بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
في هذه الأيام يذكر علماء الجيولوجيا أن بركاناً سيحدث بالقرب من المدينة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة والسلام ،في منطقة العيص([1]).
وقد ذكر المؤرخون أن زلزالاً بركانياً([2]) مروعاً حدث في المدينة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة والتسليم في سنة (654هـ=1255م)،و أسهبوا في وصف هذا الزلزال وما صاحبه من ظواهر،وننقل هنا نص ابن كثير رحمه الله ( [3]) الذي لخص كلام معاصر لهذا الحدث وهو الإمام أبو شامة رحمه الله(ت 665هـ) ([4]).
قال الإمام ابن كثير رحمه الله:
ثم دخلت سنة أربع وخمسين وستمائة
فيها كان ظهور النار من أرض الحجاز التي أضاءت لها أعناق الابل ببصرى([5])، كما نطق بذلك الحديث المتفق عليه([6])، وقد بسط القول في ذلك الشيخ الامام العلامة الحافظ شهاب الدين أبو شامة المقدسي في كتابه الذيل وشرحه، واستحضره من كتب كثيرة وردت متواترة إلى دمشق من الحجاز بصفة أمر هذه النار التي شوهدت معاينة، وكيفية خروجها وأمرها، وهذا محرر في كتاب: دلائل النبوة من السيرة النبوية، في أوائل هذا الكتاب ولله الحمد والمنة.
وملخص ما أورده أبو شامة أنه قال: وجاء إلى دمشق كتب من المدينة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، بخروج نار عندهم في خامس جمادى الآخرة من هذه السنة، وكتبت الكتب في خامس رجب، والنار بحالها،
ووصلت الكتب إلينا في عاشر شعبان ثم قال: " بسم الله الرحمن الرحيم، ورد إلى مدينة دمشق في أوائل شعبان من سنة أربع وخمسين وستمائة كتب من مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيها شرح أمر عظيم حدث بها فيه تصديق لما في الصحيحين من حديث أبي هريرة.
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز تضئ لها أعناق الإبل ببُصرى "([7]) فأخبرني من أثق به ممن شاهدها أنه بلغه أنه كتب بتيماء على ضوئها الكتب.
قال وكنا في بيوتنا تلك الليالي، وكان في دار كل واحد منا سراج، ولم يكن لها حر ولفح على عظمها، إنما كانت آية من آيات الله عزوجل ".
قال أبو شامة: وهذه صورة ما وقفت عليه من الكتب الواردة فيها.
" لما كانت ليلة الاربعاء ثالث جمادى الآخرة سنة أربع وخمسين وستمائة ظهر بالمدينة النبوية دوي عظيم، ثم زلزلة عظيمة رجفت منها الارض والحيطان والسقوف والاخشاب والابواب، ساعة بعد ساعة إلى يوم الجمعة الخامس من الشهر المذكور، ثم ظهرت نار عظيمة في الحرة قريبة من قريظة نبصرها من دورنا من داخل المدينة كأنها عندنا، وهي نار عظيمة إشعالها أكثر من ثلاث منارات، وقد سالت أودية بالنار إلى وادي شظا مسيل الماء، وقد مدت مسيل شظا وما عاد يسيل، والله لقد طلعنا جماعة نبصرها فإذا الجبال تسيل نيرانا، وقد سدت الحرة طريق الحاج العراقي، فسارت إلى أن وصلت إلى الحرة فوقفت بعد ما أشفقنا أن تجئ إلينا، ورجعت تسيل في الشرق فخرج من وسطها سهود وجبال نيران تأكل الحجارة، فيها أنموذج عما أخبر الله تعالى في كتابه (إنها ترمي بشرر كالقصر كأنه جمالة صفر) [ المرسلات: 32 ] وقد أكلت الأرض، وقد كتبت هذا الكتاب يوم خامس رجب سنة أربع وخمسين وستمائة والنار في زيادة ما تغيرت، وقد عادت إلى الحرار في قريظة طريق عير الحاج العراقي إلى الحرة كلها نيران تشتعل نبصرها في الليل من المدينة كأنها مشاعل الحاج.
وأما أم النار الكبيرة فهي جبال نيران حمر، والأم الكبيرة التي سالت النيران منها من عند قريظة، وقد زادت وما عاد الناس يدرون أي شئ يتم بعد ذلك، والله يجعل العاقبة إلى خير، فما أقدر أصف هذه النار ".
