بسم الله , من جل وتعالى فى علاه , هو الرب الاحد , هو الصمد الاله , والصلاة والسلام على خير رسل الله محمد ... صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ومن والاه ...
ثـــــم أمـــــا بــــــعد ....
كلمات ؟؟!
لا أظنها كلمات تلك التى تصف ما نحن بصدده هنا , إنما أظنها رسم الأحاسيس , أو نطق المشاعر , فإن كنت أطوف فى فلك منير مستنار وأحس معية الخالق الواحد القهار , وسكت.
فأنى لمثلى بجنة وعد الله بها المتقون , الذين لا يكتفون بحركات الطاعه , أو سمات العباده الفرديه , إنما وصفهم جل فى علاه أنهم " آمرون بالمعروف وناهون عن المنكر " .
فها هو أخاكم المقصر العبد الذليل , راجى رضا ربه , وما فعل من مستجلبات الرضا سوى القليل , يشارككم تلك السلسلة المحموده بأمر رب العالمين .. ونبدأ فيها اليوم باذن الله وتوفيقه ( بسم الله الرحمن الرحيم ) :
التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّـهِ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ﴿١١٢﴾ سورة التوبه.
اخوتى ...
تتلخص سلسلتنا ( الطواف فى أفلاك الطاعه ) فى هذا القول الربانى الفريد .. حيث المولى تعالى وجل فى علاه يخبرنا كيف أن لطاعته أفلاك ندور بها , ونطوف فى مساراتها , كالنجوم السيارة المضيئه .
فلا عجب أن نور الله يتجلى فى ما أرسل على نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم , من قرآن وأحكام , وسنة وجب على كل من أقر الوحدانيه لله , وأقر ختام النبوه لرسول الله من إتباعها.
اخوتى ...
ليس اليوم يوم مقدمات , أو معسول كلام , أو نظم أدب .
إنما اليوم سنستمع بقلوبنا إلى قول من خلق قلوبنا وسيرها على دينه , سنستمع للقول الذى إن ذاع وجهر , سكت كل مخلوق على وجه الارض , وخر لله ساجدا .
فلا معنى ولا قيمة لكلام عبد ذليل مثلى فى حضرة كلم الملك المتعال , سبحانه حبيبى وتعالى علوا كبيرا عما يشركون.
=============
سأأصل باذن الله اجمالا المسار العام لافلاك الطاعة تلك , ومن ثم ناخذها مسارا مسارا بالتفصيل على حلقات متواترة , ان قدر الله لنا البقاء ...
=============
التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّـهِ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ﴿١١٢﴾ سورة التوبه.
هنا رب السماوات والارض يعدد صفات حميدة جليلة لا تتوافر الا فى المؤمنين الذين اشترى الله منهم انفسهم , وكانوا على النهج والتقى.
وايضا يوضح من خلال تلك الصفات , ان امر الله وشرعته لم تكن منفصلة مجزأة , تنفرد كل واحدة منها فى واد مختلف.
انما جعلها الله حلقات وصل , فكما ان العبادات هى اداة وصال العبد بربه , فايضا الطاعات هى مسارارت وصلا بعضها لبعض.
كيف ذلك :
التائب : هو كل من عاد من المعصية الى الطاعه , او كل من انقلب من حال المعصية المذموم الى حال الطاعه المحمود , وهذا على الراجح من تفاسير اهل الفضل امثال بن كثير والقرطبى.
العابد : هو ثانى حلقات المسلسل , او ثانى مسار فى الفلك , فمن تاب لله توبة خالصه , اول مايفعله هو العباده , فلا يخفى على احدنا ان من افعال التوبه صلاة ركعتين توبه , او الجهر بالتوبه الى الله , فكل تلك الافعال عباده.
الحامد : ما هو اول فعل منظقى بفعله العبد حالما يستشعر قبول توبته بان الله وضعه موضع عبادة وطاعه ؟؟
ان يحمد العبد التائب العابد الله على ما آتاه من نعمة التوبه , وتبعها بنعمة القبول , ودليل القبول هو مقام العبد من الله , فكما قال ابن عطاء الله السكندرى " ان أردت أن تعرف من الله مقامك , فأنظر فيم أقامك ".
فالعباده مقام الرضا , والرضا بعد السخط يستوجب من العبد الشكر لله تعالى على رضاه وهديه , وهو يعد المسار الثالث فى فلك الطاعة.
السائح : وهو على أرجح أقوال أهل العلم , هو الصائم , فكان الله يصف زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم بالـ ( سائحات ) , والصوم هنا ليس حكرا على صوم الزاد والجماع , انما هو الصوم عن كل نواهى الله , والصوم عن المباح بغية تأديب النفس , فنرى هنا مسارا رابعا مرتبطا بذات الفلك .
الراكع الساجد : فسره ابن كثير والقرطبى عليهم رحمات الله , انه المصلى , فالركوع والسجود ابرز علامتان فى الصلاة , فذكرهما ذكر للصلاة , ويغنيان عن اللفظ , ولا يخفى عن كل لبيب انه من بعد التوبة والعبادة والشكر والصوم تكون الصلاة حتيمة لاريب , اى انها فلك منطقى يحوى كل ماسبق من مسارات .
الآمر بالمعروف والناه عن المنكر : ان كنا بصدد وصف المؤمنين , او تبيان طريق الايمان الحق , فلا نتعرض ابدا للعبادات والطاعات الفرديه , دون افادة المسلمين , فلا خير فى مسلم لم يامر بالمعروف وينهى عن المنكر , واظنه مسار غاية فى الاهميه نستعرضه فى موضعه بامر الله.
الحافظ لحدود الله : هو كل انسان التزم الامر , وانتهى عن النهى , ووقف عند الحد , اى ان هذا المسار يعد محصلة مجملة لما سبق تبيانه من مسارات , فان تاب الانسان وآمن وعمل عملا صالحا واستفاد وافاد اخوانه من المسلمين , فهو بذلك قد لامس حدود التقى والحفاظ على حدود الله.
وبشر المؤمنين : من منا لا يحلم كل يوم وليلة بهذا اللقب , ومن منا لا يتوق الى بشريات من آمن ؟
أظن فى جمعنا الكريم هذا , تتوق كل نفس فينا ان تكون معنية بلفظ ( المتقين ) وأن تكون ممن توجه اليهم البشريات الربانيه الكريمه المعطاءه.
فهيا بنا اخوتى .. نتناول سويا رويدا رويدا مسارات الطاعة وافلاكها , حتى نطوف بها كطواف النجوم اللامعه , لا نعصى الله طرفة عين , ولا نحرم من لقب المؤمنين ..
وسنرى كيف فى كل مسار من تلك المسارات رباطا وسيقا ودربا يسيرا طيبا يوصلنا الى مايليه من مسارات , لنخلص فى اخر تلك المجرات المضيئه الى جنة الله ورضوانه ...
منقول
تعليق