حياكم الله الإخوة الكرام والأخوات الكريمات
يسر فريق التفريغ بشبكة الطريق إلى الله
أن يقدم لكم
من سلسلة "الشباب مشكلات وحلول"
مشروع جديد لإصلاح قلب سعيد
لفضيلة الشيخ: على قاسم
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره،
ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضِلَّ له، و من يُضْلِل فلا هادي له،
و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، اللهم صلِّ على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم،
وعلى آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد، اللهم بارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد..
إنَّ أحسن الْهَدْي هَدْي محمد صلى الله عليه وسلم، وإن شر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، و كُل ضلالة في النار،
نعوذ بالله تعالى من شر البدعة والضلالة، ثم أما بعد..
فنحمد الله تبارك و تعالى على بداية عودنا، كما نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا وإياكم
الإخلاص والقبول والسداد إنه ولي ذلك والقادر عليه.
لن ينفعك سوى قلب سليم؛ فأصلح قلبك وحافظ عليه من الأمراض
أيها الإخوة الكرام يقول رب العزة سبحانه وتعالى في محكم التنزيل:
"يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ" الشعراء:89،88..
والحقيقة أن الناظر إلى قلوب كثير من الناس يجد أن هذه القلوب قد اعتراها كثيرٌ من الأمراض،
ومن ذلك ما يُعرف بمرَضَي الشهوة و الشُبهة، فأما عن مرض الشهوة فهو نتيجة لفساد العزيمة و الإرادة،
وأما عن مرض الشبهة فهو نتيجة متوقعة لفساد التصور، لا يخرج فساد القلب عن هذا الحال،
كما نص على ذلك الإمام بن القيم -رحمه الله تبارك وتعالى- في كتابه التفسير القيم..
فإذا علمت هذا يا عبد الله وعرفت الداء الذي يُصيب قلبك، والقلب كما لا يخفاك يُسَيّر الأعضاء،
إذا علمت هذه الحقيقة وأيقنت بها كان من الواجب عليك أن تسعى سعيًا حثيثا نحو إصلاح قلبك بكل ما أوتيت من قوة،
ومن ذلك دخول القلب في الشبهة والشهوة، حتى لا يُصيب قلبك شيء من هذه الأمراض و الآفات
التي تعرض للسالك إلى الله تعالى فتُعطله في أثناء سيره إليه سبحانه وبحمده، كيف يُعالِج الإنسان هذه الآفات؟
كيف تحصن قلبك من الأمراض؟
أولـــــــًا: كيفية وقاية القلب من مرض الشبهات
الخطوة الأولى: بإدخال صورة صحيحة للعلم في رأسك
أولًا يُعالج الإنسان هذه الآفات بأن يُدخل في رأسه صورة صحيحة للعلم، قال الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله تعالى:
"فإذا دخلت صورة العلم الصحيحة إلى عقل طالب العلم صار حادقًا" كيف يكون ذلك؟
كيف تُدْخِل صورة صحيحة للعلم في رأسك؟
أولًا: بمعرفة المسألة التي يريد الإنسان أن يحكم بحكم الله فيها.
ثانيًا: أن يكون مُخلصًا مُتجردًا مُنصتًا في أثناء بحثه في هذه المسألة.
ثالثًا: أن يكون مُتبعًا السُّبل الشرعية التي نص عليها علماؤنا الأوائل رحمهم الله تعالى، حتى يصل إلى حقيقة المسألة.
رابعًا: أن يُدرك أن الحق واحد لا يتعدد، و أن مصادر التلقي -و إن تعددت- فإنها لا تأمر إلا بحكم واحد ألا و هو حكم الله تعالى.
خامسًا: أن يجتهد غاية الاجتهاد في عرض ما وصل إليه من حقيقة علمية على الأصول التي حددها العلماء رحمهم الله تعالى،
ثم بعد ذلك أن ينظر أهل العلم من المعاصرين له في بلده أو في أي بلد من بلاد الإسلام.
