الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه وسلم،
أما بعد..
فما أجمل القرب والتقرُّب إلى الله الودود القريب،
وما أجمل الرجوع إليه ورجائه ودعائه؛ سبحانه السميع المجيب
وما أحوجنا إلى الفرار إليه تعالى ومراقبته أينما كُنّا؛ سبحانه الرَّقيب
عباد الله..
ما أحوجنا جميعا إلى التذلل والافتقار إليه جلَّ في علاه،
وهجرتنا من الغفلة إلى التعبُّد والفرار إليه أملا في رضاه.
ما أحوجنا جميعا إلى الإسراع في التوبة والإنابة إليه؛ خشية ورجاءً فيه سبحانه،
وما أحوجنا إلى دوام طاعته وعبادته حبًا في التقرب إليه جلَّ وعلا، واستبشارًا وطمعًا في حسن الثواب، كما قال عزَّ مِنْ قائِل:
{التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} التوبة: 112
تأملوا معي عباد الرحمن، قوله تعالى: {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ}
أي: وبشِّر -أيها النبي- هؤلاء المؤمنين المتصفين بهذه الصفات برضوان الله وجنته.
فلم يذكر المولى تبارك وتعالى ما يبشرهم به، ليعُمَّ جميع ما رتب على الإيمان من ثواب الدنيا والدين والآخرة، فالبشارة متناولة لكل مؤمن.
وأما مقدارها وصفتها فإنها بحسب حال المؤمنين، وإيمانهم، قوة، وضعفا، وعملا بمقتضاه.
الكرام الأفاضل..
الأمر عظيم جَلَل، وليس بلهوٍ أو لَعِب، وما هو بالهزل!!
نحتاج جميعا إلى الهجرة إلى الله تعالى، وإلى الفرار إليه
نحتاج ونحن على أبواب شهر رمضان الذي يجزي فيه الله عباده بما لم يخبرهم به -وهوأكرم الأكرمين سبحانه المنَّان-؛
في شهر القرءان وشهر العبادات الخالصة لوجهه الكريم
أحرى بنا جميعا أن نستقبله بتجديد العهد مع الله والتوبة النصوح.
فلنتب إلى الله بصدق وإخلاص؛ عازمين على ألا نعود إلى ذنب يغضبه عنا،
ولنجدد عهدنا معه سبحانه -مخلصين صادقين- بالمداومة على حسن عبادته ودوام حمده وشكره؛
ليتحقق فينا قوله تعالى:
التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ...
فمن الآن وبأمر الله تعالى؛
هيا معا جميعًا يا أهل الخيرات نحرص على التقرب إلى الله سبحانه، ونحن:
تائبون ، عابدون ، حامدون
رهبة منه جل وعلا، ورغبة إليه سبحانه..
فلنحرص جميعًا على الجمع بين الخوف منه سبحانه والرجاء فيه جلَّ في عُلاه،
ولنا في ذلك أسوتنا الحسنة في أنبياء الله ورسله، كما ذكرهم الله في قوله تعالى:
{إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} الأنبياء: 90
تائبون ، عابدون ، حامدون ، إلى الله راغبون
عن أنسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه قال: أقبلنا مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، أنا وأبو طلحةَ، وصفيةُ رديفتُه على ناقتِه.
حتى إذا كنا بظهرِ المدينةِ قال:
" آيبونَ تائبونَ عابدونَ لربنا حامدونَ "
فلم يزل يقول ذلك حتى قدمنا المدينةَ. [1]
آيِبُون، أي: نحنُ راجِعونَ مِن السَّفرِ بالسَّلامةِ، ورَاجِعونَ إلى الله.
تَائبون: راجعونَ عمَّا هو مذمُومٌ شرعًا إلى ما هو مَحمود، أي: منَ المَعصيةِ إِلى الطَّاعةِ.
عابِدونَ لربِّنا حامِدونَ: فهوَ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم في كُلِّ حالِه يَتذكَّرُ العِبادةَ وأنَّه عبدٌ للهِ سُبحانَه وتَعالى.
والمعنى: أنَّنا عُدْنا إلى بَلَدِنا الحَبِيب، وقد عَقَدْنا العَزْمَ على العودةِ إلى اللهِ والتوبةِ الصادقةِ المُقْتَرِنَةِ بالأعمالِ الصالحةِ:
مِنَ الشُّكرِ لله، والمواظبةِ على عِبادتِه، والتقرُّبِ إليه بالصَّلاةِ، وكثرةِ السُّجودِ.
وفي الحديث: حَمْدُ المسافرِ للهِ تعالى عندَ إِتيانِه سالِمًا إلى أهلِه، وسُؤالُه اللهَ التوبَةَ والعِبَادةَ.
