إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

شمعة بدون ضياء !

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • شمعة بدون ضياء !



    شمعة بدون ضياء !

    عندما ينتحر الحماس ؛ لا يتحمس للدعوة إلى الله تعالى ، ولا يجتهد في هداية الخلق ، وسوقهم إلى ربهم سوقاً جميلاً ، يرى صرعى الشهوات ، وهلكى الغفلات ، ثم لا يتحرك لإنقاذهم من أنفسهم وشياطينهم .
    اسمع لصلاح الدين الأيوبي ـ رحمه الله ـ ماذا يقول : إنه متى يسَّر الله تعالى فتح بقية الساحل ، قسمتُ البلاد وأوصيتُ وودَّعتُ ، وركبتُ هذا البحر إلى جزائِره ، واتّبعتهم فيها حتى لا أبقي على وجه الأرض من يكفر بالله أو أموت .."
    بُغضُ الحياةِ وخوفُ الله أخرجني *** وبيعُ نفسي بما ليستْ له ثَمنًا
    إني وَزَنْتُ الذي يبقى ليَعدِلَه *** ما ليس يبقى فلا والله ما اتَّزَنا
    قال تعالى : [ قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ] [يوسف 108]

    الراعي حول الحمى !

    عندما ينتحر الحماس ؛ يقع الغافل في المحظورات ، لا يتورعُ عن مكروهٍ ، ولا يتنزَّهُ عن مخالَفةٍ ، فإذا رُوجع فيها ونُهيَ عنها ، قال : وهل هي حرام ؟!
    وهَبْ أنها لم تصل للحُرمَةِ القاطِعَةِ ، أين تَرْكُ ما فيه بأسٍ إلى ما ليس فيه ؟ أينَ الورعُ ؟ أين البُعدُ عن الشبهات ؟!
    يقول سفيان بن عيينة : لا يصيب العبد حقيقة الإيمان ، حتى يجعل بينه وبين الحرام حاجزاً من الحلال ، وحتى يدع الإثم وما تشابه منه .
    يا من يرعى حولَ الحمى : أين التقوى ؟ أين الحذرُ من النظراتِ الخائنةِ ، أين الخوفُ من الكلماتِ المحرَّمة ، أين البُعدُ عن السماعِ الممنوعِ .
    فها أنتَ تجلسُ في المطاعم المختلَطَة ، حيث النظراتُ الخائنات ، واللقاءاتُ الموبِقات ، فما الذي أدخلكَ مواطن الغفلات ؟!
    وها أنت تحادثُ الممرضاتِ والمضيفاتِ ، والعينُ بالعَيْن ، والجُروحُ بالقلبِ مُلتهباتٍ !
    وها أنت تنظر إلى القنواتِ الفضائيةِ ، والمجلاتِ المنحرفةِ ، بزعم الوقوف على أفعال أهل المنكرِ ، فإذا بك من ضحاياها ، فأين دينك عن تلك النظرات ؟!
    وها أنتَ تقع في بعض المعاملات التي كنت تحذِّر منها وتنهى عنها ، فما الذي غيَّر الحكم على تلك المعاملات ؟!
    وها أنت تلعب ببعض الألعاب التي طالما نابذتَ أهلها ، فما الذي أوقعك في تلك المخالفات ؟!
    وها أنت تسمع المعازفَ فوق رأسكَ في المحلاتِ والمراكز والفنادق والكبائن والمقاهي والملاهي ، فما الذي ألزمك بهذه المرديات ؟!
    وها أنت تتبع سقطاتِ بعض أهل العلم ، فتفتي بالجواز على المجاز ، فلم زلَّت بك القدم في تلك السقطات ؟!
    وها أنت تسافرُ للبلاد التي يظهر فيها الفساد ، فما الذي بدَّل رأيك فيها ؟ أجبني !
    يا من هدَّم مجدَه ! وبعثَرَ جهودَه !
    ما الذي أوقعَكَ في هذه السيئات ؟!
    عن النعمان بن بشير ـ رضي الله عنه ـ قال : سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول :" اجعلوا بينكم وبين الحرام سترة من الحلال ، من فعل ذلك استبرأ لدينه وعرضه ، ومن أرتع فيه كان كالمرتع إلى جنب الحمى "
    كان الأوزاعي يقول : ويل للمتفقهين لغير العبادة والمستحلين الحرمات بالشبهات .
    وماذا بعد ؟!
    وبعد هذا التَّطْوَاف في أحوال بعض المتراجعين للخلف ، أو المراوحين مكانهم لا يبرحونه ، يأتي السؤالُ : أراكَ أغلظتَ علينا ، وحرَّمت ما أباحه الله لنا ؟!
    أقول : أعوذ بالله أن أُحرِّم ما أحلَّ الله أو أبيح ما حرَّم [ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ]
    ولكني أخاطب من أترفَّع بهم عن الدنايا ، وأهاتف من سمت بهم هممهم عن السفاسف ، وأحادث من لا يرضون بالدُّون ، ولا يقنعون باليسير ، ولا يركنون للعَرَض الزائل الحقير .
    فخطابي للصفوة المنتقاة من عباد الله ، الذين يسيرون على سيرة أسلافهم الذين يقول قائلهم : كنا ندع ثلاثة أرباع الحلال خشية الوقوع في الحرام .
    قال الحسن : ما زالت التقوى بالمتقين حتى تركوا كثيراً من الحلال مخافة الحرام .
    وقال الثوري : إنما سُمُّوا بالمتقين لأنهم اتَّقوا ما لا يُتَّقى !
    وقال ابن عمر : إني لأحبّ أن أدع بيني وبين الحرام سترة من الحلال لا أخرقها .
    إذا ما علا المرءُ رام العلا *** ويقنع بالدونِ مَن كان دونا

    فعودوا لهم فالعود أحمد ، وسيروا على منهاجهم فالدرب أسعد ، ولتعد جذوة الإيمان متوهجة متوقدة ، تمر بها الأعاصير ، فلا تزيدها إلاَّ توجهاً وتوقداً .
    فعذراً على قسوة العبارة ، وغلظة الإشارة ، ولكنها نفثة مكلوم ، وزفرة مهموم ، أحببت أن أقذفها في قلوب أحبابي من أهل الصحوة المباركة ، بارك الله فيهم ونفع بهم ، والسلام ختام .

    وكتبه
    عبد اللطيف بن هاجس الغامدي
    عامله الله بلطفه
    جده (21468 )
    ص . ب (34416) .


    التعديل الأخير تم بواسطة *أمة الرحيم*; الساعة 04-09-2016, 12:18 AM. سبب آخر: وضع الآيات بالتشكيل، ووضع الفواصل
    قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: '' إذا أحببت أن يدوم الله لك على ما تحب فدم له على ما يحب ''.
    لا إله إلا الله

  • #2
    رد: شمعة بدون ضياء !

    جزاكم الله خيرًا

    تعليق

    يعمل...
    X