{ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ }
**{ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ }**
قال ابن الجوزي : قطرة دمع على الخد أنفع من ألف مطرة على الأرض .
قال عبد الله بن عمرو : لأن أدمع دمعه من خشيه الله عز وجل أحب إلى من أن أتصدق بألف دينار .
وقال كعب الأحبار : لأن أبكى من خشية الله فتسيل دموعي على وجنتي أحب إلى من أن أتصدق بوزني ذهبا .
ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــ
كم هانت علينا الدموع ...
صارت تسيل لكل شيء..
تسيل في الفرح وفي الترح ..
بل تسيل في الحرام ...
تسيل من أجل مغنى أو ممثل ...
تسيل لأجل صديقة أو عشيقة ...
ولذلك تعطل مجراها الطبيعي ..
فقحطت في الصلاة ..
وقحطت عند الموعظة ..
وقحطت عند تلاوة القرآن ..
ثم تشتكي من عدم الخشوع ...
وتشتكي قسوة في قلبك
عجبا لك ...!!!!
فتشبهوا ....
قال الحسن البصري : إن كان الرجل ليجلس المجلس فتجيئه عبرته فيردها فإذا خشي أن تسبقه قام .
وقال سيفان : إذا استكمل العبد الفجور ملك عينيه يبكى بهما متى يشاء
وقال عبد الكريم بن رشيد : كنت في حلقه الحسن فجعل رجل يبكى وارتفع صوته فقال الحسن إن الشيطان ليبكى هذا الآن .
وكان أيوب السختيانى في ثوبه بعض الطول لستر الحال وكان إذا وعظ فرقَّ فَرَقَ من الرياء فيمسح وجهه ويقول : ما أشد الزكام .
وقال ابن الجوزى : كان ابن سيرين يتحدث بالنهار ويضحك فإذا جاء الليل فكأنه قتل أهل القرية .
نهاري نهار الناس حتى إذا بدا *** الليل هزتني إليـك المضاجــع
أقضي نهاري بالحديث وبالمنــى *** ويجمعني والهم بالليل جامع
وقال حماد بن زيد دخلنا على محمد بن واسع في مرضه نعوده قال فجاء يحيى البكاء يستأذن عليه فقالوا : يا أبا عبد الله هذا أخوك أبو سلمه على الباب قال: من أبو سلمه؟ قالوا : يحيى قال : من يحيى ؟ قالوا : يحيى البكاء قال حماد : وقد علم أنه يحيى البكاء فقال شر أيامكم يومنسبتم فيه إلى البكاء .
قيل لعطاء السليمي: ما تشتهي قال: أشتهي أن أبكي حتى لا أَقدر أن أبكي وكان يبكي الليل والنهار وكانت دموعه الدهر سائلة على وجهه0
وبكى مالك بن دينار حتى سود طريق الدموع خديه وكان يقول: لو ملكت البكاء لبكيت أيام الدنيا
وعن القاسم بن محمد قال : كنا نسافر مع ابن المبارك فكثيراً ما كان يخطر ببالي فأقول في نفسي بأي شيء فضل هذا الرجل علينا حتى اشتهر في الناس هذه الشهرة إن كان يصلى آنا نصلى وإن كان يصوم آنا نصوم وإن كان يغزو فآنا نغزو وإن كان يحج آنا لنحج قال فكنا في بعض مسيرتا في طريق الشام ليله نتعشى في بيت إن طفئ السراج فقام بعضنا فأخذ السراج وخرج ستصبح فمكث هنيهة ثم جاء بالسراج فنظرت إلى وجه ابن المبارك ولحيته قد ابتلت من الدموع فقلت في نفسي بهــذه الخشيــة فضل هذا الرجل علينا ولعله حين فقد السراج فصار إلى ظلمه ذكر القيامة .
وهذا شيخ الإسلام محمد بن أسلم الطوسى يقول عنه خادمه أبو عبد الله كان محمد يدخل بيتا ويغلق بابه ويدخل معه كوزاً من ماء فلم أدر ما يصنع حتى سمعت ابناً صغيراً له يبكى بكاءه فنهته أمه فقلت لها ما هذا البكاء؟ فقالت إن أبا الحسن يدخل هذا البيت فيقرأ القرآن ويبكى فيسمعه الصبي فيحاكيه فكان إذا أراد أن يخرج غسل وجهه فلا يرى عليه أثر البكاء .
