السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حياكم الله وبياكم
الإخوة الأفاضل والأخوات الفضليات: يسر فريق التفريغ بشبكة الطريق إلى الله
أن يقدم لكم:
تفريغ حلقة ::الإخلاص:: للشيخ أحمد جلال من دورة عن رب العزة
لتحميل التفريغ بصيغة pdf منهنا
وإليكم نص التفريغ:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، أما بعد:
أهلًا وسهلًا ومرحبًا بإخواني وأخواتي وأهلي وأحبابي وأسأل الله سبحانه وتعالى الذي جمعني وإياكم في هذه الساعة المباركة على طاعته أن يجمعني وإياكم في جنته ودار كرامته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحَسُن أولئك رفيقًا، وبعد:
أهمية سنة النبي وفضل نشرها وتعليمها للناس
هذه المحاضرة الأولى من محاضرات شرح الأحاديث القدسية، ولازم في البداية أقول حاجة مهمة جدًّا أحبابي الكرام "تبليغ سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى الناس أعظم عند الله -عز وجل- من تبليغ السهام إلى نحور الأعداء، وذلك لأن تبليغ السهام إلى نحور الأعداء يقوم به كل أحد، وأما تبليغ سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى الناس فلا يقوم به إلا خلفاء الأنبياء وأتباعهم في أمورهم".
هذه كانت كلمة لابن القيم -رحمه الله- وهو يتكلم فيها عن قضية نشر السنة والاهتمام بتليغ سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- للخَلْق، أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا وإياكم من هؤلاء الذين يبلغون السنة إلى الناس في كل زمانٍ وفي كل مكان، اللهم آمين.
أحبابي الكرام سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- منهج حياة، سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- منهج حياة، ونشر الأحاديث بين الناس حياة فعلًا للناس، الله -عز وجل- قال:
"اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ" الأنفال:24، فكل حديث ذكَرَه النبي -صلى الله عيه وسلم- من نفسه أو ذكره عن ربه -سبحانه وتعالى- هذا فيه الحياة الطيبة؛ لذا كان ابن القيم -رحمه الله- يقول: "إن الحياة الطيبة إنما يأخذ الإنسان منها بقسط وافر على قدر تمسُّكه بالسنة، فكلما كان أكثر تمسُّك بالسنة كلما كان أكثر حياة وأفضل حياة في الدنيا والآخرة".
"عن رب العزة" دورة لشرح الأحاديث القدسية
وزي ما بدأنا بفضل الله هذا الجهد من فترة فيما يتعلق بنشر سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما يتعلق بشرح كتاب الأدب المفرد للإمام البخاري -رحمه الله- قبل عام من هذا الوقت تقريبًا، نبدأ اليوم بإذن الله –عز وجل- في منهج آخر متعلق أيضًا بنشر السنة بين الناس ونشر الأحاديث القدسية..
وسنعتمد في ذلك بإذن الله –عز وجل- على كتاب شيخنا الفاضل الشيخ مصطفى العدوي، أسأل الله –عز وجل- أن يحفظه وأن يبارك فيه وفي ماله وأهله وولده وعلمه، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعله دائمًا زخرًا للإسلام وزخرًا للمسلمين، جزاه الله –عز وجل- عنا خيرًا.
هنبدأ إن شاء الله هذا الكتاب والشيخ -رحمه الله- سار في هذا الكتاب على نفس المنهج الذي سار عليه المحدثين في كتبهم، فبدأ أول ما يتعلق بالكتاب بما يتعلق بالنوايا، وهذا هو فِعْل كثير من المصنفين السابقين على رأسهم طبعًا الإمام البخاري -رحمه الله- عندما صَدَّر صحيحه بحديث "إنما الأعمال بالنيات..".
