إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

قول المعروف // مفهرس

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • قول المعروف // مفهرس

    بسم الله الرحمن الرحيم


    117- باب قول المعروف

    (231) قال الإمام البخاري حدثنا بشر بن محمد قال أخبرنا عبد الله
    قال أخبرنا عبد الجبار بن العباس الهمذاني عن عدي بن ثابت عن عبد الله بن يزيد الخطمي
    قال: قال رسول الله صلى
    الله عليه وسلم:
    {كل معروف صدقة}

    لطيفة هذا الحديث في إسناده، فبشر بن محمد رُميَ ببدعة الإرجاء،
    وعبد الله بن المبارك مرميّ ببدعة التشيع؛ عبد الجبار بن العباس صدوق يتشيع،
    عديّ بن ثابت رُمي أيضَا بالتشيع.




    · هؤلاء المبتدعة هل يُروى عنهم؟

    اختلفوا في الرواية عن الراوي المُبتدع والاحتجاج بروايته

    فيرى جمع من أهل العلم أن الرواية رواية أهل البدع لا تُقبَل مُطلَقًا،
    وذلك لأنَّهم إما على بدعة كفرية أو على بدعة مُفسقة،
    إن كانوا كفارا لا تقبل منهم، وإن كانوا فساقًا قالوا الفساق مردودي الرواية أصلاً.


    وقد ردَ ابن الصلاح هذا الرأي
    وقال إنه مُباعد للشائع عن أئمة الحديث
    فإن كتبهم طافحة بالرواية عن المبتدعة.




    نحن نريد أن نفهم هذه المعاني جيدًا
    لأننا سنخرج منها بأدب وبفائدة واقعية جدًا في التعامل فيما بين المسلمين.


    -أول قول: يقولون أن رواية أهل البدع لاتُقبَل
    قول مرويّ عن الإمام مالك ورده ابن الصلاح.
    بأنه مُباعد عن واقع أئمة الحديث في تدوين كتبهم.


    -القول الثاني: يرى بعض العلماء؛
    التفصيل قالوا إن كانت البدعة صُغرى قُبل وإلا فلا وبهذا قال الإمام الذهبي.


    -القول الثالث: فصّلوا، وهو إن كان الراوي داعية إلى مذهبه لم يُقبل وإلا قُبل.

    -القول الرابع:إذا كان المحدث يستحل الكذب لنصرة مذهبه
    (مثل بعض الرافضة)
    لا يُقبل وإلا قُبل لأن اعتقاد حرمة الكذب يمنع من الإقدام عليه فيحصل صدقه.


    -القول الخامس: يرى جماعة من أهل النقل والمتكلمين
    أنَّ أخبار أهل الأهواء كلها مقبولة فساق،
    كفار وهذا عكس القول الأول.


    o والقول الذي عليه أكثر العلماء أنه إذا لم يكن داعياً إلى بدعته
    فإنه يقبل في غير موضوع يمس هذه البدع.


    الفائدة التربوية
    هنا أنه إذا كان هذا شأن أهل السنة مع مخالفيهم من أهل البدعة
    (يروون عنهم)
    فكيف بصنيع أهل السنة مع أهل السنة الآن؟!
    ألا ينبغي أن يكون بين الناس هذا الأدب الذي ينفي التعصب؟!


    قال الإمام الخطابي "نحن في زمان قلّ فيه من يعرف وأقل منه من ينصف"
    ونحن بعد هذا بألف عام نقول الله أعلم بمن يعرف ومن ينصف!!أنصفوا أنصفوا.
    {
    وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} ]المائدة:8[

    لا ينبغي أن يوزن الناس بسيئاتهم وتهجر حسناتهم إنما ينبغي أن يكون الميزان

    ****************

    (232) أنس بن مالك خادم النبي صلىالله عليه وسلم
    قال كان النبي صلىالله عليه وسلم يقول
    {اذهَبوا بهِ إلى فلانةَ ، فإنَّها كانَت صديقةَ خديجةَ ،
    اذهَبوا إلى بيتِ فلانةَ ، فإنَّها كانَت تحبُّ خديجةَ}
    ]حسن,الألباني,صحيح الأدب المفرد(172)[



    ما هذا الوفاء العالي؟!
    كان النبي
    صلى الله عليه وسلم بعد وفاتها يحسن إلى صديقاتها ومن كان يحبها ومن كانت تحبه!

