السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا لى صديقة مقربة منى لها أب يسىء معاملة أمها دائماً وهى تكره أبوها جداً وتدعوا عليه
لانه يسب الدين ودائم السب لامها ويدعوا عليها وهى تحب امها جدا جدا ودائما يرفع صوته ويلم
الجيران على أمها ويدعى عليها أشياء لم تحدث هيا وأخوته يكرهون أبوهم هذا .
هيا تشعر دائما بالذنب لكن تخرج عن شعورها ديماً هى لم توجه له كلاماً بل تدعوا عليه من
داخلها وتشكى لى دائماً منه .
نسأل الله تعالى أن يهدي هذا الأب وأن يسخر له من أهل الخير والصلاح من يرشدوه إلى الحق
بداية: أستعين بالله قائلا لا يحق للاخت الكريمة أن تدعي على أبيها حتى وإن أمرها بالكفر
ثانيا: ما يفعله أبوك ليس من الإسلام في شيء (إن كان الأمر كما تقولين) بل سب الدين كفر صريح مخرج عن الملة ولعلك تجدين ناصحا له.
ولكن دعينا نسأل الأخت الكريمة (صديقتك) إلى أي مدى كانت هي بارة بأبيها مهما كان قاسيا ومهما كان جاحدا ومهما كان كارها لهم
(وإن كان في ظني أنه ليس هناك أب يكره أبناءه) وقد يظهر هذا في بعض المواقف والتي قد يظن الأب جاهلا أن من الرجولة أن يخفي مشاعره عن أبنائه فيها
و على أقل الأحوال يمكن لصديقتك أن تاتي ببعض الكتيبات أو الأشرطة عن حكم سب الدين وعن بر الوالد بأبنائه وتضعها في مكان ظاهر يراه الأب بدون تدخل منها
وليعلم هذا الأب هداه الله أنه إن كان اليوم بصحته مستغنٍ عن زوجته وأولاده فغدا سيكبر سنه وينحني ظهره وسيجني قريبا ثمارا مرة جزاء ما زرع من الكره الذي وصل بهذه المسكينة إلى أن تدعو عليه
نقول له :
كفاك عقوقا لأبنائك ... ومن قبل ذلك كفاك حربا على الله بسبك لدينه فسوف يقسمك ويجعلك عبرة إلا أن تتوب
نقول صحتك لن تدوم ... ولسانك قد يشل فتعيش مرارة الخرس وتتمنى كما تمنى غيرك أن تسمع نفسك وأنت تقرأ القرآن
وقد تشل بقدرة الله وبدون سبب ويحتار كل طبيب في علاجك وتتمنى ساعتها أن تسجد سجدة واحدة ثم يريحك الله مما أنت فيه من العذاب الدنيوي بعد أن لا تجد من يحمل عنك برازك ويتقرح جلدك فلا تجد من يواسيك
فلماذا تحارب الله إذا وأنت المخلوق الضعيف تضيع أولادك ومن قبله تضيع حق ربك ؟
هل تستطيع أن ترد عن نفسك المرض ؟ أو الموت؟
أقول لك (الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء)
يقول الشيخ محمد صالح المنجد (بتصرف):
أعظم ما يكون من الرحمة هو ما يكون من الوالدين تجاه أولادهم ، فإذا رأيت من لا يتصف بهذا من عموم الخلق ، أو من خصوص الآباء والأمهات : فهو منتكس الفطرة ، نُزعت الرحمة من قلبه ، فصارت الحجارة خيراً منه ، قال تعالى : ( ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ) البقرة/ 74 .
وإن أعظم ما يسبب هذه القسوة – وبخاصة من الآباء – هو : الدين ، والبيئة ، ولذا رأينا المشركين يقتلون أولادهم بسبب الرزق ! وخشية العار ! وتقرباً لآلهتهم ! فأي قسوة أعظم من هذه ، أن يقدم الأب ويحفر لابنته حفرة ، ثم يدفنها حيَّة ؟! ،
قال تعالى : ( وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ ) الأنعام/ 137 .
وللبيئة البيتية ، أو المكانية تأثيرها على القلوب في قسوتها ، حتى إن بعض ساكني البيئات الجافة ، والمنتكسة ليحن على حيوانه الأليف ، أو على دابته أكثر من حنوه على أولاده .
