بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من سنن الله تعالى السائرة منذ بدء الخلق أن يختلف الناس فيما بينهم ، فكتب الله تعالى على من علم طريق الحق وسلكه أن يرشد الناس إليه ويخرج الناس من كل طريق غيره ليعبدهم بشرع الله تعالى
فالتناصح أصل عظيم من أصول الشريعة ، مبناه على حب المؤمنين وموالاتهم النابع من إجلال الله تعالى وحبه والغيرة على محارمه أن تنتهك
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " الدين النصيحة " ، فأبدل عن الدين ببعضه وهو النصيحة للدلالة على عظم شأنها وعلى جلالة قدرها
ولهذا كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يطلب من الناس أن ينصحوه ويقول:
" مرحبًا بالناصح أبد الدهر، مرحبًا بالناصح غدوًا وعشيًا ".
وقال له رجل مرة: اتق الله يا ابن الخطاب. فضاق بعض الحاضرين بهذا، فقال عمر:
" دعوه، والله لا خير فيكم إذا لم تقولوها، ولا خير فينا إذا لم نسمعها ".
ومن أعظم أبواب التناصح النصح لأئمة المسلمين ، وهم أولو الأمر من العلماء الربانيين والحكام المؤمنين
فإن خطأ الإمام خطأ متعد لا يقتصر فيه على نفسه
وخاصة إذا كان المخطئ إماما علما يصدر الناس عن رأيه فتقويمه أوجب بيانا للحق ونصرة للدين
واعلموا رحمكم الله تعالى أن هذا دأب أهل العلم فى القديم قبل الحديث ، ولهذا خرجت مؤلفات الجرح والتعديل على ما فيها من قسوة وشدة على بعض الرواة، نصيحة لدين الله تعالى ، ولبيان الحق وإظهار الدين
وما كان من أهل العلم من تقويم لإخوانهم ونصح لهم ليس من باب هدمهم أو إسقاطهم
بل دافعه الحب فى الله تعالى والنصح للمسلمين وعامتهم
ودونكم كلمات تكتب بماء الذهب للشيخ ياسر برهامي حفظه الله تعالى ، فيقول :
" أما من ناحية الاختلاف، فلا شك أننا نختلف فهذه سنة الله الكونية، ولا يلزم من ذلك أن نكون أعداءً لبعضنا، فنحن حين نختلف مع غيرنا من الاتجاهات الإسلامية حتى من كان منهم واقعاً في بدعة، لا ننسى أصل الولاء على دين الله.
وكما بيّن شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- أن المؤمن المطيع الذي لا يـُعلم عنه معصية ولا بدعة يحب من كل وجه، والكافر يبغض من كل وجه، والمسلم الذي عنده فجور وطاعة، وسنة وبدعة، يحب لإسلامه وطاعته، ويبغض لمعصيته وفجوره وبدعته ".
" ونحن إذا تكلمنا عن مخالفات بعض الاتجاهات الإسلامية لا نتكلم من باب العداء لهم والحض على هدمهم -كما يحاول البعض تصويرنا-، بل نتكلم من باب النصح للمسلمين والحرص على مصلحتهم في دينهم ودنياهم ".
" نعم قد تكون بعض العبارات حادة نوعاً ما حسب درجة المخالفة للكتاب والسنة ومقتضى الدليل؛ ولكنها دائماً تتجنب السب والشتم والبذاءة امتثالاً لهدي النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم من بعده من صحابته وتابعيهم ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ".
" ونحن في نفس الوقت نعرف نوع الخلاف مع المخالف ودرجته، وسبق أن بيّنا مرات أن من الخلاف ما هو اختلاف تنوع يحتاج إلى تكامل واستثمار، وما هو اختلاف تضاد سائغ يحتاج إلى سعة صدر واحتمال كل منا للآخر، تماماً كما وسع السلف هذا النوع من الخلاف، وهناك اختلاف تضاد غير سائغ يحتاج إلى تقويم وإصلاح وإنكار، وإن كان العلمانيون يجتهدون في تشويه صورة هذا النقد الحريص على المصلحة المشفق على المخالف ".
