شَم النسيم بين العادة والبدعة
..الحمد لله الذي أكمل لنا الدين، وأتم علينا النعمة ، ورضيَّ لنا الإسلام دينًا، والصلاة والسلام على عبده ورسوله الداعي إلى طاعة ربه، المُحذر عن الغلو والبدع والمعاصي ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه واتبع هداه إلى يوم الدين ...
قد أمرنا الله عز وجل بالاتباع ونهانا عن الابتداع، وذلك لكمال الدين الإسلامي، والاغتناء بما شرعه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، وتلقاه أهل السنة والجماعة بالقبول، من الصحابة والتابعين لهم بإحسان.
قال ابن عابدين - رحمه الله -: «سُمِّيَ الْعِيدُ بِهَذَا الِاسْمِ لِأَنَّ لِلهِ ـ تَعَالَى ـ فِيهِ عَوَائِدَ الْإِحْسَانِ أَيْ أَنْوَاعَ الْإِحْسَانِ الْعَائِدَةَ عَلَى عِبَادِهِ فِي كُلِّ عَامٍ: مِنْهَا الْفِطْرُ بَعْدَ الْمَنْعِ عَنْ الطَّعَامِ وَصَدَقَةُ الْفِطْرِ وَإِتْمَامُ الْحَجِّ بِطَوَافِ الزِّيَارَةِ وَلُحُومِ الْأَضَاحِيِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَلِأَنَّ الْعَادَةَ فِيهِ الْفَرَحُ وَالسُّرُورُ وَالنَّشَاطُ وَالْحُبُورُ غَالِبًا بِسَبَبِ ذَلِكَ» .
فلاشك أن عيد شم النسيم كما يسمونه الآن بدعة خطيرة ، وضلالة كبيرة ، ولاسيما أنها انتشرت انتشار مرعب ومخيف على مستوى المسلمين الموحدين لرب السموات السبع والأراضين ، ووالله إنه لشر محض ، ولداعي لأن تُنَزِل علينا غضب الرب ومقته وتحجُب عنا رضاه وفتحه ، ولمَ لا ؟ فهل يوجد أخطر ممن يُحدث في ديننا بأمرٍ ليس فيه ! بل ويُقر به ويقيمه ويظن أنه دين ! ويخدع نفسه ويتحايل على شرع الله وسنة سيد المرسلين بحجة العُرف والتقاليد .. ! .
يقول الله عز وجل في كتابة العظيم :
الحشر _7.
فلو باتت التقوى في القلوب لَمَا قدِم إنسان على معصية علام الغيوب ولأذعن لكلام ربه ومولاه ولسنة نبيه ومصطفاه محمد بن عبد الله ، صلى الله عليه وسلم .
فعيد شم النسيم نوع من العبادات المحدثة في دين الله وهذا الاحتفال ليس من باب العادات، لأنه يتكرر، ولهذا كَانَ لِأَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ يَوْمَانِ فِي كُلِّ سَنَةٍ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وآله وسلم - الْمَدِينَةَ قال
فعيد شم النسيم نوع من العبادات المحدثة في دين الله وهذا الاحتفال ليس من باب العادات، لأنه يتكرر، ولهذا كَانَ لِأَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ يَوْمَانِ فِي كُلِّ سَنَةٍ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وآله وسلم - الْمَدِينَةَ قال
: «كَانَ لَكُمْ يَوْمَانِ تَلْعَبُونَ فِيهِمَا وَقَدْ أَبْدَلَكُمْ اللهُ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ الْأَضْحَى»
(رواه النسائي وصححه الألباني)،
مع أن هذا من الأمور العادية عندهم»
فكيف نُشَرِِع ما لم يشرعه لنا ربُنا ولم يَنزل على نبينا صلى الله عليه وسلم ، ولكي نعالج تلك الآفة الخطيرة في مجتماعاتنا دعونا نعرف ونفهم الأسباب التي تدفع من حولنا للاحتفال به ..
فكيف نُشَرِِع ما لم يشرعه لنا ربُنا ولم يَنزل على نبينا صلى الله عليه وسلم ، ولكي نعالج تلك الآفة الخطيرة في مجتماعاتنا دعونا نعرف ونفهم الأسباب التي تدفع من حولنا للاحتفال به ..
** لماذا نهتم بالاحتفال بشمِ النسيم في مجتماعاتنا .. ؟
.. لو سألنا أسئلة عابرة لمن يحتفلون به ، لماذا تحتفلون بشم النسيم وما الأسباب المُلحة والدوافع القوية للاحتفال به لوجدنا تلك الردود ::
* نحتفل بشم النسيم لأنه يوم ترفيهي ، نرفه فيه عن أنفسنا وعن أولادنا ونجتمع سويًا .