    وفي هذا الحديث حفظ الود للزوجة بعد مماتها بالإحسان إلى من أحبت,
    وفيه أنّ هذا من قول المعروف.


    وهو أيضا من الأخلاق المهجورة التي تحتاج إلى وقفة واقعية
    فالوفاء بالعهود قيمة إنسانية عالية لأنه يرسي دعائم الثقة في الأفراد
    ويؤكد أواصر التعاون, يقول الراغب الأصفهاني في ذلك:
    "الوفاء أخُ الصدق والعدل والجور أخُ الكذب والجور",
    ذلك أن الوفاء صدق اللسان والفعل معًا والغدر كذبٌ باللسان والفعل معًا.


    فالناس مضطرون إلى التعاون ولا يّتم تعاونهم إلاّ بمراعاة العهد والوفاء,
    ولولا ذلك لتنافرت القلوب وارتفعت معاني التعايش
    ولذلك عظّم الله أمر ذلك لخلق العظيم وأمر به في كتابه الكريم


    { وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ}]البقرة:40[

    إنّنا نحتاج إلى الوفاء بالعهد, وفاء بعهودنا مع ربنا
    نحتاج إلى الوفاء فإنها من صفات ربنا تبارك وتعالى


    {فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ}[البقرة:80]

    وهو أيضا من صفاتِ الأنبياء
    {
    وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى}[النجم:37]



    وينبغي أن نتعلمَ من النبي صلى الله عليه وسلم من هذا الحديث
    حُسن المعاشرة هذا يصنعه مع صديقة زوجته ومن كانت تُحبُ زوجته
    فكيف بصنيعه
    صلى الله عليه وسلم مع أزواجهِ؟
    إن هذا يهمسُ في أذانِ رجالِ المسلمين بأن يستوصوا بالنساءِ خيرًا


    وعلى كل واحٍد منا أن يعيشَ معنى
    {رَبَّنَا هَبْ لَنَا
    مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ} [الفرقان:74]
    أن يُفعل أمر اللهِ –تبارك وتعالى- :
    {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ
    وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} [طه:132]
    هذا أصول حُسن المعاشرة أن يكونَ على حالِ النبي صلى الله عليه وسلم
    {عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ} [التحريم:3].

    ***************

    (233) قال الإمامُ البخاريُ بعد هذا في نفسِ الباب حدثنا مُحمد بنُ كثير
    قال: أخبرنا سُفيان عن أبي مالك الأشجعي عن ربعي عن حُذيفة قال:
    قال نبيكم
    صلى الله عليه وسلم: {كلُ معروٍف صدقة}.



    لماذا الإمام البخاري أعادَ الحديث هاهنا؟

    كأنه أراد أن يؤكد على أهميةِ العمل بهذا الحديث
    وألا يحقرَ أحًدا منا شيئًا من الأمورِ التي يتقربُ بها إلى اللهِ تبارك وتعالى- من صنائعِ المعروف.


    وأن يكون الإنسان على حالِ الشاكر لله الذي لا يترك بابًا من أبوابِ الخيرِ يتيسر له إلا ويلجُ إلى الله منه
    {
    فكلُّ تسبيحةٍ صدقةٌ. وكلُّ تحميدةٍ صدقةٌ. وكلُّت هليلةٍ صدقةٌ} [صحيح مسلم]،
    إفراغك في دلو المستسقي هكذا،
    تبسمك في وجه أخيكِ صدقة كما مر بنا في الكلام عن صنائع المعروف.


