الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛ فقد اعتبرت دراسات صادرة عن الأمم المتحدة أن الدول التي تنفق من ميزانياتها قدرا مخصصا للأمومة والطفل هي دول متقدمة أو ساعية في التقدم، أما الدول التي يعاني فيها الأطفال والأمهات مشكلات في الصحة والتغذية والعلاج فهي دول متخلفة أو آخذة في التخلف.
واهتمام الدعاة المسلمين بالأطال لن يتجه بالطبع غلى تقديم الحليب والألعاب.
ولكن المقصود من إيراد تلك الدرراسة التنبيه على أن الأطفال هم رجال المستقبل وعدة الأمة في التحضر، وبقدر الاهتمام بتربيتهم وتنشئتهم وتعليمهم نستطيع التنبؤ بالمستقبل الذي ينتظر أمتنا.
وليس خافيا أن الاهتمام بالطفل عند الدعاة يحتل مرتبة متأخرة من أولوياتنا، بل الواقع المشاهد يعطينا الحق في الجزم بأن كثيرا من الدعاة لا يعير هذا الجانب أي اهتمام أصلا.
ونحن لن نتحدث عن قوافل التنصير التي تتصيد الصبية بالحلوى أو عصابات المافيا التي تخطف الأطفال لسرقة أعضائهم وبيعها أو استخدامهم في شبكات الدعارة العالمية، مما هو معلوم لكل متابع لأخبار العالم اليوم.
ولكننا سنتحدث عن الدور الإجرامي الذي تقوم به وسائل الإعلام تجاه عقول الأطفال، والتقاليد والعادات المنحرفة التي ينشئون عليها، وحملة التغريب التي تمارس من قبل من يتولون تربيتهم، بالإضافة إلى الحملات الضاربة من علمانية موتورة أو قومية مفلسة، فماذا ننتظر أن نرى من نشئنا بعد كل هذا؟!!
إننا لا نتعجب الآن حينما نرى أطفال المدارس يتبارون في استعراض تبعيتهم للغرب عبر التقليد الأعمى في الملبس والعادات وحتى في المأكل والمشرب. ولم نعد نستغرب تنافس الأطفال الصغار في ملاحقة الموضات العالمية أو تقليد مغني الغرب او ممثليهم وراقصيهم.
ولقد كان طفل من بيت مغرم (بمايكل جاكسون) وقد شاهد هذا الطفل كل رقصاته وسمع كل أغانيه، ثم المفاجأة: لو سألت الطفل -وهو مسلم للمعلومية- تحب الله أكثر أم مايكل جاكسون؟ لأجابك بالعجب.
إن هذا الطفل الذي لم يبلغ الحلم ليس له من ذنب أن يقول: إنني أحب (مايكل جاكسون) أكثر من الله، ولكن الذنب على المجتمع الذي أوجد صبغة وهوية لهذا الطفل تستسيغ أن تحب المخنثين (وسأغض الطرف عن الكفرة والفجار).
إن هذا الهوس الذي يبرز في مجتمعاتنا كمظهر من مظاهر الانحراف الأخلاقي يتمادى في تأثيره ليصل إلى براءةة النشء الصغير وفطرته الطاهرة فيغتالها بدعاوى العصرنة والتطور والموضة.
من لهؤلاء الأطفال؟ من الذي سيحميهم من هذه الموجات الجارفة؟ من الذي سيتقلب أرقا لملايين الأطفال الذين تستعبدهم تقاليد مجتمع منهزم مخذول؟
إننا بصدد خيانة جماعية يمارسها الآباء والأمهات ضد هؤلاء الأطفال، فلم يعد أحد من المسلمين يأبه لهم أو يلتفت للأخطار المحدقة بهم، ومما زاد الطين بلة ذلك الميراث الأخرق الذي اجتناه الناس من المدنية الحديثة ألا وهو مذهب الأنامالية، فصار كل امرئ يقول: نفسي نفسي، وإذا ما رأى أطفال المسلمين يتهاوون من حوله لا يتحرك له ساكنن ولت يتحرك حتى يصاب في ولده نفسه.
