" النصيحة شرائطها وفوائدها "
النصيحة، التي نحتاج أن تكون خلقًا وصفةً شائعةً بيننا يقدمها العالم للجاهل ، والكبير للصغير ، والولي لمن ولاه الله أمره ، وتكون كذلك شائعةً فيما بيننا ، من حيث تربيتنا عليها ، وحرصاً على أدائها ، وتقبل لها وتقديراً وإجلالاً واحتراماً لمقدمها ؛ لما يبذله من خيرٍ يريده لنا .
ولعلنا في هذا المقام وقد رأيت من بعض الاخوة اهتماماً بأننا مقصرون في واجب النصح فيما بيننا وفيما نراه من أحوال حياتنا العامة في بيوتنا في مجتمعاتنا في أحيائنا في مساجدنا ؛ لعلنا حينئذٍ نؤكد عل أهمية هذه النصيحة والتناصح ، ونقف مع الشروط أو الأسباب والصفات التي تجعل النصيحة كاملة نافعة حتى نأخذ بالأسباب التي تقود إلى حصول المقصود :
وأول هذه الشرائط والأسباب :العلم بما ينصح به
فلا ينبغي أن تتقدم بنصحٍ في أمرٍ لا تعلمه ولا تعرف فيه حكم الله وليس لك اطلاع على هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فإن النصيحة أمرً بمعروف ، ونهي عن منكر ، وإنها دعوة إلى الله ، لا بد فيها من علم وفهم وإدراك : { فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك } ، قدّم العلم على ما ينبغي عليه بعد ذلك من العمل .
قال تعالى : { قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين } ، أي على علمٍ وبينةٍ ومعرفةٍ تامة وواضحة
قال تعالى : { ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن } .
والحكمة وضع الشيء في موضعه ، ولا يمكن أن تضعه في موضعه ما لم تكن به عالماً ، وبالأحوال والظروف المحيطة مدركاً ، وذلك ما ينبغي أن يكون ، ومن فقه أئمتنا أنهم نبهوا على أهمية العلم قبل العمل ، وقبل النصح والإرشاد الذي لا بد أن يكون قوامه هو ذلك العلم .
فمما أثر عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله أنه قال : " العامل بغير علمٍ ما يفسد أكثر مما يصلح " .
وهذا أمراً بينٌ نحتاج إليه .
وكم من صورٍ سنعرض لها يتقدم فيها من ينصح وهو ينصح بالباطل ، وينصح بما يخالف النفع والفائدة المبنية على أساس الشريعة الإسلامية .
الكمال في النصيحة
فهو عمل الناصح بما ينصح به ؛ فإن القدوة الحسنة لها أثرها في النفوس ؛ فإن وافق الفعل القول كان ذلك أبلغ في الفهم والمعرفة ، وفي القبول والإقبال على هذه النصيحة .
ولقد ورد الذم كثيراً وعظيماً لمن يخالف قوله فعله ، ولمن لا يلحق القول بالفعل ، قال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لم تقولون مالا تفعلون * كبر مقتاً عند الله أن تقولوا مالا تفعلون } .
وفي سياق ما ذكر من صفات مذمومة كان عليها بعض الكتاب قول الحق جل وعلا : { أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون } .
ولا يعني ذلك - كما أشرنا من قبل - أن تترك النصح إذا رأيت الخطأ وأنت غير قادرٍ أو غير مستقيمٍ عليه ؛ فإن النصح في هذه الحالة يكون نصحاً للآخر ونصحاً لك ؛ وذلك يقودك إلى مراجعة نفسك : " ما بالي أقول لا تفعل وأنا أفعل ! ما بالي أقول اجتنبوا وأنا أرتكب ! " ؛ فيكون ذلك عظة للإنسان .
لكننا نتحدث هنا عن الكمال الذي يجعل للنصيحة أثرها النافع والمفيد .
ومن حديث أسامة بن زيد - وهو صحيح - ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم عن عقاب رجلٍ في يوم القيامة ، صفته أنه يأمر بالمعروف ولا يأتيه ، وينهى عن المنكر ويأتيه ، قال صلى الله عليه وسلم : ( .. فيؤتى به يوم القيامة فتندلق أقتابه من بطنه أي أمعائه فيدور بها كما يدور الحمار بالرحى ، فيطلع عليه أهل النار فيقولون : ألم تكن تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر ؟ فيقول : بلى كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه وأنهاكم عن المنكر وآتيه ) .
وتلك صورة من العقاب والمعنوي والحسي ، ساقها النبي - صلى الله عليه وسلم - تذكيراً وموعظةً وتحذيراً وترهيباً من هذا السلوك .
