إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

آداب دخول الخلاء والخروج منه للشيخ محمد المقدم // مفهرس

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • آداب دخول الخلاء والخروج منه للشيخ محمد المقدم // مفهرس

    آداب دخول الخلاء والخروج منه للشيخ محمد المقدم
    من سنن دخول الخلاء: التسمية والتعوذ عند إرادة الدخول إلى الخلاء، وتقديم الرجل اليسرى، والاستغفار بعد الخروج من الخلاء. ومن آداب التخلي الاعتماد على الرجل اليسرى حال الجلوس لقضاء الحاجة. ويكره الذكر وقراءة القرآن حال قضاء الحاجة، وفي مكان قضاء الحاجة.

    آداب دخول الخلاء والخروج منه
    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. أما بعد: فالشرع الشريف شرع آداباً عند دخول الخلاء، يقول الإمام ابن النحاس رحمه الله: ذكر علماؤنا رحمة الله تعالى عليهم آداب التصرف في ذلك كله، وهي تزيد على سبعين خصلة، يحتاج من قام إلى قضاء حاجته أن يتأدب بها، وكلها مرتبطة بالاتباع، قال الله عز وجل: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ [آل عمران:31]. وهنا من مظاهر عظمة الإسلام، فالإسلام نظم كل حياة المسلم حتى أخص خصائصه وأدق الأمور في حياته نظمها له، ولله عز وجل حدود في كل شيء ينبغي أن يراعيها العبد وآداب ينبغي له أن يتمسك بها. ونذكر بعض آداب التخلي مجملة، ثم نفصل ما أجملناه منها: أن ينوي أداء واجب استفراغ ما في المحل مما يخرج، وكذلك إزالة الاحتقان؛ امتثالاً لهدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم حيث يقول: (لا يصلين أحدكم وهو يدافع الأخبثين) وهذا نهي، فينوي أن يجتنب الأمر الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم. وأيضاً قال صلى الله عليه وسلم: (وما نهيتكم عنه فاجتنبوه) فينوي من قضاء الحاجة أنه يفعل ذلك حتى لا يصلي وهو يدافع الأخبثين؛ امتثالاً لما شرعه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ثم يضم إلى ذلك نية امتثال السنن والآداب المشروعة في هذا الموقف. ومن هذه الآداب أن يستتر عن الناس؛ لأنه ليس في كل الأحوال يتيسر بيت الخلاء في الصحراء مثلاً أو غيرها. فإذا وجد الإنسان حائطاً أو كثيباً أو شجرة أو بعيراً استتر به، وإن لم يجد شيئاً أبعد حتى لا يراه أحد. ويستحب له أن يستعد لذلك قبل الدخول، وذلك بأن يهيئ ما يستنجي به من الماء أو الأحجار قبل جلوسه. وإذا دخل محل قضاء الحاجة قدم رجله اليسرى في الدخول وأخر اليمنى، وإذا خرج قدم اليمين وأخر الشمال. أيضاً لا يجوز أن يستقبل القبلة ولا أن يستدبرها في الفضاء عند قضاء الحاجة، وأما إذا كان بينه وبين القبلة بنيان أو شيء يستره فلا بأس . وقد تقدم أنه يجوز الاستنجاء بالحجر وبكل ما يقوم مقامه من كل جامد طاهر مزيل لعين النجاسة، وليس له حرمة ولا هو متصل بحيوان، ولا يجوز الاستنجاء بروث ولا عظم ولا طعام. ويستجمر وتراً ولا يقل عن ثلاثة أحجار أو ما يقوم مقامها. وذكرنا أنه يشترط في الاستنجاء شرطين: الأول: الإنقاء. الثاني: العدد والإيتار بثلاثة أحجار. وإذا أراد أن يستنجي فليغسل يده اليسرى قبل أن يباشر النجاسة؛ لئلا تعلق بها الرائحة. ويبدأ الرجل في الاستنجاء بالقبل والمرأة مخيرة في ذلك. وإذا استنجى بالماء ثم فرغ استحب له أن يدلك يده بالتراب، وهذا من باب النظافة. ويستحب أن ينضح الماء على فرجه وسراويله ليزيل الوسواس عنه. ومن الآداب: ألا يطيل القعود أكثر من قدر الحاجة بل يسارع في الخروج من ذلك المحل. يقول الإمام أبو عبد الله القرشي رحمه الله تعالى: إذا أراد الله بعبد خيراً يسر عليه الطهارة. وقال العلماء: من فقه الرجل قلة ولوعه بالماء. ومن مفاتيح دراسة شخصية الإنسان أن يسأل عن سلوكه في هذا الباب؛ لأن الإنسان إذا ابتلي بالوسوسة فهذا شيء خطير جداً؛ لأنه إذا تمادى في هذا الأمر فقد يصل إلى أمور تشقيه وتكدر عليه حياته، فينبغي للإنسان أن يكون حذراً. ونشرع الآن في ذكر أهم آداب التخلي بالتفصيل.......

    الأدب العاشر: كراهة البول في الحجر والثقب ومكان الاستحمام
    ومن الآداب: أنه يكره أن يبول المرء في شق أو ثقب، والثَقب بالفتح أفصح من أن تقول: ثُقب بالضم. عن عبد الله بن سرجس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: (نهى أن يبال في الجحر أو نهى عن البول في الجحر) رواه أبو داود ، وصححه الإمام النووي رحمه الله، وضعفه الألباني . ووجه النهي أنه لا يأمن أن يكون في الجحر حيوان يلسعه ويؤذيه، أو أن يكون مسكناً للجن فيتأذى بهم، فقد حكي أن سعد بن عبادة بال في جحر بالشام، ثم استلقى ميتاً، فسُمِعَت الجن تقول: نحن قتلنا سيد الخزرج سعد بن عبادة ورميناه بسهمين فلم نخطئ فؤاده وهذا لا يصح؛ لأن المعروف أن سعد بن عبادة رضي الله تعالى عنه وجد ميتاً في مستحمه وقد اخضر جسده رضي الله عنه، ولم يصح أنه مات بهذه الحادثة. أيضاً: لا يبول في مستحمه كما ذكرنا فإن عامة الوسواس منه؛ وذلك لحديث عبد الله بن مغفل رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يبولن أحدكم في مستحمه) أي: لا يبول في الموضع الذي يستحم فيه.



    الأدب الحادي عشر: حرمة البول على القبر
    أيضاً من الآداب: ألا يبول على القبر، وهذا حرام أو مكروه؛ لحديث عقبة بن عامر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ولا أبالي أوسط القبور قضيت حاجتي أو وسط السوق!!) يعني: كلاهما سواء في عدم الجواز أو هما في القبح سواء، فمن أتى بأحدهما فهو لا يبالي بأيهما بدأ.



    الأدب الثامن: الاستتار والابتعاد عن الناس حال قضاء الحاجة
    من الآداب التي ذكرها العلماء: أن يستتر عن الناس، فإن وجد حائطاً أو كثيباً أو شجرة أو بعيراً استتر به، وإن لم يجد شيئاً أبعد حتى لا يراه أحد. والدليل على ذلك حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: (كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فقال: يا مغيرة ! خذ الإداوة فأخذتها، فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى توارى عني فقضى حاجته) رواه البخاري و مسلم. وعن جابر رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد البراز انطلق حتى لا يراه أحد) وهذا الحديث فيه ضعف يسير. يقول الإمام النووي رحمه الله تعالى: وهذان الأدبان متفق على استحبابهما، وجاء فيهما أحاديث كثيرة جمعتها في جامع السنة. قال الرافعي وغيره: ويحصل هذا التستر بأن يكون في بناء مسقف أو محوط يمكن سقفه أو يجلس قريباً من جدار وشبهه، وليكن الساتر قريباً من آخرة الرحل، وليكن بينه وبينه ثلاثة أذرع فأقل، ولو أناخ راحلته وتستر بها أو جلس في وهدة أو نهر أو أرخى ذيله حصل هذا الغرض، والله أعلم. يعني: لأن المقصود ستر العورة. وعن عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما قال: (كان أحب ما استتر به النبي صلى الله عليه وسلم هدف أو حائش نخل) يعني: حائط نخل. رواه مسلم في صحيحه.



