى- مغفرته لمن كان يخافه في الدنيا فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- ذكر لنا أحاديث كثيرة يوضح لينا عظيم فضل الخوف إذا نزل في قلب العبد، وعظيم الثواب الذي يأخذه العبد إذا نزل الخوف في قلبه وخاف من ربه -سبحانه وتعالى-.
- الخوف ثلاثة أنواع
بس قبل ما أذكر ليكم ما يتعلق بفضل الخوف لابد إن احنا نعرف إن الخوف على ثلاثة أنواع:
- النوع الأول: "خوف المعرفة"
وده بييجي كلما ازداد العبد معرفة بربه -سبحانه وتعالى - وكلما ازداد العبد قربًا بالمعرفة بأسماء الله -عز وجل -وصفاته وكلما تدبر العبد في آيات الله - سبحانه وتعالى -
في كونه أحد الشباب كان رافع في يوم من الأيام فيديو من الفيديوهات على بحيرة بركانية في أثيوبيا تقريبا وواحد بيرمي فيها حجر وبدأت إنه النيران يعني يأكل بعضها بعضا فلما ينظر الإنسان منا إلى هذا البركان العظيم سبحان الله قلبه يمتلئ خوفًا من ربه -سبحانه - لما نشوف سبحان الله زلازل مدمرة هنا أو هناك أو يرى الإنسان مثلًا "تسونامي" واحد واتنين وتلاته وعشرة وعشرات الأعاصير اللي بتكون بالصورة دي التي تغرق شواطئ يشوف اليابان بتغرق بتغرق في ثواني أندونيسيا بتغرق في ثواني شواطئ بتغرق في ثواني.
كلما ازداد الإنسان معرفة بأسماء الله سبحانه وتعالى وصفاته و كلما ازداد الإنسان معرفة برؤية هذه الآيات التي وضعها الله سبحانه وتعالى في كونه كلما ينظر الإنسان إلى حجمه مقارنة بالأرض والأرض مقارنة بالكوكب زي الشمس مقارنة بما يتعلق بالمجرة والمجرة دي وسط الكون لما الإنسان ينظر إلى هذه المجرة اللي احنا فيها العلماء بيقولوا فيها تلاتين نجم زي الشمس وأعظم من الشمس والمجرة بتاعتنا دي مجرة من وسط ستمائة مليون مجرة موجودة في الكون دول اللي هم اتشافوا بس دول اللي اتشافوا ستمائة مليون مجرة العلماء بيقولوا مع يعني اختراع مكبرات للصورة أكبر وأكبر من الممكن أن تصل عدد المجرات مائتين مليار مرة هذا الكون الهائل من المجرات والكواكب اللي موجودة في الكون الإنسان كلما نظر إليها يقول سبحان الله إذا كان هذا هو خلق الله فكيف بالله - سبحانه وتعالى- الله - سبحانه وتعالى - كلما نظر الانسان في هذه الآيات في هذا الكون ويرى إبداع الله -عز وجل- في خلقه ازداد خوفًا من الله -سبحانه وتعالى-ازداد خوفًا من الله.
فالنوع الأول: من أنواع الخوف اسمه خوف المعرفة وده بييجي من حاجتين كلما ازداد العبد ارتباطًا بأسماء الله وسماعًا عن الله وصفاته ازداد خوفا
الأمر التاني: هو ما يتعلق اخوانا واخواتنا برؤية آيات الله في الكون.
زلازل، أعاصير، ترى غضب الله على أقوام كيف صنع بهم ده النوع الأول من أنواع الخوف وهو خوف المعرفة.
النوع الثاني: "خوف المحبة"
يعني إيه خوف المحبة واحد بقى طائع عابد لله- سبحانه وتعالى- ما شاء الله قلبه قريب جدًا من الله -سبحانه وتعالى - وبعد فترة يرى إنسان أسبق منه التزامًا انتكس وأخت منتقبة دعت أخت للنقاب فلأخت التانيه انتقبت بعد فترة الأخت المنتقبة قلعت نقابها والعياذ بالله انتكست،
خوف المحبة أن تخاف أن يشوب العلاقة التي بينك وبين ربك شيء، فتلاقي نفسك ليل نهار تسأل ربك -عز وجل- الثبات وتسأل ربك عز وجل الإعانة وتسأل ربك -عز وجل - ألا يكلك إلى نفسك طرفة عين، والخوف ده اللي دفع النبي أنه يعلمنا في أذكار الصباح والمساء كل يوم نقول: "رب لا تكلني إلى نفسي طرفة عين" ده اسمه خوف المحبة.
