Tweet
أما بالنسبة للاحتفال بمولد النبي –صلى الله عليه وآله وسلم:-
فأقول: لا يستطيع أحدٌ على وجه الأرض أن يَدعي أو أن يزعمَ أنه يحب سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
حبًا يفوق حب أبا بكرٍ وعمر وعثمان وعلي له عليه الصلاة والسلام، فيه واحد عاقل على وجه الأرض يستطيع أن يزعم
أنه يحب المصطفى –صلى الله عليه وسلم- كحب الصحابة؟!
الجواب: لا، لا يجرؤ عاقل على وجه الأرض أن يدعي ذلك،
والسؤال: هل خصص هؤلاء الأفاضل للنبي –صلى الله عليه وآله وسلم- يومًا في عام للاحتفاء والاحتفال به؟ لا والله،
والله ما فعلوا ذلك قط، وما حدث ذلك أبدًا، ثم أنا أتساءل سؤال أمرُ من الأول، وأقول:
يا مسلمون، أيها المحبُّون الصادقون في المحبة هل مكانة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في قلوبنا وصلت إلى
هذا الحد من أن نحتفي به يومًا في عام؟!
والله والله إن الصادق المُحب يحتفي برسول الله –صلى الله عليه وسلم- مع كل نفس من أنفاس حياته،
ما قيمة احتفالٍ في ليلة من الليالي نذكرُ فيها بعض الأبيات الشعرية وبعض الكلمات
وربما يختلط الرجال بالنساء في سهرةٍ لا تمتُ إلى السُنة ولا إلى الفضيلة بصلة؟! ما قيمة هذا الاحتفال ونحن بعد ذلك لا نمتثلُ أمره ولا نجتنب نهيه،
ولا نقفُ عند حده ولا نُصدق خبره –عليه الصلاة والسلام- يا مسلمون: الاحتفال الذي يليق بسيد الخلق وحبيب الحق هذا الاحتفال هو أن نتبعه
–عليه الصلاة والسلام- أن نمتثل أمره، أن نجتنب نهيه، أن نقف عند حدوده، أن نُبلِّغ دعوته، أن نذبَ عن شريعته، أن نُطبق سنته،
أن نُحب رسول الله حبًا يفوق حبنا لأولادنا وأموالنا وآبائنا وأمهاتنا وأنفسنا بين جوانبنا.
والله العظيم يكاد القلب ينزف أن يكون هذا قدر رسول الله في قلوبنا!، قدرُ رسول الله في قلوبنا أعظمُ من أن نحتفي به يومًا في عام،
بل يجبُ أن نحتفي به في كل نفس من أنفاس حياتنا، فهو الذي نجانا الله به –صلى الله عليه وعلى آله وسلم- من عذاب الدنيا والآخرة.
"وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ" الأنفال:33 "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ" الأنبياء:107 قال ابن عباس:
"رسول الله –صلى الله عليه وسلم- رحمةٌ للبار والفاجر فمن آمن برسول الله –صلى الله عليه وسلم- تمت له الرحمة في الدنيا والآخرة،
ومن كفر به أُمِّنَ من عذاب الله في الدنيا وأُجل عذابه إلى الآخرة" فهل مكانة رسول الله في قلوبنا أن نحتفي به يومًا في العام،
هذا والله لا يليق بقدر رسول الله –صلى الله عليه وسلم- الذي ما خلق الله أشرف منه ولا أطهر منه ولا أعظم منه ولا أكرم منه
كما قال بن عباس –رضي الله عنهما- "والله ما خلق الله وما ذرأ وما برأ نفسًا أكرم عليه من محمد –صلى الله عليه وسلم-"،
فالمحب الصادق يحتفي بسيدنا رسول الله في كل لحظة من لحظات حياته، بل مع كل نفس من أنفاس حياته،
ومن جميل ما قرأت ما قاله الإمام الخطَّابي –رحمه الله تعالى- في تعليقه على هذا الحديث الصحيح، الذي رواه الإمام البخاري وغيره:
أنه -صلى الله عليه وآله وسلم- قال يومًا لعمر بن الخطاب رضي الله عنه يا عمر لا تؤمن حتى أكون أحب إليك من نفسك التي بين جنبيك،
قال: لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه، فقال له عمر"يا رسولَ اللهِ، لأَنْتَ أحبُّ إليَّ مِن كلِّ شيءٍ إلا مِن نفسي،
فقال النبيُّ- صلى الله عليه وسلم-: لا، والذي نفسي بيدِه، حتى أكونَ أحبَّ إليك مِن نفسِك." صحيح البخاري
مش من مالك ولا من ولدك ولا من والدك، لأ من نفسك التي بين جنبيك، فقال عمر –رضي الله عنه-
"فإنه الآن، واللهِ، لأَنتَ أحبُّ إليَّ مِن نفسي، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: الآن يا عمرُ" صحيح البخاري،
أي الآن كملَ إيمانك يا عمر، قال الخطَّابي –رحمه الله تعالى-: "حب الإنسان نفسه طبع جبلة" أي أنا طُبعت وجُبلت على حب نفسي،
"وحب الإنسان غيره اختيار بتوسط الأسباب" أنا أحبكَ لأسباب وأنت تُحبني لأسباب،
"حب الإنسان نفسه طبع جبلة وحب الإنسان غيره اختيار بتوسط الأسباب" خلي بالك من الكلام الجميل ده، قال الخطابي -رحمه الله-
"وما طلب النبي –صلى الله عليه وسلم- من عمر حب الطبع إذ لا سبيل إلى قلب الطباع عما جُبلت عليه
وإنما طلب النبي –صلى الله عليه وسلم- من عمرَ حب الاختيار، فلمَّا نظر عمرُ في الأسباب فرأى النبي سبب نجاته من النار،
حينئذٍ أدرك فقال لأنت أحب إلي من نفسي يا رسول الله"هو ده الحب، هو ده الحب،
مُش أجي في ليلة وأمدح النبي –صلى الله عليه وآله وسلم- بكلمات جميلة وأنا مُقصر، لا أمتثل أمره ولا أجتنب نهيه،
ولا أطيع أمره ولا أصدق خبره، ولا أنصر سنته هديًا وسمتًا ودلًا وقولًا وفعلًا، ولا أذبُّ عن شريعته،
وماليش ورد يومي في الصلاة والسلام عليه –عليه الصلاة والسلام- ثم بعد ذلك أدعي المحبة!
مـــن يدعي حــــب النبي ولــم يفــد مــــن هديه.. فسفاهة وهراء
فالحـــب أول شرطـــه وفروضه إن كان صدقًا.. طاعـــــة ووفـــاء
هذا هو الحب الصادق لسيدنا وحبيب قلوبنا نبينا المصطفى –صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ووالله ثم والله،
ما مدحتُ محمدًا بقصيدتي ولكن مدحتُ قصيدتي بمحمدٍ، والله ما مدحت محمدًا بقصيدتي ولكن مدحتُ قصيدتي بمحمدٍ،
فمن أراد أن يُترجم الحب الصادق لرسول الله فلينظر أين هو من قول الله تعالى:
"قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ" آل عمران:31
أسأل الله جل وعلا أن يملأ قلوبنا بحب حبيبنا المصطفى –صلى الله عليه وسلم-، وأن يرزقنا اتباعه وأن يرزقنا طاعة أمره،
وأن يرزقنا الابتعاد عن مناهيه وأن يرزقنا الوقوف عند حدوده، وأن يرزقنا تصديق خبره وأن يرزقنا الصلاة والسلام عليه،
إنه ولي ذلك والقادر عليه، وأسأل الله أن يرد الأمة إلى الحق، وإلى المصطفى ردًا جميلًا إنه ولي ذلك والقادر عليه.
تعليق