السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
تلخيص درس المسيح منهج حياة
نطق المسيح عيسى بن مريم في المهد بعشر كلمات هي منهج حياة في عشر خطوات، تعد إجابة لمعظم تساؤلاتك، قال: {إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ}، {آَتَانِيَ الْكِتَابَ}، {وَجَعَلَنِي نَبِيًّا}[مريم:30] {وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ}{ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ} {وَالزَّكَاةِ}{مَا دُمْتُ حَيًّا}[مريم:31]، {وَبَرًّا بِوَالِدَتِي} {وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا} {شَقِيًّا}[مريم:32].
أولًا: {إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ}[مريم:30]
أول ما يجب عليك معرفته: لماذا أنت في هذه الدنيا؟ ما وظيفتك؟ وما هو هدفك؟
يذكر من يعملون في الإدارة أن ألف باء هو تحديد الأهداف.
مشكلة المشاكل أنه ليس لديك هدف:
{أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ}[المؤمنون:115] هل خُلِقت لتتزوج وتنجب، تؤدي بعض العبادات وتعيش كما يعيش الناس فقط؟! هل هذه الدنيا؟! عمق{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}[الذاريات:56] هي عمق {إِنِّ يعَبْدُ اللَّهِ}
لماذا نحن هنا؟
أنت لست بالمهندس أو الطبيب أو فلان أو فلان لكنك عبد الله، وهي أمة الله، هذا أعظم شئ تتصف به، فلمَّا أراد الله عز وجل أن يُثني على نبيهﷺ في أعظم المقامات قال: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ}[الإسراء:1] وصفه بالعبودية، فلماذا نحن هنا؟ حتى نعبد الله.
العبودية منهج حياة
عبادة الله ليست صلاة وصيام وذكر وقرآن ودروس ومعاملة حسنة وفقط؛ بل العبودية منهج حياة، فالعبادة: هي كل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة.
وبصورة أبسط أن تكون كل حركة وسكنة أنت فيها عابد؛ في عملك عابد، على فراش الزوجية، في المسجد وأنت نائم عابد.
لمَّا استصعب على الصحابة فهم ما قاله النبي:[IMG]file:///H:%5CDOCUME%7E1%5CADMINI%7E1%5CLOCALS%7E1%5CTemp%5 Cmsohtml1%5C01%5Cclip_image001.gif[/IMG] "وفيبُضْعِ أَحَدِكُم صدقةٌ"[صحيح مسلم(1006)]"قالوا:يا رسولَ اللهِ أَيَأْتِي أحَدُنا شَهْوَتَهُ وَيكونُ له فيها أجْرٌ؟ قال: أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِيحرامِ أكان عليْهِ فيها وِزْرٌ ؟ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَها فِيالْحَلَالِ كان لَهُ أجرًا"[صحيح مسلم(1006)] ولكن بالاحتساب.
المفتاح الذي يغير كل شيء في الحياة هو النية:
فبنية صالحة تكون صلاتك في الميزان كجبل أحد، وبنية فاسدة لا تزن شيئا!
فاجعل بداخلك رسالة {إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ}.
كثير من الشباب يشتكون أن حالهم بعدما كان في الدراسة على ما يرام ، عند تعرضهم للفتن في العمل ضاعوا! والسبب هو تذبذب الهدف وعدم تحقيق رسالة {إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ}.
أهل الدنيا يقولون اجمع ما استطعت من مال في العشرينيات حتى تعيش مستقرًا باقي حياتك، أبشرك ستعيش في دوامة ما لم تحقق{إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ}!
من أنت؟ وما هدفك؟ استحضر هذا السؤال في كل عمل تعمله
لماذا تُصلي؟ فرض، حتى ترضى فقط يا رب، انتهت...
لماذا تحضر هذا الدرس؟ حتى يرضى. لماذا تعمل وتجد؟ لماذا تُحسن معاملة من يؤذيك قبل من يرضيك؟ حتى يرضى، هذه هي {إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ}، أريد أن أخرج من هذه الدنيا فقط بـ {إِنِّي عَبْدُ اللَّه}
ثانيًا:{آَتَانِيَ الْكِتَابَ}
الثانية وهي البوصلة، إذا أردت الذهاب إلى مكان معين فالمكان هو الهدف، وهدفنا {إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ} ولكن لابد لك من دليل، فلكل صاحب هدف دليل، ودليلنا {آَتَانِيَ الْكِتَابَ}.
الذي ليس له علاقة بالقرآن تائه.. متى آخر مرة ختمت القرآن؟ متى آخر مرة قرأت تفسيرًا للقرآن "لو طهرت قلوبنا ما شبعت من كلام ربنا"
سؤالان أريدك أن تجيب عليهم في أي وقت: ما هي آخر آية توقفت عندها؟ وما هو آخر اسم من أسماء الله تعيش معه؟ أما عني فآخر آية توقفت عندها: {مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ}[الحج:15].
اليائس والبائس والمكتئب والمُحبط ربك يقول لك: من كان يظن أن الله لن ينصره على نفسه وشيطانه وهواه وعلى كافة المستويات _وهذا ظن سوء_ {فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ} وهو الحبل {إِلَى السَّمَاءِ} ضع حبل واشنق نفسك {ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ} هل نزل نصر الله؟!
فالإحباط واليأس ليسوا بدواء؛ فلابد من جرعة الأمل وحسن الظن والرجاء في الله سبحانه وتعالى لتعيش بهم... هذا هو الدليل.
تأتي لتقول لي أنا لا أعرف من أين تأتي بهذا التفاؤل؟!
أقول لك سورة يوسف التي كلها محن وابتلاءات، يُرمى في الجُب ويوضع في السجن والدنيا كرب وتغويه امرأة العزيز وآخر سورة يوسف {حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا}[يوسف:110] هذا هو الكتالوج {آَتَانِيَ الْكِتَابَ}
ولكن تتعامل هكذا مع القرآن، ولا نتعامل معه على أنه بركة ويُقرأ فقط {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}[محمد:24]
القرآن يرسم لك كل معالم الطريق
ويدلك كيف ستصل إلى {إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ} فالطريق واضح وسهل ومعروف، مثلاً: {التَّائِبُونَالْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآَمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ }[التوبة:112]انتبه! أول الطريق هو توبة.