قال أبو شامة: " وفي كتاب آخر: فظهر في أول جمعة من جمادى الآخرة سنة أربع وخمسين وستمائة ووقع في شرقي المدينة المشرفة نار عظيمة بينها وبين المدينة نصف يوم: انفجرت من الارض وسال منها واد من نار حتى حاذى جبل أحد، ثم وقفت وعادت إلى الساعة، ولا ندري ماذا نفعل، ووقت ما ظهرت دخل أهل المدينة إلى نبيهم عليه الصلاة والسلام مستغفرين تائبين إلى ربهم تعالى، وهذه دلائل القيامة ".
قال " وفي كتاب آخر: لما كان يوم الاثنين مستهل جمادى الآخرة، سنة أربع وخمسين وستمائة وقع بالمدينة صوت يشبه صوت الرعد البعيد تارة وتارة، أقام على هذه الحالة يومين، فلما كانت ليلة الاربعاء ثالث الشهر المذكور تعقب الصوت الذي كنا نسمعه زلازل، فلما كان يوم الجمعة خامس الشهر المذكور انبجست الحرة بنار عظيمة يكون قدرها مثل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي برأي العين من المدينة، نشاهدها وهي ترمي بشرر كالقصر، كما قال الله تعالى، وهي بموضع يقال له أجيلين ، وقد سال من هذه النار واد يكون مقداره أربع فراسخ، وعرضه أربعة أميال، وعمقه قامة ونصف، وهي تجري على وجه الارض ويخرج منها أمهاد وجبال صغار، وتسير على وجه الارض وهو صخر يذوب حتى يبقى مثل الآنك.
فإذا جمد صار أسود، وقبل الجمود لونه احمر، وقد حصل بسبب هذه النار إقلاع عن المعاصي، والتقرب إلى الله تعالى بالطاعات، وخرج أمير المدينة عن مظالم كثيرة إلى أهلها ".
قال الشيخ شهاب الدين أبو شامة: " ومن كتاب شمس الدين بن سنان بن عبد الوهاب بن نميلة الحسيني قاضي المدينة إلى بعض أصحابه: لما كانت ليلة الأربعاء ثالث جمادى الآخرة حدث بالمدينة بالثلث الأخير من الليل زلزلة عظيمة أشفقنا منها، وباتت باقي تلك الليلة تزلزل كل يوم وليلة
قدر عشر نوبات، والله لقد زلزلت مرة ونحن حول حجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم اضطرب لها المنبر إلى أن أوجسنا منه إذ سمعنا صوتاً للحديد الذي فيه، واضطربت قناديل الحرم الشريف، وتمت الزلزلة إلى يوم الجمعة ضحى، ولها دوي مثل دوي الرعد القاصف، ثم طلع يوم الجمعة في طريق الحرة في رأس أجيلين نار عظيمة مثل المدينة العظيمة، وما بانت لنا إلا ليلة السبت وأشفقنا منها وخفنا خوفا عظيما، وطلعت إلى الأمير كلمته وقلت له: قد أحاط بنا العذاب، ارجع إلى الله تعالى، فأعتق كل مماليكه ورد على جماعة أموالهم، فلما فعل ذلك قلت: اهبط الساعة معنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فهبط وبتنا ليلة السبت والناس جميعهم والنسوان وأولادهم، وما بقي أحد لا في النخيل ولا في المدينة إلا عند النبي صلى الله عليه وسلم، ثم سار منها نهر من نار، وأخذ في وادي أجيلين وسد الطريق ثم طلع إلى بحرة الحاج وهو بحر نار يجري، وفوقه جمر يسير إلى أن قطعت الوادي وادي الشفا، وما عاد يجئ في الوادي سيل قط لأنها حضرته نحو قامتين وثلث علوها، والله يا أخي إن عيشتنا اليوم مكدرة والمدينة قد تاب جميع أهلها، ولا بقي يسمع فيها رباب ولا دف ولا شرب، وتمت النار تسيل إلى أن سدت بعض طريق الحاج وبعض بحرة الحاج، وجاء في الوادي إلينا منها يسير وخفنا أنه يجيئنا فاجتمع الناس ودخلوا على النبي صلى الله عليه وسلم وتابوا عنده جميعهم ليلة الجمعة، وأما قتيرها الذي مما يلينا فقد طفئ بقدرة الله وأنها إلى الساعة وما نقصت إلا ترى مثل الجمال حجارة ولها دوي ما يدعنا نرقد ولا نأكل ولا نشرب، وما أقدر أصف لك عظمها ولا ما فيها من الاهوال، وأبصرها أهل ينبع وندبوا قاضيهم ابن أسعد وجاء وعدا إليها، وما صبح يقدر يصفها من عظمها، وكتب الكتاب يوم خامس رجب، وهي على حالها، والناس منها خائفون،والشمس والقمر من يوم ما طلعت ما يطلعان إلا كاسفين، فنسأل الله العافية ".