- النوع الثالث: "خوف الوعيد"
خوف الوعيد الإنسان منا لما يقرأ آيات الوعيد اللي ربنا ذكرها في القرآن أو أحاديث الوعيد اللي النبي- صلى الله عليه وسلم- ذكرها في السنة، فيها ذكر النار، وعذاب النار، وأهوال النار فيها ذكر التشديد من الله - عز وجل - على أهل المعصية وغير ذلك ده يولد عند الناس خوف اسمه خوف الوعيد.
يبقى الخوف عندنا تلت أنواع "خوف المعرفة" ، "خوف المحبة" ،"خوف الوعيد".
احنا محتاجين من الثلاث أنواع من الخوف يبقوا مسيطرين على قلوبنا مسيطرين على قلوبنا ليه العلماء دايمًا بيتكلموا على مقام الخوف؟؟ علشان حاجتين:
1- الخوف ده دافع قوي لطاعة الله عز وجل
2- لأن الخوف ده مانع من معصية الله
أما أن يكون الخوف دافع لطاعة الله النبي يقول لنا في الحديث: " من خاف أدلج ، و من أدلج بلغ المنزلَ ، ألا إنَّ سِلعةَ اللهِ غاليةٌ ، ألا إنَّ سِلعةَ اللهِ الجنَّةُ "حسن لغير الألباني، اللي يخاف يمشي اللي يخاف هيتحرك يعني في طاعة الله عز وجل وقال الله عز وجل: "وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ" الرحمن: 46
" وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى" النازعات: 40 الخوف نهاه عن الهوى، عشان كده بقول لكم ده أنفع شيء لقلب الإنسان ليه؟؟ لأن قلب الإنسان محتاج لطاعة ويبعد عن المعصية، الخوف هو الصوت الذي يدفع الإنسان للطاعة ويحجبه عن المعصية، لذا جعل الله - سبحانه وتعالى- ونبيه-صلى الله عليه وسلم- أحاديث كثيرة في فضل الخوف الله-عز وجل - ذكر آيات كثيرة في القرآن في فضل الخوف منه -سبحانه وتعالى- وكذا النبي -صلى الله عليه وسلم-.
- فضائل الخوف:
تعالوا مع بعض نشوف فضل الخوف النهارده ايه، أول فضل من فضائل الخوف.
1- أن ينال صاحبه أن يكون يوم القيامة في ظل عرش الرحمن، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: " سبعةٌ يُظِلُّهمُ اللهُ في ظِلِّه يومَ لا ظِلَّ إلا ظِلُّه " منهم ".. ورجلٌ دعَتْهُ امرأةٌ ذاتُ منصبٍ وجمالٍ ، فقال : إني أخافُ اللهَ.." صحيح البخاري.
2- الخوف كانت ثمرته إيه إنه دفعه عن المعصية هي بتقوله هيت لك قالها لا لا لا إني أخاف الله -سبحانه وتعالى -.
3- رضا الله سبحانه وتعالى والله يا أخوانا ويا أخواتنا لن ننال أبدًا رضا الله -سبحانه وتعالى- في الدنيا ولا في الآخرة ولن يرضى الله عنا أبدًا إلا إذا نزلنا في هذا المقام مقام الخوف قال الله -سبحانه وتعالى- : "رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ"البينة: 8 اللي يخاف من ربنا ده اللي ربنا -سبحانه وتعالى- رضي عنه.
