إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

هذا تفريغ محاضرة (وقفات تربوية مع الصائمين) // مفهرس

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • هذا تفريغ محاضرة (وقفات تربوية مع الصائمين) // مفهرس

    محاضرة: وقفات تربوية مع الصائمين
    للشيخ: محمد حسان
    الملخص:
    للمسلم وقفات عليه أن توقف عندها قبل دخوله لشهر رمضان الكريم شهر الصيام و القرآن و هذه الوقفات إنما هي وقفات تربوية يستعد بها المسلم لاستقبال هذا الشهر الجليل و هذه العبادة العظيمة ألا و هي الصيام و التي قال الله تعالى عنها على لسان رسوله الكريم صلى الله عليه و سلم " كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي و أنا أجزي به ". و من هذه الوقفات التربوية: أولا الفرح: فإن المؤمن يفرح بحضور هذا الشهر و يستعد لاستقباله و يهيء نفسه و جوارحه ليكثر الطاعات و العبادات في هذا الشهر الكريم فقد كان النبي صلى الله عليه و آله و سلم إذا دخل رمضان يقول " إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة و ينادي مناد يا باغي الخير أقبل و يا باغي الشر أقصر و لله عتقاء ن النار و ذلك في كل ليلة حتى ينقضي رمضان ". ثانيا الفرار: فالفرار نوعان و هما فرار من الله و هذا هو فرار الأشقياء و فرار إلى الله و هذا هو فرار السعداء، و المسلم الحق هو الذي يفر إلى الله و يكون عن طريق فراره من الجهل بالله إلى العلم بالله و من الكسل إلى العمل عزما و جدا و فراره من الضيق إلى السعة ثقة و رجاء.
    ثالثا المحاسبة
    يقف المسلم قبل رمضان ليحاسب تفسه على ما فعله طوال تلك السنة التي مضت فما هي السيئات التي اقترفها و هل هو بادر و اجتهد في كسب الحسنات أم كان مقصرا تقصيرا شديدا و بارز الله جل و علا بالذنوب و المعاصي و قد أنعم الله تعالى عليه نعما لا يستطيع أحد أن يعد أو يحصي هذه النعم. ثم ليقف المسلم وقفة رابعة ليرى كيف إيمانه بالله عز و جل و كيف إنابته إليه و ما حال قلبه أهو ذل و إنكسار بين يدي الله جل و علا أم هو عكس ذلك، فعلى المؤمن أن يطرح قلبه بذل و إنكسار بين يدي العزيز الغفار و يعترف له بفقره و ضعفه و عجزه و تقصيره و ذنوبه و هو على يقين بأن الله تعالى سيفرح به و بتوبته و هو الغني عنه. و أخيرا يأتي العمل: و أول عمل يكون التوبة، ثم المحافظة على الصلوات الخمس في جماعة، ثم المحافظة على ورد يومي من القرآن الكريم قراءة و تدبر و عمل به فإن شهر رمضان هو شهر القرآن و قد قال النبي صلى الله عليه و سلم " اقرأوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه "، ثم المحافظة على صلاة التراويح، و أخيرا كثرة الإنفاق في هذا الشهر فيمكن للمرء أن يكون أجر صيامه و صيام من فطره بقوله صلى الله عليه و سلم " من فطر صائما في رمضان كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئا ". فهذه الوقفات التربوية تساعد المرء على استقبال شهر رمضان بقلب نقي راج رحمة الله تعالى و مغفرته لعله يكون من العتقاء من النار في هذا الشهر الكريم.
    النص:
    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته، إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره و نعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادي له، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن سيدنا محمد عبده و رسوله و صفيه من خلقه و خليله أدى الأمانة و بلغ الرسالة و نصح الأمة فكشف الله به الغمة و جاهد في الله حق جهاده حتى آتاه اليقين، فاللهم اجزه عنا خير ما جزيت نبيا عن أمته و رسولا عن دعوته و رسالته و صلي اللهم و سلم و زد و بارك عليه و على آله و أصحابه و أحبابه و أتباعه و على كل من اهتدى بهديه و استن بسنته و اقتفى أثره إلى يوم الدين , أما بعد فحيا الله هذه الوجوه المشرقة الطيبة التي أحبها و الله في الله و زكى الله هذه الأنفس الكريمة التي انصهرت معها في بوتقة الحب في الله و شرح الله هذه الصدور العامرة بحب الإسلام و طبتم أيها الإخوة و الأخوات و تبوأتم جميعا من الجنة منزلة و أسأل الله الكريم جل و علا الذي جمعنا في هذا البيت الطيب المبارك على طاعته أن يجمعنا في الآخرة مع سيد الدعاة المصطفى في جنته و دار مقامته إنه ولي ذلك و القادر عليه , أحبتي في الله " وقفات تربوية مع الصائمين " هذا هو عنوان لقائنا مع حضراتكم في هذه الليلة الكريمة المباركة و كعادتي حتى لا ينسحب بساط الوقت سريعا من تحت أقدامنا فسوف ينتظم حديثي مع حضراتكم في هذا الموضوع الكريم الجليل في العناصر التالية:
    الوقفة الأولى: الفرح.
    الوقفة الثانية: الفرار.
    الوقفة الثالثة: المحاسبة.
    الوقفة الرابعة: الإيمان.
    الوقفة الأخيرة: العمل.
    فأعيروني القلوب و الأسماع و الله أسأل أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولائك الذين الذين هداهم الله و أولائك هم أولوا الألباب،
    أولا الفرح
    يتألم كثير من المخلصين الصادقين لواقع هذه الأمة الجريح بصفة عامة و لواقع كثير من الإخوة الملتزمين بصفة خاصة و يتساءل الصادقون المخلصون ما الحل؟ ما السبيل إلى الإصلاح و ما هي الخطوة العملية الأولى على الطريق السوي الصحيح؟ و الجواب في كلمة واحدة - نعم إنها كلمة واحدة - إنها التربية، ما أحوجنا إلى التربية و المنهج التربوي موجود بين أيدينا فمصادره القرآن و السنة بفهم سلف الأمة و المنهج التربوي الإسلامي الرباني و النبوي يتسم بالتكامل و الشمول و التوازن و الإعتدال و التميز و المفاصلة و لا أريد أن أفصل في هذه الأصول فهي تحتاج إلى محاضرات متكاملة و وسائل التربية كثيرة أعلاها التربية بالقرآن التربية بالسنة التربية بمنهج السلف الصالح التربية بالقدوى التربية بالترغيب التربية بالترهيب التربية بالقصص التربية بالمثل التربية بالموعظة التربية بالحدث فلقد كان النبي صلى الله عليه و آله و سلم يوظف الأحداث المتلاحقة المتتابعة توظيفا تربويا رائعا و هذه فطنة المربي فالداعية الصادق الناجح هو الذي يوظف الأحداث توظيفا عقديا تعبديا تربويا عالي ليطرق على الحديد فإن القلوب و العقول تتشكل مع الأحداث تشكلا سريعا و ها هو شهر الخير و الفضل يهل علينا فليس من الفقه و الحكمة أن نترك محاضرة كهذه يسعدنا فيها حضور هذه الأعداد الغفيرة من إخواننا و أخواتنا ممن يحرصون على الخير و يريدون وجه الله جل و علا دون أن نوظف الحدث القادم توظيفا تربويا لنذكر فيه أنفسنا لعل عيوننا أن تبكي الليلة من خشية الله و لعلنا نعاهد الله سبحانه و تعالى على الأوبة و التوبة و على السير على طريق النبي صلى الله عليه و سلم لنخرج من هذه المتعة الثقافية الذهنية السالمة البارزة لنحول هذا المنهج الرباني و النبوي في حياتنا إلى منهج عملي و واقع حياة فلا شك و الله إن العين و إن القلب و إنا لما يحدث في كل لقاء لمحزنون لمحزنون و الله لو كان هذا المشهد يسعدنا لدعونا الإخوة إليه لكننا ندين الله بأنه مشهد يشرح قلوبنا و يؤلم نفوسنا و يظهر عوراتنا للمسلمين و لغير المسلمين و صورتنا تؤكد و تدل دلالة عملية على أننا لازلنا نحتاج إلى مزيد من التربية و إلى مزيد من التربية و إلى مزيد من التربية فإن الإعجاب السارق و إن الثقافة الذهنية و إن الثقافة الذهنية الباهتة الباردة لم تغير من هذا الواقع المر الأليم شيئا على الإطلاق فما أحوجنا إلى التربية لقد ربى النبي صلى الله عليه و آله و سلم القاعدة الصلبة لهذا الدين ربى أفرادا من أصحابه و على أكتافهم قام النبي صلى الله عليه و آله و سلم ليقيم للإسلام دولة من الفتات المتناثر وسط صحراء تموج بالكفر و الجهل موجا فإذا بناء شامخ لا يطاوله بناء و ذلك في فترة لا تساوي في حساب الزمن شيئا على الإطلاق، هذه أمانة أطوق بها أعناقكم جميعا فمن الأذى أن أعد لكم مثل هذا اللقاء و أن أتعب نفسي أشهد الله لأخرج من هذا اللقاء و قد فتنت و قد فتنت فأنا بشر لا أزعم العصمة و لا أدعي أنني كالصحابة بل أنا لا أساوي نعل في قدم صحابي و قد خاف الصحابة على أنفسهم من مثل هذا فكيف تدعي أن هذه المشاهد التي تدمي قلب كل مسلم صادق لا تؤثر في قلب هذا الحقير الفقير كيف يثني الأخ على شيخ من الشيوخ ليقطع رقبته ثم يقول: و لو أنيي أعلم يقينا أن الشيخ لا يحب الإطراء لأطريته، و ماذا كنت تصنع آنفا، يا إخوة تعالوا بنا لنتخلى عن هذا المنهج الباهت تعالوا بنا لنرتقي إلى هذا المنهج السوي الصحيح إلى هذا المنهج التربوي ما قيمة الحضور إن لم يورثك العلم الأدب؟ إن لم يورثك العلم الخشية؟ إن لم يورثك العلم تقدير أهل العلم؟ فما أحوجنا إلى التربية و لذا فأنا لا أتحدث الليلة عن الصيام عن هذا الحدث كلام عاديا و إنما أرجو الله أن يوفقني لنوظف جميعا هذا الحدث توظيفا تربويا عاليا و إلا فلقد صمنا قبل ذلك رمضانات عديدة و الواضح أننا ما خرجنا منها بما أراده لنا ربنا و بما سنه لنا نبينا صلى الله عليه و آله و سلم و إلا فأين التقوى؟ هل ما يحدث بعد كل لقاء من تقوى الله و قبل كل لقاء من تقوى و أنا يؤلمني و يؤسفني أن يجلس بين أيديكم رجل من أهل العلم و الفضل لينادي عليكم أكثر من مرة بالصمت و السكينة و الأدب مع الله ثم مع أهل العلم و مع ذلك قد يسمع أحد أحبابنا النداء مرة و مرة و كأنه ما سمع شيء، أين التربية؟ أين التربية يا إخوة؟ أدين الله بأننا لا نغتر بهذا الجمع أبدا و لو اجتمع هذا الجمع كله بعشرات الآلاف كما حكي لي بالثناء علينا و الله ما قربتمونا من الله إن كنا باعدين عن الله و إن اجتمع هذا الجمع بالذم فينا و الله ما أبعدنا عن الله إن كنا قريبين من الله فما أحوجنا إلى أن نتربى على المنهج الذي طالما سمعنا أين المنهج؟ أين المنهج؟ المنهج موجود بين أيدينا قرآن و سنة بفهم سلف الأمة منهج متسم التكامل و الشمول منهج متسم بالتوازن و الإعتدال منهج متسم بالتميز و المفاصلة لأن الذي وضع المنهج هو خالق الإنسان ألا يعلم من خلق و هو اللطيف الخبير.الوقفة التربوية الأولى بعد هذه المقدمة التي أسأل الله أن ينفعنا بها، الوقفة التربوية الأولى هي الفرح: قال تعالى: " قل بفضل الله و برحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون " تصور أنك تريد أن تستقبل بعد يومين غائبا عزيزا عليك كيف يكون الإستعداد لهذا الإستقبال؟ و كيف يكون فرحك بك؟ فرحة المؤمن بإستقباله لربيع أمة محمد لشهر القرآن و الصيام و الإنفاق و الإحسان فرحة المؤمن بإستقباله لهذا الشهر تفوق فرحة المحب الذي يستعد لإستقبال حبيبه و مصدر فرح المؤمن بفضل الله عليه و برحمات الله التي تتوالى عليه في رمضان تترا، "قل بفضل الله و برحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون " الفرح الحقيقي فرح للطعاة فرح لفضل الله عليك ليس فرحا بدنيا زائلة و لا بمال فان و لا بمنصب إلى زوال و إنما الفرح الحقيقي بفضل الله و رحمة الله سبحانه و تعالى و ما أعظمها و ما أكثرها على المؤمنين بصفة عامة و عليهم في رمضان بصفة خاصة، كان النبي صلى الله عليه و آله و سلم إذا دخل رمضان يقول كما في الصحيحين " إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة " و في لفظ مسلم " فتحت أبواب الرحمة و ينادي مناد يا باغي الخير أقبل و يا باغي الشر أقصر و لله عتقاء ن النار و ذلك في كل ليلة حتى ينقضي رمضان " و في لفظ الترمذي و ابن حبان و البيهقي و غيرهم بسند حسن من حديث أبي هريرة أنه صلى الله عليه و آله و سلم كان إذا أقبل رمضان يقول " إذا كان أول ليلة من رمضان صفدت الشياطين و مرضت الجن و غلقت أبواب النار فلم بفتح منها باب و فتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب و ينادي مناد: يا باغي الخير أقبل و يا باغي الشر أقصر و لله عتقاء من النار و ذلك كل ليلة "، و في الصحيحين من حديث أبي هريرة أنه صلى الله عليه و آله و سلم قال: " قال الله تعالى في الحديث القدسي: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي " لماذا؟ لماذا غختص الله الصوم من بين سائر الأعمال و العبادات؟ أليس التوحيد لله؟ أليست الصلاة لله؟ أليست الزكاة لله؟ أليست العمرة لله؟ أليس الحج لله؟ أليس هذا المجلس لله؟ قد يرائي المسلم بأي عمل من هذه الأعمال قد يرائي بصلاته و قد يرائي بحضوره في مجلس العلم و قد يرائي بعمرته و حجه و قد يرائي بزكاته و إنفاقه و عطائه و إحسانه إلا الصوم إما أن تكون صائما و إما أن تكون مفطرا إذ لا رياء في الصوم لأنك تستطيع أن تنفرد بنفسك و تأكل و تشرب لكن الصوم يرقيك إلى مقام الإحسان و الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك " إلا الصوم فإنه لي و أنا أجزي به "، و الصيام جنة أي وقاية وقاية من الشهوات وقاية من النار كما قال أهل العلم " فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث " - و الرفث بمعنى الجماع أو بمعنى الفحش من القول - " فلا يرفث و لا يفسق فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني صائم " فليذكر نفسه بهذه العبادة الكريمة " فليقل إني صائم " - اسمع - " و للصائم فرحتان " " و للصائم فرحتان يفرحهما إذا أفطر فرح بفطره و إذا لقي ربه فرح بصومه " " و للصائم فرحتان يفرحهما إذا أفطر فرح بفطره و إذا لقي ربه فرح بصومه " نعم تكتمل الفرحة الكبرى و أنت بين يدي الله جل و علا ترى هذا العمل العظيم و هذه العبادة الكريمة ترى الصيام يشفع لك بين يدي الله عز و جل، " الصيام و القرآن يشفعان للعبد يوم القيامة يقول الصيام أي ربي منعته الطعام و الشهوة فشفعني فيه و يقول القرآن أي ربي منعته النوم بالليل فشفعني فيه " قال صلى الله عليه و آله و سلم " فيشفعان " فأنا أرجو أن يبحث كل مسلم صادق الآن عن فرحته في قلبه بقدوم هذا الشهر لأن المنافق يشعر بإختناق كل ما أهلت عليه أنفاس رمضان أم المؤمن يشعر بفرح حقيقي يملأ عليه قلبه و وجدانه كل ما أهلت عليه أنفاس رمضان الخاشعة. المنزلة الأولى و الوقفة الأولى هي الفرح و لا أريد أن أطيل النفس مع كل وقفة لكن أذكر " و للصائم فرحتان يفرحهما إذا أفطر فرح بفطره و إذا لقي ربه فرح بصومه " ثم قال " و الذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك " - بضم الخاء أو بفتحها و اللغتان صحيحتان - لخُلوف فم الصائم أو لخَلوف أطيب عند الله من ريح المسك لأن هذا الخلوف قد نتج عن طاعة قد نتج عن عبودية لله جل و علا ثم قال " و الذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك و للصائم فرحتان يفرحهما إذا أفطر فرح بفطره و إذا لقي ربه فرح بصومه "، هل تشعر بالفرح؟ الجواب نعم أشعر بالفرح الحقيقي، دلل على صدق فرحك هيا أخطو على الطريق خطوة عملية أولى و هي الوقفة الثانية من هذه الوقفات التربوية ألا و هي الفرار.
    ثانيا : الفرار
