التحذير من فتنة النساء
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ............ وبعد
فإن النساء حبائل الشيطان ، وشباكه التي ينصبها في طريق الجنة ليصيد بها كل ضعيف الهمة منزوع الإرادة دنيء الطبع ، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم " ما تركت فتنة أشد على رجال أمتي من النساء " " رواه النسائي والترمذي " وقال صلى الله عليه وسلم " إن الدنيا خضرة حلوة وإن الله مستخلفكم فيها فناظر ما تعملون ، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء " " رواه مسلم " فالشيطان يستخدم عنصر الإغراء والغواية ليفتن القلوب ويشتت الفكر ويوقع المؤمنين في المعصية ويخرق السفينة بالسهام المسمومة ، فكل نظرة حرام تزرع في القلب شهوة ، والمشغول بكثرة النظر يتشتت فكره وهمه فحيثما يتوجه البصر يتبعه الفكر والفؤاد ، والقلب المشغول بغير الله لا محل فيه للآخرة ولا يصلح صاحبه للمناجاة إلا إذا تطهر من الغفلة قبل القدوم على مولاه ، فالنظرة الحرام تنقش صورة المنظور إليه في القلب ، والمعبود لا يرضى بأي شريك ،ولذلك من غض بصره نَوَّر الله بصيرته وأبدله إيماناً يجد حلاوته في قلبه ،والإسلام يقيم بناء الأمة على الطهر والعفة ، ويحمي أبناءه من الوقوع في وحل الخطيئة ، ويحافظ على القلب أن ينشغل بغير الله ، ويضبط الشهوة بضابط الإرادة والعزيمة ، حتى يستعلي المؤمن على أي إغراء أو فتنة ، وبذلك تظل الصدور هادئة وادعة لا تمزقها النظرات الزانية ولا يعكر صفوها عبث الشيطان بصور الغرام والفتنة ، وعلى الوجه الآخر فإن الإسلام يقيم الحياة بين الزوجين على أساس المودة والرحمة ، فليس الزوجين خصمين متحاربين ، وإنما هما حبيبين متعاونين على إقامة بيت مسلم طاهر وحياة صالحة طيبة كريمة ، ولو طغى في القلب حب وعاطفة ،فالإسلام يوجهها التوجيه الصحيح لإشباع الشهوة بطريق صحيح ، فما جاء الدين بكبت العواطف ، ولا لإلغاء المشاعر الطيبة ،ولكنه جاء يهذبها وينظفها ويطهرها ويسمو بها إلى درجة العبادة والقرب من الله ، فاللقمة في فم الزوجة صدقة ، والنطفة الطاهرة في الرحم صدقة ، والسعي على الأولاد جهاد ، وهكذا فالمسلم يشبع شهوته ويرضي ربه في ذات الوقت . جاء شاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:" يا رسول الله رخص لي في الزنا ، فأراد الصحابة أن يقعوا به لأنه أساء الأدب وتجاوز حدود الطلب فأمرهم الرسول صلى الله عليه وسلم أن يتركوه ، ثم أخذ في تعليمه برفق ولين ، وقال له: يا فلان أترضاه لأمك ؟ قال : لا ، قال : أترضاه لأختك ؟ قال : لا ، أترضاه لعمتك ؟ قال : لا .....حتى عدد له المحارم ، وفي كل جواب يقول له : لا ، قال : كذلك الناس لا يرضونه لأمهاتهم ولا لأخواتهم ولا لعماتهم ،ولا... ثم وضع يده على صدره ودعا له قائلاً " اللهم طهر صدره وحصن فرجه ، فقام الشاب ولم يكن شيء أبغض إليه من الزنا .
وهكذا يزول غل الصدور ، ويذهب صدأ القلوب بالكلمة الطيبة واليد الحانية والرحمة الواسعة والصدر الرحيب ، وصدق الله حينما وصف نبيه بقوله " و ما أرسلناك إلا رحمة للعالمين "
والله تعالى يحب معالي الأمور ويكره سفا سفها ، ويرضى لعباده المؤمنين أن تتعلق قلوبهم بالجنة وما أعده الله فيها من الحور العين ، ونهانا ديننا عن الخلوة بالأجنبيات والنظر إليهن ، فالنظرة الحرام بريد الزنا كما أن المعصية بريد الكفر، قال صلى الله عليه وسلم " وما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما " والمرأة تقبل وتدبر في صورة شيطان ، فإذا وجد المرء في نفسه شيئاً وتحركت فيه دواعي الشهوة فإنه إذا أتى أهله ذهب ما به لأن البضع واحد ، والعاقل هو من يمنع الدواعي والمقدمات قبل الوصول إلى النتائج والنهايات ، وإن لبعض المؤمنين القدرة على مغالبة شهوات النفس وسد منافذ الشيطان ،واجتناب صحبة السوء ، والزهد في متاع الدنيا ، ولكنهم قد يضعفوا أمام النساء وتلك هي الطامة الكبرى ، ومما يذكره التاريخ في صحائف اليهود السوداء أنهم إذا فشلوا في مواجهة المؤمنين عند التقاء الصفوف فإنهم يغزونهم بالنساء ، فاستعمال عنصر المرأة في الإعلانات والبيع والشراء وإثارة الفتن وتهييج المشاعر الكامنة سنة قديمة من سنن اليهود ، ويكاد التاريخ يعيد نفسه ، فالكفر ملة واحدة وسنة الكافرين لا تتبدل مهما تغير الزمان والمكان ،
ولقد عُهد على كثير من الدعاة نشاطاً وحركة قبيل زواجهم ولكنهم بعد ذلك قد فترت عزائمهم وقلت حركتهم وانحسر نشاطهم وشُغلوا ببيوتهم ونسائهم ، وآثروا لذة الفراش ،على ساحات الفداء والتضحية باللذات وحظوظ النفس ،ولذلك حض الشارع على التثبت والتأني قبل الأقدام على الزواج ،ودعا إلى البحث والتدقيق في سلوك ودين من سيرتضيها المرء شريكة له في حياته ، فقال صلى الله عليه وسلم " تنكح المرأة لأربع : لمالها ولجمالها ولحسبها ولدينها ، فاظفر بذات الدين تربت يداك " " متفق عليه " وفي سبيل هذا الاختيار فلن يلتفت المسلم إلى المرأة الحسناء والتي خرجت من منبت السوء ، ولن يغريه الإلتماع الكاذب في المرأة ، ولن يلتفت إلى هذه الجيف الطافحة في الطرقات ، وإنما سيبحث عن الطاهرة العفيفة ، فالحياة معها ستطيب وتدوم ، فالمال يفنى والجمال يبلى ، أما دين المرأة فلا يبلى ولا يفنى منها أبداً ما دامت حريصة عليه متمسكة به ، فهناك صفات وسمات محددة وضرورية لمن يريد الزواج ويبحث عن الزوجة الصالحة التي تقر بها العين وتطيب معها الحياة ويجد المرء في جوارها الحب والحنان والطمأنينة والمودة ، جمعها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله " فاظفر بذات الدين تربت يداك " والله من وراء القصد
وكتبه / صلاح عبد المعبود
تعليق