إن أخطأت في الطريق فعد من حيث بدأت، واذهب في المسار الصحيح، وهذه هي التوبة..
كما أنه لا يوجد حركة من غير حمد {وَلَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ }[إبراهيم:7]
ثم ماذا يفعل في الطريق؟ هناك ثلاثة أشياء مدار الدين كله عليها: علم، وعمل، ودعوة
{وَالْعَصْرِ* إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ* إِلّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}[العصر 1: 3]{آَمَنُوا} لا يوجد إيمان بدون علم، {وَعَمِلُوا} عبادة، {وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ} دعوة إلى الله عز وجل.
قال عكرمة: "السائحون طلبة العلم"، سياحة وحركة في الأرض، الثانية: {الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ}هذه هي العبادة، {الْآَمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ}هذه هي الدعوة، ثم ألزم هذه الحارة المرورية حتى لا تضل الطريق {وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ}
هذا هو الكتالوج، والقرآن كله هكذا لمن ينتبه.
إذا أردت أن تزرع الإيمان في قلبك عليك بخمسة أشياء:
1- {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا}[المزمل:2]
2- {وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا}[المزمل:4]
3- {وَاذْكُرِ}[المزمل:8]
4- {اسْمَ رَبِّكَ}[المزمل:8]: عش مع اسم من أسماء الله _عز جل_ يومًا، أسبوعًا، شهرًا، أو حتى عامًا كاملاً، عش مع اسم الله الودود مثلاً {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا}[مريم:96] انتبه لكلمة ودًا هذه"فإذا أحببتُه كنتُ سمعَه الَّذي يسمَعُ به، وبصرَه الَّذي يُبصِرُبه،ويدَه الَّتي يبطِشُ بها، ورِجلَه الَّتي يمشي بها، وإن سألني لأُعطينَّه،ولئن استعاذني لأُعيذنَّه" [صحيح البخاري(6502)].
5- { وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا}[المزمل:8]: اخلوا بنفسك بعضًا مع الوقت تناجي فيه ربك وتتقرب إليه.
ثالثًا: {وَجَعَلَنِي نَبِيًّا}
على المليار النصف مسلم جميعًا أن يكونوا أصحاب هدف {إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ}، أنت عبد الله في أي مجال؟ في الهندسة، في الطب أم في العلم الشرعي؟
هناك فهم قاصر أن {إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ} هي أنه على كل مسلم طلب العلم الشرعي، وهذا فهم خاطئ بل عليك أن تجعل حياتك كلها عبادة بالنية الصالحة والاحتساب، وهذه {وَجَعَلَنِي نَبِيًّا}.
فيم استعملك ربك؟
مُنفق؟ مُصلح؟ متطوع في مشروع خيري؟ ما هو دورك؟
ها هو سؤال النبي ﷺ المُحرج لنا السهل على الصحابة:"يابلالُ، حدِّثْنِي بأَرْجَى عملٍعَمِلْتَهُ في الإسلامِ، فإنِّيسمعتُ دُفَّ نعليْكَ بينَ يديَّ في الجنةِ" [صحيح البخاري(1149)] لم يذكر بلال ما لاقاه من عذاب بل أجاب بأعجب إجابة في الدنيا، قال:"ماعملتُ عملًا أَرْجَى عندي:أنِّيلم أَتَطَهَّرَ طَهورًا، فيساعةِ ليلٍ أو نهارٍ، إلا صلَّيتُ بذلكَ الطَّهورِماكُتِبَ لي أن أُصلِّي" [صحيح البخاري(1149)]
اعرف دورك تعرف خط سيرك.
رابعًا: {وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ}
قد تكون واضح الهدف وتعمل لكن هل لك أثر؟ هذه هي{وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ}[مريم:31] فبوجوده تحل البركة.
روى الإمام أحمد في "كتاب الزهد" عن وهب بن منبه، وإسناده صحيح إلى وهب "أن الله عز وجل يقول: إني إذا أُطعت رضيت وإذا رضيت باركت، وليس لبركتي منتهى، وإذا عُصيت غضبت، وإذا غضبت لعنت ولعنتي تبلغ السابع من الولد"
يا من يقول أنه لا توجد بركة لا في الوقت ولا الأموال ولا الأولاد اعلم أنه بالرضا تحل البركة.
أين هذا الأثر؟
طلبه الخليل إبراهيم فقال: {وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآَخِرِينَ}[الشعراء:84]فما زلنا نصلي ونسلم على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إلى يوم الدين، وصار أبو الأنبياء والمرسلين، والوحيد مع النبيﷺ الذي أخذ ختم الخلة {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا}[النساء:125]
اجعل لك أثرًا
اعمل مشروع دعوي، دار تحفيظ، انشر سنة، وستأخذ في قبرك تريليونات الحسنات بسبب صدقك في ذلك، هذه هي {وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ} هكذا المؤمن أينما حل نفع.
خامسًا: {وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ}
الصلاة حالٌ مع الله، وحالك هو الذي يُثبتك وعليه استقامتك، قال رسول الله:ﷺ "لايَسْتَقِيمُإِيمانُعبدٍحتىيَسْتَقِيمَقلبُهُ "[حسنه الألباني في صحيح الترغيب(2554)] لن تستقيم ما زاغ لك قلب التفت إلى الدنيا، صل قلبك بالله تستقم.
من أين يأتي هذا الحال؟
قم الليل {وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ}فالصلاة صلتك وتارك الصلاة فاسق"منتركالصلاةَ؛فقدكفرَ"[قال عنه الألباني صحيح موقوف في صحيح الترغيب(575)]
صلِّ صلاة محب "يابلالُ ! أَرِحْنابها "[قال الألباني عنه اسناده صحيح في تخريج مشكاة المصابيح(1209)]
لمن يتلفت في صلاته، انتبه ماذا قال ربك في الحديث القدسي:"عبدي لا تباعد مني"
حبيبك يقول لك لا تباعد مني وأنت تنشغل بغيره!!!
هذه هي {وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ}وصال بالله.
سادسًا: {والزَّكَاةَ}
هذا هو المفتاح }وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ{ [مريم:31]
قال الإمام الطبري: والمراد بالزكاة: التزكية وهو تطهير الجسد من دنس الذنوب.