" ولم يكن كلامنا حقداً على المسلمين، أو بغضاً لهم، فليست معركتنا معهم، وإنما عداؤنا لمن يعادي الدين من الكفار والمنافقين الذين لا هم لهم إلا الصد عن سبيل الله، والذين شَرِقت حلوقهم بالصحوة الإسلامية، وبإقبال الناس عموماً على الإسلام، والالتزام به في أرجاء العالم ".
" إن شُغلنا الشاغل الدعوة إلى الله، وإلى دينه وشرعه، وتعليم الناس كتاب ربهم وسنة نبيهم -صلي الله عليه وسلم-، والعمل بذلك ولسنا بالذين نعيش حياتنا للطعن في فلان، والقدح في عِلاَّن، والجرح في غيرهم حتى وإن حاول البعض أن يصورنا على هذا النحو ".
ويقول الشيخ عبد المنعم الشحات حفظه الله لما عقب على تساؤل البعض حول توجيهه النقد لبعض المنابر الدعوية :
" ونحن نقول: إنَّ الصحوةَ الإسلاميةَ ككل -ومِنْ ضمنها "الفضائيات" التي تُعتبَر أحدثَ منابر الصحوة الإسلامية- تَخرج من مِحنة إلى مِحنة، وإنها تَسبح عكسَ التيَّار الذي كنا نسميه قديمًا بـ"تيار التغريب والثقافة الوافدة"؛ حيث كانت المعركة محلية بين الإسلاميين ودعاةِ التغريب ممن هم مِن جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا، وصار اليوم هو: "تيار العولمة"؛ حيث ساحة المعركة هي العالم أجمع! وإن كانت الغاية الأساسية للأعداء واحدةً؛ وهي: سَلْخُ المسلمين عن دينهم، ومِن ثَمَّ ذوبانُهم في غيرهم، وربما طمعوا في إخراج المسلمين تمامًا عن دينهم؛ مصداقـًا لقوله -تعالى-: (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ)
إنَّ الأُخُوَّةَ الإيمانيةَ تقتضي على السابحين ضِدَّ التيَّار معًا أن يَشُدُّوا مِن أَزْرِ مَن تَعَرَّضَ لـ"مَوْجَة عَاتِيَة" أو "دَوَّامَة مَائِيَّة" بالدعاء والتشجيع حتى يَتجاوزَ تلك المَوجة العاتيَة، وأما إذا وَجدوا أنه قَرَّرَ السِّبَاحة مع التيَّار ظنًّا منه أنه يُمكنه أن يُعاوِدَ السِّبَاحة في الاتجاه الصحيح إذا هَدَأَ التيَّار؛ فيَجِبُ عليهم أن يَصرخوا فيه، وأن يُحَذروه...
فالتيَّار لا يَهدأ، والأمواج متلاطمة، والسَّيْر مع التيَّار لا يَنتهي إلا عند الشَّطـِّ؛ ولكنه شَطـُّ الخَيبة والخُسران!
ولِمَ لا نُحَذر مما حَذَّرَ اللهُ منه رسولَه -صلى الله عليه وسلم-؛ ليكون غيرُه على حذر مِن باب أَوْلـَى؛ حيث قال: (وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاَ . إِذًا لأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا) (الإسراء:74-75)؟!
