
إن الدعوة وهي تستحث خطاها في محاربة الجاهلية ترنو إلى من هم أكثر الناس عرضة للافتتان بمظاهرها وتسرّبا إلى مصارفها .
وليس هناك مجال للمراء في أن مرحلة الشباب هي مرحلة نضج الغرائز واكتمال فورتها وتعاظم حاجتها ، وأن هذه الغرائز هي التي تتعامل معها النفس إيجابا أو سلبا ، أي استجابة أو رفضـا ، وأن هذا التعامل هو الذي يفرز نوعية الأخلاق التي تتخلق بها تلك النفس .
فالذي تنـزع نفسه لشهوة الفرج وتتهاوى حصونه أمام فِتَنِها سرعان ما تُسْتَعْبَدُ نفسُه للخبائث ، فيظل أسير شهوته ورهين فتنته ، سادانا في محراب الصور ،
عاشقا للأوهام والخيال ، يُمَنِّي نفسه باللذة فإذا هي حسرة وندامة ، وشؤم وتَبِعَة .
عاشقا للأوهام والخيال ، يُمَنِّي نفسه باللذة فإذا هي حسرة وندامة ، وشؤم وتَبِعَة .
والذي تُبْهِرُه زخارف الدنيا وبهارجها سرعان ما سيجد حياته مكيّفة على اللهث وراء جمع حطامها ومنازعة كلابها فتاتَها .
إنهم أولئك الشباب الذين عَدِموا التَجْرِبة وفقدوا الحكمة وافتقروا إلى الأناة ، فتراهم حريصين أشد ما يكون الحرص على خوض كل مغامرة بذواتهم ، ويأبون النصح أشد الإباء ، وتغريهم الحيل بسهولة ، وتشدهم حبائل الكيد دون رهق أو إلحاح .
أغرار أغمار ، لا يعترفون بالخطأ بسهولة ، تقلبهم رياح الفتن ظهرا لبطن ،
يدخلون إلى كهف المعصية لاهثين ، ويخرجون منه نادمين منكسرين .

يدخلون إلى كهف المعصية لاهثين ، ويخرجون منه نادمين منكسرين .

وبنفس الوتيرة النفسية فقلوب هؤلاء الشباب أسرع ما تكون نـزوعا إلى الحق وقبولا به وإقبالا عليه وقرارا فيه ومنافحة عنه .
وفي ذلك يقول الإمام ابن كثير في تفسير قوله تعالى : { إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} : ذكر تعالى أنهم فتية ،
وهم الشباب ، وهم أقبل للحق وأهدى للسبيل من الشيوخ الذين قد عَتَوْا وانغمسوا في دين الباطل ، ولهذا كان أكثر المستجيبين لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم شبابا ، وأما المشايخ من قريش فعامتهم بقوا على دينهم ولم يسلم منهم إلا القليل ، وهكذا أخبر تعالى عن أصحاب الكهف أنهم كانوا فتية شبابا . أهـ
وهم الشباب ، وهم أقبل للحق وأهدى للسبيل من الشيوخ الذين قد عَتَوْا وانغمسوا في دين الباطل ، ولهذا كان أكثر المستجيبين لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم شبابا ، وأما المشايخ من قريش فعامتهم بقوا على دينهم ولم يسلم منهم إلا القليل ، وهكذا أخبر تعالى عن أصحاب الكهف أنهم كانوا فتية شبابا . أهـ
وذلك لما أسلفنا من أن قلوبهم لم تجرب الحياة ومذاهبها ، ولم تُلَوّث تربة فطرتهم بأهواء المصالح وأنانية الذات وحب البقاء ، لأنهم ليسوا كالشيوخ أحرص ما يكونون على حياة ، بل تراهم أنزع للتضحية من الشيوخ ، أسرع للفداء بما عندهم ،
أخف لنصرة ما يؤمنون به ويعتقدونه .
أخف لنصرة ما يؤمنون به ويعتقدونه .
وقد أدرك صنفان من أعدائنا جلية هذا الأمر وهما إبليس اللعين ، وقوى الجاهلية العتيدة من يهود ونصارى ومجوس وغيرهم ، فطفقوا يتخذون كل الوسائل في اختطاف هذه الشريحة ( أعني الشباب ) وتنحيتها عن جادة الحق
( على أقل تقدير ) أو غمسها في مستنقعات الرذيلة والكفر ( على أكثر تقدير ) .
( على أقل تقدير ) أو غمسها في مستنقعات الرذيلة والكفر ( على أكثر تقدير ) .
ولن تخطيء عيناك الصرعى من أولئك الشباب ممن هوى في ظلمات الكفر السحيق أو انغمس في مستنقعات الفسق الشنيع ، أو المكردس أو المخدوش ، أما الناجي المسلَّم فقليل ماهم .


