إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

سبعة يظلهم الله يوم لاظل إلا ظله // مفهرس

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • سبعة يظلهم الله يوم لاظل إلا ظله // مفهرس

    محاضرة : سبعة يظلهم الله يوم لاظل إلا ظله
    لفضيلة الشيخ الدكتور: محمد بن عبد الرحمن العريفي


    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على أشرف الأنبياء وإمام المرسلين نبينا وحبيبنا وسيدنا وقرة أعيننا وقدوتنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم الذي بعثه الله تعالى بالهدى ودين الحق فهدى الله تعالى به من الضلاله وبَصَّرَ به من الجهاله , وكثر به من القله،واغنى به بعد العيله،فصلوات الله وسلامه عليه ما ذكره الذاكرون الأبرار ، وصلوات الله وسلامه عليه ماتعاقب الليل والنهار، ونسأل الله تعال أن يجعلنا جميعا من امته وأن يحشرنا يوم القيامة في زمرته
    أحمد الله عز وجل أيها الإخوة والأخوات أن يسر هذا اللقاء معكم في بيت من بيوت الله اجتمعنا نذكر الله تعالى ونتلوا كتاب الله عز وجل ونتدارسه بيننا فأسأل الله سبحانه وتعالى كما جمعنا في هذا المكان على غير أنساب
    تضمنا , ولا دنيا تجمعنا ,أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجمعنا يوم القيامة في جنته، وقد اجتمعنا نتحدث عنها ونذكر أخبارها شوقا إليها، إذ شوقنا الله تعالى في كتابه إليها فاشتاقت نفوسنا إليها، فنسأل الله تعالى أن يجعلنا في هذا المكان ممن تحفهم الملائكه وتغشاهم الرحمه وممن يذكرهم الله تعالى فيمن عنده، وممن يقال لهم في آخر مجلسهم "قوموا مغفوراً لكم"