    ***************

    118- باب الخروج إلى المبقلة وحمل الشيء على عاتقه إلى أهله بالزبيل



    (234) عن عمرو بن أبي قرة الكندي قال: عرض أبي على سلمان أخته فأبى وتزوج مولاٌة له يُقالُ لها بُقيرة
    فبلغ أبا كُرة أنه كان بين حذيفة وسلمان شيء فأتاهُ يطلبهُ
    فأُخبرَ أنه في له فتوجه إليه فلقيه ومعه زبيل فيه بقٌل قد أدخلَ عصاه في عروة الزبيل وهو على عاتقهِ
    فقال: يا أبا عبدالله ما كان بينك وبين حذيفة؟ قال: يقول سلمان
    وكان الإنسان عجولاً فانطلق حتى دخل بيت سلمان فدخل سلمان الدار
    وقال: السلامُ عليكم ثم أذِن لأبي كُرة فدخل فإذا نمٌط موضوع على الباب وعند رأسه لبناء وإذا قرطاط
    فقال: اجلس على فراش مولاتك التي تُمهد لنفسها ثم أنشأ يُحدثه
    فقال: إن حذيفة كان يُحدث بأشياء
    كان يقولها رسول الله
    صلى الله عليه وسلم في غضبه لأقوام
    فأُتي فأُسئل عنها فأقول حذيفة أعلم بما يقول وأكره أن تكون ضغائن بين أقوام فأُتي حذيفة
    فقيل له: إن سلمان لا يُصدقك ولا يكذبك بما تقول فجائني حذيفة
    فقال: يا سلمان بن أم سلمان فقلتُ: يا حذيفة بن أم حذيفة لتنتهين أو لأكتبن فيك إلى عمر
    فلما خوفته بعمر تركني وقد قال رسول الله
    صلى الله عليه وسلم
    {مِنْ وَلَدِ آدمَ أنا فأيُما عبدٍ من أُمَّتِي لعنتُهُ لعنةٌ أو سبَبْتُهُ سبَّةً فِي غيرِ كُنهِهِ فاجْعَلهَا عليه صَلاةً}
    .



    أتى لنا الإمام بهذا الحديث في موضع ربما لا يخطر لنا على بال!!

    أتى بهذا الحديث لفائدة تواضع سلمان
    قال: الخروجُ إلى المبقلة، -هي الأرض التي تُزرع فيها البقول
    - وحمل شيء على عاتقه إلى أهله بالزبيل -هو الجراب
    -، يأتي بتعبيرنا الدارج بشوال ويضع فيه من البقول ما يأكل به هو وأهله
    وكان يحمله على عاتقه ويذهب به إلى أهله وهذا فيه من الفوائد ما فيه
    ولعله لما أورد حديث النبي
    صلى الله عليه وسلم في حسن المعاشرة ووفائه لخديجة
    لعل من فائدة إراد هذا الباب بعد هذا الباب هذا المعنى في حسن المعاشرة
    لايجعل زوجته تخرج خارج البيت هو الذي يخرج ويأتي لها بالطعام.


    سلمان هذا يتزوج مولاة امرأة ليست بالحسيبة ولا النسيبة ويصنع لها ذلك!



    · حسن المعاشرة للأهل

    خدمة الأهل نوع من الأدب، ألم يكن نبيكم صلى الله عليه وسلمفي خدمة أهل بيته؟

    ولو صُنع ذلك في بيوت المسلمين لتربت المرأة على تعظيم زوجها لا العكس..

    لكن لو صنعه بحب ومودة ورحمة ورأت الزوجة من زوجها
    هذا المعنى فعظمته وأكبرته وبجلته وكان كما أوصاها النبي به
    صلى الله عليه وسلم

    "لو كنتُ أمِرًا أحدًا أن يسجدَ لأحدٍ،لأمرتُ المرأةَ أن تسجدَ لزوجِها" [صحيح الجامع].



    هنا أبو قرة الكندي أولاً يعرض على سلمان الفارسي أخته،
    وقالوا في ذلك جواز عرض البنت أو الأخت على الرجل الصالح للزواج،
    ألم يعرض عمر بنته على كبار الصحابة ثم تزوجها النبي
    صلى الله عليه وسلم ؟

    يعرض على سلمان أخته وسلمان يأبى وهنا يأبى لعل رفضه هذا كان تواضعًا،
    يعني من شاهد الحديث أن أبا قرة كان له شأن ويبدو ذلك، وسلمان
    اختار مولاه فقيرة مولاة عنده ليتزوجها لتكون أم ولده فيعتقها من بعد ذلك،
    فيختار الأدنى وكان يستطيع أن يأخذ هذه المرأة الرقيق من ملك اليمين
    ولكنه يتزوجها وكما كان هدي الإسلام لتنجب له فتصير أم ولده فتعتق بذلك.
    فلعل هذا كان دافع سلمان ..


    انظروا أيضا عمرو بن أبي قرة يروي عن أبيه هذا الحديث
    فيقول في البداية أن أبي عرض على سلمان أخته فأبى، فلم تكن أي إشكالية ولا أي ضغينة !!
    وأبو قرة بعد ذلك يتوسط ليصلح ذات البين بين حذيفة وبين سلمان وكأن شيئَا لم يكن..