    الأدب التاسع: عدم قضاء الحاجة في طريق الناس وظلهم وغيرهما
    هناك أماكن معينة يجتنبها الإنسان عند قضاء الحاجة، يقول الإمام ابن قدامة رحمه الله تعالى: ولا يجوز أن يبول في طريق الناس ولا مورد ماء ولا ظل ينتفع به الناس؛ لما روى معاذ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اتقوا الملاعن الثلاث: البراز في الموارد، وقارعة الطريق، والظل) رواه أبو داود و ابن ماجة و البيهقي بإسناد جيد. قوله: (البراز) بالفتح أو الكسر. قوله: (في الموارد) أي: موارد المياه؛ وبعض العلماء قالوا: المورد: هو الطريق. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اتقوا اللاعنين -وفي بعض الروايات: اتقوا اللعانين- قالوا: وما اللعانان -أو وما اللاعنان- يا رسول الله؟! قال: الذي يتخلى في طريق الناس أو في ظلهم) أخرجه مسلم . ومن الآداب: ألا يبول تحت شجرة مثمرة؛ لئلا تسقط الثمرة عليه فتتنجس، أما في حال عدم وجود الثمرة فلا بأس، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان أحب ما استتر به لحاجته هدف أو حائش نخل. ولا يبول في الماء الدائم، قليلاً كان الماء أو كثيراً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم: (نهى عن البول في الماء الراكد) متفق عليه، ولأن الماء إذا كان قليلاً تنجس به، وإن كان كثيراً فربما تغير بتكرار البول فيه، وأما الجاري فلا يجوز التغوط فيه؛ لأنه يؤذي من يمر به، وإن بال فيه فلا بأس؛ لأنه كثير لا يؤثر فيه البول؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم خصص النهي عن البول بالماء الراكد، فدل على أن الجاري بخلافه، والأولى اجتنابه. أيضاً: لا يبول على ما نهي عن الاستجمار به كالعظم وسائر المطعومات، فقد نهينا عن الاستجمار بها، فمن باب أولى لا يجوز أن يبول عليها؛ لأن هذا أبلغ من الاستجمار بها، العظام لا يستجمر بها؛لأنها زاد إخواننا من الجن، فمن باب أولى لا يبول عليها. وقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (اتقوا الملاعن الثلاث) الملاعن: هي مواضع وأماكن اللعن، وهي جمع ملعنة، مثل مقبرة ومجزرة، فالمقبرة موضع القبر، والمجزرة موضع الجزر، وكذلك الملعنة موضع اللعن. وفي رواية أخرى: (اتقوا اللعانين) والمقصود بهما صاحبا اللعن، يعني: اللذين يلعنهما الناس كثيراً. وفي رواية أبي داود : (اللاعنان) أي: الأمران الجالبان للعن؛ لأن من فعلهما لعنه الناس في العادة، فلما صارا سبباً للعن أضيف الفعل إليهما. قال الخطابي : وقد يكون اللاعن بمعنى الملعون، فالتقدير: العنوا الملعون فاعلهما. قال الخطابي: وغيره الموارد هي طرق الماء، واحدها مورد. قال: والمراد بالظل مستظل الناس الذي اتخذوه مقيلاً ومناخاً ينزلونه أو يقعدون تحته، وليس كل ظل يمنع قضاء الحاجة تحته؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد قضى حاجته تحت حائش النخل كما ثبت ذلك في صحيح مسلم ، وللحائش ظل بلا شك. قوله: (البراز) قال الخطابي : وهو هنا بفتح الباء البراز، وهو الفضاء الواسع من الأرض، كنوا به عن قضاء الحاجة كما كنوا عنه بالخلاء، وأهل الحديث يروونه البراز بكسر الباء، قال الخطابي : وهو غلط. ثم ذكر أن البراز بالكسر الغائط نفسه لا الفضاء. وأما قارعة الطريق فهي أعلى الطريق، وقيل: صدر الطريق أو ما برز منه ، والطريق تؤنث وتذكر تقول: هذا طريق أو هذه طريق. إذاً: اتقاء الملاعن الثلاث متفق عليه، وقضاء الحاجة في هذه الملاعن مكروه كراهة تنزيه لا تحريم كما قال بعض العلماء، لكن صحح الإمام النووي أنه ينبغي أن يكون محرماً؛ لهذه الأحاديث، ولما فيه من إيذاء المسلمين، وفي كلام الخطابي وغيره إشارة إلى تحريمه.



    الأدب السابع: كراهة الكلام حال قضاء الحاجة
    يقول ابن قدامة رحمه الله: ولا يتكلم لما روى أبو سعيد رضي الله عنه حيث قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يخرج الرجلان يضربان الغائط كاشفين عن عورتيهما يتحدثان؛ فإن الله يمقت على ذلك) رواه الإمام أحمد و أبو داود و ابن ماجة وغيرهم، وحسنه النووي وصححه الحاكم وضعفه الألباني في تمام المنة. قوله: (لا يخرج الرجلان يضربان) أي: يأتيان، تقول: ضربت الأرض إذا أتيت الخلاء، وتقول: ضربت في الأرض إذا سافرت، كقوله تعالى: وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ [النساء:101]. علق الإمام النووي رحمه الله تعالى على ما ذكره الشيرازي في كراهة الكلام عند قضاء الحاجة فقال: هذا الذي ذكره المصنف من كراهة الكلام عند قضاء الحاجة متفق عليه. قال أصحابنا: ويستوي في الكراهة جميع أنواع الكلام، ويستثنى مواضع الضرورة، بأن رأى ضريراً قد يقع في بئر، أو رأى حية أو غيرها تقصد إنساناً أو غيره من المحترمات، فلا كراهة في الكلام في هذه المواضع، بل يجب في أكثرها، فإن قيل: لا دلالة في الحديث المذكور على ما ادعاه المصنف؛ لأن الذم لمن جمع الأوصاف المذكورة في الحديث كلها، قلنا: ما كان بعض موجبات المقت فلا شك في كراهته. والمراد حديث أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا يخرج الرجلان يضربان الغائط) يعني: يأتيان الغائط: (كاشفين عن عورتيهما يتحدثان؛ فإن الله يمقت على ذلك) فبعض الناس بناء على صحة الحديث يقول: إن المقت من الله إنما هو على كشف العورة والكلام لا على الكلام فقط، فلا ينطبق الحديث إلا على من جمع بين هاتين الخصلتين: كشف العورة، والتحدث، فالجواب: ما كان بعض موجبات المقت فلا شك في كراهته.



