رمضان بلا ذنوب
محمود المصرى
فيوم الجمعة هو يوم من اعياد المسلمين فى الدنيا وهو كذلك عيد من اعياد المسلمين فى الاخرة فاليوم لقاؤنا بخطبة بعنوان رمضان بلا ذنوب، و لعلنا نتعجب اننا نتحدث عن رمضان قبل ان يأتى رمضان بشهر كامل ولكن المؤمن الطموح الذى له هدف يعيش من اجله و لا هدف يرضى العبد أعظم من فوز العبد برضا الرب، فالمؤمن الذى يسعى لمرضاة ربه جل وعلا و بالفوز بجنته التى فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر يستعد و يتأهب لقدوم هذا الشهر الكريم المبارك من قبل ذلك لا اقول بشهر بل باشهر عديده ، فلقد كان أصحاب النبى محمد صلى الله عليه وسلم يسألون الله ستة أشهر أن يبلغهم شهر رمضان فاذا ما جاء الشهر فصاموه و قاموه على الوجه الذى اراده الله عز وجل توجهوا الى الحى القيوم ستة أشهر أخرى ان يتقبل منهم الصيام و القيام فى شهر رمضان
الذى قاموا فيه بواجبهم تجاه ربهم جل وعلا ، أجل فواجب علينا أن نستعد وأن نتجهز وأن نتأهب لقدوم هذا الضيف الكريم المبارك فرمضان بلا ذنوب ، مضى علينا كم من شهر رمضان مرعلينا فى اعمارنا و قد أطعنا الله جل وعلا صمنا و قمنا وقرأنا القرآن و وصلنا الرحم وتصدقنا و لكن مع ذلك لم يخل الشهر منا من بعض الذنوب البسيطة اليسيرة التى لا ينجو منها الا القليل فالعصمة دفنت يوم دفن الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، لكننا هذا العام نريد ان نستقبل هذا الشهر استقبالا جديدا وان نتأهب له تأهبا جديدا وأن نعزم من أول هذا الشهر أن نستقبل الشهر من أوله الى أخره بلا ذنب واحد رمضان بلا ذنوب تأمل معى أيها الاخ الحبيب ذلك المشهد العجيب من مشاهد الاخرة و الذى ننطلق من خلاله الى تلك الخطبة أسأل الله جل وعلا أن يبلغنا جميعا شهر رمضان وأن يجعلنا جميعا من عتقائه من النيران
"
فجأة صدر أمر الهى منالرب الكريم الجليل العلى الى اسرافيل عليه السلام بأن ينفخ نفخة البعث فبعث الخلائق جميعا و قاموا جميعا من قبورهم بنفضون التراب عن أجسادهم و هم الذين مكثوا آلاف السنين تحت التراب فمنهم من مكث آلاف السنين تحت التراب فى عذاب لا يعلمه الا الله ومنهم من مرت عليه فترة البرزخ كصلاة ظهر أو كصلاة عصر كما أخبر بذلك الصادق الذى لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم وكان يعيش فى القبر فى نعيم لا يعدوة و لا يساويه الا النعيم فى الجنة بل يفوقه النعيم فى الجنة مرت تلك الفترة وخرجت الخلائق جميعا من قبورهم بنفضون التراب عن أجسادهم و الكل يتبع الداعى الذى يدعوهم الى ارض المحشر ليقفوا جميعا بين يدى الحق الجليل جل وعلا فقاموا جميعا { يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا }
وقف الجميع و وصلوا الى ارض المحشر و الناس كما قال عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه و أرضاه "يحشر الناس يوم القيامة أجوع ما كانوا وأظمأ ما كانوا وأعرى ما كانوا " مصداق ذلك فى قول النبي صلى الله عليه وسلم كما فى الحديث الذى رواه مسلم
"يحشر الناس حفاة عراة غرلا غير مختونين و الشمس تدنو فوق الرؤوس حتى تكون كمقدار ميل و قد جيىء بجهنم لها سبعون ألف زمام
مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها فتزفر جهنم زفرة فلا يبقى ملك مقرب ولا نبى مرسل الا جثا على ركبتيه وقال يا رب سلم سلم " فالموقف شديد وعصيب خمسين ألف سنة الناس فى عطش شديد و فى جوع شديد وفى عرىّ شديد و الجميع يستغيثون
و يلجأون الى الله جل وعلا أن يفرج عنهم كرب ذلك اليوم
وقف الناس فى غاية العطش يبحثون عن شربة ماء و الانسان بطبعه قد يصبر على الجوع ولكنه لا يصبر بحال من الاحوال على العطش
نظروا جميعا فى أرض المحشر وهى أرض مستويه لا يختبىء فيها شىء و برزوا لله جميعا فالكل بارز وواضح لا يخفى شىء على الله سبحانه وتعالى فجأة لاح لهم حوض النبى من على بعد فتوجهت الخلائق جميعا الى ذلك الحوض لعل كل واحد منهم أن ينال شربة من يد الحبيب صلى الله عليه وسلم و بدأ السبق الحقيقى الكل يجرى نحو الحوض حتى أقتربوا جميعا ووقفوا بجوار الحوض لا أقول أنهم جميعا وصلوا الى نفس الحوض لكنهم وقفوا بعيدا عن الحوض و رأوا النبى صلى الله عليه وسلم واذا بهم يرون الحبيب صلى الله عليه وسلم
وكان وجهه بل وجهه احلى من القمر صلى الله عليه وسلم فجأة بدأوا يتقدمون الواحد تلو الواحد فمنهم من يؤذن له ومنهم من يزاد و يرد ولا يعلم لماذا يزاد ولماذا يرد فقد نسى كل مجرم اجرامه و قد نسى كل منافق نفاقه وقد نسى العصاة و المجرمون والمتمردون ما فعلوا فى دنياهم فمنهم من انكر سنة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ومنهم من ابتعد عن هدى الحبيب محمد بل منهم من تطاول على شخص النبى صلى الله عليه وسلم الكل نسى ذلك فى ظل العطش الشديد الذى دام آلاف السنين واذا بهم يطمع كل منهم ان ينال شربة من يد الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم واذا بالحبيب محمد صلى الله عليه وسلم ينادى على رجل فيعطيه كوبا من
حوضه الذى وصفه صلى الله عليه وسلم كما فى الحديث الذى رواه مسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "حوضى مسيرة شهر
ماؤه ابيض من اللبن وطعمه احلى من العسل كيزانه كنجوم السماء -وفى روايه بعدد نجوم السماء-من شرب منه شربة واحدة لم يظمأ بعدها أبدا"
يشير النبى الى واحد فيأتى فيشرب من يد النبى محمد فاذا ما أشار النبى الى الاخر اذا الملائكة تزود هذا الرجل فيتعجب البى و ينتفض وهو الذى ما ارسله الله الا رحمة للعالمين النبى لا يريد ابدا اى عذاب لأى أنسان مهما كان صلى الله عليه وسلم بعث النبى رحمة للمؤمن و للكافر و للبر وللفاجر النبى صلى الله عليه وسلم كان يتمنى من كل أعماق قلبه ان يؤمن كل مشرك و كل ملحد على وجه الأرض لينجو من عذاب الله جل وعلا
اما سمعت الحديث الذى رواه البخارى أن النبى الحبيب لما سمع عن غلام صغير يهودى وهو فى مرض الموت واذا بالحبيب يدخل عليه صلى الله عليه وسلم و يقول له "يا غلام اشهد أن لا اله الا الله وأنى رسول الله" ؛خشى الغلام من أبيه وهو واقف بجواره فنظر اليه فقال له ابوه و هو رجل يهودى قال"يا غلام أطع ابا القاسم " فقام الغلام وقال أشهد أن لا اله الا الله وأن محمدا رسول الله" صلى الله عليه وسلم و اذا بالنبى نهر الرحمة وينبوع الحنان يخرج مبتسما ويمسح على لحيته ويقول" الحمد لله الذى أنقذه من نار جهنم"
فالنبى لا يتمنى العذاب لأحد بل ان المشركين لما اشتد اذاهم على أصحاب سيد المرسلين والحديث رواه مسلم "جاء أصحاب النبى وطلبوا من النبى أن يدعوا على المشركين واذا بالنبى صلى الله عليه وسلم يرد بكلمات بسيطة رقيقة خرجت من قلب قد أمتلأ رحمة لو وزعت على الكون كله لفاضت فقال" انى لم أبعث لعانا وانما بعثت رحمه" "
نظر النبى الى ذلك الرجل الذى زادته الملائكة عن الحوض وتعجب ونادى وقال"أصحابى أصحابى أحبابى أحبابى" واذا بالملائكة تكشف للنبى صلى الله عليه وسلم شيئا لم يكن النبى يعلمه عن هذا الرجل فقالوا له عن هذا الرجل وعن أمثاله "انك يا رسول الله لا تدرى ما أحدثوا بعدك لقد رجعوا عن دينهم القهقرى " فاذا بالنبى محمد صلى الله عليه وسلم يتبرأ منهم فى التو واللحظة ويقول " سحقا سحقا بعدا بعدا لمن بدل وغير"
سل نفسك أيها الاخ الحبيب وسلى نفسك أيتها الاخت المباركة ما الذى يسر لهؤلاء أن يشربوا من حوض النبى وما الذى حال بين هؤلاء وبين أن يشربوا من حوض النبى صلى الله عليه وسلم الأمر يسيرفى ان هؤلاء الذين شربوا كان لهم هدف محدد عاشوا حياتهم من أجل تحقيق هذا الهدف ألا وهو الفوز برضوان الله وجنته والفوز بصحبة النبى فى الجنة والأنسان مجبول على حب الأجر ففى الصحيح : أن امرأة رفعت صبيا صغيرا لها للنبى صلى الله عليه وسلم وقالت له " يا رسول الله ألهذا حج" قال صلى الله عليه وسلم
"أجل ولكى الأجر" . مع أنها لم تسأل النبى عن الأجر بل سألته عن الحج لكن النبى يعلم أن كل عبد يحب الأجر فقال أجل ولكى الأجر من أجل أ تتشجع أن تأخذه مرة أخرى وثانية وثالثة لحج بيت الله الحرام
أجل فالإنسان مجبول على حب الأجر فإذا ما أردنا أن نعيش رمضان بلا ذنوب فأعلم أن ذلك لن يكون إلا أن تحدد لنفسك هدفا تسعى من أجله تريد أن تحقق هذا الهدف وتسعى بكل ما أوتيت من قوة من أجل أن تظفر وأن تفوز بتلك النعمة التى حددتها من خلال
ذلك الهدف.
والنبى صلى الله عليه وسلم كان يأخذ دوما وأبدا بقلوب أصحابه وأمته إلى ثلاثة أشياء هى أجل الأشياء فى الكون كله
.................................................. ................ :
أولا:حب لقاء الله أو الشوق للقاء الله و الفوز برضوانه
ثانيا:الفوز بجنته
ثالثا:صحبة النبى فى الجنة
ثلاثة أشياء دارت عليها الأهداف والطموحات التى سكبها النبى فى قلوب أصحابه بل وفى قلوب أمته من بعدهم
أولا: الشوق للقاء الله
....................................
وضح النبى صلى الله عليه وسلم أن كل عبد يعيش على الطاعة سيشتاق إلى لقاء الله وأن كل عبد يعيش على التفريط أو فى معصية الله جل وعلافلن يشتاق للقاء الله فقال كما عند البخارى : "من أحب لقاء الله أحب الله لقائه ومن كره لقاء الله كره الله لقائه"
تقول الفقيهة الربّانية عائشة رضي الله عنها و أرضاها " يا رسول الله أكراهية الموت فكلنا يكره الموت " فقال ليس ذاك يا عائشة
ولكن العبد المؤمن إذا حضرته الوفاة بشّر برضوان الله فأحب لقاء الله فأحب الله لقائه وإن العبد المنافق أو الفاجر إذا حضرته الوفاة بشّر
بعذاب الله فكره لقاء الله فكره الله لقائه"
هكذا هدف حددته وأردت أن تسير من أجل أن تصل إلى هذا الهدف، فإذا ما وصلت إلى هذا الهدف بأن عملت أعمالا وأحسنت الظن بالله جل وعلا قدمت الخير الكثير مع حسن الظن والإخلاص لله جل وعلا فأبشر بكل خير
إذن من أحب لقاء الله أحب الله لقائه ، ومن كره لقاء الله كره الله لقائه ، بل كان أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم دوما كما فى الحديث الذى رواه النسائى بسند صحيح يسمعونه يدعو بهذا الدعاء الجميل الرقيق كان النبى صلى الله عليه وسلم يقول :وأسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم والشوق إلى لقائك فى غير ضرّاء مضره ولا فتنة مضلة .
بل وأمام أعين النبى صلى الله عليه وسلم رأوا النبى صلى الله عليه وسلم وهو فى السكرات وقد خير بين الدنيا وزهرة الدنيا وما فيها وبين لقاء الله فاختار النبى لقاء الله وقال :بل الرفيق الأعلى بل الرفيق الأعلى كما فى الحديث الذى رواه البخارى. تعلم أصحاب النبى ذلك صلى الله عليه وسلم فعاشوا على طاعة الله وتأسوا وأهتدوا بهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما حضرتهم الوفاة كانوا فى أجّل أنواع الشوق لله .
