إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

جمال العربية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • جمال العربية

    السلام عليكم ورحمة الله _
    من قديم، وعلماؤنا العرب يحاولون الكشف عن الصلة الخفية التي تربط بين اللفظ ودلالته، أي الكلمة ومعناها،بسبب اعتـزازهم بلغتهم،وإعجابهم بها، وحرصهم على الكشف عن أسرارها. من أطرف ما ذهب إليه بعضهم - في هذاالمجال -


    أن الكلمة مهما قلبناها على وجوهها المختلفة - المشتقة من جذرهاالأصلي - تشتمل على معنى عام مشترك.


    مثلا، كلمة (جبر) تتضمن في رأيهم معنىالقوة والشدة مهما صنعنا من حـروفها (ج، ب، ر) كلمات ومفردات جديدة. يقال: جبرتالعظم، أي قـويته بالمعالجة. وجبرت الفقير: أي قـويته وأعنته بالمسـاعدة. والجبروت: هـو القوة.


    والجبار: الشـدة والقوة والبأس والبطش. والجبر: هو الأخذبالقوة. ورجل مجرب: أي مارس الأمور فاشتدت قوته ودرايته وخبرته.


    والجراب: إنما سمي بهذا الاسم لأنه يحفظ ما فيـه، والشيء إذا حفظ قوي واشتد. ومثل كلمة (جبر) كثير في لغتنا الجميلة.


    * ويروون أنه لما حملت قطرالندى بنت خمارويه إلى الخليفة العباسي المعتضد ليتزوجها، كتب معها أبوها رسالةيوصيه فيها بها خيرا. فأمر المعتضد وزيره بالجواب على كتاب خمارويه، وكلف الـوزيرأحد كتابه بالرد، وغاب الكـاتب بعض الوقـت يصوغ رده على الرسالة ثم أتى بنسخة يقول فيها:


    وأما الوديعة فهي بمنزلة شيء انتقل من يمينك إلى شمالك، عناية بهاوحياطة لها.


    وأقبل الكاتب على الوزير معجبا بحسن ما وقع له من الكلمات قائلا: إن تسميتي لها بالـوديعـة، نصف البلاغة.


    فقال الوزير: ما أقبح هذا.. تفاءلت لامرأة زفت إلى صاحبها بالوديعة، والوديعة مستردة!

    * ترى ماالذي يخطر ببالنا، وما الذي نتصوره، عندما نردد كلمة كالفضيلة أو الخير أو الحق أوالصدق أو سواها من الكلمات القليلة الحروف، العامرة بالمعاني الكبيرة.


    لقدتناول الكاتب الكبير عباس محمود العقاد بأسلوبه المبني علي الحجة والمنطق موضوع الخير والسعادة، وتساءل: أيهما نتمناه أكثـر: الخير أو السعادة؟

    وهل ترانانرجو أن نوصف بالأخيار أو أن نوصف بالسعداء؟


    ثم يقول: بغير حاجة إلى استفتاء يمكننا أن نؤكد أن السعادة تظفر بأكثر الأصـوات فنحن في الواقع نختار اسماجـذابا حين نختار السعادة، ونحن إذا تصورنا السعادة فصورتها أمامنا صورة فتاةحسناء، تمتع الحس والنفس، وتشبع اللذة والأمل. إن صورة السعـادة صورة أنثوية، حافلةبالإشراق والمتعة والجمال.


    أما الخير، فيغلب على الخيال أن يرسمه لنا في صورة شيخ جليل، مهيب الطلعـة، طـويل اللحيـة، يجللـهالوقار.

    وشتان بين الصورتين.



    *

    وتتميز لغتنا الجميلة بأسرار شتى في تراكيبها واستعمالاتها، ولا بد من الالتفات إلى الفروق الدقيقة بين هذه الاستعمالات، حتى يكون كلامنا وتعبيرنا صحيحا وجميلا في الوقت نفسه.

    فنحن نقول: دعا له، في مجال الخير. ودعا عليه، في مجال الشر.


    ونستعمل وعد: للخير والعطاء (وعدته بكذا). أما أوعد: فتستعمل في مجالالتهديد والوعيـد. ونقول فـرط: ومعناها قصر (فرط في أداء الواجب). أما أفـرط: فمعنـاهـا أسرف وتجاوز الحد (أفـرط في الشراب).


