إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الحديث الثاني والأربعون من سلسلة شرح الأربعون النووية // مفهرس

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الحديث الثاني والأربعون من سلسلة شرح الأربعون النووية // مفهرس


    حياكم الله وبياكم وجعل الجنة مثوانا ومثواكم
    يسر فريق التفريغ بشبكة الطريق إلى الله أن يقدم لكم
    تفريغ الحديث الثاني والأربعون من سلسلة شرح الأربعون النووية
    لفضيلة الشيخ: هاني حلمي
    سائلين المولى عز وجل أن يجعل هذا العمل في ميزان حسنات كل من شارك في إعداده
    وأن ينفعنا وإياكم بما علمنا



    ختامًا هذا الحديث الخاتم، وإذا ما ختمنا تذكرنا ربنا الآخر، دائمًا إذا ما ابتدأنا شيء تذكرنا الأول،
    وإذا ما ختمنا شيء تذكرنا الآخر، ولما ابتدأنا كنا مع النية، وقالوا اذكرها قبل أي عمل، ولما ختمنا نذكر
    "الْأَعْمَالُ بِالْخَوَاتِيمِ" صحيح البخاري. ومن جميل اختيار الإمام النووي أن ختم هذه الأربعين بهذا الحديث الماتع
    في سعة رجاء العبد وحسن ظنه بربه، حديث يفيد عذوبة على القلوب.

    الحديث الثاني والأربعون: سعة مغفرة الله تعالى
    هذا الحديث الذي رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح من حديث أنس رضي الله عنه، قال:
    سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "قال الله تعالى: يا ابن آدم! إنك ما دعـوتـني ورجوتـني غفرت لك
    على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم! لو بلغـت ذنـوبك عـنان السماء، ثم استغـفـرتـني غـفـرت لك، يا ابن آدم!
    إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتـني لا تـشـرك بي شيئا لأتـيـتـك بقرابها مغـفـرة"
    حسنه الألباني.



    أرجى حديث في السنة
    هذا من أمتع ومن أعذب ومن أجمل أحاديث الرجاء، فهذا يسميه بعض العلماء "أرجى حديث في السنة"،
    زي ما يقولك أرجى آية في القرآن "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ" الزمر:53 هذا أرجى حديث في السنة،
    فمن جميل اختيار الإمام النووي أن ختمها بالرجاء، كما هو شأن وصية النبي صلى الله عليه وسلم لمن يُلقِّن محتضرًا،
    المحتضر ده في الآخر، وهو في النهز الأخير عليه أن يجعله أكثر رجاءً في الله، فيذكر له من المحاسن ومن الأمور التي تجعله
    أكثر توددًا وتحببًا وأملًا فيما عند الله فيلقى الله وهو يحسن الظن به..
    فأوصانا النبي صلى الله عليه وسلم بذلك عند تلقين المحتضرين الموتى أن نجعلهم كما قال: "لا يموتنَّ أحدكم إلا وهو يحسنُ الظنَّ باللهِ عزَّ وجلَّ"
    صحيح مسلم، وقال صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا يَقُولُ: أنا عندَ ظَنِّ عبدي بي، إن ظَنَّ خيرًا، فلهُ، وإن ظَنَّ شرًّا فلهُ" حسنه الألباني،
    فأنت على حسن ظنك بالله.


    فوائد مستفادة من الحديث:
    1- سعة رحمة الله

    فإذًا أول فائدة من فوائد هذا الحديث: سِعَة رحمة ومغفرة ربنا تبارك وتعالى، الله سَمَّى نفسه الرحمن الرحيم،
    والغفار، والغفور، أربع أسامي تفيض بالرحمة والمغفرة لبيان سعة ذلك، ولما أراد أن يتكلم عن سعة رحمته
    فقال سبحانه وتعالى: "وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ" الأعراف:156 حتى كان عمر بن عبد العزيز يناجى الله فيقول:
    "اللهم إني شيء فلتسعني رحمتك يا أرحم الراحمين" أنا ما أستاهلش يا رب بس رحمتك بتسع كل شيء وأنا شيء فلتسعني رحمتك.

