سلسلة قصة المسيح
الدرس الثانى عشر: رفع المسيح
قال النبى صلى الله عليه وسلم :(طوبى لعيش بعد المسيح ، طوبى لعيش بعد المسيح، طوبى لعيش بعد المسيح)
من أهداف هذه السلسلة :محبة المسيح ومعرفة واستشعار معاناته
قال تعالى "إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَىٰ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىيَوْمِ الْقِيَامَةِ ۖ"
أشكل قوله" إِنِّي مُتَوَفِّيكَ "على البعض كيف توفاه ومعتقدنا أنه حى فى السماء؟
ذهب بعض العلماء إلى أن الآية فيها تقديم وتأخير والمعنى(يا عيسى إنى رافعك إلى ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا ومتوفيك)
الرد على ذلك:أن الأصل الترتيب إلى أن يثبت خلاف ذلك
ذهب الطبرى إلى أن (إِنِّي مُتَوَفِّيكَ) من استوفى حقه أى أخذه منه والمعنى آخذك إلى
وأقوى الأقوال فى ذلك قول ابن كثير متوفيك أى مُنيمك فالنوم هو الموتة الصغرى "اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُالَتِي قَضَى عَلَيْهَا المَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُّسْمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" فالله أنامه ثم رفعه
الخلافات بين عقيدتنا وعقيدة أهل الكتاب فى ذلك:
وأجمع العلماء أن المسيح لم يقتل " وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ"
يعتقد النصارى أن المسيح صلب ودفن وأن الله عز وجل فدى العالم بابنه ثم قام بعد ثلاثة أيام
ويعتقد اليهود أنهم صلبوه ويسخرون فى ذلك أنه لو كان رسول الله لما قدروا عليه "وَقَوْلِهِمْإِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ ۚ
ترتيب الأحداث:
1- نجح اليهود فى إقناع الحاكم الرومانى بقتل عيسى
2- توجهت مجموعة من الجنود إلى البيت الذى فيه عيسى فى أحد بيوت القدس ببيت المقدس ليقتلوه
3- علم عيسى بقدوم الجنود لقتله فلم يخف لأنه كان موقنا بأن الله معه وقد أخبره أنهم سيرفعه إليه ويلقى شبهه على أحد تلاميذه
4- أخبر عيسى الحواريين الاثنى عشر بذلك وطلب منهم أن يتبرع أحدهم بنفسه ليلقى الله عليه شبهه فما قام إلا هذا الشاب وكان أصغرهم سنا ولم يذكر لنا اسمه
5- حول الله ملامح هذا الشاب إلى ملامح عيسى فى لحظات ورأى الحواريون ذلك
6- ألقى الله على عيسى سنة من النوم وفتحت فرجة فى سقف البيت ورفع منها عيسى
7- لما دخل اليهود البيت رأوا شبيه عيسى فأخذوه لقتله وصلبه وكان مستعدا للقتل والاستشهاد
ومن مبهمات القصة مصير باقى الحواريين الأحد عشر
8- أخذ اليهود الشاب ووضعوه على خشبة وخرجت روحه وهو على الصليب ولما رأى الناس هذا الشاب لم يشكوا لحظة أنه عيسى وكانوا بين فرح شامت (اليهود)وبين حزين متألم(النصارى) ثم أنزلوه ودفنوه
9- صب اليهود والرومان العذاب على الحواريين وكل من آمن بعيسى
الدروس العقدية المستفادة من القصة:
- إبطال دعوى صلب بالمسيح وأن المصلوب لم يكن عيسى لأن:
1- لم يكن عيسى معروفا بشخصه لدى الجنود لذا استعانوا بيهوذا لمعرفة عيسى
2- ثبت أن يهوذا ندم على استعداده لمساعدة اليهود فى قتل عيسى قبل وصولهم إلى بيت عيسى ورد إليهم المال فقتلوا
3- نطق الانجيل أن عيسى نشأ بين ظهوراليهود وكانوا يعجبون من فصاحته وحكمته وبلاغته فلم لما أرادوا قتله لم يحققوه حتى استعانوا بيهوذا أليس هذا تناقض؟
ومن الناحية العقلية:
من العجيب أن يرتبط موضوع الصلب بالعدل والرحمة عندهمفهم يعتقدون أن الله فدى العالم بابنه (عقيدة الفداء):
فأى عدل ورحمة فى صلب الإله لابنه؟وهل لم يكن هناك وسائل أخرى لنشرالعدل والرحمة؟
وإذا كان المسيح ابن الله فأين عاطفة الأبوة ؟
وعندهم أن المسيح له طبيعتان جزء لاهوتى(أله)وجزء ناسوتى(إنسانى)فأيهم كان العامل عند الصلب ان كان اللاهوتى فلم لم يخبر الناسوتى أنه سيصلب؟
ما صورة الله عند هؤلاء الذي لا يرضيه إلا إنزال العذاب بالأبرياء ؟
ولم يكره النصارى اليهود وقد حققوا مراد الله بالعدل والرحمة؟
وما التناسب بين خطيئة آدم وصلب المسيح وأن كان لابد من وقوع العقوبة فلم لم تقع على آدم
وان كان عيسى لم يولد بلا أب ليكون مطهرا من خطيئة آدم فهل لم يأخذ نصيبه من الخطيئة عن طريق أمه مريم وهل كان جميع الأنبياء قبله مدنسين بخطيئة آدم؟
الحكمة من رفع عيسى:
رفعه ليطهره من خلطة أهل الكفر"وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا"
تمهيدا للمرحلة التالية وهى التمكين" وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىيَوْمِ الْقِيَامَةِ ۖ"
الدروس الإيمانية:
1- افقه فقه الابتلاء كتب لكل بنى آدم حظه من الابتلاء والله يختار لك الأنسب ،البلاء فى ظاهره شديد لكن فى طياته خفايا النعم قيل (كم فى البلية من نعمة خفية)،الله يبتلى ليهذب لا ليعذب "وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَالْعَذَابِ الأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِالأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْيَرْجِعُونَ"،أشد الناس بلاء الأنبياء يبتلى ليعلى درجتك عنده
2- خلطة أهل الطغيان والكفران مفسدة للعبد"وَمُطَهِّرُكَمِنالَّذِينَ كَفَرُوا"
خلطة الناس على أربعة أصناف: ماء(خلطة أهل الصلاح والخلق)، دواء(الجيران والأهل والزملاء)، داء (أهل الدنيا)،سم (من يزين لك المعاصى)
3- " وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىيَوْمِ الْقِيَامَةِ ۖ"سنة كونية الله عز وجل ناصر دينه :
كن متفائلا "حَتَّىإِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا " بإصلاح نفسك ومن لك عليه ولاية "حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ "
فالمخرج من الأزمات بالدعوة والخلق.
من درس رفع المسيح عليه السلام للشيخ هانى حلمى
http://hanyhilmy.com/main/play.php?catsmktba=6126
تعليق