إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

خطبة فضل عشر ذي الحجة // مفهرس

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • خطبة فضل عشر ذي الحجة // مفهرس




    خطبة فضل عشر ذي الحجة

    الشيخ الدكتور / محمد بن عبدالرحمن العريفي

    الخطبة الاولي

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    إن الحمد لله نحمده ونشكره ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا ،
    من يهدي الله فلا مظل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله وصفيه وخليله ـ صلى الله وسلم ـ وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه واقتفى أثره وأستن بسنته إلى يوم الدين .

    أما بعد أيها الإخوة المؤمنون

    إن من فضل الله عز وجل على عباده أن امتن عليهم بمواسم للخيرات .. جعلها أوقاتا فاضلات ..
    يضاعف الله تعالى فيها الحسنات .. ويرفع الدرجات .. ويكفر السيئات .. جعلها الله تعالى ميدانا للمتنافسين .. ومضمارا يتسابق فيه المتسابقون .

    وإن من أعظم هذه الأيام والمواسم ما نستقبله في يوم غد إن شاء الله تعالى من أيام عشر ذي الحجة
    وقد بين النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فضلها وعظم شانها فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
    كما في الصحيحين من حديث ابن عباس (
    ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله تعالى من عشر ذي الحجة قالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله ؟! قال : ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع بذلك من شيء ) .
    ولقد عوض الله تعالى أمتنا إذ قصر أعمارها عن أعمار الأمم السابقة فجعلها مابين الستين والسبعين عاما في غالب الأحيان ، فعوض الله تعالى أمتنا أن جعل لنا مثل هذه المواسم كموسم عشر ذي الحجة وموسم ليلة القدر وما شابه ذلك ، وان الإنسان إذا تأمل هذا وجد أنه ينبغي أن يستثمرها ولا يضيعها .
    كان سعيد بن جبير ـ رحمه الله تعالى ـ الذي روى الحديث عن بن عباس روى حديث فضل أيام العشر :
    كان إذا دخلت عليه العشر اجتهد اجتهادا عظيما حتى ما يكاد يقدر عليه ومن أراد منه شيئا لا يكاد أن يجده ولا أن يجلس معه من شدة انشغاله بالعبادات .
    وكان سعيد بن جبير يقول :
    أيها الناس إذا أقبلت العشر فلا تطفئوا سرجكم في لياليها ولا في أيامها كناية عن كثرة قراءة القران وعن كثرة القيام والصلاة .
    قال بن حجر ـ رحمه الله تعالى ـ : متكلما عن أيام العشر الذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لاجتماع أمهات العبادات فيها .
    ففي عشر ذي الحجة تقام عبادة الصلاة ويمكن أن تقام عبادة الصيام وأن تقام عبادة الصدقة وفيها أيضا يقع الحج لله سبحانه وتعالى .
    فهي تتضمن يوم عرفة ، وتتضمن يوم الحج الأكبر الذي هو العاشر وهو يوم النحر قال بن حجر ولا يأتي ذلك في غيرها .
    فلو جئت عند أيام رمضان لوجدت أنك يمكن أن تجمع في أيام رمضان عبادة الصلاة ، والصدقة ، والصيام لكنك لا تستطيع أن تجعل فيها حجا وكذلك في غيره من الأيام إلا في هذه الأيام العشر وفي هذه الأيام العشر يوم عرفة الذي هو خير يوم طلعت فيه الشمس وهو أعظم يوم يغفر فيه الله تعالى الذنوب للناس الذي يتكرر عليهم في كل عام ، وفيه يوم النحر الذي قال فيه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ‏ـ:
    ‏إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ بَيْنَكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا ــ يعني يوم النحر العشر من ذي الحجة ـــ فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا ) كما في الصحيح
    فبين النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن أفضل الأيام العشر هو العاشر منها
    وهو يقع أيضا في شهر الحرام في شهر ذي الحجة
    أيها المؤمنون لجلالة أمر هذه الأيام العشر أقسم الله تعالى بها في القران فقال الله عز وجل :
    وَالْفَجْرِ . وَلَيَال عشر
    قال بن كثير ـ رحمه الله ـ الليالي العشر المراد بها عشر ذي الحجة قاله بن عباس بن الزبير ومجاهد وغيرهم من السلف و الخلف .
    ومن فضائل هذه الأيام العشر أنها الأيام التي صامها موسى عليه السلام متمما الثلاثين قال الله عز وجل :
    وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ...
    لما أراد موسى أن يكلم الله جل في علاه أمره الله تعالى بالصيام فصام ثلاثين يوما صامها وهي شهر ذي القعدة
    فلما أتم الثلاثين أخذ لحاء شجرة واستاك به ليطيب فمه ليكلم الباري جل في علاه فأمره الله تعالى أن يزيد عليها عشرة أيام .
    فقال الله تعالى : وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً ــ فسمى الليالي على الأيام أطلق مسمى الليالي على الأيام ـــ كما قال الله عز وجل والفجر وليال عشر ـــ تطلق على الليلة في ظلمتها وتطلق على اليوم ــ
    فقال الله تعالى عن موسى :
    وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً ــ يعني شهر ذي القعدة ـــ وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ ــــ يعني العشر الأول من ذي الحجة ـــ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ...
    فكلم الله تعالى موسى عليه السلام ـ في اليوم العاشر من ذي الحجة وهو يوم النحر يوم الحج الأكبر الذي قام فيه النبي صلى الله عليه وسلم معظما لشانه رافعا لأمره خاطبا في أمته خطبة العصماء وعلى هذا إذ يتبين لنا أن هذه العشر كانت لها فضيلة أيضا حتى عند الأمم السابقة .