    ومن فوائد أيضًا التأملات في القرآن في هذا المعنى إنّ ربنا قال: "الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى" طه:5 فقالك إشمعنا
    "الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى" ما كان قال الملك على العرش استوى؟ قالك لأن العرش أوسع المخلوقات،
    فلما أراد أن يقول أن رحمته أوسع من كل ما تتصور، أوسع من كل أوسع، قال: "الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى"
    ليدل على أن رحمته أوسع شيء.
    وقسَّم الرحمة مائة، فجعل منها جزءً فقط الحنية اللي في قلوب الناس والعطف اللي في قلوب الناس والمعاني الجميلة
    اللي في قلوب الناس، الطيبة الرحيمة هذا جزء، وادخر تسعة وتسعين جزءً ليوم القيامة، فسعة رحمة الله تبارك وتعالى
    الذي سمى نفسه الواسع؛ لأنه تسع رحمته كل شيء وتسع مغفرته كذلك، وسمى نفسه الغفور والغفار، قالوا الغفار: لأنه
    يغفر الذنوب الكثار، والغفور: لأنه يغفر الذنوب الكبار، فعشان يغفر لك الصغير والكبير، والذي ربما تقنط أنت أو تيأس أنت إذا تذكرت
    هذا الذنب فيما بينك وبين نفسك.


    واحد قتل تسعة وتسعين نفس وكمّل المائة بالراجل العابد، ده هيروح فين ده؟ تَسعُه مغفرة الله، فيختم له بالتوبة ويتوب،
    واحدة زانية وتبقى فاجرة عاهرة ثم ترحم كلبًا فيغفر الله لها، إيه ده؟ واحد يشيل غصن شجرة من على الطريق،
    فلرحمته بالناس ولأنه يميط الأذى عن الناس، فيغفر الله له بذلك، إيه ده؟ غفور غفار.
    بصوا بقى الحديث ده أوسع من كده كمان.


    تذكر أنك ابن آدم وكل بني آدم خطَّاء
    الحديث ده بيقول إيه بقى.. أول شيء "يا ابن آدم!" وإذا سمعت الله يحادثك بذلك ويقول لك: "يا ابن آدم!"
    فتذكر أصلك، أصلك أنك خلقت من نسل آدم عليه السلام، وحينما تذكر أصلك وتذكر أباك وتذكر ما كان منه؛ فتعرف أنك أنت أيضًا..
    ليه "يا ابن آدم!"؟ آدم عليه السلام أخطأ ولكن تاب الله عليه، وأنت يا ابن آدم ستخطئ وستذنب،
    ولو لم تذنب لأتى الله فقوم يذنبون حتى يغفر لهم، فالمناداة دي "يا ابن آدم!"؛ لتتذكر هذا المعنى.


    أسباب المغفرة:
    أول شيء إن أنت سيقع منك هذا فيقول: "إنك ما دعـوتـني ورجوتـني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي"
    ياه، يبقى أول شيء هنا إيه؟ أول شيء من الفوائد الخاصة بالحديث بيان أسباب المغفرة :
    1- الدعاء مع رجاء الإجابة

    "ادعُوا اللهَ وأنتم مُوقِنُون بالإجابةِ" حسنه الألباني، وإحنا اتكلمنا كثير لما خدنا حديث "رُبَّ أشعَثَ أغبَرَ ذي طِمرَينِ

    لا يُؤبَهُ لهُ لَو أقسَمَ علَى اللَّهِ لأبرَّهُ" حسنه الألباني.