    الأدب الثالث: كراهة استقبال الشمس والقمر عند قضاء الحاجة
    ذكر العلماء في أحكام التخلي ومنهم الإمام ابن قدامة : أنه يكره للمرء أن يستقبل الشمس والقمر بفرجه؛ لما فيهما من نور الله تعالى، فإن استتر عنهما بشيء فلا بأس؛ لأنه لو استتر عن القبلة جاز فهاهنا أولى، ويكره أن يستقبل الريح؛ لئلا ترد عليه رُشاش البول فينجسه. قوله: ويكره أن يستقبل الشمس والقمر بفرجه لما فيهما من نور الله تعالى، أخذوا هذا الحكم من حديث ضعيف، والكلام في استقبال القبلة لا ينبغي ربطه بمسألة استقبال الشمس والقمر، فلا يقال: لا يستقبل الشمس والقمر ولا يستدبر القبلة ولا يستقبلها؛ لأن هذا قد يكون فيه مشقة، ومما يوضح أن هذا الحكم غير صحيح معرفة الفرق بين استقبال القبلة وبين استقبال الشمس والقمر: الفرق الأول: أن دليل النهي عن استقبال القبلة عند التخلي صحيح مشهور، ودليل استقبال الشمس والقمر ضعيف بل باطل، ثم هذا النور مخلوق؛ لأنه انعكاس لضوء الشمس على سطح القمر. والحكم بالاستحباب أو الكراهة يحتاج إلى دليل، ولا دليل في هذه المسألة. الفرق الثاني: أنه يفرق في القبلة بين الصحراء والبنيان كما يأتي إن شاء الله، لكن لا فرق هنا. الفرق الثالث : النهي في استقبال القبلة واستدبارها للتحريم، وهنا يقولون: إنه للتنزيه إذا صح الحديث، وهو لم يصح. الفرق الرابع: أنه في القبلة يستوي الاستقبال والاستدبار، وهنا لا بأس بالاستدبار، وإنما كرهوا أن يستقبل الشمس والقمر.



    الأدب الرابع: استحباب الاعتماد على الرجل اليسرى حال الجلوس لقضاء الحاجة
    يقول الإمام ابن قدامة رحمه الله تعالى: يعتمد في حال جلوسه على رجله اليسرى؛ لما روى سراقة بن مالك قال: (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتوكأ على اليسرى وأن ننصب اليمنى) رواه الطبراني في المعجم. وهذا الحديث لم يصح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.



    الأدب الخامس: استحباب تغطية الرأس ولبس الحذاء حال قضاء الحاجة
    يقول ابن قدامة : ويستحب أن يغطي رأسه، ويروى ذلك عن أبي بكر الصديق رضي الله تبارك وتعالى عنه، ولأنه حال كشف العورة. قال: ويلبس حذاءه؛ لئلا تتنجس رجلاه.



    الأدب السادس: كراهة الذكر والقراءة حال قضاء الحاجة
    يقول ابن قدامة: ولا يذكر الله تعالى على حاجته إلا بقلبه. فإذا سمع المؤذن يؤذن فلا يردد الأذان بلسانه لكن بقلبه، وكره ذلك ابن عباس و عطاء و عكرمة. وقال ابن سيرين و النخعي : لا بأس به؛ لأن الله تعالى ذكره محمود على كل حال. وروى المهاجر بن قنفذ رضي الله عنه قال: (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول فسلمت عليه، فلم يرد علي حتى توضأ، ثم اعتذر إلي فقال: إني كرهت أن أذكر الله تعالى إلا على طهر، أو قال: على طهارة) رواه أحمد و أبو داود و النسائي و ابن ماجة وغيرهم بأسانيد صحيحة. وفي رواية البيهقي : (فسلمت عليه وهو يتوضأ فلم يرد علي) والكراهة المذكورة في هذا الحديث بمعنى ترك الأولى، لا كراهة التنزيه. يقول ابن المنذر : وترك الذكر أحب إلي ولا أؤثم من ذكر، يعني: لا يحرم الذكر في هذه الحالة باللسان، لكنه مكروه كراهة تنزيه. يقول الإمام ابن قدامة رحمه الله: ولنا على هذه الكراهة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يرد السلام في هذه الحال، فذكر الله أولى من السلام ألا يفعل، فإذا عطس حمد الله بقلبه ولم يتكلم. وقال ابن عقيل : توجد رواية أخرى عن الإمام أحمد أنه يحمد الله بلسانه إذا عطس. والأول أولى للحديث الآنف الذكر أنه عليه الصلاة والسلام لم يرد السلام، مع أن رد السلام واجب، ففي هذه الحالة يمنع رد السلام مع وجوبه فكيف بما هو دونه مما ليس بواجب؟! وأيضاً لا يسلِّم الإنسان حال قضاء الحاجة ولا يرد على مسلِّم؛ لما روى ابن عمر : (أن رجلاً مر على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول فسلم فلم يرد عليه السلام) قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح. وفي رواية البيهقي : (فسلمت عليه وهو يتوضأ). وقد ذكر الألباني في إرواء الغليل حديث ابن عمر : (مر رجل بالنبي صلى الله عليه وسلم فسلم عليه وهو يبول فلم يرد عليه) فقال: أخرجه مسلم وغيره، وجاء في بعض الروايات: (فلم يرد عليه حتى توضأ، ثم اعتذر إليه فقال: إني كرهت أن أذكر الله عز وجل إلا على طهر، أو قال: على طهارة). ثم قال الألباني في إرواء الغليل: هذه الزيادة فيها فائدتان: الأولى: أن ترك الرد لم يكن من أجل أنه كان على البول فقط كما ظن الترمذي حيث قال: وإنما يكره هذا عندنا إذا كان على الغائط والبول، كما فسر بعض أهل العلم ذلك. ثم يقول: فهذه الزيادة تدل على أن الترك إنما كان من أجل أنه لم يكن على وضوء، فلازم هذا أنه لو سلم عليه بعد الفراغ من حاجته لم يرد عليه حتى يتوضأ، ويؤيده حديث أبي الجهم : (أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من نحو بئر جمل فلقيه رجل فسلم عليه فلم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أقبل على الجدار فمسح وجهه ويديه ثم رد عليه السلام) متفق عليه. ويفيد هذا الحديث استحباب ذكر الله على طهارة، وصحيح أنه صلى الله عليه وسلم كان يذكر الله على كل أحواله، لكن يستحب ألا تذكر الله عز وجل إلا على طهارة، فهذا من آداب الذكر المستحبة، والدليل أنه عليه الصلاة والسلام لم يكن متوضئاً حين سُلم عليه ولم يستطع أن يتوضأ في هذه الحال؛ فعمد إلى الجدار وتيمم حتى يرد عليه السلام، وهذه إشارة واضحة إلى استحباب أن يكون الإنسان متطهراً إذا أراد أن يذكر الله تبارك وتعالى، وأولى ثم أولى ثم أولى إذا أراد أن يمس أو يقرأ القرآن. يقول الألباني : الفائدة الثانية من هذه الزيادة: كراهية قراءة القرآن من المحدث لاسيما المحدث حدثاً أكبر، فإنه كره صلى الله عليه وسلم أن يرد السلام من الحدث الأصغر فبالأحرى أنه يكره قراءة القرآن منه فضلاً عن الجنب.



    الأدب الثاني: الاستغفار عند الخروج من الخلاء
    صح عند الخروج أن تقول: (غفرانك) ، وهذا الذي صح في هذا الباب فقط، وما عدا ذلك فلم يصح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم. قوله: (غفرانك) غفران مصدر، ونصب بمضمر تقديره: أسأل غفرانك. قيل: وجه طلب الغفران في هذا المحل أنه استغفار عن الحالة التي اقتضت عدم ذكر الله مدة لبثه في الخلاء، فهو نظر إلى أن ذلك تقصير في حق الله، وإنما حال دون ذلك هذه الحالة التي لا يليق فيها ذكر الله عز وجل باللسان، فلأجل ذلك استغفر لتوقف لسانه عن ذكر الله في هذه المدة، فقد كان صلى الله عليه وسلم لا يترك ذكر الله بلسانه إلا عند قضاء الحاجة، فكأنه عليه الصلاة والسلام رأى ذلك تقصيراً فتداركه بالاستغفار. وقيل: وجه طلب الغفران أنه وجد القوة البشرية قاصرة عن الوفاء بشكر النعم التي أنعم الله بها عليه، وكأنه استحضر نعمة الله جل وعلا عليه في الطعام والشراب، وتسويغ هذا الطعام والشراب، وهضمه وامتصاصه، وغير ذلك من النعم الجليلة المتعلقة بالطعام إلى أوان تسهيل مخرجه، ولو شاء الله عز وجل لحبسه عنه فتضرر بذلك ضرراً عظيماً، وربما هلك، فعلم أن شكره قاصر عن بلوغ حق تلك النعم الجليلة والعطايا الجزيلة والمعافاة الجميلة، ففزع إلى الاستغفار من تقصيره في شكر هذه النعم.



