
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛ فإن من سمات أية حركة اجتماعية وليدة أن تكون ضعيفة تتلمس أسباب القوة، وتنفر من عوامل الضعف، وهكذا كانت دعوات الأنبياء، مصداقة قول النبي صلى الله عليه وسلم: "بدأ الدين غريبا، وسيعود غريبا كما بدأ، فطوبى للغرباء".رواه مسلم والترمذي وابن ماجه

الداعية الميداني هو الداعية المتحرك في كل صوب، المتقن لدعوته في كل ثوب، إن كان في بيته فنعم العائل والمربي، فإن نزل الشارع وخالط الناس ووسعهم بدعوته، فإن ركب وسيلة مواصلات تناثرت بركات دعوته على من حوله من الركب، إذا دخل مصلحة لم يخرج منها إلا بغنيمة دعوية؛ نصيحة يسار بها موظفا، أو موعظة يسمعها لسافرة، أو كلمة معروف يذكر بها من يقف معه في الطابور، إنه المبارك في حله وترحاله، كالغيث أينما وقع نفع.
فلامزنة ودقت ودقها ... ولا ارض ابقلت ابقالها
قلب عامر وعقل يثابر، وعزم مغامر وإيمان يجاهر، تقي خفي، نقي أبي، جبهته شماءن كبرياء دينه بلغ عنان السماءن ونفعه متعد، وخيره عامن يتجذر هداه في كل أرض أقام فيها، وويينع غرسه حتى في الأرض القاحلة، تنداح جحافل وعظه كالسيل العرم تذهب بكل سد منيع جاثم على قلوب الغافلين، إذا قالأسمع، وإذا وعظ أخضع، دؤوب الخطو بدهي التصرف، إذا اعترضتته العوائق نظر إليها شزرا وقال: أقبلي يا صعاب او لا تكوني، محمدي الخلق، صديقي الإيمان، عمري الشكيمة، عثماني الحياء، علوي الصلابة، فضيلي العبرة، حنبلي الإمامة، تيموي الثبات.

إنه الداعية الذي لا تعوقه عوائق الكون عن القيام بواجب الدعوة أينما كاننن إذا حيل بينه وبين الدعوة فكأنما أخرجت سمكا من ماء، أو أسكنت بشرا في الصحراءء، حركي كالنمل والنحل لا يعرف القرار.
إنه الداعية الفصيحن جنانه حاضر، وبديهته كالبرق الخاطف، ولسانه لا يفتر عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الخيرن وما عدا ذلك فذاكر شاكر، أو صامت صابر.
إن مظهره متناسق مع وظيفته السرمدية، هندام نظيف ومتواضع، وهيئة تقية، وإخبات غير متكلف، إذا رآه الخلق ذكروا الله تعالى.
وهو داعية متعال على السفاسف، لا يستنكف عن فعل الخير وإن استهجنه الناس، إنه لا يساوم الباعة أو يلح في خفضض الأسعار، ولا يأنف من إماطة الأذى عن الطريق، يسلم على من عرف ومن لم يعرف، يبتسم في وجوه الناس أجمعين، ويحظ حشمتته من نزق الطائشين وسمود العابثين.
مستعد للدعوة في كل ميدان، إذا فتشت حقيبته وجدتها مليئة بالحلوى والكتيبات والهدايا الصغيرة غير المكلفة. يصطحب معه في سيره أشرطة الدعاة والخطباء والوعاظ، بل وأشرطة القرآن الكريم لمشاهير القراء، يحمل معه العطر والطيب دوما، إنها أسلحة الداعية الميداني.
يستخدم الحلوى ي التعارف، والكتيبات في التأليف والوعظ والإرشاد، والهدايا مع دعوة لحضور محاضرة أو خطبة، والاسطونات لتكون البديل عن الأغاني أقنع صاحبه بهجره، والطيب لإزالة حزازات النفوس، وتوجس الخائفين من مظهر الدعاة.

تعليق