
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛ فوجب التضافر لتدارك الخلل بين الأغنياء والفقراء، والدعوة الإسلامية بدعاتها ورجالها مأمورون أن يكون لهم قصب السبق في تحمل مسئولية الفقراء والمساكين في كل مجتمع، من باب الديانة والتقرب إلى الله اولا، ثم من باب الدعوة إلى الدين ونشر الحق بين كل شرائح المجتمع.
وما من شك أن الدور الذي يضطلع به الدعاة الان في توزيع الصدقات وأعمال البر يحتاج إلى التريد والتدريب لتحقيق أعلى قدر من الاستفادة.
فإذا تحملنا إطعام الفقراء لسد خلتهم وإشباع جوعتهم فأولى بنا أن نرتفق لأرواحهم من زاد الإيمان ما ينجون به يوم القيامة، وهذا لعمر الله أولى بالاهتمام.
وطريق الدعاة إلى قلوب الناس مع الإحسان أيسر وأمضى، فالقلوب جبلت على حب من أحسن إليها، فلزم أن نعرف كيف يمكن أن نجعل المساعدات التي تقدم للفقراء والمساكين وسيلة لجذب قلوبهم لدين الله -تبارك وتعالى-.

وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم العطاء والصدقات سبيلا لتأليف القلوب، فألف قلوب الكثير من مشركي العرب بما كان يعطيهم من الأنعام والهدايان وكان وجهه صلى الله عليه وسلم يتمعر إذا رأى من المسلمين من ظهرت عليه بوادر الجوع والمخمصة.
ونصوص الشرع المطهر تجعل الإطعام والدعوة إليه من آكد الواجبات الاجتماعية المحققة لمقصود الإيمان، والمستجلبة لمرضاة الله، والمؤدية للنجاة يوم القيامة.
يقول الله -تبارك وتعالى-: (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ﴿٣٨﴾إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ ﴿٣٩﴾فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ ﴿٤٠﴾عَنِ الْمُجْرِمِينَ ﴿٤١﴾مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ﴿٤٢﴾قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ﴿٤٣﴾وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِين)
وقال عز وجل: (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ ﴿١١﴾وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ ﴿١٢﴾فَكُّ رَقَبَةٍ ﴿١٣﴾ أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ)، ومدح المؤمنين المخلصين فقال: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ﴿٨﴾ إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّـهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا )، وذم من خصال المشركين بخلهم فقال: (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ ﴿١﴾فَذَٰلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ ﴿٢﴾وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ ﴿٣﴾)، وذم المتعلقين بالدنيا فقال: (لَّا ۖ بَل لَّا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ ﴿١٧﴾وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ ﴿١٨﴾وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَّمًّا ﴿١٩﴾وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا )
وعن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيها الناس، افشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام" رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح، وابن ماجه، والحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين.
إطعام الطعام من شعار الدين الذي يجب أن يحييه الدعاة، ويعملوا على حض الناس عليه، ويتعاونوا فيما بينهم على القيام بها كفرض كفائي لرفع المأثم عن الأمة.

تعليق