قال أبو شامة: وبان عندنا بدمشق أثر الكسوف من ضعف نورها على الحيطان، وكنا حيارى من ذلك إيش هو ؟ إلى أن جاءنا هذا الخبر عن هذه النار.
قلت: وكان أبو شامة قد أرخ قبل مجئ الكتب بأمر هذه النار، فقال: وفيها في ليلة الاثنين السادس عشر من جمادى الآخرة خسف القمر أول الليل، وكان شديد الحمرة ثم انجلى،وكسفت الشمس، وفي غده احمرت وقت طلوعها وغروبها وبقيت كذلك أياما متغيرة اللون ضعيفة النور، والله على كل شئ قدير، ثم قال: واتضح بذلك ما صوره الشافعي من اجتماع الكسوف والعيد، واستبعده أهل النجامة.
ثم قال أبو شامة: " ومن كتاب آخر من بعض بني الفاشاني بالمدينة يقول فيه: وصل إلينا في جمادى الآخرة نجابة من العراق وأخبروا عن بغداد أنه أصابها غرق عظيم حتى طفح الماء من أعلى أسوار بغداد إليها، وغرق كثير منها، ودخل الماء دار الخلافة وسط البلد، وانهدمت دار الوزير وثلثمائة وثمانون دارا، وانهدم مخزن الخليفة، وهلك من خزانة السلاح شئ كثير، وأشرف الناس على الهلاك وعادت السفن تدخل إلى وسط البلدة، وتخترق أزقة بغداد.
قال وأما نحن فإنه جرى عندنا أمر عظيم: لما كان بتاريخ ليلة الأربعاء الثالث من جمادى الآخرة ومن قبلها بيومين،عاد الناس يسمعون صوتا مثل صوت الرعد، فانزعج لها الناس كلهم،وانتبهوا من مراقدهم وضج الناس بالاستغفار إلى الله تعالى، وفزعوا إلى المسجد وصلوا فيه، وتمت ترجف بالناس ساعة بعد ساعة إلى الصبح، وذلك اليوم كله يوم الأربعاء وليلة الخميس كلها وليلة الجمعة، وصبح يوم الجمعة ارتجت الأرض رجة قوية إلى أن اضطرب منار المسجد بعضه ببعض، وسمع لسقف المسجد صرير عظيم، وأشفق الناس من ذنوبهم، وسكنت الزلزلة بعد صبح يوم الجمعة إلى قبل الظهر، ثم ظهرت عندنا بالحرة وراء قريظة على طريق السوارقية بالمقاعد مسيرة من الصبح إلى الظهر نار عظيمة تنفجر من الأرض، فارتاع لها الناس روعة عظيمة، ثم ظهر لها دخان عظيم في السماء ينعقد حتى يبقى كالسحاب الأبيض، فيصل إلى قبل مغيب الشمس من يوم الجمعة، ثم ظهرت النار لها ألسن تصعد في الهواء إلى السماء حمراء كأنها القلعة، وعظمت وفزع الناس إلى المسجد النبوي وإلى الحجرة الشريفة، واستجار الناس بها وأحاطوا بالحجرة وكشفوا رؤوسهم وأقروا بذنوبهم وابتهلوا إلى الله تعالى واستجاروا بنبيه عليه الصلاة والسلام، وأتى الناس إلى المسجد من كل فج ومن النخل، وخرج النساء من البيوت والصبيان، واجتمعوا كلهم وأخلصوا إلى الله،وغطت حمرة النار السماء كلها حتى بقي الناس في مثل ضوء القمر، وبقيت السماء كالعلقة، وأيقن الناس بالهلاك أو العذاب،وبات الناس تلك الليلة بين مصل وتال للقرآن وراكع وساجد، وداع إلى الله عزوجل، ومتنصل من ذنوبه ومستغفر وتائب، ولزمت النار مكانها وتناقص تضاعفها ذلك ولهيبها، وصعد الفقيه والقاضي إلى الأمير يعظونه، فطرح المكس وأعتق مماليكه كلهم وعبيده، ورد علينا كل ما لنا تحت يده، وعلى غيرنا، وبقيت تلك النار على حالها تلتهب التهابا، وهي كالجبل العظيم ارتفاعا وكالمدينة عرضا، يخرج منها حصى يصعد في السماء ويهوي فيها ويخرج منها كالجبل العظيم نار ترمي كالرعد.