إنَّ النصرة الحقيقة لكل مَن تُحَدِّثـُه نفسُه أن يَسبح مع التيَّار -ولو قليلاً- أن تُنَادِيَ فيه:
الثباتَ... الثباتَ... "
فافهموا رحمكم الله وغفر لكم كلام أهل العلم ومنهجهم ، ولا تحملوا نصيحتهم على أنها إسقاط للدعاة
غفر الله لى ولكم
وبارك الله فيكم
وجزاكم الله خيرا
منقـــــــــــول
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من سنن الله تعالى السائرة منذ بدء الخلق أن يختلف الناس فيما بينهم ، فكتب الله تعالى على من علم طريق الحق وسلكه أن يرشد الناس إليه ويخرج الناس من كل طريق غيره ليعبدهم بشرع الله تعالى
فالتناصح أصل عظيم من أصول الشريعة ، مبناه على حب المؤمنين وموالاتهم النابع من إجلال الله تعالى وحبه والغيرة على محارمه أن تنتهك
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " الدين النصيحة " ، فأبدل عن الدين ببعضه وهو النصيحة للدلالة على عظم شأنها وعلى جلالة قدرها
ولهذا كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يطلب من الناس أن ينصحوه ويقول:
" مرحبًا بالناصح أبد الدهر، مرحبًا بالناصح غدوًا وعشيًا ".
وقال له رجل مرة: اتق الله يا ابن الخطاب. فضاق بعض الحاضرين بهذا، فقال عمر:
" دعوه، والله لا خير فيكم إذا لم تقولوها، ولا خير فينا إذا لم نسمعها ".
ومن أعظم أبواب التناصح النصح لأئمة المسلمين ، وهم أولو الأمر من العلماء الربانيين والحكام المؤمنين
فإن خطأ الإمام خطأ متعد لا يقتصر فيه على نفسه
وخاصة إذا كان المخطئ إماما علما يصدر الناس عن رأيه فتقويمه أوجب بيانا للحق ونصرة للدين
واعلموا رحمكم الله تعالى أن هذا دأب أهل العلم فى القديم قبل الحديث ، ولهذا خرجت مؤلفات الجرح والتعديل على ما فيها من قسوة وشدة على بعض الرواة، نصيحة لدين الله تعالى ، ولبيان الحق وإظهار الدين
وما كان من أهل العلم من تقويم لإخوانهم ونصح لهم ليس من باب هدمهم أو إسقاطهم
بل دافعه الحب فى الله تعالى والنصح للمسلمين وعامتهم
ودونكم كلمات تكتب بماء الذهب للشيخ ياسر برهامي حفظه الله تعالى ، فيقول :
" أما من ناحية الاختلاف، فلا شك أننا نختلف فهذه سنة الله الكونية، ولا يلزم من ذلك أن نكون أعداءً لبعضنا، فنحن حين نختلف مع غيرنا من الاتجاهات الإسلامية حتى من كان منهم واقعاً في بدعة، لا ننسى أصل الولاء على دين الله.
وكما بيّن شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- أن المؤمن المطيع الذي لا يـُعلم عنه معصية ولا بدعة يحب من كل وجه، والكافر يبغض من كل وجه، والمسلم الذي عنده فجور وطاعة، وسنة وبدعة، يحب لإسلامه وطاعته، ويبغض لمعصيته وفجوره وبدعته ".
" ونحن إذا تكلمنا عن مخالفات بعض الاتجاهات الإسلامية لا نتكلم من باب العداء لهم والحض على هدمهم -كما يحاول البعض تصويرنا-، بل نتكلم من باب النصح للمسلمين والحرص على مصلحتهم في دينهم ودنياهم ".
" نعم قد تكون بعض العبارات حادة نوعاً ما حسب درجة المخالفة للكتاب والسنة ومقتضى الدليل؛ ولكنها دائماً تتجنب السب والشتم والبذاءة امتثالاً لهدي النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم من بعده من صحابته وتابعيهم ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ".
" ونحن في نفس الوقت نعرف نوع الخلاف مع المخالف ودرجته، وسبق أن بيّنا مرات أن من الخلاف ما هو اختلاف تنوع يحتاج إلى تكامل واستثمار، وما هو اختلاف تضاد سائغ يحتاج إلى سعة صدر واحتمال كل منا للآخر، تماماً كما وسع السلف هذا النوع من الخلاف، وهناك اختلاف تضاد غير سائغ يحتاج إلى تقويم وإصلاح وإنكار، وإن كان العلمانيون يجتهدون في تشويه صورة هذا النقد الحريص على المصلحة المشفق على المخالف ".
