بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي خلق خلقه أطواراً .. وصرفهم كيف شاء عزة واقتداراً..
وأرسل الرسل إلى الناس إعذارا منه وإنذارا ..
فأتم بهم نعمته السابغة .. وأقام بهم حجته البالغة ..
فنصب الدليل .. وأنار السبيل ..
وأقام الحجة .. وأوضح المحجة ..
فسبحان من أفاض على عباده النعمة .. وكتب على نفسه الرحمة ..
أحمده والتوفيق للحمد من نعمه .. وأشكره على مزيد فضله وكرمه ..
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .. كلمة قامت بها الأرض والسموات .. وفطر الله عليها جميع المخلوقات ..
وعليها أسست الملة .. ونصبت القبلة .. ولأجلها جردت سيوف الجهاد .. وبها أمر الله سبحانه جميع العباد ..
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .. أرسله رحمة للعالمين .. وقدوة للعالمين ..
أرسله بشيرا ونذيرا .. وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا ..
وأمده بملائكته المقربين .. وأيده بنصره وبالمؤمنين ..
وأنزل عليه كتابه المبين ..
أفضل من صلى وصام .. وتعبد لربه وقام .. ووقف بالمشاعر وطاف بالبيت الحرام ..
أما بعد :
فهذه وقفات وتأملات ..في أحوال الخاشعين والخاشعات ..
نؤَمِّن فيها على الدعوات .. ونمسح الدمعات .. ونذكر الصلوات ..
نقف على مآذن المساجد ..
فهاهي دموع المآذن تسيل .. في البكور والأصيل ..
عجباً هل تبكي المآذن ؟! نعم تبكي المآذن .. وتئن المحاريب .. وتنوح المساجد ..
بل تبكي الأرض والسموات .. وتنهد الجبال الراسيات .. إذا غاب الصالحون والصالحات ..
تبكي .. إذا فقدت صلاة المصلين .. وخشوع الخاشعين .. وبكاء الباكين ..
تبكي .. لفقد عمارها بالأذكار .. وتعظيم الواحد القهار ..
فمن يمسح دمعها .. ومن يرفع حزنها .. { فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ *رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ } ..
* * * * * * * *
إنها الصَّلاةُ .. قرَّةُ عيونِ الموَحِّدين .. ولذَّةُ أرواح المحبين ..
الصلاة بستان العابدين .. وثمرة الخاشعين ..
فهيَ بستَانُ قلوبهم .. ولذَّةُ نفوسهم .. ورياضُ جوارحهم .
فيها يتقلبون في النعيم .. ويتقربون إلى الحليم الكريم ..
عبادة .. عظَّم الله أمرها .. وشرَّف أهلها ..
وهي آخر ما أوصى به النبي عليه السلام .. وآخر ما يذهب من الإسلام .. وأول ما يسأل عنه العبد بين يدي الملك العلام ..
* * * * * * * *
الصلاة أحد أركان الإسلام .. ومبانيه العظام ..
ومن عظمة قدرها .. ورفعة شأنها أن الله لما أراد أن يفرضها على عباده .. رفع خاتم الأنبياء .. إلى أعلى السماء .. ثم خاطبه بفرضها .. ووعد بعظيم أجرها ..
كما في الصحيحين .. أنه صلى الله عليه وسلم قال في قصة الإسراء والمعراج :
فانطلق بي جبرائيل حتى أتى السماء الدنيا فاستفتح قيل : من هذا ؟
قال : جبرائيل .. قيل : ومن معك ؟
قال : محمد .. قيل : وقد أرسل إليه ؟
قال : نعم ! قيل : مرحباً به .. فنعم المجيء جاء .. قال صلى الله عليه وسلم : ففتح ..
ثم ما زال صلى الله عليه وسلم يصعد في السماوات .. حتى وصل إلى السماء السابعة .. قال :
ثم صعد بي إلى السماء السابعة .. فاستفتح جبرائيل قيل : من هذا ؟ قال : جبرائيل .. قيل : ومن معك ؟ قال : محمد .. قيل : وقد بعث إليه ؟ قال : نعم ! قيل : مرحباً به فنعم المجيء جاء ..
فلما خلصت إذا إبراهيم قال : هذا أبوك إبراهيم فسلم عليه .. فسلمت عليه فرد السلام ثم قال : مرحباً بالابن الصالح والنبي الصالح
ثم رفعت إلى سدرة المنتهى ..ثم فرض علي الصلوات خمسون صلاة كل يوم..
فرجعت فمررت على موسى فقال : بما أمرت ؟
قال : أمرت بخمسين صلاة كل يوم ..
قال : إن أمتك لا تستطيع خمسين صلاة كل يوم .. وإني والله قد جربت الناس قبلك .. وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة .. فارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك ..
فرجعت فوضع عني عشراً . فرجعت إلى موسى فقال مثله .. فرجعت فوضع عني عشراً ..
فرجعت إلى موسى فقال مثله ..
فرجعت فأمرت بعشر صلوات كل يوم فقال مثله ..
فرجعت فأمرت بخمس صلوات كل يوم ..
فرجعت إلى موسى فقال:بم أمرت؟فقلت بخمس صلوات كل يوم..
قال : إن أمتك لا تستطيع خمس صلوات كل يوم .. وإني قد جربت الناس قبلك .. وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة .. فارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك ..
فقال صلى الله عليه وسلم : سألت ربي حتى استحيت .. ولكني أرضى وأسلم ..
قال صلى الله عليه وسلم :فلما جاوزت ناداني مناد ..أمضيت فريضتي ..وخففت عن عبادي..
فنحمد الله العظيم الذي أذن لنا بالوقوف بين يديه .. والإقبال بالقلوب عليه .. وشكاية الحاجات إليه ..
* * * * * * * *
نعم .. إنّ الصَّلاةَ صلةٌ ولقاءٌ .. وتعبد ووفاء .. بين العبد في الأرض .. والرب في السماء ..
هي المعين الذي لا ينضب .. والزاد الذي لا ينفد ..
ولقد كان صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة ..
بل إن كشف الكربات .. وإجابة الدعوات .. يكون أعظم ما يكون الصلوات
فهي عند الصالحين الطريقُ لرفع البلاء .. وإجابةِ الدعاء ..
روى البخاري :
أن إبراهيم عليه السلام .. بينما هو ذات يوم يسير مع زوجه سارة.. إذ أتى على بلد يحكمها جبار من الجبابرة.. فأتى هذا الجبار بعض حاشيته وقالوا:إن ها هنا رجلاً معه امرأة من أحسن الناس ولا تصلح إلا لك ..فأرسل هذا الجبار جنده إلى إبراهيم وسألهوه من هذه معك ؟
فعلم إبراهيم عليه السلام أنه لا قوة له بهذا الطاغية .. وأنه لو قال زوجتي لقتلوه .. فقال لهم : هي أختي ..
ثم أتى إبراهيم إلى سارة .. وقال : يا سارة ليس على وجه الأرض مؤمن غيري وغيرك.. وإن هذا سألني عنك .. فأخبرته أنك أختي فلا تكذبيني ..
فأرسل الجبار إليها .. فأحضرت إليه .. فلما دخلت عليه .. أقبل عليها.. فلما رفع يده إليها .. شلت يده .. ففزع الرجل .. وقال : ادعي الله لي ولا أضرُّك .. فدعت الله له .. فأطلق .. فوسوس له الشيطان ..
فأقبل إليها مرة أخرى .. فدعت عليه .. فأصابه كالأولى أو أشد.. فلما رأى أنه لا طاقة له بها ..
فزع وقال: ادعي الله لي ولا أضرُّك.. فدعت له فأطلق الله يديه..
ففزع منها .. ودعا بعض حجابه .. وقال : إنكم لم تأتوني بإنسان وإنما أتيتموني بشيطان ..
ثم أخرجها من قصره .. وأعطاها جارية اسمها هاجر ..
فخرجت سارة .. إلى زوجها .. فلما دخلت عليه فإذا هو قائم يصلي .. ويدعو ويبتهل ..
فلما أحس بها أومأ بيده .. يسألها عن الخبر .. فقالت : رد الله كيد الكافر - أو الفاجر - في نحره.. وأخدم هاجر ..
فانظر كيف فزع إبراهيم إلى الصلاة لما حزبته الأمور ..