وإذا كان الحديث عن قول نبينا المصطفي بعد عودته من سفره، صلى الله عليه وسلم؛
فلنضع في مخيلتنا افتراضًا بأننا مسافرون في رحلة إيمانية مع الله تعالى؛
رحلة الطاعات والتَعَبُّد.. رحلة القرءان والتهجُّد
رحلتنا على مدار شهر كامل في أيام وليالي رمضان؛
نبدأها بالتوية والإنابة إلى الله تعالى، ونجتهد في المحافظة على خصال الخير بكل ما لدينا من طاقات،
وليكن شعارنا في هذه الرحلة الإيمانية:
تائبون ، عابدون ، حامدون ، إلى الله راغبون
حتى إذا قدَّر الله لنا البقاء في الدنيا وأتم علينا نعمته بإدراك شهر رمضان كاملًا،
ثم العودة إلى باقي أشهر العام وانخراطنا في زحمة الحياة، وكأنها عودة من سفرنا بعد هذه الرحلة الإيمانية المباركة بإذن الله؛
هنا نتأسى بقول النبي صلى الله عليه وسلم ونسعى لتحقيقه عمليًا،
بالعزم الصادق والنية الخالصة لله رب العالمين، ونحن ليل نهار:
حتى إذا قدَّر الله لنا البقاء في الدنيا وأتم علينا نعمته بإدراك شهر رمضان كاملًا،
ثم العودة إلى باقي أشهر العام وانخراطنا في زحمة الحياة، وكأنها عودة من سفرنا بعد هذه الرحلة الإيمانية المباركة بإذن الله؛
هنا نتأسى بقول النبي صلى الله عليه وسلم ونسعى لتحقيقه عمليًا،
بالعزم الصادق والنية الخالصة لله رب العالمين، ونحن ليل نهار:
آيبونَ تائبونَ عابدونَ لربنا حامدونَ
الكرام الأفاضل..
فلنحافظ فيما تبقى من أعمارنا على هذا الشعار:
تائبون ، عابدون ، حامدون ، إلى الله راغبون
أسوة واقتداءً بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما قال ربنا تبارك وتعالى:
{فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ * وَإِلَىٰ رَبِّكَ فَارْغَب} الشرح: 7 ، 8
والخطاب هنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم،
أي: إذا فرغت من أمور الدنيا وأشغالها فَجِدَّ في العبادة، وإلى ربك وحده فارغب فيما عنده.
واجعل رغبتك في جميع أعمالك وعباداتك، من أجل إرضاء ربك، لا من أجل شيء آخر، فهو وحده القادر على إبلاغك ما تريد، وتحقيق آمالك.
فالمقصود بهاتين الآيتين حثّه صلى الله عليه وسلم وحثّ أتباعه في شخصه على استدامة العمل الصالح، وعدم الانقطاع عنه،
مع إخلاص النية لله تعالى؛ فإن المواظبة على الأعمال الصالحة مع الإخلاص فيها، تؤدى إلى السعادة التي ليس بعدها سعادة.
ولقد استجاب صلى الله عليه وسلم لهذا الإرشاد الحكيم، فقد قام الليل حتى تورمت قدماه،
وسار أصحابه من بعده على هذا الهدى القويم: فعمروا حياتهم بالباقيات الصالحات من الأعمال، دون أن يكون للفراغ السيئ، مكان في حياتهم،
بل واصلوا الجهاد بالجهاد، وأعمال البر بمثلها.
ومن أقوال عمر بن الخطاب رضى الله عنه: «إنى لأكره لأحدكم أن يكون خاليا، لا في عمل دنيا ولا دين» .
وفي رواية أنه قال: «إنى لأنظر إلى الرجل فيعجبني، فإذا قيل: إنه لا عمل له سقط من عيني» .
الكرام الأفاضل.. أعزَّكم الله جميعًا بالإسلام
لا شك أننا كلنا مذنبون؛
لكن الأمل والرجاء في رحمة ربنا بنا لا ولن تنقطع أبدًا بحول الله وقوته،
ما دمنا مع الله ونحرص كل الحرص على التقرب إليه سبحانه؛
بالتوبة إليه في كل حين، وبتقوانا إياه سبحانه بقدر استطاعتنا..
المهم لنا هو الإنتباه واليقظة وعدم الغفلة، والله سبحانه هو من يوفق عباده للنجاة والفلاح،
ومن الدلائل المبشرة لنا، قوله تعالى:
{إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} الفرقان: 70
عن ابن مسعود رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ " [2]
قال ابن القيم رحمه الله:
قد استقرت حكمة الله به عدلا وفضلا: أن التائب من الذنب كمن لا ذنب له،
وقد ضمن الله سبحانه لمن تاب من الشرك وقتل النفس والزنا: أنه يبدل سيئاته حسنات ،
وهذا حكم عام لكل تائبٍ من ذنب. [3]
والآيات الدالة على جزاء من عاد إلى ربه تائبًا نادمًا كثيرة،
نأخذ منها ما يبعث في قلوبنا الأمل بوجود الفرصة أمامنا لتحقيق وعد الله لكل أوَّاب مُنيب، مسارع في الخيرات بإذن الله، ولربه يستجيب..