وبقيت كذلك أياما ثم سالت سيلانا إلى وادي أجيلين تنحدر مع الوادي إلى الشظا، حتى لحق سيلانها بالبحرة بحرة الحاج، والحجارة معها تتحرك وتسير حتى كادت تقارب حرة العريض، ثم سكنت ووقفت أياما، ثم عادت ترمي بحجارة خلفها وأمامها، حتى بنت لها جبلين وما بقي يخرج منها من بين الجبلين لسان لها أياما، ثم إنها عظمت وسناءها إلى الآن، وهي تتقد كأعظم ما يكون، ولها كل يوم صوت عظيم في آخر الليل إلى ضحوة، ولها عجائب ما أقدر أن أشرحها لك على الكمال، وإنما هذا طرف يكفي.
والشمس والقمر كأنهما منكسفان إلى الآن.
وكتب هذا الكتاب ولها شهر وهي في مكانها ما تتقدم ولا تتأخر ".
وقد وقع هذا في هذه السنة - أعني سنة أربع وخمسين وستمائة - كما ذكرنا، وقد أخبرني قاضي القضاة صدر الدين علي بن أبي القاسم التميمي الحنفي الحاكم بدمشق في بعض الأيام في المذاكرة، وجرى ذكر هذا الحديث وما كان من أمر هذه النار في هذه السنة فقال: سمعت رجلا من الأعراب يخبر والدي ببصرى في تلك الليالي أنهم رأوا أعناق الابل في ضوء هذه النار التي ظهرت في أرض الحجاز.
قلت: وكان مولده في سنة ثنتين وأربعين وستمائة، وكان والده مدرسا للحنفية ببصرى وكذلك كان جده، وهو قد درس بها أيضا ثم انتقل إلى دمشق فدرس بالصادرية وبالمعدمية، ثم ولي قضاء القضاة الحنفية، وكان مشكور السيرة في الأحكام، وقد كان عمره حين وقعت هذه النار بالحجاز ثنتا عشرة سنة، ومثله ممن يضبط ما يسمع من الخبر أن الاعرابي أخبر والده في تلك الليالي، وصلوات الله وسلامه على نبيه سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيراً.
وقال ابن الساعي في تاريخ سنة أربع وخمسين وستمائة: في يوم الجمعة ثامن عشررجب - يعني من هذه السنة - كنت جالسا بين يدي الوزير فورد عليه كتاب من مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم صحبة قاصد يعرف بقيماز العلوي الحسني المدني، فناوله الكتاب فقرأه وهو يتضمن أن مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم زلزلت يوم الثلاثاء ثانى جمادى الآخرة حتى ارتج القبر الشريف النبوي، وسمع صرير الحديد، وتحركت السلاسل، وظهرت نار على مسيرة أربع فراسخ من المدينة، وكانت ترمي بزبد كأنه رؤوس الجبال، ودامت خمسة عشر يوماً.
قال القاصد: وجئت ولم تنقطع بعد، بل كانت على حالها، وسأله إلى أي
الجهات ترمي ؟ فقال: إلى جهة الشرق، واجتزت عليها أنا ونجابة اليمن ورمينا فيها سعفة فلم تحرقها، بل كانت تحرق الحجارة وتذيبها.
وأخرج قيماز المذكور شيئا من الصخر المحترق وهو كالفحم لوناً وخفة.
قال وذكر في الكتاب وكان بخط قاضي المدينة أنهم لما زلزلوا دخلوا الحرم وكشفوا رؤوسهم واستغفروا وأن نائب المدينة أعتق جميع مماليكه، وخرج من جميع المظالم، ولم يزالوا مستغفرين حتى سكنت الزلزلة، إلا أن النار التي ظهرت لم تنقطع.
وجاء القاصد المذكور ولها خمسة عشر يوماً وإلى الآن.