    وغيرها في آداب الدعاء وكيفية الدعاء الذي يكون على هَدْي النبي صلى الله عليه وسلم، وشروط الإجابة وغيرها.
    هنا الحديث بيدي ملمح وهو ده اللي هنقف عليه ألا وهو حضور القلب والرجاء فيما عند الرب، من أسباب إجابة الدعاء؛
    لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أنَّ اللهَ لا يَستَجيبُ دُعاءً مِن قلبٍ غافِلٍ لاهٍ" حسنه الألباني، وقال
    "ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ" فمن علامات ذلك أن يكون القلب معلق بالله تبارك وتعالى ذاكرًا له،
    ومن ذلك أن يعزم في المسألة والدعاء وأن يلح على الله عز وجل ولا يستعجل ويَطعَم من حلال كما قلنا فهذه من أسباب المغفرة.
    الحديث جاب ثلاث حاجات من أسباب المغفرة:
    1- الدعاء، الرجاء "ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي".


    2- سؤال الله المغفرة والسعي في أسبابها
    الأمر التاني: سؤال الله المغفرة، عن طريق الاستغفار والعمل فيما سماه النبي صلى الله عليه وسلم
    "وأسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك" السعي في أسباب المغفرة، يعني إيه مثلًا؟ يعني النبي لما يقول صلى الله عليه وسلم:
    "من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تقدم من ذنبه" صحيح البخاري. دي اسمها أسباب إيه؟ المغفرة، إنك تصوم رمضان،
    إنك تقوم رمضان، إنك تتحرى ليلة القدر، "غُفِر له ما تقدم من ذنبه" إنك تصلي خلف الإمام، و"من وافق تأمينه تأمين الملائكة.."،
    مع بعض قُلنا آمين والملائكة قالت معانا "..غُفر له ما تقدم من ذنبه" صحيح البخاري، هناك كتب مؤلفة في مكفرات الذنوب
    وأسباب المغفرة بشكل عام..
    صيام عاشوراء يُكفر السنة الحالية، صيام عرفة يُكفر سنتين، الماضية والحالية "صِيامُ يومِ عَرَفَةَ، إِنِّي أحْتَسِبُ على اللهِ أنْ يُكَفِّرَ السنَةَ التي قَبلَهُ،
    و السنَةَ التي بَعدَهُ، و صِيامُ يومِ عاشُوراءَ، إِنِّي أحْتَسِبُ على اللهِ أنْ يُكَفِّرَ السنَةَ التِي قَبْلَهُ"
    حسنه الألباني.
    هذه من أسباب المغفرة، من أسباب المغفرة المباشرة زي ما قُلنا: الاستغفار مهما عَظُمَت الذنوب، هنا الحديث بيقول الكلام ده.


    الاستغفار.. جبال ذنوب تُمحى بالاستغفار
    قال ربنا تبارك وتعالى في هذا الحديث القدسي "لو بلغت ذنوبك عنان السماء" هنا عنان السماء يعني السحاب
    أو ما ينتهي إليه البصر، ذنوب تريليونات التريليونات التريليونات اضرب في معرفش كام ألف صفر، شايف ذنوب أد إيه؟
    جبال من الذنوب "لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك" هنا قالوا هذا فيه عِظَم شأن الاستغفار.
    والنبي صلى الله عليه وسلم كان يقول "طوبى لمن وجد في صحيفته استغفارًا كثيرًا" حسنه الألباني،
    وربنا سبحانه وتعالى ذكر أمر الاستغفار باستفاضة في القرآن، فتارةً يأمر به "وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ" هود:3
    "وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ" المزمل:20 زي آخر المزمل..
    وتارةً يمدح أهله فيقول "وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ" آل عمران:17

    ويقول "وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ
    إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ"
    آل عمران:135 سماهم مين دول؟ "وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن
    رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ"
    آل عمران:133 دا بقى من المتقين.. واحد وقع في فاحشة باستغفاره صار من المتقين..
    وتارةً يُرتب عليه المغفرة فيقول: "وَمَن يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُوراً رَّحِيماً" النساء:110 ويجمع بين التوبة والاستغفار،
    ويُرتب عليه متعة الدنيا وسعادة الدنيا فيقول "وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعاً حَسَناً إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى" هود:3،
    وتارةً يحثك عليه فيقول: "أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَى اللّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ" المائدة:74، وتارةً يُفرد الاستغفار ويرتب عليه وحده المغفرة فيقول:
    "قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ" القصص:16 فالاستغفار أول الطريق.