    الأدب الأول: التسمية والتعوذ عند دخول الخلاء
    يقول عند دخوله: باسم الله، أعوذ بالله من الخبُث والخبائث، وقد جاء في بعض الروايات الجمع بين البسملة والاستعاذة بهذه الصيغة، وقيل: لا يصح الجمع بين البسملة والتعوذ في رواية واحدة، وأصح ما يستدل به على سنية التسمية في هذا الموضع هو حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ستر ما بين أعين الجن وعورات بني آدم إذا دخل أحدهم الخلاء أن يقول: باسم الله). ومعنى ذلك: أن كلمة (باسم الله) تكون حجاباً بين الجن وبين ابن آدم في هذه الحال، بحيث لا يرون عورة الإنسان، مع أن من شأن الجن كما قال عز وجل: إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ [الأعراف:27]، فهم يروننا ونحن لا نراهم إلا إذا قال المسلم: باسم الله، فإنه يحال بين الجن وبين رؤية الإنسان، وهذا فيه تقوية الحياء في نفس المسلم في هذا الموضع حتى عن أعين الجن. وفي رواية أخرى: (ستر ما بين أعين الجن وعورات بني آدم إذا وضع أحدهم ثوبه أن يقول: باسم الله). وقوله: (إذا وضع أحدهم ثوبه) أعم من حال التخلي. قال بعض العلماء: في هذا الموضع تقدم البسملة على التعوذ، خلافاً للقاعدة المعروفة في الصلاة وفي القراءة حيث يقدم التعوذ على البسملة، فالتعوذ في قراءة القرآن إنما هو لأجل القراءة، فتقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم؛ لأن البسملة من القرآن، فقدم التعوذ عليها، بخلاف تقدم البسملة على التعوذ هنا، فيقول أولاًً: باسم الله، ثم يقول: اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث. قوله: (اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث) الخبُث: بضم الباء جمع الخبيث، والخبائث جمع الخبيثة، وكأنه عليه الصلاة والسلام أراد بذلك ذكور الشياطين وإناثهم. وقد صرح جماعة من أئمة الحديث أنه بإسكان الباء في كلمة (الخبْث) منهم: أبو عبيد القاسم بن سلام ، واختلف الذين رووا سكون الباء في كلمة الخبث في معناه، فقيل: الخبث: الشر، وقيل: الكفر، وقيل: الشيطان، أما الخبائث فقالوا: هي المعاصي؛ لأنها جمع معصية. والمعروف عند غيرهم من العلماء أنه بضم الباء في كلمة الخبُث، والمعنى ذكران الشياطين وإناثهم. وقال ابن الأعرابي : الخبث في كلام العرب المكروه، فإن كان من الكلام فهو الشتم، وإن كان من الملل فهو الكفر، وإن كان من الطعام فهو الحرام، وإن كان من الشراب فهو الضار.



    الأسئلة
    ......

    حكم التعامل مع البنوك التي أعلنت إسلاميتها
    السؤال: البنوك التي تعلن إسلاميتها في التعامل مثل بنك فيصل هل يحل التعامل معها شرعاً؟ الجواب: إن كان البنك لا يزال يتعامل بالربا، وإن ادعى أنه إسلامي، فيجب أن يتجنب الإنسان التعامل معه إلا عند الضرورة، والضرورة أن يكون عنده مال لا يجد موضعاً أميناً لهذا المال سوى البنك، فيضعه بدون ما يسمى بالفائدة، وهي في الحقيقة عين الخسارة في الدين.





  • #2
    رد: آداب دخول الخلاء والخروج منه للشيخ محمد المقدم

    آداب التخلي [3]
    اختلف العلماء في بعض المسائل المتعلقة بقضاء الحاجة، ودخول الخلاء والخروج منه، ومن هذه المسائل: حكم البول قائماً، وكذلك استقبال القبلة واستدبارها حال قضاء الحاجة في الفضاء والبنيان، ومعرفة أدلة المختلفين في هذه المسائل وجمعها من أسباب معرفة الصواب فيها.
    حكم البول قائماً
    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. أما بعد: فمن آداب التخلي ألا يبول الإنسان قائماً، بل يبول قاعداً؛ لئلا يترشش البول عليه، وصح عنابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: من الجفاء أن تبول وأنت قائم. وكان سعد بن إبراهيم لا يجيز شهادة من بال قائماً. وقالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: (من حدثكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبول قائماً فلا تصدقوه، ما كان يبول إلا قاعداً) قال الإمام الترمذي رحمه الله: وهذا أصح شيء في الباب. وقد رويت الرخصة في البول قائماً عن عمر و علي و ابن عمر و زيد بن ثابت و سهل بن سعد و أنس و أبي هريرة و عروة رضي الله عنهم أجمعين. ودليلهم هو ما رواه حذيفة رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى سباطة قوم فبال قائماً) والسباطة هي المكان الذي تلقى فيه الفضلات من التراب والكناسة. فهذا هو الحديث الذي يستدل به من رخص في البول قائماً؛ فلذلك نحن قلنا: يستحب أن يبول الإنسان قاعداً، ومعنى ذلك أنه لا يأثم من بال قائماً، وسبب قول ابن مسعود : هذا من الجفاء، أنه لم يعرف أن النبي صلى الله عليه وسلم بال قائماً، وكذلك قول عائشة رضي الله عنها: (من حدثكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبول قائماً فلا تصدقوه، ما كان يبول إلا قاعداً) لا شك أنها أخبرت عن علمها، لكن من علم حجة على من لا يعلم، فقد صح عن بعض الصحابة أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يبول قائماً مرة أو مرتين، وهذا لا ينافي حديث عائشة، فهي أخبرت عما تعلمه. ونقول: كان غالب حال النبي صلى الله عليه وآله وسلم البول قاعداً، أما ما ثبت من تبوله عليه الصلاة والسلام قائماً فيأتي الجواب عنه إن شاء الله تعالى. فأول دليل على الرخصة في جواز البول قائماً حديث حذيفة رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى سباطة قوم فبال قائماً) رواه البخاري وغيره، ولعل النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك ليبين الجواز، ولم يفعله إلا مرة واحدة، وبعض العلماء قال: إن ذلك كان لعلة بمأبضيه، وبعضهم قال: لأنه لم يكن هناك مكان يتمكن من الجلوس فيه. وقد تأتي أغلب الأدلة في مسألة من المسائل بالمنع، ثم يثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه فعل هذا الشيء الذي نهانا عنه، فيحمل العلماء هذا على أنه فعله ليبين الجواز، وليبين أن النهي ليس للتحريم، وإنما هو نهي كراهة تنزيهية مثل الشرب قائماً، وكذلك الشرب من فم القربة أي: السقاء، يقول بعض العلماء: وقد يفعل للمكروه مبيناً أنه للتنزيه فيكون في حقه من القرب كالشرب من فم القرب ومعنى البيتين: أن الرسول عليه الصلاة والسلام قد يفعل الشيء المكروه مبيناً أنه للتنزيه؛ لأن المكروه قد يطلق على الحرام، كما قال عز وجل بعدما ذكر قتل النفس والزنا وأكل مال اليتيم: ]كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا ][الإسراء:38] فهناك كراهة تحريم وكراهة تنزيه، فإذا نهى عليه الصلاة والسلام أمته عن فعل معين ثم فعله فهو يريد بذلك التوسعة عليهم، وليبين أن هذا النهي ليس للتحريم وإنما هو للتنزيه. فقد يسأل سائل ويقول: إن الله عز وجل لا يختار لنبيه صلى الله عليه وسلم إلا ما هو أفضل، فإذا كان النهي عن هذا الشيء أفضل فكيف يفعل النبي عليه الصلاة والسلام المفضول الذي نهى عنه؟ فالجواب: أن هذا يكون في حقه عليه الصلاة والسلام قربة فاضلة وليست مفضولة؛ لأنها في مقام التشريع والتوسيع على أمته ورفع الحرج عنها، فكما نهى عن الشرب من في السقاء وفعل ذلك مرة؛ ليدل على أن الكراهة تنزيهية، وكذلك كان أغلب أحواله عليه الصلاة والسلام أنه لا يبول قائماً، وفعل ذلك مرة؛ حتى يرفع الحرج عن الأمة، ويبين أن البول حال الجلوس هو على الاستحباب وليس على الوجوب. يقول ابن قدامة : ولعل النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك لتبيين الجواز، ولم يفعله إلا مرة واحدة، ويحتمل أنه كان في موضع لا يتمكن من الجلوس فيه، وقيل: فعل ذلك لعلة كانت بمأبضيه، والمأبض: هو باطن الركبة من كل حيوان. ويقول الإمام النووي رحمه الله تعالى في المجموع: روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: (ما بلت قائماً منذ أسلمت) رواه الترمذي في كتابه تعليقاً لا مسنداً. وروى ابن ماجة والبيهقي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: (أتى رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبول قائماً فقال: يا عمر ! لا تبل قائماً، فما بلت بعد قائماً) لكن إسناده ضعيف. وروي عن جابر رضي الله عنه قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبول الرجل قائماً) رواه ابن ماجة و البيهقي وضعفه البيهقي وغيره. وهذه أحاديث ضعيفة يغني عنها حديث عائشة رضي الله عنها قالت: (من حدثكم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبول قائماً فلا تصدقوه، ما كان يبول إلا قاعداً) رواه أحمد و الترمذي و النسائي و ابن ماجة و البيهقي وغيرهم، يقول النووي : وإسناده جيد وهو حديث حسن. وأما الحديث الآخر: (أن النبي صلى الله صلى الله عليه وآله وسلم أتى سباطة قوم فبال قائماً) فهذا حديث صحيح رواه البخاري و مسلم من رواية حذيفة بن اليمان رضي الله عنه. قوله: (لعلة بمأبضيه) هذه الزيادة رواها البيهقي من رواية أبي هريرة رضي الله عنه، لكن قال البيهقي : لا تثبت هذه الزيادة. ......
    البول حال القيام بين الكراهة والإباحة ]