الحكمة من البدء بحديث يتعلق بالنوايا:
1- لأن بالنية يصلح العمل أو يفسد
وهنا عايزين نطرح على أنفسنا سؤال: هوليه الشيخ بدأ كتاب الأحاديث القدسية بما يتعلق بالنوايا؟ ليه بدأ الشيخ هذا الكتاب بما يتعلق بالنوايا؟
نقول أولًا لأنَّ بالنية يصلح العمل وبدون النية أو بفساد النية يفسد العمل.
للناس طريقتان في أعمالهم:
الطريقة الأولى: من اهتموا بإخلاص النية فظفروا بالقبول
أحبابي الكرام، الله -سبحانه وتعالى- وضح لينا طريقتين للناس في حياتهم:
أما الطريقة الأولى: طريقة مَن اهتم جدًّا بالنوايا قبل الأعمال، ناس اهتمت جدًّا بنواياهم قبل الأعمال، ودول اللي ربنا -سبحانه وتعالى- قال في شأنهم -طبعًا مع عموم الآية مش مع خصوص السبب-: "إِن يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا" الأنفال:70.
لو ربنا -عز وجل- اطَّلع على قلوبنا فرأى فيها إخلاص له -سبحانه وتعالى- سيؤتِنا خيرًا،كما قال ربنا -عز وجل- أيضًا في سورة الفتح، قال ربنا -تبارك وتعالى-: "لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ" الفتح:18، قال أهل التفسير: "أيْ مِن إخلاص" "فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا" الفتح:18، فالله -سبحانه وتعالى- رَضِيَ عنهم، أثابهم الفتح -سبحانه وتعالى-، أنزل السكينة عليهم، كل ده لأمر واحد بس: أنه -سبحانه وتعالى- علم من قلوبهم الإخلاص، فصلاح الأعمال إنما يكون بصلاح النوايا، وفساد الأعمال إنما يكون بفساد النوايا.
الطريقة الثانية: مَن فسدت نيتهم فحبط عملهم
قارنوا أحبابي بين هاتين الآيتين وبين قَوْل الله -سبحانه وتعالى-:
"وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً" الفرقان: 23، مِن أول مَن يدخل في هذه الآية هو مَن يتعلق والعياذ بالله بمن فسدت نواياهم كما سيأتي الآن.
كذلك أيضًا إخواننا وأخواتنا قال الله -سبحانه وتعالى-: "وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ * تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً" الغاشية 4:2فهي عَامِلَةٌ و نَاصِبَةٌ، عملت في الدنيا واجتهدت، اجتهدت في أعمال خير كتير جدًّا جدًّا جدًّا، اشتركت مع جمعيات خيرية، صلت قيام ليل كتير، قرأت قرآن كتير، طافت على المساجد لتُعَلِّم الناس، ومع ذلك قال الله سبحانه وتعالى: "عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ" ومع ذلك قال: "تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً"..
قال أهل التفسير: "تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً؛ لأنها لما عملت ونصبت كانت ذات نوايا فاسدة" نواياها كانت فاسدة؛ فالأعمال دي كلها مانفعتهم في شيء، قال ربنا -تبارك وتعالى-: "قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالا *الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا" الكهف:103،104.أول مَن يدخل في هذا الصنف بعد الشرك -والعياذ بالله- هو ما يتعلق -عافاني الله وإياكم- بمسلم اجتهد في أعمالٍ صالحة كثيرة جدًّا ولكن بنوايا فاسدة، ما عملها ابتغاء مرضات الله -سبحانه وتعالى-؛ ففسدت أعمالهم بفساد نيتهم.
يبقى أول نقطة مهمة جدًّا لازم نتكلم فيها هو ليه الشيخ بدأ الكتاب معانا بما يتعلق بمسائل النوايا؟ لأن بالنوايا تَصْلح الأعمال أو تَفْسد الأعمال.