    الاستغفار يوفقك للتوبة بشرط عدم الإصرار على الذنب
    أول الطريق الاستغفار، يبقى قال "اسْتَغْفِرُواْ" وبعدين اقعد كده وبعدين "ثُمَّ" دي بتفيد التراخي،
    استغفر لك حبة حلوين كده وبعد كده هتلاقي نفسك وُفِّقت للتوبة، فلما تلاقي واحد بعيد أوي قولُّه طب بس أسهل حاجة
    اقعد كل يوم استغفر لك مائة مرة كده، طب والصلاة يا شيخنا؟ اصبر بس إحنا خلينا نفتح معاه بالراحة نفتح شق في القلب،
    قولُّه استغفر مائة، استغفر ألف، مش هتاخد معاك حاجة، وإنت قاعد كده ربنا يهدي سرك وكذا، استغفر،
    الاستغفار يبدأ يفتح الشق ده في القلب..
    ثم يأتي موضوع التوبة إلى الله تبارك وتعالى، لكن لا استغفار مع الإصرار، لا استغفار مع الإصرار،
    بل ورد في حديث عند أبي داوود والترمذي "ما أصر من استغفر وإن عاد في اليوم سبعين مرة" حسنه ابن كثير
    "ما أصر من استغفر" يبقى لاحظوا المعنَيين مينفعش تستغفر وتُصر ومينفعش تبقى إنت مُصر وإنت بتستغفر، تيجي إزاي دي؟ يعني إيه؟
    مينفعش وإنت قاعد بتستغفر تروح قايل إيه.. إحنا قاعدين في المسجد وبعدين اللهم اغفر لنا اللهم تب علينا،
    تبنا إليك يا رب وعزمنا على ألا نعود إلى ذنب.. وأنت مؤمل إن أنت هتخرج من هنا تعمل ذنب، لا يكون استغفار مع إصرار..

    طب ولا إصرار مع استغفار، العكس.. إن واحد مصر على شيء وكل شوية يا رب تب عليا يا رب اغفر لي يا رب اغفر لي،
    هذا لا يُسمى مصرًا لأنه عايز يتوب فهمتوها؟ لا إصرار مع استغفار ولا استغفار مع الإصرار، على هذا المعنى.
    وكان حُذَيفة يقول: "بحسب امرئ من الكذب أن يقول أستغفر الله ثم يعود" وكان بعض السلف يقول:
    "إني أستغفر الله مِن أستغفر الله" وكان بعضهم يقول: "بعضنا يبدأ يومه بالكذب، فيقول في أذكار الصباح والمساء
    أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي، فاغفر لي.. وقبله يقول أنا على عهدك ووعدك ما استطعت،
    ويخالف ذلك، فهذه كذب"
    وفي بعض الأحاديث: "ويل للمصرين الذين يُصرون على ما فعلوا وهم يعلمون" حسنه الألباني.
    فلابد من الاستغفار باللسان مع إصرار القلب على التوبة، وإلا تكون هذه توبة الكذَّابين، وجمهور العلماء على
    "جواز أن يقول العبد التائب: أتوب إلى الله وأن يعاهد ربه على ألا يعود إلى المعصية فإن العزم على ذلك واجب عليه في الحال.."
    ينفع يقول كده، "..ولكن من قال أستغفر الله وأتوب إليه وهو مُصِرٌّ بقلبه على المعصية فهو كاذب
    في قوله آثم في فعله"
    لأنه لا يجوز أن يحتال على الله أو يخادع الله.