وهكذا صرنا نرى الأسر يقع ابناؤها صرعى الإدمان وعصابات المجون وعبدة الشيطان، فلا يتحرك فصلاحهم غيورن حتى إذا ما وقعت الفأس وبانت الرأس عضوا الأنامل من الندم.
إن أطفال المسلمين مسئولية كل المسلمينن ومستقبلهم هو مستقبل الإسلام نفسه، ومن يغامر في إهمال مستقبله فهو سفيه يجب أن يحجر عليه، ويعامل معاملة السفهاء. لم يعد الأمر يقبل تطييب الخواطر، ولو ملكت من الأمر شيء لأسقطت ولاية كثير من الآباء لأبنائهم، فما هم بآباء، بل والله ما هم من البشر الأسوياء.
أما عن المرأة فلا نلقي الملام كله عليهان بل نحمل الدعاة جزءا عظيما من المسئولية، فعلى عاتقهم تقع مسئولية تعليم أولئك النساء وتربيتهن التربية الصحيحة المستمرة.
والمقصود هنا بيان خطورة الاهتمام بهذه الشريحة، والعناية بتوفير المناهج الملائمة لها، حتى تتبوا المرأة مكانتها في تنشئة الأبطال، وتربية القادة والخالدينز
كما ان المقصود تفهيم المرأة لدورها، ودعوتها للاضطلاع به، وتحريك فعاليتها في الإطار الذي رسمه لها الشرع، مع إيجاد التنسيق المناسب لتكامل دور المرأة مع بقية الأدوار الدعوية التي تتم في محيط المجتمع المسلم.
فأول ما يجب أن تنصرف إليه جهود الدعاة بالنسبة لشريحة النساء أن يوجدوا الآلية التي تسهل طلب العلم للنساءن وتجعل الثقافة الإسلامية بالدرجة الأولى أمرا ميسرا عليهن جميعا.
وقد أقام بعض الدعاة مدرسة لتعليم النساء العلوم الشرعية بالمراسلة، حيث وفر لهن الأشرطة التي تشرح المناهج، ووضع في المسجد صندوقا لتلقي الأسئلةن ثم عقد الامتحان بعد فتة محددة متفق عليهان وقد آتت هذه المدرسة ثمارها، ولكنها لم تستمر لافتقادها لآليات الإدارة الأكاديمية التي توفر جهود المدرسين وتضفي رونقا نظاميا محترما.
ولا شك أن الدعوة -بإمكانياتها القليلة- ستضطر أن تخوض الكثير من التجارب حتى توفر لشريحة النساء جوا علميا مناسبا، بل إنها ستحتاج إلى مجهودات المفكري من الدعاة في تصور الحل المناسب لمشكلات طلب العلم بالنسبة للمرأة الحامل والرضع ونحوهما.
ثم إن حركة التاليف يجب أن تتوافق مع هذا الاتجاه في توفير المؤلفات التي يحتاج إليها النساء، وخاصة ما يتعلق بالأحكام الشرعية للمرأة، فإنها متفرقة في بطون كتب الفقه، وقد تصدى لهذا المشروع جملة من العلماء الغيورين جزاهم الله خيرا، ولكن يبقى الباب مفتوحا لتيسير تناول هذه المؤلفات وجعلها مناهج علمية لتدرس لا لتكون مجرد ديكور منزلي تزين به المرأة بيتها.
وع هذا الدور الدعوي للدعاة مع المرأة، يجب أن يكون لها دور ذاتي مستقل في تكوين الأسرة، وحمايتها من لوثات العصرنة الكاذبة، والتطور الزائف، وتحاول المرأة المسلمة -من باب التعاون مع الدعاة- في صبغ بيتها بالصبغة الدينية، وذلك بمقاومتها لكل عناصر الفساد والانحلال التي ينجرف لها المجتمع.
تعليق