إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

قواعد في منهج الدعوة إلى الخير (1)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • قواعد في منهج الدعوة إلى الخير (1)













    إِنَّ الْحَـــــــمْدَ لِلهِ تَعَالَى، نَحْمَدُهُ وَ نَسْتَعِينُ بِهِ وَ نَسْتَهْدِيهِ وَ نَسْــتَنْصِرُه

    وَ نَــــعُوذُ بِالْلهِ تَعَالَى مِنْ شُــــرُورِ أَنْفُسِنَا وَ مِنْ سَيِّئَــــاتِ أَعْمَالِنَا

    مَنْ يَـــهْدِهِ الْلهُ تَعَالَى فَلَا مُضِــــلَّ لَهُ، وَ مَنْ يُـضْلِلْ فَلَا هَــــادِىَ لَه

    وَ أَشْــــــــــهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا الْلهُ وَحْــــــدَهُ لَا شَــــــرِيكَ لَه

    وَ أَشْـــهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ، صَلَّى الْلهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَا

    أَمَّـــا بَعْــــد:





    {{قواعد في منهج الدعوة إلى الخير (1)}}

    ((للأمانة..الكاتب.فريد الأنصاري))






    مقدمة:

    العمل الإسلامي أو الإصلاحي، أو الدعوي، في كل زمان وفي كل مكان، يقوم على أصل كلي في الإسلام، وكليته استقرائية ترجع إلى عدد كثير من النصوص القرآنية والسنية. ومن هنا قلَّما تجد حركة إسلامية، سواء في التاريخ القديم أو المعاصر، إلا وهي ترجع إليه، وتؤصل لوجودها به، وذلك هو «أصل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»، إلا أن النظر في تحقيق مناط هذا الأصل، في ظروف الزمان والمكان، يجعلنا ملزمين بضبط توقيعه بقواعد منهجية، مشهورة عند العلماء، إن لم يحترمها الداعية صار إلى عكس المآل الذي وُضِع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أجله. وهي:

    القاعدة الأولى: في أن (الدعوية) صفة لازمة عن الإسلامية:

    وهي قاعدة مبدئية؛ ولذلك فإننا ننطلق ابتداء من المقولة التالية: «أنت مسلم إذن أنت داعية».

    وبيان ذلك كما يلي:

    ألست مسلماً؟ إن كنت كذلك حقاً؛ فقد تعلقت بك أهم صفات ما انتسبت إليه من الإسلام: الرسالية. قال - صلى الله عليه وسلم - في أمر مطلق لكل الأمة: «بلِّغوا عني ولو آية»(1). ومن هنا كان المجتمع الإسلامي حركة دعوية بطبيعته، وجماعة إصلاحية بفطرته. إنه منذ أعلن أن محمداً رسول الله؛ تقلد ـ بمقتضى عقيدة الاتباع ـ مهمة الدعوة إلى الله، فليس عبثاً أن يحض النبي - صلى الله عليه وسلم - ـ بكل وسائل التحريض والتشجيع ـ على الدعوة إلى الخير والهدى، كما في قوله: «فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم»(2).

    ومن هنا شهادة الله بالخيرية لهذه الأمة، في قوله - تعالى -: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِوَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ) [آل عمران: 110]. إنها صفة عامة في كل من أسلم لله الواحد القهار. ومن هنا كان حديث تغيير المنكر دالاً على العموم، وليس له ما يقيده -في المأمورين به- إلا شرط الاستطاعة ورتبتها؛ وذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)) (3). وقد بينا في كتيب (الفجور السياسي) مراتب التغيير، وطبيعة كل رتبة منها بما يغني عن تفصيله هنا، فكان أن بينا إلزامية ذلك على كل مسلم على قدر مرتبته من الاستطاعة(1). بل قد عزم النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك عزمة شديدة على المسلم؛ هي أن يتجرد للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كلما حضـره. قال - عليه الصلاة والسلام -: ((إن الله - تعالى - ليسأل العبد يوم القيامة؛ حتى يسأله: ما منعك إذا رأيت المنكر أن تنكره؟ فإذا لقن الله العبد حجته قال: يا رب! رجوتك وفرقت من الناس)) (2).