2- بسبب الفضل العظيم لإخلاص النوايا لله
وده اللي يخلينا نتكلم في جزئية تانية وهي ما تتعلق بفضل الإخلاص، الإخلاص إخواننا وأخواتنا -وأنا أرجو إنّ احنا نكون متابعين كده؛ لإنّ كمية الأحاديث اللي هيتشرح بيها الأحاديث ستفوق بإذن الله عز وجل أكثر من 1500 حديث هيتحطوا على الأحاديث اللي الشيخ ذكرها، كل مرة هنحط كميات كبيرة جدًّا من الأحاديث، تبقى خلاص محاولة كده إنّ الشيخ اتكلم على الأحاديث القدسية المتعلقة بالإخلاص هنجمع احنا برضو الأحاديث الأخرى اللي اتكلم فيها النبي صلى الله عليه وسلم عن الإخلاص ونضع ده كله في باب واحد وبالتالي أنا أقدر أفهم كل ما يتعلق بباب النوايا-.
مايتعلق بفضل الإخلاص، الإخلاص إخواننا وأخواتنا من الأعمال العظيمة جدًّا التي -كما قلت لكم- بها تصلح الأعمال أو تفسد، بصوا على قَدْر ما يرى الله -عز وجل- في قلوبنا من الإخلاص على قدر ما يكون قدر عطاء الله -سبحانه وتعالى- لعباده، كلما زاد الإنسان منا في إخلاصه كلما كان فضل الله -عز وجل- عليه عظيمًا.
تعالوا مع بعض نشوف تاني جزئية معانا في درس النهاردة، وهي فضل الإخلاص وبعد كده نخش على كلام الشيخ في ذِكْرِه لهذه الأحاديث.
الفضل الأول: الإخلاص سبب في تفريج الكربات
أول فضل من فضائل الإخلاص إخواننا وأخواتنا: أنَّ الله -سبحانه وتعالى- يفرج به الكربات عن العباد، كلما كان الإنسان أشد إخلاصًا وأكثر إخلاصًا لله -سبحانه وتعالى- كلما كان إخلاصه هذا سببًا عظيمًا من الأسباب التي بها يدفع الله -عز وجل- عن العبد النقم، ويدفع الله -سبحانه وتعالى- عن العبد الكربات.
كام من إنسان وقع في كربة من الكربات فما نجاه الله -عز وجل- في هذه الكربة إلا بإخلاصه لله -سبحانه وتعالى-، وإنَّ من أصرح مايدل على ذلك ما رواه البخاري ومسلم في صحيحهما من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "انطَلَق ثلاثةُ رهْطٍ ممن كان قبلَكم؛ حتى أووا المبيتَ إلى غارٍ، فدخلوه، فانْحدَرتْ عليهم صخرةٌ من الجبلِ، فسدَّتْ عليهم الغارَ، فقالوا: إنه لا يُنجيكم من هذا الصخرةِ إلا أن تدعوا اللهَ بصالحِ أعمالِكم.." حسنه الألباني.
كل واحد منكم يدوَّر على أكتر عمل كان مخلصًا فيه لربه -سبحانه وتعالى- ويتوسل إلى الله -سبحانه وتعالى- بإخلاصه في هذا العمل، عندها تكون المسألة الحتمية أنْ يرفع الله -عز وجل- عنهم هذه الشدة وهذه الكربة؛ لذا كان كل واحد منهم بعد ما بيذكر العمل يقول: "اللهمَّ إن كنتُ فعَلتُ ذلك ابتغاءَ وجهِك ففرِّجْ عنا ما نحن فيه من هذه الصخرةِ"..
فتوسل إلى الله -عز وجل- الآن بأمرين: بعمله الصالح، وبإخلاصه في هذا العمل الصالح، ومِن حكمتهم أنَّهم قَدَّموا الإخلاص على العمل، "اللهمَّ إن كنتُ فعَلتُ ذلك ابتغاءَ وجهِك ففرِّجْ عنا ما نحن فيه" دي من حكمتهم إنّ هُمَّا قالوا من البداية، أعقلهم قال: "إنَّه لا يُنجيكم من هذا الصخرةِ إلا أن تدعوا اللهَ بصالحِ أعمالِكم" وييجي النبي صلى الله عليه وسلم ينقل لنا هذا الحديث علشان يقولّنا كرباتكم كذلك أيضًا لن تُفرج إلا بخالص أعمالكم.