أوصاني بالصلاة: هذا وصال، والزكاة: التزكية (التوبة-التخلص من الآفات والعيوب- وظيفة الأنبياء والمرسلين) قال تعالي:}يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ{[البقرة:129]
كلنا يذنب ويحتاج لغسيل القلوب من الذنوب، فما يذنب العبد ذنبًا إلا نكت في قلبه نكتة سوداء، والنكتة تتحول لغفلة فران ثم تقسو القلوبلذلك قالتعالى: }قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا{[الشمس:9].
ï زكا:معناها نما، أتعلم لماذا؟
فلكل بني آدم ميلين إحداهما للخير والآخر للشر أو كما قال تعالى: }فَأَلْهَمَهَا فُجُورَ*هَا وَتَقْوَاهَا{ [الشمس:8] فقال فجورها ولم يقل شرورها؛ لأنك قد لا يكون لديك إمكانيات لتظلم لكن إن امتلكت قد تبغي أشد البغي؛ فلديك استعداد ولكنك لا تراه، وسبحان من حفظك من ذلك!
×وقالتعالى: }قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا{[الشمس:9] ماذا تعني زكاها؟
أي زكى الجانب الإيماني، فزكاه :نماه، فقوى جانب الخير على الشر إلى أن يصل إلى الفردوس الأعلى قال تعالى: } إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّـهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ{[الشعراء:89].
ïقال تعالى :}وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا{[الشمس: 10].
دَسَّ الشئ: أي أخفاه، فأخفى الشر بالخير، فعندما ينمي الإنسان الخير فيدس الشر، فلا يشعر أحد بأن لديه شر من كثرة الخير به؛ فهذا هو من ضبط معادلة "قد أفلح من زكاها".
وقال الله تعالي أيضًا: }قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ* وَذَكَرَ* اسْمَ رَ*بِّهِ فَصَلَّىٰ{[الأعلى:14، 15].
× إذن الصلاة أتت بالتزكية، فالصلاة هي الوصال بالله.
سابعًا: {مَا دُمْتُ حَيًّا}
يقول الإداريون: أن معادلة التغيير هي أن تفعل خمسة أشياء لتحصل على التغيير:
1- محفز:
أريد أن أتغير، أريد أن أقلع عن هذا الذنب،المرتب غير كاف؛ لابد من أخذ دورات للحصول على عمل آخر.
× الضغط أتى بمحفز فأدى إلى رغبة.
2- رغبة:
ولكن الرغبات وحدها لا تكفي للتغيير.
مثال: تريد حفظ القرآن ورفقة النبيﷺ في الفردوس الأعلى، ولا تفعل شيئًا فلن يحدث التغيير.
× الرغبة تحتاج إلى فكرة
3- فكرة:
๏فرغ من وقتك وقتًا لتحفظ فيه.
๏حدد المقدار الذي ستحفظه.
๏استمر حتى تصل إلى هدفك (الفردوس الأعلى).
× الرغبة والفكرة لا تفعل شيئًا بدون تطبيق.
4- عمل وتطبيق:
عليك بالممارسة لتصل إلى التغيير فإن واجهتك مشكلات (آثار جانبية) فداوها بـالاستمرار.
5- الاستمرار:
هذه هي في قوله تعالى: }مَا دُمْتُ حَيًّا{[مريم:31].
قد تكون لديك طفرات ثم يحدث تكاسل وفتور فالمشكلة تكمن في الثبات والاستمرار {مَا دُمْتُ حَيًّا} [مريم:31]، فنحتاج إلى صلاة وتزكية {مَا دُمْتُ حَيًّا {[ مريم:31]ودعك من كلام المثبطين }وَاعْبُدْ رَ*بَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ{[الحجر:99] واليقين هو الموت، فاستمر في عبادتك إلى آخر لحظة.
×كيف يأتي الاستمرار؟
1- الصحبة الصالحة.
2- التدرج في الهدف يعينك على الاستمرار.
قال ﷺ:"من قامَ بعشرِ آياتٍ لم يُكتب منَ الغافلينَ ومن قامَ بمائةِ آيةٍ كتبَ منَ القانتينَ ومن قامَ بألفِ آيةٍ كتبَ منَ المقنطرينَ"[صححه الألباني فى صحيح أبي داود(1398)].
وهكذا التدرج حتى تعرف قوله تعالى:} مَا دُمْتُ حَيًّا{[مريم:31].
×كذلك التدرج في الصيام
1- ثلاثة أيام من كل شهر (13-14-15) أو الإثنين والخميس باستمرار.
2- ثلاثة أيام من كل شهر (13-14-15) مع الإثنين والخميس باستمرار.
3- صيام داود عليه السلام (يوم ويوم).
4- المستوى العالي (كان يصوم حتى لا يكاد يفطر ويفطر حتى لا يكاد يصوم).
×هل أنت متدرج المستوى حتى تكون كما في قوله تعالى:} مَا دُمْتُ حَيًّا{[مريم:31]؟
وقد ورد أنه: "ماماتَعمرُ حتَّى سرَدَ الصَّومَ" [صحيح ابن كثير فى مسند الفاروق(1/285)].
وكلمة "ما مات" تشعرك أنه منهج، تدرج وعلو واستمرار، كذلك هو التخطيط الإيماني.
لنضع الخطة:
قوله تعالى:}مَا دُمْتُ حَيًّا {[ مريم:31].
×إن كنت وضعت خطة لختم القرآن في كل شهر مرة فلابد ألا يأتي عليك رمضان إلا وقد أتيت ب12ختمة مهما واجهتك من مشكلات وسقطات.
وضبط ذلك بنظريتين:
1- نظرية الاستقامة، قوله تعالى:} مَا دُمْتُ حَيًّا {[ مريم:31].
2- نظرية استدراك الفائت، كما كان يفعل النبي ﷺ يصوم شعبان إلا قليلاً، حتى
تكون أيام صيامه أعلى من أيام صيام سيدنا داود عليه السلام.