    أيها الأحبة الكرام بين النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فضل أيام العشر عموما كما في حديث بن عباس المتقدم : ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله تعالى من عشر ذي الحجة
    وبين الله تعالى وبين النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أيضا فضل بعض أيامها الأخرى كفضل يوم عرفة وفضل يوم النحر الذي أكمل الله تعالى فيه الدين ولأتم فيه الشريعة قال الله تعالى : ﴿
    الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً
    فسر العلماء أنها نزلت في يوم النحر وعليه يكون له فضل كبير وهو يوم الحج الأكبر قال ـ عليه الصلاة والسلام ـ : كما في السنن (
    أفضل الأيام عند الله يوم النحر ثم يوم القر ) والمقصود يوم النحر هو هذا اليوم العاشر من ذي الحجة الذي يرمي فيه الحجاج الحمرة الكبرى ويحلون فيه من إحرامهم التحلل الأول .

    أيها الإخوة الفضلاء :

    إن الإنسان إذا مرت عليه مثل هذه الأيام ينبغي عليه أن ينتبلها وأن ينتهزها وأن لا تمر عليه هكذا كما تمر عليه بقية الأيام بل ينبغي أن يتعبد لله تعالى فيها حق العبادة وقد جعل النبي ـ صلى الله عليه ـ وسلم لهذه الأيام العشر أحكاما من ضمنها :
    إذا دخلت العشر أراد أن يضحي فلا يأخذَ شيء من شعره أو أظفاره أو بشرته (سواء من ظفر يده أو من رجله) (من بشرته أي : من جلده) حتى يذبح كم ورد في صحيح مسلم وغيره من حديث أم سلمه ـ رضي الله تعالى عنها ـ

    فإذا كنت سوف تضحي أي أنت المسؤول عن أضحية أهل بيتك سواء كنت أنت الأب أو كان الأب متوفى وأنت الأخ الأكبر وبالتالي أنت المسؤول عن الأضحية فإنه منذ أن تدخل الأيام العشر لا يجوز لك أن تأخذ لا من شعر راسك ولا شاربك ولا لحيتك ولا من غيره ولا تأخذ من أظفارك شيئا كما نص على ذلك النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ

    وكذلك من كان سوف يضحي عن متوفى فلو أن إنسانا أراد أن يضحي عن أمه أو عن أبيه أو عن غيرهما من المتوفين فإنه يلزمه أيضا أن يمسك عن شعره وأظفاره منذ أن تدخل عليه العشر .
    فلنفرض أن الأب أنه سيضحي عن نفسه وعن أهل بيته فهذا يمسك عن شعره و أظفاره .
    ولنفرض أن زوجته سوف تضحي عن أبيها المتوفى عنده يلزمها أيضا أن تمسك عن شعرها وعن أظفارها أما إذا كانت لن تضحي عن احد فإن الإمساك عن الشعر والأظفار يلزم فقط من تعلقت به الأضحية .
    وكذلك أيها الإخوة الكرام لو أن رجلا وكل ولده أن يذبح أضحيته (نفرض أن الأب سيسافر مثلا ) ووكل ولده على ذبحها وأعطاه المال وسافر الأب فإن لزوم الإمساك عن الشعر والأظفار يتعلق بمن لزمته الأضحية في الأساس والأصل وهو الأب ولا ينتقل ذلك مع وكالته لابنه بل يعتبر الابن وكيلا له كما هو وكيلا له في توزيع زكاة الفطر أو في غيرها من الوكالات كذلك هنا وإنما يتعلق بصاحب المال الأصلي ولا ينتقل إلى غيره ويظل ذلك محرما .
    ويسأل بعض الناس أحيانا أنه إذا كان قد وكل بعض الجمعيات الخيرية ليذبحوا له أضحيته قول وأنا لا أدري متى سيذبحونها والغالب أيها الإخوة الكرام أن الجمعيات الخيرية لا يمر اليوم الثاني إلا وقد ذبحوا الأضحية عندها إما أن يؤكدوا لك هم أنها ذبحت أضحيتك في اليوم الأول أو قبيل الظهر أو ما شابه ذلك فإذا شككت في ذلك فلا تأخذن من شعرك ولا من أظفارك حتى ينتهي عنك إلى مغرب اليوم الثاني لأنه في الأغلب يذبح الأضاحي في هذه الجمعيات في خارج المملكة في اليوم الأول وفي اليوم الثاني .
    وقد ذكر العلماء في الحكمة في منع من كان عليه أضحية من أن يأخذ من شعره وأظفاره قالوا : إن الله عز وجل لما ذكر الحجاج إلى بيته العتيق قال سبحانه وتعالى : {
    ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْت العتيقِ..

    لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ: أي لينزعوا عنهم الإحرام و ليأخذوا من شعرهم وأظفارهم كما شاءوا وذلك بعد رميهم جمرة العقبة الكبرى .
    قال عز وجل :
    وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ يعني ليذبحوا الهدي ،
    وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْت العتيقِ : يعني به طواف الإفاضة
    فشبه غير الحاج بالحاج فكما أن الحاج يحرم فيمسك عن شعره وأظفاره تقربا إلى الله ولا يأخذ من شعره وأظفاره إلا في اليوم العاشر كذلك من ليس حجاجا يشرع له أن يتشبه بالحاج في ذلك .
    ومن كان سيحج متمتعا أو قارنا فإنه لا يلزمه أضحية فإنه لكل مرء مسؤول عن بيته أضحية واحدة فإذا كان سوف يحج فإنه سوف يذبح هديا في حجه إذا كان متمتعا أو قارنا وبالتالي تسقط عنه أضحيته .
    فإذا كنت أنت ستحج هذه السنة فيجوز لك في غد وبعد غد وبعده أن تأخذ من شعرك وأظفارك .. لماذا ؟؟
    لأنك لن تذبح أضحية أصلا فبما انك لن تذبح أضحية وبالتالي لا ينطبق عليك قول النبي صلى الله عليه وسلم : إذا دخلت العشر أراد أن يضحي فلا يأخذَ شيء من شعره أو أظفاره ــ أنت لن تضحي أنت ستذبح الهدي وبالتالي لا يلزمك أن تمسك عن شعرك وأظفارك إلا إذا دخلت في الإحرام الحقيقي إذا دخلت في الإحرام التام يلزمك أن تتمتع عن شعرك وأظفارك في اليوم السابع أو الثامن أما قبل ذلك فليس عليك بأس فيه .
    وكذلك أيها الإخوة الكرام من المسائل الهمة المتعلقة بهذا أنه من كان سيحج مفردا وبالتالي ليس عليه هدي وعليه أضحية وسيمسك عن شعره وأظفاره بداية من ظهور العشر فإذا حج مفردا فإنه لا بأس عليه إذا جاء اليوم العاشر أن يحلق رأسه حتى وإن كانت أضحيته لم تذبح في بيته ــ حتى لو قال أولاده سوف نذبح أضحيتك في اليوم الثاني ــ ما دام أنه سوف يأخذ شعره قربة لا ترفها ولا يأخذ من شعر شاربه ولا من لحيته ولا من غير ذلك من أجزاءه .
    هذه أيها الإخوة الكرام عبادات يتقرب بها العبد إلى ربه سبحانه وتعالى وسواء عرفنا الحكمة منها أم لم نعرف فنحن عبيد أرقاء بين يدي العظيم جل في علاه يأمرنا فنطيع اقتنعنا أو لم نقتنع (
    إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ)
    فإذا كان الإنسان عرف الحكمة من الشيء فعمل فبها ونعمة لكن لا يكن طاعتك للأمر مقيدة بمعرفتك للحكمة فإذا عرفت الحكمة فأطعت وإذا لم أعرف الحكمة لن أطيع ؟ !
    كلا بل تطيع أولا ثم تجتهد بعد ذلك في البحث عن الحكمة إن عرفت ذلك
    يستحب أيضا في هذه الأيام العشر الإكثار من العبادات عموما خاصة ذكر الله عز وجل يقول الله سبحانه وتعالى :
    وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ
    فذكر الله تعالى الذكر مع أن الذي يذهب للحج يشتغل بغيره من العبادات لكن الذكر لأنه أفضلها جعله الله تعالى هو الظاهر في هذه الآية وقال النبي صلى الله عليه وسلم : من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله تعالى من عشر ذي الحجة ثم قال فأكثر فيهن من التسبيح والتكبير والتهليل فينبغي من الإنسان إذا دخلت عليه هذه العشر أن يكثروا من التسبيح والتكبير والتهليل وهي الأيام المعلومات التي ذكرها الله تعالى في القران كما ذك ر ذلك بن عباس وبن عمر وهو قول أبي حنيفة والشافعي والمشهور عن أحمد أن قول الله تعالى :
    وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ أن المقصود بها هي أيام عشر ذي الحجة
    أما كيفية هذا الذكر وما هي السنة فيه وكيف ينبغي على الإنسان أن يشتغل به وما هو المطلق وما هو المقيد منه لعلنا أن نقف على ذلك في الخطبة الثانية
    أقول ما تسمعون واستغفر الله الجليل العظيم لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم


    الخطبة الثانية
    الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه واشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه ـ صلى الله وسلم ـ وبارك عليه وعلى آله وصحبة وإخوانه وخلانه ومن سار على نهجه واقتفى أثره واستن بسنته إلى يوم الدين
    أما بعد أيها الإخوة الكرام :
    بين النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن الذكر في هذه الأيام له فضل كبير يقول بن القيم رحمه الله تعالى لما تكلم عن أيام العشر وعن فضل يوم عرفة قال : الأفضل في وقت الوقوف بعرفة الاجتهاد في التضرع و الدعاء والذكر دون الصوم لأنه يضعف الإنسان قال أما الأفضل في أيام عشر ذي الحجة الإكثار من التعبد لاسيما التكبير والتهليل والتسبيح فهو أفضل من الجهاد غي المتعين أفضل من الجهاد العام إلا إذا كان الجهاد متعينا قال بن القيم : فالأفضل في كل وقت وحال إيثار مرضاة الله تعالى في ذلك الوقت والحال والاشتغال بواجب ذلك الوقت ووظيفته ومقتضاه فأفضل ما يفعل في عشر ذي الحجة الذكر سواء كان قراءة القران التسبيح التهليل الاستغفار الدعاء وما شابه ذلك هذا أفضل من غيره من العبادات فو استطعت في كل يوم أن تستغفر ألف مرة أو ألفي مرة أو عشرة آلاف مرة وأن تقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له , له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير أن تقولها مئات المرات فبلا شك أنك على خير ما دام أنك تشتغل بمثل هذا فهي قاطنة عموما خلال السنة لكنها تتأكد في العشر من ذي الحجة .
    التكبير أيها الإخوة الكرام في أيام عشر ذي الحجة كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يأمر به أكثر مما يأمر بغيره .
    تكبير الله تعالى والتكبير في العشر نوعان: تكبير مطلق وتكبير مقيد
    أما التكبير المطلق : فإنه في جميع الأوقات منذ أن تدخل العشر فتشتغل بقولك الله أكبر .. الله أكبر لا إله إلا الله
    الله أكبر الله أكبر ولله الحمد قال الشافعي وإن زاد وقال الله اكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون لا إله إلا الله وحدة صدق وعدة ونصر عبده وهزم الأحزاب وحدة لا إله إلا الله والله أكبر إلى آخرة. قال الشافعي من قال ذلك فهو حسن كما نقله بن القيم في زاد المعاد فكون الإنسان يكثر من التكبير فهذه فضيلة منذ أن تدخل العشر اشتغل بالتكبير وأنت في سيارتك وأنت في مكتبك صباحا وفي الظهر وعلى أي حال كنت وأنت على فراشك وأنت على كل حال من أحوالك أكثر من هذا التكبير .
    كان بن عمر وأبو هريرة وكان عمر رضي الله عنهم جميعا يبكرون إلى الحج في أيام العشر فيخرجون من اليوم الثالث أو الرابع وينصبون خياما لهم في منا فكان الواحد مهم وهو جالس في خيمته يمر الناس بالخيمة فيسمعون تكبيره فيكبرون فيسمعهم الذين وراءهم فيكبرون قالوا حتى ترتج منا تكبيرا .
    وكان ابن عمر يمشي في الأسواق في أيام العشر ــ يعني في أسواق مكة بين الحجاج ويقول الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله فيسمعه الناس فيكبرون بتكبيره هذه أيها الأحبة هو شعار لهذه الأيام العشر فإذا الناس سمعوك تفعل مثل ذلك تذكروا أننا في العشر كما انه لو أعلن مثلا في رمضان أن غدا عيد وهو الثلاثين من رمضان فصليت العشاء مع الناس ثم قلت الله أكبر الله أكبر سيلتفت الناس إليك ويقولون غدا عيد ؟ فما كبرت تكبير العيد صارت شعيرة مرتبطة بيوم فعلم الناس أن هذا التكبير من شعائر العيد فسألوك فقالوا غدا عيد ؟
    فكذلك ما يتعلق بأيام العشر من شعائرها الإكثار بهذا اللفظ من التكبير الكثير من التكبير المطلق من أول أيام العشر ويستمر إلى آخر أيام التشريق على الراجح من أقوال أهل العلم إذا يستمر ثلاثة عشر يوما وأيام التشريق هو الحادي عشر و الثاني عشر وعشر الثالث من أيام ذي الحجة تكبيرها مطلق كلها على الراجح من أقوال أهل العلم .