    قالالنووي رحمه الله: أما حكم المسألة فقال أصحابنا: يكره البول قائماً بلا عذر كراهة تنزيه، ولا يكره للعذر، يقول: وهذا مذهبنا. وقال الإمام ابن المنذر رحمه الله: واختلفوا في البول قائماً، فثبت عن عمر بن الخطاب و زيد بن ثابت و ابن عمر و سهل بن سعد رضي الله عنهم أنهم بالوا قياماً، وروي ذلك عن علي و أنس و أبي هريرة وفعله ابن سيرين و عروة، وكرهه ابن مسعود ، وصح عنه موقوفاً أنه قال: (من الجفاء أن يبول الرجل قائماً) رواه البيهقي . كذلك كرهه الشعبي و إبراهيم بن سعد، وكان لا يقبل شهادة من بال قائماً. وقال مالك إن كان في مكان يتطاير إليه من البول شيء فمكروه، وإن كان لا يتطاير فلا كراهة. قال ابن المنذر : البول جالساً أحب إلي وقائماً مباح، وكل ذلك ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

    أعلى الصفحة

    جواب استشكال كونه عليه الصلاة والسلام بال في سباطة قوم خاصة بهم
    ]

    قد يستشكل هنا كيف بال النبي صلى الله عليه وسلم في سباطة قوم وهي مكان خاص بهم؟! أجاب العلماء عن هذا الاستشكال بعدة إجابات أظهرها: أنه علم أن أهلها يرضون بذلك ولا يكرهونه، ومن كان هذا حاله جاز البول في أرضه. الجواب الثاني: أن سباطة القوم لم تكن خاصة بهم فقط، بل كانت بفناء دور الناس كلهم، فأضيفت إليهم لقربهم منها. الجواب الثالث: أنهم أذنوا لمن أراد قضاء الحاجة فيها بصريح الإذن أو معناه والله تعالى أعلم.

    أعلى الصفحة

    سبب بوله صلى الله عليه وسلم قائماً
    ذكرالخطابي و البيهقي في سبب بوله صلى الله عليه وآله وسلم قائماً أوجهاً: الوجه الأول -وهو المروي عن الإمام الشافعي رحمه الله-: أن العرب كانت تستشفي بالبول قائماً لوجع الصلب، فكان به صلى الله عليه وسلم إذ ذاك وجع الصلب. قال القاضي حسين في تعليقته: وصار هذا عادة لأهل هراة، يبولون قياماً في كل سنة مرة إحياءً لتلك السنة. وهذا كلام لا ينسب إلى الشريعة، وإنما ينسب إلى تصور أهل الدنيا في علوم الدنيا من الناحية الطبية، وربما يكون فيها شيء من الصحة، فهذا يرجع إلى العلوم التي كانت قاصرة فيما مضى، أو ربما كانت أساساً تقوم على التجريب، ولأجل ذلك نحن قد لا نقبل هذا التأويل في هذا الزمان. الوجه الثاني: أنه صلى الله عليه وسلم بال قائماً لعلة كانت بمأبضيه، وذكرنا أن هذه الزيادة رواها البيهقي ، ولكنه ضعفها وقال: لا تثبت هذه الزيادة. والمأبض يجوز فيه تخفيف الهمزة فتقول: مابض أو مأبض كما تقول: الراس أو الرأس، لما مات العباس رضي الله عنه استحيا الناس أن يعزوا ابنه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، فتشجع رجل وأقبل عليه وقال: اصبر نكن بك صابرين وإنما صبر الرعية عند صبر الراس خير من العباس صبرك بعده والله خير منك للعباس والشاهد أنه قال: (الراس)، فهذه الكلمة يصح فيها تخفيف الهمزة. الوجه الثالث: أنه لم يجد مكاناً يصلح للقعود، فاحتاج إلى القيام إذا كان الطرف الذي يليه عالياً مرتفعاً. الوجه الرابع: أنه لبيان الجواز كما ذكرنا. الوجه الخامس ما قاله الخطابي : لكون ذلك -أي: البول حال القيام في السباطة- في الغالب سهلاً ليناً ليس صلباً بحيث يتردد إليه الرشاش، وإنما يتسرب فيه البول ولا يرجع على البائل.