تأمل معى ما قاله معاذ بن جبل لما حضرته الوفاة و تأمل تلك الكلمات وأنظرلى هذا الحال الذى كان عليه معاذ رضي الله عنه وأرضاه
قال: مرحبا بالموت مرحبا زائر مغبّ و حبيب جاء على فاقه لا أفلح من ندم . جاء الموت فهذا هو موعد للقاء الحبيب بحبيبه جل وعلا
فهل يكره الحبيب لقاء حبيبه فإذا ما قدمت العمل الصالح قلبك سيشتاق ويتقطع شوقا للقاء الله جل وعلا كما حدث ذلك للنبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم.
أجل ، وبلال رضي الله عنه و أرضاه تحضره السكرات فتقول زوجته:واحزناه وااحزناه ، فيقول لها : بل واافرحاه واافرحاه غدا ألقى الأحبة محمدا وحزبه . فكان عندهم شوق عجيب للقاء الله بل وأذكر لكم تلك القصة التى ذكرناها مرارا وتكرارا وهى قصة
عبد الله بن جحش رضي الله عنه وأرضاه فى غزوة أحد لما لقيه سعد بن أبى وقّاص فقال له سعد:يا عبد الله ترى أنه قد حضر ما نحن
فيه الآن فهل يدعو كل واحد منا بدعوة عسى الله جل وعلا أن يستجيب لنا و يرزقنا الشهادة ، قال :أجل أدع أنت أولا يا سعد
فقام سعد وقال :اللهم إنى اسألك أن تلقنى اليوم رجلا شديد الحرد شديد البأس اقاتله فيك فاقتله ثم أخذ سلبه ثم تلقنى رجلا ثانيا وثالثا ورابعا فأقتله وأخذ سلبه ثم تلقنى رجلا آخر شديد الحرد شديد البأس اقاتله فيك فيقتلنى، ثم نظر سعد إلى عبد الله بن جحش
وقال تمن على الله يا عبد الله ، فقام عبد الله -و تأمل معى ما قال- وقال "أما أنا فاللهم إنى أسألك أن تلقنى اليوم رجلا شديد الحرد شديد البأس اقاتله فيك-وكانه يقول لن استطيع الصبر فأنا مشتاق للقائك-اقاتله فيك فيقتلنى ثم لا يكتفى بذلك بل يقطع أذنى و يجدع انفى و يبقر بطنى ويفقأ عينى فإذا لقيتك يوم القيامة سالتنى فيم كان ذلك يا عبد الله أقول من أجلك فتقول صدقت .
يا الله ، وتمر غزوة أحد وبعد الغزوة يبحث سعد بن ابى وقّاص عن صديقه و حبيبه عبد الله بن جحش ، يقول سعد:فوالله لقد وجدته على نفس الهيئة التى تمناها وقد قتل عبد الله بن جحش وقد جدع أنفه وقطعت أذنه وبقر بطنه وفقأت عينه فقلت صدق الله فصدقه الله.
أجل فقد علمنا النبى صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يشتاق للقاء الله إلا إذا عاش على لا إله إلا الله كلمة التوحيد وهى أعظم كلمة فى الكون كله تلك الكلمة التى من أجلها خلق الله السماوات و الأرض وخلق الإنس و الجن والملائكة وكلف العباد بأعظم تكليف وهو أن يحققوا العبودية لله جل وعلا وخلق الجنة والنار وبناء على ذلك التكليف سينقسم الناس يوم القيامة إلى فريقين فريق فى الجنة
و فريق فى السعير ،اأسال الله جل وعلا أن يجمعنا جميعا فى الفردوس الأعلى ...
كل هذا من اجل كلمة لا إله إلا الله أعظم كلمة ، موسى عليه السلام يناجى ربه جل وعلا و يقول : يا رب كلمة ادعوك بها فيقول جل وعلا : يا موسى قل لا إله إلا الله ، فقال موسى عليه الصلاة والسلام : يا رب كل الناس يقولون لا إله إلا الله -وكأنه يقول أريد شىء خاص بى- فقال جل وعلا :يا موسى وعزتى وجلالى لو أن السماوات السبع و الأرضين السبع وعامرهن فى كفة و لا إله إلا الله فى كفة لملات بهن لا إله إلا الله . أعظم كلمة..................................و لذلك وضح لنا النبى صلى الله عليه وسلم كما فى الحديث الذى رواه الترمذى بسند صحيح حينما قال: سيخلص الله رجلا من امتى يوم القيامة على رؤوس الأشهاد هذا الرجل عمل من الزنوب و المعاصى ، ما ملأ تسعا وتسعين سجلا ، السجل كمد البصر ....-لك أن تتخيل ما هى الذنوب والآثام
التى إرتكبها هذا العبد ، لكن هذا العبد له حسنات عند الله جل وعلا ، تلك الحسنة تمحو كل سيئة فالتوحيد هوالحسنة التى يغفر الله بها كل سيئة ، والشرك هو السيئة التى يحبط الله بها كل حسنة - قال جل وعلا أهذه صحيفتك قال بلى يا رب قال جل وعلا أهذه أعمالك قال بلى يا رب قال جل وعلا أظلمك كتبتى الحافظون -الملائكة التى تكتب أعمالك_قال لا يا رب فقال جل وعلا بعد أن أخرج بطاقة صغيرة مكتوب فيها كلمة التوحيد لا إله إلا الله محمد رسول الله قال الله للعبد أحضر وزنك فقال العبد متعجبا
يا رب كيف أحضر وزنى وهم تسع وتسعون سجلا السجل كمد البصر وما تساوى تلك البطاقة بالنسبة لتلك السجلات فقال
جل وعلا : أحضر وزنك لا ظلم اليوم فأحضر العبد وزنه ..................يقول النبى المصطفى صلى الله عليه وسلم فوضعت السجلات فى كفة ووضعت لا إله إلا الله فى كفة فطاشت السجلات فإنه لا يثقل مع اسم الله شىء...........................
لا إله إلا الله....لن تشتاق للقاء الله إلا إذا عشت على تلك الكلمة وعملت بقتضاها و عرفت يقينا أنه لا معبود بحق إلا الله ، فلا حاكمية إلا لله ولا تشريع إلا لله ولا عبادة إلا لله ، و لا شىء يصرف فى الكون كله من العبادة إلا لله ، فاطر السماوات و الأرض
والله ما عاشت الأمة فى عزة إلا يوم أن عاشت فى ظلال التوحيد ،وما ذاقت الأمة الذل والصغار والهوان إلا يوم أن وقعت فى الشرك الأكبر فضلا عن الشرك الأصغر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم................
أجل والله تأمل معى حال كفار مكة ....كفار فريش الذين عاشوا على الشرك زمانا طويلا ...عاشوا فى جاهلية وصفها الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم كما فى الحديث الذى رواه مسلم :فقال النبى :"و إن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب ".
و قال حذيفة بن اليمان كما عند البخارى "لقد كنا يا رسول الله فى جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير"...
إذن فأرض الجزيرة كانوا يعيشون فى جاهلية وشر قبل بعثة النبى صلى الله عليه وسلم فلما جاء أبرهة يريد أن يهدم بيت الله جل وعلا
يريد أن يهدم الكعبة فما حدث من كفار قريش الذى كانوا فى غاية القوة و الشجاعة والبسالة و الجرأة ماذا صنعوا؟؟؟ تركوا له مكة كلها وصعدوا إلى الجبال وقال لهم عبد المطلب "للبيت رب يحميه" .....انظر لهذا الخبر وتلك المهانهة والعجز والخوف الشديد الذى دب فى قلوبهم بغير عقيدة
أما يوم أن سكب النبى صلى الله عليه وسلم نعمة التوحيد فى قلوب بعضهم يوم أن أسلم بعضهم لله جل وعلا وأبى كثير منهم إلا أن يعيش على الكفر ...هؤلاء الثلة القليلة الميمونة المباركة الذين أساموا مع النبى صلى الله عليه وسلم هم الذين حارب بهم النبى صلى الله عليه وسلم وفتح بهم البلاد بأبى هو وأمى صلى الله عليه وسلم .....دخلوا بعد ذلك فى الغزوات والفتوحات وقدموا الأرواح رخيصة من أجل الله عز وجل ..هكذا فى ظل العقيدة ....بل انظر كيف ضاعت الخلافة فى بلاد الأندلس :أرسل ملك البرتغال عام سبعمائة للهجرة مجموعة من الجواسيس إلى أسبانيا لكى يعلم حال المسلمين فى تلك البلاد فقال :إن وجدتهم على دينهم فلا طاقة لنا بهؤلاء .. وإن وجدتهم قد تفرقوا يمنة و يسرة وتركوا دين محمد صلى الله عليه وسلم فسوف نجتاح البلاد بالجيوش فى يوم واحد.
دخل هؤلاء الجواسيس فوجدوا البلاد كلها ما بين دراسة لعلوم القرآن وعلوم السنة وعلوم الكيمياء وعلوم الرياضة والفيزياء وما بين حافظ وما بين تال و ما بين ساجد وقائم فعادوا ولكنهم فى طريق العودة وجدوا منظرا عجيبا..وجدوا طفلا صغيرا يجلس تحت شجرة
وهو يبكى فتقدم واحد من الجواسيس وسأله علام تبكى يا بنى ؟هل ضاعت اللعب التى كنت تلعب بها؟؟ فقال الغلام :سبحان الله وهل خلقنا من أجل اللعب قال فعلام البكاء ؟؟؟ قال : أبكى لأنر أنا الذى تعودت أن اضرب عصفورين بسهم واحد واليوم لن أستطع أن اضرب إلا عصفورا واحدا بسهم واحد فتعجب هذا الجاسوس و قال وما ظنك فى ذلك قال: سبحان الله ،إن كنت قد قصّرت فى الرماية فكيف أصنع إذا دخل أعداء الله إلى بلادنا .... فعاد الجواسيس إلى ملك البرتغال وأحضروه بالخبر فقال :امكثوا هنا فلا طاقة لنا بهؤلاء .....مات ملك البرتغال وتولى ابنه بعد ذلك الملك فأرسل مجموعة أخرى من الجواسيس بعد سنوات عديدة إلى بلاد أسبانيا
فلما دخلوا وجدوا أكثر الناس قد عاشوا من أجل اللهو الغناء واللعب و من ةأجل الخوض فى الزنا والربا ولا حول ولا قوة إلا بالله.
نظروا فى المساجد فوجدوا أن المساجد قد هجرت ..نظروا إلى القرآن فوجدوا أن المصاحف قد علاها التراب وقد هجرت ولا حول ولا قوة إلا بالله.....فى طريق العودة وجدوا شابا فتيّا كبيرا يجلس تحت شجرة و يبكى فقالوا له : علام البكاء ؟؟قال أبكى لأن حبيبتى فارقتنى منذ ثلاثة أيام ....فعلوا أن القوم قد أصبحوا فى شر وفساد لا يعلمه إلا الله ...فعادوا إلى ملك البرتغال فأخبروه بالخبر فداهم القوم فى ليلة واحدة وبذلك ضاعت الخلافة فى بلاد الأندلس بعد ثمانية قرون عاشوا فيها على طاعة الله وعلى هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم ...فالعز كل العز أن تعيش على لا إله إلا الله ، والعز كل العز أن تسير على هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم
انظر حتى على مدار الأفراد انظر إلى بلال رضي الله عنه وأرضاه كان عبدا رقيقا يباع ويشترى فى الأسواق فما كان منه بعد أن لامس الإيمان منه شغاف قلبه وأصبح صاحب هدف وعاش منأجل لا إله إلا الله ...أعلى الله عز وجل قدره فكان مؤذن النبى صلى الله عليه وسلم ،حتى إن النبى كما روى الإمام ابن الجوزى فى زاد المسير :لما دخل النبى يوم فتح مكة أمر بلال أن يصعد ويؤذن من فوق الكعبة فصعد بلال ووقف من فوق الكعبة وهو الذى كان يعذب وتلقى الصخور العظيمة على صدره وظهره ويريد أمية بن خلف عليه من الله ما يستحقه أن ينال منه كلمة الكفر وإذا ببلال يقول"أحد أحد أحد أحد" فيمر ابو بكر فيقول ينجيك الله الواحد الأحد ويذهب بعد ذلك ويشترى بلالا ليعتقه من أجل الله عز وجل ...فيقوم بلال ويؤذن فوق الكعبة..ياللعز يا للكرامة ...فإذا برجل من المشركين اسمه
عتاد بن اسيب يقول أما وجد محمد غير هذا الغراب الأسود منأجل أن يأمرة أن يؤذن من فوق بيت الله فإذا بالحق عز وجل يغضب لغضب بلال فينزل القرآن من عند الله عز وجل { إن أكرمكم عند الله أتقاكم } ... بل وبشره النبى صلى الله عليه وسلم كما عند البخارى ، يبشر بلالا أنه سمع دف نعليه-أى تحريك نعليه-أمامه فى الجنة ...بل ويبشره مرة أخرى كما عند الترمزى بسندحسن
أنه قال صلى الله عليه وسلم : أشتاقت الجنة إلى ثلاثة : على وعمار وبلال...فالجنة تشتاق إليه ..لماذا ؟؟؟ لأنه عاش منأجل لا إله إلا الله....هذه هى العزة.....هذه هى الكرامة
آسيا امرأة فرعون التى عاشت فى قصر من قال أنا ربكم الأعلى والتى عاشت فى قصر من قال ما علمت لكم من إله غيرى ومع ذلك لما لامس التوحيد و الإيمان شغاف قلبها سطّر الله قصتها فى كتابه بل و جعلها مثلا لكل مؤمن مؤمنة إلى يوم القيامة و شهد لها النبى صلى الله عليه وسلم بالكمال فقال : كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا اربع ...وكان من بينهم آسيا امرأة فرعون
أجل حتى انها قالت { رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين } فيوم ان امر فرعون حراسهأن يضربوها بالحجر من أجل أن يقتلوها رفع الله لها بيتها فى الجنة فلما رأت بيتها تبسّمت فظنوا أنها قد جنّت فماتت قبل أن يصل إليها الحجر، فأصبحت مثلا لكل مؤمنا ومؤمنة ....
