الدعوة الى الله فريضة فرضها الله على المرسلين والمؤمنين
قال الله تعالى:
{ قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا (22)
إِلَّا بَلَاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ ۚ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا(23) }
(الجن:22-23 )
وقال تعالى:
{ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214) وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (215)
فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ(216)}
الشعراء: 214-216.
وقال تعالى:
{ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ۖ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ
إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (67) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَىٰ شَيْءٍ حَتَّىٰ تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ
وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ ۗ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا ۖ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (68)}
(المائدة:67-68)
.وقال تعالى:
{قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108)}
(يوسف:108).
وقال تعالى:
{ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33)} (فصلت:33)
.
وقال تعالى:
{وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)}
(العصر:1-3) .
وعن أبى موسى الأشعري رضي الله عنه عنالنبى صلى الله عليه وسلم:
((إن مثلى ومثل ما بعثني الله به كمثل رجل أتى قومه فقال ياقوم إننى رأيت الجيش بعينى وإنى أنا النذير العريان
فالنجاءفأطاعته طائفة من قومه فأدلجوا فانطلقوا على مهلتهم وكذبت طائفة منهم فأصبحوا مكانهم
فصبحهم الجيش فأهلكهم واجتاحهم فذلك مثل من أطاعنى واتبع ماجئت به ومثل من عصانى وكذب ما جئت به من الحق))
(مسلم)
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي رضى الله عنه يوم خيبر:
((أنفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم
من حق الله فيه فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير من أن يكون لك حمر النعم ))
(متفق عليه)
ويجب أن تكون الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة :
والحكمة هى إصابة الحق , والقرآن حكمة أنزلها الله للبشرمن تمسك به لا يضل
ولا يشقى فيجب أن يعتمد عليه الداعية فى أداء وظيفة الدعوة.
قال تعالى:
{ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِ} (النحل: 125) .
قال تعالى:
{ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ (45) }
( ق : 45).
ويجب أن تكون الدعوة بالموعظة الحسنة أى بالكلام البليغ المؤثر الواصل إلى قلب المستمع
وأن يكون الإظهار للحق بالرفق والقول اللين والإ بتعاد عما يثير الغضب والنفور والإنتصار للنّفس
وليس من الحكمة والموعظة الحسنة إخفاء حقيقة الإسلام لخشية معارضة الناس ونفورهم.
قال تعالى:
{اذْهَبَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ(43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ (44) }
(طه:43-44).
ومن الحكمة عدم عرض التفاصيل والأحكام الفرعية قبل قبول الناس للعقيدة والتوحيد
لأن الله تعالى لم ينزل الأحكام والحدود إلا بعد أن إستوفت العقيدة حقها من البيان
ورسخت فى نفوس المؤمنين
رسوخا كاملا.
عن ابن عباس رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذًا إلى اليمن قال له:
إنك تأتى قوما من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لاإله إلاالله وأنى رسول الله ،
فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم إن الله إفترض عليه خمس صلوات فى كل يوم وليلة ،
فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم إن الله إفترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد إلى فقرائهم
فإن هم أطاعوا لذلك فإياك وكرائم أموالهم واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب))
(متفق عليه) .
قالت عائشة رضي الله عنها عن القرآن أول ما نزل منه سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار
حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام نزل الحلال والحرام ولو نزل أول شيء لا تشربوا الخمر لقالوا لاندع الخمر أبدا ولو نزل لا تزنوا لقالوا لا ندع الزنا أبدا ))
(رواه البخارى)
تربية الأفراد تربيةً إسلامية لا تنجح ولا تؤتى ثمارها إلاّ بتوافر الشروط الآتية :
الأول : المنهج الصحيح:
وهو إتّخاذ القرآن الكريم وسنة النبى صلى الله عليه وسلم وسيرته
المرجع الأول والمصدرالوحيد الذى يستمد منه المسلم معرفته لحقائق العقيدة ومنهج الحياة.
قال تعالى :{ إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} ( إلإسراء:9).
وقال تعالى: { فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ (6)}( الجاثية:6 ).
وقال تعالى: {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ}( المرسلات :50).
وقال تعالى:{ وَلَنْ تَرْضَىٰ عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ ۗ
وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ۙ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ}(البقرة:120).
عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((لا تسألوا أهل الكتاب عن شىء فإنهم لن يهدوكم وقد ضلّوا وإنكم إما ان تصدقوا بباطل وإما ان تكذبوا بحقّ وإنه والله لو كان موسى حياًّ بين اظهركم ما حلّ له إلا أن يتبعني ))
(الحافظ أبو يعلي .
والمعرفة للكتاب والسنة وحدها لا تنفع شيأً ما لم يصاحبها عمل وتطبيق فإن الله لم ينزل العلم إلا للعمل به فمن علم ولم يعمل بعلمه صار من أجهل الجاهلين وأشدّهم إثماً
وقد كان صلى الله عليه وسلم يقول فى دعائه
(اللهم إنى أعوذ بك من علم لا ينفع وقلب لايخشع ونفس لاتشبع ودعوةٍ لايستجاب لها) (مسلم).
الثانى : القدوة الصالحة:
وهو كون المربى قدوة صالحة، ومثالاً حياً وترجمة حقيقية لما يدعو إليه ويقول فإن لم يكن كذلك وعجزهو عن التطبيق والعمل بما علمه فلأن يعجز المتعلم ويعرض عن التطبيق أولى بل أن المتعلم فى الغالب يتخذ من فعل مّربيه حجةً بجواز التساهل فى الأمر أو صعوبة التطبيق على الوجه الأكمل أو إستحالة ذلك وإذاً فإن صلاح المربى وإستقامته ضرورية لنجاح التربية الإسلامية
واهم الصفات التى يجب ان يتصف بها المسلم الداعية إلى الله هى :
1-العلم :
يجب ان يكون عالما بما يدعو إليه ،فإن علم التوحيد ولوازمه وما يضاده من الشرك.
يجب عليه ان يدعو المشركين إلى التوحيد ولو كان لا يعلم كثيراً من الاحكام الفرعية وكذلك إذا علم الصلاة وأحكامها ونواقضها يجب عليه أن يعلم من لا يعرف ذلك من المسلمين ولو كان لا يعرف أحكام الزكاة أو الصيام وعليه أن يسعى دائماً إلى رفع مستواه العلمى.
قال تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ۚ}
(المجادلة:11).
وقال تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}
(فاطر :28).
وقال تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}
(الزمر :9).
*(2) التقوى :
يجب ان يكون مخلصاً لله بعمله متورعاً عن الشبهات زاهداً عن الدنيا لا تستهويه زخارفها ولا تميل به عن الإستقامة على الطريق.
قال تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ } (التوبة :123).
3. الرحمة :
يجب أن يكون رحيماً بمن معه من المؤمنين
قال تعالى:{وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ}(الحجر:88).
وقال تعالى فى صفة المؤمنين :{أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} (الفتح: 29).
قال تعالى:{أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ}(المائدة: 54).
قال تعالى:{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} ( آل عمران :159).
قال سيد قطب رحمه الله:
يجب على الداعية ان تتوفر فيه الطبيعة الخيرة الرحيمة الهينة اللينة المـُعدّة لأن تتجمع عليها القلوب وتتألف حولها النفوس فيجب أن يكون رحيما بمن معه لينا معهم ولو كان فظا غليظ القلب ما تتألف حوله القلوب ولا تتجمع حوله المشاعر. فالناس فى حاجة الى كنف رحيم والى رعاية فائقة وإلى بشاشة سمحة والى ود يسعهم وحلم لا يضيق بجهلهم وضعفهم ونقصهم فى حاجة إلى قلب كبيريعطيهم ولا يحتاج منهم الى عطاء ويحمل همومهم ولا يعنيهم بهمه ويجدون عنده دائما الاهتمام والرعاية والعطف والسماحة والود والرضاء . وهكذا كان قلب الداعية العظيم محمد صلى الله عليه وسلم.
هكذا كانت حياته مع الناس ما غضب لنفسه قط ولا ضاق صدره بضعفهم البشريّ ولا احتجز لنفسه شيئا من اعراض هذه الدنيا بل اعطاهم كل ما ملكت يداه في سماحة ندية ووسعهم حلمه وبره وعطفه ووده الكريم).
4.الحلم والصبر:
يجب عليه ان يكون حليما صبورا لا يجزى السيئة بالسيئة ولكن يعفو ويغفر. قال تعالى:
{ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199) وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ۚ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (الاعراف199-200)
وقال تعالى :{ وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ }
( فصلت 34 -35 ).
و قال تعالى:{ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ ۚ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ }(المؤمنون:96).
قال تعالى:{فَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ} (طه: 130) .
تعليق