×إذا أردت أن تعلو وتختم في كل عشرين فلابد أن تأتي في السنة ب18ختمة وهكذا إلى أن تصل لأعلى مستويات السلف كانوا يختمون القرآن كل أسبوع، والسنة بها 52 أسبوع، هذا هو قوله تعالى: }مَا دُمْتُ حَيًّا {[ مريم:31]و بهذا التدرج تسير الدنيا.
ثامنًا:} وَبَرًّ*ا بِوَالِدَتِي{
ïيقول علماء التزكية أن هناك ثلاثة أشياء:
تخلية ... تحلية .. تحقق.
×فالبخيل مثلاً عليه أن يقتلع البخل ويتعود على الكرم، والغضوب لابد له أن يتعلم الحلم
وهكذا تخلية وتحلية فكيف التحقق؟
يكون التحقق بـ جهاز استشعار الإيمان... جهاز كشف كذب الالتزام:
1- آفات اللسان:
قد يبدو أحدهم صالحا ولكنك تجده مغتابًا كذابًا فلسانه كشفه.
2- معاملة الناس:
علامة صلاحك ببر والديك، ولنا في الخليل إبراهيم قدوة؛ فقد كان أبوه كافرًا وكان يعامله بالحسنى كما في قوله تعالي عنه:} يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّ*حْمَـٰنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا{[مريم:45].
فأطع والديك في مرضاة ربك }وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ{[الإسراء:24].
أنت مسلم ارفع راسك، لكن مع أبيك وأمك يدوسون عليك بالحذاء ولا تفتح فمك، "فعن محمد بن المنكدر، أنه كان يضع خده على الأرض، ثم يقول لأمه : قومي ضعي قدمك على خدي".
ïقال ابن عباس:فلم أعلم ذنبًا يكفر بشئ مثل بر الوالدة، وصلة الأرحام.
اجعل هذا طوال عمرك قوله تعالى:}وَبَرًّ*ا بِوَالِدَتِي{[مريم:32]
فكيف هو التزامك؟ إن كنت بارًا فأنت من الأبرار.
تاسعًا:} وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارً*ا{
×لنعرف لم أتى بكلمة جبارًا نتعرف على اسم الله الجبار.
الجبار: هو الذي يجبر كسر المنكسرين .
والبار بوالديه المتذلل إليهما منكسرًا، وبالتالي {وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارً*ا}أي جعلني ذليلاً، مفتقرًا.
×وسبب الجبروت هو الكبر الذي هو أعظم ما يُبتلى به العبد _والله أعلم_ قال ﷺ:" لا يدخلُ الجنَّةَ مَن كان في قلبِهمثقالُذرَّةٍمنكِبرٍ"[مسلم(91)].
إياك أن تتكبر بعلم أو بنسب أو بصحة وشباب.. إياك.
عاشرًا:} شَقِيًّا{
قال تعالى: }فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ{[هود:105].
هذه هي وصفة السعادة:أولها عبادة وأخرها سعادة، حتى لا تنساها.
قوله تعالي:} وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارً*ا شَقِيًّا{[مريم:32].
لم يتكلم القرآن عن نشأة سيدنا عيسى عليه السلام ولكنه حين تحدث عنه خُتِمت قصته بقوله تعالى:
{وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا{[مريم:33].
وحين ذكر القرآن قصة يحيي عقبها بقوله تعالى:} وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا{[مريم:15].
ما الفرق بين (السلام عليّ و سلام عليه)؟
الله تعالي هو من قال عن يحيى عليه السلام: }وَسَلَامٌ عَلَيْهِ{، إنما المسيح عليه السلام هو من يتكلم عن نفسه }وَالسَّلَامُ عَلَيَّ {.
النكرة في قوله تعالى: } وَسَلَامٌ عَلَيْهِ{ تفيد التعظيم؛ فولادته كانت معجزة من امرأة عاقر، ويوم ولد المسيح كان معجزة ما بعدها معجزة فولد من غير أب، ومن ثم جاء قوله تعالى:}وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ{ .
×فلماذا قال هذا؟
1- أولاً ردًا على الشبهات التي ستخرج بعد ذلك حول مولده فجاء قوله تعالى:} وَالسَّلَامُ عَلَيَّ{.
2- السلام: اسم من أسماء الله سبحانه وتعالى، وكان من الممكن أن يقتلوا مريم بابنها، يرى اليهود أنه ابن زنا، فقال تعالى لها أولاً:} وَقَرِّ*ي عَيْنًا{[مريم:26]، ثم قال تعالى على لسان عيسى عليه السلام:}وَالسَّلَامُ عَلَيَّ{، بمعنى أنه لا أحد يجرؤ على التعرض لهم.
ïمن أين أتت {وَيَوْمَ أَمُوتُ}؟
مات سيدنا يحيى قتلاً، لكن قال تعالى:} لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّ*ا لَّكُمۖ بَلْ هُوَ خَيْرٌ* لَّكُمْ{، والمسيح لم يمت قال تعالي: } وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ{[النساء:157].
وما قتلوه .. إذن هو لم يمت .. وهذه عقيدتنا
فأين موته؟
عندما ينزل آخر الزمان، ويحكم بالقرآن، ويعيش في الدنيا فيقتل أول نزوله أعظم فتنة في الدنيا، ويقيم العدل، وينشر الخير.
لطيفة عجيبة عن المسيح عليه السلام:
المسيح هو الوحيد في حديث الشفاعة لم يذكر ذنبًا_بالطبع إلى جانب النبي_ فآدم خرج من الجنة، موسى قتل رجلاً، وإبراهيم استخدم التعريض في الكلام ثلاث مرات، ونوح دعا على قومه، فالكل يذكر شيئًا إلى أن يهرعون إلى عيسى عليه السلام، فيقول:اذهبوا إلى محمد ولم يذكر ذنبًا!
7 وبالاتفاق سيدنا عيسى من أولي العزم من الرسل، وهو أعلي منزلة من سيدنا يحيي عليهما السلام ، لذا في قوله تعالي على لسان سيدنا عيسى عليه السلام: }وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا{[مريم:33] فيها مزيد تشريف، وفى قوله تعالى:} ذَٰلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْ*يَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُ*ونَ} [مريم:34] ؛فذلك هنا تعظيم وتشريف.