لابد من إدراك حقيقة الصورة الصحيحة للعلم والاجتهاد في معرفتها
هذه صورة لما ينبغي أن يُقال له صورة صحيحة للعلم، لأن الناس لا يكادون يفهمون هذه الحقيقة أن العلم له صور صحيحة
لابد وأن يجتهد المرء في إدراكها حتى يدخل إلى الإنسان علم حقيقي، و إلا فإن كثيرًا مما يُسمع الآن لا يمت إلى العلم بصلة،
و لا يعرف اللبيب هذا الأمر إلا إذا نظر إلى الشبكة العنكبوتية الإنترنت وإلى زبالات الأفكار التي قد انتشرت،
وعمت في بلاد الإسلام، و ما كان لها أن تنتشر إلا بغياب هذه القضية، ألا و هي قضية كيفية تلقي العلم،
و كيفية إدخال صور صحيحة للعلم في العقل، هذه نقطة أرجو أن ننتبه لها.
الخطوة الثانية: المجاهدة في عرض مسائلك على المتخصصين
ثانيًا أن تُجاهد في عرض كل مسائلك على المتخصصين "وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ" النساء:83،
و الله يقول: "فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ" النحل:43، فلابد وأن تعرض كل مسألة من المسائل على المشايخ المتخصصين
الذين يفهمون عن الله مراده، هذه قضية هامة إذا أنت حققت هذه المسألة يهديك الله تبارك و تعالى إلى الحق.
لا تنشغل بآراء الرجال وليكن مرجعك كلام الله ورسوله
و أوصيك أن يكون دَيْدَنُك في طوق، وألا يشغلك آراء الرجال ولا كلام الأشياخ عن البحث عن الحقيقة،
وأساس الحقيقة هو قال الله، وقال رسوله، كما قال الإمام ابن القيم "العلم قال الله، قال رسوله، قال الصحابة ليس بالتمويه،
ما العلم نصبك للخلاف السوري و بين قول فقيه"، أما الذين ينطلقون ويدخلون في عقولهم آراء الرجال
ومن منهم أنهم بهذا قد حصلوا شيئًا من العلم، فهؤلاء قد خاب ظنهم وخاب حَدْثُهم، لأن هذا الأمر ليس من العلم في شيء،
هذا لمن أراد أن يصلح فساد قلبه من ناحية التصور؛ حتى لا يصيب قلبه شيء من الشبهات.
تفشي مرض الشهوات في المجتمع وضرورة علاجه
أما عن إصلاح القلب من ناحية الشهوات فهذا أمر لازم، وهذا الأمر يحتاجه كل أحد
حتى إخواننا الذين قد انطلقوا فيما يسمونه بالالتزام، فالشهوات صارت طافحة ترى آثارها على السلوك
في كثير من الأقوال والأفعال، ونلحظ آثارها على كثير من توجهات وسلوكيات وأخلاقيات الأفراد،
فنرى تتبعًا لشهوات ثانية، كشهوة حب النساء، وكشهوة جمع المال من حله، و كشهوة قضاء الوطر في الحرام،
و كشهوة شرب الخمور وشرب الممنوعات و المحرمات، و كشهوة حب الموضة، و جذب نظر الناس و محمدتهم.. إلى غير ذلك من الشهوات.
ثانيـــــــًا: كيفية وقاية القلب من مرض الشهوات
إحياء الإرادة وقوة العزيمة والجهاد والمجاهدة
كل هذه الشهوات إنما يكون علاجها بإحياء الإرادة و بقوة العزيمة، وبالجهاد والمجاهدة،
وهذا الأمر و إن كان يبدو للناظرين عسيرًا إلا أن هذا الأمر هين على من يَسَّره الله عليه إذ الله يقول:
"وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ ۖ فَنِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ" الحج:78، و قد قال النبي -صلّى الله عليه وسلم-:
"المؤمنُ القويُّ خيرٌ وأحبُّ إلى اللَّهِ منَ المؤمنِ الضَّعيفِ، وفي كلٍّ خيرٌ، احرِص على ما ينفعُكَ، واستِعِن باللَّهِ ولا تعجِزْ،
وإن أصابَكَ شيءٌ، فلا تقُل: لو أنِّي فعلتُ كان كذا وَكَذا، ولَكِن قل: قدَّرَ اللَّهُ، وما شاءَ فعلَ، فإنَّ لو تَفتحُ عملَ الشَّيطانِ" صحيح مسلم.