    أيها الأحبة الكرام...
    لما أردت أن أبحث فيما يتعلق بالأمور التي تسبق دخول الناس إلى الجنه وجدت أنه لا يكفي لذلك محاضرة واحده، فإنني سأتكلم عن الحوض وأتكلم عن الميزان وأتكلم عن الصراط وأتكلم عن الصحف وندخل في كثير من التفاصيل المتعلقه بالشفاعه ومن الذي يشفع وما هي أنواع شفاعة النبي -صلى الله عليه وسلم- ورؤية الناس لربهم سبحانه وتعالى في المحشر قبل أن يراه أهل الجنه إذا دخلوا الجنه إلى غير ذلك...وهذا في الحقيقة إما أن نكون نمر على كل نقطة منها مروا سريعا فلا نحن وفيناها حقها ولا نحن أيضا استفدنا منها الفائدة العظيمه منها وبالتالي لن نستطيع أن نقف على شيء منها إلا كما يقف ربما المثقف الذي يأخذ معلومات عامه من مثل هذا، وأنا أعلم أن الذين يحرصون على حضور مثل هذه السلاسل هم من طلبة العلم والحريصين على أن يُؤصلوا أنفسهم في مسألة واحده أحسن من أن يكون مثقفا في عدد من المسائل دون أن يكون فاهما وسابراً لغوار كل مسألة منها، لذلك لما تأملت في هذا الأمر وجدت أن نقف على شيء مما ذكره النبي -صلى الله عليه وسلم- من الأحداث التي تكون قبل دخول الناس إلى الجنه سواء ما يتعلق بدخول من يدخل إلى الجنه نسأل الله تعالى أن يجعلنا منهم أو ممن يدخلون إلى النار عياذا من ذلك
    تعلمون أيها الإخوه والأخوات أن عرصات القيامه يكون الناس فيها متنوعون إلى أنواع كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم - عن حالهم من الفزع الذي يصيبهم وأن الناس يصيبهم من العرق الشيء الكثير حتى قال -صلى الله عليه وسلم-: {منهم من يبلغ العرق كعبيه ومنهم من يبلغ إلى ركبتيه ومنهم من يبلغ إلى حقويه...} يعني:إلى حوضه أي إلى وسط جسده {...ومنهم من يبلغ إلى ثدييه...} ثم قال -صلى الله عليه وسلم- {...ومنهم من يلجمه العرق إلجاما } يعني يغرق في هذا العرق، بل صح أيضا في مسند احمد أن النبي -صلى الله عليه وسلم - أخبر أنهم يعرقون عرقاً، يعني الناس في يوم القيامه هذه الأعداد التي لايحصيها إلا الله تعالى قال : { إنهم يعرقون عرقاً لو أُجريت فيه السفن لجرت } في هذا الـمُقام يختص الله تعالى أنواعاً من الناس يكونون في ظل عرش الرحمن يوم القيامه هؤلاء الأنواع اشتُـهر قول النبي -صلى الله عليه وسلم- فيهم أنهم سبعه كما سيأتي معنا بيانهم ،وذكر ابن حجر والسيوطي وجمع من أهل العلم أنهم تتبعوهم حتى أوصلوهم إلى سبعين كما سيأتي معنا النظم الذي قد جمعهم ابن حجر وجمعهم غيره لما نظمهم في أبيات سوف نذكرها لكم إن شاء الله .
    تعالوا ننظر في هؤلاء نتأمل ماهي الصفات التي اتصفوا بها حتى استحقوا إذ فزع الناس واشتد عليهم الحر ودنت منهم الشمس قدر ميل، تعالوا ننظر ماهي الصفات التي اتصفوا بها حتى استحق هؤلاء أن يكونوا في ظل العرش
    أولا- العرش هو أول المخلوقات، اختار ذلك شيخ الإسلام ابن تيميه، وابن القيم، وابن كثير، فإذا سُئلت ماهو أول المخلوقات ؟ فقل :هو العرش
    دل على ذلك مارواه مسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : {كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنه... } ثم قال -صلى الله عليه وسلم- {...وكان عرشه على الماء } كتب مقادير الخلائق يعني ماذا سيخلق وماذا سيُقَدر وماذا سيقع لهذه الخلائق، كتب الله مقادير الخلائق، إذن العرش من ضمن الخلائق !لا، العرش خُلق قبل أن تُكتب المقادير لذلك قال {كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنه } ثم قال : { وكان عرشه على الماء} إذن أن العرش قد خُلق قبل أن يخلق الله هذه الخلائق، العرش خلقه الله تعالى بيده، كما قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال :{خلق الله تعالى أربعة أشياء بيده },الله جلّ وعلا يقول للشيء كن فيكون لكن هناك أشياء لها خصوصيه خلقها الله تعالى بيده، قال ابن عمر هي أربعه :{ العرش والقلم وآدم وجنة عدن } قال ابن عمر :{ ثم قال لسائر الخلق كُن فكان } رواه الدارمي وإسناده جيد على شرط مسلم .
    العرش هو مخلوق عظيم، أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- عن عظمه، حتى نستوعب لما يقول النبي -عليه الصلاة والسلام- إن هؤلاء يستظلون بظل العرش لابد أن تفهم ما هو العرش ؟ نحن نتكلم عن شيء عظيم جدا، اسمع إلى مثال من عِظمه، يقول النبي -صلى الله عليه وآله وسلم - فيما أخرجه أبو الشيخ في العظمه وفي مسند أحمد وفي غيره من حديث العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه يقول العباس : {كنا يوما مع النبي -صلى الله عليه وسلم- قال :فمرّت بنا سحابه، فقال صلى الله عليه وسلم- ماتسمون هذا ؟ _قلنا :السحاب_ قال : والمزن _قلنا: والمزن قال :والعَنان _ قلنا : والعنان...} فقال -صلى الله عليه وسلم- {...أتدرون كم بين السماء والأرض ؟ _ قلنا الله ورسوله أعلم _قال :بينهما مسيرة خمس مائة عام، أتدرون كم بين السماء الأولى والتي فوقها ؟ قلنا : الله ورسوله أعلم _ قال : بينهما مسيرة خمس مائة عام، أتدرون كم بين السماء الثانيه والتي فوقها ؟ قلنا : الله ورسوله أعلم _ قال:بينهما مسير خمس مائة عام، وبين كل سماء وسماء مسيرة خمس مائة عام، وسُمك كل سماء مسيرة خمس مائة عام ...} ثم قال -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث الصحيح {...وفوق ذلك بحر بين أسفله وأعلاه مسيرة خمس مائة عام } ثم قال :{ وفوق البحر عرش الرحمن ولا يَقْدُرُ قدره إلا الله ...} من عظمه ماوصفه، ما ذكر لنا صفه في هذا الحديث له، قال :{ ولايقدر قدره إلا الله...}ثم قال :{ ...وفوق ذلك رب العالمين ولايخفى عليه شيء من أعمالكم وهو العلي العظيم } صفة عظم العرش جاءت في حديث آخر أيضا عند ابن أبي شيبه في كتاب العرش وصححه الألباني وغيره، يقول -عليه الصلاة والسلام- : { ما السماوات السبع } لاحظ هذه السماوات السبع التي ذكرنا الآن عظمها الذي سمك كل سماء مسيرة خمس مائة عام وبين كل سماء وسماء مسيرة خمس مائة عام يقول -صلى الله عليه وسلم - :{ما السماوات السبع في الكرسي } يعني بالنسبة إلى كرسي الرحمن { إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة } مثل لما تمسك حلقة لو اخذت مثلا قطعة حديد ولويت بعضها على بعض حتى أصبحت حلقه ثم ألقيتها في فلاة في بر ما هي نسبة هذه الحلقه الصغيره بالنسبه لهذه الصحراء العظيمه ؟ لاشيء ،فيقول -صلى الله عليه وسلم -السماوات السبع بالنسبة في حجمها بالنسبه إلى حجم الكرسي مثل حجم هذه الحلقه بالنسبة إلى حجم هذه الفلاه، انظر إلى عظمة الكرسي، قال :{ ما السماوات السبع في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فَلاَة... } ثم قال:{ ...وفضل الكرسي كفضل تلك الفلاه على تلك الحلقه } أي أن الكرسي هو تلك الفلاه، تلك الصحراء والسماوات السبع هي هذه الحلقه، إذا مادام أن هذا هو الكرسي، قال ابن عباس : { والكرسي هو موضع قدم الرب } وهذا أثر صححه ابن تيميه وغيره، والعرش فوق ذلك، إذا كان هذه العظمه للكرسي، فمابالك بالعرش !؟