الفضل الثاني: الإخلاص أساس الإيمان
كذلك أيضًا النبي -صلى الله عليه وسلم- لما أراد إنُّه يوضح للصحابة في يوم من الأيام معنى الإيمان فمقالش صلاة ولا صيام ولا زكاة ولا حج، ولكن النبي باختصار قالُّهم اللي عايز يكون مؤمن حقًا فالإيمان عندنا يساوي إخلاص، كلما كنت مؤمنًا كلما كنت مخلصًا، وكلما ازددت إخلاصًا كلما ازددت إيمانًا.
كما ثبت من حديث أبي فراس -رضي الله عنه- قال: "نادى رجلٌ فقال يا رسولَ اللهِ ما الإيمانُ قال الإخلاصُ" حسنه الألباني، حديث عجيب إنّ النبي يعني بيقولُّه، هو النبي ماعرفلهوش الإيمان بالأعمال -وإنْ كان في أحاديث أخرى كان عرفهم الأعمال- ولكن النبي هنا قالُّهم إنّ مش الأعمال لوحدها هي التي تدل على إيمان العبد، ولكن إخلاص العبد في هذه الأعمال..
هو دا اللي يدل على الإيمان، إنّ العبد يبتغي بعمله وجه الله -سبحانه وتعالى- هو ده الإيمان، وإلا يا إخواننا وأخواتنا في حديث أول من تسعر بهم النار عالم قارئ للقرآن، ومجاهد ورجل منفق ومع ذلك هل أعمالهم نفعتهم؟
ما نفعتهم هذه الأعمال، وكانت الأعمال دي سبب إنُّهم يخشوا جهنم -والعياذ بالله- ليه؟ لإنّ إخلاصهم ماكنش موجود.
لذا النبي -صلى الله عليه وسلم- أراد إنُّه يوضح إنّ حقيقة الإيمان الإخلاص، الإخلاص في هذه الأعمال "يارسول اللهِ ما الإيمانُ قال الإخلاصُ" حسنه الألباني.
الفضل الثالث: الإخلاص طهارة للقلوب
الفضل التالت أحبابنا الكرام في كتير من الأوقات الإنسان منَّا ممكن يعمل عمل ما، ممكن يطلع يخطب خطبة وبعد الخطبة ييجي واحد مثلًا ايه يقولُّه ايه ياعم الخطبة دي ياعم، الخطبة دي مكررة وسمعناها قبل كده، فتلاقيه يتضايق جدًّا ويزعل جدًّا وقلبه يمتلئ غلًّا وحقدًا وغيظًا؛ بسبب الراجل ده، وييجي واحد تاني يقولُّه دا الخطبة دي كانت رائعة، قلبه يمتلئ فرحة وسعادة وسرور..
الشاهد خطبة واحدة ممكن تملأ القلب غل من واحد في يوم من الأيام جه ينصحني، سبحان الله من أكتر الأشياء التي يُطَهّر الله -سبحانه وتعالى- بها قلب العبد، فلا يُملأ غلًّا ولا حقدًا ولا حسدًا إخلاص العمل لله، أنا أصلًا لو طالع أخطب هذه الخطبة أبتغي بها وجه الله -سبحانه وتعالى- لن ألتفت لكلام أي حد لا ذمًا ولا مدحًا، الاتنين أصلًا عندي متساويين؛ لإنّ أنا أبتغي بالخطبة وجه الله، ما تكلمت إلا أبتغي بها وجه الله -سبحانه تعالى-.
لذا قال -صلى الله عليه وسلم-: "ثلاثٌ لا يغلُّ عليهنَّ قلبُ مسلمٍ: إخلاصُ العملِ للهِ.." حسنه الألباني، قلبك أبدًا عمره ما يتغير من حد نصحك بالخير أو بالشر لا يتغير أبدًا؛ لإنّ اللى بيعمل عمل مخلص خالص لوجه الله -سبحانه وتعالى- لا يلتفت أبدًا لمثل هذه الأمور.