* * * * * * * *
بل .. انظر إلى النبي العابد .. القانت الزاهد .. زكريا عليه السلام ..
شيخ جاوز عمره السبعين .. ضعف جسده .. ورق عظمه .. واقتربت منيته .. فاشتهى أن يكون له ولد أو ولي .. فرفع يديه إلى الله داعياً .. مبتهلاً باكياً ..
قال الله : { ذكر رحمة ربك عبده زكريا * إذ نادى ربه نداءً خفيا * قال رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيباً * ولم أكن بدعائك رب شقياً * وإني خفت الموالي من ورائي وكانت امرأتي عاقراً فهب من لدنك ولياً * يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضياً } ..
فتقرع دعواته أبواب السماء .. فينظر الله إلى عبده الداعي .. فإذا هو عابد في محرابه .. يترقب إحسان ربه ويخاف من عذابه ..
فإذا بالبشائر تتنزل عليه وهو في الصلاة ..
قال الله : ( فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَـى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ * قَالَ رَبِّ أَنَّىَ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاء ) ..
* * * * * * * *
وهكذا الرحمات .. إنما تستنزل بالصلوات ..
في معركة الأحزاب ..لما بلغت القلوب الحناجر ..وهرب كل منافق وفاجر ..
وقد حفر المسلمون بينهم وبين عدوهم خندقاً ..
وأظلم الليل ..واشتد البرد ..فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يعرف حال الكفار ..
فأقبل على أصحابه .. ثم قال لهم : من رجل منكم يذهب وينظر لي خبر القوم ويكون رفيقي في الجنة ؟
فما تحرك أحد .. فمر عليهم ثم قال : قم يا حذيفة .. قال حذيفة : فما كان لي من بد إذا أمرني رسول الله أن أقوم إلا أن أقوم .. فقمت .. قلت : لبيك يا رسول الله ؟
قال : اذهب وانظر لي خبر القوم ولا تحدثن شيئاً حتى تأتيني ..
قال حذيفة : فنزلت في الخندق ثم صعدت فإذا المشركون كثير .. وإذا من بينهم رجل يصلي يديه على نار بين يديه ثم يلصقهما بجانبيه ..
فنظرت فإذا هو قائد الجيش أبو سفيان .. فقلت في نفسي : إن أنا قتلته .. اضطرب أمرهم وانهزموا .. فأخذت سهماً من كنانتي أبيض الريش .. فوضعته في كبد القوس فلما شددته .. تذكر ت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تحدثن شيئاً حتى تأتيني .. فأرجعت السهم في كنانتي .. ونظرت في حالهم .. فإذا الريح قد اشتدت عليهم .. فما تقر لهم قدراً .. ولا تقيم لهم بعيراً ..
فدخلت في إحدى الخيام .. فجلست بينهم في الظلمة ..
فشعر أبو سفيان أن رجلاً قد دخل في القوم فصاح بهم وقال : ألا لينظر كل امرئ من جليسه ؟
قال حذيفة : فخفت أن يسألني الذي بجانبي فأفتضح .. فبادرته وصحت به : من أنت ..؟ ففزع وقال : أنا فلان من بني فلان .. فسكت عنه .. فلما رأى مني ذلك هاب أن يسألني .. فنجوت ..
وخرجت من بينهم وعدت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فإذا هو قائم يصلي ويدعو ..فقعدت عنده ..حتى فرغ فبشرته بخبر القوم ..ففرح وكبر..
نعم ..هزم الله الأعداء ..ونصر الأولياء .. بصلاة ودعاء ..
وكانوا كما قال الله : { وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا } ..
فانظر كيف فزع النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصلوات .. فانكشفت الكربات ..
* * * * * * * *
خرج محمد بن واسع في جيش قتيبة بن مسلم .. فلما التقى الصفان .. التفت قتيبة فلم ير ابن واسع .. فأرسل بعض من عنده يطلبونه ..
فلما عادوا إليه : قالوا له : وجدناه ساجداً .. يحرك أصبعه ويدعو ..
فقال قتيبة : والله لأصبع محمد بن واسع في الجيش .. أحب إليَّ من ألف شاب طرير .. وسيف شهير .. فلما أتاه محمد واسع .. قال قتيبة : أين كنت ؟ فقال ابن واسع : كنت أهز لك أبواب السماء ..
فأين المرضى عن التعبد بالصلوات !!
وأين المكروبون عن الركعات والسجدات !!
بل .. أين المظلومون وأصحابُ الحاجات !!
فبها يشفى المرض وتكشف الكربة .. ويغفر الذنب وتقبل التوبة ..
اقرع بها أبواب السماء .. والتمس كشف الكرب ورفع البلاء ..
* * * * * * * *
بل الصلاة هي مفتاح الرزق .. قال الله :
{ وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى * وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى } ..
أقبل رجل إلى ثابت البناني يستعين به على حاجة يريدها من بعض الكبراء .. فمضى معه ثابت .. فجعل لا يمر بمجسد إلا نزل فصلى ركعتين ..حتى وصل إلى الرجل فكلمه في الحاجة ..فقضاها من فوره..
فالتفت ثابت إلى صاحبه فقال : لعله شق عليك وقوفي عند كل مسجد .. وصلاتي .. قال : نعم .. قال : ما صليت صلاة .. إلا طلبت إلى الله تعالى في حاجتك أن يقضيها .. وها هي قد قضيت ..
* * * * * * * *
نعم .. الصلاة هي بوابة الرحمات .. بل هي مفتاح الكنز .. الذي من حصله حاز الخيرات ..
فرحم الله عباداً نصبوا أقدامهم لطاعة مولاهم.. فرضي ربهم بأعمالهم وعجل لهم بشراهم..
لهم مع الصلاة أخبار .. في الليل والنهار .. فهم في الليل .. من الذين { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }..
وهم في النهار من { الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ } ..
* * * * * * * *
نعم .. الصلاة .. بها يفتح الباب .. ويرفع الحجاب ..
إنها مفتاح السعادة ..
فإذا أجدبت الأرض .. وانقطع القطر .. وهلك المال .. وجاع العيال .. فإن الصلاة هي المفتاح .. فنصلي صلاة الاستسقاء ..
وإذا هم العبد بشيء من أمره .. أو احتار في فعل شيء وتركه .. فإن الصلاة هي المفتاح .. فيصلي صلاة الاستخارة ..
وإذا أذنب أو عصى .. شرعت له الصلاة ..
وإذا ضاق به الصدر .. وتعسر الأمر .. شرعت له الصلاة ..
وإذا كسفت الشمسُ أو القمرُ .. شرعت الصلاة ..
فهي رأس القربات .. وغرة الطاعات ..
هي راحة العبّاد الأبرار .. وقرة أعين المتقين الأطهار ..
* * * * * * * * *
والعبد كلما كان بالصلاة أشغل وأولع .. وإليها أنشط وأسرع ..
كانت رحمة الله أقرب إليه .. وفضل الله أوسع عليه ..
وانظر إلى تلك المرأة الصالحة .. مريم ابنت عمران ..
التي قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين : ( لم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون , ومريم بنت عمران ) ..
كانت مصلية عابدة في محرابها .. فكان جزاؤها أن جعلها الله وابنها آية للعالمين .. وأخرج منها نبياً وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ .. فلما بشرت بذلك أمرت بشكر الله على نعمه .. فزادت في التعبد والصلاة ..
قال الله : { وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ * يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ } ..
* * * * * * * * *
والصلاة تنهى صاحبها عن الفحشاء والمنكر ..
فلا تكاد تجد أحداً حريصاً على عبادته .. مقبلاً على صلاته .. إلا وجدته قريباً من الخيرات .. بعيداً عن المنكرات ..
قال الله : { إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا *وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلَّا لْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ } ..
ألا ترى أن شعيباً عليه السلام .. لما أمر قومه بالإيمان .. والعدل في الكيل والميزان .. علموا أنه لم يمنعه من المنكرات إلا الصلاة ..فـ ..
{ قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء إنك لأنت الحليم الرشيد } ..
* * * * * * * *
ومن عظمة الصلاة .. وما فيها من ركوع وسجود ..أنها بها تنكشف الكربة العظمى عن جميع الخلق يوم القيامة .. فإذا اجتمع الأولون والآخرون .. أبيضهم وأسودهم .. كبيرهم وصغيرهم .. عربيهم وأعجميهم ..