    فأتاه يطلبه ..فأُخبر أنه في مبقلة له ..
    فتوجه أبو قرة إلى سلمان فوجده في هذه الأرض التي تُزرع فيها البقول.


    فوجده وضع عصا داخل الشوال ويحمله على كتفه ..

    فقال يا أبا عبد الله: ما كان بينك وبين حذيفة ؟ فقال هنا سلمان وكان الإنسان عجولا ..

    هنا أول شيء يستفاد من ذلك: الاهتمام بما يجري بين الأخوة والتثبت مما يُسمع.

    نحن عندنا قالة السوء ونقالة السوء !! الذين يقولوا السوء والذين ينقلونه !!

    الشيخ فلان قال على الشيخ فلان كذا ..
    فيجري انتبه فلان قال عليك كذا وكذا وكذا ..
    دون تثبت دون تبين دون مراعاة لما قد يترتب على ذلك من آفات ..


    أما هنا فأبو قرة لم يذهب بما سمع ..

    إنما يذهب يقول هل بينك وبين فلان شيء ؟ سمعنا أن هناك بينه وبينك شيء،
    فهل من شيء يتثبت فإن لم يكن شيء فهذا هو الأصل، وإن لم يكن شيء فنسعى في إصلاح هذا البين..


    فإذا بسلمان رضي الله عنه يقول وكان الإنسان عجولا ..

    وكأنه هنا يشير إلى آفة التعجل، أن حذيفة يتعجل في أشياء ..
    فهذا هو سبب الإشكال الذي بينه وبين أخيه.




    فانطلق حتى إذا أتيا دار سلمان فدخل سلمان الدار فقال السلام عليكم ...

    هدي نبيكم صلى الله عليه وسلم، وهذا أول ما يبدأ النبي صلى الله عليه وسلم في بيته
    كان يدخل فيستاك ويسلم على أهله
    صلى الله عليه وسلم وربما صلى ركعتين..

    وتعرفون أن الشيطان إذا دخل الإنسان فألقى السلام على أهل بيته
    قال لا مبيت لكم اليوم في هذا البيت،
    فإذا سمى الإنسان عندما يقدم له الطعام قال ولا عشاء .. هذا من الأدب..


    وبعد أن دخل وتبين شأن زوجته وأخبرها أذن لأبي قرة، وهذا أيضًا من الأدب ..

    ليس أن يدخل ويدخل الضيف والزوجة ليست متهيئة أو نحو من ذلك..

    ثم أذن لأبي قرة فدخل فإذا نمط موضوع-ضرب من البصل(سجادة)
    - وعند رأسه لبنات .. وهي جمع لبنة وهو ما يُجعل من الطين للبناء،
    لبنات الطوب موجودة وهذه السجادة حولها،
    وإذا قرطاط –البردعة
    - فقال "اجلس على فراش مولاتك التي تُمهد لنفسها"
    وهذا من باب إكرام الضيف ،
    "ثم أنشأ يُحدثه، فقال:إن حذيفة كان يُحدث بأشياء
    كان يقولها رسول الله صلى الله عليه وسلم في غضبه لأقوام فأُوتِي فأُسأل عنها"

    يعني كنت جالس والنبي
    صلى الله عليه وسلم يُسأل عن أشياء في حال غضبه
    فإذا بحذيفة يروي عن النبي
    صلى الله عليه وسلم في هذا الموضوع والنبي صلى الله عليه وسلم
    أخبر أنه من ولد آدم يصدر عنه ما يصدر عن ولد آدم في حال الغضب
    وأنه لا يُفرِّق بين النبي
    صلى الله عليه وسلم في حال بشريته
    والنبي
    صلى الله عليه وسلم في حال تبليغه للرسالة،
    فربما يروي عنه بعض الأشياء التي قال فيها النبي
    صلى الله عليه وسلم
    إنما أنا من ولد آدم أغضب كما يغضبون، فيروي هذه الأشياء