    ونقول: أشار عليه بكذا: فيمجال الرأي والمشورة. أما أشار إليه: فتستعمل في مجال الإشارة باليد. ونقول: أشفق منه، بمعنى خاف منه. أما أشفق عليه، فمعناها عطف عليه.


    ومثل هذا كثير في لغتنا الجميلة.


    *

    ومن الطريف أن بعض الكلمات في لغتنا العربية تستعملللتعبير عن أشياء متعددة، من غير أن يكـون بين هذه الأشياء علاقة ظاهرة.

    مثلا: كلمة "العين"، المعنى الشائع لها أنها عضو الإبصار لدى الكائن الحي.


    ومن معانيهـا أيضا: الشمس، وإنما سميت الشمس عينا لأنه من غير نورهالا تبصر العين،


    والعين، هـو الحارس،
    وهـو أيضـا الجاسوس، لأن مهمتهتعتمد على العين ويقظتها.


    وعين الشيء: نفسـه، يقال: حضر فـلان عينه،للإثبات والتأكيد. وعن الشيء أيضا: خياره وأفضله وأغلى ما فيـه، كما أن عين الإنسان أغلى حـواسه، ولذلك يقال لأشراف القوم أعيان.


    والأب والأم، كل منهما عينلابنه، والجمع: أعيان، ولذلك يقال للإخوة من الأبوين: بنو الأعيان.


    *

    وممايؤثر عن العرب القدماء دقتهم في استعمال كل كلمة في موضعها الصحيح، بحيث تنفردبمعناها ودلالتها،

    فإذا ما تشابهت كلمتان وجب علينا أن نتحرى الفرق الدقيقبينهما في المعنى وفي مجال الاستعمال.


    فهم يفرقون بين السامع والمستمع.


    فالمستمع هو المصغي للاستماع المتفرغ له، أماالسامع فهو الذي يطرأ عليه الكلام فيسمعه من غير قصد ولا تفرغ.


    ويفرقون بينالهم والغم،فـالهم يكون لأمر يخشى المرء أن يقع،أماالغم فيكون لأمر قدر وقع فعلا. ويفرقون بين التمني والترجي، فالتمني هو طلب ما يمكنوقوعه وما لا يمكن، أما الترجي فمقصور على طلب ما يمكن وقوعه فقط.


    ومثل هذا كثير في لغتنا الجميلة.

    ذات الخال"
    لشاعر النيل حافظ إبراهيم




    هو ثاني الأسماء الشعرية الكـبرى التي ترددت في العصرالحديث بعد شوقي أمير الشعراء، وقبل خليل مطران شاعر القطرين، وانفرد هو بتسميته شاعر النيل.



    ويقال إن مـولده كان في " ذهبية" راسية على شاطىءالنيل، حيث كـان والده أحـد المهندسين المشرفين على قناطر ديروط في صعيد مصر، ويعلقالأستاذ أحمد أمين على ذلك بأنه "كان إرهاصا لطيفا، وإيماء طـريفا، إذ شاء القدرألا يولد شاعر النيل إلا على صفحة النيل ".

    وقد انقسم الناس في عصر شوقي وحافظ فريقين،
    فريقـا فضل حافظا وآثره عمن سواه
    وفريقا فضل شوقيـا كمعجزةشعرية مع حبه لحافظ وإعجابه به.

    والقليل من وقف من الشاعرين موقفا وسطا. ولميكن عميد الأدب العربي الراحل الدكتور طه حسين بعيدا عن هذا الأمر حين تناوله فيكتابه: "حافظ وشوقى " قائلا:

    "
    وصل شوقى في شيخوخته إلى ما وصل إليه حافظ في شبابه، لأن شوقي سكت حين كان حافظ ينطق، ونطق حين اضطر حافظ إلى الصمت، يالسوءالحظ، ليت حافظا لم يوظف قط، وليت شوقي لم يكن شاعر الأمير قط، ولكن هل تنفع شيئاليت؟

    لقد أسكت حافظ ثلث عمره، وسجن شوقي في القصر ربع قرن وخسر بسعادة هذين الشاعرين العظيمين شيئا كثيرا.



