
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛ فإن اية فرصة تسنح لداعية في تربية طفل، سواء كان قريبا أو جارا أو ابن صديق أو تلميذا عند الداعية المدرس فلا بد أن يهتبلها ما استطاع إلى ذلك سبيلا.
ويجب ان تحتل ربية الطفل المسلم مساحة تتنناسب مع خطورة الأمر.
وعلى هذا المنظور فإن الدعاة يجب أن يكووا أبويين أكثر من الآباء، ويجب أ تتضافر جهودهم لجعل هذا النشاط المهم سائغا لدى المجتمع، فالذي لا شك فيه أن كثيرا من المجتمعات تنظر إلى الدعاة نظرة ريبة، بل الواقع أن الإعلام قد مارس دورا قذرا في تشويه صورة الدعاة عند الناس، بحيث صارت الأسر تحذر أطفالها والناشئة فيها من الملتزمين بالدين ومن دخول المسجدن كما تحذرهم من الحيات والعقارب وبيوت السحالي السامة!!

إن اكتساب ثقة الأسر من أهم الخطوات التي يجب أن يتخذها الدعاة للقيام بدور تربوي فعال تجاه الأطفال، وقد أثبتت التجارب أن سد الحاجات الأساسية للأسر له دور مهم في كسب الثقة وكسر الحواجز.
وإن افحصائيات المتداولة ثبت أن نسبة القراء في العالم الإسلامي تزيد عن الننصف من تعداد السكان، مما ينبئ بالخلل العظيم في تبادل الحقوق والواجبات.
ومن المعلوم أن ثروات العالم الإسلامي تكفي لإطعام العالم كله، كيف لا، وقد كانت مصر وحدها تطعم إمبراطورية روما من محصول قمحها.

فالداعية المدرس الذي يعطي درسا خصوصيا مخفضا أو بدون أجر يستطيع أن يدخل أي بيت أراد، والداعية الطبيب الذي يعالج الأطفال مجانا أو يوزع الأدوية على المرضى مجانا يلقي بنصائحه وهو على ثة أنها ستلقي أرضا خصبة مستعدة للإثمار.
وعلى ذلك فإن الدور التربوي الذي سيقوم به الداعية تجاه الأطفال ليس بالضرورة أن يكون دورا تربويا مباشرا، فقد يكون الداعية نموذجا لأطفال المنطقة إذا كان حديث بيوتاتهم ومضرب المثل في المروءة عند أسرهم.
ويكتسب الدور التربوي مع الأطفال فعالية عالية في التأثير على شخصية الطفل بعد ذلكن كون الطفل مستعدا للتلقي أكثر من تأهله للمناقشة والمجادلة والتمرد الذي هو ممن شيمة المراهين والشباب.
ثم إن غرس الفضائل في الأطفال أحرى لثباتها وتجذرها في الطبع من أن يتعلمها بعد أن يشب ع الطوقن وقد أثبتت الدراسات الاجتماعية أن العقائد الاجتماعية والعادات والتقاليد تتأصل في مرحلة الطفولة أكثر من أية مرحلة أخرى.
ولنا عبرة في حديث النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: "مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين" رواه أبو داود وصححه الشيخ الألباني، فالحديث يوضح بجلاء أن سن الطفولة سن امر؛ لأنه غير مجبول إلا على التلقي والاستيعاب والتطبيق دون مناقشة أو مجادلة.

وهناك الكثير من الوسائل التي تخطو بها دربا إلى قلوب الأطفال إن لم نستطع أن نستولي عليها استيلاء، وهي وسائل يسيرة وعفوية، لكنها تحتاج إلى انتهاز الفرص ومواتاة الظروف.
من تلك الوسائل كثر مهاداتهم، ومشاركتهم في العابهم والتودد إليهم بجميل الألفاظ والمعاملة الحسنة، وكثرة التبسم في وجوههم، وإظهار الحنان والعطف عليهم، ومناداتهم بأحب الأسماء غليهمن واللعب معهم ومضاحكتهم، والتجاوب مع أسئلتهم وعدم النفور من إلحاحاتهم وحب استطلاعهم.
وقد أكدت التجربة المتكررة أن الأطفال أكثر ما يكونون استعدادا لقبول النصيحة والتوجيه ممن يحترم عقلياتهم ويتعامل معهم بود وتفاهمن ويكسب احترامهم بأن يغمرهم من فيض حبه وعطفه عليهم.
والأطفال في حقيقة الأمر كتلة من المشاعر الفياضة التي لا تستخدم العقل في الغالب، وإذا استخدمه الطل فإنه لن يتعمق في فلسفة الأمور والبحث عن عللها الأولى كما يفعل من عركتهم الحياة وطحنتهم رحاها.
ومن خصائص الأطفال أن لديهم طاقة متعاظمة لتلقي الجديد من العلم ووالأخلاق والمثل والمكارم والمعالي، وأن يتلقونه في أيامم طفولتهم من تلك المكارم يصبح من المسلماتت إلى أن يأتي من يغيرها ويبدلها لهم.
إن عقد مقارئ القرآن في المساجد في الإجازات الأسبوعية والصيفية نشاط يجب ألا تخلو منه أي منطقة يتحرك فيها الدعاة، بل هي من لب الأنشطة الإستراتيجية، وإذا ضاقت السبل في عقد هذه المقارئ في المساجد فلن يعدم الدعاة مكانا في بيوتاتهم يجمعون فيه أولادهم وأولاد الجيران والحي ليحفظوهم من كتاب الله تعالى آية كل يوم.

إن فطرة هؤلاء الأطفال ستكون فطرة قرآنية كاملة، تتجه بمحض ما تنشأت عليه إلى معالي الأمور ومكارمها وتنبذ السفساف الحقير؛ لأنها تحصنت ضد الشر وينابيعه.
كما أن استغلال الأعياد كالطر والأضحى في إدخال السرور على الأطفال عبر مهاداتهم وتوزيع الحلوى والألعاب من أيسر السبل لتنمية الشعور الديني تلقائيا، إذ ترر أن صغار السن تتكون تصوراتهم عن الشأن المهم في حياتهم بما يلحظون أنه يجلب لهم ممصلحة ما، فالصغير ما أسهل أن تعلمه أهمية القرآن بمجازاته بالهدايا -ولو كانت رمزية- عند كل سورة يتم حفظها.
ومما يتعلق بهذا الصدد قضية على جانب كبير من الخطورة، وهي غرس محبة المسجد في قلوب الصغارن والعمل على تنمية الحنين إلى المسجد داخل نفسية الطفل على مر الأيام.
وسبيل ذلك أ نوفر للصغار جوا ممن العطف والمرح والسرور عبر أنشطة المسجد المختلفة، وأن يصبر الناس على أخطائهم التي يرتكبونها في المسجد، واستخدام جانب اللين في عقوبة المخطئ منهم.

تعليق