    أعلى الصفحة

    حكم استقبال القبلة واستدبارها عند قضاء الحاجة
    ]

    يقول الإمامابن قدامة رحمه الله تعالى: لا يجوز استقبال القبلة في الفضاء لقضاء الحاجة -الفضاء أي: الصحراء أو الخلاء- وهذا في قول أكثر أهل العلم، وهو مذهب الشافعي وقول العباس بن عبد المطلب و عبد الله بن عمر و الشعبي و مالك و إسحاق ورواية عن الإمام أحمد . واستدلوا بما رواه أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يولها ظهره، ولكن شرقوا أو غربوا، قال أبو أيوب : فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد بنيت نحو الكعبة، فننحرف عنها ونستغفر الله عز وجل) متفق عليه. قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا أتى أحدكم الغائط) الظاهر هنا أن الغائط المقصود به هنا الموضع الذي يتغوط فيه، قال أهل اللغة: أصل الغائط المكان المطمئن، كانوا يأتونه للحاجة، فكنوا به عن نفس الحدث كراهة لاسمه. ومن عادة العرب التعفف في ألفاظها، واستعمال الكنايات في كلامها، وصون الألسن مما تصان الأبصار والأسماع عنه، وهذا في القرآن وغيره كثير جداً. ولـمسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا جلس أحدكم لحاجته فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها). ......
    حكم استقبال بيت المقدس حال قضاء الحاجة في الفضاء والبنيان
    قال العلماء: لا يحرم استقبال بيت المقدس ببول ولا غائط ولا استدباره لا في البناء ولا في الصحراء، لكن يكره؛ لكونه كان قبلة، واستدل بعض العلماء بحديثمعقل بن أبي معقل الأسدي رضي الله عنه قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستقبل القبلتين ببول أو غائط) رواه الإمام أحمد و أبو داود و ابن ماجة ، وقال النووي : إسناده جيد ولم يضعفه أبو داود . وهناك عدة أجوبة عن هذا: الأول: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن استقبال بيت المقدس حيث كان قبلة، يعني: كأن النهي حصل مرتين، لما كانت القبلة أولاً إلى بيت المقدس نهى عليه الصلاة والسلام في ذلك الزمان عن استقبال القبلة التي كانت في بيت المقدس، ثم نهى عن استقبال الكعبة حين صارت هي القبلة، فجمعهما الراوي في حديث واحد فقال: (نهى أن يستقبل القبلتين ببول أو غائط)، وهذا جواب ضعيف. الجواب الثاني: أن المراد بالنهي أهل المدينة خاصة؛ لأن من استقبل بيت المقدس وهو في المدينة استدبر الكعبة، وإن استدبر بيت المقدس استقبل الكعبة، وهذا التأويل ضعيف أيضاً. أما المختار الظاهر عند الإمام النووي رحمه الله، فقد قال: إن النهي وقع في وقت واحد، وأنه عام لكلتيهما في كل مكان، ولكنه في الكعبة نهي تحريم إذا كان في الفضاء، وفي بيت المقدس نهي تنزيه، ولا يمتنع أن يجتمع نهي واحد يكون فيه تحريم وتنزيه وإن اختلف معناه، وسبب النهي عن بيت المقدس كونه كان قبلة فبقيت له حرمة الكعبة، وقد اختار الخطابي هذا التأويل. فإن قيل: لم حملتموه في بيت المقدس على التنزيه؟ قلنا: للإجماع فلا يعلم من يعتد به حرمه، فالصارف للنهي عن التحريم إلى التنزيه هو الإجماع.

    أعلى الصفحة

    حكم استقبال القبلة حال الاستنجاء والجماع
    قال بعض العلماء: لحرمة الكعبة يكره استقبال القبلة حال الاستنجاء، قال الشافعية: لا يكره ذلك، بل يجوز استقبال القبلة حال الاستنجاء؛ لأن النهي ورد في استقبالها ببول أو غائط. وقال الشافعية أيضاً: ولا كراهة في إخراج الريح إلى القبلة أيضاً لما ذكرنا. وقال الشافعية أيضاً: يجوز الجماع مستقبل القبلة ومستدبرها في البناء والصحراء؛ لأن الشرع ورد في البول والغائط.

    أعلى الصفحة

    مذهب أبي أيوب في استقبال القبلة عند قضاء الحاجة في البنيان
    قالأبي أيوب رضي الله تبارك وتعالى عنه في الحديث الذي ذكرناه: (فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد بنيت نحو الكعبة، فننحرف عنها ونستغفر الله عز وجل). أجاب بعض العلماء على ذلك من وجهين: أحدهما: أنه شك في عموم النهي للبنيان والفضاء، فلما شك احتاط بالاستغفار، فلا يحمل ذلك على أنه جزم بتحريم هذا حتى داخل البنيان، وإنما هو كنوع من الاحتياط والتورع منه رضي الله عنه. الوجه الثاني: أن هذا مذهب أبي أيوب رضي الله عنه، فهو لم ينقله عن النبي صلى الله عليه وسلم صريحاً، وقد خالفه غيره من الصحابة. إذاً: أحاديث النهي جاءت عامة بدون التفريق بين البناء والصحراء، كما في حديث أبي أيوب رضي الله عنه، لكن الشرع قد جاء بالتفريق بين كونه في البينان أو كان يستره شيء كما جاء عن ابن عمر وبين كونه في الفضاء، فإذا ورد الشرع بالفرق فلا يلتفت إلى قياس ولا إلى من يخالف هذه الأدلة، ومع ذلك فالفرق ظاهر بين الحالتين، فإن المشقة تلحق الإنسان في البناء دون الصحراء.

    أعلى الصفحة

    من قال بجواز استقبال القبلة واستدبارها عند قضاء الحاجة
    قالعروة بن ربيعة و ربيعة و داود : يجوز استقبالها واستدبارها في البناء والصحراء؛ لما روى جابر رضي الله عنه قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستقبل القبلة ببول، فرأيته قبل أن يقبض بعام يستقبلها) قال الترمذي : هذا حديث حسن غريب، وحسنه النووي رحمه الله. قال هؤلاء الأئمة الثلاثة: إن هذا دليل على وقوع النسخ؛ لأن الصحابي رآه يفعل ذلك قبل أن يقبض بعام، فدل على نسخ وإلغاء الحكم السابق الذي تضمنه حديث أبي أيوب رضي الله تعالى عنه.

    أعلى الصفحة

    رد الجمهور على من جوز استقبال القبلة عند قضاء الحاجة في الفضاء
    يقول الإمامابن قدامة : ولنا أحاديث النهي وهي صحيحة. يعني: على صحة مذهبنا الذي عليه جمهور علماء الأمة. قال: وحديث جابر يحتمل أنه رآه في البنيان أو مستتراً بشيء. وسيأتي حديث ابن عمر رضي الله عنه أن النهي إنما هو في الفضاء، أما إذا كان في البنيان فيجوز. ثم قال: ولا يثبت النسخ بالاحتمال. أي: احتمال أنه كان مستتراً بشيء أو كان في البنيان. قال: ويتعين حمله على ما ذكرنا؛ ليكون موافقاً للأحاديث الصحيحة في النهي عن ذلك.