    ومن أجمل الآثار الشعرية لحافظ إبراهيم قصيدته التي يشكو فيها إلى "ذات الخال " شجونه وأشواقه ومكابداته، ومافعلته العيون بسهامها التي لا ترحم

    .. ويقول:



    كم تحت أذيـال الظـلام متيم= دامي الفـؤاد، وليلـه لا يعلم

    مـا أنت في دنيـاك أول عـاشق = راميـه لا يحنـو، ولا يترحـم

    أهـرمتني ياليل في شرخ الصبـا = كم فيك سـاعـات تشيب وتهرم

    لا أنت تقصر لي ولا أنـا مقصر =أتعبتني وتعبت، هل منيحكـم؟

    للـه مـوقفنـا وقـد ناجيتهـا =بعظيم مـا يخفي الفـؤاد ويكتم

    قـالت: من الشـاكي؟ تسـائل= سربها عني، ومن هـذا الـذي يتظلم؟

    فأجبنها - وعجبن كيف تجاهلت - = هـو ذلك المتـوجع المتـألم

    أنا منعرفت ومن جهلت، ومن لـه =- لولا عيونك - حجـة لا تفحم

    أسلمت نفسي للهـوى،وأظنهـا =ممـا يجشمهـا الهوى لا تسلـم

    وأتيت يحدوني الـرجـاء، ومن أتى = متحـرما بفنـائكم لا يحرم

    أشكـو لذات الخال مـا صنعت بنا = تلك العيـون،ومـا جنـاه المعصم

    لا السهم يرفق بالجريح، ولا الهوى = يبقي عليـه ولاالصبـابـة تـرحم

    لو تنظرين إليـه في جـوف الـدجى = متململا من هـول مايتجشم

    يمشي إلى كنف الفراش محاذرا =وجلا، يـؤخر رجله ويقـدم

    يـرميالفـراش بناظـريـه، وينثني = جـزعا، ويقـدم بعـد ذاك ويحجم

    فكأنـه - واليأس ينسف نفسـه -= للقتل فـوق فـراشـه يتقـدم

    رشفت بـه في كل جنب سـدتـه = وانسـاب فيـه بكل ركـن أرقم

    فكأنه في هـوله وسعيره= واد قـد اطلعت عليـهجهنـم

    هـذا وحقك بعض مـا كابدته = من نـاظريك، ومـا كتمتك أعظم

    قـالـوا: أهذا أنت! ويحك فـاتئد = حتـام تنجـد في الغـرام وتتهم؟

    كم نفثـة لك تستثير بها الهوى = هـاروت في أثنـائهـا يتكلم

    إناسمعنـا عنك مـا قـد رابنـا = وأطـال فيك وفي هـواك اللـوم

    فاذهب بسحرك قدعرفتك، واقتصد = فيما تـزين للحسـان وتـوهم

    أصغت إلى قـول الـوشاة فأسرفت = في هجرهـا، وجنت علي وأجرموا

    حتى إذا يئـس الطبيب وجـاءهـا = أني تلفت،تنـدمـت وتنـدمـوا

    وأتت تعـود مريضهـا، لا بل أتت =مني تشيـع راحـلا لـوتعلم






    منقول
    التعديل الأخير تم بواسطة حفيدة حليمة السعدية; الساعة 31-03-2010, 09:28 PM. سبب آخر: فك المتشابك

  • #2
    رد: جمال العربية

    جزاكم الله خير على هذا الشرح الممتع

    اسئلكم الدعاء ﻻخي بالشفاء العاجل وان يمده الله بالصحة والعمر الطويل والعمل الصالح

    تعليق


    • #3
      رد: جمال العربية

      الله يجزاك خير على مرورك,,بارك الله فيك

      تعليق


      • #4
        رد: جمال العربية

        جزاكم الله خيرا كثيرا
        " حَسبُنا الله سَيُؤتِينا الله مِن فضْلِه إنّا إلَى الله رَآغِبُونَ"
        يقول عن هذه الآية الشيخ / صآلح المغآمسي ..إنها دُعــآء المُعجِزات، ويقول: والله متى ما دعوت الله بصدق وكنت في مأزق إلا وجاء الفرج من حيث لا أعلم،، وقال ابن باز رحمه الله: مادعوت بهذا الدعاء بعد التشهد الأخير. في أمر عسير إلا تيسّر

        تعليق


        • #5
          رد: جمال العربية

          أسعدني مرورك المشتاقة لله ,,بوركتي

          تعليق

          يعمل...
          X