4- الجيل اللي ربنا -سبحانه وتعالى- يمكن له في الأرض ويستخلفه في الأرض الجيل اللي ربنا -سبحانه وتعالى- فعلًا يمكن له في الأرض هو الجيل اللي امتلأ قلبه بخوف الله - عز وجل- على مدار التاريخ الناس اللي قلوبها اتملت خوف من ربنا بس مش خوف من أي حد تاني دي الأجيال اللي ربنا يمكن لها، سحرة فرعون لما قالوا: " اقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا* إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى " طه 73:72، لما انتزع الخوف من قلوبهم من غير الله وأصبحت قلوبهم بس خايفة من ربنا -سبحانه وتعالى- كانت النتيجة قال الله -عز وجل- : " وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا " الأعراف: 137، الصحابة -رضوان الله عليهم- لما قلوبهم اتملت بالخوف من الله -سبحانه وتعالى- مكن الله لهم وده القانون اللي ربنا وضعه في الكون قال تعالى: "وَلَنُسْكِنَنَّـكُمُ الأَرْضَ مِن بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ" إبراهيم: 14 خاف مقامي وخاف وعيد، خاف مقامي: خوف المعرفة. خاف وعيد: خوف الوعيد اللي احنا ذكرناه الآن.
5- من علامات الإيمان خوف العبد من ربه: "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ" الأنفال: 2
6- من فضائل الخوف أنه يدفع الإنسان دفعًا لطاعة الله - عز وجل- من خاف أدلج أي عمل ومن أدلج بلغ المنزل أي بلغ الجنة.
7-كذلك أيضًا من فضائل الخوف المغفرة. زي الحديث اللي الشيخ ذكره الآن ومنه أيضًا قول النبي -صلى الله عليه وسلم - : "يعجَبُ ربُّكَ من راعي غنمٍ ، في رأسِ شظيَّةِ الجبلِ يؤذِّنُ بالصَّلاةِ ويصلِّي فيقولُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ انظروا إلى عبدي هذا يؤذِّنُ ويقيمُ الصَّلاةَ يخافُ منِّي قد غَفرتُ لعَبدي " صححه الألباني، سبحان الله أنت في مكان بعيد محدش شايفك ولا حد مطلع عليك فتترك المعصية لله فتقوم تطيع ربنا من خوف ربنا ربنا يغفر لك، قاعد في أوضتك قدام الكمبيوتر بتاعك نفسك راودتك على معصية معينة الخوف ملأ قلبك، امتنعت عن المعصية يغفر الله لك مش بقولكو مقام من أعظم المقامات اللي احنا محتاجين ننزل فيها.
قال النبي -صلى الله عليه وسلم -: "..ومن هم بسيئة.." أول حديث ذكرناه خالص "..فتركها قال الله: اكتبوها لعبدي حسنة فإنما تركها جراي أي من خوفي " كل ما الإنسان منا يمتلئ قلبه خوفًا من ربه -عز وجل- كلما كانت النتيجه أن الله يغفر له ما قد كان هذا الحديث في الباب النبي يقول: "لم يعمل خيرًا قط .."، عمره ما عمل خير ومع ذلك غفر الله له ليه؟؟ موقف واحد نزل فيه الخوف إلى قلبه فكانت النتيجة نال مغفرة الله عز وجل مش كده وبس بل والله إخوانا وأخواتنا الأمان الحقيقي في الدنيا والآخرة لا يكون إلا لعبد خاف من ربه -سبحانه وتعالى-.
8- وكلما ازداد الإنسان منا خوفًا من ربه كلما أمنه الله في الدنيا وأمنه الله في الآخرة قال الله -عز وجل -: "وعِزَّتِي لا أجمعُ على عَبدي خَوفيْنِ وأَمنيْنِ ، إذا خافَني في الدُّنيا أمَّنْتُه يومَ القيامةِ ، وإذا أمِنَني في الدُّنيا أَخَفْتُه في الآخِرةِ" حسنه الألباني، هذا الأمن اللي النبي عبر عنه بمعنى تاني إنك هتنجو في الدنيا والآخرة قال -صلى الله عليه وسلم-: " ثلاثٌ مُنجِياتٌ : خَشيةُ اللهِ تعالَى في السِّرِّ والعلانِيَةِ" حاجه تنجي العبد في الدنيا والآخرة.