    وقال -عليه الصلاة والسلام- : { أُذِن لي أن أُحدّث عن مَلَكٍ من حملة العرش رجلاه في الأرض السفلى ...} وهو حديث صحيح، يقول -عليه الصلاة والسلام- { رجلاه في الأرض السفلى وعلى قرنه العرش وبين شحمة أذنه وعاتقه خفقان الطير سبع مائة عام، يقول ذلك الملك سبحانك حيث كنت سبحانك حيث كنت } الحديث رواه الطبراني عن أنس وصححه الألباني
    والعرش من صفاته أن له قوائم، ومعنى العرش في اللغه :هو سرير الملك، هذا معناه في اللغه العربيه، فالعرش له قوائم .
    عن أبي هريرة -رضي الله عنه تعالى- قال قال -صلى الله عليه وسلم- :{ لاتُخيروا بين الأنبياء } يعني لاتقولوا هذا النبي خير من هذا النبي على سبيل التنقص للنبي الآخر، لا يجوز ـن تقول مثلا " محمد -صلى الله عليه وسلم- خير من يونس" وأنت تقصد التنقص ليونس، هذا لا يجوز، لكن لو قلت "خير من يونس " بناء على أنه -صل الله عليه وسلم- ميزه الله تعالى بمميزات ما ميزها بيونس لكن لاتقصد التنقص ليونس هذا جائز ، قال : { لاتخيروا بين الأنبياء...}ثم قال : -عليه الصلاة والسلام- {...أنا أول من تنشق عنه الأرض }، نحن نعلم أن الصور يُنفخ فيه نفختين، النفخه الأولى لا يعلم بها الموتى الذين في القبور إنما يعلم بها الأحياء الموجودون، كل من كان حي يُصعق من النفخة الأولى قال تعالى :[وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ] [الزمر]، فإذا صعقوا لبثوا مدة، لبثوا أربعين ثم ينفخ في الصور مرة أخرى فإذا هم قيام ينظرون، إذا هي نفختان، الموتى لايعلمون عن النفخة الأولى لأنهم موتى انتهوا، إنما النفخة الأولى يعلم بها الأحياء، فالأحياء عند قيام الساعه يسمعون النفختان، النفخه الأولى نفخة الصعق والنفخة الثانيه نفخة القيام، فكم بينهما ؟ { بينهما أربعون} روى هذا الحديث أبو هريره عن النبي -صلى الله عليه وسلم - قيل لأبي هريره :أربعون يوماً !
    قال : أبيتُ، قيل أربعون شهراً! قال : أبيتُ، قيل أربعون سنةً ! قال: أبيتُ، "أبيت" يعني أبيت أن أجيب لأني لا أدري النبي -صلى الله عليه وسلم - { قال بين النفختين أربعون } ولم يخبر أربعون سنه، أربعون شهر لم يخبر في البدايه .
    يقول -عليه الصلاة والسلام - :{ أنا أول من تنشق عنه الأرض } يعني في النفخة الأولى أو الثانيه؟ في الثانيه، يقول -عليه الصلاة والسلام-{فإذا بموسى متعلق بقائمة من قوائم العرش فلا أدري أكان ممن صُعق فأفاق قبلي } هل هو أفاق قبلي قام من قبره { أم كان ممن استثنى الله عز وجلّ )متفق عليه، وفي رواية قال: { أم جُوزِيَ بصعقة الطور }لما قال: [قالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَل] الطور يعني الجبل {فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا} [الأعراف].
    العرش له حمله، من صفات العرش ان له حمله يحملونه يقول الله سبحانه وتعالى :[ اللَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا ] [غافر]. فالمؤمنون لهم من يستغفر لهم عند ربهم عز وجل، وقال سبحانه :{وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ} [الزمر].
    هذا هو العرش العظيم الذي أخبر النبي-صلى الله عليه وسلم- أن الله تعالى يُظِلُ بهذا العرش من يشاء، في ذلك اليوم العظيم هناك أقوام يستظلون بهذا العرش، في حديث أبي هريره يقول النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-:{ سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ، إمام عادل وشاب نشأ في عبادة الله ، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه ،ورجل قلبه معلق بالمساجد ،ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله رب العالمين} أخرجه البخاري ومسلم.
    أما أول هؤلاء فإنه الذي إذا صلح صلح بصلاحه بشر بدأ النبي -صلى الله عليه وسلم- بالإمام العادل لأن القائد إذا صلح صلحت الناس تبعا له ولايعني النبي -صلى الله عليه وسلم- بالإمام العادل فقط الذي له الولايه العظمى، يعني فقط الذي يكون ملكا أو أميرا على بلد، قالوا إنما كل من كان له ولايه على من تحته فهو إمام إما أن يكون عادلا أو ظالما، قالوا حتى الأب هو إمام على أولاده، المدرس إمام على طلابه، مدير المدرسه إمام على موظفيه الذين تحته، إمام المسجد إمام على من يصلون معه، المعلم في حلقة التحفيظ هو إمام على من عنده، حتى قالوا ولا يَتبسم في وجه أحدهم دون الآخر إنما يعدل معهم كما سيأتي معنا، قول النبي -صلى الله عليه وسلم- :{ إمام عادل} العدل معروف، هو الإنصاف وهو ضد الظلم، العدل مأخوذ من العِدْل والعدِدْل أنهم كانوا إذا أرادوا أن يضعوا متاعا على البعير، يأتون بهذا المتاع ويقسمونه إلى قسمين متساويين فيضعونه فوق ظهر البعير ويكون هنا عِدِل وهنا عِدِل، فإذا كان أحد هذين القسمين أثقل من الآخر أتعب البعير أو سقط المتاع، يبدأ البعير يمشي مائل لأن هناك جهه تجرّه إلى الأسفل فيجعلونهما متساويين، فسمي عدلا أي لما يكون هذان العدلان أو هذان القسمان لما يكونا متساويان .
    يقول ابن حجر الإمام العادل هو الذي يتبع أمر الله ويضع كل شيء في موضعه، قد يكون الإمام عادلا وهو كافر لكن لا يعني أنه يستظل بظل العرش،لكن ممكن وهو كافر يُشهد له أن هذا عادل، لذلك النبي -عليه الصلاة والسلام- لما أراد أن يبعث أصحابه مهاجرين إلى الحبشه قال -صلى الله عليه وآله وسلم -:{ اذهبوا إلى الحبشه فإن فيها ملكا عادلا } هذا في بعض الروايات وفي بعض الروايات قال : { فإن فيها ملكا لا يُظلم عنده احد}، فدلّ هذا على أنك ممكن تقول إن فلان وهو كافر إمام عادل لقومه، فهو ملك عادل معهم، لا يعني انه يستظل بظل العرش، لا، كما لون أن أحدهم مثلا تصدق بصدقة فأخفاها لكنه مشرك وتصدق تقربا إلى الآلهه وأخفاها عن الناس لا يعني أن نقول أنت في ظل عرش الرحمن لأنه لم يحقق الشرط الأول الرئيس في قبول العبادة وهو التوحيد لله سبحانه وتعالى.
    يقول سفيان الثوري:| صنفان إذا صلحا صلحت الأمه وإذا فسدا فسدت الأمه- قيل من هم ؟ - قال: السلطان والعلماء | فالسلطان مثلا ممكن أن يمنع أماكن الرذيله وممكن يسمح بها، ممكن يمنع فتح محلات تبيع الخمور وممكن يأذن بها، ممكن هذا السلطان يُقفل المساجد أو يحد من بناء المساجد كما يقع في عدد من الدول مع الأسف أنه لا يكاد يُعطى أحد إذنا أساسا لبناء مسجد، إذا أراد أن يستخرج ترخيصا لبناء مسجد مُنع من ذلك، بينما لو أراد أن يبني ماخورا للخمر أو للدعاره أُذن له، فالإمام هذا القائد إذا صلُح صلُح الناس في الغالب وإذا فسد استطاع ان يُفْسِد .
    قال سفيان: |...والعلماء | وذلك أن العالم بفتواه يكون الناس متبعين له، الإمام العادل مدحه النبي -عليه الصلاة والسلام- في حديث أبي هريره يقول-صلى الله عليه وسلم- :{ ثلاثة لايرد الله دعاءهم الذاكر لله كثيرا والمظلوم والإمام المُقسط } رواه البيهقي وهو حديث حسن وقال -عليه الصلاة والسلام- كما عند الحاكم عن أبي هريره وهو حديث حسن قال :{ ليودّن رجل أنّه خرّ من عند الثريا وأنه لم يلي من أمر الناس شيئا } يعني أن بعض الناس سيندم يوم القيامه على أنه أصبح مسؤولا أو أميرا ، وقال -عليه الصلاة والسلام- :{ ما من أمير عشره إلا وهو يؤتى به يوم القيامه ويده مغلولة إلى عنقه } وفي رواية قال :{ أطلقه العدل أو أوبقه الظلم} يأتي مربوطا، فإما أن يكون عادل فيُطلق أو يكون ظالما فيبقى على مثل هذا الحال و الحديث عند البيهقي وهو حديث حسن .
