خطبة الجمعة / للشيخ الدكتور محمد العريفي
الرياض ـ حي العزيزية
بعنوان / الصداقة وأثرها في الدنيا والآخرة
الخطبة الاولى :
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له جل عن الشبيه والمثيل والكفء والنظير وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه وخليله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله الطيبين وأصحابه الغر الميامين ما اتصلت عين بنظر ووعت أذن بخبر وسلم تسليما كثيرا
أما بعد أيها الإخوة المؤمنون فطر الله جل وعلا الإنسان وجعله يميل بطبيعته وفطرته إلى أشياء فجعل الله تعالى الرجل يميل إلى المرأة بفطرته وطبيعته وهي أيضا تميل إليه وجعل الإنسان يحب المال حبا جما بفطرته وطبيعته ويميل إليه وجعل الأب يحنو على ولده ويعطف عليه ويحبه حبا كبيرا بطبيعته التي فطره الله تعالى عليها
وإن مما فطر الله جل وعلا عليه الناس أن يكون الإنسان مختارا لصديق يكون مصاحبا له إما أن يكون صديقا خليلا دائما، أو أن يكون صديقا عاما ولقد جعل الله تعالى شريعة نبينا صلى الله عليه وسلم التي كان يبينها للناس ويشرح أحكامها جعلها الله تعالى مقيدة وضابطة لهذه الفطر التي فطر الله تعالى الناس عليها ، فلم يمنع الله تعالى الأب من أن يحب ولده ، ولم يمنع الإنسان من أن يحب المال ولم يمنع الرجل من أن يقترب من المرأة ولم يمنع العبد من أن يكون له صديق، لكن ربنا جل
وعلا جعل لذلك ضوابط وآداب وأحكام ..
لعلنا اليوم نتكلم عن فطرة فطر الله تعالى الإنسان عليها وجعل الله تعالى لها ضوابط ، هذه الفطرة قد يكون الإنسان إذا عمل بها يرفعه الله تعالى عنده درجات، بل يصل إلى موطن يغبطه فيه الأنبياء والشهداء وربما ضل الإنسان بسببها ألا وهي اختيار الصديق فكيف يختار الإنسان صديقه؟ وما مميزات الصديق الذي ينبغي أن يحرص العبد على مصاحبته؟
وكيف ربما يردي الصديق صديقه؟ وكيف ربما يرفعه عند الله تعالى درجات؟ وكيف أوصى الله تعالى باتخاذ الأصدقاء؟ وكيف تكلم النبي عليه الصلاة والسلام عنهم وذكر الآداب معهم؟
يقول نبينا صلوات ربي وسلامه عليه: "المرء على دين خليله " أي على دين صاحبه الذي يجالسه دائما ويسافر معه وربما آكله وشاربه قال: المرء على دين خليله يعني على دين من يصاحب ويتخذه خليلا مقربا المرء على دين خليله "فلينظر أحدكم من يخالل " وكأن النبي عليه الصلاة والسلام ينبه هنا إلى أن المرء إذا صاحب السيئين ربما جروه إلى ما يقعون فيه حتى ولو لم يشعر بذلك
ولذلك قال ربنا جل وعلا موجها نبينا عليه الصلاة والسلام: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ ) (الكهف:28) يعني إن كنت مريدا لصاحب أو صديق أو أخ فاصبر نفسك مع هؤلاء حتى يعينوك على طاعة الله جل وعلا
وقال نبينا صلى الله عليه وسلم موضح أثر الأصدقاء قال: " مثل الجليس الصالح والجليس السوء كمثل حامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك" ذاك الذي يبيع العطر "إما أن يحذيك"
إذا جئت إليه إما أن يستخرج شيئا من العطر ثم يضعه على ثيابك أو يضعه على طرف يدك إما أن يحذيك أن يعطيك من عطره "وإما أن تجد منه رائحة طيبة" الصديق الصالح إما أن تتأثر أنت بأخلاقه فإذا كان كثير الذكر تأثرت سبحان الله بطبيعته فأصبحت كثير الذكر مثله إذا كان حريصا على التقدم إلى الصلوات رأيت نفسك تتبعه في ذلك وتتأثر إذا كانت أخلاقه حسنة إذا كانت ألفاظه حسنة يردد دائما هداك الله بارك الله فيك جزاك الله خيرا وجدت أن ألفاظك تتطبع بطباعه إذا كان بارا بوالديه إذا كان أمينا في تجارته إذا كان حريصا على القيام بعمله حريصا على وظيفته نشيطا في الاستيقاظ مبكرا تجد انك تتأثر به حتى ولو لم تشعر بذلك ولذلك قال في الحديث: إما أن يحذيك وإما أن تشم منه ريحا طيبة هذا إن لم تتأثر به فإنك ستكسب سمعة طيبة من مصاحبته