    المطلوب مننا أن نستغفر كثيرًا وأن نُعَوّد ألسنتنا ذلك، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم،
    كانوا يعدون له في المجلس الواحد "رب اغفر لي وتب عليَّ" كانوا ربما يعدون له في المجلس الواحد سبعين مرة،
    وربما كان يقول صلى الله عليه وسلم: "إنه ليغان على قلبي، و إني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة" صحيح مسلم.
    ومعلوم أن الاستغفار له صيغ مختلفة وأعظمها الصيغة اللي هي سيد الاستغفار "سيد الاستغفار أن تقول: اللهم أنت ربي،
    لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي،
    وأبوء لك بذنبي، فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت"
    صحيح البخاري.


    الذنب لا يكون إلا بجهل.. فاستغفر الله عما لاتعلم
    وعادةً الاستغفار يكون من الذنوب ولا ذنب إلا بجهالة، فيستغفر العبد عادةً من جهله بربه
    وإنت بتستغفر بتستغفر إنّ أنا يارب جاهل "إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ" النساء:17
    قالوا ليس معنى هذا إن اللي جهل بس هو اللي تاب وإنما لا يعصي الله إلا جاهل.
    طيب في ذنوب أنا مش عارفها "إن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالًا يهوي بها في جهنم"
    صحيح البخاري. ماخطرتش على باله.
    عَلَّمنا النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول العبد.. في حديث شداد بن أوس لما قال له "إذا كنز الناس الذهب والفضة.."
    الناس كلها حتكبش في الفلوس "..فاكنز أنت هؤلاء الكلمات فقاله فيهم إيه؟.." "اللهم إني أسألك الثبات في الأمر،
    والعزيمة على الرشد، وأسألك شكر نعمتك، وحسن عبادتك، وأسألك قلبًا سليما، ولسانًا صادقا"

    آخر الحديث بقى قالُّه "أسألك من خير ما تعلم، وأعوذ بك من شر ما تعلم، وأستغفرك لما تعلم" حسنه الألباني.
    وفي لفظ "وأستغفرك لما تعلم إنك أنت علام الغيوب" حسنه الشوكاني. اللي إنت تعلمه يا رب واللي أنا لا أعلمه.


    استغفر.. تربح في الدنيا والآخرة
    فنستغفر الله من ذلك، فإذا استغفر العبد ربه يشعر أنه يأوي إلى غفور رحيم، غني كريم، عليم حليم،
    وساعتها تجد من أثر ذلك حب الله تبارك وتعالى، في سنن أبي داوود الحديث ضَعَّفه الشيخ الألباني وبعض أهل العلم قال
    بمجموع طرقه اللي هو "من أكثرَ من الاستغفارِ جعل اللهُ لهُ من كلِّ همٍّ فَرَجًا ومن كلِّ ضيقٍ مخرجًا ورَزَقَهُ من حيثُ لا يحتسبُ".
    وقال قتادة: "إن هذا القرآن يدلكم علي دائكم ودوائكم.. داؤكم الذنوب ودواؤكم الاستغفار". وقال أبو المنهال:
    "ما جاور عبد في قبره من جار أحب إليه من استغفار كثير" أحسن جار لك في القبر الاستغفار، اللي إنت استغفرته في الدنيا،
    وكان بعضهم يقول: "إنما معول المذنبين البكاء والاستغفار"، "وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ" الأنفال:33.


    أحْسِن الظن بربك.. فهو وحده من يغفر الذنوب
    ومن فوائد هذا الحديث أيضًا تحسين الظن بالله وحده؛ لأنه هو وحده الغفور الغَفَّار، لذلك من الجميل إنّ الواحد يدعو،
    وأنا أحب هذا الدعاء كثيرًا وأدعو به، إنه كان بعض السلف يقول: "مسكينك ببابك، فقيرك ببابك، مُأَمِّل خيرك ببابك؛
    فلا تطردني عن جَنَابك، اللهم ارحم من لا راحم له سواك، ولا يغفر له الذنوب إلا أنت"
    فتطلب منه على معنى يا رب محدش هيغفرلي غيرك
    "وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ" آل عمران:135 مليش غيرك.. يا رب اغفر لي وارحمني وتب عليَّ،
    ربِّ اغفر وارحم واعفُ عما تعلم، واهدني وتكرم، أنت الأعز الأكرم ده السبب الثاني.