الفضل الرابع: الإخلاص عصمة من الفتن
كذلك أيضًا من أعظم فضائل الإخلاص إخواننا وأخواتنا أن الله -سبحانه وتعالى- يعصم بها العبد من مواطن الفتن، وكلما كان العبد أكثر إخلاصًا لربه -عز وجل- كلما كان هذا العبد أكثر طهارة في قلبه وحياته من الفتن ماظهر منها وما بطن.
الله -سبحانه وتعالى- لما أراد إنُّه يوضح لينا لماذا صُرِفَت أعظم فتنة ابتُلِيَ بيها يوسف -عليه الصلاة والسلام- فتنة المرأة ذات المنصب والمال والجمال التي دعته إلى الفاحشة وقالت "هَيْتَ لَكَ" يوسف:23قال: "كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء" ليه يارب؟ قال: "إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ" يوسف:24هو أصلًا كان مخلص؛ ولإخلاصه صرف الله -عز وجل- عنه الفتن، صرف الله -عز وجل- عنه الشهوات، عصمه الله –عز وجل- من الوقوع في الحرام، بسبب ايه؟ بسبب إخلاصه لربه سبحانه وتعالى.
الفضل الخامس: الإخلاص شرط قبول الأعمال
الأمر الخامس: قبول الأعمال، الأعمال متوقف قبولها إخواننا وأخواتنا على شرطين: إخلاصنا لله -سبحانه وتعالى-، ومتابعتنا للنبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لذا قال -صلى الله عليه وسلم- في حديث الضحاك بن قيس، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أيها الناسُ أخلِصوا أعمالَكم؛ فإنَّ اللهَ -تبارك وتعالى- لا يَقبلُ من الأعمالِ إلا ما خلُصَ له" حسنه الألباني. أيْ كان خالصًا لوجه الله -عز وجل-، أيها الناس أخلصوا لله -عز وجل- في أعمالكم؛ فإن الله -عز وجل- لا يقبل من الأعمال إلا ما خَلُص.
وفي حديث أبي أمامة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصًا وابتُغِيَ به وجهه" حسنه الألباني، فقبول الأعمال متوقف على الإخلاص.
الفضل السادس: بإخلاصنا يكتب الله لنا أجر الأعمال التي عجزنا عن فعلها
كذلك أيضًا بإخلاصنا لله -سبحانه وتعالى- يكتب الله -سبحانه وتعالى- لنا كثير من الأعمال ممن عجزنا عن تحقيقها، ممن عجزنا عن العمل بها.
في كتير من الأوقات كم أتمنى إنّ يكون عندي أموال كتيرة جدًّا وأنفقها في سبيل الله، في كثير من الأوقات كم أتمنى أن أكون كداعية إلى الله -عز وجل- إنُّه يفتح لنا الباب ويُرفع عنا التضييق؛ لندور على شوارع مصر وحارات مصر ونوادي مصر وجامعات مصر؛ لنعلم الناس الخير، كم نتمنى ذلك والله إن خلصت نياتنا في ذلك فإن الله سبحانه وتعالى يعطينا الأجر وإنْ لم نحقق العمل.
يخرج النبي -صلى الله عليه وسلم- في تبوك، ولما يخرج النبي -صلى الله عليه وسلم- في تبوك في طريق عودته يقول: "إنَّ بالمدينةِ أقوامًا، ما سِرتُم مسيرًا، ولا قطعتُم واديًا إلا كانوا معكم. قالوا: يا رسولَ اللهِ، وهم بالمدينةِ؟ قال: وهم بالمدينةِ، حبسهُمُ العذرُ" صحيح البخاري.