فإذا رآك الناس معه قالوا: ما شاء الله فلان يمشي مع فلان هنيئا له وإذا سئل الناس عنك قالوا: لا ما دام أن صديقه فلان العاقل الصالح فاعتبروه من الصالحين يعطيك سمعة طيبة عند الناس ولذلك قال في الحديث: إما أن يحذيك إما أن يؤثر فيك فإن لم يؤثر فيك كسبت منه سمعة طيبة قال: أو تجد منه رائحة طيبة حتى لو لم تتعطر من عطره فإنك تشم عنده ريحه طيبة
أما صاحب السوء فقال عليه الصلاة والسلام فيه قال: وأما "جليس السوء كنافخ الكير إما أن يحرق ثيابك" ونافخ الكير هو الحداد الذي ينفخ على الحديد فيتطاير الشرار فإذا وقفت عنده إما أن يتطاير بعض الشرار على ثوبك فإذا صاحبت السيئ تأثرت به قال: وإما" أن تشم منه رائحة خبيثة" فإذا صاحبت إنسانا سيئا ربما كان سارقا أو مرتشيا أو محتالا أو ربما كان عاقا لوالديه أو ربما كان مدخنا أو شاربا للخمر أو متعاطيا للمخدرات أو كلما جلس معك حدثك بسفره إلى بلد كذا وبلد كذا ووقوعه في أنواع الفواحش فهذا إن لم تتأثر به وتشتاق إلى ما يفعل ويقول لك الشيطان لماذا لا تكون مثله وتسافر معه؟ لماذا لا تدخن مثله؟ لماذا لا تجرب أن تسهر معه ليلة وتشرب المسكر مثله؟ هاهو هاتفه لا يكاد أن ينقطع الاتصال من الفتيات اللاتي يغازلهن لماذا لا تكون مثله؟
إما أن يحرق ثيابك يؤثر فيك ولو على مسير الوقت قال: وإما أن تشم منه رائحة خبيثة تصبح سمعتك سيئة عندما يقال: والله رأيناه خارجا من بيت فلان أو رأيناه راكبا مع فلان في سيارته أو أن فلان يتصل به كثيرا إما أن يحرق ثيابك وإما أن تشم منه رائحة خبيثة
ولذلك كان السلف الصالح رحمهم الله يحرصون على مصاحبة الأخيار يحرصون على مصاحبة الصالحين يبتعد عمن قد يؤثر فيه بألفاظه أو يؤثر فيه بأفعاله بل يقول الحسن البصري رحمه الله تعالى: استكثروا من الأصحاب الصالحين في الدنيا فإنهم ينفعون يوم القيامة استكثروا منهم من معرفتهم قيل له كيف ينفعون فقال الحسن البصري: بينما أهل الجنة في الجنة إذ تذاكروا أصحابهم في الدنيا وأحوالهم في الدنيا فيقول قائلهم: ما فعل صديقي فلان؟ أنا كان عندي صديق في المدرسة أو ربما في الحي الذي أسكن فيه أو في الجامعة أو في العمل معي ما فعل؟ لا أراه في الجنة ما فعل صديقي فلان؟ فيقال: هو في النار فيقول هذا المؤمن: يا رب لا تكتمل لذتي بالجنة إلا إذا كان معي صديقي فلان عندها يأمر الله تعالى فيخرج صديقه من النار إلى الجنة لا لأجل عمل صالح من قيام ليل أو صيام نهار أو قراءة قرآن أو صدقة وإنما شفع له صديقه إكرام لصديقه الذي في الجنة اخرج هذا إليه
فيقول أهل النار: عجبا من شفع له؟ أبوه شهيد؟ فيقال: لا أخوه شهيد؟ فيقال: لا شفعت له الملائكة؟ الأنبياء؟ فيقال: لا وإنما شفع له صديقه فلان عندها يقول أهل النار: ( فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ (100) وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ (101) فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (102) [سورة الشعراء]
يا ليتنا نرجع إلى الدنيا لنعيد النظر في أصحابنا وذكر الله جل وعلا حال من اتخذ صاحبا سيئا إذا جلس معه ربما عرض عليه من هاتفه مقاطع محرمة أو ربما بدأ يقترح عليه ماذا نفعل في العطلة القادمة يقترح اقتراحات سيئة يقول الله جل وعلا: ( وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ) يوم القيامة ( وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا ) (الفرقان:27) يا ليتني مشيت على الطريق الذي دلنا عليه الرسول (يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا) عجبا! ما الذي منعك أن تتخذ مع الرسول سبيلا؟ ألم يكن السبيل واضحا أمامك؟ ألم تكن الحجة بينة ظاهرة؟ ما الذي منعك؟ ( يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا ) (الفرقان:28) كنت أجالسه كنت إذا استيقظت الصبح اتصل به كنت إذا رجعت من عملي ثم استيقظت آخر النهار اتصلت به: هاه أين تذهب الليلة؟ أين ستقضي ليلتك؟ أين ستكون؟ اتخذته خليلا ربما تركت أولادي الساعات الطوال لأجلس معه واذهب معه وأجيء اتخذته خليلا (يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا )
طيب لما اتخذته خليلا ماذا أثر فيك؟ ماذا أثر في حياتك؟ ( لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا ) (الفرقان:29) انظر كيف أن الصاحب السيئ صاحب السوء الذي لا يشجعك على صلاة لا يشجعك على بر والدين إن رأى منك سوءا زادك وشجعك عليه وإن رأى منك خيرا ردك عنه وربما خذلك عنه لا تسمع منه إلا الكلام السيئ والأخبار القبيحة
والنوايا العاطلة لكن الإنسان الحسن هو الذي يجرك إلى الخير ويدلك عليه
ولا شك أيها الأكارم أننا أيها الآباء لسنا مسئولين فقط عن صداقاتنا ربما بعض من أمامي من الآباء قد آتاه الله من العقل والحكمة ما يستطيع به أن يختار الصديق المناسب لكننا يجب أن نختار أصدقاء أبنائنا وألا ندعهم بعواطفهم وشهواتهم الخاصة تميل أنفسهم دون توجيه منا فكم من صديق أردى صديقه ولو ذهبت اليوم إلى السجون ورأيت الذين عليهم قضايا المخدرات
أو ربما أيضا قضايا المسكرات وقضايا القتل لوجدتك إذا سألت الواحد منهم عن السبب ذكر لك أن أصدقاءه هم الذين جروه إلى مثل ذلك
وقد رأيت والله عجائب في مثل هذا ينشأ الشاب صالحا ثم يتعرف على رفقة سيئة فيجرونه إلى مخدرات وإلى غيرها بطول جلوسه معهم وغفلة والديه
ولا أنسى قبل قرابة العشر سنوات أو تزيد قليلا كنت في إحدى المدن وألقيت محاضرة في أحد السجون ثم كانوا قد جمعوا لي السجناء في مكان واسع ثم لما انتهيت من المحاضرة قيل لي إن بعض السجناء لا يزالون في الحجز الانفرادي فلعلك أن تمر وتعطيهم كلمة مختصرة فمررت وأعطيتهم محاضرة قصيرة ثم مررت أسلم عليهم وكان عددهم قليل قرابة 10 زنازين أو نحو ذلك عليهم قضايا قتل قضايا مخدرات قضايا سطو وإذا من بينهم شاب لا يزال في ريعان شبابه ربما لم يتجاوز العشرين وإذا وجهه وجه خير ليس وجه إجرام فسلمت عليه ثم غادرت وسألت صاحبي
قلت: ما جريمته؟ أحد المرشدين الدينيين عندهم قلت: ما جريمته؟ قال: هذا عليه قضية قتل قلت: ما قصته؟ فقال لي: هذا الشاب لما كان في المرحلة المتوسطة اشترك في مدرسته مع مجموعة من الأخيار كان عندهم أنشطة فيها ثقافة فيها أمور دينية فيها تربية لكن القائم عليها من المدرسين المختصين بالعلوم الشرعية فلما علم أبوه أن المدرس من أهل الخير قال: لا أريدك يا ولدي أن تمشي مع هؤلاء والولد يرتاح إليهم ونفسه تميل إليهم لكن الأب يمنعه فمنعه من حضور حلقة التحفيظ في المسجد وصار الولد يزاملهم في المدرسة لكن لا يستطيع أن يراهم عصرا في المسجد فلما وصل الولد إلى الثانوية وإذا هو قد تعرف عليهم وقويت علاقته بهم وظهرت عليه أمارات الالتزام وقصر ثوبه وصار يصلي في المسجد والأب يمنعه غاية المنع من ذلك ثم ذهب الأب لما وصل الولد إلى الثانية ثانوي ذهب واشترى سيارة وجاء أوقفها عند الباب وعلق المفتاح في البيت وقال: تريد هذه السيارة؟ اترك هؤلاء الذين تصاحبهم وهذه الشعرات
التي في وجهك أزلها وأطل ثوبك وعش حياتك لماذا تعيش مع هؤلاء؟ قال: يا أبي لا ضرر علي أنا متفوق قال: لا أريدك أن أراك معهم تحمل الولد أسبوعا وأسبوعين ثم غلبته نشوة الشباب وفعلا فعل ما طلبه أبوه وأخذ السيارة وصار يخجل من أن يذهب إلى أصحابه بعدما أزال شعرات قليلة من لحيته وأصبح مظهره غير ملتزم
وطبيعة الإنسان لابد له من صديق وقد كان شابا معه سيارة فهذا إغراء لغيره بأن ينجذب إليه فتعرف عليه مجموعة أخرى في المدرسة وفي الحارة والأب فرحان لما رأى معه أمثال هؤلاء فشيئا فشيئا أوقعوه في التدخين ثم لم يمضي فترة بعدها حتى أوقعوه في الحشيش ثم جعلت الأيام تسير والأب يرى ولده يخرج إلى ملعب الكرة يخرج إلى البر إلى استراحة إلى مخيم إلى ساحل بحر ويقول ولدي يعيش حياته وماشي في دراسته وفي يوم من الأيام خرج هذا الشاب بسيارته مع أحد أصدقائه هؤلاء إلى ساحل البحر فسكرا شربا مسكرا ثم بدأ صاحبه ذاك يحاول أن يقع على هذا الشاب بالفاحشة وكان مع هذا الشاب سكين في سيارته
