أيها الملتزمون، خطوة نحو الالتزام
حسام كمال النجار
تقف مع أحدهم تُذكِّره وتُذكِّر نَفْسَك بالله، فيقول لك:
ولماذا أَلتزِم، وقد عامَلتُ فلانًا صاحبَ اللحية وسَرَق مالي وكذَب عليَّ؟! وفلانة المُنتقِبة ما عرَفنا عنها إلا أنها تُوقِع بين الناس، وقد تَسبَّبت في مشكلة بين زوجين أدَّت لطلاقهما، أَتُريدني أن أَلتزِم، وأكون من الجماعة السُّنيَّة (أصحاب اللِّحى)، وأُلزِم زوجَتِي بالحجاب لتصيرَ مِثْلهم؟!
موقف مُتكرِّر وحُجَّة واهية!
يُلقيها الكثيرون بين يدي مَن يدعونهم إلى طاعة الله والالتزام بسُنَّة نبيِّه صلى الله عليه وسلم، وفي كثير من الأحيان يُلْقُون اتهاماتٍ أكثر من هذا على الملتزمين، وكثير منها يكون من وحي خيال المُحتجِّين بمِثْل هذا الكلام، وإضافاتهم الشخصية على قصة سَمِعها من هنا أو هناك، وكأنه يَضَع لمستَه الفنيَّة، والتي تكون دائمًا توسيعًا لدائرة التُّهم والمزيد من الإدانة للمُلتزمين، مع عدم اختلافنا على أنَّ الواقع به الكثير من الملتزمين ظاهرًا، وحين مُعامَلة الناس لهم أو تَعرُّضهم لمواقف عملية تَستوجِب العملَ بقواعد الشَّرع، تَنكسِر قِشْرتهم الظاهرة ليبدو مَعْدِنهم الحقيقي الذي يَدلُّ على سواد عظيم.
الملتزمون بشر:
أكثر ما يَصدِمك في أي إنسان - حتى ولو كان مُلتزِمًا - هو أن تَضَعه في مقامٍ غير كونه بشرًا، يُصيب ويُخطئ، وأحيانًا يُكثِر من الخطأ، فالإيمان يَزيد ويَنقص، يَزيد بالطاعة ويَنقص بالمعصية، وهذا المُلتزِم ليس بالمعصوم وليس بالمنُزَّه عن الخطأ، وربما صَحِب الكثيرَ من عاداته وأخلاقه السيئة القديمة التي كان عليها قَبْل التزامه، وما زال يُعالِجها، وما زالت تُعاجِله، فلا تنظر حتى لداعية مهما كانت شُهْرته بعين الإكبار والإجلال المُبالَغ فيه، وكأنه يطير مع الملائكة، يعبد ربَّه لا يعصي ولا يُخطئ؛ لأنَّ الصدمةَ حينها ستكون كبيرة، ولا يدفعك هذا أيضًا إلى سوء الظنِّ في كلِّ الناس من حولك، فالأمر فقط يحتاج أن تضع الأمور في نِصابها، المُلتزِمون بشرٌ ككل البشر.
كن أنت الملتزم بحق:
كن أنت المُلتزِم الذي ودَدتَ أن تُقابِله دومًا، لا تُعلِّق التزامَك بالتزام أحدٍ؛ فأنت ستُحاسَب وحدك، وستُسأل عن نفسك، ولن يُغنيك قولُك بأن بعض المُلتزِمين كانوا سببًا في كُرْهك للالتزام، فأنت في الأصل لك في رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسوةُ الحسنةُ، ومطلوب منك اتِّباعه هو صلى الله عليه وسلم، كن أنت النموذج الطيب للمُلتزِم الحقيقي.
كن كالنحلة ولا تكن كالذبابة:
لا تكن كالذبابة تبحث عن السيئين من المُلتزمين؛ لتجعلهم سببًا واهيًا تُعلِّق عليه طيشَك ومعاصيك وبُعدَك عن الطريق القويم، كن كالنحلة لا تذهب إلا إلى الطيِّبين من الملتزمين، كن كالنحلة وارشف من مَعين سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ومواقفه، وحياةِ الصحابة رِضوان الله عليهم أجمعين، وحُسْن تأسِّيهم بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، لست بحاجة لأنْ تتأسَّى بمن هم حولك أصلاً؛ فكلنا مطلوب منا أن نجعل قدوتَنا المعصومَ صلوات ربي وسلامه عليه.
وأنت أيها الملتزم:
لابد أن تعلم أنك عُنوان، ولا بد أن تعلم أنَّ عليك دورًا مهمًّا في إصلاح مجتمعك، فلا تَنفَك أو تَنعزِل عنه، عامِل الناس بخُلُق حَسَن، أَظهِر لهم أنَّ التزامك بطاعة الله واتِّباع هَدْي رسول الله صلى الله عليه وسلم، هو ما يُلزِمك بكلِّ أقوال وأفعال الخير، أَصلِح بينهم بالخير، وانصَح لهم بالوُدِّ، واعتَذِر إن أخطأت في حقِّ أحدٍ من الناس حولك؛ فإن هذا الاعتذار يجعل مَن حولك يَشْعرون أنك تَعترِف بالخطأ إن أخطأت وتَندَم عليه، تخيَّل نفسَك تقف عند باب سبيل الله القويم في استقبال المنضمِّين الجُدُد، تهيَّأ لمِثْل هذا المعنى واستقبِل الناسَ بابتسامة ووُدٍّ، ساعِدْهم قَدْر ما تستطيع في قضاء حوائجهم؛ فالإنسان أسيرُ الإحسان، قل لهم: إنك تحبُّهم في الله، واعمل بمقتضى هذا الحبِّ ما تستطيعه، تذكَّر دائمًا أيها الملتزم أنك عُنوان وواجهة، أعاننا الله وإيَّاكم على هذه المسؤولية والأمانة.
المصدر: موقع الالوكة
تعليق