وقال -صلى الله عليه وسلم-: "مَن سأَل الشَّهادَةَ بصِدقٍ، بلَّغه اللهُ مَنازِلَ الشُّهَداءِ، وإنْ مات على فِراشِه" صحيح مسلم. وقال -صلى الله عليه وسلم-: "من أتى فراشَهُ وَهوَ ينوي أن يقومَ فيصلِّيَ منَ اللَّيلِ فغلبتْهُ عينُهُ حتَّى يصبحَ كتبَ لَهُ ما نوى وَكانَ نومُهُ صدقةً عليْهِ من ربِّهِ" صححه الألباني.
الفضل السابع: ينال المخلِص الشرف في الدنيا والآخرة
كذلك أيضًا إخواننا وأخواتنا من أعظم الأمور التي به ينال العبد الشرف في الدنيا والآخرة الإخلاص، الإخلاص فإن العباد يوم القيامة يُبعثون على نياتهم كما قال -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّما يُبْعَثُ الناسُ على نِيَّاتِهمْ" حسنه الألباني.
يبقى إذن ليه الشيخ بدأ بالإخلاص مع بداية الدرس، مع بداية الكتاب؟ من أجل هذه الأمور كلها، وتحصيل كل هذه الفضائل من وراء الإخلاص.
نص الحديث الأول:
أول حديث ذكره لنا الشيخ وهو حديث أبو هريرة -رضي الله عنه- وذكر الشيخ له روايتان، حديث أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: إن الله -عز وجل- إذا أراد.. يقول الله عز وجل -ده أول حديث قدسي معانا-:
"إذا أراد عبدي أن يعمل سيئة فلا تكتبوها عليه حتى يعملها، فإن عملها فاكتبوها بمثلها، وإن تركها من أجلي فاكتبوها له حسنة، وإذا أراد أن يعمل حسنة فلم يعملها فاكتبوها له حسنة، فإن عملها فاكتبوها له بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف" صحيح البخاري، وفي رواية أخرى: "إلى سبعمائة ضعف في أضعاف كثيرة".
هل يُجازى الإنسان على ما يدور في خاطره؟
نركز بقى مع بعض في هذا الحديث علشان ناخد منه بعض هذه المعاني، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- قال الله -عز وجل-: إذا أراد العبد أن يعمل حسنة، أو أن يعمل سيئة.. نضع هنا سؤال: وهل يا ترى يُجازى الإنسان على ما يدور في خاطره؟ هل أنا بأُجازى على ما يدور في خاطري؟ كل ما يدور في بالي أنا أُجازى عليه؟
لابد إنّ احنا نعرف أولًا إنّ ما يدور في خاطر الإنسان على صورتين: مجرد هَمّ أو يتحول هذا الهم إلى عزم، فلازم نفرق بين الحاجتين دول.
الفرق بين الهم والعزم وما نُحاسَب عليه منهما
أما مَن هَمَّ بشيء مجرد هم دار على خاطره، طلب من النفس، أو وسوسة شيطان، ولم ينظر الإنسان له فإن الله -عز وجل- لا يحاسبه عليه، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها.." ربنا تجاوز عن هذا "..ما لم تعمل أو تتكلم" صحيح البخاري، ما لم تقل به أو تعمل ده تحوُّل الهم إلى عزم، بدأت النهاردة النية أو الهم اللي حصل ده يتحول إلى كلام أو فِعَال خلاص ماعادش مجرد هم ده عاد مجرد فِعَال.
لذا ربنا -عز وجل- لما قال "وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ" يوسف:24،همها بيه كان أقوال وفِعال، همها بيه كان "غَلَّقَتِ الأَبْوَابَ" يوسف:23، همها بيه كان فِعال، بالأقوال أيضًا "هَيْتَ لَكَ" يوسف:23،همها بيه إنّ هي هيأت المكان وغير ذلك، ده كان همها، يبقى إذن الهم بتاعها ده تُحاسب عليه، ليه؟ لإنُّه تحوَّل إلى أقوال وأفعال.