    وقال -عليه الصلاة والسلام- :{صنفان من أمتي لن تنالهما شفاعتي إمام ظلوم غشوم وكل غالٍ مارق } أخرجه الطبراني وغيره، كان النبي -عليه الصلاة والسلام- حريصا على أن يكون إماما عادلا لما كان -صلى الله عليه وآله وسلم- في معركة بدر ومعه ثلاث مائة وسبعة عشر أو أربعة عشر وأمامه ألف وثلاث مائه من الكفار قادمون في وسط الطريق، النبي -صلى الله عليه وسلم - كان خائفا على هؤلاء، يعني نفسية النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- كان فيها نوع من الإضطراب على أصحابه لا معنا عدّه ولا معنا عدد وهو يدعوا الله تعالى {اللهم نصرك الذي وعدتني } ثم بدأ -صلى الله عليه وسلم- يرتب أصحابه، سواد ابن غُزيّه رضي الله تعالى عنه متقدم قليلا فالنبي -صلى الله عليه وسلم- قال :{ارجع يا سواد} حتى يستوي الصف فما سمع، قال: {ارجع ، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- كان معه عصى فضربه في بطنه قال : ارجع }كان سواد لم يتجهز أصلا لقتال كما أن الصحابه لم يتجهزوا، جماعه جيش كامل مامعه إلا ثمانية أدرع، الدرع هو الذي يُلبس حديد، والكفار معهم ست مائة درع، فرق! الصحابه ما معهم الا فرسان والكفار معهم مائة فرس، فرق ! فالصحابة أصلا قادمون ما جاؤوا لأجل قتال، هي قافله آتيه من الشام معهم أربعون حارسا نخرج إليها فلا يحتاج يأخذ درع .. فالصحابي أصلا قادم ليس عليه إلا إزار ورداء مثل الإحرام هذا لباسهم فهو بالأصل يرتدي الإزار والرداء عليه وبطنه ظاهر ,فلما ضربه النبي -صلى الله عليه وسلم- بالعصا ضربت العصا في بطنه مباشره، لا يوجد شيء فقال :{ أوجعتني يارسول الله }فالنبي -صلى الله عليه وسلم- من حرصه على العدل دفع إليه العصا قال : { اقتصّ } فنظر فإذا النبي -صلى الله عليه وسلم- قد غطى بطنه قال : {اكشف بطنك } أنا كاشف بطني لما ضربتني !{فكشف النبي -صلى الله عليه وسلم- بطنه، فأقبل سواد يضم بطن النبي -صلى الله عليه وسلم- ويبكي ويقبّله_ فقال -صلى الله عليه وسلم-ماحملك على هذا؟ _قال يارسول الله قد حضر ماترى} أمامنا موت وليس لعب، { قد حضر ما ترى فأردت أن يكون آخر ما لمست في الدنيا جسدك يارسول الله } وفعلا استشهد سواد في معركة بدر -رضي الله تعالى عنه- هم اثنى عشر صحابي من ثلاث مائة وسبعة عشر من بينهم سواد ابن غُزيّه -رضي الله تعالى عنه- فالمقصود أنه -صلى الله عليه وسلم - كان حريصا على العدل .
    مرةً جلس -عليه الصلاة والسلام- وأُوتي إليه بقدح فيه لبن فنظر لما شرب فإذا عن يمينه ابن عباس - وكان غلاما صغيراً، ابن عباس مات الرسول-صلى الله عليه وسلم - وابن عباس عمره لم يتجاوز ثلاثة عشرة سنه ما بلغ، ففي هذه القصه كان أصغر ربما كان عمره ست سنوات سبع سنوات وعلى يسار النبي -صلى الله عليه وسلم- أبو بكر ومشيخة من قريش ومن الأنصار فلما شرب -عليه الصلاة والسلام - نظر فإذا هذا غلام صغير عمره سبع سنوات وهؤلاء رجال بلِحاهم، وقد شابت لحاهم في الإسلام، لكن العدل، فقال -صلى الله عليه وسلم- :{ أتأذن أن أبدأ بهم قبلك } يستأذن غلام عمره سبع سنوات !طفل، يقول :{ أتأذن أن أبدأ بهم قبلك؟...} فإذا ابن عباس الفقيه اللقن يقول {...والله يارسول الله ماكنت أوثر بنصيبي منك أحدٌ } والله أرجوا بركة اللبن بعد شربك، أشرب أنا وبعدها تعطيهم، فانظر إلى فقه ابن عباس وعقله على صغر سنه، وانظر أيضا إلى عدل النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- بل أمر النبي بالعدل في كل شيء حتى في اللبس فقال -صلى الله عليه وآله وسلم- لما ذكر النعل قال :{ إذا انقطع شسع نعل أحدكم } شسع النعل هو السير الذي يكون فوق النعل تربطه على الرجل، قال :{إذا انقطع فليصلحه أو لينزعهما ليحفيهما جميعا أو لينعلهما جميعا } إما أن تلبس النعال مع بعض وإلا تحفي القدمين مع بعض، قيل السبب في ذلك العدل ليتعود الإنسان وقيل السبب في ذلك أن الشيطان يمشي بنعل واحده، من جاءوا بعد النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- كانوا على مثل هذا الحرص أو قريبين منه، أبو بكر، عمر بن الخطاب إلى غيرهم ..كل هؤلاء كان عندهم أنواع من العدل، خذ مثالا سريعاً في حرصهم على العدل فيما يلون من أموال الناس وعدم التساهل بأكل أموال الناس بالباطل، في حرصهم على سماع كلام المظلومين وتفقد الناس إلى غير ذلك .. عمر بن الخطاب جيء إليه يوما بِقِرب فيها زيت جيء بها من الشام أرسلها معاوية رضي الله عنه، زيت زيتون أرسلها إلى عمر، قال هذا للناس تبرعوا به إما أن توزعه أو تتصدق به يا أمير المؤمنين، جيء إليه به فقال عمر : |يا أيها الناس من كان يريد أن يشتري من الزيت فيأتيني بإناء ونصب له من هذا الإناء | نبيع ونجعل المال في بيت مال المسلمين، كلما فرغت قربه قلبها عمر وعصرها حتى يُخرج كل مافيها ثم يلقيها بجانبه، يعمل بنفسه، ثم يأخذ الثانيه ويعصرها ويبيع ويأخذ الحساب، كان بجانب عمر ابن له صغير فكان كلما ألقى عمر قربة أخذها هذا الغلام الصغير وعصرها أوطوى بعضها على بعض ثم يخرج منها قطرات زيت فيُدخل الغلام إصبعه في فم القربه ويمسح يديه ووجهه وشعره ففعل الغلام ذلك بست قِرَب أو سبع، فلما فعل ذلك نظر إليه عمر فجأة فإذا الغلام وجهه حسن وشعره حسن فقال له عمر |إدَّهنت! قال : نعم |والصبي فرح لأن شكله أصبح جميلا بدلاً أن كان مغبرا صار أجمل، قال : |إدَّهنت!_قال :نعم _قال : من أين ؟_ قال: مما يتبقى في هذه القرب _ قال : آآآه أن كنت ابن أمير المؤمنين تجرّأت !|يعني هؤلاء الصغار كلهم واقفون ولم يتجرّأ أحدهم أن يقترب من القرب إلا أنت لأنك ابن الخليفه ! |آآآآه أن كنت ابن أمير المؤمنين تجرّأت ! |كيف تتجرأ تأخذ من الزيت ؟قال يا أبي هذا سيغسل ويرمى! قال :|لا ،الناس يشترون الزيت بأموالهم ليدّهنوا ويدهنوا أولادهم وأنت تدّهن بالمجان ؟ والله مايعالجك إلا الحجّام | الحجّام يعني الحلاّق، ثم بعث به إلى الحلاق وحلق رأسه، هذه الدقه عند عمر -رضي الله تعالى عنه- جعلته إمام عصره.
    لما أقبل إليه مبعوث من عند قيصر من عند ملك الروم فلما جاء، معه رساله من قيصر جاء إليهم وقال :أين ملككم؟ قالوا :ليس عندنا ملك !_قال : كيف إذاً من أرسل رساله إلى قيصر ؟_ قالوا : عندنا أمير،أمير المؤمنين _ قال : أين أمير المؤمنين أين قصره ؟ _قالوا : ليس عنده قصر عنده بيت !_ قال: أين أجده ؟_ قالوا:لعلّه قد خرج مع إبل الصدقه، الخليفة الأمير يخرج مع إبل الصدقه!؟ _ قالوا: نعم،_ فخرج هذا الرومي حتى جاء إلى عمر فإذا عمر بجانب إبل الصدقه وقد لفّ رداءه عليه رداء مثل الإحرام خلع الرداء ولفه وتوسده تحت شجره ، والله لاحرس ولا أحد، فلما رآه هذا الرجل قال له العباره المشهوره قال: |كسرى لايستطيعون أن يفعلوا مثلك أما أنت فعدلت فأمنت فنمت | ,أنت عدلت فليس عندك أعداء أساسا فلما أصبح ليس عندك أعداء كل الناس أعطيتهم حقوقهم |أمِنت فنِمتَ|