ولا شك أننا ندرك تماماً أن المخالفة بالقول والفعل من أسباب عدم قبول النصيحة وحصول أثر الدعوة .
ومن هنا جاء الخطاب القرآني على لساني نبي من أنبياء الله عز وجل : { وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه أن أريد إلا الإصلاح } ، ثم أخالف وأكون أنا الذي أفعله .
فيكون ذلك كما ذكر ابن القيم عن علماء السوء الذين يعضون الناس بأقوالهم ويصدونه عن سبيل الله بأفعالهم ، قال : أولائك شبههم بالذين يصطادون الناس بصدّ ، والإعراض عن سبيل الله - عز وجل - وعن دينه سبحانه وتعالى .
إظهار الحرص والتجرد عند النصح
أما الحرص فنقصد به إظهار الحرص على ذلك المنصوح وأن تبدي له غاية الشفقة به ، وعظيم الرحمة له ، وأن تجسد له أنك تريد له الخير وتضمر له الحب ؛ فإن ذلك من أعظم الأسباب التي تغزو بها النصيحة القلوب والعقول .
ولعلنا نستحضر هنا الوصف العظيم الذي وصف نبينا العظيم صلى الله عليه وسلم ، قال تعالى : { لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم } .
هو الذي فاض قلبه بالرحمة ، فكان يشفق على كل عاصٍ ، ويحزن لكفر الكافر ، ويريد أن يكون الناس كلهم في سياق رحمة الله عز وجل ورضوانه .
ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا السياق مبيناً صفته مع الناس : ( إنما مثلي ومثلكم كمثل رجل استوقد ناراً فجعل الفراش والهوام يقعن فيها ، وجعل يذبهن عنها ، فأنا آخذ بحجزكم من النار وأنتم تتقحمون فيها ) كما ورد في بعض الروايات .
فكأن الناس انساقوا وتسارعوا إلى النار غفلة عن الله عز وجل ، أو كفراً به ، أو ولوجاً بالمعاصي .
وتأتي هداية النبي - صلى الله عليه وسلم - وسنته ورحمته لترد الناس عن هذا المصير السيئ ، والخاتمة الشقية إلى حياض دين الله عز وجل ، ومن هنا رأينا مواقف رحمته كيف أثرت في نفوس العتاة الصادين عن دين الله ، تفتتت قسوة قلوبهم وألانتها ؛ بما كان من هذا الحرص والإظهار للمحبة والشفقة كيف نريد أن يقبل منا النصح والمنصوح ، قد يرى أننا لا نضمر له إلا شدة ، ولا نريه إلا غلظةً ، ولا يسمع منا إلا فضاضةً ، قال تعالى : { فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فضاً غليظ القلب لانفضوا من حولك } .
فالله الله عندما ننصح أن يكون إظهار هذا المعنى مهماً .
والمعنى الآخر هو : التجرد ، أي التجرد عن المصلحة والمنفعة .
إنما أنصحك لوجه الله لا أريد منك جزاءً ، ولا أنتظر شكورا ، ولا أرقب منك أن ترد لي المعروف مادة ، أو شيء من ذلك ، وذلك لسان حال الرسل والأنبياء كلهم فيما قص القرآن من خبرهم ، قال تعالى : { قل ما أسألكم عليه من أجرٍ إن أجري على الله } .
ويوم يتنزه الناصح والداعي عن المطامح والمطامع وحطام الدنيا تعلوا مكانته عند الناس ، ويعظم قدره في عيونهم ، ويرون صدق إخلاصه ، فيكون لذلك أثره في القبول ، قال تعالى : { إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت } .
مالي عندكم من غرض ، ولا فيكم من أرض ، إلا أن يجري الله الخير على يدي بما أقول إبراءً لذمتي ، وبما أرقب من النفع استجابة لدعوتي ..
فالله الله في مثل هذا السلوك ؛ لأنه هو الذي يقود بإذن الله إلى حصول الأثر
التلطف في الأداء قولاً وفعلا
وليس ببعيد عما ذكرناه كذلك إظهار المشاعر القلبية ، واستمع إلى هذه الآية العظيمة التي تبين ذلك الأمر بياناً شافياً ، قال تعالى : { ولا تستوي الحسنه ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميد } .
وهي آية بليغة عظيمة ، في بلاغتها روعة لا يمكن أن يحيط بها كلام الناس في عظمتها .. { ولا تستوي الحسنة ولا السيئة } ، تلك في باب والأخرى في باب آخر .
فإذا جاءتك السيئة أو وقعت الخطيئة أو حصلت المخالفة { ادفع } ، أي ادفعها وأبدها وبددها ، فهل يكون ذلك بالقوة { ادفع بالتي هي أحسن } ليس بالحسنى ! بل بالتي هي أحسن ، أي غاية ما يمكن من الإحسان ، والتلطف الذي يحصل به الأثر بإذن الله عز وجل .