    أعلى الصفحة

    أقوال العلماء في استقبال القبلة واستدبارها في البنيان
    قالابن قدامة: أما في البنيان أو إذا كان بينه وبين القبلة شيء يستره ففيه روايتان عن الإمام أحمد : إحداهما: لا يجوز حتى في البنيان. يعني: لا يستدبر ولا يستقبل القبلة عند قضاء الحاجة، سواء في الفضاء أو البنيان، وهذه الرواية للإمام أحمد، وهو قول الثوري و أبي حنيفة ؛ لعموم الأحاديث في النهي؛ لأن أحاديث النهي لم تخصص البنيان من الفضاء. أما الرواية الثانية: فهي أنه يجوز استقبالها واستدبارها في البنيان، وروي ذلك عن العباس و ابن عمر رضي الله عنهم وبه قال مالك و الشافعي و ابن المنذر . يقول ابن قدامة: والصحيح أنه يجوز استقبالها واستدبارها في البنيان؛ لحديث جابر رضي الله عنه. وقد روت عائشة رضي الله عنها: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر له أن قوماً يكرهون استقبال القبلة بفروجهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أوقد فعلوها؟! استقبلوا بمقعدتي القبلة) رواه الإمام أحمد و ابن ماجة وحسنه النووي ، لكن أشار البخاري رحمه الله تعالى في تاريخه في ترجمة خالد بن أبي الصلت إلى أن في هذا الحديث علة. يقول ابن قدامة: رواه أصحاب السنن وأكثر أصحاب المسانيد منهم: أبو داود الطيالسي رواه عن خالد بن أبي الصلت عن عراك بن مالك عن عائشة ، قال أحمد : أحسن ما روي في الرخصة حديث عائشة وإن كان مرسلاً فإن مخرجه حسن. وقال أحمد : و عراك لم يسمع من عائشة فلذلك سموه مرسلاً. فقوله صلى الله عليه وسلم: (أوقد فعلوها؟) استفهام لأن هذا النوع من الاستفهام يقتضي الإقرار به فضيحة، كما يقتضي الاستفهام الإخبار عن المستفهم عنه. قوله: (استقبلوا بمقعدتي القبلة) المقعدة: بفتح الميم هي الموضع الذي يقعد عليه الإنسان لقضاء الحاجة، يعني: حولوا هذا الموضع إلى اتجاه القبلة، والحديث فيه علتان. يقول ابن قدامة : وهذا كله في البنيان، وهو خاص يقدم على العام. والعام هو حديث أبي أيوب : (إذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يولها ظهره)، والخاص هو حديث عائشة إذا صح، فهو يدل على أن ذلك إنما يكون في البنيان، فالخاص يقدم على العام. وعن مروان الأصفر قال: (رأيت ابن عمر رضي الله عنهما أناخ راحلته مستقبل القبلة، ثم جلس يبول إليها، فقلت: يا أبا عبد الرحمن ! أليس قد نهي عن هذا؟ قال:، بلى، إنما نهي عن ذلك في الفضاء، فإذا كان بينك وبين القبلة شيء يسترك فلا بأس) رواه أبو داود و الدارقطني و الحاكم وصححه على شرط البخاري . يقول ابن قدامة : وهذا الفعل من ابن عمر تفسير لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم العام في حديث أبي أيوب : (إذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يولها ظهره، ولكن شرقوا أو غربوا) ففعله يفسر أن ذلك إنما يكون في البنيان، فإن كان بينك وبين القبلة شيء يسترك فلا بأس. يقول: وفيه جمع بين الأحاديث فيتعين المصير إليه. لأن النسخ لا يصار إليه إلا عند العجز عن الجمع بين النصوص، ولأن النسخ فيه إبطال لأحد الدليلين في المسألة، وإعمال الدليلين أولى من إلغاء أحدهما، فهذا هو الذي ينبغي أن يسلك عند التعارض، فالجمع متى ما أمكن أولى. وعن الإمام أحمد أنه قال: يجوز استدبار الكعبة في البنيان والفضاء جميعاً؛ لما روى ابن عمر رضي الله عنهما قال: (رقيت يوماً على بيت حفصة رضي الله عنها فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم على حاجته مستقبل الشام مستدبر الكعبة) متفق عليه. لذلك صدر المسألة ابن قدامة بالقدر المتفق عليه بين أكثر أهل العلم فقال: لا يجوز استقبال القبلة في الفضاء لقضاء الحاجة في قول أكثر أهل العلم، ثم تعرض بعد ذلك للاستدبار على التفصيل الذي ذكرناه.

    أعلى الصفحة

    حكم تمشيط الشعر والبول في مكان الاغتسال والاستحمام
    جاء في الحديث: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يمتشط أحدنا أو يبول في مغسله) رواهأحمد و أبو داود و النسائي و البيهقي وصححه النووي والحافظ ابن حجر وأيضاً الألباني . وقد رواه بعض التابعين عن رجل صحب النبي صلى الله عليه وسلم، وجهالة الصحابي لا تضر؛ لأن كل الصحابة عدول رضي الله عنهم، وأقمع الله الشيعة وأذلهم حيث يترجمون لبعض الصحابة المشهورين جداً مثل عبد الله بن مسعود فيكتبون: مجهول! ولا حول ولا قوة إلا بالله! وهذا غير السب لهم والطعن واللعن. إذاً: جهالة الصحابي لا تضر؛ لأن جميع الصحابة عدول، وقد زكاهم الله وعدلهم رضي الله عنهم، حتى في الأمم السابقة قبل أن يخلقوا وقبل أن يوجدوا، قال الله: /ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ[الفتح:29]. قوله: (إن الرسول عليه الصلاة والسلام نهى أمتشط أحدنا كل يوم) أي: لا يكون ذلك شغلنا الشاغل بحيث يمتشط أحدنا ويدهن ويسرح شعره ويضيع ما أوجب الله عليه، وهناك أحاديث أخرى في هذا المعنى، منها أنه عليه الصلاة والسلام: (نهى عن الإرفاه، قيل: وما الإرفاه؟ قال: كثرة التدهن والتنعم) وكذلك: (نهى عن الترجل إلا غباً) والترجل: هو تسريح الشعر. قوله: ( إلا غباً) يعني: في وقت دون وقت بحيث لا يواظب عليه ويكون شغله الشاغل. قوله: (أو يبول في مغتسله) يعني: مكان الاغتسال، أو كما سماه في الحديث الأول: (مستحمه) وسمي مستحماً؛ لأنه مشتق من الحميم، والحميم: هو الماء الحار الذي يغتسل به. يقول النووي : واتفق أصحابنا على أن المستحب ألا يستنجي بالماء في موضع قضاء الحاجة؛ لئلا يترشش عليه. وهذا في غير الأماكن المتخذة لهذا الفعل كالمرحاض فلا بأس به؛ لأنه لا يترشش عليه، ولأن في الخروج منه إلى غيره مشقة. ......
    حكم تغطية الرأس ولبس الحذاء حال قضاء الحاجة
    يقول الإمامالنووي والإمام ابن قدامة : ويستحب أن يغطي رأسه حال قضاء الحاجة. تغطية الرأس هي نوع من التعبير عن الحياء، فلقد كان السلف يستحيون أن يكشف أحدهم رأسه، وهذه المسألة ترجع إلى العرف، ففي بعض البلاد قد يقدح في مروءة الشخص إذا كان يكشف رأسه، وفي بعضها لا يقدح أن يكشف رأسه، فهذه الأمور ترجع إلى العرف، وأمور المروءة ليس فيها تحريم أو إثم، لكن يقولون في تعريف الرجل العدل: هو الذي لم يرتكب كبيرة، ولا يصر على صغيرة، ولا يأتي بفعل يخالف المروءة. فالإنسان لابد أن يجتهد في مراعاة المروءات وأعراف الناس الذين يعيش بينهم؛ لأنه ليس كل شيء لابد أن يكون مثل حد السيف وفيه حلال وحرام ويكون عليه أدلة، لا. فمثلاً: عندما نرى شخصاً يمضغ العلك في الشارع، نقول له: هذه الطريقة منفرة، فعلى الإنسان أن يراعي وقاره وهيئته ووجاهته، كذلك لو أن الإنسان مشى بإزار يستر ما بين سرته وركبته ففعله هذا ليس بحرام، لكن هل هذا من المروءة؟! لا ليس من المروءة. فالشاهد أن على الإنسان أن يراعي ظروف المجتمع وعاداته ما لم تخالف كتاب الله عز وجل وسنة النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم. حكي عن نافع أنه صلى وهو حاسر الرأس، فقال له ابن عمر : هل إذا خرجت إلى الناس كنت تخرج هكذا حاسر الرأس؟ فقال: لا، قال: فالله أحق أن يتزين له، أو فالله أحق أن يستحيا منه. جاء في الحديث أن النبي عليه الصلاة والسلام قال للصحابي الجليل معاوية بن حيدة (احفظ عورتك إلا من أهلك أو ما ملكت يمينك) وحفظ الفروج يتضمن أمرين: حفظها عن المحرمات كالزنا وغير ذلك، وحفظها عن أن تكشف، فقال هذا الصحابي للنبي عليه الصلاة والسلام: (يا رسول الله! أرأيت إن كان أحدنا خالياً؟ - يعني: ليس معه أحد- فقال عليه الصلاة والسلام: فالله أحق أن يستحيا منه الناس) فحتى في حال الاختلاء يجتهد الإنسان ألا يتكشف. يقول الإمام النووي رحمه الله: قال إمام الحرمين و الغزالي والبغوي وآخرون: يستحب ألا يدخل الخلاء مكشوف الرأس، قال بعض أصحابنا: فإن لم يجد شيئاً وضع كمه على رأسه. ثم قال: ويستحب ألا يدخل الخلاء حافياً. روى البيهقي بإسناده حديثاً مرسلاً: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل الخلاء لبس حذاءه وغطى رأسه) وهذا حديث مرسل ضعيف. وروى البيهقي أيضاً عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء غطى رأسه، وإذا أتى أهله غطى رأسه) لكنه ضعيف أيضاً. قال البيهقي : وروي في تغطية الرأس عند دخول الخلاء عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه وهو صحيح عنه. يقول النووي : وقد اتفق العلماء على أن الحديث المرسل والضعيف والموقوف يتسامح به في فضائل الأعمال وهذا منها، وكلام الإمام النووي رحمه الله في حكاية اتفاق العلماء على هذا فيه نظر. ......
    حكم دخول الخلاء بشيء فيه ذكر الله
    من الآداب ألا يصطحب شيئاً فيه ذكر الله عز وجل. يقولابن قدامة : إذا أراد دخول الخلاء ومعه شيء فيه ذكر الله تعالى استحب وضعه، لكن لا يجب عليه أن يضع هذا الشيء الذي فيه ذكر لله. قال أنس بن مالك رضي الله عنه: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء وضع خاتمه) رواه ابن ماجة و أبو داود والبيهقي و الترمذي و النسائي ، وضعفه أبو داود و النسائي و البيهقي ، قال أبو داود : هو منكر، وإنما يعرف عن أنس : (أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتماً من ورق - أي: من فضة- ثم ألقاه) وقال النسائي : وهذا الحديث غير محفوظ، وخالفهم الترمذي فقال: حديث حسن صحيح غريب. وقيل: إنما كان النبي صلى الله عليه وسلم يضعه؛ لأن فيه محمداً رسول الله، ثلاثة أسطر: سطر فيه محمد، وسطر فيه رسول، وسطر فيه الله، وهذا ثابت في الصحيحين: (أن نقش خاتمه صلى الله عليه وسلم (كان محمد رسول الله)) عليه الصلاة والسلام. ......