    قاعدة سد الذرائع

    فأُسأل عنها ولا أريد أن أقول أن النبي صلى الله عليه وسلم
    أخبر ذلك في حال غضبه ولا أريد أن أتعقب حذيفة فيما يروي
    وأنه يتعجل في الرواية عن رسول الله
    صلى الله عليه وسلم
    ، وسلمان له شأن معلوم بين صحابة النبي صلى الله عليه وسلم
    ولذلك كان يُسأل عن أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم
    لأنه يقول "فأوتي فأُسأل عنها فأقول حذيفة أعلم بما يقول وأكره أن تكون ضغائن بين أقوام"،
    وهذه قاعدة سد الذرائع: فسلمان يأخذ بالمصلحة ويسد باب القيل والقال


    في سنن أبي داوود، صححه الشيخ الألباني
    قال سلمان "
    إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ كان يغضبُ
    فيقول في الغضبِ لناسٍ من أصحابه ويرضَى فيقولُ في الرِّضى لناسٍ من أصحابه"
    [اسناده صحيح رجاله كلهم ثقات، الألباني، السلسلة الصحيحة(4/353)]
    غضبان من شخص معين فيشتد عليه
    صلى الله عليه وسلم، أو يرضى عنه فيتجاوز عنه،
    قال: "
    أما تنتهي حتى تُوَرِّثَ رجالًا حبَّ رجالٍ ورجالًا بُغضَ رجالٍ وحتى توقعَ اختلافًا وفُرقةً "
    [اسناده صحيح رجاله كلهم ثقات، الألباني، السلسلة الصحيحة(4/353)]
    لأنه وهو يروي أنه غضب على فلان وفلان
    فالموضوع ينتشر أن النبي كان غضبان من فلان ثم رضي عنه؛
    فحتى لا تتناقل مثل هذه الأحداث على محمل غير صحيح،
    فكان يرى حذيفة أن يروي عن النبي
    صلى الله عليه وسلم
    كل ما يدري وكان سلمان يرى أنه إذا رُوي مثل هذه الأشياء ينبغي أن تُوضع في موضعها.

    دعابة بين سلمان وحذيفة رضي الله عنهما

    "فأُتي حذيفة فقيل له: "إن سلمان لا يصدقك ولا يكذبك"
    ، قال: "فجاءني حذيفة فقال ياسلمان يابن أم سلمان فقال ياسلمان يابن أم سلمان"
    فرد عليه وقال: "ياحذيفة يابن أم حذيفة" ويجب أن تُحمل مثل هذه الأمور ليست على معاني أنه يتشفى لنفسه؛
    هؤلاء صحابة رسول الله
    صلى الله عليه وسلم
    ، أطهر البشر، وإنما خذوها على معنى الدعابة، "فقال:ياسلمان يابن أم سلمان، قال ياحذيفة ابن أم حذيفة"
    وفيه رد على الطرف الآخر بمثل ماقال دون زيادة .


    ولي الأمر القوي

    قال: "لتنتهين أو لأكتبن فيك إلى عمر، فلما خوفته بعمر تركني"
    وفيه منزلة عمر رضي الله عنه بين الصحابة وحزمه إذاً وَلِي الأمر وليٌ قوي فإن الخصومات تنتهي،
    فما أحوج الأمة إلى مثله في هذا الزمان لتخوف به!!


    رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغضب

    وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من ولد آدم أنا أيصدر مني مايصدر عن ولد آدم في الغضب
    وفي رواية "
    فإنَّما أنامن ولدِآدمَ،أغضبُ كما يغضبون،وإنَّماب عثني رحمةً للعالمين"
    [الألباني، صحيح أبي داوود(4659 )]
    وقال
    صلى الله عليه وسلم "من ولَدِآدمَ أنا،فَأيُّماعَبْدٌ من أُمَّتي لَعَنْتُهُ لَعْنَةً،أوْسَبَبْتُهُ سَبَّةً،
    في غَيْرِ كُنْهِهِ فَاجعلْها عليهِ صَلاةً"
    [حسن، الألباني، كتاب الأدب المفرد(174)]
    كنه الأمر يعني حقيقة الأمر يعني لا يستحق أن يُسب،
    وفي رواية مسلم "
    فأيم اأحدٍ دعوتُ عليه،من أمتي،بدعوةٍ ليس لها بأهلٍ،
    أن تجعلَها له طهورًا وزكاةً وقربةً يقرِّبُه بها
    منه يومَ القيامةِ "[صحيح مسلم(2603)]
    وهذا يُستفاد منه النهي عن سب أصحاب رسول الله
    صلى الله عليه وسلم .