وكثيراً ما تسمع من الناس غير ذلك فإن أسيء إليك وأردت أن تكون واسع الصدر ، وأن ترد الإساءة بإحسان جاءك من يقول لك : " لمَ ترضى الهوان ؟ ولمَ تقبل بالذلّ ؟ لو كنت مكانك لرددت الصاع صاعين ! " ..
إن مثل هذه الأقوال نصائح على غير المنهاج القوي ، وإن كان لكل مقام مقال كما سنذكر في بعض الأحوال .
انتبه إلى مثل هذا المعنى ، وهو الذي تكررت به الآيات في سياق الخطاب والحوار في النصح لعتاةٍ وطغاةٍ كبار .
يقول الحق جل وعلا : { قُل لَّا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ * قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ } .
انتبه لهذا المعنى { قل لا تسألون عما أجرمنا } ، نحن أهل حق وأهل إسلام وإيمان ، قد نخاطب أهل كفرٍ وأهل طغيان وعصيان ، نقول : { لا تسألون عما أجرمنا ولا نسأل عما تعلمون } ، كأننا نقول لهم : لا تنظروا في الابتداء لأننا أهل حقٍ وأنتم أهل باطل ، وإنما نقول لكم : تأملوا وتدبروا ..
ورحم الله مصعب بن عمير يوم دعا في المدينة فجاءه أسيد بن حضير ، مرسولٌ من سعد بن معاذ قائلاً : أخرج عنا ولا تفرق بيننا ! قال : أو غير ذلك ؟ قال : ما عندك ؟ قال : تجلس فتسمع ؛ فإن أعجبك الذي قلنا وإلا أعطيناك الذي أردت ! قال : لقد أعطيت النصف - كلام منطقي عاقل - فسمع ، فشرح الله صدره ، ونوّر قلبه ، ونطق بالتوحيد لسانه ، ورجع إلى سعد داعياً ، فأسلم سعد وأسلم من بعد سعد قومه كلهم .
تأمل هذا المعنى فإنه عزيزٌ وقليل من الناس ما يحسنه ، قال تعالى : { وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله } .
وكلمه { يا بني } ، هي أسلوب تلطفٍ وتودد وترغيب وتحقق ، كان يمكن أن يكون أمر وزاجر ، ولا شيء غير ذلك ، لكنه عندما أراد أن تكون موعظته بليغة ونافعة ونصيحته مؤثرة وبالغة حينئذٍ قال : { يا بني } .
وإذا رأينا إبراهيم الخليل - عليه السلام - أبو الأنبياء يخاطب أباه ، وهو كان زعيم الكفر في وقته قال : يا أبتي لما تعبدوا مالا يسمع ولا يغني عنك من الله شيئا .
هذا المعنى {يا أبتي } ، لم ينقص حقه ، ولم ينسى قدره ولم يخفى عليه أن مثل هذا المدخل قد يكون له أثره .
وقصة موسى وفرعون معروفة ، قال تعالى : { اذهبا إلى فرعون إنه طغى * فقولا له قولاً لينا لعله يتذكر أو يخشى } .
هذه معاني كثيرة نحتاج إليها ، ولذلك قد يكون جزأ من هذا إظهار شيء من التودد والتلطف أو التقدير والاحترام بقصد نية التأثير ؛ فإن كان ذلك - والحمد لله - وإن لم تكن ، فأنت قد أديت ما عليك ، ومن أصر على معصيته عاوده بين فينه وأخرى ، بأسلوب يناسبه مرة فيه لين ومرة يكون فيه شدة .
وهذا أمر مهم ، والنبي صلى الله عليه وسلم عندما خاطب هناك أرض من حوله ذكرهم بمناقبهم ومناصبهم ؛ لأنهم بها يخاطبون وإن كانوا ليسوا معظمين في الميزان الإيماني والإسلامي فكتب إلى الملوك قال : " إلى هرقل عظيم الروم " و " إلى كسرى عظيم الفرس " ..
وفي قصة المسلمين في الحبشة ما يدل على ذلك حينما خاطب جعفر بن أبي طالب النجاشي بلسان المسلمين قائلاً : " أيها الملك " أعطاه مقامه الذي هو فيه ؛ حتى يكون ذلك التوقير داعياً إلى إصغائه ، ولو أنه أهمله أو أنكره ، أو جفا عليه أو احتقره ، لما كان له أن ينصت له أو أن يصغى إليه .
الاختيار المناسب للأسلوب
بحسب الظروف المتغيرة ومن ذلك اختيار الأوقات المناسبة ، وهذا أمرٌ عزيز في النصيحة فكم من نصيحة نقذفها في وجه صاحبها وهو في أوجّ غضبه ، أو وهو في شدة أزمته أو كربه ، فلا يكاد يسمع شيئاً !