    وقال في ذلك شوقي يقول :

    وراع صاحب كسرى أن رأى عمرا**** بين الرعيــة عطــلا وهو راعيها
    وعـهده بمــلــوك الفــرس أن لــهـا **** سورا من الجند والأحراس يحميها
    رآه مســتغرقــا فــي نومــه فـرأى **** فــيـه الجــلالة في أسـمى معـانيها
    فوق الثرى تحـت ظل الدوح مشتملا **** بـبـردة كــاد طــول الـعـهـد يبليها
    فــهـان فــي عينــه ما كــان يكــبره **** مــن الأكــاسـر والـدنيــا بـأيديها
    فــمن يـباري أبــا حفــص وسـيرته **** و مــن يحـــاول للـفاروق تشبيها

    |عدلت فأمنت فنمت |. ومن اللطائف كان أحد من الزملاء يدرس في جامعة الملك سعود، يدرس قانون، فكان عندهم دكتور مصري يدرسهم سياسه ونحو ذلك، يقول فمره من المرات كان يتكلم عن الحرس الذي يكون عند رئيس الدوله، في الماده موجود عندهم هذا الكلام، الحرس وما هي صفاتهم وما هي الأمور التي يدرسونها هذا من ضمن الماده التي يدرسونها، يقول فاخذ يتكلم وقال لابد أن رئيس الدوله يكون عنده من الحرس كذا وكذا، وهؤلاء والحرس يأخذون من الدورات كذا ...الـخ، يقول صاحبي فقام طالب نيّته يعني نيته صالحه قال :يادكتور _قال :نعم _ قال :يادكتور سبحان الله الشخص لا يعيش إلا بحرس؟ _ قال :نعم يجب أن يكون عنده حرساً _ قال: هذا عمر ابن الخطاب ماكان عنده حرس !_فقال الدكتور: عشان كده اتقتل (لذلك قـُـتـِل) وفعلا عمر -رضي الله عنه- قتل شهيدا من كرامة الله تعالى له، لكنه قُتل -رضي الله تعالى عنه - ليس من أحد المسلمين قُتل من رجل مجوسي من أبي لؤلؤه المجوسي فالمقصود أيها الإخوه والأخوات أن الإمام العادل معناه ليس فقط هو الذي يكون خليفة أو يكون أميرا على أحد، كلا بل هو الذي كل من تولى على شيء من أمور المسلمين، وهذا الذي ينبغي أن ينظر الإنسان إليه، يعني أنت ممكن أن تكون شاب نشأت في طاعة الله وفي الوقت نفسه تكون إمام عادل وفي الوقت نفسه تكون ذكرت الله خاليا ففاضت عيناك، ويقع عليك وينطبق بقية الأشياء التي وردت في هذا الحديث
    ثم قال -عليه الصلاة والسلام- {وشاب نشأ في طاعة الله } لماذا خصّ الشباب ؟ لأن الشباب هي الفتره التي يكون فيها الإنطلاق والهيجان وتكتمل فيها قوى الإنسان فربما دعته نفسه إلى أنواع من المتع في الحياه تكون محرمة عليه يقول -عليه الصلاة والسلام- مؤكداً على الشباب في حديث آخر قال : {لاتزول قدما عبد يوم القيامه حتى يُسأل عن أربع , عن عمره فيما أفناه ...} يعني منذ أن يبلغ أو منذ أن يولد إلى أن يموت، الستين سنه أو السبعين سنه فيما أفنيتها ؟ ثم قال -عليه الصلاة والسلام - {...وعن شبابه فيما أبلاه } لكن الشباب فتره من فترات العمر أيضا! من 15 إلى 45أو إلى الـ50أو إلى الـ40على خلاف ذلك .. ،لكن المقصود أنه مادام يارسول الله سيُسأل عن عمرك كله فالشباب داخل في العمر ؟ لكن لماذا قلت عن عمره ثم قلت وعن شبابه؟ فهو داخل في المرة الأولى ! إنما ذكر ذلك تأكيدا على أهمية الشباب، الصحابه أنواع منهم كانوا شباب نشؤوا في الإسلام، على ابن أبي طالب -رضي الله عنه- أسلم وهو غلام ثم نشأ في الإسلام على طاعة الله، معاذ ابن جبل كذلك، ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- كذلك، مصعب ابن عُمير سفير الإسلام الذي كان النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يراه في طرقات مكه ومافي مكة أعطر ولا أجمل ولا ألين لباسا منه وفي يوم من الأيام رآه النبي -صلى الله عليه وسلم- مُقبلا وعليه بُردة ممزقه بعد مادخل في الإسلام منعته أمه من جميع الأموال، فعليه بُردة ممزقة ومخرقة وليس عنده مالاً ليشتري قماشا ليرقع بها هذه الخروق فجاء إلى جلد شاة وقطع منه وبدأ يرقّع القماش بجلد شاة فأصبح مقبلا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-عليه بُرده وفيها جلد شاة مرقعه به فبكى النبي -صلى الله عليه وسلم- لما رآه وقال : {والله لقد رأيت هذا وما في مكة أنعم ولا ألين لباساً منه } ويرسله النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينه ويكون داعيه في المدينه وهو السفير، أول سفير في الإسلام، ثم يستشهد -رضي الله تعالى عنه- ولما أرادوا أن يدفنوه ما وجدوا إلا بردة إن غطوا بها رأسه انكشفت قدماه وإن غطوا بها قدميه انكشف رأسه ومات رضي الله عنه ودفن وهو على مثل هذا الحال، شاب نشأ في طاعة الله، الإمام البخاري منذ أن نشأ أيضاً وهو طالب للعلم ،يقول البخاري : |لما وصل عمري إلى ستة عشرة سنه حفظت كتاب ابن المبارك| وهو قد حفظ القرآن وانتهى منه و~كتابه وكيع |يعني في الزهد، يقول |فلما وصل عمري إلى ثمانية عشرة سنه جعلت أُصنف في قضايا الصحابه وفي فتاويهم|عمره ثمانية عشره وبدأ يُصنّف !
    الإمام الشافعي، قالوا كان الإمام الشافعي رحمه الله يفتي الناس في نهار رمضان، يجلس في المسجد يفتي الناس وبيده كأس ماء يشرب منه في نهار رمضان، كيف! لم يصم ؟ يقولون لأنه كان لم يبلغ بعد !لم يبلغ بعد وجلس يفتي والصيام غير واجب عليه فيفطر ذلك اليوم ، يفتي الناس في نهار رمضان وهو لم يبلغ يشرب من الماء الذي بجانبه، الإمام الشافعي لما أقبل مرة إلى بلد الإمام أحمد،أول ما رآه الإمام أحمد كان الإمام أحمد يجالس المحدثين ,يحيى بن معين ومجموعات إنما يسردون الأحاديث سردا، فجاء الشافعي فأصار يفهم الأحاديث ويخبرهم بفقهه فأصار أحمد يجالس الشافعي، فأقبل إليه أحدهم قال: يا أحمد،لم يقل له يا إمام لأنه لم يكن إماما بعد فهو في بداية طلبه للعلم،يقول يا أحمد: تدع مجلس يحيى ابن معين وتجلس عند هذا الفتى ؟ _كان الشافعي فتى_ يقولون لم يصل إلى العشرين، فقال الإمام أحمد: من فاته فقه هذا وعقله فاته خير كثير، وهو جالس، شاب نشأ في طاعة الله، نشأ في طلب العلم الشرعي، نشأ في حلقات تحفيظ القرآن، نشأ غاضاً لبصره، ليس له صبوه، نشأ في طاعة الله لم يكن له فتره وقع في غزل أو ربما دخّن أو شرب خمراً ، أو دخل إلى مراقص او أماكن عزف أو سافر إلى بلدان ينتشر فيها الفجور،كلا إنما منذ نشأته شاب نشأ في طاعة الله ، لذلك يجب أن يُنتبه إلى مايوقع الشيطان أحيانا في بعض القلوب أنه يقول أنت لاتزال شابا استمر في استمتاعك بحياتك برقصك وزمرك وعلاقاتك المحرمه مع الفتيات وربما أيضا شرب خمرا أو وقع في فواحش، ثم إذا أخذت من الشباب ما تريد وصل عمرك قريب من الثلاثين تب واستقم وتزوج ويأتيك أبناء ومن تاب تاب الله عليه، نقول ليس شرطا أن الله يغفر لك مامضى، ما أدراك؟ثم ليس شرطا أنك تعيش حتى تصل إلى الثلاثين ربما مت وأنت على مثل هذا الحال من يدري ؟ ثم أيضا أنت لما لا تبدأ تعمل الصالحات إلا لما يتقدم بك السن يفوتك أن تكون شابا نشأت في طاعة الله , ويفوتك أيضا عمر من عمرك كان ممكن أن تزيد به حسنات لكنك لم تفعل ,إنما حبست به السيئات .
    يقول لي أحد الزملاء مدرس في إحدى الثانويات، يقول كان عندي أحد الطلاب في ثاني ثانوي، فيه ديانه يعني فيه دين ورقة قلب وحرص على الخير، سبحان الله بعض الناس ربما كان مستقيما لكن لاتشعر أن عنده صلاة ليل ورقة قلب وبكاء الـخ..يقول هذا الشاب على صغر سنه إلا أن فيه من رقة القلب والإقبال الشيء الكثير، يقول: في يوم من الأيام ذهب مع مجموعه من زملائه إلى مكه للعمره وكان هذا الشاب ضعيف النظر جدا لدرجة انه يلبس نظارات سميكه ومع هذه النظارات السميكه بالكاد يستطيع أن يرى من شدة ضعف النظر عنده، وكان قد حفظ القرآن وبدأ يحفظ صحيح مسلم، يقول فأثناء الطواف تعب يصطدم بالنساء وربما التفتت إليه بعضهن وأساءت به الظن يمسكه هذا ثم يضيعه، ثم لما بدأ في السعي أيضا شعر بنوع من الحاجة إليهم وامسكني يا فلان !قال والله أنا مشغول ، وامسكني يفلان، أمسكك شوطا والثاني شوطا آخر، شعر بنوع من الذله لهم فقال لأحد زملائه وهو ممسك بيده،قال له: هل يوجد ترامس ماء زمزم ؟_ قال : نعم _قال: أوقفني على أحدها_ فجاء صاحبه وأوقفه على أحدها جاء وجلس عندها ثم أخذ كأس الماء بيده وتلمّس مكان صب الماء وصب لنفسه ماءاً، وماء زمزم لما شُرب له وهذا الرجل نحسب أنه شاب نشأ في طاعة الله فرفع الكأس إلى فمه وقال: |اللهم ياحي ياقيوم يا رب العالمين يامن هو على كل شيء قدير ..|وجعل يناجي الله تعالى وصاحبه واقف ينتظره ثم قال في آخر مناجاته | يارب أسألك أن ترد علي بصري | ثم قال :بسم الله وشرب
    يقول صاحبه والله يا شيخ انتهى من شرب الماء وأنزل الكأس وضرب بالكأس في الأرض ثم خلع النظاره وقال : |الله أكبر| وضرب بالنظارات في الأرض، يقول لما انكسرت النظاره ضاق صدري، قلت :يافلان أرجوك كل شيء إلا نظارتك _ قال : أغناني الله عنها _ قلت :كيف _ قال: ردّ الله بصري _ قلت: ماذا ؟؟ كم هذه ! _قال سبعه , قلت: كم الساعه هناك؟_ قال تسعه _ يقول : وردّ الله بصره مائه في المائه ،سبحان الله مع أني ليس من عادتي أن أذكر أشياءاً واقعيه لكن أحيانا أشياء تعجب منها وتقف عليها بنفسك ،شاب نشأ في طاعة الله، ما نظر الله تعالى إليه وهو ربما على فاحشه، ما نظر إليه وهو في معصيه، مانظر إليه وهو يقول والله أنا شاب سأمتع نفسي،لا،شاب من شدة محبته لله لايريد أن يراه الله تعالى في مكان نهاه الله تعالى عن الذهاب إليه،أخجل أن الله يسمعني وأنا أكلم فتاة، أخجل أن الله يراني وأنا أنظر إلى دي في دي وإلا سيدي والا فلم خليع، أخجل يا أخي، أخجل أن ينظر الله إلي وأنا مختبىء في غرفتي أومتلحف بلحافي وقد خفضت الصوت وأنا أنظر إلى مقطع خليع في هاتفي يا أخي أخجل ان الله ينظر إلي، صحيح أنا شاب وأستمتع لكن أترك هذه لله، شاب نشأ في طاعة الله، ليس نشأ في صلاة وصوم وعباده،لا، إنما في طاعة الله، مطيع ذليل , قال لي ربي غض بصرك، غضضت بصري، قال احفظ سمعك حفظته، قال احفظ لسانك حفظته، قال تصدق تصدقت، قال احفظ فرجك حفظت، إذاً أنا مطيع لله، الشاب الذي نشأ في طاعة الله هذا يظله الله في عرشه يوم لاظل إلا ظله جلّ وعلا .

