Tweet
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
الحمد لله وبعد،
قبل أن أخوض في أي حديث أقول أن هناك مثل يقول أن العين لا تعلو على الحاجب والتلميذ لا يعلم معلميه وسابقيه ولن يصل ما وصوله بحكم سبقهم ولكن ليس عيبا أن يرتقي الإنسان بفكره وان ينقد ما يمر أمامه ولو من سابقيه ومعلميه وليس النقد والانتقاد سواء
نعم إن عهدي بالاشتغال بالدعوة والعلم الشرعي حديث مقارنة بما سبقني اليه غيري ولكن الدعوة ليست ببعيدة عن الواقع بل أساسها الواقع وان يُدعَى المسلم إلى تغيير واقعه بما يرضي الله تعالى وبتطبيق شريعته وحكمه في الحياة اليومية العامة للإنسان ومما أخذته في أبجديات الدعوة أننا دعاة ولسنا قضاة
والدعاة والمربون والمعلمون هم الحمد لله من خيرة الناس علما وعملا بما علموا نحسبهم على خير ولا نزكي على الله أحدا وهم بالمقابل أدرى بواقع الناس وأحوالهم وأوضاعهم السيئة التي تعج بالفساد والجهل وما إلى ذلك
وهؤلاء كلهم يواجهون غالبا في الدعوة أو التعليم أو التربية أفرادا حديثي العهد بالالتزام خرجوا من ذات الواقع الذي يعرفه الدعاة والغالب أن أحوالهم لم تكن الأحوال التي جاء بها الإسلام فنجد أن هذا قبل التزامه كان كذا وهذه قبل التزامها كانت كذا و و و وهنا يأتي دور الداعية والمعلم والمربي ليشتغل على هذه العينة لترتقي في التزامها وهذا شيء محمود بل ومطلوب، لكن بعض الدعاة والمعلمين والمربين ينتهجون منهجية مع هذه الفئة لا تخدم الدعوة ولا العلم ولا التربية
فالمعلم يجد أمامه من الجهل ما يجد ونحن نتفق على هذا ولا ننكر أن الجهل متمكن من فئة كبيرة ، والداعية المربي يجد أمامه حديثي الالتزام فالبعض من هذا وذاك وهو يشتغل على الفئة التي أمامه أو التي يوجه لها كلامه يعيد ذاك الملتزم حديث العهد بالالتزام إلى ما كان عليه سابقا ويذكره به ويُشعِره انه مازال كذلك وحتى منهم من يشكك بنوايا حديثي العهد بالالتزام !!! ومنهم من يعاير حديث العهد بالالتزام بمحيطه كان يكون من عائلة غير ملتزمة أو ما إلى ذلك
نعم هذا واقع بعض الدعاة وهو لا يعلم انه بهذا الأسلوب ينفر الناس من الدعوة ويسيء إليها بدل أن يخدمها، نعم على الداعية أن لا يداهن وان يفاصل وان لا يتنازل عما يدعو إليه لكن هذا لا يعني أننا نُشعِر الناس أنهم لا يصلحون ولا ولا ولا.... بل علينا أن نقوم بمهامنا مع الصبر على رواسب ما كان فيه هؤلاء من ندعوهم ولا نهينهم أو نستحقرهم بماضيهم فعبدة الأصنام دخلوا الإسلام ولم يستحقرهم المسلمون بماضيهم ولم يهينوهم به والبني صلى الله عليه وسلم خير الدعاة والمربين والمعلمين أوائل صحابته كانوا كفارا ولم يستحقرهم ولم يتعال عليهم ولم يعيرهم بما كانوا عليه
وكذلك مما يلاحظ في بعض المعلمين ممارسة ذات الأسلوب مع طلبة العلم... نعم الجدية مطلوبة والحرص كذلك ولكن بعض ما يمارسه المعلمون لا يخدم العلم وممن قابلتهم طالبة علم ذكرت لي كيف أن معلمها يتعامل مع الطلبة وتقول بلسانها (( لا أثق في من يستهين بالناس ويرى أن العلم لديه وحده)) وتقول أن في ذلك تنفير ودفع للتوقف عن الطلب على يد هذا المعلم نعم لابد للمعلم أن يحرص ولكن هذا لا يبرر التجريح الموجه لطلبة العلم والمعايرة بالحال الذي كان عليه هذا الطالب قبل بدايته الطلب !!! وهذا وارد في بعض محاضرات ومجالس الدعوة والعلم التي من المفترض أن تساعد المدعو وطالب العلم على التقدم وليس تعيده إلى النكد الذي كان عليه
ولا ادري حقيقة ما وجهة النظر في استخدام هذه الأساليب من قبل سالكيها ؟ هل الرغبة في بلوغ التغيير بين عشية وضحاها؟ ! هل أن ذلك أصل في التربية والتعليم والدعوة ؟! أم أن حرصهم الشديد دفعهم لذلك دون أن يشعروا بسلبية ما ينتهجونه أم لهم وجهة نظر أخرى ولكن يبقى هذا كله أننا لا نشك في نواياهم
ولعل بعض الدعاة يفوته انه عليه أن يُشخِّصَ حال من يدعوهم وبطبيعة الحال ستكون النتيجة كنتيجة أي تشخيص وسيجد في هذا الملتزم أو الطالب نقاط قوة ونقاط ضعف وسيجد في محيطه فرصا وتهديدات وما على المُشَخِّص إلا أن يستغل نقاط القوة والفرص وان ينمي نقاط الضعف إن أمكن أو يعالجها وان يتعامل مع التهديدات برشادة ولا نقول يلغيها، لا... لأن التهديدات قائمة في محيط الملتزمين منذ جاء الإسلام ومنها ما ذكرناه بخصوص ما كان عليه الملتزم قبل التزامه
في المقابل منهم من يشخص فعلا حال من يدعوهم ولكنه حين يتعامل مع نتيجة هذا التشخيص لا يحسن ذلك
وقبل هذا وذاك يبقى في الكلمة الطيبة خير كبير حيث يقول الله تعالى: {وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا} سورة الإسراء : 53.
ويقول: : {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء . تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ . وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ } سورة إبراهيم: 24-26.
كما يقول في محكم تنزيله عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:{وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَّدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُؤلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}
وبهذا اذكر نفسي وإياكم بالحذر من الإساءة إلى دعوتنا وعلمنا من حيث لا نشعر
أسال الله تعالى أن ينفعنا بالعلم والدعوة إليه وان يجعنا مفاتيح للخير مغاليق للشر وان يرزقنا العلم النافع وان يعيذنا من العجب والكبر والتعالي وان يلهمنا التواضع والصبر وان يرزقنا النية والإخلاص في القول والعمل
والحمد لله رب العالمين
تعليق