    توضيح الشيخ الألباني لهذه المسألة

    قال الشيخ الألباني: "واعلم أن قوله صلى الله عليه وسلم
    في مثل هذه الأحاديث إنما أنا بشر أرضى كما يرضى البشر،
    إنما هو لتفصيل قول الله تبارك وتعالى
    { قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ }[الكهف:110]
    " ويقول: "وقد يبادر بعض ذوي الأهواء أو العواطف الهوجاء إلى انكار مثل هذه الأحاديث"
    يعني ينكر بعضهم هذه الأحاديث بحجة أن النبي روى أحاديث في ساعة الغضب وربما تجاوز عنها!
    ونقول: مثل هذا لامجال له أصلاً، فتعظيم النبي
    صلى الله عليه وسلم
    إنما يكون بالإيمان بكل ماجاء عنه، نحن لا نغالي في شأن النبيصلى الله عليه وسلم
    وإنما نُوقن بنبوته وبرسالته ونُوقن أيضًا ببشريته صلى الله عليه وسلم
    دون إفراطٍ ولا تفريط، هو بشرٌ بشهادة الكتاب والسنة لكنه سيد البشر وأفضل البشر.

    الأحاديث التي وردت في سب الرسول غيره عند الغضب

    وماورد في هذا الحديث فيه نقطةٌ علمية تحتاج إلى وقفة وهي مسألة قول النبيصلى الله عليه وسلم
    في آخر هذا الحديث "فَأيُّما عَبْدٌ من أُمَّتي لَعَنْتُهُ لَعْنَةً،أوْسَبَبْتُهُ سَبَّة"
    [حسن، الألباني،كتاب الأدب المفرد(174)]
    فكيف يسب النبي؟! ألم يقل النبي
    صلى الله عليه وسلم "سِبابُ المسلمِ فسوقٌ"[صحيح البخاري(48)]
    كيف يسب النبي
    صلى الله عليه وسلم؟!

    الأحاديث التي أوردها الإمام مسلم في ذلك

    صحيح مسلم وردت عدة أحاديث جمعها الإمام مسلم
    تحت عنوان "باب من لعنه النبي
    صلى الله عليه وسلم أو سبه أو دعا عليه وليس هو أهلًا لذلك
    كان له زكاةً وأجرًا ورحمة"
    ثم أورد في ذلك حديث عائشة "
    دخل على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رجُلانِ .
    فكلَّما ه
    بشيءٍلاأدريماهو . فأغضباه . فلعنَهماوسبَّهما
    .
    فلماخرجاقلتُ : يارسولَاللهِ ! منأصابمنالخيرِشيئًاماأصابههذانِ
    .
    قال " وماذاك " قالتقلتُ : لعنْتَهماوسبَبْتَهما . قال " أوماعلمتَماشارطتُعليهربِّي؟
    قلتُ : اللهمَّ ! إنماأنابشرٌ . فأيُّالمسلمينلعنْتُهأوسبَبْتُهفاجعلْهلهزكاةًوأجرًا"[صحيح مسلم(2600)]
    هذا حديث عائشة،

    الحديث الثاني: حديث أبي هريرة أن النبيصلى الله عليه وسلم
    قال: "اللَّهمَّ ! إنمَّاأنَابشرٌ . فأيُّمارجلٍمنالمسلمينسببتُه،أولعنتُه،أوجلدتُه . فاجعلْهالهزكاةًورحمةً"[صحيح مسلم(2601)]،
    الحديث الثالث: حديث أبي هريرة كذلك "
    اللَّهمَّ ! إنِّيأتَّخذُعندكعهدًالنتخلفَنيه . فإنَّماأنابشرٌ
    .
    فأيُّالمؤمنينآذيتُه،شتمتُه،لعنتُه،جلدتُه . فاجعلْهالهصلاةًوزكاةًوقُربةً،تُقرِّبُهبهاإليكيومَالقيامةِ "[صحيح مسلم(2601)]،
    الحديث الرابع أيضًا: حديث أبي هريرة "اللَّهمَّ ! إنَّمامحمَّدٌبشرٌ . يغضبُكمايغضبُالبشرُ
    .
    وإنِّيقداتَّخذتُعندكعهدًالنتخلفَنيه . فأيُّمامؤمنٍآذيتُه،أوسببتُه،أوجلدتُه
    .
    فاجعلهالهكفَّارةً،وقُربةًتُقرِّبُهبهاإليكيومَالقيامةِ"[صحيح مسلم(2601)].