وعلامات الشوق لله عز وجل ثلاثة
أول علامة :فطام الجوارح عن الشهوات ...وهذا هة موضوعنا ..رمضان بلا ذنوب ..أنت مشتاق للقاء الله { من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت وهو السميع العليم } من يشتاق للقاء الله فالله يصبره بهذه الأية اطمئن سوف تقابل الله إن شاء الله ، ستلقى حبيبك عز وجل .... انظر فأول علامة فطام الجوارح عن الشهوات و هذا يحتاج إلى ميلاد للقلوب أن يلد القلب ولادة طبيعية فيخرج من بطن الشهوات إلى بحر الطاعات ...تعيش فى طاعة الله ...تعيش على لا إله إلا الله ..تعيش على هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم ..... سل نفسك أيها الأخ الحبيب وسلى نفسك أيتها الأخت المباركة كم تركنا من الذنوب ابتغاء وجه علام الغيوب عز وجل كم تركنا من الذنوب والآثام وكم سنترك هذا العام الآن ونحن نعيش فى تلك الأيام قبل قدوم شهر رمضان كم أخت مسلمة تعزم من الآن على أن تلبس حجابها اليوم قبل أن يأتى الغد كم أخت عزمت على ذلك كم أخ مسلم عزم على أن يبرّ والديه بعد أن كان عاقّا لهما كم من المسلمين ينوى اليوم أن يستقيم على طاعة الله وأن يعمّر بيوت الله عز وجل فى الصلوات الخمس بعد أن كان مقصرا فى طاعة الله
أما العلامة الثانية:حب الموت مع الراحة و العافية كثير من الناس يظن أنه يوم أن أصبح غنيا أو أصبح وجيها أو صاحب منصب فإنه
بذلك لا ينبغى أن يفكر فى الموت بحال من الأحوال ، مع أن الأمر عكس ذلك لأن الإنسان كلما أزداد نعيما فى الدنيا و ترفا كلما أشتاق أكثر للقاء الله لأنه يعلم يقينا أن ما عند الله خير وأبقى ، وكما قال أحد العلماء حينما كان فى ضيافة أحد الأمراء فوجد الأبهة والجمال فى قصر هذا الأمير فقال لهم :هذا إعجاب البشر من بشر ، فما ظنكم بإعجاب رب البشر الذى قال عز وجل كما فى الحديث
القدسى الذى رواه البخارى ومسلم:أعددت لعبادى الصالحين فى الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر
فالعلامة الثانيه هى حب الموت مع الراحة والعافية
سل نفسك أيها الأخ الحبيب ..يوسف عليه السلام حينما ألقى فى الجب هل تمنى الموت ؟؟؟ أبدا .....حينما تعرض لمحنة أمرأة العزيز
هل تمنى الموت ؟؟؟ أبدا ....حينما القى فى السجن هل تمنى الموت ؟؟؟ أبدا ......فمتى تمنى يوسف الموت ؟؟؟ تمنى يوسف الموت حينما كان على العرش و خر له أبوه وأخوته ساجدين له وهو على العرش قال فى تلك اللحظة { توفني مسلما وألحقني بالصالحين }
والنبى صلى الله عليه وسلم يوم أن دانت له الممالك وجاءت له الوفود تسلم لله عز وجل وجعله الله سببا فى إقامة دولة للإسلام فى المدينة المنورة لا تضاهيها دولة على وجه الأرض فى تلك اللحظة قال:بل الرفيق الأعلى بل الرفيق الأعلى ...
والعلامة الثالثة :أن يشغلك الشوق بالله عن كل شىء
اعمل وتزوج وانجب واجتهد واجمع المال وتنزه وخذ كل ما تستطيع من المباحات فى غير معصية الله لكن بشرط أن يكون الهدف الأول مرضاة الله هدفك الأول ان تعيش من أجل مرضاة الله فكأنك تقول أنا أتزوج من اجلك انجب من اجل ان يعبدك اولادى بأتعلم كى ادع إليك وأدع إليك كى اعبّد الناس لك يا رب تعيش لله لا يشغلك أى شىء فى الكون عن الله عز وجل وانت تمتثل قول الله { قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين }
فأول شىء يحدوك إلى ذلك هو شوق اللقاء لله لعلك تموت فى رمضان لعلك تموت قبل رمضان فإذا ما عزمت من الآن على أن تعم شهر رمضان بالطاعة و بلا ذنب سيعينك الله على ذلك وإن مت على ذلك فلك الأجر الجزيل ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:
" إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل أمرىء ما نوى" .....انو خير كما قال الإمام أحمد لإبنه عبد الله:قال يا بنر انو الخير فإنك لا تزال بخير ما نويت خيرا
وقال ابو سليمان الدورانى :"طوبى لرجل صحّت له خطوة يريد بها وجه الله" أجل ،فما عليك إلا أن تخلص النية لله
أما عن الخطوة الثانية التى خطاها النبى من أجل تحديد الهدف لكل مسلم ،ألا وهو دخول الجنة ..أن تفوز بالجنة كان النبى صلى الله عليه وسلم دوما وأبدا يشوق أصحابه إلى الجنة الحديث الذى رواه مسام الكل يعلمه....لما كان حنظله قد لقى أبا بكر فقال له :يا أبا بكر نافق حنظلة قال وما ذاك ،قال :نكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكلمنا عن الجنة والنار فكأنا رأى عين ...
كلمة "فكأنا رأى عين " توضح مسألة عظيمة ألا وهى أن النبى كان يكرر دائما تلك الموعظة أمام أصحابه حتى كأنهم يرون الجنة والنار
أمامهم ....هكذا كما قال الإمام ابن القيم : فإذا أراد الله بعبد خيرا فجر فى قلبه عينين عينا يرى بها الجنة وعينا يرى بها النار
بل كان النبى صلى الله عليه وسلم كما فى الحديث الذى رواه أبو داوود بسند صحيح لما لقيه واحد من أصحابه فقال يا رسول الله
ماذا تقول بأبى أنت وأمى ماذا تقول فى صلاتك فإنى لا أحسن دندنتك ولا دندنت معاذ بن جبل فقال له النبى ميسرا له :ماذا تقول أنت قال:أسأل الله الجنة وأستعيذ به من النار قال :حولها ندندن أنا ومعاذ بن جبل .....وكان النبى دائما و أبدا يربط العمل بالجنة
"من يحفظ بئر روما وله الجنة "...."من يجهز جيش العسرة وله الجنة "....من يفعل كذا وله الجنة ....ل{جمله غير واضحه{ حتى فى بيعة العقبة الثانية سألهم النبى كذا وكذا وطلب منهم أمورا عظيمة ...أخذ منهم كل شىء قالوا فما الثمن يا رسول الله؟؟؟...قال الجنة ، قالوا: رضينا ...ربح البيع ...لا نقيل و لا نستقيل.... هذه هى المسألة أن الأنسان يكون عنده دائماالشوق لجنة الرحمن عز وجل
ولذلك حتى فى طلب الجنة كان النبى يعلمهم علو الهمة فقد قال النبى فى الحديث الذى رواه الطبرانى فى الكبير بسند صحيح قال:إن الله يحب معالى الأمور ويكره سفسافها ........اطلب هدفا عاليا ..لا يصبح هدفك فى الحياة أن تتزوج أو أن تملك سيارة أو عمل ..
هذه وسائل وليست غايات أنا أتزوج كى أعف نفسى، كى اعبد الله أنا أنخب كى يعبد أولادى الله عز وجل ..انا أمل كى يكون عندى مال أتقرب به إلى الله ....كل هذه الأشياء وسائل وليست غايات .....فكل ما فى الدنيا من زهرة ومتاع زائل ،كل ذلك إنما وسيلة لتصل بها إلى مرضاة الله وإلى جنته .....يقول الحبيب المصطفى كما عند البخارى :"إن فى الجنة مائة درجة أعدها الله عز وجل
للمجاهدين فى سبيل الله ما بين الدرجتين مسيرة مائة عام ...فإذا سألتم الله الجنة فأسألوه الفردوس الأعلى فإنه أعلى الجنة ، وأوسط الجنة ، ومنه تفجّر أنهار الجنة ، وسقفه عرش الرحمان جل جلاله ".
انظر لمن حدد الهدف أمامه ...أعطر مثلين فقط فى هذه النقطة:
1-انظر مثلا لعمر بن عبد العزيز رضي الله عنه وأرضاه لما أمر رجاء بن حلوة أنيشترى له ثوبا وكان عمر بن عبد العزيز وقتها أميرا على المدينة المنورة ، فاشترى رجاء له ثوبا بخمسمائة درهم فقال ما رأيك قال ثوب جميل لولا أنه رخيص الثمن ..فلما أصبح عمر بن عبد العزيز أميرا على المؤمنين يحكم ربع الكرة الأرضية ستة وعشرين دولة فأرسل رجاء بن حلوة مرة أخرى ليشترى له ثوبا جديدا فإشترى له ثوبا بخمسة دراهم فقال له رجاء :ما رأيك يا أمير المؤمنين ؟؟؟؟ قال :ثوب جميل ، لولا أنة غالى الثمن فبكى رجاء وقال ما شأنك يا أمير المؤمنين؟؟؟ قال :أخبرك يا رجاء -وقد حدد هدفه ولا يريد إلا شيئا واحدا-يا رجاء إنى لى نفسا توّاقة -عنده همة عالية فى حب الخير ،وفى حب لقاء الله و حب جنة الله عز وجل -ما وصلت إلى شىء إلا تاقت للذى فوقه ،فقد تاقت نفسى فى بداية الأمرأن أتزوج من فاطمة بنت عبد الملك ،فلما تزوجتها تاقت نفسى أنأكون واليا على المدينة المنورة ،فلما أصبحت واليا على المدينة المنورة تاقت نفسى أن أكون أميرا على المؤمنين، فلما أصبحت أميرا على المؤمنين ،تاقت نفسى الآن إلى جنة رب العالمين ،فأنا الآن أعمل لها
انظر ما تمنى لقاء الله إلا بعد أن أصبح أميرا على المؤمنين .....هذه هى مسألة حب الوت مع الراحة والعافية ..تكون ملكا من الملوك وتتمنى لقاء الله .....يارب أنا مشتاق للقاء الله أحبك أريد أن أرى النعيم الذى عندك أريد أن ألقاك ، أن أنظر إلى وجهك
2-انظر للإمام ابن تيميه رحمه الله ...لما وشى به بعض العلماء إلى السلطان أو إلى الحاكم ...فجىء بالإمام ابن تيميه فقال له السلطان أو الحاكم:سمعت يا بن تيميه أنك تريد ملكى ..فتبسم الإمام بن تيميه -هدف محدد-وقال :ملكك؟ والله لا ملكك..ولا ملك آباءك وأجدادك..ولا ملك العرب والعجم يساوى عندى جناح بعوضة ...انى منذ عقلت رشدى اريد جنة عرضها السماوات والارض ...فأشار الملك للحرس ان يدخلوه الى السجن ..حينما نزل سور السجن فتبسم الامام وقال : { فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب } ..ثم نظر إلى الحارس وقال : ماذا يصنع بى أعدائى والله أنا جنتى وبستانى فى صدرى -قرآن وذكر وسنة ومحبة الله والشوق للقاء الله وحب النبى - أنّى سرت فهى معى ..أنا قتلى شهادة وإخراجى من بلدى سياحة وسجنى خلوة بينى وبين ربى فالمأسور من أسره هواه والمحجوب من حجب عن ربه .
فالأمر الثانى الذى دار حوله وضع الهدف الذى وضعه النبى لأصحابه وأمته هو حب دخول الجنة
أمّا الأمر الثالث الأ وهو : محبة صحبة النبى فى الجنة صلى الله عليه وسلم
عاش أصحاب النبى مع النبى صلى الله عليه وسلم رأول صدقه وأمانته وأخلاقه سمعوا تزكية الحق جل وعلا للنبى صلى الله عليه وسلم فالله هو الذى زكاه فى عقله فقال { ما ضل صاحبكم وما غوى } ، زكاه فى بصره فقال: { ما زاغ البصر وما طغى }
زكاه فى فؤاده فقال: { ما كذب الفؤاد ما رأى } ، زكاه فى صدره فقال : { ألم نشرح لك صدرك } ، زكاه فى علمه فقال:
{ علمه شديد القوى } ،زكاه فى حلمه فقال: { بالمؤمنين رؤوف رحيم }، زكاه كله فقال : { وإنك لعلى خلق عظيم } .