وطال الانتظار .. وزاغت الأبصار ..
وتصبب منهم العرق .. واشتد الخوف والفرق ..
كان انكشاف الهم .. وزوال الكرب والغم .. بسجدة واحدة تحت العرش ..
في الصحيحين والمسند وغيرهما ..
أن الله يجمع الأولين والآخرين في صعيد واحد .. يُسمعهم الداعي .. وينفذهم البصر .. وتدنو الشمس .. فيبلغ الناسَ من الغم والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون ..
فإذا اشتد عليهم ذلك .. ورجوا أن يفصل الله بينهم القضاء .. قال بعضهم لبعض :
ألا ترون ما أنتم فيه .. وما قد بلغكم ؟ ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربكم عز وجل ..
فيقول بعض الناس : أبوكم آدم .. فيأتون آدم فيقولون : يا آدم أنت أبو البشر .. خلقك الله بيده .. ونفخ فيك من روحه .. وأمر الملائكة فسجدوا لك .. فاشفع لنا إلى ربك .. ألا ترى إلى ما نحن فيه ؟ ألا ترى ما قد بلغنا ؟
فيقول آدم : إن ربي عز وجل قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله .. ولن يغضب بعده مثله .. وإنه نهاني عن الشجرة فعصيت نفسي .. نفسي .. نفسي .. اذهبوا إلى غيري .. اذهبوا إلى نوح ..
فيأتون نوحاً فيقولون : يا نوح .. أنت أبو الرسل إلى أهل الأرض .. وسماك الله عبداً شكوراً .. فاشفع لنا إلى ربك .. ألا ترى إلى ما نحن فيه ؟ ألا ترى إلى ما قد بلغنا ؟
فيقول نوح : إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله .. ولن يغضب بعده مثله .. وإنه كانت لي دعوة على قومي : نفسي .. نفسي .. نفسي .. نفسي .. اذهبوا إلى غيري .. اذهبوا إلى إبراهيم ..
فيأتون إبراهيم فيقولون : يا إبراهيم .. أنت نبي الله .. وخليله من أهل الأرض .. فاشفع لنا إلى ربك .. ألا ترى ما نحن فيه .. ألا ترى ما قد بلغنا ؟ فيقول إبراهيم : إن ربي قد غضب اليوم غضباً .. لم يغضب قبله مثله .. ولن يغضب بعده مثله .. فذكر كذباته .. نفسي .. نفسي .. نفسي ..اذهبوا إلى موسى ..
فيأتون موسى فيقولون : يا موسى .. أنت رسول الله .. اصطفاك برسالاته .. وبتكليمه على الناس .. اشفع لنا إلى ربك .. ألا ترى إلى ما نحن فيه ؟ ألا ترى إلى ما قد بلغنا ؟ ..
فيقول لهم موسى : إن ربي غضب اليوم غضباً .. لم يغضب قبله مثله .. ولن يغضب بعده مثله ..
وإني قتلت نفساً لم أؤمر بقتلها .. نفسي نفسي .. نفسي نفسي .. اذهبوا إلى غيري .. اذهبوا إلى عيسى ..
فيأتون عيسى فيقولون : يا عيسى أنت رسول الله .. وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ..
وكلمت الناس في المهد .. فاشفع لنا إلى ربك .. ألا ترى إلى ما نحن فيه ؟ ألا ترى إلى ما قد بلغنا ؟
فيقول لهم عيسى : إن ربي قد غضب اليوم غضباً .. لم يغضب قبله مثله .. ولن يغضب بعده مثله .. ولم يذكر ذنباً ..
اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى محمد ..
قال صلى الله عليه وسلم : فيأتوني فيقولون : يا محمد .. أنت رسول الله .. وخاتم النبيين .. غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر .. فاشفع لنا إلى ربك .. ألا ترى إلى ما نحن فيه ؟ ألا ترى إلى ما قد بلغنا ؟
فأقوم فأقف تحت العرش .. فأقع ساجداً لربي عز وجل .. ثم يفتح الله علي ويلهمني من محامده .. وحسن الثناء عليه .. ما لم يفتحه على أحد قبلي .. فيقال :
يا محمد ارفع رأسك .. وسل تعط .. واشفع تشفع ..
فأقول : يا رب أمتي .. أمتي .. يا رب أمتي .. أمتي .. يا رب أمتي .. أمتي ..
فيقول : يا محمد أدخل من أمتك من لا حساب عليه من الباب الأيمن من أبواب الجنة ..
وهم شركاء الناس فيما سواه من أبواب ..
ثم يفصل الله القضاء بين الناس ..
* * * * * * * *
وهذه الشفاعة العظمى .. والنجاة الكبرى .. لا تكون إلا للمصلين أما غير المصلين .. فلا ولا كرامة ..
قال تعالى : { يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفداً * ونسوق المجرمين إلى جهنم ورداً * لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهداً } ..
ما هو العهد ؟ قال صلى الله عليه وسلم : العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ..رواه أحمد وغيره ..
بل كيف يرجو تارك الصلاة .. نيل الشفاعة يوم الأهوال والويلات ..
والنبي صلى الله عليه وسلم قد أخبر أنه لا يعرف أمته من بين الأمم يوم القيامة إلا بآثار الوضوء ..
كما روى مسلم .. أنه صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه يوماً : وددت أنا قد رأينا إخواننا .. قالوا : أولسنا إخوانك يا رسول الله ؟
قال : أنتم أصحابي .. وإخواننا الذين لم يأتوا بعد ..
فقالوا : كيف تعرف من لم يأت بعد من أمتك يا رسول الله ؟
فقال : أرأيت لو أن رجلاً له خيل غر محجلة ( أي فيها بياض ونور في الوجه والأطراف ) .. بين ظهري خيل دُهْم بُهْم ( أي سودٌ وحمرٌ ) ..
ألا يعرف خيله ؟
قالوا : بلى يا رسول الله ..
قال : فإنهم يأتون غراً محجلين من الوضوء ..ليس أحد كذلك غيرهم.
* * * * * * * *
وكذلك الشفاعة في الخروج من النار .. لا تكون إلا للمصلين ..
فعند البخاري .. أن الله تعالى إذا جمع الأولين والآخرين يوم القيامة ..
نادي مناد : ليذهب كل قوم إلى ما كانوا يعبدون ..
فيذهب أصحابُ الصليب مع صليبهم ..
وأصحابُ الأوثان مع أوثانهم .. وأصحابُ كل آلهة مع آلهتهم ..
حتى لا يبقى إلا من كان يعبد الله .. من بر أو فاجر أو غبراتٍ من أهل الكتاب ..
ثم يؤتى بجهنم .. تعرض كأنها سراب .. وإذا الناس قد بلغ منهم الخوف والعطش كل مبلغ ..
فيقال لليهود : ما كنتم تعبدون ؟ فيقولون : كنا نعبد عزيرَ بنَ الله فيقال : كذبتم .. لم يكن لله صاحبة ولا ولد ..
فما تريدون ؟ قالوا : نريد أن تسقينا .. والنار أمامهم كأنها سراب ماء .. فيقال : اشربوا .. فيتساقطون في جهنم ..
ثم يقال للنصارى : ما كنتم تعبدون ؟ فيقولون : كنا نعبد المسيحَ ابنَ الله فيقال ؟ كذبتم .. لم يكن لله صاحبةٌ ولا ولدٌ ..
ثم يقال : ما تريدون ؟ فيقولون : نريد أن تسقينا .. فيشار لهم إلى جهنم .. ويقال : اشربوا .. فيهرعون إليها .. فيتساقطون في جهنم ..
حتى يبقى من كان يعبد الله عز وجل .. من بر أو فاجر .. فيقال لهم : ما يحبسكم ؟ وقد ذهب الناس ؟
فيقولون : إنا سمعنا منادياً ينادي : ليلحق كل قوم بما كانوا يعبدون .. وإنما ننتظر ربنا عز وجل ..
فينتظرون .. حتى يأتيهم الله جل جلاله .. في صورته التي يعرفون ..