9- مباهاة الله-عز وجل -لملائكته بمن خاف الله -عز وجل -، سبحان الله ممكن في يوم من الأيام تبقى راجع من شغلك تعبان ونمت على السرير بتاعك وبعد كده افتكرت الجنة فنفسك طاقت لها وافتكرت النار فنفسك خافت منها فقمت وتركت زوجتك وأهلك وقمت في البرد وعافرت في الميه الساقعه عشان تقدر تصلي ركعتين يقول نبينا -صلى الله عليه وسلم - : " عجِب ربُّنا من رجلَينِ : رجلٍ ثار عن وطائِه و لحافِه ، من بين أهلِه و حِبِّه إلى صلاتِه ، فيقولُ اللهُ جلَّ و علا : ( أيا ملائكتي ) انظروا إلى عبدي ثار عن فراشِه و وطائِه من بين حِبِّه و أهلِه إلى صلاتِه رغبةً فيما عندي"أي الجنة" ، و شفقةً "خوفا "مما عندي " حسن لغير الألباني، ربنا بيباهي به الملائكة الآن ليه؟ خايف من ربنا -سبحانه وتعالى- يبقى العبد في الأرض وأعلى الله ذكره في السماء العبد في الأرض ويثني الله عليه في السماء، مش كده وبس بل يكرم الله-سبحانه وتعالى- هذا الإنسان الذي عاش في الدنيا وقد امتلأ خوفًا من الله فكف جوارحه عن معصية الله فيكافئه الله -عز وجل- بأن تكون هذه العين اللي في يوم من الأيام دمعت من خشية الله أن لا ترى النار أصلًا يوم القيامة متشوفهاش حتى النار وهي بتمر على الناس كده ما شافوهاش حتى قول الله سبحانه : "وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا" مريم: 71 هم ماشافوهاش خرجوا منها آمنين قال -صلى الله عليه وسلم- :" لا تمسهما النار" وفي رواية "لا تمسهما النار أبدًا عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله" العين دي لا ترى النار أبدًا يوم القيامة أمن الله صاحبها.
أعظم شيء يحبه الله -سبحانه وتعالى- هو شيء بسيط يدل على إنك في يوم من الأيام كنت خايف من ربنا-سبحانه وتعالى - قال لنا حبيبنا -صلى الله عليه وسلم-: "ليس شيء أحب إلى الله من قطرتين وأثرين" ما فيش حاجة أحب لربنا من قطرتين وأثرين قطرة دم في سبيل الله، واحد في يوم من الأيام يقاتل في سبيل الله فتخرج منه قطرة دم ما فيش حاجه أحب إلى الله عز وجل من القطرة دي ودمعة نزلت من عين تخشى الله وأثرين أثر في سبيل الله وأثر إلى الصلاة أثرين تجاهد تركت بصمة على الأرض رجليك حطت بصمة على الأرض ده أحب أثر إلى الله أو وأنت رايح المسجد حطيت أثر على الأرض ده أحب أثر إلى الله ليس شيء أحب إلى الله من قطرتين وأثرين قطرة دمع من خشية الله وقطرة دم في سبيل الله والأثرين أثر للجهاد وأثر إلى الخروج إلى الصلاة.
أحبابي الكرام كل هذه الفضائل ربنا عز وجل يذكرها في القرآن ويذكرها لينا حبيبنا -صلى الله عليه وسلم - في السنة علشان يؤكد لينا على إن أهم الأشياء التي يصلح الله بها عبده ويصلح العبد بها نفسه ويصلح العبد بها قلبه، أن الخوف ينزل في قلوبنا بس لازم أحط نقطة مهمة جدًا إن الخوف عندنا نوعين خوف محمود وفي خوف عندنا مذموم:
- الخوف المحمود اللي يكون على قدر معين دافع إلى الطاعة مانع من المعصية.
- أما إن الخوف يصل في قلوب بعض الناس والعياذ بالله إلى مرحلة اليأس والقنوط ده الخوف المذموم اللي احنا مش عايزينه.