أرجو أن تكون هذه الأمور واضحة.
علاج الفتور إذا كان بسبب أحد أمراض القلب
طيب إذا أردنا أن ننطلق إلى الله عزو جل فحدث نوع من أنواع الفتور بسبب أحد هذين المرضين،
لابد و أن نعرف المرض وفي حجمه ثم أن نتأكد من خلال المشايخ المربين و الدعاة الصادقين أن هذا مرض و ليس عرض،
ثم بعد ذلك نجهتد في الإصلاح، فما هُدم في سنين لا يمكن بناؤه في أيام، أن نجتهد في الإصلاح رويدًا رويدًا
إذ ما هُدم في سنين لا يمكن بأي حال من الأحوال إصلاحه في أيام.
أرجو يا إخواني أن نجتهد غاية الاجتهاد لنتحرر من فساد الشبهة و من قذارة الشهوة، و الله أسأل أن يتقبل منكم صالح الأعمال،
وأن يبارك جهودنا و إياكم، و أرجو الله تعالى أن يكون مجلسنا هذا فاتحة خير إن شاء الله تعالى،
أستأنف الحديث حول قضية الشباب مشكلات وحلول بإذن الله تبارك وتعالى في مثل هذا اليوم،
و أرجو الله تبارك و تعالى أن يجعلنا مفاتيح خير مغاليق شر و أن يُنفع بي وبإخواني و بسائر إخوننا اللهم آمين.
تجديد النية والتوبة واجب لابد منه
و يعني قبل أن أنتهي من كلمتي أُذَكّر إخواننا جميعًا بتجديد النية و التوبة، أما عن تجديد النية فقد أمر الله بذلك،
قال الله تبارك و تعالى: "وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ" البينة:5،
و نص النبي -صلّى الله عليه وسلم- فقال كما في الحديث الحسن:
"إنَّما يَنصرُ اللَّهُ هذِهِ الأمَّةَ بضَعيفِها، بدَعوتِهِم وصَلاتِهِم، وإخلاصِهِم" صححه الألباني.
ولذلك نجد أن سلف الأمة الأبرار رحمهم الله تعالى ورضي عنهم، كانوا يوصون طلابهم بالاجتهاد،
حَسَّن جماعة من العلماء قوله -صلّى الله عليه وسلم- "نية المؤمن خير من علمه، و نية الفاجر شر من عمله".
أُوصي إخواني بتجديد التوبة، فأرجو من كل إخواننا لا سيما من القائمين على موقعي منتدى الحور العين،
وعلى موقع المنبر العلمي، وعلى موقع الطريق إلى الله، أرجو من كل أخ من إخواننا أن يُجدد التوبة حتى يفتح الله عز وجل لنا،
أرجو ذلك، أرجوا أن نُجدد التوبة لأنه ما فُرق بيننا و بين إخوننا إلا بذنوب،
وما وقف عمل دعوي بعد سير إلا بذنب، فأرجو أن نتوب جميعًا، وأن نُصابر،
وأن نُجاهد من أجل إحياء الكتاب والسنة في مُجتمعاتنا التي عَجَّت بالعلمانية، وعَجَّت بزبالات الأفكار،
أرجو من إخواننا جميعًا أن يدعو الله أَن يتقبل الله سبحانه منا ومنهم،
وأن يدعو كل أخ من إخواننا لي فأنا أحب إخواننا جميعًا، أرجو الله سبحانه وتعالى أن يتقبل منا ومنهم.
تم بحمد الله
يمكنكم مشاهدة التفريغ بصيغة pdf على الموقع
هـــــــــــــــــنا
كما يمكنكم الاستماع للدرس الصوتي بجودات مختلفة
هنــــــــــــــــــــا
كما يشرفنا ويسعدنا انضمامكم لفريق عملنا
فـــرغ درسًا وانشر خيرًا ونل أجرًا
وفقكم الله لما يحب ويرضى.
تعليق