    3- التوحيد
    السبب الثالث آخر الأسباب في الحديث "لو لقيتني بقراب الأرض" أي بملء الأرض، أي بتراب الأرض بملئِها،
    لو لقِيتني "إنك لو أتيتني بقراب الأرض" أي بملئها أو ما يقارب ملئها خطايا، ذنوب كبيرة أو صغيرة "إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا
    ثم لقيتني لا تشرك بي شيئًا للقيتك بقرابها مغفرة"
    فالسبب الثالث من أسباب المغفرة..
    الأول: الدعاء والرجاء. الثاني: الاستغفار. الثالث: التوحيد.
    وهذا من جميل أيضًا الختام، أننا نختم كما ينبغي أن يُخْتَم لنا بلا إله إلا الله، مش هو كده إنه كلنا يأمل أن تكون خاتمته لا إله إلا الله،
    فالأربعين خُتِمَت هكذا، خُتِمَت بالتوحيد بلا إله إلا الله، والتوحيد هو أساس المغفرة.


    لا يعذب الله عبدًا وحَّده وعَمِل بمقتضى التوحيد
    قال الله جل وعلا: "إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ" النساء:48، وجعل عاقبة الموَحِّد هي الجنة،
    قال صلى الله عليه وسلم: "يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن برة" صحيح البخاري.
    أي قمحة، وإذا كمل توحيد العبد وإخلاصه وقام بشروط لا إله إلا الله بقلبه ولسانه وجوارحه وجَبَت له المغفرة.
    قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ: "يا معاذ، أتدري ما حق الله على العباد. قال: الله ورسوله أعلم،
    قال: أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، أتدري ما حقهم عليه. قال: الله ورسوله أعلم، قال: أن لا يعذبهم"
    صحيح البخاري.
    فإذا وحدوه لم يعذبهم، إذا عملوا بلا إله إلا الله وحققوا مقتضاها وأثرها في حياتهم فقاموا بالتوحيد الخالص له سبحانه وتعالى
    فآمنوا به ربًا وآمنوا به إلهًا وأثبتوا له الأسماء والصفات الحسنى والعُلا، ربًّا يبقى هو إلي بيربينا ونحن له عبيد يفعل بنا ما يريد،
    وهو الذي يرزقنا فليس اتكالنا في الأرزاق إلَّا عليه، وهو الذي يدبر أمورنا، فاللهم دبِّر لنا فإنَّا لا نُحْسِن التدبير، واختر لنا فإنَّا لا نُحْسِن الاختيار،
    وهو إليه المرَدُّ والمرجِع، "إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى" العلق:8.


    لا إله إلا الله.. لا محبوب في قلوبنا إلا الله
    هكذا رضينا بالله ربًّا ورضينا به إلهًا معبودًا، لا إله إلا هو فلا محبوب بحقٍ في القلوب إلا هو.
    فاللهم يا حبيب قلوبنا أحبنا، فيكون الله المحبوب الأعظم عندك، ويكون هو الأعظم الأكبر، فلا تذل إلا له، لا تذل
    لشهوة، ولا تذل لسلطة ولا تذل لبني آدم، ولا تذل لمخلوق، وإنما تذل له وحده؛ فلا تخضع إلا له، لا معبود بحق أي لا محبوب بحق،
    أي لا يُخضع له بحق إلا الله تبارك وتعالى..
    فنؤمن به ربًا وإلهًا ونعيش في رياض أسمائه وصفاته متحببين بصفات جماله، مُوَقِّرِين، مُعَظِّمِين لصفات جلاله
    فمع صفات الجمال زي ما بندرس كده الغفور والغفار والرحمن والرحيم والعفو والحليم والكريم والأكرم والمنان
    والمحسن والجواد تذوب حبًّا ويطير قلبك حبًّا وتتودد إليه، وإن ربنا يقول: "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً" مريم:96..