قال ابن القيم : "الخوف المحمود الصادق هو ما حال بين صاحبه وبين محارم الله فإذا تجاوز ذلك خيف من اليأس والقنوط" وقال –رحمه الله- "أن الخوف إذا أدى إلى القنوط واليأس من رحمة الله فهو مذموم..." بل اسمعوا اللي جية دي "بل هو إساءة أدب مع رحمة الله تعالى" بل هو إساءة أدب مع رحمة الله –عز وجل- التي سبقت غضبه وجهل من العبد بربه –عز وجل-، فمش عايزين الخوف يدفعنا أبدًا إلى القنوط واليأس، لا ده احنا عايزين الخوف اللي ياخد بإيدينا لطاعة ربنا –عز وجل-، بل وقال الإمام الحافظ بن رجب –رحمه الله- في كلام رائع له يقول : "والقدر الواجب من الخوف هو ما حمل على أداء الفرائض" –بيدفع للطاعة- واجتناب المحارم ويجيب الإنسان أو بياخد الإنسان بيبعد الإنسان عن معصية الله فإن زاد عن ذلك –بصوا بقي، بصوا الناس اللي فهمت الدين، بيقول يا جماعة القدر الواجب، الخوف الواجب علينا إنه أنا عندي خوف يدفعني لطاعة الله يمنعني من معصية الله –عز وجل- طيب إذا زاد الخوف ده بقي؟ قالك ممكن بقى يزيد هذا الخوف بحيث يكون باعثًا للنفوس على التشمير في نوافل الطاعات والإنكفاف عن دقائق المكروهات كان ذلك فضلًا محمودًا فإن زاد عن ذلك أورث مرضًا أو موتًا أو همًا لازمًا" كلمة ملهاش مثيل –ما شاء الله لا قوة إلا بالله-، ملهاش حل، ناس فاهمة الدين صح.
بيقولك يا سيدي القدر الواجب من الخوف إنه يكون دافع عن المحرمات يبعدك عنها, ويكون حامل علي أداء الواجبات, لو زاد إنه يخليك -ما شاء الله- تتمسك بالنوافل وحريص علي النوافل وتبتعد عن دقائق الأمور المكروهة، ده –ما شاء الله- يبقى فضل ومحمود، النع التالت : إنه لو زاد بقي عن الحد –عافاني الله وإياكم- إما أن يورث مرضًا أو موتًا أو يورث همًا لازمًا كما قال الحافظ بن رجب، -سبحان الله- جالها اكتئاب .. ليه؟؟ لأن خوفها زاد عن الحد، مش هو ده اللي ربنا –عز وجل- أمر به إن هو يأس أو قنط من رحمة الله –سبحانه وتعالى- وده مش اللي ربنا –عز وجل- أمر بيه، احنا محتاجين الخوف بدرجتيه إنه يكون في يوم من الأيام دافع كده لطاعة الله مانع من المحرمات، لو زاد شوية إنه يحثنا بقي على النوافل والحرص عليها والابتعاد عن دقائق المكروهات، ده هو الخير، ده اللي احنا عايزينه، أما الخوف اللي يورث –والعياذ بالله- موتًا أو مرضًا أو همًا لازمًا فهذا هو الخوف المذموم الذي لا يحبه الله –سبحانه وتعالى- ولا يرضاه.
إخوانا وأخواتنا الخوف من ربنا –سبحانه وتعالى- يعني شيء عظيم جدًا، سبحان الله ملأ الله –سبحانه وتعالى- قلوب الصالحين في كل زمان وفي كل مكان به، منهم النبي –صلى الله عليه وسلم- كان يقوم الليل يقرأ القرآن وفي صدره أزيز كأزيز المرجل ومع ذلك يطلع يقولنا أن الله –عز وجل- كتب كتابًا فكان من أول ما كتب أن رحمته غلبت غضبه أو سبقت غضبه، هنا النبي -صلى الله عليه و سلم- يقولنا إن أنا بالليل بقوم أصلي وعيني بتبكي وصدره فيه أزيز كأزيز المرجل وفي نفس الوقت بعد ما خلص أنا على كامل ثقة بأن الله –سبحانه وتعالى- رؤوف رحيم كريم لطيف بعباده –سبحانه وتعالى-، النبي –صلى الله عليه وسلم- كان دائمًا ما يغرس هذا في قلوب أصحابه، الخوف ده لما اتغرس في قلوب الصحابة –رضوان الله عليهم- وجدناهم دائمًا ما يتسابقون ويسارعون إلى طاعة الله –سبحانه وتعالى-.