فيسجد له كل مؤمن .. أما من كان يتساهل بالصلاة في الدنيا .. أو كان يصلي رياء وسمعة .. فإنه إذا أراد أن يسجد .. صار ظهره طبقاً واحداً .. فلا يستطيع السجود ..
قال الله : { يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ * خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ } ..
* * * * * * * *
بل إن أهل الصلاة المقيمين لها .. وإن دخلوا النار .. فالشفاعة منهم قريبة .. فإن الله تعالى إذا فرغ من القضاء بين عباده .. ومضى أهل الجنة إلى الجنة .. وأهل النار إلى النار ..
أراد أن يخرج من النار .. من يخرجه .. ممن كان يشهد أن لا إله إلا الله .. فيأمر الله الملائكة أن يخرجوهم ..
فيأتونهم .. فإذا هم في غمرات النار .. وبعضهم قد غاب في النار إلى قدميه .. وبعضهم قد غاص إلى أنصاف ساقيه .. فتبحث الملائكة عنهم ليخرجوهم .. فلا يعرفونهم إلا بعلامة آثار السجود .. وحرم الله على النار أن تأكل من ابن آدم أثر السجود .. فيخرجونهم من النار .. كما ثبت في الصحيحين ..
* * * * * * * *
هذا حال أهل الصلاة .. أما غيرهم فاسمع خبرهم .. قال الله :
{ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ * إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ * فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءلُونَ * عَنِ الْمُجْرِمِينَ * مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ * حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ * فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ } ..
* * * * * * * *
نعم .. الصلاة هي مفتاحُ الجنان .. وطريقُ دارِ السلام .. ومجاورةِ الملك العلام ..
روى البخاري :
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبلال عند صلاة الفجر : يا بلال .. حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام .. فإني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة !! قال : ما عملت عملاً أرجى عندي .. أني لم أتطهر طهوراً .. في ساعة ليل أو نهار .. إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلي ..
وروى الطبراني وأصل الحديث في مسلم :
وعن ربيعة بن كعب رضي الله عنه قال : كنت أخدم النبي صلى الله عليه وسلم نهاري .. فإذا كان الليل أويت إلى باب رسول الله صلى الله عليه وسلم فبت عنده ..
فقال يوما : يا ربيعة .. سلني .. فأعطيَك .. فقلت :
أَنظِرْني حتى أنظر .. وتذكرت أن الدنيا فانية منقطعة .. فقلت :
يا رسول الله .. أسألك أن تدعو الله أن ينجيني من النار .. ويدخلني الجنة .. فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ثم قال :
من أمرك بهذا ؟ قلت : ما أمرني به أحد .. ولكني علمت أن الدنيا منقطعة فانية .. وأنت من الله بالمكان الذي أنت منه .. فأحببت أن تدعو الله .. قال : إني فاعل .. فأعني على نفسك بكثرة السجود ..
وروى مسلم عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قلت : يا رسول الله أخبرني بعمل أعمله يدخلني الله به الجنة .. فقال : عليك بكثرة السجود لله .. فإنك لا تسجد لله سجدة .. إلا رفعك الله بها درجة .. وحط عنك بها خطيئة ..
* * * * * * * *
إنما ينجو يوم القيامة أقوام صالحون ..
إذا أقبل وقت الصلاة اشتاقوا إليها .. وأقبلت أجسادهم عليها ..
الصَّلاةُ لأحدهم رَبيع قَلْبِهِ .. وحياة نفسه ..
وقُرّة عَيْنِهِ .. ولذة جسده ..
بل هي جلاءً حُزْنِهِ .. وذَهاب همِّه وغَمّه ..
يفزعون إليها عند النوائب .. ويلوذون بها في النوازِلِ .. يتعرف بها أحدهم إلى الله في الرخاء .. فيعرفه ربه في الشدة ..
ذكر الذهبي في ترجمة أبي عبد الله سفيان بن سعيد الثوري ..
أنه كان صاحب نسك وعبادة ..
قال عنه ابن وهب : رأيت سفيان الثوري في الحرم بعدما صلى المغرب .. قام ليصلي النافلة .. فسجد سجدة .. فلم يرفع رأسه حتى نودي بالعشاء ..
وقال علي بن الفضيل : أتيت أريد الطواف بالكعبة .. فإذا سفيان ساجداً يصلي .. فطفت شوطاً فإذا هو على سجوده .. فطفت الثاني فإذا هو على سجوده .. فلقد طفت سبعة أسابيع أي تسعة وأربعين شوطا وهو لم يرفع رأسه من سجوده ..
وقال عنه عبد الرزاق – أحد تلاميذه - :
لما قدم سفيان علينا طبخت له قدر سكباج – لحم مع الخل - فأكل .. ثم أتيته بزبيب الطائف فأكل .. ثم أتيته بالزبيب فأكل ..
فلما انتهى من طعامه .. قام .. ثم شد على وسطه إزاره .. ثم قال : يا عبد الرزاق .. يقولون : اعلف الحمار وكده .. ثم قام يصلي حتى الصباح ..
نعم تعبد صادق .. إذا قام في محرابه نسي الدنيا وما عليها ..
يصلي أحدهم لربه .. صلاة عبد مشتاقٍ إليه .. معترفٍ بفضله عليه.. متذللٍ منكسرٍ بين يديه ..
فيزداد محبة إلى محبته.. وشوقاً إلى دخول جنته ..
فإذا وقع هؤلاء في الكربات .. أو جأروا بالدعوات .. رأوا من ربهم ما يرضيهم .. ويصلح حالهم ويغنيهم ..
سفيان الثوري .. دعاه أبو جعفر المنصور ليوليه القضاء .. فأبى سفيان .. فأصرّ عليه الخليفة وسفيان يأبى .. عندها غضب أبو جعفر وصاح : يا غلام .. النطع والسيف ..
فلما أحضروا النطع ( وهو جلد يوضع تحت رأسه من يريدون قتله بالسيف ) .. وأحضروا السيف ..
وألقوا سفيان على الأرض فلما رأى سفيان الموت .. قال : ..( يمكن تفريغ بقية القصة من الشريط ) ..
بعث أبو جعفر الخشابين حين خرج إلى مكة .. فقال : إن رأيتم سفيان الثوري .. فاصلبوه ..
فجاء النجارون فنصبوا الخشب .. ودخلوا الحرم وأخذوا ينادون على سفيان .. وإذا سفيان قد أحاط به العلماء يسألونه وينهلون منه .. وقد وضع رأسه في حجر الفضيل بن عياض وعند رجليه ابنُ عيينة .. فقالوا :
له يا أبا عبدالله اتق الله ولا تشمت بنا الأعداء قال فتقدم الي الأستار ثم دخله ثم أخذه وقال برئت منه إن دخلها أبو جعفر قال فمات قبل أن يدخل مكة فأخبر بذلك سفيان فلم يقل شيئاً ..
نعم .. تنفعهم صلواتهم .. لأنهم كانوا يصلون صلاة خاشعة مطمئنة .. يتم ركوعها وسجودها .. لا يبخس منها شيئاً ..
وفي الصحيحين ..
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان جالساً في المسجد مع أصحابه يوماً .. فدخل رجل فصلى .. وجعل النبي صلى الله عليه وسلم يرمقه وهو يصلي ..
ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فرد عليه السلام .. ثم قال :
ارجع فصلِّ فإنك لم تصلِّ ..
فرجع الرجل فصلى .. كصلاته الأولى ..
ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسلم عليه .. فقال له : وعليك السلام .. ارجع فصلِّ .. فإنك لم تصلِّ ..
فرجع الرجل فصلى .. ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسلم عليه .. فقال له : وعليك السلام .. ارجع فصلِّ .. فإنك لم تصلِّ ..
فقال الرجل : والذي بعثك بالحق .. ما أحسن غير هذا .. فعلمني ..
فقال صلى الله عليه وسلم : إذا قمت إلى الصلاة فكبر .. ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن .. ثم اركع حتى تطمئن راكعاً .. ثم ارفع حتى تعتدل قائماً .. ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً ..
ثم ارفع حتى تطمئن جالساً .. ثم افعل ذلك في صلاتك كلها ..
عجباً .. فما أحوج كثير من الناس اليوم أن يقال له بعد صلاته : ارجع فصلِّ فإنك لم تصلِّ ..؟!