    تعليق


    • #3
      رد: آداب دخول الخلاء والخروج منه للشيخ محمد المقدم



      ،،،،،،


      جزاكم الله خير الجزاء

      بارك الله فيكم

      وزادكم الله من فضله ومنه وكرمه

      اللهم تقبل و اجعل كل حرف نكتبه في هذا المنتدى المبارك حجة لنا لا علينا


      مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية


      تعليق


      • #4
        رد: آداب دخول الخلاء والخروج منه للشيخ محمد المقدم

        نسأل الله أن يجعله فى موازين حسناتكم
        وأن يمن عليكم برضاه والفردوس
        الاعلى من الجنة
        اسأل الله ان ينفع بها

        تعليق


        • #5
          رد: آداب دخول الخلاء والخروج منه للشيخ محمد المقدم

          جزاكم الله خيرا

          :: وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي ،، وَلِتُصْنَعَ عَلَىٰ عَيْنِي ::


          تعليق


          • #6
            رد: آداب دخول الخلاء والخروج منه للشيخ محمد المقدم

            ما شاء الله

            موضوع جميل ومهم جدا

            جـــزاكم الله خيرا ونفع بكم

            تعليق


            • #7
              رد: آداب دخول الخلاء والخروج منه للشيخ محمد المقدم

              المشاركة الأصلية بواسطة mohamedicdl مشاهدة المشاركة


              ،،،،،،



              جزاكم الله خير الجزاء

              بارك الله فيكم

              وزادكم الله من فضله ومنه وكرمه

              اللهم تقبل و اجعل كل حرف نكتبه في هذا المنتدى المبارك حجة لنا لا علينا


              مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية



              السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
              جزاكم الله خيرا
              ونفع بكم
              هدانا الله وإياكم إلى صراطه المستقيم


              تعليق


              • #8
                رد: آداب دخول الخلاء والخروج منه للشيخ محمد المقدم

                المشاركة الأصلية بواسطة محبة المساكين مشاهدة المشاركة
                نسأل الله أن يجعله فى موازين حسناتكم
                وأن يمن عليكم برضاه والفردوس
                الاعلى من الجنة
                اسأل الله ان ينفع بها
                السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                جزاكم الله خيرا
                ونفع بكم
                هدانا الله وإياكم إلى صراطه المستقيم


                تعليق


                • #9
                  رد: آداب دخول الخلاء والخروج منه للشيخ محمد المقدم

                  المشاركة الأصلية بواسطة (( فارس الحق )) مشاهدة المشاركة
                  جزاكم الله خيرا
                  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                  جزاكم الله خيرا
                  ونفع بكم
                  هدانا الله وإياكم إلى صراطه المستقيم


                  تعليق


                  • #10
                    رد: آداب دخول الخلاء والخروج منه للشيخ محمد المقدم

                    المشاركة الأصلية بواسطة __volcano__ مشاهدة المشاركة
                    ما شاء الله

                    موضوع جميل ومهم جدا

                    جـــزاكم الله خيرا ونفع بكم

                    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                    جزاكم الله خيرا
                    ونفع بكم
                    هدانا الله وإياكم إلى صراطه المستقيم


                    تعليق


                    • #11
                      رد: آداب دخول الخلاء والخروج منه للشيخ محمد المقدم

                      بارك الله فيكم
                      أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ

                      تعليق


                      • #12
                        رد: آداب دخول الخلاء والخروج منه للشيخ محمد المقدم

                        وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى

                        إن باعدك الأصحاب فرب الأرباب أدناك و اختارك من خلقه و ابتلاك... إن لم ينفعك الأقارب و الأنساب و تقطعت بك الأسباب فما ودعك ربك و ما قلاك... إن فقدت عزيز و إن فارقك حبيب فنحن منك قريب و أقرب من حبل الوريد...
                        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                        جزاكم الله خيرا وبارك فيكم
                        ربي يرضى عنكم ويرضيكم
                        قال النبي صلى الله عليه وسلم : (أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم). رواه مسلم.

                        شهرُ الحرامِ مباركٌ ميمون *** والصومُ فيه مضاعفٌ مَسنونُ
                        وثوابُ صائمه لوجه إِلهه *** في الخُلد عند مَليكه مخْزُونُ

                        قال النبي صلى الله عليه وسلم: صيام عاشوراء احتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله) رواه مسلم.
                        وسئل ابن عباس رضي الله عنهما عن صيام يوم عاشوراء فقال: ما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صام يوما يطلب فضله على الأيام إلا هذا اليوم ولا شهرا إلا هذا الشهر يعني رمضان) رواه البخاري ومسلم.

                        لا تنسوا ذكر الله
                        والصلاة على رسول الله
                        صلى الله عليه وسلم


                        تعليق

                        يعمل...
                        X