بل وضح الحق جل وعلا مكانة النبى صلى الله عليه وسلم فى الملأ الأعلى عند الرب العلىّ وعند الملائكة المقربين فقال جل وعلا: { إن الله وملائكته يصلون على النبي} ثم أمر الله أهل الأرض من المؤمنين الوحدين أن يصلوا ويسلموا على سيد الأولين والأخرين ليجتمع له الثناء من الأرض ومن السماء فقال : { يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما }
بل سمع الصحابة قول النبى صلى الله عليه وسلم كما فى الصحيحين حينما قال :"أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر ، وأنا أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة ولا فخر ، وأنا أول شافع وأول مشفع يوم القيامة ولا فخر "
رأوا صدقه وأمانته عاشروا النبى صلى الله عليه وسلم ، رأوا حلمه وأخلاقه و رحمته فاشتاقوا لصحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم
فى الجنة كما صحبوة فى الدنيا صلى الله عليه وسلم .
بل وكل مؤمن يشتاق لذلك والله ، اجل فهو الشوق لصحبة النبى فى الجنة
علم النبى صلى الله عليه وسلم أصحابه حتى من خلال قصص بنى اسرائيل ....ففى الحديث الذى رواه الحاكم أن أمرأة عجوز من بنى أسرائيل وأبدأالحديث من أوله :" أن النبى صلى الله عليه وسلم كان فى يوم من الأيام فى ضيافة رجل من الأعراب فقدم له الأعرابى الطعام والشراب و اللبن فلما شرب النبى وأكل قال للأعرابى ءأتنا غدا حتى نكافئك -و النبى لا يترك أحدا يعمل معه معروفا إلا ويكافئه صلى الله عليه وسلم -جاء الرجل فى اليوم الثانى ، دخل على النبى ،فقال النبى سل ما بدا لك يا أعرابىّ ،-لو طلب أن يكون مع النبلى فى الجنة لكان مع النبى فى الجنة أى شىء يطلبه فهو مجاب -فقال أريد ناقة أتبلغ عليها وأحتلب لبنها ، فغضب النبى و نظر لأصحابه وقال :هلاّ فعلتم مثلما فعلت عجوز بنى اسرائيل ؟؟ ، قالوا وما فعلت عجوز بنى اسرائيل ؟؟ قال النبى صلى الله عليه وسلم -واختصار القصة -:أن يوسف عليه السلام حينما كان فى مصر وحضرته الوفاة أخذ العهد على أخيه بنيامين أنه إذا خرج من مصر أن يحتفر الأرض وأن يأخذ جسد يوسف وأن يدفنه فى الأرض المقدسة ،فلما حضرت بنيامين الوفاة أخذ العهد على بنى اسرائيل أن يحتفروافى مكان الذى دفن فيه يوسف وأن يأخذوا جسده ويدفنوه فى الأرض المقدسة ،فلما جاء موسى عليه السلام وحدث المناظرة التى كانت بينه وبين فرعون وتبعه فرعون ةجنوده يريد أن يقتله ومن معه من المؤمنين وصل موسى إلى مكان فتاه هو ومن معه ، فسأل العلماء الذين كانوا معه : ما الذى حدث ؟ قالوا الذى حدث أن يوسف قد أخذ على بنيامين العهد و بنيامين أخذ على بنى اسرائيل
العهد ألا يخرجوا من أرض مصر حتى يأخذوا جسد يوسف و يدفنوه فى الأرض المقدسة ،قال موسى : ومن يعلم أين جسد يوسف
قالوا :عجوزبنى اسرائيل ،فقال موسى :وأين هى ؟؟ فدلوه عليها ، فجىء بها فقال لها موسى عليه السلام: ألا تدلينا على قبر يوسف عليه السلام ؟؟ قالت :أجل ولكنى لن أفعل ذلك حتى تعطينى حكمى ...فقال لها موسى عليه السلام : وما حكمك؟؟ قالت :أن أكون معك فى الجنة ..-رأيت علو الهمة فهى أمرأة عجوز من بنى اسرائيل تقول لن اخبرك حتى تخبرنى انى اكون منع فى الجنة -فأحس سيدنا موسى عليه السلام أحس أن هذا الأجر اكثر مما تستحق هذه المرأة أو أنه كما قال المفسرون لا يستطيع أن يحكم فى تلك المسألة وإنما الحكم فيها لله . فسكت موسى عليه السلام فأوحى الله إليه يا موسى أعطها حكمها .... فقال موسى : أنت معى فى الجنة فأشارت إلى القبر فاحتفروه فأخرجوا جسد يوسف.
الشاهد : أن النبى صلى الله عليه وسلم علمهم أن أمرأة من بنى اسرائيل كان عندها علو ّهمة فاشتاقت أن تكون مع موسى فى الجنة فمن باب أولى أن تشتاقوا انتم لأن تكونوا مع النبى فى الجنة صلى الله عليه وسلم
ولذلك تجد أن النبى حينما كان فى ليلة الهجرة ذهب إلى أبى بكر فلما ذهب إليه قال :إن الله قد اذن لى بالهجرة فقال له أبو بكر : الصحبة يا رسول الله الصحبة يا رسول الله ، قال صلى الله عليه وسلم : الصحبة يا أبا بكر .
بل انظر وتأمل معى أيضا كما قال النبى صلى الله عليه وسلم لمن أراد أن يهاجر إلى النبى صلى الله عليه وسلم والحديث رواه مسلم
قال صلى الله عليه وسلم :"عبادة فى الهرج كهجرةٍ إلىّ" بل وفى الحديث الذى رواه مسلم فى غزوة أحد لما اجتمع المشركون بعدما عصى الرماة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأراد المشركون قتل النبى محمد فقال النبى صلى الله عليه وسلم بعدما اجتمع له تسعة من الصحابة سبعة من الأنصار و اثنان من المهاجرين قال :" من للقوم وهو رفيقى فى الجنة "...فتقدم السبعة من الأنصار الواحد تلو الواحد فقتلوا جميعا من أجل الدفاع عن النبى صلى الله عليه وسلم
وفى غزوة الخندق لما قال النبى صلى الله عليه وسلم للصحابة : من يأتينى بخبر القوم وهو رفيقى فى الجنة ...فمن الذى جاءه بالخبر ؟؟
حذيفة بن اليمان رضي الله عنه وأرضاه ،،
بل قال النبى موضحا كيف تكون فى صحبة النبى ،اعطت الجميع الفرصة فقال النبى كما عند البخارى :"أنا وكافل اليتيم فى الجنة
هكذا" ...بل قال كما عند مسلم :"من عال جاريتين -بنتان رباهما-حتى تبلغا كنت أنا وهو فى الجنة هكذا "
بل قال كما عند الترمزى بإسنادٍ حسن :"إن من أحبكم إلىّ وأقربكم منى مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا "
وفى الصحيحين أن رجلا أعرابيا جاء إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال :يا رسول الله متى الساعة ،، قال : وماذا أعددت لها ، قال ما أعددت لها كثير صلاة ولا صيام غير أنّى أحب الله ورسوله ،فقال له النبى :أنت مع من أحببت . يقول أنس راوى الحديث :فوالله ما فرحناه بعد الإسلام بشىء مثل فرحنا بهذا الحديث ..لماذا قال :فأنا احب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحب أبا بكر وعمر
وأرجو أن أحشر معهم وإن لم أعمل بمثل أعمالهم .
ربيعة بن كعب بن مالك والحديث رواه مسلم -حددهدفه أنا لا أريد إلا صحبة النبى -وكان يقدم ماء الوضوء للنبى فقال النبى :سلنى شيئا يا ربيعة ، فقال: أسألك مرافقتك فى الجنة يا رسول الله ، قال :أوغير ذلك -هل تريد شيئا أخر- قال :هو ذاك يا رسول الله فقال :فأعنى على نفسك بكثرة السجود لله فإنك لا تسجد سجدة لله إلا رفعك الله بها درجة فى الجنة ..
و أخيرا ففى الحديث الذى رواه الطبرانى فى الصغير و الأوسط بإسناد حسن - وأسمى هذا الحديث بحديث المحب : أن رجلا جاء إلى النبى فقال له يا رسول الله :والله لأنت أحب إلىّ من نفسى وولدى ووالدىّ ومن الناس أجمعين وإنى لأكون فى البيت فأذكرك فما أصبر حتى آتى -كلمة غير واضحة -إليك فإذا ما تذكرت موتى وموتك يا رسول الله علمت يقينا أنك إذا مت يا رسول الله رفعت مع النبيين فى الجنة وأنا إذا مت ودخلت الجنة فإنى أخشى ألا أراك ،فسكت النبى و نزل قول الرب العلىّ : { ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ، ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما } وحسبك أن تسمع قول التابعيّ الجليل أبى مسلم الخولانى حينما قال :أيظن أصحاب محمدٍ صلى الله عليه وسلم أن يستأثروا به دوننا ؟كلا والله لنزاحمنّهم عليه على الحوض حتى يعلموا أنهم قد خلّفوا رجالا
فهل تطمح همتك أن تكون مثل أبى مسلم الخولانى فتقول لأصحب النبى :أيظن أصحاب محمدٍ صلى الله عليه وسلم أن يستأثروا به دوننا ؟كلا والله لنزاحمنّهم عليه على الحوض
فرمضان بلا ذنوب فمن الآن أيها الأخ الحبيب و أيتها الأخت المباركة ننوى من الآن على أن نعيش رمضان بلا ذنب ، أن نشتاق للقاء الله ، أن نشتاق لجنة الله ، أن نشتاق لصحبة رسول الله
ملخص المحاضرة
.................................................. .............................................
رمضان بلا ذنوب
اقترب شهر رمضان وعلينا الاستعداد له كما فعل الصحابة، فلقد كان أصحاب النبى محمد صلى الله عليه وسلم يسألون الله ستة أشهر أن يبلغهم شهر رمضان فاذا ما جاء الشهر فصاموه و قاموه على الوجه الذى اراده الله عز وجل توجهوا الى الحى القيوم ستة أشهر أخرى ان يتقبل منهم الصيام و القيام فى شهر رمضان الذى قاموا فيه بواجبهم تجاه ربهم جل وعلا
والنبى صلى الله عليه وسلم كان يأخذ دوما وأبدا بقلوب أصحابه وأمته إلى ثلاثة أشياء هى أجل الأشياء فى الكون كله :
أولا:حب لقاء الله أو الشوق للقاء الله و الفوز برضوانه
ثانيا:الفوز بجنته
ثالثا:صحبة النبى فى الجنة
ثلاثة أشياء دارت عليها الأهداف والطموحات التى سكبها النبى فى قلوب أصحابه بل وفى قلوب أمته من بعدهم ................
..................
أولا: الشوق للقاء الله
وعلامات الشوق لله عز وجل ثلاثة
أول علامة :فطام الجوارح عن الشهوات ...وهذا هة موضوعنا ..رمضان بلا ذنوب ..أنت مشتاق للقاء الله { من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت وهو السميع العليم } من يشتاق للقاء الله فالله يصبره بهذه الأية
أما العلامة الثانية:حب الموت مع الراحة و العافية كثير من الناس يظن أنه يوم أن أصبح غنيا أو أصبح وجيها أو صاحب منصب فإنه
بذلك لا ينبغى أن يفكر فى الموت بحال من الأحوال ، مع أن الأمر عكس ذلك لأن الإنسان كلما أزداد نعيما فى الدنيا و ترفا كلما أشتاق أكثر للقاء الله لأنه يعلم يقينا أن ما عند الله خير وأبقى ،
والعلامة الثالثة :أن يشغلك الشوق بالله عن كل شىء ،انت تمتثل قول الله { قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين } .
ثانى هدف : دخول الجنة ،..يقول الحبيب المصطفى كما عند البخارى :"إن فى الجنة مائة درجة أعدها الله عز وجل
للمجاهدين فى سبيل الله ما بين الدرجتين مسيرة مائة عام ...فإذا سألتم الله الجنة فأسألوه الفردوس الأعلى فإنه أعلى الجنة ، وأوسط الجنة ، ومنه تفجّر أنهار الجنة ، وسقفه عرش الرحمان جل جلاله ".