ينقر أحدهم سجوده كنقر الغراب .. ويركع مستعجلاً كالمرتاب ..
لا يناجي ربه في السجود .. ولا يخشع للرحيم الودود ..
* * * * * * * *
ولكن من رحمة الله بنا .. أن شرع لنا ما نسد به نقص صلاتنا ..
كما أخرج الحاكم وصححه .. أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يقول ربنا عز وجل للملائكة - وهو أعلم - : أنظروا في صلاة عبدي .. أتمها أم نقصها ؟
فإن كانت تامة .. كتبت له تامة ..
وإن كان انتقص منها شيئاً .. قال : انظروا هل لعبدي من تطوع ؟
فإن كان له تطوع .. قال : أتموا لعبدي فريضته من تطوعه .. ثم تؤخذ الأعمال على ذلك ..
وكان صلى الله عليه وسلم يحث على السنن الرواتب .. بل أخبر بالفضل العظيم لمن صلاها ..
فروى مسلم وابن خزيمة أنه صلى الله عليه وسلم قال :
ما من عبد مسلم يصلي لله كل يوم ثنتي عشرة ركعة .. تطوعاً غير فريضة .. إلا بنى الله له بيتاً في الجنة .. أربعَ ركعات قبل الظهر .. وركعتين بعد الظهر .. وركعتين بعد المغرب وركعتين بعد العشاء .. وركعتين قبل الصبح ..
* * * * * * * *
وينبغي على العبد أن يعظم ربه إذا وقف بين يديه ..
كان صلى الله عليه وسلم إذا صلى يسمع لصدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء ..
وكان أبو بكر إذا صلى بالناس لم يكد يسمعون قراءته من الرقة ..
وكان عمر يسمع نشيجه من وراء الصفوف ..
كان علي بن الحسين رضي الله عنه : إذا توضأ أخذته رعدة وتصبب عرقاً .. فيسألونه عن ذلك ؟ فيقول : ويلكم .. أتدرون بين يدي من سوف أقوم !!
أما مسلم بن يسار .. فقال عنه بعض أصحابه : ما رأيت مسلم بن يسار ملتفتاً في صلاته قط .. خفيفة ولا طويلة .. ولقد انهدمت ناحية من المسجد ففزع أهل السوق لهدته وإنه لفي المسجد في صلاة فما التفت إليهم ..
وقال ابن سيرين : رأيت مسلم بن يسار رفع رأسه من السجود في المسجد الجامع .. فنظرت إلى موضع سجوده كأنه صب فيه الماء من كثرة دموعه ..
وقال ابن عون : رأيت مسلم بن يسار يصلي كأنه وتد .. لا يميل على قدم مرة ولا على قدم مرة .. ولا يتحرك .. له ثوب ولا يتروح على رجل ..
وكثير الحمصي .. أمَّ أهل حمص ستين سنة كاملة .. ولم يسهُ في صلاة قط .. فسئل عن ذلك .. فقال : " ما دخلت من باب المسجد قط وفي نفسي غير الله " ..
نعم يستشعر أحدهم أنه مخلوق حقير .. واقف بين يدي ملك كبير..
خضعت له السماواتُ وما أظلّتْ .. والأرضُ وما أقلّت .. عَنَتْ له الوجوهُ .. وخضعتْ له الرقابُ .. وذلّتْ له الجبابرةُ ..
وإذا قال : الله أكبر .. استشعرَ أنَّ الله أكبرُ منْ كلِّ ما يخطرُ بالبال .. وهو سبحانه يراقب إلى صلاته .. ويسمع مناجاته ..
فإذا قال : ( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) .. قال الله :"حَمِدَنِي عبدي"..
وإذا قال : ( الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ) .. قال الله : " أثنى عليَّ عبدي " ..
فإذا قال : (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ): " مجدني عبدي " ..
وإذا قال : ( إياك نعبد وإياك نستعين ) .. قال الله : " هذا لعبدي ولعبدي ما سأل " ..
فيا لذة قلبه .. وقرّة عينه .. وسرور نفسه بقول ربّه : " عبدي " " عبدي " ..
وهو سبحانه الغني عن عبده .. قد استوى على عرشه .. وتفرد بتدبير ملكه ..يغيثِ الملْهُوفين .. ويجيب المضْطَرِّين ..
فيخشع لذلك قلبه .. وتطْمئنُ نفسهُ.. وتسْكنُ حركاته ..
ويجْتَمَع همُّهُ على الله .. وتقرُّ عينُهُ بمولاه ..ويحسُّ بحلاوة قُرْبِهِ .. ويتلذذ بخشوع قَلَبهُ ..
فيعبدُ الله .. كَأَنَّهُ يَرَاه فَوقَ سَمَوَاتِهِ .. مُستَوِيًا عَلَى عَرْشِهِ .. يَتَكَلَّمُ بِأَمْرِهِ وَنَهيِهِ ..
وَيُدَبِّرُ أَمْرَ خَلِيقَته .. فَيَنْزِلُ الأَمْرُ مِنْ عِنْدِهِ وَيَصْعَدُ إلَيهِ .. وهو حَيّ .. سَمِيع .. بَصِير .. يُحِبُّ وَيُبغِضُ .. وَيَرضَى وَيَغضَبُ .. وَيَفعَلُ مَا يَشَاءُ .. وَيَحكُمُ مَا يُرِيدُ ..
( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاء ) ..
* * * * * * * *
ولا يكاد الشيطان يبغض شيئاً كبغضه للصلاة ..
ولذلك إذا رأى الشيطانُ ابنَ آدم ساجداً لله .. اعتزل ناحية يبكي .. ويقول : يا ويله !! أُمر ابنُ آدم بالسجود فسجد فله الجنة .. وأمرت بالسجود فعصيت فلي النار .. رواه مسلم ..
والشيطان من بغضه للصلاة أنه إذا نودي للصلاة أدبر وله ضراط حتى لا يسمع التأذين .. فإذا قضي النداء أقبل .. حتى إذا ثوب بالصلاة أدبر .. حتى إذا قضي التثويب أقبل حتى يخطر بين المرء ونفسه .. يقول : اذكر كذا .. اذكر كذا .. لما لم يكن يذكر .. حتى يظل الرجل لا يدري كم صلى .. متفق عليه ..
نعم يتسلط عليه الشيطان وهو في صلاته ليفسدها عليه ..
قال صلى الله عليه وسلم : إن الشيطان ليلطف بالرجل في صلاته ليقطع عليه صلاته فإذا أعياه نفخ في دبره .. ليخيل إليه أنه أحدث .. فإذا أحس أحدكم من ذلك شيئاً .. فلا ينصرف حتى يجد ريحاً .. أو يسمع صوتاً .. رواه الطبراني وقال الهيثمي رجاله ثقات ..
وسئل صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة .. فقال :
هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد .. رواه البخاري ..
وبلغ من حقد الشيطان .. أنه إذا نام العبد.. يعقد على قافية رأسه ثلاث عقد يضرب كل عقدة عليك ليل طويل فارقد .. رواه البخاري .. حتى لا يستيقظ للصلاة ..
بل الأمر أعظم من ذلك .. فإن الشيطان يجتهد في إغراق العبد في النوم.. لتفوته الصلاة .. قال صلى الله عليه وسلم :
إذا استيقظ أحدكم من منامه فتوضأ فليستنثر ثلاث مرات .. فإن الشيطان يبيت على خيشومه .. متفق عليه ..
بل في الصحيحين .. أنه ذُكر عند النبي صلى الله عليه وسلم رجلٌ نام عن الفجر ليلة حتى أصبح .. فقال :
ذاك رجل بال الشيطان في أذنيه ..
وعند البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بعذاب من يخرجون الصلاة عن وقتها فقال فيما رواه البخاري :
إنه أتاني آتيان فابتعثاني فانطلقت معهما فأتينا على رجل مضطجع ..
* * * * * * * *
ولا يزال الشيطان بالعبد يشغله عن الصلاة حتى يتركها ..
وإن الجريمة الكبرى .. والداهية العظمى ..أن يترك المرء الصلاة ..
فتاركو الصلاة هم أنصار الشيطان .. وأعداء الرحمن ..
وخصوم المؤمنين .. وإخوان الكافرين ..
الذين يحشرون مع فرعون وهامان ..ويتقلبون معهم في النيران ..