- كيف يحصل الإنسان منا الخوف من الله –سبحانه وتعالى-؟
أحبابي الكرام كيف يحصل الإنسان منا الخوف من الله –سبحانه وتعالى-؟؟
1. الاستماع الكثير عن أسماء الله الحسنى وصفاته العلا
أرى –والله أعلم- أن من أهم الأمور التي تدفعنا إلى الخوف من الله –سبحانه وتعالى- إن احنا نستمع كتير عن أسماء الله –عز وجل- الحسنى وصفاته العلا، لازم كل واحد مننا النهاردة ينزل سلسلة من السلاسل التي تتعلق بأسماء الله الحسنى وصفاته العلا، ونبدأ نسمع هذه الأسماء وهذه الصفات، ونزداد معرفة بربنا سبحانه وتعالى-, فالإنسان منا كلما ازداد معرفة بربه زاد خوفًا من ربه –سبحانه وتعالى-، الملائكة لأنها أعرف الخلق بالله –سبحانه وتعالى- ازدادت خوفًا من ربها –سبحانه وتعالى- بل إن حبيبنا–صلى الله عليه وسلم- قال : "أن أعلمكم بالله وأشدكم له خشية" أعلمكم بالله، أكتر حد يعرف ربنا يعلم ربنا–سبحانه وتعالى- بأسمائه وصفاته كان النبي –صلى الله عليه وسلم- فقال : "أنا أعلمكم بالله وأشدكم له خشية" محتاجين إن احنا نسمع كتير كتير عن أسماء الله الحسنى وصفاته الحسنى.
2.مجالس الوعظ التي يكون فيها التخويف والرجاء
محتاجين أحبابنا الكرام مجالس الوعظ التي يكون فيها التخويف والرجاء، الاتنين مع بعض، سيدنا أبو هريرة وسيدنا حنظلة قال : "يا رسول الله إننا نكون معك فتذكرنا بالجنة والنار فكأن نراها رأي عين" زاد أبا هريرة "إنا لا نكون معك فتذكرنا بالجنة والنار فترق قلوبنا وتدمع عيوننا" محتاجين مجالس الوعظ دي اللي تعرفنا يعني إيه الخوف من الله –سبحانه وتعالى-، يقول العرباض بن سارية –رضي الله عنه- "وعظنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم- موعظة بليغة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون" حسن، وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون، قلوبنا ارتجفت، قلوبنا اتزلزلت، وعيوننا عمالة تبكي، منين؟؟ من مجالس الوعظ اللي النبي –عليه الصلاة والسلام- كان بيجلسها مع الصحابة.
3. مصاحبة أصحاب الخوف
مصاحبة أصحاب الخوف، أصاحب الناس اللي قلوبها مليانة خوف من ربنا –سبحانه وتعالى- لما يكون ليا صاحب بيغض بصره، فيقولي يا أخي ربنا شايفني، طول ما أنا مصاحب الشخص ده –سبحان الله سبحان الله- أنا والله العظيم كنت أغض البصر يعني لأن أنا اتعلمت من واحد صاحبي كده، واحد صاحبي كنت أسأله يا حازم إنت ليه مبتبصش لـ دي ومتبصش لـ دي؟ قال ياعم أنا أولًا خايف من ربنا، الأمر الثاني أنا بصتلها ومشت اتكتب في ميزان السيئات بتعتي إن أنا عملت سيئة وخلاص، ومشت واتحط عندي سيئة هقابل ربنا أقوله ايه؟،
فكان –سبحان الله- من الحاجات اللي –سبحان الله- فرقت مع الواحد كتير جدًا إن احنا نقعد مع الصحابة شوية بقي، نقعد مع الصحابة من خلال تراث الصحابة –رضوان الله عليهم- نشوف أبو بكر –رضي الله عنه- في خوفه من ربه –عز وجل- أزاي بيقوم الليل ويبكي بكاءً شديدً حتي قالت عائشة : "كان أبو بكر –رضي الله عنه- رجلًا أسيفًا إذا قرأ آيات الله لا يفهم ما يقرأ" من شدة خوفه من ربنا –سبحانه وتعالى-، ونشوف عمر –رضي الله عنه- لما كان يقول : "والله لو كانت لي قدم في الجنة وقدم في النار ما أدري ما يصنع بعمر، ليتني كنت شجرة تعضد" ياريتني كنت شجرة ولا كنت طائر ولا ولا، ليه؟ من خوفه لما كان يسمع "إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ * مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ" الطور 8:7 يقعد أسبوع في بيته مريض بعد ما يغشى عليه، بعد ما يسمع من هذه الآيات، نشوف الصحابة والتابعين وأتباع التابعين وأهل الخوف والخشية عاشوا أزاي في خوفهم مع ربنا –سبحانه وتعالى- أزاي.