    فالمسلم المستقيم لا يمكن إلا أن يكون داعية إلى الخير. تلك صفته فرداً، وجماعة؛ إذ الرابط الاجتماعي القائم على الشهادتين في الإسلام يقتضي ذلك بداهة. قال - عز وجل -: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرحمهم الله إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [التوبة: 71]، فجاءت صفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المؤمنين، مقرونة بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وطاعة الله ورسوله، وكل ذلك جاء نتيجة الموالاة في الله.

    تلك صفتهم قبل التمكين في الأرض، وتلك صفتهم بعد التمكين؛ إذ الدعوة إلى الخير هي غاية ووسيلة في الوقت نفسه، تماماً كما تحدثنا عن الصلاة، فالمجتمع المسلم لا يقوم إلا بالدعوة إلى الله، قال - عز وجل -:
    (ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) [النحل: 125].
    وإذا قام كان من أهم خصائصه الدعوة إلى الله، إلى جانب الصلاة والزكاة على سبيل التلازم، فتدبر قوله - تعالى -: (الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) [الحج: 41]، ومن هنا رسم الله سبيل الرسول - صلى الله عليه وسلم - صراطاً مستقيماً، يتبعه عليه كل المسلمين، قوامه الدعوة إلى الله على بصيرة؛ وهي سبيل ثابتة لا تتغير ولا تتبدل، مستقرة كذلك أبداً، قال - تعالى -:

    (قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) [يوسف: 108].

    فقوله - تعالى -: (هَذِهِ سَبِيلِي) جملة اسمية دالة -كما هو معروف عند النحاة- على الثبات، وثباتها هو على ما جاء بعد لتفسير السياق: أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي الآية. وجاء تفسيرها جملة فعلية للدلالة على الحركة، وفي ذلك إشارة إلى ما ذكرناه من خصيصة الدعوة اللازمة للجماعة الإسلامية، قبل التمكين وبعده، وأنها صفة تابعة لإسلام المسلم متى تفاعل مع إسلامه واستقام عليه.

    ومن هنا جاء أمر الدعوة والإصلاح مقروناً بالأمر بالصلاة، في غير ما آية من القرآن الكريم؛ وذلك على نحو ما في وصية لقمان الحكيم لابنه، في حكاية الله عنه من قوله - تعالى -:

    (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) [لقمان: 17]، وقال ـ جل جلاله ـ في وصف جميل لمؤمني أهل الكتاب، تناسق فيه جمال تلاوة القرآن قياماً بالليل، مع جمال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والمسارعة في الخيرات: (لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ 113 يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَـئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ 114 وَمَا يَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلَن يُكْفَرُوْهُ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ) [آل عمران: 113 - 115].

    وجعل من سننه - تعالى - في الخلق أن كان أمنهم الوجودي والنفسي والاجتماعي مرتبطاً باستقامة أحوالهم، وذلك الثبات على الصلاة، والصبر عليها، وحفظ البيئة الدينية الموفرة لظروفها؛ بالإصلاح والنهي عن الفساد. فإذا اختلت تلك الشروط اختل الأمن الوجودي للأمة، قال - تعالى - يعرض صورة شاملة لإحسان التدين:

    (وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ 114 وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ 115 فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مَا أُتْرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ 116 وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ) [هود: 114 - 117].