    و الفرار نوعان فرار إلى الله و فرار من الله، أما الفرار من الله فهو فرار الأشقياء و أما الفرار إلى الله فهو فرار السعداء، أيها الفار من الله إلى أين؟ أين المفر؟ فأين تذهبون؟ الأرض أرضه و السماء ساؤه و السلطان سلطانه و الملك ملكه لا تخرج من سلطانه جل و علا إلى سلطان غيره و لا من ملكه إلى ملك غير فيا أيها الفار من الله إلى أين؟ لا ملجأ و لا منجا منه إلا إليه و اعلم بأن فرارك من الله جل و علا فزع و اعلم بأن فرارك من الله ألم و اعلم بأن فرارك من الله خوف و رعب و اعلم بأن فرارك من الله ضنك و شقوة و عناء في الدنيا و عذاب في الآخرة فهيا فر إلى الله جل و علا، قال سبحانه " ففروا إلى الله " و الفرار إلى الله هو فرار السعداء فالفرار إلى الله أمن الفرار إلى الله سعة الفرار إلى الله رزق الفرار إلى الله رحمة الفرار إلى الله مغفرة الفرار إلى الله جبر و غنى " ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين " و من خاف شيئا هرب منه و من خاف الله هرب إليه، هل تخشى الله؟ اهرب إليه، هل تخاف ربك؟ اهرب إليه، فالهرب إليه أمن الهرب إليه آمان الهرب إليه رحمة الهرب إليه جبر و مغفرة و فضل فيض و كرم و الفرار إلى الله خطوات ليس كلمة يرددها اللسان دخان يطير في الهواء فرار من الجهل إلى العلم قصدا و سعيا و فرار من الكسل إلى العلم عزما و جدا و فرار من الضيق إلى السعة ثقة و رجاء. الخطوة الأولى على طريق الفرار أن تفر من الجهل بالله إلى العلم بالله، أن تفر من الجهل بأسمائه الحسنى و صفاته العلا إلى العلم بأسمائه الحسنى و صفاته العلا، أن تفر من الجهل بأوامره و مناهيه و حدوده إلى العلم بذلك، أن تفر من الجهل برسول الله إلى العلم برسول الله، أن تفر من الجهل بدينك إلى العلم بدينك فلا يمكن أن تعرف الله إلا إن تعلمت و لا يمكن أن تعبد عبادة ترضيه إلا إن تعلمت قال تعالى لنبيه " فاعلم أنه لا إله إلا الله و استغفر لذنبك و للمؤمنين و المؤمنات " قال الحافظ ابن حجر " أمر الله نبيه بأمرين فبدأ بالعلم و ثنى بالعلم بدأ بالعلم و قدم العلم على العمل لأن العلم هو المصحح للنية التي يصح بها كل قول و كل عمل "، ما قيمة شهادة الدكتوراة التي حصلتها إن لم تورثك الخشية لله و إن لم تورثك الأدب مع الله و إن لم تورثك حب الطاعة و حب قيام الليل و إن لم تورثك بغض المعصية؟ ما قيمة هذا العلم؟ قال تعالى " يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا و هم عن الآخرة هم غافلون " قال تعالى " بل ادارك علمهم في الآخرة بل هم في شك منها بل هم منها عمون "، ما أكثر الجهلاء على وجه الأرض الذين لا يعرفون الله جل و علا، ما أكثر الجهلاء الذين لا يعرفون المصطفى، ما أكثر الجهلاء الذين لا يعرفون حد الله جل و علا " و إن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله " قال تعالى " و ما يؤمن أكثرهم بالله إلا و هم مشركون " قال تعالى " و ما آمن معه إلا قليل " قال تعالى " و قليل من عبادي الشكور " قال تعالى " إلا الذين آمنوا و عملوا الصالحات و قليل ما هم "، أكثر أهل الأرض جاهل برب السماء و الأرض جاهل بسيد أهل الأرض محمد صلى الله عليه و آله و سلم، الجهل قبل الموت موت لأهله و أجماسهم قبل القبور قبور و أرواحهم في وحشة من جسومهم و ليس لهم قبل النشور نشور، و لله در القائل: الناس من جهة الأصل أكفاء أبوهم آدم و الأم حواء نفس كنفس و أرواح مشابهة و أعظم خلقت فيهم و أعضاء فإن يكن لهم من أصل حسب يفاخرون به فالطين و الماء ما الفخر إلا لأهل العلم إنهم على الهدى لمن استهدى أدلاء و قدر كل امرئ ما كان يحسنه و الجاهلون لأهل العلم أعداء فخذ بعلم تعش حيا به أبدا فالناس موتى و أهل العلم أحياء. الفرار من الجهل إلى قصدا و سعيا و العلم إذا قبض بقبض العلماء وقع الناس في الضلال و الضنك و الشقاء ففي الصحيحين من حديث عبد الله بن عمرو أنه صلى الله عليه و آله و سلم قال " إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من صدور الناس و لكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبقى عالم اتخذ الناس رؤوسا جهالا - أو رؤساء جهالا - فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا و أضلوا ". فما أحوجنا إلى أن نفر إلى الله و الخطوة الأولى على طريق الفرار أن تتعلم قبل أن تتلكم تعلم و قبل أن تتحرك خطوة حركية على الطريق تعلم و إلا فقد تفسد و أنت تريد الإصلاح و قد تضر و أنت تريد النفع، قال ابن القيم " و هل أوقع القدرية و المرجئة و الخوارج و المعتزلة و الروافض و سائر طوائف أهل البدع فيما وقعوا فيه إلا سوء الفهم عن الله و رسوله "، و قال ابن القيم " إن سوء الفهم عن الله و رسوله أصل كل بدعة و ضلالة نشأت في الإسلام قديما و حديثا "، و قال الشاطبي في كتابه الممتع ( الإعتصام ) " و لقد زل أقوام بسبب الإعراض عن الدليل و الإعتماد على الرجال فخرجوا بسبب ذلك عن جادة الصحابة و التابعين و اتبعوا أهوائهم بغير علم فضلوا عن سواء السبيل "، و ما أجمل قول علي " اعرف الحق تعرف أهله فإن الحق لا يعرف بالرجال و لكن الرجال هم الذين يعرفون بالحق " , الخطوة الثانية على طريق الفرار: الفرار من الكسل إلى العمل عزما و جدا و سأرجئ الحديث عنها للوقفة الخامسة من هذه الوقفات إن شاء الله , أما الخطوة الثالثة على طريق الفرار إلى الله فهي الفرار من الضيق إلى السعة ثقة و رجاء: الفرار من الضيق من ضيق النفس بالهموم و الآلام و الأحزان و من ضيق الدنيا بالفتن و الشهوات و الشبهات إلى السعة، أين السعة؟ عند ربي جل و علا، لن تجد سعة إلا عند الله لن تجد بركة و رحمة و فضلا و فيضا إلا عند الله من الضيق إلى السعة ثقة في الله جل و علا و رجاء فيما عنده من فضل و أجر، يا صاحب الهم إن الهم منفرج أبشر بخير فإن الفارج الله و إذا بليت فثق بالله و ارضى به إن الذي يكشف البلوى هو الله الله يحدث بعد العسر ميسرة لا تجزعن فإن الخالق الله و الله ما لك غير الله من أحد فحسبك الله في كل لك الله كن عن همومك معرضا و دع الأمور إلى القضا و انعم بطول سلامة تسليك عما قد مضى فلربما اتسع المضيق و ربما ضاق الفضا الله يفعل ما بشاء فلا تكن متعرضا بل لا يصح إيمان إلا إن آمنت بالقدر خيره و شره، روى مسلم في صحيحه قال حدثنا أبو خيثمة زهير بن حرب عن كهمد عن وكيع عن عبد الله بن بريدة عن يحيى بن يعمر قال " كان أول من قال في القدر - أي بنفي القدر - في البصرة معبد الجهمي فانطلقت أنا و حميد بن عبد الرحمن الحميري حاجين " أو معتمرن" فقلنا لو لقينا أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم فسألناه عما يقول هؤلاء في القدر، قال فوثق لنا عبد الله بن عمر داخلا المسجد فاكتنفته أنا و صاحبي أحدنا عن يمينه و الآخر عن شماله و ظننت أن صاحبي سيكل الكلام إلي فقلت أبا عبد الرحمن - ينادي على ابن عمر - أبا عبد الرحمن إنه قد ظهر قبلنا ناس يقرأون القرآن و يتقفرون العلم - أي يبحثون عن غوامض العلم و خافيه و دقائق مسائله - و ذكر من شأنهم و يزعمون أن لا قدر و أن الأمر أنف - أي لا يعلم الله الأشياء إلا بعد وقوعها و حدوثها - فقال ابن عمر: إذا لقيت أولائك فأخبرهم أني بريء منهم و أنهم برءاء مني و الذي يحلف به عبد الله بن عمر لو أن لأحدهم مثل أحد ذهبا فأنفقه ما قبل منه حتى يؤمن بالقدر " و ساق الحديث الطويل: حدثني أبي عمر بن الخطاب .... إلى آخره فالإيمان بالقدر خيره و شره ركن من أركان الإيمان" . أن تفر من الضيق إلى السعة ثقة و رجاء فرحت؟ نعم يا أخي، و الله أشهد الله أيها الشيخ أنني فرح بالشهر و ها أنا ذا الآن قد شرعت في الفرار فعلا أعاهد الله على الفرار إليه , هيا أخطو خطوة ثالثة لابد منها لتنزل منزلة أخرى ألا و هي منزلة المحسابة: فرحت و شرعت في الفرار، قف هذه وقفتنا الثالثة انزل منزل المحاسبة و هيا بسرعة استخرج الآن كشف حساب السنة الماضية صمت رمضان الماضي و ما شرع الله لك الصوم إلا لتخرج بالتقوى " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون " هيا استخرج معي الآن و أخرج كشف حساب السنة الماضية قبل أن تدخل رمضان بليلة أو ليلتين و قايس و أول مقايسة في هذه الصفحة و في هذه المنزلة ألا و هي منزلة المحاسبة التي لابد منها " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله و لتنظر نفس ما قدمت لغد و اتقوا الله إن الله خبير بما تعملون " قال عمر " حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا و زنوا أعمالكم قبل أن توزنوا و تزينوا للعرض الأكبر يوم لا تخفى منكم خافية فاليوم عمل و لا حساب و غدا حساب و لا عمل " استخرج الآن أو أخرج الأن كشف حساب السنة الماضية و اعقد معي هذه المقايسات للمحاسبة.