لذلك كان من أهم الأولويات التي يجب أن تتبناها الدعوة : العناية بشريحة الشباب ، فمما لا شك فيه أن دعوتهم ليست بالمهمة اليسيرة ،
وخاصة في ظل فتن هذا الزمان ، ولكنه سيبقى الحل الوحيد لمواجهة الطوفان الجارف من الانحلال ، مع الكفر الذي نراه يزحف أول ما يزحف في شريحة الشباب .
وخاصة في ظل فتن هذا الزمان ، ولكنه سيبقى الحل الوحيد لمواجهة الطوفان الجارف من الانحلال ، مع الكفر الذي نراه يزحف أول ما يزحف في شريحة الشباب .
ومخطئ من يظن أن دعوة الشباب قضية عادية لا تستحق أن نفرد لها بابا خاصا ، بَلْ كتبا مستقلة ، ويظن أولئك أن دعوة الشباب مثل دعوة غيرهم ،
بل إنني أعلم أن كثيرا من الدعاة يتعاملون مع شريحة الشباب مثل تعاملهم مع أي شريحة في المجتمع ، ومن الدعاة من يعاملهم مثل الأطفال ، وكل ذلك خطأ أقل ما يوصف به أنه تنكب عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم في التعامل مع الشباب .
بل إنني أعلم أن كثيرا من الدعاة يتعاملون مع شريحة الشباب مثل تعاملهم مع أي شريحة في المجتمع ، ومن الدعاة من يعاملهم مثل الأطفال ، وكل ذلك خطأ أقل ما يوصف به أنه تنكب عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم في التعامل مع الشباب .
إن دعوة الشباب وتربيتهم وتخريج الدعاة والعلماء والقادة وحملة الدين من بينهم من أعظم الأمانات والمسئوليات التي نيطت بالدعاة ، ولا يدرك خطورة هذا الشأن إلا من عانى هذا الدور وخاض غماره، وتجرع من مشكلاته ، وصبر على الطريق ثم رأى النتاج وذاق الثمرة .
أجل أيها القارئ الكريم .. إننا معاشر الدعاة يجب أن نوقف المهزلة التي ترتكب في حق الشبيبة ، والتي نسميها دعوة ، وما هي بدعوة ، إن هي إلا نصائح – على الماشي – بينما الكفر والفسق يكيد بليل ويدبر من مكر الليل والنهار ما تزول به الجبال .
وحتى أوقفك على حجم المهزلة فأنا سائلك : كم هي – ولن أقول :
ما هي – المصنفات الإسلامية التي عنيت بمشكلات الشباب وعلاجها بالطرح الإسلامي الرشيد ؟
ما هي – المصنفات الإسلامية التي عنيت بمشكلات الشباب وعلاجها بالطرح الإسلامي الرشيد ؟
بل قل : كم من الدعاة من يهتم بهذا الشأن بحيث يكون مفزعا ومرجعا للشباب يهرعون إليه عندما تعييهم الحيل وتضيق بهم السبل ؟