    القاعدة الثانية: في أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دعوة إلى الخير أولاً:

    والخير كل الخير هو معرفة الله، فكل معروف إنما كان كذلك من حيث هو يؤدي إلى معرفة الله أو هو عين معرفة الله، وكل منكر إنما كان كذلك من حيث هو جهل بالله. فإذا اتفق أن كان أمر بمعروف ما ينتج عنه منكر أكبر منه؛ توجه حينئذ وجوب ترك الأمر بذلك المعروف. وكذلك إذا كان نهي عن منكر ما يؤدي إلى ما هو أفظع منه؛ توجه وجوب ترك ذلك النهي إلى حين، كما قرره الإمام ابن تيمية - رحمه الله - في قوله: «وجماع ذلك داخل في القاعدة العامة: فيما إذا تعارضت المصالح والمفاسد، والحسنات والسيئات، أو تزاحمت؛ فإنه يجب ترجيح الراجح منها... فإن الأمر والنهي وإن كان متضمناً لتحصيل مصلحة ودفع مفسدة، فينظر في المعارض له، فإن كان الذي يفوت من المصالح أو يحصل من المفاسد أكثر؛ لم يكن مأموراً به، بل يكون محرماً إذا كانت مفسدته أكثر من مصلحته»(1). وربما كانت الوسائل المستعملة في ذلك سيئة، أو اختيار العبارات غير موفق، أو نحو ذلك من وسائل تحقيق المناط الفاشلة ابتداء؛ مما لم يراع فيه الزمان وأهله، فيؤدي إلى عكس النتائج المرجوة.

    ومن هنا كانت الآية المشهورة على ألسنة الدعاة: (لْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [آل عمران: 104] من ألطف الإشارات إلى هذا المعنى العجيب الذي يجعل المرء يضع نصب عينيه تحقيق مفهوم (الخير) أولاً. فلا عبرة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إن تحقق الداعي من أنه يخطئ به الوصول إلى الخير. وإنما الخير -كما قلنا- هو التعريف بالله. هذا معنى عظيم من أسرار كتاب الله.

    ولذلك فقد جاءت الآية في سياق امتنان الله على المؤمنين بنعمة الإسلام، والتأليف بين قلوبهم، وإنقاذهم من النار، وإرجاع الفضل في كل ذلك إلى الله. فاقرأ السياق كله وتدبر، ثم أنصت إلى قلبك:

    (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ 102 وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ 103 وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ 104 وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) 105 [آل عمران: 102 - 105].

    إنها آيات تُشَدُّ إليها رحال المصلحين الربانيين.. فتدبر! ألا ما أبعد واقعنا المنحط عن سمائها العالي الرفيع! فالدعوة إن لم تراع أصل الاعتصام بحبل الله، وعدم التفرق عنه، ولم تنضبط بقصد النجاة من النار، للداعي والمدعو سواء؛ كانت منحرفة عن (الخير)، وإن كانت في ظاهرها أمراً بمعروف ونهياً عن منكر، فلا قيمة لهذا إلا إذا صار إلى خير. فتدبر!








    ولا تنسو أخوكـــــــــــــــــم

    العلم زين فكن للعلم مكتسبا وكن له طالبا ما عشت مقتبسا
    العلم يرفع بيتا لا عماد له والجهل يهدم بيت العز والشرف
    تعلم فليس المرء يولد عالما وليس أخو علم كمن هو جاهل





  • #2
    رد: قواعد في منهج الدعوة إلى الخير (1)

    ​جزاكم الله خيرا

    قال ابن الخطيب《 لو علم المؤمنون فضل الصلاة على النبي ﷺ لما كفّت ألسنتهم عنها كل حين》
    اللهمَّ صلِّ وسلم على نبينا محمد


    تعليق


    • #3
      رد: قواعد في منهج الدعوة إلى الخير (1)


      وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
      جزاكم الله خيرًا.


      رحمــــةُ الله عليـــكِ أمـــي الغاليــــــــــــة

      اللهــم أعني علي حُسن بِــــر أبــي


      ومَا عِندَ اللهِ خيرٌ وأَبقَىَ.

      تعليق

      يعمل...
      X