    وهناك تكبير مقيد وهي أيام معينة فيجمع فيه ما بين التكبير المطلق والتكبير المقيد وهو من فجر يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق فأنت تكبر تكبيرا مطلقا طوال الوقت فإذا دخل فجر يم عرفة إلى صلاة العصر في اليوم الثالث عشر من أيام ذي الحجة أكدت التكبير وكررته بعد الصلوات المفروضات أكثر من غيره بدأت به قبل قولك استغفرا لله اللهم أنت السلام بدأت بالتكبير لان التكبير يتحول على مقيد بهذه الصلوات أما من كان حاجا فإن التكبير المقيد يبدأ في حقه من بعد رميه لجمرة العقبة لأنه يكون مشغول قبله بالتلبية لله سبحانه وتعالى .
    أيها الأحبة الكرام أما صيام هذه الأيام أعني أيام العشر فقط اختلف أهل العلم هل يستحب أن يصومها كلها أم أن يصوم بعضها ولهم في ذلك أقوال مهم ما في مسلم من قول عائشة رضي الله عنها ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم صائما في العشر قط وقالت حفصة أربع لم يكن يدعهن رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ صيام يوم عاشوراء والعشر وصيام ثلاثة أيام من كل شهر وركعتا الفجر وهذا ذكره الإمام أحمد في مسنده وفي سنده أبو إسحاق الأشجعي الكوفي وهو مجهول فذكر أهل العلم للتوفيق بين الروايتين يستحب له أن يصوم من العشر لكن لا يستحب له أن يصومها كلها ولو أن إنسان أراد أن يصوم من بدايتها على يوم التاسع مثلا إذا كان غير حاج أو إذا كان حاج يوم من الأول إلى الثامن فهذا غير مستحب له على الراجح وإنما يصوم أكثرها
    فيصوم مثلا اليوم الأول والثاني ويفطر اليوم الثالث يصوم الرابع والخامس وبفطر اليوم السادس وما شابه ذلك .
    وذلك ليصل قدر المستطاع مما وصفه أهل العلم من حل النبي عليه الصلاة والسلام في هذه الأيام العشر
    أسال الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا وإياكم بما سمعنا ويجعلنا ممن ينتهزون مواسم الخيرات وممن يرفع لهم فيها الله تعالى الدرجات ويكفر عنهم السيئات
    اللهم إنا نسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم ونعوذ بك ربنا من الشر كله عاجله وآجاله ما علمنا منه وما لم نعلم .
    اللهم إنا نسألك يا حي يا قيوم يا ذالجلال و الإكرام اجعل مقدم حجاج بيت الله الحرام لبيتك العتيق سالما مسلما
    اللهم من أراد بهم سوء أشغله في نفسه ورد كيده في نحره يا حي يا قيوم .
    اللهم من أراد حجاج بيتك العتيق الذين أتوا ضيوفا عليك يا ربنا من أرادهم بتخريب أو تفجير أو أمراض أو نوع من الأذى اللهم فنسألك أن تكشف سريرته وأن تهتك ستره وأن تظهر أمره يا قوي يا عزيز وأن تجعله عبرة للمعتبرين يا حي يا قيوم
    اللهم إنا نسألك يا ذا الجلال و الإكرام أن تعز الإسلام والمسلمين في كل مكان وتخذل الشر والمشركين وتدمر أعداءك أعداء الدين وتجعل بلدنا هذا آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين اللهم وفق ولي أمرنا لما تحب وترضى وخذ بناصيته للبر والتقوى اللهم وفقه لهداك واجعل عمله في رضاك وسائر ولاة أمور المسلمين في كل أرض يا حي يا قيوم.
    اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك علة محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد
    سبحانك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين

    التعديل الأخير تم بواسطة *أمة الرحيم*; الساعة 12-09-2015, 09:39 AM. سبب آخر: بعض التنسيق

  • #2
    رد: خطبة فضل عشر ذي الحجة

    جزاك الله خيرًا ونفع بك
    كلمة الدكتور حازم شومان لفريق التفريغ بشبكة الطريق الى الله

    لا حول ولا قوة إلا بالله

    اللهم بلغنا رمضان

    تعليق


    • #3
      رد: خطبة فضل عشر ذي الحجة

      جزاكم الله خيرًا ... ونفع الله بكم ،،،

      تعليق


      • #4
        رد: خطبة فضل عشر ذي الحجة

        جزاكم الله خيرا على مروركم

        تعليق


        • #5
          رد: خطبة فضل عشر ذي الحجة

          للرفع


          رفع الله قدركم

          تعليق

          يعمل...
          X