وقد قال صلى الله عليه وسلم ; فيما رواه مسلم : "بين الرجل وبين الكفر أو الشرك ترك الصلاة " ..
وصح عند الترمذي والحاكم عن عبد الله بن شقيق عن أبي هريرة صلى الله عليه وسلم قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة ..
قال الشيخ ابن عثيمين : وإذا حكمنا على تارك الصلاة بالكفر .. فهذا يقتضي أنه تنطبق عليه أحكام المرتدين .. فلا يصح أن يُزوَّج .. فإن عُقد له وهو لا يصلي فالنكاح باطل .. وإذا ترك الصلاة بعد أن عُقد له فإن نكاحه ينفسخ ولا تحل له الزوجة .. وإذا ذبح لا تؤكل ذبيحته لأنها حرام .. ولا يدخل مكة .. ولو مات أحد من أقاربه فلا حق له في الميراث .. وإذا مات لا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه ولا يدفن مع المسلمين .. ويحشر يوم القيامة مع الكفار .. ولا يدخل الجنة .. ولا يحل لأهله أن يدعوا له بالرحمة والمغفرة لأنه كافر ..
وحال تاركي الصلاة عند الموت أدهى وأفظع ..
ذكر ابن القيم :
أن أحد المحتضرين .. كان صاحب معاص وتفريط .. فلم يلبث أن نزل به الموت .. ففزع من حوله إليه .. وانطرحوا بين يديه .. وأخذوا يذكرونه بالله .. ويلقنونه لا إله إلا الله ..
وهو يدافع عبراته .. فلما بدأت روحه تنزع .. صاح بأعلى صوته .. وقال : أقول : لا إله إلا الله !!
وما تنفعني لا إله إلا الله ؟!! وما أعلم أني صليت لله صلاة !! ثمّ أخذ يشهق حتى مات ..
أمّا عامر بن عبد الله بن الزبير .. فلقد كان على فراش الموت .. يعد أنفاس الحياة .. وأهله حوله يبكون ..
فبينما هو يصارع الموت .. سمع المؤذن ينادي لصلاة المغرب .. ونفسه تحشرج في حلقه .. وقد أشتدّ نزعه .. وعظم كربه ..
فلما سمع النداء قال لمن حوله : خذوا بيدي ..!!
قالوا : إلى أين ؟ .. قال : إلى المسجد .. قالوا : وأنت على هذه الحال !! قال : سبحان الله .. !! أسمع منادي الصلاة ولا أجيبه .. خذوا بيدي .. فحملوه بين رجلين .. فصلى ركعة مع الإمام .. ثمّ مات في سجوده .. نعم .. مات وهو ساجد ..
وقال عطاء بن السائب : أتينا إلى أبي عبدالرحمن السلمي .. وهو مريض في مصلاه في المسجد .. فإذا هو قد اشتد عليه الأمر .. وقد بأت روحه تنزع .. فأشفقنا عليه .. وقلنا له : لو تحولت إلى الفراش .. فإنه أوثر وأوطأ .. فتحامل على نفسه وقال :
حدثني فلان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا يزال أحدكم في صلاة ما دام في مصلاه ينتظر الصلوة .. فأنا أريد أن أقبض على ذلك ..
فمن أقام الصلاة .. وصبر على طاعة مولاه .. ختم له برضاه ..
كان سعد بن معاذ رضي الله عنه .. صالحاً قانتاً .. متعبداً مخبتاً .. عرفه الليل ببكاء الأسحار .. وعرفه النهار بالصلاة والاستغفار ..
أصابه جرح في غزوة بني قريظة..فلبث مريضاً أياماً ثم نزل به الموت..
فلما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم .. قال لأصحابه : انطلقوا إليه .. قال جابر :
فخرج وخرجنا معه .. وأسرع حتى تقطعت شسوع نعالنا .. وسقطت أرديتنا .. فعجب أصحابه من سرعته .. فقال :
إني أخاف أن تسبقنا إليه الملائكة فتغسله .. كما غسلت حنظلة ..
فانتهى إلى البيت فإذا هو قد مات .. وأصحاب له يغسلونه .. وأمه تبكيه .. فقال صلى الله عليه وسلم : كل باكية تكذب إلا أم سعد .. ثم حملوه إلى قبره .. وخرج صلى الله عليه وسلم يشيعه .. فقال القوم : ما حملنا يا رسول الله ميتاً أخف علينا منه ..
فقال صلى الله عليه وسلم : ما يمنعه أن يخف وقد هبط من الملائكة كذا وكذا لم يهبطوا قط قبل يومهم .. قد حملوه معكم .. والذي نفسي بيده لقد استبشرت الملائكة بروح سعد .. واهتز له العرش ..
{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا * خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا } ..
* * * * * * * *
والصلاة النافعة هي التي تقام كما أمر الله ..
وقد أمر الله بإقامة الصلاة مع جماعة المسلمين في المساجد ..
فقال عز وجل:(وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ )
وفي الصحيحين : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيحتطب .. ثم آمر بالصلاة فيؤذنَ لها .. ثم آمرَ رجلاً فيؤمَّ الناس ..
ثم أخالفَ إلى رجال فأحرقَ عليهم بيوتهم والذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم أنه يجد عرقاً سميناً أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء..
فقام بن أم مكتوم الأعمى رضي الله عنه فقال : يا رسول الله ! يا رسول الله ! إني رجل ضرير البصر .. شاسع الدار .. وليس لي قائد يلائمني .. فهل لي رخصة أن أصلي في بيتي..
قال : أتسمع النداء ؟ قال : نعم .. قال : فاحضرها ..
قال : يا رسول الله .. إن بيني وبينها نخلاً وشجراً .. وليس لي قائد ..
قال أتسمع الإقامة : قال : نعم .. قال : فاحضرها ولم يرخص له ..
* * * * * * * *
وروى مسلم :
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال :
من سره أن يلقى الله غداً مسلماً فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن .. فإن الله شرع لنبيكم صلى الله عليه وسلم سنن الهدى .. وإنهن من سنن الهدى ..
ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته .. لتركتم سنة نبيكم .. ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم ..
ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق ..
ولقد كان الرجل يؤتي به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف ..
* * * * * * * *
لأجل هذه الفضائل .. كان صلى الله عليه وسلم لا يصلي إلا مع الجماعة .. في سفره وحضره .. وأمنه وخوفه .. ومرضه وعافيته ..
انظر إليه صلى الله عليه وسلم .. وقد نزل به الموت .. والحمى تأكل جسده .. وهو يتحامل على نفسه ويصلي بالناس.. حتى صلى بهم المغرب يوم الجمعة ودخل بيته ..وقد اشتدت الحمى ..فوضعوا له فراشاً فانطرح عليه ..
واجتمع الناس لصلاة العشاء .. وهو صلى الله عليه وسلم يحاول النهوض من فراشه .. فلا يقدر .. فلما أبطأ عليهم .. جعل بعضهم ينادي : الصلاة .. الصلاة ..
فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى من حوله وقال : أصلى الناس ؟ قالوا : لا .. يا رسول الله .. هم ينتظرونك .. فإذا حرارة جسده صلى الله عليه وسلم تمنعه من النهوض .. فقال : صبوا لي ماء في المخضب .. وهو إناء كبير ..
فصبوا له الماء..وجعلوا يصبون الماء البارد من القرب ..فوق جسده..
فلما برد جسده .. وشعر بشيء من النشاط .. جعل يشير لهم بيده .. فأوقفوا الماء عنه .. فلما اتكأ على يديه ليقوم أغمي عليه ..
فلبث ملياً .. ثم أفاق .. فكان أول سؤال سأله .. أن قال : أصلى الناس ؟ قالوا : لا .. يا رسول الله .. هم ينتظرونك ..
قال : ضعوا لي ماء في المخضب .. فاغتسل .. وجعلوا يصبون عليه الماء..حتى إذا شعر بشيء من النشاط أراد أن يقوم فأغمي عليه..
فلبث ملياً .. ثم أفاق .. فكان أول سؤال سأله ..أن قال : أصلى الناس؟ قالوا : لا .. يا رسول الله .. هم ينتظرونك ..