المثال الأول :عمر بن عبد العزيز
المثال الثانى:الامام ابن تيميه
أمّا الهدف الثالث: محبة صحبة النبى فى الجنة صلى الله عليه وسلم وعلمهم النبى صلى الله عليه وسلم ذلك وسلم حتى من خلال قصص بنى اسرائيل
و أخيرا كيف تكون مع النبى فى الجنة:فمنها
قال النبى كما عند البخارى :"أنا وكافل اليتيم فى الجنة
هكذا" ...بل قال كما عند مسلم :"من عال جاريتين -بنتان رباهما-حتى تبلغا كنت أنا وهو فى الجنة هكذا "
بل قال كما عند الترمزى بإسنادٍ حسن :"إن من أحبكم إلىّ وأقربكم منى مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا "
محمود المصرى
فيوم الجمعة هو يوم من اعياد المسلمين فى الدنيا وهو كذلك عيد من اعياد المسلمين فى الاخرة فاليوم لقاؤنا بخطبة بعنوان رمضان بلا ذنوب، و لعلنا نتعجب اننا نتحدث عن رمضان قبل ان يأتى رمضان بشهر كامل ولكن المؤمن الطموح الذى له هدف يعيش من اجله و لا هدف يرضى العبد أعظم من فوز العبد برضا الرب، فالمؤمن الذى يسعى لمرضاة ربه جل وعلا و بالفوز بجنته التى فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر يستعد و يتأهب لقدوم هذا الشهر الكريم المبارك من قبل ذلك لا اقول بشهر بل باشهر عديده ، فلقد كان أصحاب النبى محمد صلى الله عليه وسلم يسألون الله ستة أشهر أن يبلغهم شهر رمضان فاذا ما جاء الشهر فصاموه و قاموه على الوجه الذى اراده الله عز وجل توجهوا الى الحى القيوم ستة أشهر أخرى ان يتقبل منهم الصيام و القيام فى شهر رمضان
الذى قاموا فيه بواجبهم تجاه ربهم جل وعلا ، أجل فواجب علينا أن نستعد وأن نتجهز وأن نتأهب لقدوم هذا الضيف الكريم المبارك فرمضان بلا ذنوب ، مضى علينا كم من شهر رمضان مرعلينا فى اعمارنا و قد أطعنا الله جل وعلا صمنا و قمنا وقرأنا القرآن و وصلنا الرحم وتصدقنا و لكن مع ذلك لم يخل الشهر منا من بعض الذنوب البسيطة اليسيرة التى لا ينجو منها الا القليل فالعصمة دفنت يوم دفن الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، لكننا هذا العام نريد ان نستقبل هذا الشهر استقبالا جديدا وان نتأهب له تأهبا جديدا وأن نعزم من أول هذا الشهر أن نستقبل الشهر من أوله الى أخره بلا ذنب واحد رمضان بلا ذنوب تأمل معى أيها الاخ الحبيب ذلك المشهد العجيب من مشاهد الاخرة و الذى ننطلق من خلاله الى تلك الخطبة أسأل الله جل وعلا أن يبلغنا جميعا شهر رمضان وأن يجعلنا جميعا من عتقائه من النيران
"
فجأة صدر أمر الهى منالرب الكريم الجليل العلى الى اسرافيل عليه السلام بأن ينفخ نفخة البعث فبعث الخلائق جميعا و قاموا جميعا من قبورهم بنفضون التراب عن أجسادهم و هم الذين مكثوا آلاف السنين تحت التراب فمنهم من مكث آلاف السنين تحت التراب فى عذاب لا يعلمه الا الله ومنهم من مرت عليه فترة البرزخ كصلاة ظهر أو كصلاة عصر كما أخبر بذلك الصادق الذى لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم وكان يعيش فى القبر فى نعيم لا يعدوة و لا يساويه الا النعيم فى الجنة بل يفوقه النعيم فى الجنة مرت تلك الفترة وخرجت الخلائق جميعا من قبورهم بنفضون التراب عن أجسادهم و الكل يتبع الداعى الذى يدعوهم الى ارض المحشر ليقفوا جميعا بين يدى الحق الجليل جل وعلا فقاموا جميعا { يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا }
وقف الجميع و وصلوا الى ارض المحشر و الناس كما قال عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه و أرضاه "يحشر الناس يوم القيامة أجوع ما كانوا وأظمأ ما كانوا وأعرى ما كانوا " مصداق ذلك فى قول النبي صلى الله عليه وسلم كما فى الحديث الذى رواه مسلم
"يحشر الناس حفاة عراة غرلا غير مختونين و الشمس تدنو فوق الرؤوس حتى تكون كمقدار ميل و قد جيىء بجهنم لها سبعون ألف زمام
مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها فتزفر جهنم زفرة فلا يبقى ملك مقرب ولا نبى مرسل الا جثا على ركبتيه وقال يا رب سلم سلم " فالموقف شديد وعصيب خمسين ألف سنة الناس فى عطش شديد و فى جوع شديد وفى عرىّ شديد و الجميع يستغيثون
و يلجأون الى الله جل وعلا أن يفرج عنهم كرب ذلك اليوم
وقف الناس فى غاية العطش يبحثون عن شربة ماء و الانسان بطبعه قد يصبر على الجوع ولكنه لا يصبر بحال من الاحوال على العطش
نظروا جميعا فى أرض المحشر وهى أرض مستويه لا يختبىء فيها شىء و برزوا لله جميعا فالكل بارز وواضح لا يخفى شىء على الله سبحانه وتعالى فجأة لاح لهم حوض النبى من على بعد فتوجهت الخلائق جميعا الى ذلك الحوض لعل كل واحد منهم أن ينال شربة من يد الحبيب صلى الله عليه وسلم و بدأ السبق الحقيقى الكل يجرى نحو الحوض حتى أقتربوا جميعا ووقفوا بجوار الحوض لا أقول أنهم جميعا وصلوا الى نفس الحوض لكنهم وقفوا بعيدا عن الحوض و رأوا النبى صلى الله عليه وسلم واذا بهم يرون الحبيب صلى الله عليه وسلم
وكان وجهه بل وجهه احلى من القمر صلى الله عليه وسلم فجأة بدأوا يتقدمون الواحد تلو الواحد فمنهم من يؤذن له ومنهم من يزاد و يرد ولا يعلم لماذا يزاد ولماذا يرد فقد نسى كل مجرم اجرامه و قد نسى كل منافق نفاقه وقد نسى العصاة و المجرمون والمتمردون ما فعلوا فى دنياهم فمنهم من انكر سنة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ومنهم من ابتعد عن هدى الحبيب محمد بل منهم من تطاول على شخص النبى صلى الله عليه وسلم الكل نسى ذلك فى ظل العطش الشديد الذى دام آلاف السنين واذا بهم يطمع كل منهم ان ينال شربة من يد الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم واذا بالحبيب محمد صلى الله عليه وسلم ينادى على رجل فيعطيه كوبا من
حوضه الذى وصفه صلى الله عليه وسلم كما فى الحديث الذى رواه مسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "حوضى مسيرة شهر
ماؤه ابيض من اللبن وطعمه احلى من العسل كيزانه كنجوم السماء -وفى روايه بعدد نجوم السماء-من شرب منه شربة واحدة لم يظمأ بعدها أبدا"
يشير النبى الى واحد فيأتى فيشرب من يد النبى محمد فاذا ما أشار النبى الى الاخر اذا الملائكة تزود هذا الرجل فيتعجب البى و ينتفض وهو الذى ما ارسله الله الا رحمة للعالمين النبى لا يريد ابدا اى عذاب لأى أنسان مهما كان صلى الله عليه وسلم بعث النبى رحمة للمؤمن و للكافر و للبر وللفاجر النبى صلى الله عليه وسلم كان يتمنى من كل أعماق قلبه ان يؤمن كل مشرك و كل ملحد على وجه الأرض لينجو من عذاب الله جل وعلا
اما سمعت الحديث الذى رواه البخارى أن النبى الحبيب لما سمع عن غلام صغير يهودى وهو فى مرض الموت واذا بالحبيب يدخل عليه صلى الله عليه وسلم و يقول له "يا غلام اشهد أن لا اله الا الله وأنى رسول الله" ؛خشى الغلام من أبيه وهو واقف بجواره فنظر اليه فقال له ابوه و هو رجل يهودى قال"يا غلام أطع ابا القاسم " فقام الغلام وقال أشهد أن لا اله الا الله وأن محمدا رسول الله" صلى الله عليه وسلم و اذا بالنبى نهر الرحمة وينبوع الحنان يخرج مبتسما ويمسح على لحيته ويقول" الحمد لله الذى أنقذه من نار جهنم"
فالنبى لا يتمنى العذاب لأحد بل ان المشركين لما اشتد اذاهم على أصحاب سيد المرسلين والحديث رواه مسلم "جاء أصحاب النبى وطلبوا من النبى أن يدعوا على المشركين واذا بالنبى صلى الله عليه وسلم يرد بكلمات بسيطة رقيقة خرجت من قلب قد أمتلأ رحمة لو وزعت على الكون كله لفاضت فقال" انى لم أبعث لعانا وانما بعثت رحمه" "
نظر النبى الى ذلك الرجل الذى زادته الملائكة عن الحوض وتعجب ونادى وقال"أصحابى أصحابى أحبابى أحبابى" واذا بالملائكة تكشف للنبى صلى الله عليه وسلم شيئا لم يكن النبى يعلمه عن هذا الرجل فقالوا له عن هذا الرجل وعن أمثاله "انك يا رسول الله لا تدرى ما أحدثوا بعدك لقد رجعوا عن دينهم القهقرى " فاذا بالنبى محمد صلى الله عليه وسلم يتبرأ منهم فى التو واللحظة ويقول " سحقا سحقا بعدا بعدا لمن بدل وغير"
سل نفسك أيها الاخ الحبيب وسلى نفسك أيتها الاخت المباركة ما الذى يسر لهؤلاء أن يشربوا من حوض النبى وما الذى حال بين هؤلاء وبين أن يشربوا من حوض النبى صلى الله عليه وسلم الأمر يسيرفى ان هؤلاء الذين شربوا كان لهم هدف محدد عاشوا حياتهم من أجل تحقيق هذا الهدف ألا وهو الفوز برضوان الله وجنته والفوز بصحبة النبى فى الجنة والأنسان مجبول على حب الأجر ففى الصحيح : أن امرأة رفعت صبيا صغيرا لها للنبى صلى الله عليه وسلم وقالت له " يا رسول الله ألهذا حج" قال صلى الله عليه وسلم
"أجل ولكى الأجر" . مع أنها لم تسأل النبى عن الأجر بل سألته عن الحج لكن النبى يعلم أن كل عبد يحب الأجر فقال أجل ولكى الأجر من أجل أ تتشجع أن تأخذه مرة أخرى وثانية وثالثة لحج بيت الله الحرام
أجل فالإنسان مجبول على حب الأجر فإذا ما أردنا أن نعيش رمضان بلا ذنوب فأعلم أن ذلك لن يكون إلا أن تحدد لنفسك هدفا تسعى من أجله تريد أن تحقق هذا الهدف وتسعى بكل ما أوتيت من قوة من أجل أن تظفر وأن تفوز بتلك النعمة التى حددتها من خلال
ذلك الهدف.
والنبى صلى الله عليه وسلم كان يأخذ دوما وأبدا بقلوب أصحابه وأمته إلى ثلاثة أشياء هى أجل الأشياء فى الكون كله
.................................................. ................ :
أولا:حب لقاء الله أو الشوق للقاء الله و الفوز برضوانه
ثانيا:الفوز بجنته
ثالثا:صحبة النبى فى الجنة
ثلاثة أشياء دارت عليها الأهداف والطموحات التى سكبها النبى فى قلوب أصحابه بل وفى قلوب أمته من بعدهم
أولا: الشوق للقاء الله
....................................
وضح النبى صلى الله عليه وسلم أن كل عبد يعيش على الطاعة سيشتاق إلى لقاء الله وأن كل عبد يعيش على التفريط أو فى معصية الله جل وعلافلن يشتاق للقاء الله فقال كما عند البخارى : "من أحب لقاء الله أحب الله لقائه ومن كره لقاء الله كره الله لقائه"
تقول الفقيهة الربّانية عائشة رضي الله عنها و أرضاها " يا رسول الله أكراهية الموت فكلنا يكره الموت " فقال ليس ذاك يا عائشة
ولكن العبد المؤمن إذا حضرته الوفاة بشّر برضوان الله فأحب لقاء الله فأحب الله لقائه وإن العبد المنافق أو الفاجر إذا حضرته الوفاة بشّر
بعذاب الله فكره لقاء الله فكره الله لقائه"
هكذا هدف حددته وأردت أن تسير من أجل أن تصل إلى هذا الهدف، فإذا ما وصلت إلى هذا الهدف بأن عملت أعمالا وأحسنت الظن بالله جل وعلا قدمت الخير الكثير مع حسن الظن والإخلاص لله جل وعلا فأبشر بكل خير
إذن من أحب لقاء الله أحب الله لقائه ، ومن كره لقاء الله كره الله لقائه ، بل كان أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم دوما كما فى الحديث الذى رواه النسائى بسند صحيح يسمعونه يدعو بهذا الدعاء الجميل الرقيق كان النبى صلى الله عليه وسلم يقول :وأسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم والشوق إلى لقائك فى غير ضرّاء مضره ولا فتنة مضلة .
بل وأمام أعين النبى صلى الله عليه وسلم رأوا النبى صلى الله عليه وسلم وهو فى السكرات وقد خير بين الدنيا وزهرة الدنيا وما فيها وبين لقاء الله فاختار النبى لقاء الله وقال :بل الرفيق الأعلى بل الرفيق الأعلى كما فى الحديث الذى رواه البخارى. تعلم أصحاب النبى ذلك صلى الله عليه وسلم فعاشوا على طاعة الله وتأسوا وأهتدوا بهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما حضرتهم الوفاة كانوا فى أجّل أنواع الشوق لله .