فوقع بينهما عراك وأخذ الشاب السكين وطعن ذلك الصاحب مرارا حتى قتله ثم قبض عليه ورأيته بعيني في السجن وقد كان مضى له سنة ونصف أو سنتان تقريبا يقول لي صاحبي هذا المرشد الديني يقول: الآن حكم عليه بالقصاص ورفع إلى الجهة العليا لتصديقه ولا ندري يصدق أم لا يقول: دائما إذا جاء الآباء يزورون أبنائهم أكون معهم وعادة إذا جاءوا يزورونهم تجد أن الابن يخفض رأسه طوال الزيارة خجلا من أبيه والأب يتكلم ويعظ وكأن الأب يقول: ورطتني لماذا دخلت السجن؟
يقول: إلا في هذه الحالة والله يا شيخ إن الابن رافع رأسه وإن الأب منزل رأسه في الأرض يقول: وحدثني الأب يوما وهو خارج رأيته متأثرا فأقبلت أصبره فقال: والله يا شيخ أنا أدخل الآن المسجد وأرى من كانوا مع ولدي هذا يؤذن وهو طالب سنة أولى في كلية الطب والثاني مبتعث والثالث في كلية الهندسة والرابع في الشريعة وإذا هم هذا يوكله الإمام وهذا أتمنى لو كان ولدي من بينهم لكني ما كنت أعقل في هذا
ولذلك أيها الإخوة الكرام ينبغي علينا لا أن نحرص فقط على صحبتنا وعلى من نجالسهم نحن هل يرفعوننا أم يخفضوننا؟ كلا وإنما صحبة زوجتك وصحبة بناتك وصحبة أبنائك ينبغي أن تحرص عليها سواء الصحبة المباشرة ممن يجالسونهم أو كذلك الصحبة غير المباشرة من الأصدقاء الذين يراسلونهم عبر تويتر والفيس بوك وعبر غيرها من وسائل التواصل الاجتماعي
ولهم اليوم من التأثير عبر كتاباتهم وصورهم ومقاطعهم الشيء الكثير ينبغي أن تحرص على التدقيق في ذلك بالأسلوب الحسن المناسب أن تدعو الله تعالى لهم بأن يحفظهم الله تعالى من صحبة السوء لعل الله تعالى أن يستجيب لك فيقر بذلك عينك
اسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا ممن يصحبون الأخيار ونسأل الله أن يحفظنا وذرياتنا من صحبة الأشرار وأن يجمعنا بمن نحب في جناته أقول ما تسمعون واستغفر الله الجليل العظيم لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وإخوانه وخلانه ومن سار على نهجه واقتفى أثره واستن بسنته إلى يوم الدين
اللهم إنا نسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم ونعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم
اللهم اغفر لنا ولآبائنا وأمهاتنا اللهم من كان منهم حيا فمتعه بالصحة على طاعتك واختم لنا وله بخير ومن كان منهم ميتا فوسع له في قبره وضاعف له حسناته وتجاوز عن سيئاته واجمعنا به في جنتك يا رب العالمين
اللهم اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين امنوا ربنا إنك رءوف رحيم
اللهم إنا نسألك أن تعز الإسلام والمسلمين في كل مكان اللهم ولّ على المسلمين خيارهم اللهم ولّ على المسلمين خيارهم اللهم اصرف عنهم شرارهم اللهم انصر من نصر الدين واخذل من حارب الدين يا رب العالمين
اللهم انصر إخواننا المجاهدين في بلاد الشام اللهم انصر إخواننا المجاهدين في بلاد الشام اللهم أيدهم بتأييدك اللهم أجمع كلمتهم اللهم أصلح ذات بينهم اللهم تقبل شهدائهم وارحم موتاهم اللهم واجبر كسرهم وداوي جرحاهم واشف مرضاهم يا رب العالمين يا حي يا قيوماللهم وأصلح أحوال إخواننا المسلمين في كل أرض من أرضك يا رب العالمين يا ذا الجلال والإكرام
اللهم واحفظنا في بلادنا وجميع بلدان المسلمين من شر الأشرار وكيد الفجار وشر ما تعاقب عليه الليل والنهار يا عزيز يا غفار يا رب العالمين اللهم وفق ولي أمرنا لما تحب وترضى وخذ بناصيته للبر والتقوى اللهم وفقه لهداك واجعل عمله في رضاك وسائر ولاة أمور المسلمين يا رب العالمين
اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد ومجيد سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له جل عن الشبيه والمثيل والكفء والنظير وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه وخليله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله الطيبين وأصحابه الغر الميامين ما اتصلت عين بنظر ووعت أذن بخبر وسلم تسليما كثيرا
أما بعد أيها الإخوة المؤمنون فطر الله جل وعلا الإنسان وجعله يميل بطبيعته وفطرته إلى أشياء فجعل الله تعالى الرجل يميل إلى المرأة بفطرته وطبيعته وهي أيضا تميل إليه وجعل الإنسان يحب المال حبا جما بفطرته وطبيعته ويميل إليه وجعل الأب يحنو على ولده ويعطف عليه ويحبه حبا كبيرا بطبيعته التي فطره الله تعالى عليها
وإن مما فطر الله جل وعلا عليه الناس أن يكون الإنسان مختارا لصديق يكون مصاحبا له إما أن يكون صديقا خليلا دائما، أو أن يكون صديقا عاما ولقد جعل الله تعالى شريعة نبينا صلى الله عليه وسلم التي كان يبينها للناس ويشرح أحكامها جعلها الله تعالى مقيدة وضابطة لهذه الفطر التي فطر الله تعالى الناس عليها ، فلم يمنع الله تعالى الأب من أن يحب ولده ، ولم يمنع الإنسان من أن يحب المال ولم يمنع الرجل من أن يقترب من المرأة ولم يمنع العبد من أن يكون له صديق، لكن ربنا جل
وعلا جعل لذلك ضوابط وآداب وأحكام ..
لعلنا اليوم نتكلم عن فطرة فطر الله تعالى الإنسان عليها وجعل الله تعالى لها ضوابط ، هذه الفطرة قد يكون الإنسان إذا عمل بها يرفعه الله تعالى عنده درجات، بل يصل إلى موطن يغبطه فيه الأنبياء والشهداء وربما ضل الإنسان بسببها ألا وهي اختيار الصديق فكيف يختار الإنسان صديقه؟ وما مميزات الصديق الذي ينبغي أن يحرص العبد على مصاحبته؟
وكيف ربما يردي الصديق صديقه؟ وكيف ربما يرفعه عند الله تعالى درجات؟ وكيف أوصى الله تعالى باتخاذ الأصدقاء؟ وكيف تكلم النبي عليه الصلاة والسلام عنهم وذكر الآداب معهم؟
يقول نبينا صلوات ربي وسلامه عليه: "المرء على دين خليله " أي على دين صاحبه الذي يجالسه دائما ويسافر معه وربما آكله وشاربه قال: المرء على دين خليله يعني على دين من يصاحب ويتخذه خليلا مقربا المرء على دين خليله "فلينظر أحدكم من يخالل " وكأن النبي عليه الصلاة والسلام ينبه هنا إلى أن المرء إذا صاحب السيئين ربما جروه إلى ما يقعون فيه حتى ولو لم يشعر بذلك
ولذلك قال ربنا جل وعلا موجها نبينا عليه الصلاة والسلام: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ ) (الكهف:28) يعني إن كنت مريدا لصاحب أو صديق أو أخ فاصبر نفسك مع هؤلاء حتى يعينوك على طاعة الله جل وعلا
وقال نبينا صلى الله عليه وسلم موضح أثر الأصدقاء قال: " مثل الجليس الصالح والجليس السوء كمثل حامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك" ذاك الذي يبيع العطر "إما أن يحذيك"
إذا جئت إليه إما أن يستخرج شيئا من العطر ثم يضعه على ثيابك أو يضعه على طرف يدك إما أن يحذيك أن يعطيك من عطره "وإما أن تجد منه رائحة طيبة" الصديق الصالح إما أن تتأثر أنت بأخلاقه فإذا كان كثير الذكر تأثرت سبحان الله بطبيعته فأصبحت كثير الذكر مثله إذا كان حريصا على التقدم إلى الصلوات رأيت نفسك تتبعه في ذلك وتتأثر إذا كانت أخلاقه حسنة إذا كانت ألفاظه حسنة يردد دائما هداك الله بارك الله فيك جزاك الله خيرا وجدت أن ألفاظك تتطبع بطباعه إذا كان بارا بوالديه إذا كان أمينا في تجارته إذا كان حريصا على القيام بعمله حريصا على وظيفته نشيطا في الاستيقاظ مبكرا تجد انك تتأثر به حتى ولو لم تشعر بذلك ولذلك قال في الحديث: إما أن يحذيك وإما أن تشم منه ريحا طيبة هذا إن لم تتأثر به فإنك ستكسب سمعة طيبة من مصاحبته