قال : ضعوا لي ماء في المخضب .. فوضعوا له الماء .. وجعلوا يصبون الماء البارد على جسده .. وأكثروا الماء .. حتى أشار لهم بيده .. ثم اتكأ على يديه ليقوم .. فأغمي عليه .. فلبث مغمى عليه ملياً .. ثم أفاق .. فقال : أصلى الناس ؟ قالوا : لا .. هم ينتظرونك يا رسول الله ..
فلما رأى حاله .. وتمكن المرض مند جسده .. التفت إليهم وقال :
مروا أبا بكر فليصلِّ بالناس .. فصلى أبو بكر أياماً ..
فلما كان يومُ الاثنين .. وجد صلى الله عليه وسلم نشاطاً في جسده .. فدعا العباس وعليّاً .. فأسنداه عن يمينه ويساره ..
ثم خرج يمشي بينهما .. إلى المسجد .. تخط رجلاه في الأرض .. ولم يفوت صلاة الجماعة ..
وهكذا كان الصالحون من بعده ..
فكان سعيد بن عبد العزيز إذا فاتته صلاته الجماعة بكى ..
وقال برد مولى سعيد بن المسيب : ما نودي للصلاة منذ أربعين سنة إلا وسعيد في المسجد ..
وقال وكيع:كان الأعمش قريباً من سبعين سنة لم تفته التكبيرة الأولى..
وسئل سليمان المقدسي عن صلاة الجماعة وقد قارب عمره التسعين .. فقال: لم أصلّ الفريضة قط منفرداً إلا مرتين وكأني لم أصلهما قط..
وقال حاتم الأصم : فتتني صلاة الجماعة فعزاني أبو إسحاق البخاريُ وحده .. ولو مات لي ولد لعزاني أكثر من عشرة آلاف ..
وكان الربيع بن خثيم بعدما شُلَّ جسده وأصابه الفالج .. يهادي بين رجلين إلى مسجد قومه .. وكان أصحابه يقولون : يا أبا يزيد .. لقد رخص الله لك لو صليت في بيتك .. فيقول :
إنه كما تقولون .. ولكني سمعته ينادي : حي على الفلاح .. فمن سمع منكم ينادي حي على الفلاح .. فليجبه ولو زحفاً ولو حبواً ..
لله درهم من مرضى.. بل والله نحن المرضى..
* * * * * * * *
وإذا أحب العبد الصلاة .. اشتاقت نفسه إليها .. فبكر إلى اللقاء ..واشتغل بالذكر والدعاء .. حتى تقام الصلاة ..
وفي الصحيحين قال صلى الله عليه وسلم :( ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه)
ولا يزال العبد في صلاة ما انتظر الصلاة ..
ومما ابتلي به اليوم كثير من الناس التأخر عن الصلوات عموماً خاصة صلاةَ الجمعة ..
وقد روى البخاري .. أنه صلى الله عليه وسلم قال : من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح .. فكأنما قرب بدنة .. ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ..
ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن ..
ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة ..
ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة ..
فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر ..
وعند البخاري أيضاً .. أنه صلى الله عليه وسلم قال : إذا كان يوم الجمعة كان على كل باب من أبواب المسجد .. الملائكة يكتبون الأول فالأول ..
فإذا جلس الإمام طووا الصحف وجاءوا يستمعون الذكر ..
من أجل ذلك كان الصالحون يتسابقون إليها ..
قال الإمام الزركشي : إن من أول ما أحدث المتأخرون من التغيير في صلاة الجمعة أنهم يتأخرون في المجيء إليها .. ولقد أدركنا السابقين يأتي أحدهم إلى صلاة الجمعة بيده السراج .. يعني يأتي إليها قبل أن تطلع الشمس ..
نعم ..{ إنهم كانوا يسارعون إلى الخيرات ويدعوننا رغباً ورهباً وكانوا لنا خاشعين } ..
ومن حب الله تعالى للذين يبكرون إلى صلاة الجمعة ..
أنهم هم الأقرب إليه .. في يوم المزيد .. في الجنة .. إذا اجتمع المؤمنون ينظرون إلى ربهم جل جلاله .. وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان ..
أو ما سمعت بشأنهم يوم المزيد وأنه شأن عظيم الشان
هو يوم جمعتنا ويوم زيارة الرحمن وقت صلاتنا وأذان
والسابقون إلى الصلاة هم الألى فازوا بذاك السبق بالإحسان
سبق بسبق والمؤخر هاهنا متأخر في ذلك الميدان
والأقربون إلى الإمام فهم أولو الزلفى هناك فهاهنا قربان
قرب بقرب والمباعد مثله بعد ببعد حكمة الديان
ولهم منابر لؤلؤ وزبرجد ومنابر الياقوت والعقيان
هذا وأدناهم وما فيهم دني من فوق ذاك المسك كالكثبان
فيرون ربهم تعالى جهرة نظر العيان كما يرى القمران
ويحاضر الرحمن واحدهم محاضرة الحبيب يقول يا بن فلان
هل تذكر اليوم الذي قد كنت فيه مبارزاً بالذنب والعصيان
فيقول رب أما مننت بغفرة قدماً فإنك واسع الغفران
فيجيبه الرحمن مغفرتي التي قد أوصلتك إلى المحل الداني
فيها الذي والله لا عين رأت كلا ولا سمعت به أذنان
واهاً لذا السوق الذي من حله نال التهاني كلها بأمان
وتجارة من ليس تلهيه تجارات ولا بيع عن الرحمن
يا من تعوض عنه بالسوق الذي ركزت لديه راية الشيطان
لو كنت تدري قدر ذاك السوق لم تركن إلى سوق الكساد الفاني
فهم الى يوم المزيد أشد شوقا من محب للحبيب الداني
هذا وخاتمة النعيم خلودهم أبداً بدار الخلد والرضوان
* * * * * * * *
ولا يكفي أن يحرص المرء على الصلاة في المسجد بل لا بد أن يأمر من تحت يده بذلك .. وكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ..
بعث عبد العزيز بن مروان ابنه عمر إلى المدينة يتأدب بها ويطلب العلم .. وكتب إلى صالح بن كيسان يتعاهده .. وكان يلزمه في الصلوات .. فأبطأ يوماً عن الصلاة .. فقال : ما حبسك ؟ قال : كنت أمشط شعري .. فقال : بلغ من حبك لشعرك أن تؤثره على الصلاة ؟! وكتب بذلك إلى والده .. فبعث أبوه رسولاً إليه فما كلمه حتى حلق شعره ..
وفقد عبد الملك بن مروان ولده هشام يوماً في صلاة جمعة .. فبعث إليه بعد الصلاة يسأله عن تغيبه .. فقال : عجزت بغلتي عن حملي .. ولم أجد دابة ..
فأرسل إليه : وإذا لم تجد دابة تغيب عن الجمعة .. أقسمت عليك ألا تركب دابة سنة كاملة ..
وقال مجاهد : سمعت رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ممن شهد بدراً قال لابنه : أدركت الصلاة معنا ؟ قال : نعم .. قال : أدركت التكبيرة الأولى ؟ قال : لا .. قال : لما فاتك منها خير من مائة ناقة كلها سود العين ..
وكان ابو هريرة رضي الله عنه إذا خرج للصلاة .. مر ببيوت أهله يصيح ويخرجهم معه إلى المسجد .. وهو يقرأ { وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى } ..
* * * * * * * *
نعم .. إن جنة المؤمن في محرابه .. والذنب لا يغسل إلا بالدمع .. والمغفرة تطلب بالركوع والسجود .. وكلما كان الرجل في صلاته أكثر اتباعاً للنبي صلى الله عليه وسلم .. وتطبيقاً للسنن كان أجره أعظم .. كيف لا وقد قال صلى الله عليه وسلم : صلوا كما رأيتموني أصلي ..
وقد ترى الرجلين يصليان في مسجد واحد بل يقفان في صف واحد وراء إمام واحد يدخلان الصلاة في وقت واحد وينصرفان منها في وقت واحد .. وبين صلاة هذا وصلاة هذا من الأجر كما بين السماء والأرض ..
والفرق أن الأول صلى كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي .. والثاني ما يهتم بتطبيق السنن .. ولا يلتفت إليها ..
وسوف أسوق لكم في عجالة صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ملخصة من كتاب الشيخ ابن باز رحمه الله :
وصفة الصلاة أن يستقبل القبلة ناوياً بقلبه الصلاة.. ولا ينطق بلسانه بالنية.. ويسقط الاستقبال عن العاجز عنه كالمريض ..