    رد العلماء على هذا الاشكال

    هنا الاشكال الذي تكلم عنه الحافظ بن حجر وعلل ذلك بأنه من البشر يرضى كما يرضى البشر.

    هناك إشكال أخر: قالوا كيف يدعوا صلى الله عليه وسلم
    بدعوة على من ليس لها بأهل؟
    أجاب عليه الحافظ بن حجر أن الرسول
    صلى الله عليه وسلم يَحكم بالظاهر أما أمر الباطن فموؤول إلى الله،
    فمن الممكن أن يحكم الرسول
    صلى الله عليه وسلم على شخص بحسب الظاهر
    فيلحق بهذا الشخص دعاء الرسول
    صلى الله عليه وسلم أو لعنه ثم يُختم له بخاتمة طيبة بعد ذلك.

    الرسولصلى الله عليه وسلم كان يحكم على غيره بالاجتهاد وليس بالوحي

    قال الإمام المازوري: "فكأنه يقول من كان باطن أمره عندك يارب أنه ممن ترضى عنهم
    فاجعل دعوتي عليه التي اقتضاها ما ظهر لي من مقتضى حاله حينئذٍ طهور وزكاة"


    وأما من قال "كان لا يحكم إلا بالوحي"
    فلا يأتي منه هذا الجواب لأنه لو كان النبي
    صلى الله عليه وسلم
    يرى في فلان شيئًا وهذا أوحى الله به إليه أن هذا منافق مثلاً وسبَّه صلى الله عليه وسلم
    لهذا الشأن إذًا فالأمر إلهي وليس فيه شيء من قبل النبي صلى الله عليه وسلم

    هل كان النبيصلى الله عليه وسلميغضب على غير مقتضى الشرع؟!

    هل كان النبيصلى الله عليه وسلم يغضب على غير مقتضى الشرع؟

    هنا يضع الإمام المازوري وينقل عنه الإمام ابن حجر احتمالين:-

    الأول أن الرسول خُيِّر بين الدعوة على الجاني ولعنه أو تركه والزجر له بما سوى ذلك،
    يكون في كلا الحالتين موافقًا للشرع، يعني يكون غضبته هنا لله فيشتد عليه.


    الأمر الثاني: أن يكون الغضب قد حمل الرسول على زيادة يسيرة في العقوبة
    فيكون هذا الدعاء تعليمًا لأمته الخوف من تعدي حدود الله.


    الاحتمال الثالث:أن ماورد من اللعن والسب ورد من الرسولصلى الله عليه وسلم بغير قصدٍ،
    فقد يكون جاء على عادة العرب في وصف كلامها
    كقوله مثلًا "
    ثكلتكأمكيا مُعاذٍ،وهليكبالناسفي النارعلىوجوههم، أوعلىمناخرهم،إلاحصائدألسنتهم "
    [حسن صحيح، الترمذي، سنن الترمذي( 2616)]


    إن أخذت بالظاهر فهذا دعاء على معاذ أن تفقده أمه
    كدعاء عليه بأن يموت ولم يكن هذا هو المراد، وإنما جرى على ماجرى على ألسنة العرب،
    كان يُحاسب النبي
    صلى الله عليه وسلم عليها نفسه فيقول:" ..فَأيُّماعَبْدٌمنأُمَّتيلَعَنْتُهُلَعْنَةً،أوْسَبَبْتُهُسَبَّةً،فيغَيْرِكُنْهِهِفَاجعلْهاعليهِصَلاةً"
    [حسن، الألباني، كتاب الأدب المفرد(174)]



    *************


  • #2
    رد: قول المعروف


    بارك الله فيكم ونفع بكم

    تعليق


    • #3
      رد: قول المعروف

      جزاكم الله خيرا

      تعليق


      • #4
        رد: قول المعروف

        جزاكم الله خيرااا
        ~وقفات مع الصحابة وامهات المؤمنين~ ♥♥♥متجدد♥♥♥

        سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم

        تعليق


        • #5
          رد: قول المعروف

          جزاكم الله خيرًا ... ونفع الله بكم ،،،

          تعليق

          يعمل...
          X