لكن لتحقيق ذلك علينا بالعمل الجادِّ دائمًا، والحذر من الغفلة والتغافل، والحرص دائما على أن نكون عبادًا لله بحقّ كما يحب وكما أمر وكما يريدنا:
تائبون ، عابدون ، حامدون ، إلى الله راغبون
أسأل الله لي ولكم أن يردَّنا إليه ردَّاً جميلًا، وأن يستعملنا في طاعته ولا يستبدلنا، وأن يتقبل منا ومنكم صالح الاعمال،
وكل عام أنتم بخير وسعادة بإذن الله، وازدياد في الطاعات والعبادات بتوفيق منه سبحانه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
أسألكم الدعاء بارك الله فيكم جميعا.
_________________الكرام الأفاضل..
فلنحافظ فيما تبقى من أعمارنا على هذا الشعار:
تائبون ، عابدون ، حامدون ، إلى الله راغبون
أسوة واقتداءً بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما قال ربنا تبارك وتعالى:
{فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ * وَإِلَىٰ رَبِّكَ فَارْغَب} الشرح: 7 ، 8
والخطاب هنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم،
أي: إذا فرغت من أمور الدنيا وأشغالها فَجِدَّ في العبادة، وإلى ربك وحده فارغب فيما عنده.
واجعل رغبتك في جميع أعمالك وعباداتك، من أجل إرضاء ربك، لا من أجل شيء آخر، فهو وحده القادر على إبلاغك ما تريد، وتحقيق آمالك.
فالمقصود بهاتين الآيتين حثّه صلى الله عليه وسلم وحثّ أتباعه في شخصه على استدامة العمل الصالح، وعدم الانقطاع عنه،
مع إخلاص النية لله تعالى؛ فإن المواظبة على الأعمال الصالحة مع الإخلاص فيها، تؤدى إلى السعادة التي ليس بعدها سعادة.
ولقد استجاب صلى الله عليه وسلم لهذا الإرشاد الحكيم، فقد قام الليل حتى تورمت قدماه،
وسار أصحابه من بعده على هذا الهدى القويم: فعمروا حياتهم بالباقيات الصالحات من الأعمال، دون أن يكون للفراغ السيئ، مكان في حياتهم،
بل واصلوا الجهاد بالجهاد، وأعمال البر بمثلها.
ومن أقوال عمر بن الخطاب رضى الله عنه: «إنى لأكره لأحدكم أن يكون خاليا، لا في عمل دنيا ولا دين» .
وفي رواية أنه قال: «إنى لأنظر إلى الرجل فيعجبني، فإذا قيل: إنه لا عمل له سقط من عيني» .
الكرام الأفاضل.. أعزَّكم الله جميعًا بالإسلام
لا شك أننا كلنا مذنبون؛
لكن الأمل والرجاء في رحمة ربنا بنا لا ولن تنقطع أبدًا بحول الله وقوته،
ما دمنا مع الله ونحرص كل الحرص على التقرب إليه سبحانه؛
بالتوبة إليه في كل حين، وبتقوانا إياه سبحانه بقدر استطاعتنا..
المهم لنا هو الإنتباه واليقظة وعدم الغفلة، والله سبحانه هو من يوفق عباده للنجاة والفلاح،
ومن الدلائل المبشرة لنا، قوله تعالى:
{إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} الفرقان: 70
عن ابن مسعود رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ " [2]
قال ابن القيم رحمه الله:
قد استقرت حكمة الله به عدلا وفضلا: أن التائب من الذنب كمن لا ذنب له،
وقد ضمن الله سبحانه لمن تاب من الشرك وقتل النفس والزنا: أنه يبدل سيئاته حسنات ،
وهذا حكم عام لكل تائبٍ من ذنب. [3]
والآيات الدالة على جزاء من عاد إلى ربه تائبًا نادمًا كثيرة،
نأخذ منها ما يبعث في قلوبنا الأمل بوجود الفرصة أمامنا لتحقيق وعد الله لكل أوَّاب مُنيب، مسارع في الخيرات بإذن الله، ولربه يستجيب..
لكن لتحقيق ذلك علينا بالعمل الجادِّ دائمًا، والحذر من الغفلة والتغافل، والحرص دائما على أن نكون عبادًا لله بحقّ كما يحب وكما أمر وكما يريدنا:
تائبون ، عابدون ، حامدون ، إلى الله راغبون
أسأل الله لي ولكم أن يردَّنا إليه ردَّاً جميلًا، وأن يستعملنا في طاعته ولا يستبدلنا، وأن يتقبل منا ومنكم صالح الاعمال،
وكل عام أنتم بخير وسعادة بإذن الله، وازدياد في الطاعات والعبادات بتوفيق منه سبحانه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
أسألكم الدعاء بارك الله فيكم جميعا.
[1] رواه الإمام مسلم في صحيحه (1345).
[2] حسنه الإمام الألباني في: صحيح سنن ابن ماجة (3446).
[3] الجواب الكافي (1/116).
المراجع:
التفسير الميسر.
تفسير السعدي رحمه الله.
تفسير الوسيط، لسيد طنطاوي رحمه الله.
شروح الحديث: موقع الدرر السنية.
تعليق