قال ابن الساعي: وقرأت بخط العدل محمود بن يوسف بن الامعاني شيخ حرم المدينة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، يقول: إن هذه النار التي ظهرت بالحجاز آية عظيمة، وإشارة صحيحة دالة على اقتراب الساعة، فالسعيد من انتهز الفرصة قبل الموت، وتدارك أمره بإصلاح حاله مع الله عزوجل قبل الموت.
**********
إعداد: أبو عمر الفلسطيني
[1] - مدينة <<العيص>> تابعه للمدينه المنوره وتصنف بالفئه أ إن شاءالله ستكون مدينة في أقرب وقت أكبر مراكز محافظة ينبع التابعة لمنطقة المدينة المنورة؛ من حيث المساحة حيث تبلغ مساحتها التقريبية 2863 كيلومتراً، تقع شمال شرق المحافظة على بعد 150 كيلو متراً عن طريق تجارة قريش المتجهة إلى الشام -قديماً- والمسمى بطريق مأرب بتراء، ويحدها من الغرب مدينة أملج على بعد 120 كيلو متراً، ومن الشرق المدينة المنــــــــورة على بعد 240 كيلو متراً، ومن الشمال مدينة العلا على بعد 200 كيلو متراً، وتتميز بموقعها الجغرافي من حيث كونها تقع عند ملتقى مجموعة الطرق القديمة والحديثة، وترتفع عن سطح البحر حوالي 1200 متر، وهي حارة صيفاً باردة شتاءً. ويتبع للعيص قرى وهجر وهي : الفرع القراصه المربع سليلة جهينة اميرة المرامية المثلث هجرة هدمه ويبلغ عدد سكان قطاع العيص اجمالاَ تقريباَ 45000 نسمة
حظيت العيص بشهرة تاريخية كبيرة لذكرها في كتب السيرة، حيث تتابعت إليها السرايا والغزوات التي كان يبعثها رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ لملاقاة عير قريش قربها في الطريق الذي كانت تسلكه قادمة من الشام، وذلك للرد على محاربتها للإسلام وإيذائها للمسلمين، ومن أشهر هذه السرايا؛ سرية حمزة بن عبدالمطلب -رضي الله عنه- وهي أول سرية في الإسلام التي كانت مكونة من ثلاثين رجلاً، وقد بعثها الرسول في الشهر السابع من السنة الأولى للهجرة، لملاقاة عير قريش الراجعين بتجارة قريش من الشام، وكانوا ثلاثمائة رجلاً بقيادة أبي جهل، وقد تدخل مجدي بن عمرو الجهني من زعماء قبائل العيص للمهادنة بين الفريقين، وجاء ذكرها في مختصر سيرة الرسول للشيخ محمد بن عبدالوهاب، وسرية زيد بن حارثة في شهر جمادى الأولى من السنة الأولى للهجرة، وتمكن فيها المسلمون - وكان عددهم مائة وسبعين رجلاً - من أسر كثيرين ممن كانوا في العير، وقد ذكرها ابن سعد في «الطبقات الكبرى».
كلمة العيص لها معانٍ كثيرة في المعجمات العربية حيث قال عنها: «ابن منظور» في اللسان في مادة «عوصة» إن العوص تعني ضد الإمكان واليسر»، ويقال اعتاص عليه الأمر إذا التاث عليه أمره فلم يهتد لجهة الصواب، كما ذكر أن العيص أصول الشجر، وقد تأتي بمعنى الجدب والحاجة.وقال «صاحب التاج» : إن العيص معناها النفس وقيل الحركة والقوة وهي بمعنى صبور، وعيص بمعنى صدق، وقال عنها «ياقوت الحموي» في معجمه: «العيصان تسمية للعيص وهو منبت خيار الشجر مثل السدر والعوسج إذا تدانى والتف» ولكن في هذا الموضع كلمة العيص تعنى الشجر الملتف النابت بعضه في أصول بعض، ويكون من خيار الأشجار مثل السدر والسلم والعوسج والأذخر وغيرها». وهذا المعنى يردده أهل المنطقة حيث يسمون واديهم بوادي الهيش أي الغابة، وأيد هذا المعنى صاحب اللسان والزبيدي في التاج .