خذوا هذا الموقف الذي وقع في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - اثنان يختصمان ، وعلت أصواتهما ، احمر وجه أحدهما ، وظهرت أوداجه في رقبته ، والنبي صلى الله عليه وسلم من بعد قال : " إني أعلم كلمة لو قالها هذا لذهب عنه ما يجد : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " .
فسعى بها رجلٌ سمعها من النبي - صلى الله عليه وسلم - فذهب بها إلى الرجل ، وقال له يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : كذا وكذا ، فمن شدة غضب الرجل وفورته ، قال : اذهب عني ؛ فإني لست بمجنون ! - تقول لي استعد بالشيطان أن الشيطان قد ركبني - فلو كان هذا في وقت بعده بقليل لربما كان أنسب .
وخذوا فقه النبي - صلى الله عليه وسلم - العظيم عندما جاءه حكيم بن حزام بن حزام فسأله مالاً فأعطاه ، ثم جاء ثالثةً من بعد فسأله فأعطاه ، ثم قال له : ( يا حكيم إن هذا المال خضرة حلوة فمن أخذه بطيبة نفسٍ بورك له فيه ومن أخذه باستشراف نفسٍ لم يبارك له فيه ) .
سأله في أول مرة وهو محتاج فأعطاه ، لو قال له في ذلك الوقت : " السؤال ليس مناسباً والتسول ليس مطلوباً " لقال : إنما يريد أن يصرفني ، ولا يريد أن يعطيني ! ولكنه أعطاه في المرة الأولى ، والثانية ، وأعطاه في المرة الثالثة ثم أشار له إشارة : " أن التقلب لهذا المال قد لا يكون مناسباً " فوقعت النصيحة والموعظة في موقعها ؛ لأنه علم أنه ما قال له ذلك بخلاً - حاشاه عليه الصلاة والسلام - أو لأنه لا يريد أن يعطيه ! وإنما قاله له لمصلحته ، فعرف ذلك ،بعد أن اختار الوقت المناسب ، وبعد أن سد له حاجته في مرة واثنتين ، حتى لا تذهب به الظنون بعيداً ، فأي شيء أثر ذلك في حكيم ؟ قال : فما سألت أحداً بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وفي عهد أبي بكر أرسل له عطاءه المستحق له من بيت المال فرده وقال : " والله لا أرزء أحداً بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
وفي عهد عمر رد عطاءه ، وانظروا كيف تغلغل أثر هذا في نفسه ، حتى إنه لم يعد يأخذ شيء ولو كان له فيه حق ؛ لأن نفسه سمت وارتفعت أن يأخذ بعد أن فقه هذه النصيحة فقهاً ، له أثره العظيم في حياته .
والتخول بالموعظة كان من هديه عليه الصلاة والسلام
أبو عبد الرحمن عبد الله ابن مسعود كان يعض الناس ويذكرهم كل خميس ، فقالوا : وددنا يا أبا عبد الرحمن لو أنك ذكرتنا كل يوم ! قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة مخافة السآمة علينا " .
إذاً كلهم كان لهم برسول الله - عليه الصلاة والسلام - اقتداء ، ولأثره اقتداء ، ولذلك كانت أفعالهم على هذا النحو العظيم المؤثر النافع .
وكذلك من ضمن ما يراد في الوقت المناسب المراوحة والمزاولة بين الإسرار والإعلام
نصيحة الفرد غالباً ما يكون الأفضل فيها والأتم أن تكون في السر بينك وبينه ، وأما نصيحة العموم إذا فشا أمر فالخطيب يريد أن يذّكر ، والعالم يريد أن ينبّه ، والناصح يريد أن يحذّر .. لا بأس ! ولكن ذلك - وإن كان معلناً - لكنه يكون للعموم بصيغة العموم ، كما كان النبي - عليه الصلاة والسلام - يذكر فيها وينصح على الملأ ، ولكن يقول : ( ما بال أقوامٍ يفعلون كذا وكذا ) .
ثم لست في حاجة أن أقول : " فعل فلان " أو أن أصف وصفاً يعلم الناس كلهم أن المقصود به فلان ابن فلان ، فذلك لم يعد نصيحة بل فضيحة .
ولذلك مثل هذه المواصفات أو الصفات له أثرها في أن تكون النصيحة على الوجه المطلوب ، نسأل اله سبحانه وتعالى أن يوفقنا لأرشد الآراء وأصوب الأفعال ، وأن يجعل ذلك العمل كله خالصاً لوجهه الكريم ، إنه ولي ذلك والقادر عليه .
أقول هذا القول وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .
تعليق