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : تُقَبِّلُونَ الصِّبْيَانَ ؟ فَمَا نُقَبِّلُهُمْ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَوَأَمْلِكُ لَكَ أَنْ نَزَعَ اللَّهُ مِنْ قَلْبِكَ الرَّحْمَةَ ) .
رواه البخاري ( 5652 ) ومسلم ( 2317 ) .
ثانياً:
مع قسوة الأب ، وغلظته ، بل ولو كان معهما كفر بالله تعالى : فإن الله تعالى قد أمر ببرِّه ، والتلطف في معاملته ، ولا يستثنى من ذلك إلا الطاعة في المعصية ؛ فإنها تحرم على الأولاد أن يفعلوها .
قال تعالى : ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً ) الإسراء/ 23 .
وقال تعالى : ( وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) لقمان/ 15 .
ثالثاً:
كيف يقابل الأولاد قسوة والدهم ؟
إن أسهل الطرق للتخلص من هذه القسوة ، وسوء المعاملة هي الخروج من البيت ! لكنه ليس حلاًّ ؛ لأن مقتضى الرحمة بالوالد تقتضي البقاء لدعوته ، والإحسان إليه ، ولسبب آخر : أن أمك ، وأشقاءك أحوج ما يكونون إليه مع تلك المعاملة القاسية من والدك للجميع ،
لذا فإننا ننصحك بما يلي :
1. الصبر .
2. الإحسان إليه ، وعدم رد الإساءة بمثلها .
3. الابتعاد بالكلية عن كل ما يغضبه ، ويسبب له الاحتقان ، من أفعال ، وأقوال منكم .
4. الحرص على هدايته ، وتعليمه ، ووعظه ، ونصحه ، بالطرق المناسبة له ، كإسماعه شريطاً ، أو إهدائه كتاباً ، أو التنسيق مع دعاة لزيارتكم ، والتعرف عليه ، أو غير ذلك مما يناسب حاله ، وبيئتكم .
4. الدعاء له بالهداية ، والتوفيق .
سئل الشيخ صالح الفوزان – حفظه الله - :
نحن عشرة إخوة ، تتدرج أعمارنا إلى تسع عشرة سنة ، ونعيش مع والدنا ، ووالدتنا في مسكن واحد ، ونحن - والحمد لله - متمسكون بالدين الحنيف ، فنصلي فروضاً ، ونوافل ، ونصوم فرضاً ، وتطوعاً ، ولكن مشكلتنا : والدنا ، الذي يسيء معاملتنا في البيت ، فهي أشبه بمعاملة البهائم ، إن لم تكن أسوأ ! بالرغم من أننا نوقره كل التوقير ، ونحترمه جل الاحترام ، ونهيئ له كل وسائل الراحة والهدوء ، ولكنه مع ذلك يعاملنا ووالدتنا أسوأ معاملة ، فلا ينادينا إلا بأسوأ الحيوانات ، ودائما يدعو علينا وينتقدنا في كثرة تمسكنا بالدين ، وإلى جانب ذلك كثيراً ما يغتاب الناس ، ويسعى بالنميمة بينهم ، ويفعل هذه الأفعال مع صلاته وصيامه ، فهو محافظ على الصلوات المفروضة في المساجد ، ولكنه لم يقلع عن هذه العادة السيئة ، حتى سبَّب لنا ولوالدتنا الضجر ، والضيق ، فقد سئمنا صبراً ، وأصبحنا لا نطيق العيش معه على هذه الحالة ، فما هي نصيحتكم له ؟ ونحن ماذا يجب علينا نحوه ؟ جزاكم الله خيراً .
أولاً :
يجب على الوالد أن يحسن إلى أولاده ، ويستعمل معهم اللين في وقته ، والشدة في وقتها ، فلا يكون شديداً دائماً ، ولا يكون ليِّناً دائماً ، بل يستعمل لكل وقت ما يناسبه ؛ لأنه مربٍّ ، ووالد ، فيجب عليه أن يستعمل مع أولاده الأصلح ، دائماً ، وأبداً ، إذا رأى منهم الإحسان : لا يشتد عليهم ، وإذا رأى منهم الإساءة : يشتد عليهم ، بنسبة تردعهم عن هذه الإساءة ، ويكون حكيماً مع أولاده .