4-الدار الآخرة
الدار الآخرة أهم الأمور التي تدفع الإنسان دفعًا إلى الخوف من الله –سبحانه وتعالى- أحبابي الكرام كان عثمان –رضي الله عنه- يقف على القبر وأول ما يقف علي القبر يبكي بكاء شديد، في ناس مبتحركهاش مبيملاش قلوبها خوف معرفة الله ولا مجالس الذكر بس لو غسل ميت في يوم من الأيام أو وقف على قبر في جنازة أو نزل قبر في دفنه، كيانه يتغير، كيانه يتشقلب، الخوف من الله –عز وجل- ذكر ما يتعلق بالدار الآخرة،
والذكر هنا معناه إما إن أنا أشوف بعينيه، أخش مغسلة أموات أو حد بيموت أروح أقف على غسله، أنزل أدفن حد، أروح أزور المقابر، أشوف حد مريض وهو بيتألم وهو في سياقة الموت ده يقذف في قلب الإنسان خوف، عثمان كان يقف قدام القبر يبكي بكاءً شديدً، يقولوا له : يا عثمان إذا ذكرت الجنة والنار لاتبكي هذا البكاء! فقال سمعت النبي –صلى الله عليه وسلم يقول-"القبر أول منزل من منازل الآخرة" حسن، فإذا مر هذا القبر وعدى ومبقاش فيه أي مشكلة خلاص ما بعده صعب، ما بعده أهون، ذكر الدار الآخرة .. ذكر الدار الآخرة.
5-السماع الكتير ورؤية الآيات
السماع الكتير ورؤية الآيات، يا ريت يا إخوانا والله تيجوا مثلًا "تسونامي مثلًا" وتشوفوا غضب الله –عز وجل-، آيات الله في الكون اللي تدل على غضب ربنا –سبحانه وتعالى- اللي تدل على غضب ربنا –سبحانه وتعالى-، تجيبوا مقاطع من سونامي وهو بيضرب الأراضي وبيغرق الناس، هاتوا الحاجات دي تزدادوا خشية من الله –سبحانه وتعالى-، لما تشوف ماء المحيط تحول لسواد وبيغرق اليابان تخاف من ربنا -سبحانه وتعالى-، لما تشوف بين عشية وضحاها زلزال يضرب بلد جاب عليها وطيها تخاف من ربنا –سبحانه وتعالي- خشوا النهاردة اكتبوا "قرية بومباي" وشوفوا غضب ربنا –عز وجل- لما نزل علي هذه القرية، شوفوا آيات الله –عز وجل- رأي عين، شوفوا أسماء الله الحسنى وصفاته العلا عن طريق أفعال الله –سبحانه وتعالى-، كده المسألة تتغير معاكم تمامًا.
6. الاستماع للمقاطع المتنوعة لشيخونا الأفاضل
آخر حاجة أنصحكم بيها ياريت تجيبوا المقاطع بتعت الشيخ صالح المغامسي، أو مشايخنا الفضلاء اللي – ما شاء الله- نحسبهم، نحسبهم ولا نزكي على الله أحد قلوبهم مليانة خوف من ربنا –سبحانه وتعالى- اسمعوها مرة واتنين وثلاثة وأربعة، صدقوني والله تجدوا أن الله –سبحانه وتعالى- يقذف في قلوبكم الخوف والخشية منه –سبحانه وتعالى- دي كانت رؤوس أقلام أزاي نخاف من ربنا –سبحانه وتعالى-، وأسأل الله –سبحانه وتعالى- أن يملأ قلوبنا بخشيته والخوف منه –سبحانه وتعالى- هذا وصلى الله على نبيينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
مقطع لماذا الخوف من الله؟ -الشيخ أحمد جلال - من دورة عن رب العزة
إنتاج فريق عمل المونتاج
https://www.youtube.com/watch?v=ifqV4f9-zp4
تعليق