    المقايسة الأولى: المقايسة بين نعم الله علينا و جنايتنا و تقصيرنا في حق ربنا جل و علا، " و إن تعدوا نعمة الله لا تحصوها " " إن الإنسان لظلوم كفار " قايس بين النعم و بين الذنوب و الله أتحدث عن نفسي و الله لا تمر علي ساعة إلا و أنا في ذنب ظاهر جلي أو باطن خفي لا يعلمه إلا الرب العلي فما منا من أحد إلا و هو يتقلب في نعم الله جل و علا مع جنايته و تقصيره و جرأته على ربه سبحانه و تعالى في الليل و النهار بل إذا خلا بربه فارسه بالقبائح و المعاصي يغلق أحدنا على نفسه الأبواب و النوافذ و يرخي الستائر ليمسك بما يسمى بالريموت كنترول ليبحث عن الأفلام الداعرة و عن المناظر الخبيثة التي تحول الزهاد العباد إلى فساق فجار و مع ذلك يصبح صار عينه تبصر و يرى أذنه تسمع و يرى لسانه يتحرك و يرى يده التي بارز ربه بها الليلة البارحة بالمعصية تنطلق و يرى قدمه تمشي لم يجمد الله أعضاءه على معصيته بل يراه جل و علا لكنه ستر عليه لكنه لم يفضحه و مع ذلك لازلت مصرا على مبارزة الله جل و علا بالقبائح و الذنوب و المعاصي إذا أردت أن تبحث عن قلبك فأنت محق فهيا ابحث الآن معي عن قلبك، قال ابن مسعود " اطلب قلبك في ثلاثة مواطن في مجالس العلم و عند سماع القرآن و في أوقات الخلوة فإن لم تجد قلبك في هذه المواطن فسل الله أن يمن عليك بقلب فإنه لا قلب لك "، يا أخي لا تغتر كيف حالك و أنت مع ربك في خلوتك؟ كيف حالك حيث لا يراك أحد من الخلق ممن تريد عندهم المكانة مع أن قلوب من ترائي في يد من عصيت اطلب قلبك في مجلس العلم الآن لماذا أتيت؟ و لماذا جلست؟ و ما الذي جاء بك؟ اطلب قلبك و أنت تسمع القرآن هل تحب أن تسمع القرآن هل تعرض نفسك على آيات الله جل و علا لتتعرف على مكانتك عند ربك؟ و في أوقات الخلوة هل أنت خيي من الله جل و علا؟ هل أنت فرح بالأنس بالله سبحانه و تعالى؟ إذ لا يتذوق حلاوة الفرح بالله جل و علا إلا من خرج من ضيق الجهل إلى فضاء العلم و من نجاسة النفس إلى طهارة القلب، هل أنت فرح بالله؟ مساكين أهل الدنيا و الغفلة خرجوا منها و لم يتذوقوا أطيب ما فيها قيل ما أطيب ما فيها؟ قال: ذكر الله و الأنس به، قايس بين نعم الله عليك و بين تقصيرك أنت و جنايتك في حق ربك جل و علا ليورثك هذا النظر الذل بين يديه و الانكسار بين يديه لأنك إن نظرت إلى نعم الله التي تتوالى عليك تترا و إلى تقصيرك و جنايتك في حق ربك علمت أن نفسك مأوى كل شر و مأوى كل سوء و أن ما أنت فيه من نعم و خير إنما هو محض فضل اله عليك و نفسك لا تستحق البتة شيئا من هذه النعم و لا شيئا من هذا الستر الذي سترك الله به و لا شيئا من هذا الثناء الذي ألقاه الله لك على ألسنة الخلق و لا شيئا من هذه المحبة التي أودعها الله لك في قلوب عباده، قايس بين نعم الله عليك و بين جنايتك و ذنوبك في حق ربك لتكسر أنفك و لتضع أنفك تحت النعل لربك جل و علا، علام العجب؟ و علام الكبر؟ و علام الغرور؟ و كل ما أنت فيه إنما هو محض فضل العزيز الغفور، قال ابن القيم " إذا أراد الله بعبد كرامته كسره بين يديه أولا ثم يكون جبره له على قدر غنكساره بين يديه عز و جل " إذا أراد الله بعبد كرامته كسره بين يديه أولا ثم يكون جبره له سبحانه و تعالى على قدر ذل العبد بين يدي ربه و إنكساره بين يديه عز و جل كلما ازددت إنكسارا لله و ذلا بين يدي الله كلما جبرك الله جل و علا، حبيبي في الله ما من طريق تسلكه إلا إلى الله إلا و ستجد الطريق مزدحما بالسالكين إن سلكت طريق التوحيد وجدت الطريق مزدحما بالموحدين و إن سلكت طريق الصلاة وجدت الطريق مزدحما بالمصلين و إن سلكت طريق الإنفاق وجدت الطريق مزدحما بالمحسنين و بالمنفقين و إن سلكت طريق العمرة و الحج وجدت الطريق مزدحما بالحجاجا و المعتمرين لكن طريقا يوصل إلى الله جل و علا من قريب مع قلة السالكين و لا حول و لا قوة إلا بالله ألا و هو طريق الذل و الإنكسار بين يدي الله جل و علا اكسر نفسك لله كلما قايست بين نعم الله و فضله عليك و بين جنايتك و تقصيرك أنت في حق ربك ازددت ذلا له و إنكسارا بين يديه و فقرا إختياريا فالفقر نوعان: فقر اضطراري و فقر اختياري، أما الفقر الاضطراري فهو فقر الكون كله " ثم استوى إلى السماء و هي دخان فقال لها و للأرض أئتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين " حتى الكافر فقير إلى ربه فقرا اضطرارايا، أما فقر أهل العبودية لله جل و علا فهو فقر إختياري، و كلما ازددت فقرا لله كلما ازددت غنا و كلما ازددت عزة و كلما ازددت رفعة كلما وضعت أنفك في الطين و طرحت قلبك بذل و إنكسار بين رب العالمين رفعك الله إليه و أعلى الله شأنك و رفع الله قدرك و جعلك من المقربين إذ لم يصل المصطفى إلى ما وصل إليه من مكانة بين العالمين إلا لأنه أول عبد حقق لله مقام العبودية كما يرضيه لذا أثنى عليه ربه بصفة العبودية في أعلى المقامات في مقام الإسراء أثنى عليه بها فقال " سبحان الذي أسرى بعبده " في مقام التحدي أثنى عليه بها " و إن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا " في مقام الدعوة أثنى عليه بها " و أنه لما قام عبد الله يجعوه كادوا يكونون عليه لبدا "، قايس بين نعم الله عليك الآن و بين جنايتك و تقضيرك في حق ربك لتعلم أن ستر الله عليك و أن فضل الله عليك عظيم و أن نفسك مأوى كل شر و بلاء. المقايسة الثانية: قايس بين الحسنات و السيئات: و هذه لا يستطيع كل أحد أن يحسنها و لا يستطيع كل مسلم أن يتقنها لأن هذه المقايسة لابد لها من ثلاثة شروط، أعرني قلبك و سمعك جيدا فكل كلمة و الله تحتاج إلى تدقيق و أن لا أدعي أنني أخرج من كيسي إنما انا عبد حقير فقير متطفل على مائدة أهل العلم الكبار و من بركة العلم أن ننسب العلم إلى أهله فهذا من نفيس و بديع كلام شيخي ابن القيم رحمه الله تعالى، المقايسة بين الحسنات و السيئات و هذه لابد لها من ثلاثة شروط: الأول: نور العلم، فنور العلم هو الذي يبين لك الحلال من الحرام و الموازنة بين النعمة و الفتنة هل ما أنت فيه الآن نعمة أم فتنة؟ كيف أعرف؟ زوجتي نعمة أم فتنة؟ كيف أعرف؟ المنصب نعمة أم فتنة؟ المال نعمة أم فتنة؟ الشهرة نعمة أم فتنة؟ كيف أوازن؟ نور العلم ابتداء يساعدك في كل هذا ثم الموازنة بين النعمة و الفتنة اعلم في كلمات حاسمة قاطعة أن الله تبارك و تعالى إن أنعم عليك بنعمة فقربتك إلى الله جل و علا فهي نعمة و إن أبعدتك عن الله جل و علا فاعلم بأنها المحنة في ثوب النعمة، -أكرر- إن رزقك الله مالا من الحلال فأديت حق الكبير المتعال فهي نعمة فإن رزقت مالا من الحرام و أنفقت في الحرام فالظاهر أن المال نعمة لكنها المحنة و الفتنة في ثوب النعمة، إن رزقك الله المجيء إلى مجلس علم كهذا فصفعت أخاك و أسأت إلى شيخ كبير و جلست أنت في الوقت الذي ترى فيه والد من آبائك يقف خلفك أو ذهبت لتدافع الأخوات و تحتك بهم فهي الفتنة في ثوب النعمة فهي المحنة في ثوب المنحة و أنت مفتون لا تدري فكم من مفتون بثناء الناس عليه و هو لا يدري و كم من مغرور بثناء الناس عليه و هو لا يدري و كم تال لكتاب الله و هو منسلخ عن آيات الله و كم من مقرب إلى و هو بعيد عن الله و كم من مخوف من الله و هو جريء على الله، وازن بين النعم و الفتن فكل منة بين يديك من الله إن قربتك إليه فهي نعمة و إن أبعدتك عنه فهي المحنة في ثوب النعمة فهي المحنة في ثوب النعمة و هي الفتنة في ثوب المنحة ثم الشرط الثالث من شروط المقايسة بين الحسنات و السيئات سوء الظن بالنفس يا أخي اتهم نفسك مرة نسرع بإتهام الآخرين في كل مرة و لم يتهم أحدنا نفسه مرة اتهم نفسك مرة فلتسئ الظن بنفسك مرة سوء الظن بالنفس إخوتاه و الله لقد كان الحبيب رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يخشى على نفسه رسول الله نعم روى البخاري و أحمد و الطبراني و غيرهم" أن عثمان بن مظعون رضي الله عنه لما توفي قالت أم العلاء امرأة - من الأنصار - رحمة الله عليك أبا السائب شهادتي عليك أن الله أكرمك"، عثمان بن مظعون هو أول من لقب بالسلف الصالح عثمان بن مظعون هو أول من دفن في البقيع عثمان بن مظعون ممن شهدوا بدرا و إن النبي صلى الله عليه و آله و سلم قال " لعل الله اطلع على أهل بدر فقال أعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم " و ثبت في مسند أحمد بسند ضعفه بعض أهل العلم و حسنه بعض أهل العلم أن النبي صلى الله عليه و آله و سلم "لما مات عثمان بن مظعون أقبل النبي عليه فقبله بين عينيه و بكى حتى سالت دموع النبي على خدي عثمان بن مظعون " و مع ذلك لما مات تقول أم العلاء رحمة الله عليك أبا السائب شهادتي عليك أن الله أكرمك فقال لها النبي "و ما يدريك أن الله أكرمه" قالت و الله ما أدري بأبي أنت و أمي يا رسول الله فمن؟ يعني فمن هذا الذي سيكرمه الله إن لم يكرم الله عثمان بن مظعون فقال النبي "أما هو فقد جاءه اليقين و الله إني لأرجو له الخير ثم قال المصطفى " و الله ما أدري و أنا رسول الله ما يفعل بي و لا بكم ". -آه- سوء الظن بالنفس ينام عمر على فراش الموت عمر الذي أجرى الله الحق على لسانه و قلبه فيدخل عليه ابن عباس كما في صحيح البخاري و غيره يقول " أبشر ببشرى الله لك يا أمير المؤمنين لقد صحبت رسول الله فأحسنت صحبته ثم توفي رسول الله و هو عنك راض و صحبت أبا بكر فأحسنت صحبته ثم توفي أبو بكر و هو عنك راض ثم صحبت أصحاب رسول الله فأحسنت صحبتهم و لئن مت فإنهم عنك لراضون و قد حكمت فعدلت " فقال عمر " و الله إن المغرور من غررتموه " هذا عمر يا إخوة هذا عمر الفاروق " و الله إن المغرور من غررتموه " ثم قال " ذلك منُُ من الله من به علي " و بكى و قال " و الله لو أن لي طلاع الأرض ذهبا " أي ملئ الأرض ذهبا " لأفتديت به اليوم من عذاب الله قبل أن أراه ". و لما نام معاذ بن جبل إمام العلماء و مقدام الحكماء السهل السخي السمح السري حبيب رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم لما نام على فراش الموت بعدما أبتلي بالطاعون في الشارقة في طاعون عمواس قال لأصحابه " انظروا انظروا هل أصبح الصباح " فنظر بعضهم قالوا لم لما يصبح الصباح بعد فسكت فقال ثانية " انظروا هل أصبح الصباح " فقالوا " لا لما يصبح الصباح بعد " فقال في الثالثة " انظروا " قالوا " و ماذا تريد؟ " فبكى معاذ بن جبل و قال أعوذ بالله من ليلة صباحها إلى النار " أعوذ بالله من ليلة صباحها إلى النار ثم رفع رأسه إلى السماء و قال " اللهم إنك تعلم أني كنت أخافك و أنا اليوم أرجوك اللهم إنك تعلم أني كنت أخافك و أنا اليوم أرجوك اللهم إنك تعلم أنني ما أحببت الدنيا لغرس الأشجار أو لجري الأنهار و إنما لظمأ الهواجر و مكابدتي فالصيام بالنهار و مزاحمة العلماء بالركب " ثم بكى و ظل يذكر الله جل و علا حتى فاضت روحه إلى الله عز و جل." يدخل حماد بن سلمة على سفيان الثوري فيراه يبكي فيقول " أبشر يا أبا عبد الله إنك مقبل على من كنت ترجوه و هو أرحم الراحمين " فيبكي سفيان الثوري و يقول لحماد " أسألك بالله يا حماد أتظن أن مثلي ينجو من النار؟ " أتظن أن مثلي ينجو من النار". و يدخل المزني على الشافعي فيقول " كيف أصبحت يا أبا عبد الله " فيقول " أصبحت من الدنيا راحل و للإخوان مفارق و لعملي ملاقي و على الله مقبل و لا أدري أتصير إلى الجنة فأهنئها أم إلى النار فأعزيها ". من منكم يدري يا إخوة؟ من منا يدري أن روحه ستصير إلى الجنة؟ من أعطاك صكا بهذا؟. قايس بين حسناتك و سيئاتك بنور العلم و سوء الظن بنفسك و إتهامك لنفسك و المقايسة بين النعم و الفتن لتقف هل أنت في نعمة أم في فتنة حقيقية و أنت لا تدري، و الله من نظر إلى كفة أو إلى صفحة الحسنات و إلى صفحة السيئات و الله لانخلع قلبك، كان توبة بن الصمة يجلس ليعد أيام عمره فوجد أنه حينما قارب الستين وجد أنها تزيد على مائة و عشرين ألف يوم فبكى قال لو لقيت الله عز و جل بذنب واحد كل يوم ألقى الله بمائة و عشرين ألف ذنب كيف و في كل يوم أذنب آلاف الذنوب و اعلم بأن الذي يحصي عليك هو علام الغيوب " و نضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا و إن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها و كفى بنا حاسبين " يا الله " و كفى بنا حاسبين " يا الله " و كفى بنا حاسبين " اقرأ كتابك هيا اقرأ اقرأ كتابك - يا الله يا الله - كم من معصية قد كنت نسيتها ذكرك الله إياها و كم من مصيبة قد كنت أخفيتها أظهرها الله لك و أبداها فيا حسرة قلب العاصي وقتها على ما فرط في دنياه من طاعة ربه و مولاه و يا سعادة قلب التقي النقي السائب الوجل حين ينادي عليه ربه كما في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر " يدنى المؤمن من ربه يوم القيامة حتى يضع رب العزة عليه كنفه ثم يقرره بذنوبه فيقول عبدي لقد عملت كذا و كذا يوم كذا و كذا و كذا و كذا يوم كذا و كذا فيقول المؤمن " - اللهم اجعلنا منهم - " رب أعرف رب أعرف فيقول الله جل و علا و لكني سترتها عليك في الدنيا و أغفرها لك اليوم ". فرح ثم فرار ثم محاسبة، حاسب نفسك الآن ويحك يا نفس ويحك يا نفس لما هذه الجرأة؟ و لما سوء الأدب مع الله؟ إن كنت علمين أو تعتقدين أن الله لا يراك و أنت مقيمة على معاصيك فما أعظم كفرك به جل و علا، -تدبر- يا نفس يا نفس إن كنت علمين أو تعتقدين أن الله لا يراك و أنت مقيمة على معاصيك فما أعظم كفرك به جل و علا و إن كنت تعتقدين أنه يراك و أنت مقيمة على معاصيه فما أعظم جرأتك و ما أشد وقاحتك مع الله جل و علا يا نفس قد أزف الرحيل و أظلك الخطب الجليل فتأهبي يا نفس لا يلعب بك الأمل الطويل فلتنزلن بمنزل ينسى الخليل به الخليل و ليركبن عليك فيه من الثرى ثقل ثقيل قرن الفناء بنا جميعا قما يبقى العزيز و لا الذليل , هيا بعد المحاسبة بعد المقايسة بين النعم و الجنايا بعد المقايسة بين الحسنات و السيئات هيا لتنزل منزلة رابعة لابد منها و هو وقفتنا التربوية رابعا: الإيمان
    الآن اطرح قلبك بذل و إنكسار بين يدي العزيز الغفار و اعترف له بفقرك و ضعفك و عجزك و تقصيرك و ذنوبك و أنت على يقين بأنه سيفرح بك و هو الغني عنك " قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم " قال تعالى " إن الله لا يغفر أن يشرك به و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء " قال تعالى " إلا من تاب و آمن و عمل عملا صالحا فأولائك يبدل الله سيئاتهم حسنات "، و في الصحيحين من حديث أبي هريرة أنه صلى الله عليه و آله و سلم قال " ينزل الله جل و علا " نزولا يليق بكماله و جلاله فكل ما دار ببالك فالله بخلاف ذلك ليس كمثله شيء و هو السميع البصير " ينزل الله عز و جل كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يمضي ثلث الليل الأول فيقول أنا الملك من ذا الذي يدعوني فأستجيب له " قم يا أخي قومي يا أختاه الله ينادي عليك و أنت مازلت تجلس أمام الفضائيات الساعرة الله ينادي عليك و أنت مازلت أمام النباريات التافهة الله ينادي عليك و أنت لازلت جالس قابعا على معاصيه، " الله يقول " من ذا الذي يدعوني فأستجيب له، من ذا الذي يسألني فأعطيه، من ذا الذي يستغفرني فأغفر له " فلا يزال كذلك حتى يضيء الفجر "، و في صحيح مسلم من حديث أبي موسى " إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار و يبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها " لازلت غافلا لازلت نائما حبيبي دع عنك ما قد فات في زمن الصبا و اذكر ذنوبك و اذكر ذنوبك و اذكر ذنوبك و ابكها يا مذنب و ابكها يا مذنب لم ينساه الملكان حين نسيته بل أثبتاه و أنت لاه تلعب و الروح منك وديعة أودعتها ستردها بالرغم منك و تسلب و غرور دنياك التي تسعى لها دار حقيقتها متاع يذهب الليل فاعلم و النهار كلاهما أنفاسنا فيهما تعد و تحسب قم قم و قل بك أستجير و من يجير سواك فأجر ضعيفا يحتمي بحماك إني ضعيف أستعين على قوي ذنبي و معصيتي ببعض قواك أذنبت يا رب أذنبت يا رب و قادتني ذنوب ما لها من غافر إلاك دنياي غرتني و عفوك شدني ما حيلتي في هذه أو ذاك لو أن قلبي شك لم يك مؤمنا بكريم عفوك ما غوى و عصاك، رباه رباه رباه ها أنا ذا خلطت من الهوا و استقبل القلب الخلي هداك رباه قلب تائب ناجاك أترده و ترد صادق توبتي حاشاك ترفض تائبا حاشاك فليرضى عني الناس أو فليسخطوا أنا لم أعد أسعى لغير رضاك. وا آسفاه إن دعينا الليلة إلى التوبة و ما أجبنا وا آسفاه إن دعينا الليلة إلى التوبة و ما أجبنا وا حسرتاه إن ذكرنا الليلة بالله و ما أنبنا يا نادما على الذنوب أين أثر ندمك؟ أين بكاؤك على زلة قدمك؟ يا أسير المعاصي ألا تخشى من الهاوية؟ يا نادما على الذنوب أين الدموع الجارية؟ أين الدموع الجارية؟ أما تخشى من شديد العذاب؟ أما تخشى من وقع العتاب؟ أما تفكر في ألم العقاب؟ أما تفكر في الوقوف بين يدي الجبار جل جلاله يوم تدنو الشمس من الرؤوس يوم يؤتى بجهنم لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها تزفر و تمزجر غضبا منها لغضب ربها جل و علا ألا تفكر في هذه اللحظات؟ متى ستنيب؟ متى ستحافظ على التوحيد؟ متى ستحافظ على الصلاة؟ متى ستحافظ على الزكاة؟ متى ستحافظ على الحج و أنت قادر على ذلك؟ متى ستلبسين الحجاب يا أختاه؟ متى ستحافظين على الصلاة يا أختاه؟ متى سنتقي الله جل و علا؟ متى سنحفظ القرآن؟ متى سنقيم الليل؟ متى سنتحرك لدين الله بجد و صدق و رجولة؟ متى سنحول هذا المنهج القرآني و النبوي في حياتنا إلى واقع عملي و منهج حياة؟ لله أشد فرح بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كما كان على راحلته بأرض فلاة فانفلتت منه راحلته و عليها طعامه و شرابه فأيس منها فأتى شجرة فاضطجع في ظلها و قد أيس من راحلته فبينما هو كذلك إذ به يرى راحلته قائمة عند رأسه عليها الطعام و الشراب تصور معي فرحة هذا العبد الذي فقد الدابة عليها الطعام و الشراب و استسلم للموت و فجأة يرى دابته تقف عند رأسه و عليها طعامه و شرابه فقال " اللهم أنت عبدي و أنا ربك " أخطأ من شدة الفرح، فرحة الله بك الليلة إن تبت إليه أعظم من فرحة هذا العبد بعودة الراحلة إليه ستقول لي بأنك ارتكبت كبيرة و لو لا أقلل من شأن الكبيرة لكنني أؤكد أن أهل السنة لا يخرجون من الملة بالكبيرة فهم لا يقولون بقول الخوارج و لا يقولون بقول المعتزلة و لسنا بفضل الله ممن يشتهي أن يكفر الخلق فنحن من أبعد الخلق عن تكفير الخلق لا نقول ذلك خوفا من أحد و لا لحساب أحد بل هذا ندين به ربنا جل و علا و منهجنا و محاضراتنا و أشرطتنا بالآلاف تشهد لنا بهذا المعتقد إذ أن أهل السنة الآن إذ أن دعاة و علماء أهل السنة يتهمون من البغض بل من الإخوة و الأحبة الذي أقول لأحدهم لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسطي يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين يتهم الآن كثير من هؤلاء بأنهم الحكام و المحكومين و لا و رب الكعبة و لا و رب الكعبة بل نحن من أبعد الخلق عن هذا و ندعو الخلق إلى تصحيح معتقدهم و لم يتم ذلك إلا بالعودة إلى فهم السلف الصالح رضي الله عنهم أجمعين و أسأل الله أن يحشرنا جميعا معهم بمنه و كرمه إنه ولي ذلك و القادر عليه. أيها الحبيب اللبيب أيها الحبيب اللبيب عد إلى الله و أنت على يقين بأن الله سيفرح بك و إن وقعت في كبائر الذنوب ففي صحيح البخاري من حديث عمر بن الخطاب أن النبي صلى الله عليه و آله و سلم رأى امرأة في السبي تبحث عن ولدها فلما وجدت الأم ولدها ألزقته ببطنه فأرضعته فقال النبي صلى الله عليه و آله و سلم للصحابة " أترون هذه الأم طارحو ولدها في النار؟ " قالوا " يا رسول الله " فقال " لله أرحم بعباده من رحمة الأم بولدها "، أنا أسأل هل تلقي أم في عقلها ولدها في النار؟ الجواب كما قال الصحابة لا، قال أحد الصالحين " اللهم إنك تعلم أن أمي هي أرحم الناس بي و انا أعلم أنك أرحم بي من أمي و أمي لا ترضى لي الهلاك و العذاب أفترضاه لي أنت و أنت أرحم الراحمين " , هيا فرح ثم فرار ثم محاسبة ثم إنابة ثم عمل و هذه الوقفة التربوية
    خامسا : العمل
    تعالوا بنا لنقدم ورقة عمل لنعاهد ربنا جل و علا لنحولها في هذا الشهر الكريم إلى منهج عملي و إلى منهج حياة. أولا: التوبة خير بداية و نهاية. ثانيا: المحافظة على الصلوات الخمس في جماعة أنا أعجب من صائم لا يصلي أعجب من صائم لا يصلي ضيع الركن العملي الأول من أركان الدين بعد النطق بالشهادتين و ها هو يحرص على ركن لاحقا من هذه الأركان و تارك الصلاة مختلف فيه بين أهل العلم فمنهم من يكفره و منهم من يفسقه فكيف تقبل أن تكون مسألة محل خلاف بين أهل العلم منهم من يكفرك و منهم من يفسقك و الرسول صلى الله عليه و آله و سلم يقول كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة " ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا و يرفع الدرجات؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إسباغ الوضوء على المكاره و كثرة الخطى على المساجد و انتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط فذلكم الرباط "، و في الصحيحين من حديث أبي هريرة أنه صلى الله عليه و آله و سلم قال " أرأيتم لو أن نهر على باب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات أيبقى من درنه شيء؟ قالوا: لا يا رسول الله، قال: فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا "، و في الصحيحن من حديث أبي هريرة أنه صلى الله عليه و آله و سلم قال " من تطهر في بيته ثم مضى إلى بيت من بيوت الله ليقضي فريضة من فرائض الله كانت خطواته إحداها تحط خطيئة و الآخرى ترفع درجة "، و في سنن الترمذي بسند صحيح من حديث بريدة أنه صلى الله عليه و آله و سلم قال " بشر المشائين إلى المساجد في الظلم بالنور التام يوم القيامة "، و روى الإمام في مسنده و ابن أبي حاتم و ابن المنذر و ابن مردوي و غيرهم بسند حسن أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال " منهم من يكون نوره كالجبل " اللهم اجعلنا من أهل الأنوار يوم لا يخزي الله النبي و الذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم و بأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا و اغفر لنا إنك على كل شيء قدير قال ابن مسعود " منهم من يكون نوره كالجبل و منهم من يكون نوره كالرجل القائم و منهم من يكون نوره على إبهامه يوقد مرة و ينطفئ مرة و منهم من تحيط الظلمة به من كل ناحية " "يوم يقول المنافقون و المنفقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة و ظاهره من قبله العذاب" يادونهم - أي ينادي أهل الظلمات أهل الأنوار أي ينادي أهل النفاق أهل الإيمان - ينادونهم ألم نكن معكم قالوا بلى و لكنكم فتنتم أنفسكم بالشرك و النفاق و تربصتم أي بالإيمان و أهله و ارتبتم أي تشككتم فيما جاء عن الله و رسوله و غرتكم الحياة الدنيا و غركم بالله الغرور، قال تعالى " حافظوا على الصلوات و الصلاة الوسطى و قوموا لله قانطين "، أيها الصائم عاهد ربك على أن تحافظ على الصلوات الخمس في جماعة و إلا فما قيمة صومك و أنت مضيع للصلاة ما قيمة الصوم و أنت مضيع لأول ركن من الأركان العملية لهذا الدين العظيم و أنت يا أختاه لا تضيعي الصلاة بدعوى أنك تصنعين و تعدين الطعام للزوج و الأولاد و لا تضيعي الصلاة في وقتها بدعوى أنك تشاهدين المبارة و أنت أيها التاجر و الموظف و المسؤول لا تضيع الصلاة إن سمعت المؤذن يقول حي على الصلاة إن سمعت المؤذن يذكرك بربك بقوله الله أكبر فقم و اطرح قلبك بذل و إنكسار بين يدي العزيز الغفار فوالله لو ذاق قلبك حلاوة السجود ما رفع القلب أو ما قام القلب كم هذه السجدة حتى يستمتع بالنظر إلى وجه الله جل و علا فبكل أسف قد تسجد أبداننا لكن كثيرا من القلوب لما تسجد لله بعد. ثالثا: المحافظة على ورد يومي من القرآن الكريم، قال مالك " إذا دخل رمضان فإنما هو قراءة القرآن "، قال الزهري " إذا دخل رمضان فإنما هو قراءة القرآن و إطعام الطعام "، و كان السلف يختمون القرآن في كل ثلاث ليال مرة فإن استطعت فالحمد لله فإن لم تستطع ففي كل اسبوع مرة ففي العشر الأول مرة فإن لم تستطع ففي النصف الأول من الشهر مرة فإن لم تستطع ففي الشهر مرة و مخذول و رب الكعبة من مضى عليه شهر