    لا إله إلا الله.. لا ننكسر ولا نذل ولا نخضع إلا لله
    ومع صفات جلاله تنكسر وتخضع وتذل وتتضاعف متى وما أمكنك أن تتضاعف بين يديه وهو يقول:
    "وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ" آل عمران:123 وهو عند المنكسرة قلوبهم، فإذا كان هو الجليل والعزيز وهو المقتدر
    فأنت الذليل وأنت الضعيف وأنت العبد.


    هكذا يكون التوحيد
    حينما تكون هذه المعاني في قلبك هكذا تلقاه وأنت لا تشرك به شيئًا موحدًا إياه فلا تشرك به بمعنى أن لا تتخذ معه إلهًا
    ولا ربًا ولا تشرك به، فلا تحب أحدًا معه "وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ" البقرة:165
    ولا تتوكل إلا عليه "وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ" آل عمران:122،
    "وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ" إبراهيم:12 "وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ" الفرقان:58
    ولا تخاف إلا هو "أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ" التوبة:13.
    فهكذا لو عشتم بهذه المعاني صرتم على التوحيد ويكون من نتاج ذلك أن يلقاكم فيبدل سيئاتكم حسنات
    "فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ" الفرقان:70.


    عشنا هذه المجالس ونحن نتعايش مع جوامع كَلِم النبي محمد صلى الله عليه وسلم، على مدى هذه الاثنين والأربعين حديثًا،
    وختمناها بالتوحيد وستكون إن شاء الله تبارك وتعالى السلسلة القادمة في دراسة التوحيد،
    سنتدارس إن شاء الله تعالى كتاب أصول الإيمان لمجموعة من العلماء تحت إشراف الشيخ صالح آل الشيخ،
    هذا الكتاب سيكون الدورة القادمة الأسبوع بعد القادم إن شاء الله تعالى.


    تم بحمد الله
    شاهدوا التفريغ على الموقع، والدرس الصوتي بجودات مختلفة
    هنا
    الحديث الثاني والأربعون
    انتظرونا في دروس أخرى قريبًا إن شاء الله
    كما يشرفنا انضمامكم معنا للفريق
    جبااااااااااااال حسنات .. بسرعة يلاااااااااا انضموا لينا ..
    دمتم في حفظ الله.



  • #2
    رد: الحديث الثاني والأربعون من سلسلة شرح الأربعون النووية


    عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
    جزاكم الله خيرًا وجعل هذا العمل في ميزان حسناتكم جميعًا
    في انتظار المزيد من أعمال فريق التفريغ القيمة

    "اللهم إني أمتك بنت أمتك بنت عبدك فلا تنساني
    وتولني فيمن توليت"

    "وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"الشورى:36

    تعليق


    • #3
      رد: الحديث الثاني والأربعون من سلسلة شرح الأربعون النووية

      المشاركة الأصلية بواسطة بذور الزهور مشاهدة المشاركة

      عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
      جزاكم الله خيرًا وجعل هذا العمل في ميزان حسناتكم جميعًا

      وجزاكم بالمثل أخية
      اللهم آمين وإياكم

      في انتظار المزيد من أعمال فريق التفريغ القيمة
      إن شاء الله
      نفع الله بكم

      تعليق


      • #4
        رد: الحديث الثاني والأربعون من سلسلة شرح الأربعون النووية

        جزاكم الله خيرًا كثيرًا

        تعليق


        • #5
          رد: الحديث الثاني والأربعون من سلسلة شرح الأربعون النووية

          المشاركة الأصلية بواسطة *أمة الرحيم* مشاهدة المشاركة
          جزاكم الله خيرًا كثيرًا
          وإياكم

          تعليق

          يعمل...
          X