هذا هو الواجب عليه ، فلا يقسو عليهم بما ينفرهم ، ولا يشتد عليهم من غير موجب ، ومن غير مبرر ، بل يحسن أخلاقه معهم ؛ لأنهم أولى الناس بإحسانه ، وعطفه ، وحتى ينشئوا على الدين ، والخلق ، والعادات السليمة .
أما إذا نفرهم بقسوته ، وغلظته المستمرة : فإن ذلك مدعاة لأن ينفروا منه ، وأن ينشئوا نشأة سيئة ، فالواجب على الأب أن يلاحظ هذا مع أولاده ؛ لأنهم أمانة عنده ، وهو مسئول عنهم ، وكلكم راع ، وكلكم مسئول عن رعيته .
أما واجبكم نحوه : الإحسان ، والصبر على ما يصدر عنه ، هو والدكم ، وله الحق الكبير عليكم ، وأنتم أولاده ، الواجب : أن تحسنوا إليه ، وأن تصبروا على ما يصدر منه من قسوة ؛ فإن ذلك مدعاة لأن يتراجع ، وأن يعرف خطأه ، والله تعالى أعلم .
" المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان " ( 5 / 382 ، 383 ، السؤال 504 ) .
وأرجو أن تبلغي والد صديقتك بطريقة أو بأخرى بأن يجاهد نفسه فلا يغضب وله الجنة بإذن الله كما بشّر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم
وأخبريه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان عفيف اللسان فليقتد به كما قال الله : ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة )
ولتنصحي صديقتك بأن عليها وأمها إذا غضب هذا الرجل ألا ينصحوه حال غضبه فقد يتمادى وإنما عليهم أن يقدموا له النصيحة بعد أن يسكن غضبه وتهدأ نفسه فهو أحرى أن يستجيب ولينصرف من غضِب عليه من أمامه بهدوء حتى لا يزداد الموقف سوءا ولا حرج عليكم في الدّفاع عن أمكم بل هو مطلوب منكم لكن لا عن طريق مصارعة الأب وإنما أن تنصرفوا بأمكم بهدوء من الميدان ، بعد أن تذكّروا أباكم بالله وترشدوه إلى الاستعاذة من الشيطان ، أعانكم الله ووفقنا الله وإياك لكل خير.
والله أعلم
أنا لى صديقة مقربة منى لها أب يسىء معاملة أمها دائماً وهى تكره أبوها جداً وتدعوا عليه
لانه يسب الدين ودائم السب لامها ويدعوا عليها وهى تحب امها جدا جدا ودائما يرفع صوته ويلم
الجيران على أمها ويدعى عليها أشياء لم تحدث هيا وأخوته يكرهون أبوهم هذا .
هيا تشعر دائما بالذنب لكن تخرج عن شعورها ديماً هى لم توجه له كلاماً بل تدعوا عليه من
داخلها وتشكى لى دائماً منه .
نسأل الله تعالى أن يهدي هذا الأب وأن يسخر له من أهل الخير والصلاح من يرشدوه إلى الحق
بداية: أستعين بالله قائلا لا يحق للاخت الكريمة أن تدعي على أبيها حتى وإن أمرها بالكفر
ثانيا: ما يفعله أبوك ليس من الإسلام في شيء (إن كان الأمر كما تقولين) بل سب الدين كفر صريح مخرج عن الملة ولعلك تجدين ناصحا له.