    الثالث- قال -صلى الله عليه وسلم- {ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه } المحبه بين الناس لها أسباب، أنا قد أحبك مثلا لأنك تُنكّت دائما تعطيني نكت وطرائف فأنا أضحك وأنبسط إذا جلست معك فأحبك لكن لاتسمى محبة في الله هي محبه طبيعيه، أنا ممكن أحبك لأنك دائما تعطيني نقود كلما استلمت راتبك تأتي تقول هذه هديه هذه...فأحببتك لكن أيضا المحبه الذي دفع إليها ليس دين الله تعالى و عبادة الله إنما محبة طبيعيه، إنما المحبة التي يدفع إليها الدين أنا احبك لأني أراك دائما في الصف الأول هذه محبه في الله، أنا أحبك لأنك حافظ القرآن ما شاء الله عليك ومُتقن إذاً هذه محبه لله، أنا أحبك لأنك متصدق هذه محبه لله، أنا أحبك لأنك صاحب خشوع وإنكسار وغض بصر هذه محبه لله، المحبه التي يكون الدافع إليها هو الله ورضا الله سبحانه وتعالى هذا حب في الله وأنت مأجور عليه وقد يكون سبب المحبه محرماً، أحبك مثلا لأنك تتعاون في الذهب معي إلى أماكن فيها منكرات، تعلقت بشخص معين لأجل شكله ووسامته ومظهره ونحو ذلك .. المحبه في الله هي التي حث النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- عليها، روى الإمام أحمد أنه -صلى الله عليه وسلم- قال : يقول الله تعالى {حقّت محبتي للمتحابين فيّ والمتجالسين فيّ والمتباذلين فيّ } ورواه مسلم . عن أبي هريره رضي الله عنه قال -عليه الصلاة والسلام - {يقول الله تعالى أين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم في ظلي يوم لاظل إلا ظلي } وقال -عليه الصلاة والسلام- :{أوثق عُرى الإيمان أن تُحب في الله وأن تُبغِض في الله }إني أنا أُبغض فلانا ليس لأن شكله ما أعجبني أو قبيلته ما أعجبتني لا، أُبغضه مثلا لأنه يفعل منكرات معينه فأنا في قلبي بغض له، لايعني أني أضره بشيء إنما ينقص محبتي له بحسب طاعته لله تعالى أومعصيته له .
    النبي -عليه الصلاة والسلام - آخا بين المهاجرين والأنصار مؤاخاه كما قال الله سبحاه وتعالى : [وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ ] [الأنفال] وقال سبحانه : [وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً] فماذا فعل الله؟ [ فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا ] [آل عمران]لاحظ كيف الإسلام آخا بين الكبير والصغير، العربي والأعجمي، الأسود والأبيض، جعلهم الله تعالى إخوانا، وهذه هي حقيقة المحبه في الله، ما معنى اجتمعا عليه وتفرقا عليه ؟
    معناها أني أنا ما تعرفت عليك وأصبحت حبيبا لك وصديقا إلا لوجه الله، كنا في حلقة تحفيظ مع بعض، نصلي في مسجد واحد، تعرفت عليك في الحرم ونحن نعتمر، جئت إلي يوما وقلت اذهب معي نصلي صلاة الجمعه عند فلان، أعطيتني مرةً هديه شريط أو كتاب، سألتك مره مسأله فأفدتني فأصبحنا متحابين في الله اجتمعنا عليه، قال : {اجتمعا علي وتفرقا علي } سبب تفرقي أنا وإياك ليس مشكله وقعت بيننا، لا، إنما سبب التفرق ليس معصيه لله لكن إما ظروف الدنيا أو نحو ذلك، يعني سبب التفرق أني كنت أسكن في الحي الذي أنت تسكن فيه ثم انتقل كل واحد منا إلى مكان مثلا، قال : { اجتمعا عليه وتفرقا عليه } طبعا حقوق هذه المحبه كثيره، الأخوه في الله من حقوقها صدق الحب في الله، المناصحه، الإعانه في الدنيا ، الزياره في الله إلى غير ذلك ..

    ثم قال -عليه الصلاة والسلام- {ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه } له فضيلتان الأولى :الذكر، والثانيه: لما فاضت عيناه، أما الذكر فله فضائل عظيمه كما قال -عليه الصلاة والسلام- :{ ألا أُنبؤكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إنفاق الذهب والورِق وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم، قالوا: نعم يارسول الله، قال : ذكر الله عزّ وجلّ } فالذكر عموما له فضل، فلما ذكر الله تعالى وهو خالٍ عن الناس رقّ قلبه لما تذكر عظمة الله تعالى وخشي ربه ففاضت عيناه لأجل ذلك، وهذا يدل على أن من بكى من خشية الله له فضل، وأن أيضا من عمل مثل هذه الأعمال مخلصا لله تعالى أن له فضل .

    ثم قال -عليه الصلاة والسلام- :{ ورجل قلبه معلق بالمساجد } المساجد هي بيوت الله تعالى التي أذن أن تُرفع ويذكر فيها اسمه سبحانه وتعالى، وقد كان النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- حريصا على المساجد وكان قلبه معلق بالمسجد كما أنه -صلى الله عليه وآله وسلم- لما نزل به مرض الموت دخل إلى أهله بعد صلاة المغرب وإذا هو قد ارتفعت عليه الحُمّى فاضطجع على فراش فنودي بصلاة العشاء، ولم ينتبه -عليه الصلاة والسلام- من شدة المرض، فالتفت -صلى الله عليه وآله وسلم- لما بدأ الناس ينادون يقولون:{يارسول الله نامت النساء نامت الصبيان} فالتفت -صلى الله عليه وسلم-إلى من حوله قال :{أصلى الناس؟ _قالوا: لا يارسول الله هم ينتظرونك} هل قال أنا مريض ! لا، قال : {ضعوا لي ماء في المخضب } إناء كبير فوضعوا له الماء وأقبل -صلى الله عليه وآله وسلم- وجلس في هذا الماء وجعل يُبرد على نفسه حتى برُد جسده ثم اتكأ على يده ليقوم فأُغمي، عليه فلبث مليا مغمى عليه -صلى الله عليه وآله وسلم- ثم أفاق، فسأل عما قلبه معلق به، رجل قلبه معلق بالمساجد، يشتاق، يا جماعه هناك أُناس قلوبهم معلقة بالمسارح، فعلا تجد أنه يذهب إلى بلد معين فيه مسارح ورقص ويحضر لمدة أسبوعين ثلاثه فإذا رجع جلس أسبوعين ثلاثه فما صبر قلبه معلق، ويقول "يا أخي نحن ليس عندنا سينمات ومسارح سأذهب إلى ذلك البلد" فلا يزال قلبه معلق بتلك المسارح، من الناس من قلبه معلق بالملاعب الرياضيه ولا يكتفي بمتابعة المباراه عبر التلفاز، لا بل يذهب إلى الملاعب، قلبه معلق بالكوره، الناس قلوبهم معلقه بأشياء، النبي -صلى الله عليه وسلم - قلبه معلق بالمسجد فلما أفاق قال :{ أصلى الناس ؟_ قالوا :لا يارسول الله هم ينتظرونك } فنظر فإذا جسده ضعيف وحار، قال :{ ضعوا لي ماء في المخضب، فوضعوا له ماءً آخر ، فأقبل -صلى الله عليه وآله وسلم- وتبرّد به ثم اتكأ ليقوم فأُغمي عليه } <وإذا كانت النفوس كبارا تعبت في مرادها الاجسام >فلبث مليا مغمى عليه وعائشه ومن حوله ينظرون إليه -عليه الصلاة والسلام- فلما أفاق سأل عما قلبه معلق به قال : {أصلى الناس؟} ماقال خرج وقت الصلاة! لا، الجماعه !، { أصلى الناس ؟_ قالوا: لا يارسول الله ينتظرونك_ قال : ضعوا لي ماءً في المخضب وصبوا علي الماء من أفواه سبع قرب لم تُحلى أفواههن } أحضروا سبع قرب يكون الماء قد طال مكثه فيها، فأحضروا إليه -صلى الله عليه وآله وسلم-القربة الأولى وصبوها عليه والثانيه وصبوها عليه والثالثه صبوها عليه حتى أكثروا عليه صب الماء قالت عائشه: {وجعل يشير بيده أن حسبكم حسبكم }لم يستطع أن يتكلم فأخذ يشير بيده، الآن نشيط فاتكأ على يديه ليقوم إلى ماقلبه معلق به فأُغمي عليه فلما أفاق -صلى الله عليه وسلم - فإذا القلب معلق لكن الجسد هنا ما استطاع أن يتصل الجسد بالقلب، فقال -صلى الله عليه وسلم -{ مروا أبا بكر فليصلي بالناس } اليوم لا يوجد صلاة جماعه قلبي معلق لكن ما استطعت أن أصلي، مروا أبا بكر فليصلي بالناس، ويصلي بهم أبا بكر صلاة العشاء من يوم الجمعه وصلوات يوم االسبت وصلوات يوم الأحد، فلما كانت صلاة العصر من يوم الإثنين شعر النبي -صلى الله عليه وسلم- في جسده بنشاط، قلبه معلق ، فقال -صلى الله عليه وآله سلم - :{ ادعولي علياً والعباس رضي الله عنهما، فدعوهم ، قال: احملاني إلى المسجد }ارجعوا الجسد إلى القلب !{ احملاني إلى المسجد} فحملاه -صلى الله عليه وآله وسلم- يتهادى بينهما، يقول علي رضي الله عنها : {إن قدميه لتخُطاّن في الأرض} لايقدر أن يرفع رجله من شدة الإعياء فرجله تخط في الأرض، فذهب إلى أصحابه قيل صلى معهم وقيل لم يستطع وعاد -صلى الله عليه وآله سلم- ثم مات بعد صلاة العصر من يوم الإثنين، آخر مكان ذهب إليه المسجد، ذهب أخذ قلبه، انظر رجل قلبه معلق بالمساجد .
    عامر بن عبد الله بن الزبير بن العوام نزل به الموت فسمع الآذان يؤذن لصلاة المغرب قال :| احملوني، قالوا : سبحان الله وأنت على هذا الحال ؟ _ قال : نعم أسمع منادي اللهيقول حيّ على الصلاة حي على الفلاح ولا أجيبه احملوني إلى المسجد | قال فحملوه فركع ركعة مع الإمام في صلاة المغرب ثم مات في سجوده .
    محمد بن خفيف رحمه الله من علماء الحنابله قالوا قد نزل به الفالج، الفالج هو مثل الجلطه شلل نصفي، يقولون فكان إذا أُذّن عليه للصلاه إذا سمع الآذان قال :| احملوني إلى المسجد _ قالوا : سبحان الله، إن الله قد عذرك _ قال: أعلم أن الله قد عذرني أعلم لكني لا أطيق | لا أصبر، ثم قال :| إذا سمعتم حيّ عل الصلاة حيّ على الفلاح ولم تروني في الصف فاطلبوني في المقبره | يعني إن لم تجدوني في المسجد اعلموا أني قد مت، أنا في المقبره، | فاطلبوني في المقبره |