تأمل معى ما قاله معاذ بن جبل لما حضرته الوفاة و تأمل تلك الكلمات وأنظرلى هذا الحال الذى كان عليه معاذ رضي الله عنه وأرضاه
قال: مرحبا بالموت مرحبا زائر مغبّ و حبيب جاء على فاقه لا أفلح من ندم . جاء الموت فهذا هو موعد للقاء الحبيب بحبيبه جل وعلا
فهل يكره الحبيب لقاء حبيبه فإذا ما قدمت العمل الصالح قلبك سيشتاق ويتقطع شوقا للقاء الله جل وعلا كما حدث ذلك للنبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم.
أجل ، وبلال رضي الله عنه و أرضاه تحضره السكرات فتقول زوجته:واحزناه وااحزناه ، فيقول لها : بل واافرحاه واافرحاه غدا ألقى الأحبة محمدا وحزبه . فكان عندهم شوق عجيب للقاء الله بل وأذكر لكم تلك القصة التى ذكرناها مرارا وتكرارا وهى قصة
عبد الله بن جحش رضي الله عنه وأرضاه فى غزوة أحد لما لقيه سعد بن أبى وقّاص فقال له سعد:يا عبد الله ترى أنه قد حضر ما نحن
فيه الآن فهل يدعو كل واحد منا بدعوة عسى الله جل وعلا أن يستجيب لنا و يرزقنا الشهادة ، قال :أجل أدع أنت أولا يا سعد
فقام سعد وقال :اللهم إنى اسألك أن تلقنى اليوم رجلا شديد الحرد شديد البأس اقاتله فيك فاقتله ثم أخذ سلبه ثم تلقنى رجلا ثانيا وثالثا ورابعا فأقتله وأخذ سلبه ثم تلقنى رجلا آخر شديد الحرد شديد البأس اقاتله فيك فيقتلنى، ثم نظر سعد إلى عبد الله بن جحش
وقال تمن على الله يا عبد الله ، فقام عبد الله -و تأمل معى ما قال- وقال "أما أنا فاللهم إنى أسألك أن تلقنى اليوم رجلا شديد الحرد شديد البأس اقاتله فيك-وكانه يقول لن استطيع الصبر فأنا مشتاق للقائك-اقاتله فيك فيقتلنى ثم لا يكتفى بذلك بل يقطع أذنى و يجدع انفى و يبقر بطنى ويفقأ عينى فإذا لقيتك يوم القيامة سالتنى فيم كان ذلك يا عبد الله أقول من أجلك فتقول صدقت .
يا الله ، وتمر غزوة أحد وبعد الغزوة يبحث سعد بن ابى وقّاص عن صديقه و حبيبه عبد الله بن جحش ، يقول سعد:فوالله لقد وجدته على نفس الهيئة التى تمناها وقد قتل عبد الله بن جحش وقد جدع أنفه وقطعت أذنه وبقر بطنه وفقأت عينه فقلت صدق الله فصدقه الله.
أجل فقد علمنا النبى صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يشتاق للقاء الله إلا إذا عاش على لا إله إلا الله كلمة التوحيد وهى أعظم كلمة فى الكون كله تلك الكلمة التى من أجلها خلق الله السماوات و الأرض وخلق الإنس و الجن والملائكة وكلف العباد بأعظم تكليف وهو أن يحققوا العبودية لله جل وعلا وخلق الجنة والنار وبناء على ذلك التكليف سينقسم الناس يوم القيامة إلى فريقين فريق فى الجنة
و فريق فى السعير ،اأسال الله جل وعلا أن يجمعنا جميعا فى الفردوس الأعلى ...
كل هذا من اجل كلمة لا إله إلا الله أعظم كلمة ، موسى عليه السلام يناجى ربه جل وعلا و يقول : يا رب كلمة ادعوك بها فيقول جل وعلا : يا موسى قل لا إله إلا الله ، فقال موسى عليه الصلاة والسلام : يا رب كل الناس يقولون لا إله إلا الله -وكأنه يقول أريد شىء خاص بى- فقال جل وعلا :يا موسى وعزتى وجلالى لو أن السماوات السبع و الأرضين السبع وعامرهن فى كفة و لا إله إلا الله فى كفة لملات بهن لا إله إلا الله . أعظم كلمة..................................و لذلك وضح لنا النبى صلى الله عليه وسلم كما فى الحديث الذى رواه الترمذى بسند صحيح حينما قال: سيخلص الله رجلا من امتى يوم القيامة على رؤوس الأشهاد هذا الرجل عمل من الزنوب و المعاصى ، ما ملأ تسعا وتسعين سجلا ، السجل كمد البصر ....-لك أن تتخيل ما هى الذنوب والآثام
التى إرتكبها هذا العبد ، لكن هذا العبد له حسنات عند الله جل وعلا ، تلك الحسنة تمحو كل سيئة فالتوحيد هوالحسنة التى يغفر الله بها كل سيئة ، والشرك هو السيئة التى يحبط الله بها كل حسنة - قال جل وعلا أهذه صحيفتك قال بلى يا رب قال جل وعلا أهذه أعمالك قال بلى يا رب قال جل وعلا أظلمك كتبتى الحافظون -الملائكة التى تكتب أعمالك_قال لا يا رب فقال جل وعلا بعد أن أخرج بطاقة صغيرة مكتوب فيها كلمة التوحيد لا إله إلا الله محمد رسول الله قال الله للعبد أحضر وزنك فقال العبد متعجبا
يا رب كيف أحضر وزنى وهم تسع وتسعون سجلا السجل كمد البصر وما تساوى تلك البطاقة بالنسبة لتلك السجلات فقال
جل وعلا : أحضر وزنك لا ظلم اليوم فأحضر العبد وزنه ..................يقول النبى المصطفى صلى الله عليه وسلم فوضعت السجلات فى كفة ووضعت لا إله إلا الله فى كفة فطاشت السجلات فإنه لا يثقل مع اسم الله شىء...........................
لا إله إلا الله....لن تشتاق للقاء الله إلا إذا عشت على تلك الكلمة وعملت بقتضاها و عرفت يقينا أنه لا معبود بحق إلا الله ، فلا حاكمية إلا لله ولا تشريع إلا لله ولا عبادة إلا لله ، و لا شىء يصرف فى الكون كله من العبادة إلا لله ، فاطر السماوات و الأرض
والله ما عاشت الأمة فى عزة إلا يوم أن عاشت فى ظلال التوحيد ،وما ذاقت الأمة الذل والصغار والهوان إلا يوم أن وقعت فى الشرك الأكبر فضلا عن الشرك الأصغر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم................
أجل والله تأمل معى حال كفار مكة ....كفار فريش الذين عاشوا على الشرك زمانا طويلا ...عاشوا فى جاهلية وصفها الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم كما فى الحديث الذى رواه مسلم :فقال النبى :"و إن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب ".
و قال حذيفة بن اليمان كما عند البخارى "لقد كنا يا رسول الله فى جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير"...
إذن فأرض الجزيرة كانوا يعيشون فى جاهلية وشر قبل بعثة النبى صلى الله عليه وسلم فلما جاء أبرهة يريد أن يهدم بيت الله جل وعلا
يريد أن يهدم الكعبة فما حدث من كفار قريش الذى كانوا فى غاية القوة و الشجاعة والبسالة و الجرأة ماذا صنعوا؟؟؟ تركوا له مكة كلها وصعدوا إلى الجبال وقال لهم عبد المطلب "للبيت رب يحميه" .....انظر لهذا الخبر وتلك المهانهة والعجز والخوف الشديد الذى دب فى قلوبهم بغير عقيدة
أما يوم أن سكب النبى صلى الله عليه وسلم نعمة التوحيد فى قلوب بعضهم يوم أن أسلم بعضهم لله جل وعلا وأبى كثير منهم إلا أن يعيش على الكفر ...هؤلاء الثلة القليلة الميمونة المباركة الذين أساموا مع النبى صلى الله عليه وسلم هم الذين حارب بهم النبى صلى الله عليه وسلم وفتح بهم البلاد بأبى هو وأمى صلى الله عليه وسلم .....دخلوا بعد ذلك فى الغزوات والفتوحات وقدموا الأرواح رخيصة من أجل الله عز وجل ..هكذا فى ظل العقيدة ....بل انظر كيف ضاعت الخلافة فى بلاد الأندلس :أرسل ملك البرتغال عام سبعمائة للهجرة مجموعة من الجواسيس إلى أسبانيا لكى يعلم حال المسلمين فى تلك البلاد فقال :إن وجدتهم على دينهم فلا طاقة لنا بهؤلاء .. وإن وجدتهم قد تفرقوا يمنة و يسرة وتركوا دين محمد صلى الله عليه وسلم فسوف نجتاح البلاد بالجيوش فى يوم واحد.
دخل هؤلاء الجواسيس فوجدوا البلاد كلها ما بين دراسة لعلوم القرآن وعلوم السنة وعلوم الكيمياء وعلوم الرياضة والفيزياء وما بين حافظ وما بين تال و ما بين ساجد وقائم فعادوا ولكنهم فى طريق العودة وجدوا منظرا عجيبا..وجدوا طفلا صغيرا يجلس تحت شجرة
وهو يبكى فتقدم واحد من الجواسيس وسأله علام تبكى يا بنى ؟هل ضاعت اللعب التى كنت تلعب بها؟؟ فقال الغلام :سبحان الله وهل خلقنا من أجل اللعب قال فعلام البكاء ؟؟؟ قال : أبكى لأنر أنا الذى تعودت أن اضرب عصفورين بسهم واحد واليوم لن أستطع أن اضرب إلا عصفورا واحدا بسهم واحد فتعجب هذا الجاسوس و قال وما ظنك فى ذلك قال: سبحان الله ،إن كنت قد قصّرت فى الرماية فكيف أصنع إذا دخل أعداء الله إلى بلادنا .... فعاد الجواسيس إلى ملك البرتغال وأحضروه بالخبر فقال :امكثوا هنا فلا طاقة لنا بهؤلاء .....مات ملك البرتغال وتولى ابنه بعد ذلك الملك فأرسل مجموعة أخرى من الجواسيس بعد سنوات عديدة إلى بلاد أسبانيا
فلما دخلوا وجدوا أكثر الناس قد عاشوا من أجل اللهو الغناء واللعب و من ةأجل الخوض فى الزنا والربا ولا حول ولا قوة إلا بالله.
نظروا فى المساجد فوجدوا أن المساجد قد هجرت ..نظروا إلى القرآن فوجدوا أن المصاحف قد علاها التراب وقد هجرت ولا حول ولا قوة إلا بالله.....فى طريق العودة وجدوا شابا فتيّا كبيرا يجلس تحت شجرة و يبكى فقالوا له : علام البكاء ؟؟قال أبكى لأن حبيبتى فارقتنى منذ ثلاثة أيام ....فعلوا أن القوم قد أصبحوا فى شر وفساد لا يعلمه إلا الله ...فعادوا إلى ملك البرتغال فأخبروه بالخبر فداهم القوم فى ليلة واحدة وبذلك ضاعت الخلافة فى بلاد الأندلس بعد ثمانية قرون عاشوا فيها على طاعة الله وعلى هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم ...فالعز كل العز أن تعيش على لا إله إلا الله ، والعز كل العز أن تسير على هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم
انظر حتى على مدار الأفراد انظر إلى بلال رضي الله عنه وأرضاه كان عبدا رقيقا يباع ويشترى فى الأسواق فما كان منه بعد أن لامس الإيمان منه شغاف قلبه وأصبح صاحب هدف وعاش منأجل لا إله إلا الله ...أعلى الله عز وجل قدره فكان مؤذن النبى صلى الله عليه وسلم ،حتى إن النبى كما روى الإمام ابن الجوزى فى زاد المسير :لما دخل النبى يوم فتح مكة أمر بلال أن يصعد ويؤذن من فوق الكعبة فصعد بلال ووقف من فوق الكعبة وهو الذى كان يعذب وتلقى الصخور العظيمة على صدره وظهره ويريد أمية بن خلف عليه من الله ما يستحقه أن ينال منه كلمة الكفر وإذا ببلال يقول"أحد أحد أحد أحد" فيمر ابو بكر فيقول ينجيك الله الواحد الأحد ويذهب بعد ذلك ويشترى بلالا ليعتقه من أجل الله عز وجل ...فيقوم بلال ويؤذن فوق الكعبة..ياللعز يا للكرامة ...فإذا برجل من المشركين اسمه
عتاد بن اسيب يقول أما وجد محمد غير هذا الغراب الأسود منأجل أن يأمرة أن يؤذن من فوق بيت الله فإذا بالحق عز وجل يغضب لغضب بلال فينزل القرآن من عند الله عز وجل { إن أكرمكم عند الله أتقاكم } ... بل وبشره النبى صلى الله عليه وسلم كما عند البخارى ، يبشر بلالا أنه سمع دف نعليه-أى تحريك نعليه-أمامه فى الجنة ...بل ويبشره مرة أخرى كما عند الترمزى بسندحسن
أنه قال صلى الله عليه وسلم : أشتاقت الجنة إلى ثلاثة : على وعمار وبلال...فالجنة تشتاق إليه ..لماذا ؟؟؟ لأنه عاش منأجل لا إله إلا الله....هذه هى العزة.....هذه هى الكرامة
آسيا امرأة فرعون التى عاشت فى قصر من قال أنا ربكم الأعلى والتى عاشت فى قصر من قال ما علمت لكم من إله غيرى ومع ذلك لما لامس التوحيد و الإيمان شغاف قلبها سطّر الله قصتها فى كتابه بل و جعلها مثلا لكل مؤمن مؤمنة إلى يوم القيامة و شهد لها النبى صلى الله عليه وسلم بالكمال فقال : كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا اربع ...وكان من بينهم آسيا امرأة فرعون
أجل حتى انها قالت { رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين } فيوم ان امر فرعون حراسهأن يضربوها بالحجر من أجل أن يقتلوها رفع الله لها بيتها فى الجنة فلما رأت بيتها تبسّمت فظنوا أنها قد جنّت فماتت قبل أن يصل إليها الحجر، فأصبحت مثلا لكل مؤمنا ومؤمنة ....