ولكن دعينا نسأل الأخت الكريمة (صديقتك) إلى أي مدى كانت هي بارة بأبيها مهما كان قاسيا ومهما كان جاحدا ومهما كان كارها لهم
(وإن كان في ظني أنه ليس هناك أب يكره أبناءه) وقد يظهر هذا في بعض المواقف والتي قد يظن الأب جاهلا أن من الرجولة أن يخفي مشاعره عن أبنائه فيها
و على أقل الأحوال يمكن لصديقتك أن تاتي ببعض الكتيبات أو الأشرطة عن حكم سب الدين وعن بر الوالد بأبنائه وتضعها في مكان ظاهر يراه الأب بدون تدخل منها
وليعلم هذا الأب هداه الله أنه إن كان اليوم بصحته مستغنٍ عن زوجته وأولاده فغدا سيكبر سنه وينحني ظهره وسيجني قريبا ثمارا مرة جزاء ما زرع من الكره الذي وصل بهذه المسكينة إلى أن تدعو عليه
نقول له :
كفاك عقوقا لأبنائك ... ومن قبل ذلك كفاك حربا على الله بسبك لدينه فسوف يقسمك ويجعلك عبرة إلا أن تتوب
نقول صحتك لن تدوم ... ولسانك قد يشل فتعيش مرارة الخرس وتتمنى كما تمنى غيرك أن تسمع نفسك وأنت تقرأ القرآن
وقد تشل بقدرة الله وبدون سبب ويحتار كل طبيب في علاجك وتتمنى ساعتها أن تسجد سجدة واحدة ثم يريحك الله مما أنت فيه من العذاب الدنيوي بعد أن لا تجد من يحمل عنك برازك ويتقرح جلدك فلا تجد من يواسيك
فلماذا تحارب الله إذا وأنت المخلوق الضعيف تضيع أولادك ومن قبله تضيع حق ربك ؟
هل تستطيع أن ترد عن نفسك المرض ؟ أو الموت؟
أقول لك (الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء)
يقول الشيخ محمد صالح المنجد (بتصرف):
أعظم ما يكون من الرحمة هو ما يكون من الوالدين تجاه أولادهم ، فإذا رأيت من لا يتصف بهذا من عموم الخلق ، أو من خصوص الآباء والأمهات : فهو منتكس الفطرة ، نُزعت الرحمة من قلبه ، فصارت الحجارة خيراً منه ، قال تعالى : ( ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ) البقرة/ 74 .
وإن أعظم ما يسبب هذه القسوة – وبخاصة من الآباء – هو : الدين ، والبيئة ، ولذا رأينا المشركين يقتلون أولادهم بسبب الرزق ! وخشية العار ! وتقرباً لآلهتهم ! فأي قسوة أعظم من هذه ، أن يقدم الأب ويحفر لابنته حفرة ، ثم يدفنها حيَّة ؟! ،
قال تعالى : ( وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ ) الأنعام/ 137 .
وللبيئة البيتية ، أو المكانية تأثيرها على القلوب في قسوتها ، حتى إن بعض ساكني البيئات الجافة ، والمنتكسة ليحن على حيوانه الأليف ، أو على دابته أكثر من حنوه على أولاده .
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : تُقَبِّلُونَ الصِّبْيَانَ ؟ فَمَا نُقَبِّلُهُمْ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَوَأَمْلِكُ لَكَ أَنْ نَزَعَ اللَّهُ مِنْ قَلْبِكَ الرَّحْمَةَ ) .
رواه البخاري ( 5652 ) ومسلم ( 2317 ) .
ثانياً:
مع قسوة الأب ، وغلظته ، بل ولو كان معهما كفر بالله تعالى : فإن الله تعالى قد أمر ببرِّه ، والتلطف في معاملته ، ولا يستثنى من ذلك إلا الطاعة في المعصية ؛ فإنها تحرم على الأولاد أن يفعلوها .
قال تعالى : ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً ) الإسراء/ 23 .
وقال تعالى : ( وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) لقمان/ 15 .
ثالثاً:
كيف يقابل الأولاد قسوة والدهم ؟
إن أسهل الطرق للتخلص من هذه القسوة ، وسوء المعاملة هي الخروج من البيت ! لكنه ليس حلاًّ ؛ لأن مقتضى الرحمة بالوالد تقتضي البقاء لدعوته ، والإحسان إليه ، ولسبب آخر : أن أمك ، وأشقاءك أحوج ما يكونون إليه مع تلك المعاملة القاسية من والدك للجميع ،
لذا فإننا ننصحك بما يلي :
1. الصبر .
2. الإحسان إليه ، وعدم رد الإساءة بمثلها .
3. الابتعاد بالكلية عن كل ما يغضبه ، ويسبب له الاحتقان ، من أفعال ، وأقوال منكم .
4. الحرص على هدايته ، وتعليمه ، ووعظه ، ونصحه ، بالطرق المناسبة له ، كإسماعه شريطاً ، أو إهدائه كتاباً ، أو التنسيق مع دعاة لزيارتكم ، والتعرف عليه ، أو غير ذلك مما يناسب حاله ، وبيئتكم .
4. الدعاء له بالهداية ، والتوفيق .