" ولم يكن كلامنا حقداً على المسلمين، أو بغضاً لهم، فليست معركتنا معهم، وإنما عداؤنا لمن يعادي الدين من الكفار والمنافقين الذين لا هم لهم إلا الصد عن سبيل الله، والذين شَرِقت حلوقهم بالصحوة الإسلامية، وبإقبال الناس عموماً على الإسلام، والالتزام به في أرجاء العالم ".
" إن شُغلنا الشاغل الدعوة إلى الله، وإلى دينه وشرعه، وتعليم الناس كتاب ربهم وسنة نبيهم -صلي الله عليه وسلم-، والعمل بذلك ولسنا بالذين نعيش حياتنا للطعن في فلان، والقدح في عِلاَّن، والجرح في غيرهم حتى وإن حاول البعض أن يصورنا على هذا النحو ".
ويقول الشيخ عبد المنعم الشحات حفظه الله لما عقب على تساؤل البعض حول توجيهه النقد لبعض المنابر الدعوية :
" ونحن نقول: إنَّ الصحوةَ الإسلاميةَ ككل -ومِنْ ضمنها "الفضائيات" التي تُعتبَر أحدثَ منابر الصحوة الإسلامية- تَخرج من مِحنة إلى مِحنة، وإنها تَسبح عكسَ التيَّار الذي كنا نسميه قديمًا بـ"تيار التغريب والثقافة الوافدة"؛ حيث كانت المعركة محلية بين الإسلاميين ودعاةِ التغريب ممن هم مِن جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا، وصار اليوم هو: "تيار العولمة"؛ حيث ساحة المعركة هي العالم أجمع! وإن كانت الغاية الأساسية للأعداء واحدةً؛ وهي: سَلْخُ المسلمين عن دينهم، ومِن ثَمَّ ذوبانُهم في غيرهم، وربما طمعوا في إخراج المسلمين تمامًا عن دينهم؛ مصداقـًا لقوله -تعالى-: (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ)
إنَّ الأُخُوَّةَ الإيمانيةَ تقتضي على السابحين ضِدَّ التيَّار معًا أن يَشُدُّوا مِن أَزْرِ مَن تَعَرَّضَ لـ"مَوْجَة عَاتِيَة" أو "دَوَّامَة مَائِيَّة" بالدعاء والتشجيع حتى يَتجاوزَ تلك المَوجة العاتيَة، وأما إذا وَجدوا أنه قَرَّرَ السِّبَاحة مع التيَّار ظنًّا منه أنه يُمكنه أن يُعاوِدَ السِّبَاحة في الاتجاه الصحيح إذا هَدَأَ التيَّار؛ فيَجِبُ عليهم أن يَصرخوا فيه، وأن يُحَذروه...
فالتيَّار لا يَهدأ، والأمواج متلاطمة، والسَّيْر مع التيَّار لا يَنتهي إلا عند الشَّطـِّ؛ ولكنه شَطـُّ الخَيبة والخُسران!
ولِمَ لا نُحَذر مما حَذَّرَ اللهُ منه رسولَه -صلى الله عليه وسلم-؛ ليكون غيرُه على حذر مِن باب أَوْلـَى؛ حيث قال: (وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاَ . إِذًا لأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا) (الإسراء:74-75)؟!
إنَّ النصرة الحقيقة لكل مَن تُحَدِّثـُه نفسُه أن يَسبح مع التيَّار -ولو قليلاً- أن تُنَادِيَ فيه:
الثباتَ... الثباتَ... "
فافهموا رحمكم الله وغفر لكم كلام أهل العلم ومنهجهم ، ولا تحملوا نصيحتهم على أنها إسقاط للدعاة
غفر الله لى ولكم
وبارك الله فيكم
وجزاكم الله خيرا
منقـــــــــــول
تعليق