وعلامات الشوق لله عز وجل ثلاثة
أول علامة :فطام الجوارح عن الشهوات ...وهذا هة موضوعنا ..رمضان بلا ذنوب ..أنت مشتاق للقاء الله { من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت وهو السميع العليم } من يشتاق للقاء الله فالله يصبره بهذه الأية اطمئن سوف تقابل الله إن شاء الله ، ستلقى حبيبك عز وجل .... انظر فأول علامة فطام الجوارح عن الشهوات و هذا يحتاج إلى ميلاد للقلوب أن يلد القلب ولادة طبيعية فيخرج من بطن الشهوات إلى بحر الطاعات ...تعيش فى طاعة الله ...تعيش على لا إله إلا الله ..تعيش على هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم ..... سل نفسك أيها الأخ الحبيب وسلى نفسك أيتها الأخت المباركة كم تركنا من الذنوب ابتغاء وجه علام الغيوب عز وجل كم تركنا من الذنوب والآثام وكم سنترك هذا العام الآن ونحن نعيش فى تلك الأيام قبل قدوم شهر رمضان كم أخت مسلمة تعزم من الآن على أن تلبس حجابها اليوم قبل أن يأتى الغد كم أخت عزمت على ذلك كم أخ مسلم عزم على أن يبرّ والديه بعد أن كان عاقّا لهما كم من المسلمين ينوى اليوم أن يستقيم على طاعة الله وأن يعمّر بيوت الله عز وجل فى الصلوات الخمس بعد أن كان مقصرا فى طاعة الله
أما العلامة الثانية:حب الموت مع الراحة و العافية كثير من الناس يظن أنه يوم أن أصبح غنيا أو أصبح وجيها أو صاحب منصب فإنه
بذلك لا ينبغى أن يفكر فى الموت بحال من الأحوال ، مع أن الأمر عكس ذلك لأن الإنسان كلما أزداد نعيما فى الدنيا و ترفا كلما أشتاق أكثر للقاء الله لأنه يعلم يقينا أن ما عند الله خير وأبقى ، وكما قال أحد العلماء حينما كان فى ضيافة أحد الأمراء فوجد الأبهة والجمال فى قصر هذا الأمير فقال لهم :هذا إعجاب البشر من بشر ، فما ظنكم بإعجاب رب البشر الذى قال عز وجل كما فى الحديث
القدسى الذى رواه البخارى ومسلم:أعددت لعبادى الصالحين فى الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر
فالعلامة الثانيه هى حب الموت مع الراحة والعافية
سل نفسك أيها الأخ الحبيب ..يوسف عليه السلام حينما ألقى فى الجب هل تمنى الموت ؟؟؟ أبدا .....حينما تعرض لمحنة أمرأة العزيز
هل تمنى الموت ؟؟؟ أبدا ....حينما القى فى السجن هل تمنى الموت ؟؟؟ أبدا ......فمتى تمنى يوسف الموت ؟؟؟ تمنى يوسف الموت حينما كان على العرش و خر له أبوه وأخوته ساجدين له وهو على العرش قال فى تلك اللحظة { توفني مسلما وألحقني بالصالحين }
والنبى صلى الله عليه وسلم يوم أن دانت له الممالك وجاءت له الوفود تسلم لله عز وجل وجعله الله سببا فى إقامة دولة للإسلام فى المدينة المنورة لا تضاهيها دولة على وجه الأرض فى تلك اللحظة قال:بل الرفيق الأعلى بل الرفيق الأعلى ...
والعلامة الثالثة :أن يشغلك الشوق بالله عن كل شىء
اعمل وتزوج وانجب واجتهد واجمع المال وتنزه وخذ كل ما تستطيع من المباحات فى غير معصية الله لكن بشرط أن يكون الهدف الأول مرضاة الله هدفك الأول ان تعيش من أجل مرضاة الله فكأنك تقول أنا أتزوج من اجلك انجب من اجل ان يعبدك اولادى بأتعلم كى ادع إليك وأدع إليك كى اعبّد الناس لك يا رب تعيش لله لا يشغلك أى شىء فى الكون عن الله عز وجل وانت تمتثل قول الله { قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين }
فأول شىء يحدوك إلى ذلك هو شوق اللقاء لله لعلك تموت فى رمضان لعلك تموت قبل رمضان فإذا ما عزمت من الآن على أن تعم شهر رمضان بالطاعة و بلا ذنب سيعينك الله على ذلك وإن مت على ذلك فلك الأجر الجزيل ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:
" إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل أمرىء ما نوى" .....انو خير كما قال الإمام أحمد لإبنه عبد الله:قال يا بنر انو الخير فإنك لا تزال بخير ما نويت خيرا
وقال ابو سليمان الدورانى :"طوبى لرجل صحّت له خطوة يريد بها وجه الله" أجل ،فما عليك إلا أن تخلص النية لله
أما عن الخطوة الثانية التى خطاها النبى من أجل تحديد الهدف لكل مسلم ،ألا وهو دخول الجنة ..أن تفوز بالجنة كان النبى صلى الله عليه وسلم دوما وأبدا يشوق أصحابه إلى الجنة الحديث الذى رواه مسام الكل يعلمه....لما كان حنظله قد لقى أبا بكر فقال له :يا أبا بكر نافق حنظلة قال وما ذاك ،قال :نكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكلمنا عن الجنة والنار فكأنا رأى عين ...
كلمة "فكأنا رأى عين " توضح مسألة عظيمة ألا وهى أن النبى كان يكرر دائما تلك الموعظة أمام أصحابه حتى كأنهم يرون الجنة والنار
أمامهم ....هكذا كما قال الإمام ابن القيم : فإذا أراد الله بعبد خيرا فجر فى قلبه عينين عينا يرى بها الجنة وعينا يرى بها النار
بل كان النبى صلى الله عليه وسلم كما فى الحديث الذى رواه أبو داوود بسند صحيح لما لقيه واحد من أصحابه فقال يا رسول الله
ماذا تقول بأبى أنت وأمى ماذا تقول فى صلاتك فإنى لا أحسن دندنتك ولا دندنت معاذ بن جبل فقال له النبى ميسرا له :ماذا تقول أنت قال:أسأل الله الجنة وأستعيذ به من النار قال :حولها ندندن أنا ومعاذ بن جبل .....وكان النبى دائما و أبدا يربط العمل بالجنة
"من يحفظ بئر روما وله الجنة "...."من يجهز جيش العسرة وله الجنة "....من يفعل كذا وله الجنة ....ل{جمله غير واضحه{ حتى فى بيعة العقبة الثانية سألهم النبى كذا وكذا وطلب منهم أمورا عظيمة ...أخذ منهم كل شىء قالوا فما الثمن يا رسول الله؟؟؟...قال الجنة ، قالوا: رضينا ...ربح البيع ...لا نقيل و لا نستقيل.... هذه هى المسألة أن الأنسان يكون عنده دائماالشوق لجنة الرحمن عز وجل
ولذلك حتى فى طلب الجنة كان النبى يعلمهم علو الهمة فقد قال النبى فى الحديث الذى رواه الطبرانى فى الكبير بسند صحيح قال:إن الله يحب معالى الأمور ويكره سفسافها ........اطلب هدفا عاليا ..لا يصبح هدفك فى الحياة أن تتزوج أو أن تملك سيارة أو عمل ..
هذه وسائل وليست غايات أنا أتزوج كى أعف نفسى، كى اعبد الله أنا أنخب كى يعبد أولادى الله عز وجل ..انا أمل كى يكون عندى مال أتقرب به إلى الله ....كل هذه الأشياء وسائل وليست غايات .....فكل ما فى الدنيا من زهرة ومتاع زائل ،كل ذلك إنما وسيلة لتصل بها إلى مرضاة الله وإلى جنته .....يقول الحبيب المصطفى كما عند البخارى :"إن فى الجنة مائة درجة أعدها الله عز وجل
للمجاهدين فى سبيل الله ما بين الدرجتين مسيرة مائة عام ...فإذا سألتم الله الجنة فأسألوه الفردوس الأعلى فإنه أعلى الجنة ، وأوسط الجنة ، ومنه تفجّر أنهار الجنة ، وسقفه عرش الرحمان جل جلاله ".
انظر لمن حدد الهدف أمامه ...أعطر مثلين فقط فى هذه النقطة:
1-انظر مثلا لعمر بن عبد العزيز رضي الله عنه وأرضاه لما أمر رجاء بن حلوة أنيشترى له ثوبا وكان عمر بن عبد العزيز وقتها أميرا على المدينة المنورة ، فاشترى رجاء له ثوبا بخمسمائة درهم فقال ما رأيك قال ثوب جميل لولا أنه رخيص الثمن ..فلما أصبح عمر بن عبد العزيز أميرا على المؤمنين يحكم ربع الكرة الأرضية ستة وعشرين دولة فأرسل رجاء بن حلوة مرة أخرى ليشترى له ثوبا جديدا فإشترى له ثوبا بخمسة دراهم فقال له رجاء :ما رأيك يا أمير المؤمنين ؟؟؟؟ قال :ثوب جميل ، لولا أنة غالى الثمن فبكى رجاء وقال ما شأنك يا أمير المؤمنين؟؟؟ قال :أخبرك يا رجاء -وقد حدد هدفه ولا يريد إلا شيئا واحدا-يا رجاء إنى لى نفسا توّاقة -عنده همة عالية فى حب الخير ،وفى حب لقاء الله و حب جنة الله عز وجل -ما وصلت إلى شىء إلا تاقت للذى فوقه ،فقد تاقت نفسى فى بداية الأمرأن أتزوج من فاطمة بنت عبد الملك ،فلما تزوجتها تاقت نفسى أنأكون واليا على المدينة المنورة ،فلما أصبحت واليا على المدينة المنورة تاقت نفسى أن أكون أميرا على المؤمنين، فلما أصبحت أميرا على المؤمنين ،تاقت نفسى الآن إلى جنة رب العالمين ،فأنا الآن أعمل لها
انظر ما تمنى لقاء الله إلا بعد أن أصبح أميرا على المؤمنين .....هذه هى مسألة حب الوت مع الراحة والعافية ..تكون ملكا من الملوك وتتمنى لقاء الله .....يارب أنا مشتاق للقاء الله أحبك أريد أن أرى النعيم الذى عندك أريد أن ألقاك ، أن أنظر إلى وجهك
2-انظر للإمام ابن تيميه رحمه الله ...لما وشى به بعض العلماء إلى السلطان أو إلى الحاكم ...فجىء بالإمام ابن تيميه فقال له السلطان أو الحاكم:سمعت يا بن تيميه أنك تريد ملكى ..فتبسم الإمام بن تيميه -هدف محدد-وقال :ملكك؟ والله لا ملكك..ولا ملك آباءك وأجدادك..ولا ملك العرب والعجم يساوى عندى جناح بعوضة ...انى منذ عقلت رشدى اريد جنة عرضها السماوات والارض ...فأشار الملك للحرس ان يدخلوه الى السجن ..حينما نزل سور السجن فتبسم الامام وقال : { فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب } ..ثم نظر إلى الحارس وقال : ماذا يصنع بى أعدائى والله أنا جنتى وبستانى فى صدرى -قرآن وذكر وسنة ومحبة الله والشوق للقاء الله وحب النبى - أنّى سرت فهى معى ..أنا قتلى شهادة وإخراجى من بلدى سياحة وسجنى خلوة بينى وبين ربى فالمأسور من أسره هواه والمحجوب من حجب عن ربه .
فالأمر الثانى الذى دار حوله وضع الهدف الذى وضعه النبى لأصحابه وأمته هو حب دخول الجنة
أمّا الأمر الثالث الأ وهو : محبة صحبة النبى فى الجنة صلى الله عليه وسلم
عاش أصحاب النبى مع النبى صلى الله عليه وسلم رأول صدقه وأمانته وأخلاقه سمعوا تزكية الحق جل وعلا للنبى صلى الله عليه وسلم فالله هو الذى زكاه فى عقله فقال { ما ضل صاحبكم وما غوى } ، زكاه فى بصره فقال: { ما زاغ البصر وما طغى }
زكاه فى فؤاده فقال: { ما كذب الفؤاد ما رأى } ، زكاه فى صدره فقال : { ألم نشرح لك صدرك } ، زكاه فى علمه فقال:
{ علمه شديد القوى } ،زكاه فى حلمه فقال: { بالمؤمنين رؤوف رحيم }، زكاه كله فقال : { وإنك لعلى خلق عظيم } .