فإذا رآك الناس معه قالوا: ما شاء الله فلان يمشي مع فلان هنيئا له وإذا سئل الناس عنك قالوا: لا ما دام أن صديقه فلان العاقل الصالح فاعتبروه من الصالحين يعطيك سمعة طيبة عند الناس ولذلك قال في الحديث: إما أن يحذيك إما أن يؤثر فيك فإن لم يؤثر فيك كسبت منه سمعة طيبة قال: أو تجد منه رائحة طيبة حتى لو لم تتعطر من عطره فإنك تشم عنده ريحه طيبة
أما صاحب السوء فقال عليه الصلاة والسلام فيه قال: وأما "جليس السوء كنافخ الكير إما أن يحرق ثيابك" ونافخ الكير هو الحداد الذي ينفخ على الحديد فيتطاير الشرار فإذا وقفت عنده إما أن يتطاير بعض الشرار على ثوبك فإذا صاحبت السيئ تأثرت به قال: وإما" أن تشم منه رائحة خبيثة" فإذا صاحبت إنسانا سيئا ربما كان سارقا أو مرتشيا أو محتالا أو ربما كان عاقا لوالديه أو ربما كان مدخنا أو شاربا للخمر أو متعاطيا للمخدرات أو كلما جلس معك حدثك بسفره إلى بلد كذا وبلد كذا ووقوعه في أنواع الفواحش فهذا إن لم تتأثر به وتشتاق إلى ما يفعل ويقول لك الشيطان لماذا لا تكون مثله وتسافر معه؟ لماذا لا تدخن مثله؟ لماذا لا تجرب أن تسهر معه ليلة وتشرب المسكر مثله؟ هاهو هاتفه لا يكاد أن ينقطع الاتصال من الفتيات اللاتي يغازلهن لماذا لا تكون مثله؟
إما أن يحرق ثيابك يؤثر فيك ولو على مسير الوقت قال: وإما أن تشم منه رائحة خبيثة تصبح سمعتك سيئة عندما يقال: والله رأيناه خارجا من بيت فلان أو رأيناه راكبا مع فلان في سيارته أو أن فلان يتصل به كثيرا إما أن يحرق ثيابك وإما أن تشم منه رائحة خبيثة
ولذلك كان السلف الصالح رحمهم الله يحرصون على مصاحبة الأخيار يحرصون على مصاحبة الصالحين يبتعد عمن قد يؤثر فيه بألفاظه أو يؤثر فيه بأفعاله بل يقول الحسن البصري رحمه الله تعالى: استكثروا من الأصحاب الصالحين في الدنيا فإنهم ينفعون يوم القيامة استكثروا منهم من معرفتهم قيل له كيف ينفعون فقال الحسن البصري: بينما أهل الجنة في الجنة إذ تذاكروا أصحابهم في الدنيا وأحوالهم في الدنيا فيقول قائلهم: ما فعل صديقي فلان؟ أنا كان عندي صديق في المدرسة أو ربما في الحي الذي أسكن فيه أو في الجامعة أو في العمل معي ما فعل؟ لا أراه في الجنة ما فعل صديقي فلان؟ فيقال: هو في النار فيقول هذا المؤمن: يا رب لا تكتمل لذتي بالجنة إلا إذا كان معي صديقي فلان عندها يأمر الله تعالى فيخرج صديقه من النار إلى الجنة لا لأجل عمل صالح من قيام ليل أو صيام نهار أو قراءة قرآن أو صدقة وإنما شفع له صديقه إكرام لصديقه الذي في الجنة اخرج هذا إليه
فيقول أهل النار: عجبا من شفع له؟ أبوه شهيد؟ فيقال: لا أخوه شهيد؟ فيقال: لا شفعت له الملائكة؟ الأنبياء؟ فيقال: لا وإنما شفع له صديقه فلان عندها يقول أهل النار: ( فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ (100) وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ (101) فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (102) [سورة الشعراء]
يا ليتنا نرجع إلى الدنيا لنعيد النظر في أصحابنا وذكر الله جل وعلا حال من اتخذ صاحبا سيئا إذا جلس معه ربما عرض عليه من هاتفه مقاطع محرمة أو ربما بدأ يقترح عليه ماذا نفعل في العطلة القادمة يقترح اقتراحات سيئة يقول الله جل وعلا: ( وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ) يوم القيامة ( وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا ) (الفرقان:27) يا ليتني مشيت على الطريق الذي دلنا عليه الرسول (يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا) عجبا! ما الذي منعك أن تتخذ مع الرسول سبيلا؟ ألم يكن السبيل واضحا أمامك؟ ألم تكن الحجة بينة ظاهرة؟ ما الذي منعك؟ ( يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا ) (الفرقان:28) كنت أجالسه كنت إذا استيقظت الصبح اتصل به كنت إذا رجعت من عملي ثم استيقظت آخر النهار اتصلت به: هاه أين تذهب الليلة؟ أين ستقضي ليلتك؟ أين ستكون؟ اتخذته خليلا ربما تركت أولادي الساعات الطوال لأجلس معه واذهب معه وأجيء اتخذته خليلا (يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا )
طيب لما اتخذته خليلا ماذا أثر فيك؟ ماذا أثر في حياتك؟ ( لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا ) (الفرقان:29) انظر كيف أن الصاحب السيئ صاحب السوء الذي لا يشجعك على صلاة لا يشجعك على بر والدين إن رأى منك سوءا زادك وشجعك عليه وإن رأى منك خيرا ردك عنه وربما خذلك عنه لا تسمع منه إلا الكلام السيئ والأخبار القبيحة
والنوايا العاطلة لكن الإنسان الحسن هو الذي يجرك إلى الخير ويدلك عليه
ولا شك أيها الأكارم أننا أيها الآباء لسنا مسئولين فقط عن صداقاتنا ربما بعض من أمامي من الآباء قد آتاه الله من العقل والحكمة ما يستطيع به أن يختار الصديق المناسب لكننا يجب أن نختار أصدقاء أبنائنا وألا ندعهم بعواطفهم وشهواتهم الخاصة تميل أنفسهم دون توجيه منا فكم من صديق أردى صديقه ولو ذهبت اليوم إلى السجون ورأيت الذين عليهم قضايا المخدرات
أو ربما أيضا قضايا المسكرات وقضايا القتل لوجدتك إذا سألت الواحد منهم عن السبب ذكر لك أن أصدقاءه هم الذين جروه إلى مثل ذلك
وقد رأيت والله عجائب في مثل هذا ينشأ الشاب صالحا ثم يتعرف على رفقة سيئة فيجرونه إلى مخدرات وإلى غيرها بطول جلوسه معهم وغفلة والديه
ولا أنسى قبل قرابة العشر سنوات أو تزيد قليلا كنت في إحدى المدن وألقيت محاضرة في أحد السجون ثم كانوا قد جمعوا لي السجناء في مكان واسع ثم لما انتهيت من المحاضرة قيل لي إن بعض السجناء لا يزالون في الحجز الانفرادي فلعلك أن تمر وتعطيهم كلمة مختصرة فمررت وأعطيتهم محاضرة قصيرة ثم مررت أسلم عليهم وكان عددهم قليل قرابة 10 زنازين أو نحو ذلك عليهم قضايا قتل قضايا مخدرات قضايا سطو وإذا من بينهم شاب لا يزال في ريعان شبابه ربما لم يتجاوز العشرين وإذا وجهه وجه خير ليس وجه إجرام فسلمت عليه ثم غادرت وسألت صاحبي
قلت: ما جريمته؟ أحد المرشدين الدينيين عندهم قلت: ما جريمته؟ قال: هذا عليه قضية قتل قلت: ما قصته؟ فقال لي: هذا الشاب لما كان في المرحلة المتوسطة اشترك في مدرسته مع مجموعة من الأخيار كان عندهم أنشطة فيها ثقافة فيها أمور دينية فيها تربية لكن القائم عليها من المدرسين المختصين بالعلوم الشرعية فلما علم أبوه أن المدرس من أهل الخير قال: لا أريدك يا ولدي أن تمشي مع هؤلاء والولد يرتاح إليهم ونفسه تميل إليهم لكن الأب يمنعه فمنعه من حضور حلقة التحفيظ في المسجد وصار الولد يزاملهم في المدرسة لكن لا يستطيع أن يراهم عصرا في المسجد فلما وصل الولد إلى الثانوية وإذا هو قد تعرف عليهم وقويت علاقته بهم وظهرت عليه أمارات الالتزام وقصر ثوبه وصار يصلي في المسجد والأب يمنعه غاية المنع من ذلك ثم ذهب الأب لما وصل الولد إلى الثانية ثانوي ذهب واشترى سيارة وجاء أوقفها عند الباب وعلق المفتاح في البيت وقال: تريد هذه السيارة؟ اترك هؤلاء الذين تصاحبهم وهذه الشعرات
التي في وجهك أزلها وأطل ثوبك وعش حياتك لماذا تعيش مع هؤلاء؟ قال: يا أبي لا ضرر علي أنا متفوق قال: لا أريدك أن أراك معهم تحمل الولد أسبوعا وأسبوعين ثم غلبته نشوة الشباب وفعلا فعل ما طلبه أبوه وأخذ السيارة وصار يخجل من أن يذهب إلى أصحابه بعدما أزال شعرات قليلة من لحيته وأصبح مظهره غير ملتزم
وطبيعة الإنسان لابد له من صديق وقد كان شابا معه سيارة فهذا إغراء لغيره بأن ينجذب إليه فتعرف عليه مجموعة أخرى في المدرسة وفي الحارة والأب فرحان لما رأى معه أمثال هؤلاء فشيئا فشيئا أوقعوه في التدخين ثم لم يمضي فترة بعدها حتى أوقعوه في الحشيش ثم جعلت الأيام تسير والأب يرى ولده يخرج إلى ملعب الكرة يخرج إلى البر إلى استراحة إلى مخيم إلى ساحل بحر ويقول ولدي يعيش حياته وماشي في دراسته وفي يوم من الأيام خرج هذا الشاب بسيارته مع أحد أصدقائه هؤلاء إلى ساحل البحر فسكرا شربا مسكرا ثم بدأ صاحبه ذاك يحاول أن يقع على هذا الشاب بالفاحشة وكان مع هذا الشاب سكين في سيارته