وقال أبو مُسهر كان الأوزاعى رحمه الله يحيى الليل صلاه وقرآنا وبكاء وأخبرنى بعض إخوانى من أهل بيروت أن أمه كانت تدخل منزل الأوزاعى وتتفقد موضع مصلاه فتجده رطباً من دموعه في الليل.
وعن القاسم بن محمد البغدادى قال كنت جار معروف الكرخى فسمعته ليله في السحر ينوح ويبكى وينشد :
أي شيء تريد منى الذنوب
ما يضر الذنوب لو أعتقتنى
شغفت بي فليس عنى تغيب
رحمه لي فقد علاني المشيـب
وروى أحد أقرباء رباح بن عمرو القيسى قال : كنت أدخل عليه في المسجد وهو يبكى وأدخل عليه البيت وهو يبكى فقلت له أنت دهرك في مأتم فبكى ثم قال يحق لأهل المصائب والذنوب أن يكونوا هكذا .
وعن إبراهيم بن الأشعث قال كنا إذا خرجنا مع الفضيل في جنازة لا يزال يعظ ويذكر ويبكى حتى لكأنه يودع أصحابه ذاهب إلى الآخرة حتى يبلغ المقابر فيجلس فكأنه بين الموتى جلس من الحزن والبكاء حتى يقوم وكأنه رجع من الآخرة يخبر عنها . وعن عاصم قال : سمعت شقيق بن مسلمه يقول وهو ساجد رب اغفر لي رب اغفر لي إن تعف عنى تعف عنى تطولا من فضلك وإن تعذبني تعذبني غير ظالم لي قال ثم يبكى حتى أسمع نحيبه من وراء المسجد .
هل ما زالت عينك قاحطة ؟؟
فاليك ما يجريها ..
تفكر في ذنوبك*
وهو من أعظم بواعث البكاء , لأن الذنب علامة هوان العيد عند الله و لو عز عنده لعصمه , ولأنه يبعد الملك ويدني الشيطان ,وينفر الصالحين ويقرب المذنبين, يمنع الرحمات , وينزع البركات , ويوجب اللعنات , ويبعد عن الجنة , ويدني من النار, ولو مات عليه العبد لختم له بسوء ...
كل هذا يدفع العبد إلى أن يغسل الحوبة بدمع , ويرفع الزلل بندم , ويحرق الذنب بوجل .
دخل أبو داود الحفري على كرز بن وبرة فإذا هو يبكي فقيل له ما يبكيك ؟؟
قال : إن بابي علي لمغلق وإن ستري لمسبل ومنعت جزئي أقرأه البارحة , وما هو إلا بذنب أحدثته
كان الحسن البصري غزير الدمع حتى قالوا : كأن النار لم تخلق إلا له .
وعوتب في كثرة بكائه فقال : وما يؤمنني أن يكون إطلع علي في بعض ذنوبي فقال : اذهب لا غفرت لك ..
جل في الحشر بقلبك
ما ظنك بيوم ينادي فيه المصطفى آدم , والخليل إبراهيم والكليم موسى والروح عيسى وهم على سلم الكرامة على الله وعلى قمة جبل المحبة ومع هذا كل ينادي : نفسي نفسي شفقا من شدة غضبه وهول عذابه ..
يوم كان مقداره خمسين ألف سنة يقف فيه الناس لا يأكلون فيه أكلة ولا يشربون شربة , حتى تنقطع الأعناق من العطش والأجواف من الجوع , ويتمنون الإنصراف ولو إلى النار , التي يرتفع عنقها لتنطق بلسان فصيح يسمعه كل من شهد الموقف وتنادي على من ولكت بأخذهم من الخلائق , فتلتقطهم إلتقاط الطير للحب
بكى بديل بن ميسرة العقلي حتى قرحت مآقيه فعوتب في ذلك فقال : إنما أبكي خوفا من طول عطش القيامة.
لتذرف دمعك المدرار حتى .... تعود الصحف بيضاء نقية
فإن سقوط دمع العين سحا .... دليل العفو من رب البرية
و شعار القلب الحي الخشبة اليابسة إذا أدخل طرفها الواحد في النار عرق طرفها الآخر .
تعليق