بل وضح الحق جل وعلا مكانة النبى صلى الله عليه وسلم فى الملأ الأعلى عند الرب العلىّ وعند الملائكة المقربين فقال جل وعلا: { إن الله وملائكته يصلون على النبي} ثم أمر الله أهل الأرض من المؤمنين الوحدين أن يصلوا ويسلموا على سيد الأولين والأخرين ليجتمع له الثناء من الأرض ومن السماء فقال : { يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما }
بل سمع الصحابة قول النبى صلى الله عليه وسلم كما فى الصحيحين حينما قال :"أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر ، وأنا أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة ولا فخر ، وأنا أول شافع وأول مشفع يوم القيامة ولا فخر "
رأوا صدقه وأمانته عاشروا النبى صلى الله عليه وسلم ، رأوا حلمه وأخلاقه و رحمته فاشتاقوا لصحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم
فى الجنة كما صحبوة فى الدنيا صلى الله عليه وسلم .
بل وكل مؤمن يشتاق لذلك والله ، اجل فهو الشوق لصحبة النبى فى الجنة
علم النبى صلى الله عليه وسلم أصحابه حتى من خلال قصص بنى اسرائيل ....ففى الحديث الذى رواه الحاكم أن أمرأة عجوز من بنى أسرائيل وأبدأالحديث من أوله :" أن النبى صلى الله عليه وسلم كان فى يوم من الأيام فى ضيافة رجل من الأعراب فقدم له الأعرابى الطعام والشراب و اللبن فلما شرب النبى وأكل قال للأعرابى ءأتنا غدا حتى نكافئك -و النبى لا يترك أحدا يعمل معه معروفا إلا ويكافئه صلى الله عليه وسلم -جاء الرجل فى اليوم الثانى ، دخل على النبى ،فقال النبى سل ما بدا لك يا أعرابىّ ،-لو طلب أن يكون مع النبلى فى الجنة لكان مع النبى فى الجنة أى شىء يطلبه فهو مجاب -فقال أريد ناقة أتبلغ عليها وأحتلب لبنها ، فغضب النبى و نظر لأصحابه وقال :هلاّ فعلتم مثلما فعلت عجوز بنى اسرائيل ؟؟ ، قالوا وما فعلت عجوز بنى اسرائيل ؟؟ قال النبى صلى الله عليه وسلم -واختصار القصة -:أن يوسف عليه السلام حينما كان فى مصر وحضرته الوفاة أخذ العهد على أخيه بنيامين أنه إذا خرج من مصر أن يحتفر الأرض وأن يأخذ جسد يوسف وأن يدفنه فى الأرض المقدسة ،فلما حضرت بنيامين الوفاة أخذ العهد على بنى اسرائيل أن يحتفروافى مكان الذى دفن فيه يوسف وأن يأخذوا جسده ويدفنوه فى الأرض المقدسة ،فلما جاء موسى عليه السلام وحدث المناظرة التى كانت بينه وبين فرعون وتبعه فرعون ةجنوده يريد أن يقتله ومن معه من المؤمنين وصل موسى إلى مكان فتاه هو ومن معه ، فسأل العلماء الذين كانوا معه : ما الذى حدث ؟ قالوا الذى حدث أن يوسف قد أخذ على بنيامين العهد و بنيامين أخذ على بنى اسرائيل
العهد ألا يخرجوا من أرض مصر حتى يأخذوا جسد يوسف و يدفنوه فى الأرض المقدسة ،قال موسى : ومن يعلم أين جسد يوسف
قالوا :عجوزبنى اسرائيل ،فقال موسى :وأين هى ؟؟ فدلوه عليها ، فجىء بها فقال لها موسى عليه السلام: ألا تدلينا على قبر يوسف عليه السلام ؟؟ قالت :أجل ولكنى لن أفعل ذلك حتى تعطينى حكمى ...فقال لها موسى عليه السلام : وما حكمك؟؟ قالت :أن أكون معك فى الجنة ..-رأيت علو الهمة فهى أمرأة عجوز من بنى اسرائيل تقول لن اخبرك حتى تخبرنى انى اكون منع فى الجنة -فأحس سيدنا موسى عليه السلام أحس أن هذا الأجر اكثر مما تستحق هذه المرأة أو أنه كما قال المفسرون لا يستطيع أن يحكم فى تلك المسألة وإنما الحكم فيها لله . فسكت موسى عليه السلام فأوحى الله إليه يا موسى أعطها حكمها .... فقال موسى : أنت معى فى الجنة فأشارت إلى القبر فاحتفروه فأخرجوا جسد يوسف.
الشاهد : أن النبى صلى الله عليه وسلم علمهم أن أمرأة من بنى اسرائيل كان عندها علو ّهمة فاشتاقت أن تكون مع موسى فى الجنة فمن باب أولى أن تشتاقوا انتم لأن تكونوا مع النبى فى الجنة صلى الله عليه وسلم
ولذلك تجد أن النبى حينما كان فى ليلة الهجرة ذهب إلى أبى بكر فلما ذهب إليه قال :إن الله قد اذن لى بالهجرة فقال له أبو بكر : الصحبة يا رسول الله الصحبة يا رسول الله ، قال صلى الله عليه وسلم : الصحبة يا أبا بكر .
بل انظر وتأمل معى أيضا كما قال النبى صلى الله عليه وسلم لمن أراد أن يهاجر إلى النبى صلى الله عليه وسلم والحديث رواه مسلم
قال صلى الله عليه وسلم :"عبادة فى الهرج كهجرةٍ إلىّ" بل وفى الحديث الذى رواه مسلم فى غزوة أحد لما اجتمع المشركون بعدما عصى الرماة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأراد المشركون قتل النبى محمد فقال النبى صلى الله عليه وسلم بعدما اجتمع له تسعة من الصحابة سبعة من الأنصار و اثنان من المهاجرين قال :" من للقوم وهو رفيقى فى الجنة "...فتقدم السبعة من الأنصار الواحد تلو الواحد فقتلوا جميعا من أجل الدفاع عن النبى صلى الله عليه وسلم
وفى غزوة الخندق لما قال النبى صلى الله عليه وسلم للصحابة : من يأتينى بخبر القوم وهو رفيقى فى الجنة ...فمن الذى جاءه بالخبر ؟؟
حذيفة بن اليمان رضي الله عنه وأرضاه ،،
بل قال النبى موضحا كيف تكون فى صحبة النبى ،اعطت الجميع الفرصة فقال النبى كما عند البخارى :"أنا وكافل اليتيم فى الجنة
هكذا" ...بل قال كما عند مسلم :"من عال جاريتين -بنتان رباهما-حتى تبلغا كنت أنا وهو فى الجنة هكذا "
بل قال كما عند الترمزى بإسنادٍ حسن :"إن من أحبكم إلىّ وأقربكم منى مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا "
وفى الصحيحين أن رجلا أعرابيا جاء إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال :يا رسول الله متى الساعة ،، قال : وماذا أعددت لها ، قال ما أعددت لها كثير صلاة ولا صيام غير أنّى أحب الله ورسوله ،فقال له النبى :أنت مع من أحببت . يقول أنس راوى الحديث :فوالله ما فرحناه بعد الإسلام بشىء مثل فرحنا بهذا الحديث ..لماذا قال :فأنا احب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحب أبا بكر وعمر
وأرجو أن أحشر معهم وإن لم أعمل بمثل أعمالهم .
ربيعة بن كعب بن مالك والحديث رواه مسلم -حددهدفه أنا لا أريد إلا صحبة النبى -وكان يقدم ماء الوضوء للنبى فقال النبى :سلنى شيئا يا ربيعة ، فقال: أسألك مرافقتك فى الجنة يا رسول الله ، قال :أوغير ذلك -هل تريد شيئا أخر- قال :هو ذاك يا رسول الله فقال :فأعنى على نفسك بكثرة السجود لله فإنك لا تسجد سجدة لله إلا رفعك الله بها درجة فى الجنة ..
و أخيرا ففى الحديث الذى رواه الطبرانى فى الصغير و الأوسط بإسناد حسن - وأسمى هذا الحديث بحديث المحب : أن رجلا جاء إلى النبى فقال له يا رسول الله :والله لأنت أحب إلىّ من نفسى وولدى ووالدىّ ومن الناس أجمعين وإنى لأكون فى البيت فأذكرك فما أصبر حتى آتى -كلمة غير واضحة -إليك فإذا ما تذكرت موتى وموتك يا رسول الله علمت يقينا أنك إذا مت يا رسول الله رفعت مع النبيين فى الجنة وأنا إذا مت ودخلت الجنة فإنى أخشى ألا أراك ،فسكت النبى و نزل قول الرب العلىّ : { ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ، ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما } وحسبك أن تسمع قول التابعيّ الجليل أبى مسلم الخولانى حينما قال :أيظن أصحاب محمدٍ صلى الله عليه وسلم أن يستأثروا به دوننا ؟كلا والله لنزاحمنّهم عليه على الحوض حتى يعلموا أنهم قد خلّفوا رجالا
فهل تطمح همتك أن تكون مثل أبى مسلم الخولانى فتقول لأصحب النبى :أيظن أصحاب محمدٍ صلى الله عليه وسلم أن يستأثروا به دوننا ؟كلا والله لنزاحمنّهم عليه على الحوض
فرمضان بلا ذنوب فمن الآن أيها الأخ الحبيب و أيتها الأخت المباركة ننوى من الآن على أن نعيش رمضان بلا ذنب ، أن نشتاق للقاء الله ، أن نشتاق لجنة الله ، أن نشتاق لصحبة رسول الله
ملخص المحاضرة
.................................................. .............................................
رمضان بلا ذنوب
اقترب شهر رمضان وعلينا الاستعداد له كما فعل الصحابة، فلقد كان أصحاب النبى محمد صلى الله عليه وسلم يسألون الله ستة أشهر أن يبلغهم شهر رمضان فاذا ما جاء الشهر فصاموه و قاموه على الوجه الذى اراده الله عز وجل توجهوا الى الحى القيوم ستة أشهر أخرى ان يتقبل منهم الصيام و القيام فى شهر رمضان الذى قاموا فيه بواجبهم تجاه ربهم جل وعلا
والنبى صلى الله عليه وسلم كان يأخذ دوما وأبدا بقلوب أصحابه وأمته إلى ثلاثة أشياء هى أجل الأشياء فى الكون كله :
أولا:حب لقاء الله أو الشوق للقاء الله و الفوز برضوانه
ثانيا:الفوز بجنته
ثالثا:صحبة النبى فى الجنة
ثلاثة أشياء دارت عليها الأهداف والطموحات التى سكبها النبى فى قلوب أصحابه بل وفى قلوب أمته من بعدهم ................
..................
أولا: الشوق للقاء الله
وعلامات الشوق لله عز وجل ثلاثة
أول علامة :فطام الجوارح عن الشهوات ...وهذا هة موضوعنا ..رمضان بلا ذنوب ..أنت مشتاق للقاء الله { من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت وهو السميع العليم } من يشتاق للقاء الله فالله يصبره بهذه الأية
أما العلامة الثانية:حب الموت مع الراحة و العافية كثير من الناس يظن أنه يوم أن أصبح غنيا أو أصبح وجيها أو صاحب منصب فإنه
بذلك لا ينبغى أن يفكر فى الموت بحال من الأحوال ، مع أن الأمر عكس ذلك لأن الإنسان كلما أزداد نعيما فى الدنيا و ترفا كلما أشتاق أكثر للقاء الله لأنه يعلم يقينا أن ما عند الله خير وأبقى ،
والعلامة الثالثة :أن يشغلك الشوق بالله عن كل شىء ،انت تمتثل قول الله { قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين } .
ثانى هدف : دخول الجنة ،..يقول الحبيب المصطفى كما عند البخارى :"إن فى الجنة مائة درجة أعدها الله عز وجل
للمجاهدين فى سبيل الله ما بين الدرجتين مسيرة مائة عام ...فإذا سألتم الله الجنة فأسألوه الفردوس الأعلى فإنه أعلى الجنة ، وأوسط الجنة ، ومنه تفجّر أنهار الجنة ، وسقفه عرش الرحمان جل جلاله ".
المثال الأول :عمر بن عبد العزيز
المثال الثانى:الامام ابن تيميه
أمّا الهدف الثالث: محبة صحبة النبى فى الجنة صلى الله عليه وسلم وعلمهم النبى صلى الله عليه وسلم ذلك وسلم حتى من خلال قصص بنى اسرائيل
و أخيرا كيف تكون مع النبى فى الجنة:فمنها
قال النبى كما عند البخارى :"أنا وكافل اليتيم فى الجنة
هكذا" ...بل قال كما عند مسلم :"من عال جاريتين -بنتان رباهما-حتى تبلغا كنت أنا وهو فى الجنة هكذا "
بل قال كما عند الترمزى بإسنادٍ حسن :"إن من أحبكم إلىّ وأقربكم منى مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا "
تعليق