وصلِّ اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
http://hanyhilmy.com/main/play.php?catsmktba=5819
بسم الله الرحمن الرحيم
تلخيص درس المسيح منهج حياة
نطق المسيح عيسى بن مريم في المهد بعشر كلمات هي منهج حياة في عشر خطوات، تعد إجابة لمعظم تساؤلاتك، قال: {إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ}، {آَتَانِيَ الْكِتَابَ}، {وَجَعَلَنِي نَبِيًّا}[مريم:30] {وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ}{ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ} {وَالزَّكَاةِ}{مَا دُمْتُ حَيًّا}[مريم:31]، {وَبَرًّا بِوَالِدَتِي} {وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا} {شَقِيًّا}[مريم:32].
أولًا: {إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ}[مريم:30]
أول ما يجب عليك معرفته: لماذا أنت في هذه الدنيا؟ ما وظيفتك؟ وما هو هدفك؟
يذكر من يعملون في الإدارة أن ألف باء هو تحديد الأهداف.
مشكلة المشاكل أنه ليس لديك هدف:
{أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ}[المؤمنون:115] هل خُلِقت لتتزوج وتنجب، تؤدي بعض العبادات وتعيش كما يعيش الناس فقط؟! هل هذه الدنيا؟! عمق{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}[الذاريات:56] هي عمق {إِنِّ يعَبْدُ اللَّهِ}
لماذا نحن هنا؟
أنت لست بالمهندس أو الطبيب أو فلان أو فلان لكنك عبد الله، وهي أمة الله، هذا أعظم شئ تتصف به، فلمَّا أراد الله عز وجل أن يُثني على نبيهﷺ في أعظم المقامات قال: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ}[الإسراء:1] وصفه بالعبودية، فلماذا نحن هنا؟ حتى نعبد الله.
العبودية منهج حياة
عبادة الله ليست صلاة وصيام وذكر وقرآن ودروس ومعاملة حسنة وفقط؛ بل العبودية منهج حياة، فالعبادة: هي كل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة.
وبصورة أبسط أن تكون كل حركة وسكنة أنت فيها عابد؛ في عملك عابد، على فراش الزوجية، في المسجد وأنت نائم عابد.
لمَّا استصعب على الصحابة فهم ما قاله النبي:[IMG]file:///H:%5CDOCUME%7E1%5CADMINI%7E1%5CLOCALS%7E1%5CTemp%5 Cmsohtml1%5C01%5Cclip_image001.gif[/IMG] "وفيبُضْعِ أَحَدِكُم صدقةٌ"[صحيح مسلم(1006)]"قالوا:يا رسولَ اللهِ أَيَأْتِي أحَدُنا شَهْوَتَهُ وَيكونُ له فيها أجْرٌ؟ قال: أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِيحرامِ أكان عليْهِ فيها وِزْرٌ ؟ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَها فِيالْحَلَالِ كان لَهُ أجرًا"[صحيح مسلم(1006)] ولكن بالاحتساب.
المفتاح الذي يغير كل شيء في الحياة هو النية:
فبنية صالحة تكون صلاتك في الميزان كجبل أحد، وبنية فاسدة لا تزن شيئا!
فاجعل بداخلك رسالة {إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ}.
كثير من الشباب يشتكون أن حالهم بعدما كان في الدراسة على ما يرام ، عند تعرضهم للفتن في العمل ضاعوا! والسبب هو تذبذب الهدف وعدم تحقيق رسالة {إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ}.
أهل الدنيا يقولون اجمع ما استطعت من مال في العشرينيات حتى تعيش مستقرًا باقي حياتك، أبشرك ستعيش في دوامة ما لم تحقق{إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ}!
من أنت؟ وما هدفك؟ استحضر هذا السؤال في كل عمل تعمله
لماذا تُصلي؟ فرض، حتى ترضى فقط يا رب، انتهت...
لماذا تحضر هذا الدرس؟ حتى يرضى. لماذا تعمل وتجد؟ لماذا تُحسن معاملة من يؤذيك قبل من يرضيك؟ حتى يرضى، هذه هي {إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ}، أريد أن أخرج من هذه الدنيا فقط بـ {إِنِّي عَبْدُ اللَّه}
ثانيًا:{آَتَانِيَ الْكِتَابَ}
الثانية وهي البوصلة، إذا أردت الذهاب إلى مكان معين فالمكان هو الهدف، وهدفنا {إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ} ولكن لابد لك من دليل، فلكل صاحب هدف دليل، ودليلنا {آَتَانِيَ الْكِتَابَ}.
الذي ليس له علاقة بالقرآن تائه.. متى آخر مرة ختمت القرآن؟ متى آخر مرة قرأت تفسيرًا للقرآن "لو طهرت قلوبنا ما شبعت من كلام ربنا"
سؤالان أريدك أن تجيب عليهم في أي وقت: ما هي آخر آية توقفت عندها؟ وما هو آخر اسم من أسماء الله تعيش معه؟ أما عني فآخر آية توقفت عندها: {مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ}[الحج:15].
اليائس والبائس والمكتئب والمُحبط ربك يقول لك: من كان يظن أن الله لن ينصره على نفسه وشيطانه وهواه وعلى كافة المستويات _وهذا ظن سوء_ {فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ} وهو الحبل {إِلَى السَّمَاءِ} ضع حبل واشنق نفسك {ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ} هل نزل نصر الله؟!
فالإحباط واليأس ليسوا بدواء؛ فلابد من جرعة الأمل وحسن الظن والرجاء في الله سبحانه وتعالى لتعيش بهم... هذا هو الدليل.
تأتي لتقول لي أنا لا أعرف من أين تأتي بهذا التفاؤل؟!
أقول لك سورة يوسف التي كلها محن وابتلاءات، يُرمى في الجُب ويوضع في السجن والدنيا كرب وتغويه امرأة العزيز وآخر سورة يوسف {حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا}[يوسف:110] هذا هو الكتالوج {آَتَانِيَ الْكِتَابَ}
ولكن تتعامل هكذا مع القرآن، ولا نتعامل معه على أنه بركة ويُقرأ فقط {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}[محمد:24]
القرآن يرسم لك كل معالم الطريق
ويدلك كيف ستصل إلى {إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ} فالطريق واضح وسهل ومعروف، مثلاً: {التَّائِبُونَالْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآَمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ }[التوبة:112]انتبه! أول الطريق هو توبة.