القرآن دون أن يفرد من وقته وقتا ليقرأ فيه كتاب الله جل و علا كله مرة واحدة، " اقرأوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه " رواه مسلم من حديث أبي أمامة، " من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة و الحسنة بعشر أمثالها أما إني لا أقول (الم) حرف بل (ا) حرف و (ل) حرف و (م) حرف " رواه الترمذي و غيره بسند صحيح من حديث ابن مسعود، " يؤتى يوم القيامة بالقرآن و أهله الذين كانوا يعملون به تقدمه سورة البقرة و سورة آل عمران كأنهما غمامتان أو غيايتان أو غيابتان أو فرقان من طير صواف تحاجان عن صاحبهما يوم القيامة " رواه مسلم من حديث النواف بن سمعان، " لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل و النهار و رجل آتاه الله المال فهو ينفقه آناء الليل و النهار " رواه البخاري و مسلم من حديث بن عمر، ما أكثر الأحاديث في فضل القرآن بل أنا أجمل لك البيان و أقول فضل القرآن على كل كلام كفضل الله على كل الخلق، لا تهجروا القرآن " و قال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا " و هجر القرآن أنواع: هجر السماع و هجر التلاوة و هجر التدبر و هجر العمل بالقرآن و هجر التداوي بالقرآن، حبيبي في الله لا تجعل همك آخر السورة كثير من إخواننا يفتح كتاب الله فقط في رمضان ثم ها هو يفتح القرآن ثم يقرأ صفحة أو صفحتين و يفر أوراق المصحف بين يديه لينظر إلى آخر السورة (ياه لسة كل هذا) لا يكن همك آخر السورة تدبر " أفلا يتدبرون القرآن " عش القرآن و و الله لا عز لنا و لا كرامة إلا إذا عدنا إلى القرآن و العودة إلى القرآن ليست نافلة و لا تطوعا و اختيارا بل إننا أمام شرط الإسلام و حد الإيمان قال جل و علا " فلا و ربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حجرا مما قضيت و يسلموا تسليما " قال ابن القيم " مقام التحكيم لرسول الله مقام إسلام و عدم وجود الحرج في الصبر من حكمه مقام إيمان و التسليم المطلق لحكمه مقام إحسان "، " و قال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا ". رابعا: المحافظة على صلاة التراويح، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه و آله و سلم قال " من قام رمضان إيمانا " أي بالله " و احتسابا "أي طلبا للأجر من الله " غفر له ما تقدم من ذنبه " و أنا أقول من رحمة الله جل و علا أن ترى في مساجد المسلمين مسجدا يقرأ بجزء أو يزيد أو أقل و من رحمة الله بالأمة أن ترى في مساجدها مسجدا يقرأ إمامه بآيات قليلة لا ينبغي أن يعيب فريق على الآخر إذ لم يلزمنا رسول الله بقراءة جزء كامل في الليلة و لم يحدد لنا الإسلام أو الشارع الحكيم قدرا معينا من القرآن في كل ليلة في صلاة التراويح بل هذه السعة رحمة من الله جل و علا لا تحرم نفسك إن كنت تقدر على أن تسمع القرآن كله لا تحرم نفسك من هذا الخير فإن لم تستطع فابحث عن إمام آخر و لو كان يقرأ بآيات قليلة في كل ركعة حتى لا تحرم نفسك من قول رسول الله و من هذا الفضل " من قام رمضان إيمانا و احتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ". خامسا: رمضان شهر الجود و الإنفاق و في صحيح البخاري و غيره من حديث ابن عباس رضي الله عنهما " كان رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم أجود بالخير من الريح المرسلة و كان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل ليدارسه القرآن "، و في سنن النسائي و مسند أحمد و سنن الترمذي بسند صحيح من حديث زيد بن خالد أن النبي صلى الله عليه و آله و سلم قال " من فطر صائما في رمضان كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئا " فلا تحرم نفسك من هذا الفضل و الخير و أنا أحذر أخواتي الفضليات الطاهرات المسلمات من أن تلقي المسلمة حبة أرز واحدة أو لقمة أو كسرة خبز أو قطعة لحم في القمامة بعد الإفطار يحرم عليك ذلك فإن من المسلمين فإن من أولاد المسلمين الآن من هو في أمس الحاجة إلى كسرة الخبز هذه لا أقول في فلسطين أو في العراق أو أفغانستان أو في الشيشان بل هنا في مصر من أولادنا من يحتاج إلى هذه القطعة من اللحم و إلى هذه الكسرة من الخبز " و الذين إذا أنفقوا لم يسرفوا و لم يقطروا و كاونوا بين ذلك قواما " أنا لا أحرم ما أحل الله - أسأل الله أن يوسع علي و عليكم و أن يعيننا على شكر نعمه لكن إياك أن تسرف و أن تبذر " و ما من يوم إلا و يصبح فيه العباد إلا و ملكان ينزلان فيقول الأول اللهم أعط منفقا خلفا و يقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا " و الحديث في الصحيحن من حديث أبي هريرة و أجمل من ذلك قول ربي " لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ". اذكرك بأن تحفظ نظرك من الحرام و أن تحفظ لسانك من الغيبة و أن تحفظ لسانك من النميمة و الكذب و أن تحفظ لسانك من قول الزور و أن تحفظ من الفحش و أن تحفظ لسانك من كل ما لا يرضي الله جل و علا و اذكرك بألا تضيع رأس مالك الحقيقي ألا و هو أنفاسك و عمرك و حياتك، قال الحسن البصري " ما من يوم يصبح ينشق فجره إلا و ينادي بلسان الحال يا ابن آدم أنا خلق جديد و على عملك شهيد فاغتنمني فإني لا أعود إلى يوم القيامة " , أيها الأحبة فرح ثم فرار ثك محاسبة ثم إنابة ثم عمل و أكتفي بهذا القدر و أسأل الله جل و علا أن يتقبل منا و منكم جميعا صالح الأعمال. آمنوا على الدعاء اللهم صلي و سلم و بارك على سيدنا محمد و على آله و صحبه و سلم اللهم لا تفضحنا بخفي ما اطلعت عليه من أسرارنا، اللهم لا تفضحنا بخفي ما اطلعت عليه من أسرارنا و لا بقبيح ما تجرأنا به عليك في خلواتنا، اللهم لا تخرجنا الليلة من هذا المكان إلا بذنب مغفور و سعي مشكور و تجارة لن تبور، اللهم اغفر لنا الذنوب التي تهتك العصم و اغفر لنا الذنوب التي تنزل النقم و اغفرلنا الذنوب التي تحبس الدعاء و اغفر لنا الذنوب التي تنزل البلاء و اغفر الذنوب التي تقطع الرجاء، اللهم ارحم من رأس ماله الرجاء، اللهم ارحم من رأس ماله الرجاء و سلاحه البكاء برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم بلغنا رمضان و بارك لنا فيه و اجعلنا من عتقائك من النار و اجعلنا من المقبولين، اللهم أقر أعيننا بنصرة التوحيد و عز الموحدين، اللهم اشف صدور قوم مؤمنين بنصرة الإسلام و المسلمين، اللهم اجلع بلدنا مصر واحة للأمن و الآمان و جميع بلاد المسلمين، اللهم ارفع عن مصر الغلاء و الوباء و البلاء، اللهم إن قلوب ولات الأمر بين يديك فحولها الحب إليك اللهم اجعلهم رحمة على خلقك و عبادك و خذ بنواصيهم إلى دينك يا أرحم الراحمين، اللهم استر نساءنا و احفظ بناتنا و أصلح شبابنا و ربي أولادنا، ربنا هب لنا من أزواجنا و ذرياتنا قرة أعين و اجعلنا للمتقين إمام. كما أرجو من إخواننا الأفاضل في هذا الجمع الكريم المبارك أن ندعو الله عز و جل بإخلاص و صدق لهذا الأخ الكريم الفاضل الحاج عبد الباسط الذي هو صاحب الذي هو صاحب الأرض المجاورة أو الساحة التي يصلي فيها الآن عشرات الآلاف من الإخوة و الأخوات هذا الرجل ما أخذ من المسجد طيلة هذه المدة جنيها واحدا أبدا بل فتح هذه الأرض عن طيب خاطر بل أتى بما يقرب من أربعين مروحة و فتح مدخل آخر من الناحية القصوى ليسهل على الإخوة و الأخوات الدخول و الخروج و أسس هنالك في الساحة دورات مياه حتى لا يشق على الأخوات أو على الإخوة الوضوء فأنا أسأل الله عز و جل لهذا النموذج الكريم في الأمة أن يبارك له في اهله و ماله و ولده و أن يبارك له في والديه و في إخوانه و أسأل الله أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه في ميزان حسناته إنه ولي ذلك و القادر عليه.
    التعديل الأخير تم بواسطة محبة المساكين; الساعة 05-01-2012, 04:36 PM. سبب آخر: تنسيق الموضوع
    من كثرة الذنوب والمعاصى اتمنى ان تدعوا لى بالهدايه والمغفره
    وان يوفقنى الله فى عملى
    اللهم بارك لنا وبارك علينا واجمع بيننا فى خير