وتحيط الجبال بالعيص من معظم جهاتها، وتتشابك فيها الجبال ذات السفوح المنحدرة مع عدد من الأودية التي تشكل روافد مهمة لوادي (العيص) «أضم» وتمثل هذه الأودية مساحات شاسعة من السهول التي تزرع بالقمح عند هطول الأمطار.
ومن الجبال التي تضمها العيص جبال أبو الكثة، وجبل ترعة، وجبل الأجرد، وجبل هشام، وجبل السلع، وجبل المقنع، وجبل الراقب، وجبل حبيشي، وغيرها.
وتتخلل هذه الجبال عدة أودية مهمة منها وادي ترعة، ووادي عرفة، ووادي أرن، ووادي اللحيان، ووادي حجج، ووادي الحفير، ووادي الصفيحة، ووادي سل، ووادي الرماس، وغيرها.
توجد بالعيص «الحرة» وتعد الخزان المستديم للمياه للمنطقة، ويبلغ طولها من الشرق إلى الغرب حوالـــــــــــــي 60 كيلو متراً ومن الشمال إلى الجنوب حوالي 25 كيلومتراً.
وقد التقت السهول والرياض عند التقاء الأودية بالحرة، وبعضها تكون بالحرة نفسها، وهذه السهول والرياض تزرع بعد هطول الأمطار الشتوية، ومن هذه السهول والرياض سهول الشيحة، والحبانية، وسمر، والديسة، والقاع، والبرشمية، ورياض قعود، ورياض براد.
كما توجد منطقة براكين خامدة تعرف باسم الحليان.
سكنت العيص قبيلة جهينة القضاعية وتعتبر حاضرة جهينة منذ قديم الزمان ... وسكان مدينة العيص من جهينة هم : قبائل عنمه وسنان وذبيان والموالبةوالعنينات وحبيش والكشوش وخليط من فبائل جهينة من القضاة والعرف والحصينات والمراوين والسمرة والدبسة وغيرهم
وتحتوي العيص على العديد من الآثار منها:
- قلعة الفرع «قصر البنت» ويرجع تاريخها إلى 400 عام قبل الميلاد وتعبر عن الفن المعماري القديم.
- حميمة العين: وهي حصون قائمة على تل مرتفع كانت تستخدم للمراقبة والثكنات العسكرية.
- حميمة الحصين: وهي على بعد ثلاثة كيلومترات من حميمة العين، وكانت حصوناً للمراقبة، وبنيت بأحجار من الحرة المجاورة.
- حمية رن: وتقع على بعد خمسة كيلومترات من حميمة الحصين.
- بركة شعيب: ويرجع تاريخها لعهد الدولة العباسية وتجاورها مجموعة من البرك التي كان يحفظ بها الماء لسقيا الحجاج قديماً.
- سوق عورش: ويوجد في الحراضة، وهو سوق للحدادين والنحاسين في العصور القديمة.
[2] - الزلازل البركانية المنشأ، تعود إلى ظاهرة انفجار البركان نفسه ،إذ تندفع الغازات والصهاري الباطنية بعنف نحو الأعلى مشققة سطح الأرض وقاذفة ما تحمله إلى الجو مؤدية إلى حدوث أمواج اهتزازية ولكنها محدودة التاثير والبعد،إذ يضعف تأثيرها بشدة إذا ما ابتعدت عن مكان البركان.
[3] -البداية والنهاية،ج13،ص 220-224.-
[4] -ينظر :أبو شامة،الذيل على الروضتين،ص292-298.
[5] - بصرَى: في موضعين بالضم والقصر، إحداهما بالشام، من أعمال دمشق وهي قصبة كورة حَوران مشهورة عند العرب قديماً وحديثاً ذكرها كثير في أشعارهم، ولما سار خالد بن الوليد من العراق لمدد أهل الشام قدم على المسلمين وهم نزول ببصرى فضايقوا أهلها حتى صالحوهم على أن يُؤدوا عن كل حالم ديناراً وجريب حنطة وافتتح المسلمون جميع أرض حوران وغلبوا عليها وَقتئذ وذلك في سنة 13 ، وبُصرَى أبضاً من قرى بغداد قرب عكبَرَاء) ياقوت الحموي، معجم البلدان - (ج 1 / ص 31.
[7] - أخرجه البخاري رقم (6701 ) : كتاب: الفتن باب (24) وهذا لفظه , ومسلم في الفتن: 2902، والامام أحمد في مسنده (5 / 114).
نقلا عن موقع أهل الحديث
تعليق