Tweet
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم،
أما بعد..
فقد كان الصَّحابةُ رضي الله عنهم كثيرًا ما يسأَلون النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن أفضلِ الأعمالِ، وأكثرِها قُربةً إلى الله تعالى،
فكانت إجاباتُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تختلِفُ باختلافِ أشخاصِهم وأحوالهم، وما هو أكثرُ نفعًا لكلِّ واحدٍ منهم،
كما ورد عن أبي هُرَيرةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ:أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ ؟
فَقَالَ: " إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ "،
قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟
قَالَ: " الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ "،
قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟
قَالَ: " حَجٌّ مَبْرُورٌ ". [1]
فقولُهُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إيمانٌ باللهِ ورسولِه،
أي: الإيمانُ باللهِ وبما جاء به النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أفضلُ الأعمالِ على الإطلاقِ، وأعظَمُها عند اللهِ أجرًا وثوابًا؛
لأنَّه شرطٌ في صحَّةِ جميعِ العباداتِ الشَّرعيَّةِ؛ مِن صلاةٍ، وزكاةٍ، وصومٍ، وغيرِها.
وقد تعددت الروايات الصحيحة حول سؤال الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن:
أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ ؟
منها مارواه الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:
سألتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قُلْت : يا رسولَ اللهِ، أيُّ العملِ أفضَلُ؟
قال: " الصلاةُ علَى ميقاتِها ".
قلتُ: ثم أيٌّ ؟
قال: " ثم بِرُّ الوالِدَينِ ".
قلتُ: ثم أيٌّ ؟
قال: " الجِهادُ في سَبيلِ اللَّهِ ".
فسكتُّ عن رسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ، ولوِ استَزَدتُهُ لزادَني. [2]
وإذا تتبعنا كثيرا من الروايات حول هذا السؤال الذي أهتم به الصحابة رضوان الله عليهم؛
لوجدنا جواب النبي صلى الله عليه وسلم يتعدد حول:
الإيمان بالله تعالى
الجهاد في سبيل الله
الحج المبرور
الصلاة لوقتها
بر الوالدين
الصوم...
ومع البحث بتعمق وتوسع في صحيح الحديث سنجد مع هذه الأعمال أعمال أخرى.
فسؤال الصحابة رضي الله عنهم هذا إنَّما يدل على حرصِهم الشديد على الطَّاعاتِ وما يُقرِّبُ مِن رِضا اللهِ عزَّ وجلَّ.
ونحن أحوج ما نكون لمثل هذا الحرص على التقرب لله تعالى ورضاه عنَّا جلَّ جلاله.
فإلى كل مؤمن ومؤمنة؛
انتبهوا جيدا لهذا الحرص على العمل، واحذروا جيدا من التغافل عنه...
وأخص بالتنبيه والحذر كل من يعمل في مجال الدعوة إلى الله تعالى، بهذا النداء:
انتبه و احذر و قارن ، ثم بادر !!
فيــا كل من تدعو إلى الله تبارك وتعالى؛ لا شك أنك تعلم بأن الدعوة إلى الله من أشرف الأعمال،
ولا شك أنك تعلم أيضا أن شرفك هذا سيلازمك طوال حياتك وأنت سائر في طريقك إلى الله؛
هذا الطريق الذي هو هداية لك أولا ثم لكثير من الناس بإذن الله
فإنَّ أشرف الأعمال وأجلّها هو الدعوة إلى الله تعالى,
ففيها عظمة الموضوع، وسمو الوسيلة، ونبل العمل، ورقي الغاية، وذلك أمر أكده الله تعالى بقوله سبحانه:
{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} فصلت: 33.
أيها الداعية !!
فإذا علمت أن عملك في الدعوة لهو من أشرف الأعمال؛ فانتبه واحذر..
انتبه لقوله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ}
أى. لا أحد أحسن قولا، وأعظم منزلة، ممن دعا غيره إلى طاعة الله تعالى، وإلى المحافظة على أداء ما كلفه به.
وانتبه لقوله تعالى {وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}،
فـاحذر أن تفتُر ويقل عزمك وأنت تدعو إلى الله تعالى عن:
العمـل الصــالــح؛
بالمبادرة أولا بنفسك إلى امتثال أمر الله بكل الأعمال التي ترضي ربنا تبارك وتعالى،
و التسليم التام لله رب العالمين؛
انقيادا لأمره تعالى، سالكا في طريقه سبحانه، مخلصا له جلّ في علاه، ومهتديا في نفسك بما تقوله؛
فلا تكن من الذين يأمرون بالمعروف ولا يأتونه، وينهون عن المنكر ويأتونه!!
أيها الداعية !!
انتبه أيضًا لهذه الكلمات،
حيث قال شيخنا وأستاذنا أبو إسحق الحويني- حفظه الله وأتم له الشفاء:
(( أشرف الأعمال قاطبة أن تموت خادماً لهذا الدين، وهذا هو مكمن العز كلّه.
صدقوني إذا قلت لكم إنني كنت أشعر أن الرجل الذي يمسك بمكنسة في الشارع كنت أشعر أنه أفضل مني،
إنه يقوم بواجبه وأنا عاجز مكبّل وأسأل الله عز وجل أن لا يحرمني من شرف الدعوة إليه والدلالة عليه،
فإنني نظرت إلى المناصب كلها لم أجد أشرف من هذا المنصب، أن تكون خادما لدين الله عز وجل لا سيما في الغربة الثانية..)) أ.هـ [3]
أيها الداعية !!
انتبه و احذر و قارن ، ثم بادر !!
فـانتبه لما قد يحدث لأحدنا من الفتور والبعد عن الطريق عياذا بالله،
واحذر أنت أيضا من الفتور ومظاهره،
وقارن دائما بين حالك وحال من يصاب بهذا الداء،
ثم بادر بالعلاج إذا وجدت في نفسك بعضا من هذه المظاهر.
الكرام الأفاضل.. إلى الجميع، دعاة وغيرهم؛
للفائدة اقرأوا هذا الموضوع هنا في المنتدى:
الفتور.. أسبابه ومظاهره وعلاجه
وللاستزادة في الفائدة والتعرف على معنى الفتور وأسبابه وعلاجه؛
تفضلوا بالبحث على مواضيع تفيدكم في هذا المجال.. فقط اكتب على أي محرك بحث كلمة: الفتور
ويفضل استخدام محرك بحث المواقع العلمية
على موقع الدرر السنية
ستجدون بأمر الله مواضيع كثيرة بها فائدة قيمة
أسأل الله لي ولكم أن يرزقنا بالأعمال الصالحة، وأن نكون دائما في ازدياد منها أبدًا ما حيينا..
وقانا الله وإياكم أمراض القلوب التي تُعيي أصحابها، وتنأى بهم عن صراط الله المستقيم،
ووقانا وإياكم شرور الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأعاننا وإياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته،
وتقبل منا ومنكم صالح الأعمال بفضله وبرحمته، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
المراجع:
تفسير الإمام السعدي رحمه الله
تفسير الوسيط- للشيخ طنطاوي رحمه الله
بتصرف من شروح الحديث- موقع الدرر السنية
.........
[1] أخرجه الإمام البخاري، الصفحة أو الرقم: 26
[3] من خطبة يوم الجمعة: 2 محرم 1431
تعليق