إن أخطأت في الطريق فعد من حيث بدأت، واذهب في المسار الصحيح، وهذه هي التوبة..
كما أنه لا يوجد حركة من غير حمد {وَلَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ }[إبراهيم:7]
ثم ماذا يفعل في الطريق؟ هناك ثلاثة أشياء مدار الدين كله عليها: علم، وعمل، ودعوة
{وَالْعَصْرِ* إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ* إِلّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}[العصر 1: 3]{آَمَنُوا} لا يوجد إيمان بدون علم، {وَعَمِلُوا} عبادة، {وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ} دعوة إلى الله عز وجل.
قال عكرمة: "السائحون طلبة العلم"، سياحة وحركة في الأرض، الثانية: {الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ}هذه هي العبادة، {الْآَمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ}هذه هي الدعوة، ثم ألزم هذه الحارة المرورية حتى لا تضل الطريق {وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ}
هذا هو الكتالوج، والقرآن كله هكذا لمن ينتبه.
إذا أردت أن تزرع الإيمان في قلبك عليك بخمسة أشياء:
1- {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا}[المزمل:2]
2- {وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا}[المزمل:4]
3- {وَاذْكُرِ}[المزمل:8]
4- {اسْمَ رَبِّكَ}[المزمل:8]: عش مع اسم من أسماء الله _عز جل_ يومًا، أسبوعًا، شهرًا، أو حتى عامًا كاملاً، عش مع اسم الله الودود مثلاً {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا}[مريم:96] انتبه لكلمة ودًا هذه"فإذا أحببتُه كنتُ سمعَه الَّذي يسمَعُ به، وبصرَه الَّذي يُبصِرُبه،ويدَه الَّتي يبطِشُ بها، ورِجلَه الَّتي يمشي بها، وإن سألني لأُعطينَّه،ولئن استعاذني لأُعيذنَّه" [صحيح البخاري(6502)].
5- { وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا}[المزمل:8]: اخلوا بنفسك بعضًا مع الوقت تناجي فيه ربك وتتقرب إليه.
ثالثًا: {وَجَعَلَنِي نَبِيًّا}
على المليار النصف مسلم جميعًا أن يكونوا أصحاب هدف {إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ}، أنت عبد الله في أي مجال؟ في الهندسة، في الطب أم في العلم الشرعي؟
هناك فهم قاصر أن {إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ} هي أنه على كل مسلم طلب العلم الشرعي، وهذا فهم خاطئ بل عليك أن تجعل حياتك كلها عبادة بالنية الصالحة والاحتساب، وهذه {وَجَعَلَنِي نَبِيًّا}.
فيم استعملك ربك؟
مُنفق؟ مُصلح؟ متطوع في مشروع خيري؟ ما هو دورك؟
ها هو سؤال النبي ﷺ المُحرج لنا السهل على الصحابة:"يابلالُ، حدِّثْنِي بأَرْجَى عملٍعَمِلْتَهُ في الإسلامِ، فإنِّيسمعتُ دُفَّ نعليْكَ بينَ يديَّ في الجنةِ" [صحيح البخاري(1149)] لم يذكر بلال ما لاقاه من عذاب بل أجاب بأعجب إجابة في الدنيا، قال:"ماعملتُ عملًا أَرْجَى عندي:أنِّيلم أَتَطَهَّرَ طَهورًا، فيساعةِ ليلٍ أو نهارٍ، إلا صلَّيتُ بذلكَ الطَّهورِماكُتِبَ لي أن أُصلِّي" [صحيح البخاري(1149)]
اعرف دورك تعرف خط سيرك.
رابعًا: {وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ}
قد تكون واضح الهدف وتعمل لكن هل لك أثر؟ هذه هي{وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ}[مريم:31] فبوجوده تحل البركة.
روى الإمام أحمد في "كتاب الزهد" عن وهب بن منبه، وإسناده صحيح إلى وهب "أن الله عز وجل يقول: إني إذا أُطعت رضيت وإذا رضيت باركت، وليس لبركتي منتهى، وإذا عُصيت غضبت، وإذا غضبت لعنت ولعنتي تبلغ السابع من الولد"
يا من يقول أنه لا توجد بركة لا في الوقت ولا الأموال ولا الأولاد اعلم أنه بالرضا تحل البركة.
أين هذا الأثر؟
طلبه الخليل إبراهيم فقال: {وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآَخِرِينَ}[الشعراء:84]فما زلنا نصلي ونسلم على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إلى يوم الدين، وصار أبو الأنبياء والمرسلين، والوحيد مع النبيﷺ الذي أخذ ختم الخلة {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا}[النساء:125]
اجعل لك أثرًا
اعمل مشروع دعوي، دار تحفيظ، انشر سنة، وستأخذ في قبرك تريليونات الحسنات بسبب صدقك في ذلك، هذه هي {وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ} هكذا المؤمن أينما حل نفع.
خامسًا: {وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ}
الصلاة حالٌ مع الله، وحالك هو الذي يُثبتك وعليه استقامتك، قال رسول الله:ﷺ "لايَسْتَقِيمُإِيمانُعبدٍحتىيَسْتَقِيمَقلبُهُ "[حسنه الألباني في صحيح الترغيب(2554)] لن تستقيم ما زاغ لك قلب التفت إلى الدنيا، صل قلبك بالله تستقم.
من أين يأتي هذا الحال؟
قم الليل {وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ}فالصلاة صلتك وتارك الصلاة فاسق"منتركالصلاةَ؛فقدكفرَ"[قال عنه الألباني صحيح موقوف في صحيح الترغيب(575)]
صلِّ صلاة محب "يابلالُ ! أَرِحْنابها "[قال الألباني عنه اسناده صحيح في تخريج مشكاة المصابيح(1209)]
لمن يتلفت في صلاته، انتبه ماذا قال ربك في الحديث القدسي:"عبدي لا تباعد مني"
حبيبك يقول لك لا تباعد مني وأنت تنشغل بغيره!!!
هذه هي {وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ}وصال بالله.
سادسًا: {والزَّكَاةَ}
هذا هو المفتاح }وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ{ [مريم:31]
قال الإمام الطبري: والمراد بالزكاة: التزكية وهو تطهير الجسد من دنس الذنوب.