سئل الشيخ صالح الفوزان – حفظه الله - :
نحن عشرة إخوة ، تتدرج أعمارنا إلى تسع عشرة سنة ، ونعيش مع والدنا ، ووالدتنا في مسكن واحد ، ونحن - والحمد لله - متمسكون بالدين الحنيف ، فنصلي فروضاً ، ونوافل ، ونصوم فرضاً ، وتطوعاً ، ولكن مشكلتنا : والدنا ، الذي يسيء معاملتنا في البيت ، فهي أشبه بمعاملة البهائم ، إن لم تكن أسوأ ! بالرغم من أننا نوقره كل التوقير ، ونحترمه جل الاحترام ، ونهيئ له كل وسائل الراحة والهدوء ، ولكنه مع ذلك يعاملنا ووالدتنا أسوأ معاملة ، فلا ينادينا إلا بأسوأ الحيوانات ، ودائما يدعو علينا وينتقدنا في كثرة تمسكنا بالدين ، وإلى جانب ذلك كثيراً ما يغتاب الناس ، ويسعى بالنميمة بينهم ، ويفعل هذه الأفعال مع صلاته وصيامه ، فهو محافظ على الصلوات المفروضة في المساجد ، ولكنه لم يقلع عن هذه العادة السيئة ، حتى سبَّب لنا ولوالدتنا الضجر ، والضيق ، فقد سئمنا صبراً ، وأصبحنا لا نطيق العيش معه على هذه الحالة ، فما هي نصيحتكم له ؟ ونحن ماذا يجب علينا نحوه ؟ جزاكم الله خيراً .
أولاً :
يجب على الوالد أن يحسن إلى أولاده ، ويستعمل معهم اللين في وقته ، والشدة في وقتها ، فلا يكون شديداً دائماً ، ولا يكون ليِّناً دائماً ، بل يستعمل لكل وقت ما يناسبه ؛ لأنه مربٍّ ، ووالد ، فيجب عليه أن يستعمل مع أولاده الأصلح ، دائماً ، وأبداً ، إذا رأى منهم الإحسان : لا يشتد عليهم ، وإذا رأى منهم الإساءة : يشتد عليهم ، بنسبة تردعهم عن هذه الإساءة ، ويكون حكيماً مع أولاده .
هذا هو الواجب عليه ، فلا يقسو عليهم بما ينفرهم ، ولا يشتد عليهم من غير موجب ، ومن غير مبرر ، بل يحسن أخلاقه معهم ؛ لأنهم أولى الناس بإحسانه ، وعطفه ، وحتى ينشئوا على الدين ، والخلق ، والعادات السليمة .
أما إذا نفرهم بقسوته ، وغلظته المستمرة : فإن ذلك مدعاة لأن ينفروا منه ، وأن ينشئوا نشأة سيئة ، فالواجب على الأب أن يلاحظ هذا مع أولاده ؛ لأنهم أمانة عنده ، وهو مسئول عنهم ، وكلكم راع ، وكلكم مسئول عن رعيته .
أما واجبكم نحوه : الإحسان ، والصبر على ما يصدر عنه ، هو والدكم ، وله الحق الكبير عليكم ، وأنتم أولاده ، الواجب : أن تحسنوا إليه ، وأن تصبروا على ما يصدر منه من قسوة ؛ فإن ذلك مدعاة لأن يتراجع ، وأن يعرف خطأه ، والله تعالى أعلم .
" المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان " ( 5 / 382 ، 383 ، السؤال 504 ) .
وأرجو أن تبلغي والد صديقتك بطريقة أو بأخرى بأن يجاهد نفسه فلا يغضب وله الجنة بإذن الله كما بشّر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم
وأخبريه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان عفيف اللسان فليقتد به كما قال الله : ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة )
ولتنصحي صديقتك بأن عليها وأمها إذا غضب هذا الرجل ألا ينصحوه حال غضبه فقد يتمادى وإنما عليهم أن يقدموا له النصيحة بعد أن يسكن غضبه وتهدأ نفسه فهو أحرى أن يستجيب ولينصرف من غضِب عليه من أمامه بهدوء حتى لا يزداد الموقف سوءا ولا حرج عليكم في الدّفاع عن أمكم بل هو مطلوب منكم لكن لا عن طريق مصارعة الأب وإنما أن تنصرفوا بأمكم بهدوء من الميدان ، بعد أن تذكّروا أباكم بالله وترشدوه إلى الاستعاذة من الشيطان ، أعانكم الله ووفقنا الله وإياك لكل خير.
والله أعلم
تعليق