    عدنا بفضل الله
    لاتنسونا من الدعاء


  • #2
    [poet font="Arabic Transparent,5,orangered,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="bg/15.gif" border="none,4,gray" type=0 line=200% align=center use=ex length=0 char="" num="0,black" filter="":3994471f7d]
    وإنى لأخجلُ من شبابٍ رأيتهم
    ذوى راياتٍ فى المعالى خافقات
    فكيف بمن كان عهدى به
    كثير العطايا وتفريغ المحاضرات
    [/poet:3994471f7d]

    تعليق


    • #3
      [marq=up:fcf60ad598]
      فين النشاط
      يلا يا شباب

      مين هيشارك فى التفريغ

      أهل الاعلام ما بيناموش عشان يجهزوا شغل رمضان واحنا...؟؟؟

      يا جماعة رمضان قرب جدا

      يلا يا شباب

      التفريغ الباقى هو من سلسلة الطريق الى القرآن

      أختر لك شريط وفرغه!!!!

      فين الهمم!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

      الارقام هى
      11-12-13-14-15-16-17-18-19-
      20-21-22-23-24-25-28-29-30
      [/marq:fcf60ad598] :( تكريم :

      تعليق


      • #4
        طبعا منقوله من منتدى اخر بس انا الى طالب هذة المحاضرات
        من كثرة الذنوب والمعاصى اتمنى ان تدعوا لى بالهدايه والمغفره
        وان يوفقنى الله فى عملى
        اللهم بارك لنا وبارك علينا واجمع بيننا فى خير


        عدنا بفضل الله
        لاتنسونا من الدعاء

        تعليق


        • #5
          رد: هذا تفريغ محاضرة (وقفات تربوية مع الصائمين)

          جزاكم الله خيراً
          واسأل الله ان يجعلنا من الصائمين الطائعين

          بارك الله فيكم

          تعليق


          • #6
            جزاكم الله خيرًا وبارك فيكم

            تعليق

            يعمل...
            X