أوصاني بالصلاة: هذا وصال، والزكاة: التزكية (التوبة-التخلص من الآفات والعيوب- وظيفة الأنبياء والمرسلين) قال تعالي:}يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ{[البقرة:129]
كلنا يذنب ويحتاج لغسيل القلوب من الذنوب، فما يذنب العبد ذنبًا إلا نكت في قلبه نكتة سوداء، والنكتة تتحول لغفلة فران ثم تقسو القلوبلذلك قالتعالى: }قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا{[الشمس:9].
ï زكا:معناها نما، أتعلم لماذا؟
فلكل بني آدم ميلين إحداهما للخير والآخر للشر أو كما قال تعالى: }فَأَلْهَمَهَا فُجُورَ*هَا وَتَقْوَاهَا{ [الشمس:8] فقال فجورها ولم يقل شرورها؛ لأنك قد لا يكون لديك إمكانيات لتظلم لكن إن امتلكت قد تبغي أشد البغي؛ فلديك استعداد ولكنك لا تراه، وسبحان من حفظك من ذلك!
×وقالتعالى: }قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا{[الشمس:9] ماذا تعني زكاها؟
أي زكى الجانب الإيماني، فزكاه :نماه، فقوى جانب الخير على الشر إلى أن يصل إلى الفردوس الأعلى قال تعالى: } إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّـهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ{[الشعراء:89].
ïقال تعالى :}وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا{[الشمس: 10].
دَسَّ الشئ: أي أخفاه، فأخفى الشر بالخير، فعندما ينمي الإنسان الخير فيدس الشر، فلا يشعر أحد بأن لديه شر من كثرة الخير به؛ فهذا هو من ضبط معادلة "قد أفلح من زكاها".
وقال الله تعالي أيضًا: }قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ* وَذَكَرَ* اسْمَ رَ*بِّهِ فَصَلَّىٰ{[الأعلى:14، 15].
× إذن الصلاة أتت بالتزكية، فالصلاة هي الوصال بالله.
سابعًا: {مَا دُمْتُ حَيًّا}
يقول الإداريون: أن معادلة التغيير هي أن تفعل خمسة أشياء لتحصل على التغيير:
1- محفز:
أريد أن أتغير، أريد أن أقلع عن هذا الذنب،المرتب غير كاف؛ لابد من أخذ دورات للحصول على عمل آخر.
× الضغط أتى بمحفز فأدى إلى رغبة.
2- رغبة:
ولكن الرغبات وحدها لا تكفي للتغيير.
مثال: تريد حفظ القرآن ورفقة النبيﷺ في الفردوس الأعلى، ولا تفعل شيئًا فلن يحدث التغيير.
× الرغبة تحتاج إلى فكرة
3- فكرة:
๏فرغ من وقتك وقتًا لتحفظ فيه.
๏حدد المقدار الذي ستحفظه.
๏استمر حتى تصل إلى هدفك (الفردوس الأعلى).
× الرغبة والفكرة لا تفعل شيئًا بدون تطبيق.
4- عمل وتطبيق:
عليك بالممارسة لتصل إلى التغيير فإن واجهتك مشكلات (آثار جانبية) فداوها بـالاستمرار.
5- الاستمرار:
هذه هي في قوله تعالى: }مَا دُمْتُ حَيًّا{[مريم:31].
قد تكون لديك طفرات ثم يحدث تكاسل وفتور فالمشكلة تكمن في الثبات والاستمرار {مَا دُمْتُ حَيًّا} [مريم:31]، فنحتاج إلى صلاة وتزكية {مَا دُمْتُ حَيًّا {[ مريم:31]ودعك من كلام المثبطين }وَاعْبُدْ رَ*بَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ{[الحجر:99] واليقين هو الموت، فاستمر في عبادتك إلى آخر لحظة.
×كيف يأتي الاستمرار؟
1- الصحبة الصالحة.
2- التدرج في الهدف يعينك على الاستمرار.
قال ﷺ:"من قامَ بعشرِ آياتٍ لم يُكتب منَ الغافلينَ ومن قامَ بمائةِ آيةٍ كتبَ منَ القانتينَ ومن قامَ بألفِ آيةٍ كتبَ منَ المقنطرينَ"[صححه الألباني فى صحيح أبي داود(1398)].
وهكذا التدرج حتى تعرف قوله تعالى:} مَا دُمْتُ حَيًّا{[مريم:31].
×كذلك التدرج في الصيام
1- ثلاثة أيام من كل شهر (13-14-15) أو الإثنين والخميس باستمرار.
2- ثلاثة أيام من كل شهر (13-14-15) مع الإثنين والخميس باستمرار.
3- صيام داود عليه السلام (يوم ويوم).
4- المستوى العالي (كان يصوم حتى لا يكاد يفطر ويفطر حتى لا يكاد يصوم).
×هل أنت متدرج المستوى حتى تكون كما في قوله تعالى:} مَا دُمْتُ حَيًّا{[مريم:31]؟
وقد ورد أنه: "ماماتَعمرُ حتَّى سرَدَ الصَّومَ" [صحيح ابن كثير فى مسند الفاروق(1/285)].
وكلمة "ما مات" تشعرك أنه منهج، تدرج وعلو واستمرار، كذلك هو التخطيط الإيماني.
لنضع الخطة:
قوله تعالى:}مَا دُمْتُ حَيًّا {[ مريم:31].
×إن كنت وضعت خطة لختم القرآن في كل شهر مرة فلابد ألا يأتي عليك رمضان إلا وقد أتيت ب12ختمة مهما واجهتك من مشكلات وسقطات.
وضبط ذلك بنظريتين:
1- نظرية الاستقامة، قوله تعالى:} مَا دُمْتُ حَيًّا {[ مريم:31].
2- نظرية استدراك الفائت، كما كان يفعل النبي ﷺ يصوم شعبان إلا قليلاً، حتى
تكون أيام صيامه أعلى من أيام صيام سيدنا داود عليه السلام.