ويجب عليه أن يصلي قائماً إلا العاجز عن القيام .. فيصلي جالساً إن استطاع .. وإلا فعلى جنب ..
ويسن أن يصلي إلى سترة.. لا فرق في ذلك بين المسجد وغيره.. لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا تصل إلا إلى سترة .. ولا تدع أحداً يمر بين يديك .. ) و تكون السترة مرتفعة عن الأرض ..
وعليه أن يتجنب ما يلهيه في صلاته من زخارف وأصوات .. ولا يصلي يدافعه البول والغائط ..
ثم يكبر تكبيرة الإحرام قائلا : "الله أكبر" ناظراً ببصره إلى محل سجوده .. ويرفع يديه عند التكبيرة إلى حذو منكبيه .. أو إلى حيال أذنيه ..
ولا يرفع صوته بالتكبير في كل الصلوات.. إلا إذا كان إماماً .. ولا يكبر المأموم إلا عقب انتهاء الإمام من التكبير ..
ثم يضع يديه على صدره .. اليمنى على اليسرى ..
ويسن أن يقرأ دعاء الاستفتاح فيقول : اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب .. اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس .. اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد ، رواه البخاري ..
أو غيره مما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ..
ثم يقول: ( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .. بسم الله الرحمن الرحيم ) ..
وينظرُ إلى موضع سجوده .. ولا يلتفتُ ببصره .. ولا يرفعُ بصره ..
ويقرأُ سورة الفاتحة .. ويقولُ بعدها " آمين " .. جهراً في الصلاة الجهرية .. وسراً في السرية .. ثم يقرأُ ما تيسر من القرآن ..
ثم يكبرُ ويركعُ رافعاً يديه إلى حذو منكبيه أو أذنيه .. كما رفعهما عند تكبيرة الإحرام .. ويجعل ظهره في الركوع مستوياً .. واضعاً يديه على ركبتيه ويفرج بين أصابعه كأنه قابض على ركبتيه .. ويقول ( سبحان ربي العظيم ) والأفضل أن يكررها ثلاثاً أو أكثر .. وإن زاد عليها من الذكر الوارد فلا بأس ..
ثم يرفع رأسه من الركوع .. رافعاً يديه إلى حذو منكبيه أو أذنيه قائلاً : سمع الله لمن حمده ..
ثم يضع يديه على صدره .. ويقول : ربنا ولك الحمد .. وإن زاد فقال : ملء السموات .. وملء الأرض .. وملء ما شئت من شيء بعد .. أهل الثناء والمجد .. أحق ما قال العبد .. وكلنا لك عبد .. اللهم لا مانع لما أعطيت .. ولا معطي لما منعت .. ولا ينفع ذا الجد منك الجدُّ ( أي لا ينفع ذا الغنى غناه ) رواه مسلم .. أو يقول غيره مما ورد ..
وإن كان مأموماً فإنه لا يقول سمع الله لمن حمده ..
وإنما يقول ما بعدها : ربنا ولك الحمد .. إلى آخره ..
ثم يخر ساجداً مكبراً .. ويكون على أعضائه السبعة : الجبهة مع الأنف .. واليدين .. والركبتين .. وبطون أصابع القدمين .. ويقول : ( سبحان ربي الأعلى ) .. ويكرر ذلك ثلاثاً أو أكثر .. ويكثر من الدعاء في السجود ..
ويضم أصابع يديه في سجوده .. ويجافي عضديه عن جنبيه .. وبطنه عن فخذيه .. ويرفع ذراعيه عن الأرض ..
ثم يرفع رأسه مكبراً .. ويفرش قدمه اليسرى ويجلس عليها .. وينصب قدمه اليمنى .. ويضع يديه على فخذيه وركبتيه .. ويقول في هذه الجلسة بين السجدتين : " اللهم اغفر لي.. وارحمني.. واجبرني.. وارفعني.. وعافني.. وارزقني أو : " رب اغفر لي.. رب اغفر لي "..
وقد كان صلى الله عليه وسلم يطيل اعتداله بعد الركوع وبين السجدتين ..
ثم يسجد السجدة الثانية مكبراً .. ويفعل فيها كما فعل في السجدة الأولى ..
ثم يرفع رأسه مكبراً .. ويجلس – إن شاء - جلسة خفيفة مثل جلوسه بين السجدتين .. وتسمى : جلسة الاستراحة .. وهي مستحبة .. وإن تركها فلا حرج .. وليس فيها ذكر ولا دعاء ..
ثم ينهض قائماً إلى الركعة الثانية ويفعل كما فعل في الركعة الأولى ..
وإذا كانت الصلاة ثنائية .. أي ركعتين كصلاة الفجر والجمعة والعيد .. جلس في الركعة الثانية للتشهد الأخير .. قابضاً أصابع يده اليمنى كلَّها إلا السبابة .. فيشير بها إلى التوحيد عند ذكر الله والدعاء ..
وإن قبض الخنصر والبنصر .. وحلق الإبهام والوسطى وأشار بالسبابة فحسن .. لثبوت الصفتين عن النبي صلى الله عليه وسلم ..
ثم يقرأ التشهد .. وهو : " التحيات لله.. والصلوات.. والطيبات.. السلام على عليك أيها النبي ( أو السلام على النبي ) ورحمة الله وبركاته.. السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.. أشهد أن لا إله إلا الله.. وأشهد أن محمد عبده ورسوله " ..
ويقرأ بعد هذا التشهد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيقول : " اللهم صل على محمد.. وعلى آل محمد.. كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم.. إنك حميد مجيد..اللهم بارك على محمد.. وعلى آل محمد.. كما باركت على إبراهيم.. وعلى آل إبراهيم.. إنك حميد مجيد "..
ويستحب أن يقول بعدها .. " اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم.. ومن عذاب القبر.. ومن فتنة المحيا والممات.. ومن شر فتنة المسيح الدجال " ..
ثم يدعو بما شاء من خير الدنيا والآخرة ..
ثم يسلم عن يمينه وشماله قائلاً : ( السلام عليكم ورحمة الله .. السلام عليكم ورحمة الله ) ..
وإن كانت الصلاة ثلاثية كالمغرب .. أو رباعية كالظهر والعصر والعشاء .. قرأ التشهد .. ثم نهض إلى الركعة الثالثة .. رافعاً يديه إلى حذو منكبيه .. كما فعل في تكبيرة الإحرام ..قائلا : ( الله أكبر ) ..
ويضع يديه على صدره .. كما تقدم .. ويقرأ الفاتحة فقط ..
فإذا جلس للتشهد الأخير .. جلس متوركاً .. واضعاً قدمه اليسرى تحت ساقه اليمنى .. وبعض مقعدته على الأرض .. ويلقم كفه اليسرى ركبته..يعتمد عليها.
ثم يسلم عن يمينه وشماله ..
ويسن له بعد الصلاة أن يأتي بأذكار الصلاة وهي :
أن يستغفر ثلاثاً .. ويقول : اللهم أنت السلام .. ومنك السلام .. تباركت يا ذا الجلال والإكرام .. لا إله الله وحده لا شريك له .. له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير .. اللهم لا مانع لما أعطيت .. ولا معطي لما منعت .. ولا ينفع ذا الجدِّ منك الجدُّ .. لا إله إلا الله .. ولا نعبد إلا إياه .. له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن .. لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون ..
ثم يقول سبحان الله .. والحمد لله.. والله أكبر .. كلاً منها ثلاثاً وثلاثين مرة
ثم يتم المائة بقوله : لا إله إلا الله وحده لا شريك له .. له الملك وله الحمد .. وهو على كل شيء قدير ..
ثم يقرأ آية الكرسي .. وقل هو الله أحد والمعوذتين مرة واحدة ..
إلا بعد صلاتي الفجر والمغرب .. فيستحب تكرار هذه السور الثلاث ثلاث مرات ..
كما يستحب أن يقول بعد صلاتي الفجر والمغرب :
لا إله إلا الله وحده لا شريك له .. له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير ..عشر مرات ..
* * * * * * * *
المسلم المستغفر{نور الدرب} لاتنسونا من صالح دعائكم
تعليق