    زارني مرة أحد الشباب فتكلمنا عن صلاة الجماعه ثم تكلمت عن صلاة الفجر، سبحان الله أنا كنت أُعرّض بنصيحته وهو شاب غير مستقيم تماما عنده بعض المخالفات الشرعيه، فكنت أتناقش معه بنية ومن باب "إياكي أعني واسمعي ياجاره"من باب النصح من بعيد، أتكلم عن أهمية الفجر وكذا .. فالتفت إلي وقال: تصدق ياشيخ ! _ قلت: نعم _ قال: والله العظيم أني من ثلاث سنوات لم أنم عن صلاة الفجر في المسجد يوما واحدا _ قلت: سبحان الله هذا كنا نقرؤه عن السلف! فلان كان أربعين سنه، فلان كان عشرين سنه، قلت ثلاث سنوات ولا مره نمت عن صلاة الفجر! _ قال: والله ولا مره نمت عن صلاة الفجر. انظر يا أخي إلى من يعظم الصلاة حق التعظيم فعلا ويعطيها قدرها، رجل قلبه معلق، تجد أنه إذا كان يقود السياره وأذن للصلاه بدأ قلبه يأكله" يا أخي ابحث عن مخرج توقف عند مسجد، ألا يوجد مسجد قريب ! افتح النوافذ نسمع ربما هناك إقامه " قلبه معلق" لا تفوتنا الصلاه لاتفوتنا الصلاه " وأناس مع الأسف يكون على الطريق السريع ويؤذن ويقول سأتأخر وزحام سأصلي في البيت، الصلاه لاتساوي شيء عنده، أما الذي قلبه معلق بالمسجد والله العظيم منذ أن يؤذن عليه وقلبه يأكله يأكله لايصبر، يمكن لو معه هاتف ما ارتاح لو معه ناس أنهى الحديث معهم وقال" ياجماعه اتركوا الحديث الى وقت آخر أنا لست معكم، بالله ابحث عن مسجد، لايوجد مناره ! أدخل الشارع هذا لنبحث " قلبه معلق ينتفض حتى يدخل إلى المسجد، لكن مع الأسف بعض الناس الذين لايهمهم ذلك، هذا ينبغي أن ينظر في قلبه، أنت قلبك ليس معلق بالمسجد، إذا قلبك معلق بالمسجد العلامه في ذلك أنه منذ أن يؤذن وأنت قلبك ينتفض .
    وقف الإمام مالك مرة مع ابن وهب، أحد تلاميذه، يتحدثان في الشارع فأُذّن للصلاه فانصرف ابن وهب يمشي فنظر الإمام مالك فإذا هو متوجه إلى بيته، قال :| المسجد من هاهنا ! |أين تذهب |المسجد من هاهنا! | فقال: | أتوضأ للصلاه _ فقال الإمام مالك : سبحان الله رجل يطلب العلم يدخل عليه وقت الصلاة وهو على غير وضوء الله المستعان| يقول رجل يطلب العلم يدخل عليه وقت الصلاة وهو على غير وضوء!! ايفترض أن تتوضأت قبل أن يؤذن، لم ينتقد عليه فاتتك الصلاه، لا، لماذا تتوضأ بعد الآذان؟ المفروض أنك من قبل الآذان تكون حريص على ذلك، كانوا يؤدبون أولادهم على صلاة الجماعه .
    عبد العزيز بن مروان غاب ولده مرة عن الصلاه ، وكان ولده في مدينه أخرى عند مؤدب، فالمؤدب هذا أرسل إلى أبيه قال : |ولدك غاب عن صلاة الجماعه| فأرسل الأب إليه يا ولدي ماغيّبك عن صلاة الجماعه ؟ | فردّ الولد إليه قال: |يا أبتي كانت مُرَجّلتي تسكّن شعري، الجاريه أو الماشطه كانت تمشط شعري وفاتتني الصلاه | فبعث إليه حلاقا بصحيفه معه قال :| لا تسلمه إياها حتى تحلق شعره | فوصل إليه والصحيفه معه حتى حلق شعره صفر، ثم أعطاه الصحيفه بما فيها من التوجيه .
    هشام بن عبد الملك صلى مرة الجمعه ثم التفت ففقد أحد أولاده فبعث إليه قال : |أين أنت !غبت عن صلاة الجمعه _ قال : يا أبتي عجزت بغلتي عن حملي | الولد ثقيل وبغلته مريضه ذلك اليوم فركبها وعجزت عن حمله فترك صلاة الجمعه، فقال :|سبحان الله وإذا عجزت بغلتك عن حملك تغيب عن الصلاه أقسمت عليك ألا تركب دابة سنة كامله | أنظر إلى التشديد عليه، سنه كامله لا تركب دابه، لكي تتأدب ولاتغيب عن الصلاه |أقسمت عليك ألا تركب دابه سنة كامله | إذا كان هؤلاء يُنشّؤون على مثل ذلك من صغرهم اعلم أنه سيزداد حرصا إذا كبر، إذا كان منذ صغره معلق قلبه بالمسجد اعلم أنه سيكبر ولا يزال قلبه معلق بالمسجد