فوقع بينهما عراك وأخذ الشاب السكين وطعن ذلك الصاحب مرارا حتى قتله ثم قبض عليه ورأيته بعيني في السجن وقد كان مضى له سنة ونصف أو سنتان تقريبا يقول لي صاحبي هذا المرشد الديني يقول: الآن حكم عليه بالقصاص ورفع إلى الجهة العليا لتصديقه ولا ندري يصدق أم لا يقول: دائما إذا جاء الآباء يزورون أبنائهم أكون معهم وعادة إذا جاءوا يزورونهم تجد أن الابن يخفض رأسه طوال الزيارة خجلا من أبيه والأب يتكلم ويعظ وكأن الأب يقول: ورطتني لماذا دخلت السجن؟
يقول: إلا في هذه الحالة والله يا شيخ إن الابن رافع رأسه وإن الأب منزل رأسه في الأرض يقول: وحدثني الأب يوما وهو خارج رأيته متأثرا فأقبلت أصبره فقال: والله يا شيخ أنا أدخل الآن المسجد وأرى من كانوا مع ولدي هذا يؤذن وهو طالب سنة أولى في كلية الطب والثاني مبتعث والثالث في كلية الهندسة والرابع في الشريعة وإذا هم هذا يوكله الإمام وهذا أتمنى لو كان ولدي من بينهم لكني ما كنت أعقل في هذا
ولذلك أيها الإخوة الكرام ينبغي علينا لا أن نحرص فقط على صحبتنا وعلى من نجالسهم نحن هل يرفعوننا أم يخفضوننا؟ كلا وإنما صحبة زوجتك وصحبة بناتك وصحبة أبنائك ينبغي أن تحرص عليها سواء الصحبة المباشرة ممن يجالسونهم أو كذلك الصحبة غير المباشرة من الأصدقاء الذين يراسلونهم عبر تويتر والفيس بوك وعبر غيرها من وسائل التواصل الاجتماعي
ولهم اليوم من التأثير عبر كتاباتهم وصورهم ومقاطعهم الشيء الكثير ينبغي أن تحرص على التدقيق في ذلك بالأسلوب الحسن المناسب أن تدعو الله تعالى لهم بأن يحفظهم الله تعالى من صحبة السوء لعل الله تعالى أن يستجيب لك فيقر بذلك عينك
اسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا ممن يصحبون الأخيار ونسأل الله أن يحفظنا وذرياتنا من صحبة الأشرار وأن يجمعنا بمن نحب في جناته أقول ما تسمعون واستغفر الله الجليل العظيم لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وإخوانه وخلانه ومن سار على نهجه واقتفى أثره واستن بسنته إلى يوم الدين
اللهم إنا نسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم ونعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم
اللهم اغفر لنا ولآبائنا وأمهاتنا اللهم من كان منهم حيا فمتعه بالصحة على طاعتك واختم لنا وله بخير ومن كان منهم ميتا فوسع له في قبره وضاعف له حسناته وتجاوز عن سيئاته واجمعنا به في جنتك يا رب العالمين
اللهم اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين امنوا ربنا إنك رءوف رحيم
اللهم إنا نسألك أن تعز الإسلام والمسلمين في كل مكان اللهم ولّ على المسلمين خيارهم اللهم ولّ على المسلمين خيارهم اللهم اصرف عنهم شرارهم اللهم انصر من نصر الدين واخذل من حارب الدين يا رب العالمين
اللهم انصر إخواننا المجاهدين في بلاد الشام اللهم انصر إخواننا المجاهدين في بلاد الشام اللهم أيدهم بتأييدك اللهم أجمع كلمتهم اللهم أصلح ذات بينهم اللهم تقبل شهدائهم وارحم موتاهم اللهم واجبر كسرهم وداوي جرحاهم واشف مرضاهم يا رب العالمين يا حي يا قيوماللهم وأصلح أحوال إخواننا المسلمين في كل أرض من أرضك يا رب العالمين يا ذا الجلال والإكرام
اللهم واحفظنا في بلادنا وجميع بلدان المسلمين من شر الأشرار وكيد الفجار وشر ما تعاقب عليه الليل والنهار يا عزيز يا غفار يا رب العالمين اللهم وفق ولي أمرنا لما تحب وترضى وخذ بناصيته للبر والتقوى اللهم وفقه لهداك واجعل عمله في رضاك وسائر ولاة أمور المسلمين يا رب العالمين
اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد ومجيد سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين
تعليق