×إذا أردت أن تعلو وتختم في كل عشرين فلابد أن تأتي في السنة ب18ختمة وهكذا إلى أن تصل لأعلى مستويات السلف كانوا يختمون القرآن كل أسبوع، والسنة بها 52 أسبوع، هذا هو قوله تعالى: }مَا دُمْتُ حَيًّا {[ مريم:31]و بهذا التدرج تسير الدنيا.
ثامنًا:} وَبَرًّ*ا بِوَالِدَتِي{
ïيقول علماء التزكية أن هناك ثلاثة أشياء:
تخلية ... تحلية .. تحقق.
×فالبخيل مثلاً عليه أن يقتلع البخل ويتعود على الكرم، والغضوب لابد له أن يتعلم الحلم
وهكذا تخلية وتحلية فكيف التحقق؟
يكون التحقق بـ جهاز استشعار الإيمان... جهاز كشف كذب الالتزام:
1- آفات اللسان:
قد يبدو أحدهم صالحا ولكنك تجده مغتابًا كذابًا فلسانه كشفه.
2- معاملة الناس:
علامة صلاحك ببر والديك، ولنا في الخليل إبراهيم قدوة؛ فقد كان أبوه كافرًا وكان يعامله بالحسنى كما في قوله تعالي عنه:} يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّ*حْمَـٰنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا{[مريم:45].
فأطع والديك في مرضاة ربك }وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ{[الإسراء:24].
أنت مسلم ارفع راسك، لكن مع أبيك وأمك يدوسون عليك بالحذاء ولا تفتح فمك، "فعن محمد بن المنكدر، أنه كان يضع خده على الأرض، ثم يقول لأمه : قومي ضعي قدمك على خدي".
ïقال ابن عباس:فلم أعلم ذنبًا يكفر بشئ مثل بر الوالدة، وصلة الأرحام.
اجعل هذا طوال عمرك قوله تعالى:}وَبَرًّ*ا بِوَالِدَتِي{[مريم:32]
فكيف هو التزامك؟ إن كنت بارًا فأنت من الأبرار.
تاسعًا:} وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارً*ا{
×لنعرف لم أتى بكلمة جبارًا نتعرف على اسم الله الجبار.
الجبار: هو الذي يجبر كسر المنكسرين .
والبار بوالديه المتذلل إليهما منكسرًا، وبالتالي {وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارً*ا}أي جعلني ذليلاً، مفتقرًا.
×وسبب الجبروت هو الكبر الذي هو أعظم ما يُبتلى به العبد _والله أعلم_ قال ﷺ:" لا يدخلُ الجنَّةَ مَن كان في قلبِهمثقالُذرَّةٍمنكِبرٍ"[مسلم(91)].
إياك أن تتكبر بعلم أو بنسب أو بصحة وشباب.. إياك.
عاشرًا:} شَقِيًّا{
قال تعالى: }فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ{[هود:105].
هذه هي وصفة السعادة:أولها عبادة وأخرها سعادة، حتى لا تنساها.
قوله تعالي:} وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارً*ا شَقِيًّا{[مريم:32].
لم يتكلم القرآن عن نشأة سيدنا عيسى عليه السلام ولكنه حين تحدث عنه خُتِمت قصته بقوله تعالى:
{وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا{[مريم:33].
وحين ذكر القرآن قصة يحيي عقبها بقوله تعالى:} وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا{[مريم:15].
ما الفرق بين (السلام عليّ و سلام عليه)؟
الله تعالي هو من قال عن يحيى عليه السلام: }وَسَلَامٌ عَلَيْهِ{، إنما المسيح عليه السلام هو من يتكلم عن نفسه }وَالسَّلَامُ عَلَيَّ {.
النكرة في قوله تعالى: } وَسَلَامٌ عَلَيْهِ{ تفيد التعظيم؛ فولادته كانت معجزة من امرأة عاقر، ويوم ولد المسيح كان معجزة ما بعدها معجزة فولد من غير أب، ومن ثم جاء قوله تعالى:}وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ{ .
×فلماذا قال هذا؟
1- أولاً ردًا على الشبهات التي ستخرج بعد ذلك حول مولده فجاء قوله تعالى:} وَالسَّلَامُ عَلَيَّ{.
2- السلام: اسم من أسماء الله سبحانه وتعالى، وكان من الممكن أن يقتلوا مريم بابنها، يرى اليهود أنه ابن زنا، فقال تعالى لها أولاً:} وَقَرِّ*ي عَيْنًا{[مريم:26]، ثم قال تعالى على لسان عيسى عليه السلام:}وَالسَّلَامُ عَلَيَّ{، بمعنى أنه لا أحد يجرؤ على التعرض لهم.
ïمن أين أتت {وَيَوْمَ أَمُوتُ}؟
مات سيدنا يحيى قتلاً، لكن قال تعالى:} لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّ*ا لَّكُمۖ بَلْ هُوَ خَيْرٌ* لَّكُمْ{، والمسيح لم يمت قال تعالي: } وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ{[النساء:157].
وما قتلوه .. إذن هو لم يمت .. وهذه عقيدتنا
فأين موته؟
عندما ينزل آخر الزمان، ويحكم بالقرآن، ويعيش في الدنيا فيقتل أول نزوله أعظم فتنة في الدنيا، ويقيم العدل، وينشر الخير.
لطيفة عجيبة عن المسيح عليه السلام:
المسيح هو الوحيد في حديث الشفاعة لم يذكر ذنبًا_بالطبع إلى جانب النبي_ فآدم خرج من الجنة، موسى قتل رجلاً، وإبراهيم استخدم التعريض في الكلام ثلاث مرات، ونوح دعا على قومه، فالكل يذكر شيئًا إلى أن يهرعون إلى عيسى عليه السلام، فيقول:اذهبوا إلى محمد ولم يذكر ذنبًا!
7 وبالاتفاق سيدنا عيسى من أولي العزم من الرسل، وهو أعلي منزلة من سيدنا يحيي عليهما السلام ، لذا في قوله تعالي على لسان سيدنا عيسى عليه السلام: }وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا{[مريم:33] فيها مزيد تشريف، وفى قوله تعالى:} ذَٰلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْ*يَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُ*ونَ} [مريم:34] ؛فذلك هنا تعظيم وتشريف.
وصلِّ اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
http://hanyhilmy.com/main/play.php?catsmktba=5819
تعليق