لقد عاين كاتب هذه السطور بنفسه في أول النسك مشكلات جمة كان مأتاها عدم وجود المرشد والمربي ، وانعدام التصور الواضح لسمات كل مرحلة يمر بها الشاب فكريا واجتماعيا ودعويا ، حتى أضحت حياة كثير من الشباب الملتزم – فكيف بغير الملتزم –
مجموعة من التجارب الحياتية التي يخرج من كل تجربة منها جريحا منهك القوى مستأنفا طريقة من جديد ، ومنهم من يخرج صريعا منتكسا.
مجموعة من التجارب الحياتية التي يخرج من كل تجربة منها جريحا منهك القوى مستأنفا طريقة من جديد ، ومنهم من يخرج صريعا منتكسا.
ليس بكثير على شباب الإسلام أن يتواصى الدعاة فيما بينهم على تعيين مجموعة من بينهم تهتم بأمر الشباب تربويا وفكريا ، بحيث يكون همهم الشاغل مشكلات الشباب ، ويكونون هم بالضرورة أيضا مرجع الشباب في كل ما يعرض لهم من قضايا وخطوب .
أن وجود لجنة تعنى بقضايا الشباب هي أول خطوة في بناء سد منيع ضد طوفان الإباحية والانحلال الذي تواجهه مجتمعاتنا الإسلامية الآن ، وليس يخفى أن أول الصرعى من هذا الطوفان هم الشباب ، إدمان وفجور وشذوذ وزندقة وعلمنة وإلحاد بل وعبادة للشيطان ، فماذا ننتظر بعد كل ذلك ؟
هل ننتظر حتى نرى الشيطان باديا بخلقته يخطف الشباب عيانا لنبدأ التحرك ؟!!

وهذه بعض أساليب مجمعة تفيد الداعية:
هل ننتظر حتى نرى الشيطان باديا بخلقته يخطف الشباب عيانا لنبدأ التحرك ؟!!

وهذه بعض أساليب مجمعة تفيد الداعية:
حاول أن ترطب الحوار ببعض الفكاهة إن اقتضى المقام ، وخاصة إلى احتدم الحوار، وذلك للإبقاء على ركن المودة الذي هو بابك إلى قلبه .
لا تجعل القيادة للحوار بيد أحد غيرك ، فإذا حاول أن يصول بك ويجول فالزم نقطة الحوار ولا تتشتت في أودية الحديث ، حيث لا جدوى من جراء ذلك إلا الجدال العقيم .
حاول أن تركز في موضوعك ، وأن تسوق له من الأدلة والشواهد الشرعية والمنطقية ما تغزو به ضميره ، فإذا احتللت مكانا في القلب فحافظ على هذا المكان ثم ابدأ هجومك الكاسح من ذلك الموقع ( لا تتراجع أو تتأخر إلى مواقع سابقة ) .


حاول أن تستخلص من كلام من تحاوره ما يفسده ، مع التلطف في بيان وجه الاستدلال ، مبتعدا في كل ما سبق عن حب الظهور والرياء والاستعلاء.
فقد كتب الله النصر لمن خلا من ذلك كله ، قال تعالى : {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا ۚ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ }
فقد كتب الله النصر لمن خلا من ذلك كله ، قال تعالى : {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا ۚ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ }
كما ينبغي أن تعطي الاحترام المناسب بمقام وعمر من تحدثه .
وبعد أيها الداعية الأريب .. فإن للدعوة الفردية حديثا ذا شجون ، وأنا أحيلك على بعض المصادر الهمة في الباب لتنهل وتستفيد ، فإنما ذكرنا هنا رؤوس الأقلام ، واختصرنا المقاصد لتكون منها على ذكر والله المستعان .

تفسير ابن كثير
كتاب الدعوة المؤثرة للأستاذ جمال ماضي
وفقه الدعوة الفردية للدكتور علي عبد الحليم محمود .
فقه الدعوة الفردية للسيد محمد نوح
30 طريقة لخدمة الدين

تفسير ابن كثير
كتاب الدعوة المؤثرة للأستاذ جمال ماضي
وفقه الدعوة الفردية للدكتور علي عبد الحليم محمود .
فقه الدعوة الفردية للسيد محمد نوح
30 طريقة لخدمة الدين
تعليق