    ثم قال -عليه الصلاة والسلام- :{ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لاتعلم شماله ماتنفق يمينه } له فضل الصدقه وفضل تعظيم الله تعالى والإخلاص، ولا شك أن الصدقه في السر لها فضل، يقول النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- في الحديث الصحيح يقول :{صدقة السر تطفيء غضب الرب } كما عند الطبراني وهو حديث حسن، وبين النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فضل الصدقة عموما، وأن لها فضلا، ذكروا أن زين العابدين علي بن الحسين بن علي ابن ابي طالب رضي الله تعالى عنه، قالوا كان عنده مائة مملوك،الرجل كان تاجرا وكان يشتري المماليك، يقولون فلما مات وغُسّل وجد المغسلون في ظهره آثار حمل،كأنه كان يعمل حمّالا، تعلم الآن عندما يكون أحدهم يعمل مثلا نجّارا تجد أن يده تتأثر، أو مثلا ربما لو عمل بعض الأعمال تجد أنه يتضح عليه من جسده أن هذا حمّال أنه نجّار، أو خياط، ربما وجدت فيه بعض الجروح مثلا، فـعلي بن الحسين لما أخذوا يغسلونه وجدوا في ظهره آثار حمل كأنه يعمل حمالا، فعجبوا من ذلك قالوا ما علمناه عَمِل حمّالا وعنده مائة مملوك! كان تاجرا، يقولون فلما دفنوه انقطعت الميره،انقطعت الميره يعني الطعام عن مائة بيت في المدينة كانت تصلهم الميره إلى بيوتهم في الليل، فعلموا أن هذا هو الذي كان يحملها
    ثم ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- السابع فقال صلوات ربي وسلامه عليه : {ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله رب العالمين } ذات منصب، وذلك أن الناس تميل نفوسهم إلى من كان له منصب ووجاهه
    وهيئه في المجتمع، فإذا زادت هذه المرأه أن لها منصبا عاليا وحسبا رفيعا، بنت فلان والا فلان، أو هي نفسها لها هذا المنصب معينه فيه، أو بمالها أحيانا ظهرت بين الناس وزد على ذلك أنها جميله ومع ذلك هي التي دعته، ليس هو الذي ذهب إليها، ومع ذلك قال: إني أخاف الله، فهي رفيعة الشأن، وفي روايه قال: { ذات حسب } لماذا نصّ النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- على النساء دون الرجال ؟ لماذا نصّ على المرأه دون الرجل ؟
    قال بعض الشُرّاح لأن المرأة لاتدعوا الرجل في الغالب إلا وقد هيئت كل شيء عن أن ينظر إليها أحد، المرأه عموما في طبيعة حياتها أكثر دقه من الرجل، لذلك تجد أحيانا أنك تضيع شيئا في البيت في مكتبتك وتقول لزوجتك "بالله أنا أضعت شاحن الجوال أو أضعت جوالي أو أضعت ساعتي ابحثي" أو أمك، سبحان الله ثم تجده هي، جرت العاده أن المرأه أكثر دقه وعنايه وتحسس من الرجل، فالنبي -صلى الله عليه وسلم - يقول : {رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال } في الغالب أن هذه المرأه لن تدعوه إلا وقد تحسست وتحسبت وحذِرت من أن ينكشف أمرهما، ومع ذلك مع وجود كل هذه الأمور مثل ما قالت امرأة العزيز ليوسف : هيتَ لك، غلقت الأبوب وقالت هيت لك، يعني تهيئت لك، وقيل هيت لك :يعني أقبل، ومع ذلك قال إني أخاف الله رب العالمين .

    أخيرا أيها الإخوه والأخوات هذه أبيات نظمها الإمام ابن حجر ونظمها غيره أيضا جمعوا فيها من جاءت فيهم الأحاديث أنهم يستظلون بظل عرش الرحمن يوم القيامه ،ليس كل الأحاديث الوارده بهم أحاديث صحيحه، بل كثير منها ضعيف، لكن ذكرها أهل العلم فأحببت أن أُسمعها إخوتي وأخواتي من طلبة العلم يقول :


    وَقالَ النَّبِيِّ المُصطَفى إِنَّ سَبعَةً ... يَظِلُّـهُم اللَهُ العَــظيم بِظِلِّه
    مُحِـبٌ عَفــيفٌ ناشِيء مُتَصَدِّق ... وَباكٍ مُصَلِّ وَالإِمامُ بِعَدلِه

    هؤلاء سبعه

    مُحِــبٌ عَــفيفٌ ناشــِيء مُتَـصَدِّق ... وَبــاكٍ مُــــصــَلِّ وَالإِمــــامُ بِعــَدلِه
    وَزِد مَــع ضُــعفِ سَـبعَتَينِ إِعـانَة ... لأَخــرَقَ مَـــع أَخــذٍ لِــحَــقٍّ وَبَــذلِهِ
    وَكَرهٍ وَضــوءٍ ثُمَّ مَــشي لِمَــسجِدٍ ... وَتَحســينِ خُلــقٍ ثُمــَّ مَــطعــَمٍ فَضلِهِ
    وَكــافِــلٍ ذي يَتــمِ وَأَرمَلــَةٍ وَهَـت ... وَتاجِــرِ صِــدقٍ فــي المَــقالِ وَفِعلِهِ
    وَحُــزنٌ وَتَصــبيـرٌ وَنُصحٌ وَرَأفَةٌ ... تَرــَبَّعَ بِهـا السَبعاتٌ مِن فَيضٍ فَضلِهِ
    وَزِد مَع ضَعفِ مَن يُضيف وَعِزبَةً ... لأَيتـــامِها ثُــمَ القَــريــبُ بِـــوَصلِهِ
    وَعــلـِمَ بِــأَنَّ اللَهَ مَــعــَهُ وَحُــبَّــهُ ... لإِجــلالِهِ وَالــجوعِ مَــع أَهــلِ حَبلِهِ
    وَزَهــدٌ وَتَفـــريجٌ وَغَــضٌ وَقُوــَّةُ ... صَــلاةٍ عَلى الهــــادي وَأِحياءِ فِعلِهِ
    وَتَرَكَ الرِّبا مَع رَشوَةِ الحُكمِ وَالزِنا ... وَطِفــلٍ وَراءَ الشَــمسِ ذَاكـراً فضله
    وَصَــومٍ وَتَشــيــيعٍ لِمــــَيِّت عِيـادَةٍ ... فَسَــبِّع بِهــا السَبعـاتِ يا زَينَ أَصلِهِ
    وَزِد سَــبعَتــَين: الحُــب لِلَهِ بــالغـاً ... وَتَطــهيرُ قَلــبٍ وَالغَــضوبَ لأَجـلِهِ
    وَحُــبُّ عَــلَــيّ ثُـــمَّ ذِكــرُ إِنــابَــة ... وَأَمـــرٌ وَنَــهــيٌ وَالـدُّعــاءُ لِسُــبلِهِ
    وَمِــن أَوَّلِ الأَنــعــامِ يَقــرَأُ غُـدوةً ... وَمُــستَــغفِرِ الأَسحارِ يا طَيّـَبِ فِعلِهِ
    وَبِــرٌ وَتَــركُ النَــمِّ وَالحـَســَدِ الَّذي ... يَشــينُ الفَــتى فَاِشــكُر لِجامِعٍ شَملِهِ

    هذه سبعون خصله لكن كما ذكرت كثير منها ضعّفه أهل العلم وأصح ما صح في ذلك هي السبعه الذين تقدم الكلام عنهم
    أسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفعني وإياكم بما سمعنا، أسأل الله تعالى أن ينفعني وإياكم بما سمعنا وأن يعيذنا ربنا عز وجل من الفتن ما ظهر منها ومابطن، هذا والله تعالى أعلم

    وصلى الله وبارك على رسول الله

  • #2
    رد: سبعة يظلهم الله يوم لاظل إلا ظله

    جزاك الله خيرًا ونفع بك
    كلمة الدكتور حازم شومان لفريق التفريغ بشبكة الطريق الى الله

    لا حول ولا قوة إلا بالله

    اللهم بلغنا رمضان

    تعليق


    • #3
      رد: سبعة يظلهم الله يوم لاظل إلا ظله

      بارك الله فيكي اخيتي على مرورك الطيب

      تعليق


      • #4
        رد: سبعة يظلهم الله يوم لاظل إلا ظله

        جزاكم الله خيراا

        تعليق


        • #5
          رد: سبعة يظلهم الله يوم لاظل إلا ظله

          بارك الله فيكم على مروركم الطيب

          تعليق


          • #6
            رد: سبعة يظلهم الله يوم لاظل إلا ظله

            السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
            جزاكم الله خيرًا ونفع بكم
            سبحان الله ....الحمدلله ....الله أكبر ....لا اله الا الله
            غــرفة العنــاية الإيمــانية المركـزة ’’ بادرى بالـدخــول ’’



            تعليق


            • #7
              رد: سبعة يظلهم الله يوم لاظل إلا ظله

              جزاكم الله خيرًا ،،،

              تعليق


              • #8
                رد: سبعة يظلهم الله يوم لاظل إلا ظله

                بارك الله فيكم على مروركم الطيب

                تعليق

                يعمل...
                X