أما هم يوسف -عليه الصلاة والسلام- فكان برضو أقوال وأفعال، أما أقواله: "مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ" يوسف:23، وأما أفعاله "وَاسُتَبَقَا الْبَابَ" يوسف:25، طلع يجري.
فالهمين هنا كانوا في البداية هي جالها الخاطر إنّ هي تراود يوسف، فده لا تحاسب عليه، ولكن لما حولت الهم ده إلى أقوال وفِعَال، قالت له هيت لك وغلقت الأبواب، يبقى أصبح ده هم انتقل إلى العزم تُحاسَب المرأة عليه، يوسف -عليه الصلاة والسلام- قذف الشيطان في خاطره أن يتفاعل مع المرأة فيما طلبت، ولكن دفع هذا الهم وحول همه إلى أقوال وأفعال إنُّه يقول معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي، وفِعال إنُّه يجري على الباب، فكانت النتيجة أنَّ الله –عز وجل- جزاه خيرًا على هذا الهم الذي تحول إلى عزم.
يبقى إذن لازم نوضح إنّ ما يدور في خواطر الناس حاجتين: الحاجة الأولانية مجرد هَمّ، مجرد هَمّ، وسوسة شيطان، طلب نفس، فالإنسان لم يلتفت إلى هذا، في هذه الحالة الإنسان لا يُحاسَب على هذا الأمر "إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها" صحيح البخاري.
أما إذا تحول هذا الهم إلى عزم، إلى أقوال وفِعَال فإن الله يجازيها على ذلك، قال -صلى الله عليه وسلم- فيما يتعلق بالعزم "إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار، قلت يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال إنه كان حريصًا على قتل صاحبه" صحيح البخاري. طب الحريص ده يا رسول الله شيء قلبي! شيء قلبي، لا لا خد بالك، فده هَمّ لا يُحاسَب عليه، ليه النبي قال المقتول في النار؟ لأ خد بالك لإنّ الهم ده تحول لعزم، ازاي تحول لعزم؟ طلع سيفه وبدأ يقاتل، الهم تحول لعزم، في هذه الحالة يُحاسَب الإنسان على هذا.
قال- صلى الله عليه وسلم:- "أيما رجل تداين دينًا.." لو واحد في يوم من الأيام تداين دينًا ".. وهو مجمع ألا يوفيه لقي الله سارقًا" حسنه الألباني، الله! هو واحد استدان دين وهو مجمع ألا يوفيه، أجمع قلبًا وقولًا وعملًا ألا يوفيه، كانت النتيجة يلقى الله -عز وجل- يوم القيامة سارقًا، يلقى الله -عز وجل- يوم القيامة سارقًا.
قارنوا بقى بين الحديث ده وبين الحديث التاني الذي أخرجه الطبراني في معجمه الكبير أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما من عبد كانت له نية في أداء دينه.." له نية في أداء الدين "..إلا كان له من الله عون" حسنه الألباني، وسببًا وسبَّب له الرزق.
شوف سبحان الله كانت عنده نية إنُّه يقضي هذا الدين، فبعد ما كان بيشتغل شغلانة راح دوَّر على شغلانة تانية، همه تحول لعزم، كان له من الله عون ويسر له أسباب الرزق.
وقال -صلى الله عليه وسلم-: "من أخذ أموال الناس يريد أداءها.." يريد هنا الهم تحول لإرادة وعزم "..أدى الله عنه" صحيح البخاري. في رواية "..أدى الله عز وجل عنه في الآخرة".
يبقى إذن إخواننا وأخواتنا الشيخ بيقولّنا: قال النبي -صلى الله عليه وسلم- قال الله -عز وجل-: "إذا أراد عبدي أن يعمل سيئة قال الله -عز وجل:- فلا تكتبوها عليه، وإذا أراد أن يعمل حسنة قال: ..كذا" هنا لماذا؟ خدنا أول نقطة معانا هو يا ترى ما يدور في خواطر الناس يُجازون عليه أم لا؟ فرقنا مابين الهم و ما بين العزم.
تعليق