* وآخرون يقولون لأنه يوم فاصل لنا من تعب الشغل وهمه فنسعد فيه ونلعب ونلهو .
* وبعضهم يقول لا نحتفل به من أجل مشاركة النصارى ولكن يوم نعتبره فرصة لنا نقضيه ، ونفعل ما بدا لنا فيه !
* وتُراهم يفاجئونك بعدها برد مفاجئ آخر فيه اتهام مباشر لك ، لماذا تُعقدون الأمور ، نوايانا بالاحتفال لا نقصد به البدعة ولكن نقصد به التنفيس والترويح عن النفس وعادات وتقاليد اعتدنا وتربينا عليها ! الدين يسر فلماذا تتشددوا ؟! ..
وتلك هي النفس أصل كل بلية وشر ، وتلك هو الهوى ، إلهٌ ظلومٌ يُودي بالإنسان إلى المهالك إن لم يفقْ ويستيقظْ له ويُقَوِمه فيما يُرضي الله عز وجل ويُزكي نفسَه ويطهرهَا ويُلزمهَا طاعة الله عز وجل ، فإن لم يفعل ذلك لضاع وضل وصار ضحية لتقاليد لا تُغني عنه غضب الله ولا عذابه يوم القيامة ، وما حَلَّ به ذلك إلا بسبب التغريب الذي أصبحنا فيه ، فليته يكون تغريب على مستوى العادات وحسب ! بل على مستوى العقيدة ، على مستوى ديننا وثوابتنا ! فأصبحنا نرى المُحرَم حلالًا ، وأصبحنا نقع في الشبهات بدلًا أن نتجنبها ، ولو عُدنا إلى النبع الصافي نبع الوحيين لكان لنا فيه الخَير الكثير والهُدى والرشاد والسلامة من الفتن والشبهات ، فدعونا نتعرف الآن شم النسيم من وجهة نظر الدعوة ..
** شم النسيم من وجهة نظر الدعوة .. حكمه ؟ ولماذا لا نحتفل به ؟
شم النسيم من وجهة نظر الدعوة ::
.. عيد شم النسيم أو الربيع - كما يُطلِق عليه- فهو أحد أعياد مصر الفرعونية، وترجع بداية الاحتفال به بشكل رسمي إلى ما يقرب من 4700 عام (270) قبل الميلاد، وترجع تسمية "شم النسيم" إلى الكلمة الفرعونية (شمو) وهي كلمة هيروغليفية، ويرمز بها عند قدماء المصريين إلى بعث الحياة، وكانوا يعتقدون أن ذلك اليوم هو أول الزمان، وفيه بدأ خلق العالم. وأضيفت كلمة ( النسيم) إليه لارتباط هذا اليوم باعتدال الجو، حيث تكون بداية الربيع. ولا بد من الإشارة أن اليهود من المصريين - على عهد سيدنا موسى عليه السلام- قد أخذوا عن الفراعنة المصريين احتفالهم بهذا العيد، وجعلوه رأساً للسنة العبرية، وأطلقوا عليه اسم " عيد الفصح" والفصح: كلمة عبرية تعني: ( الخروج أو العبور) وذلك أنه كان يوم خروجهم من مصر، على عهد سيدنا موسى عليه السلام. وعندما دخلت المسيحية مصر عرف ما يسمى بـ:"عيد يوم القيامة" والذي يرمز إلى قيام المسيح من قبره - كما يزعمون - واحتفالات النصارى بشم النسيم بعد ذلك جاءت موافقة لاحتفال المصريين القدماء، ويلاحظ أن يوم شم النسيم يعتبر عيداً رسمياً في بعض البلاد الإسلامية تعطل فيه الدوائر الرسمية! كما يلاحظ أيضاً أن النصارى كانوا ولا يزالون يحتفلون بعيد الفصح ( أو عيد القيامة) في يوم الأحد، ويليه مباشرة عيد شم النسيم يوم الاثنين. ومن مظاهر الاحتفال بعيد ( شم النسيم) أن الناس يخرجون إلى الحدائق والمتنزهات بمن فيهم النساء والأطفال، ويأكلون الأطعمة وأكثرها من البيض، والفسيخ ( السمك المملح) وغير ذلك. والملاحظ أن الناس قد زادوا على الطقوس الفرعونية، مما جعل لهذا العيد صبغة دينية، سرت إليه من اليهودية والنصرانية، فأكل السمك والبيض ناشئ عن تحريمهما عليهم أثناء الصوم الذي ينتهي بعيد القيامة ( الفصح) حيث يمسكون في صومهم عن كل ما فيه روح أو ناشئ عنه، كما أن من العادات تلوين البيض بالأحمر، وربما كانوا يرمزون بذلك إلى دم المسيح ( المصلوب) حسب اعتقادهم الباطل المناقض للقرآن الكريم، وإجماع المسلمين المنعقد على عدم قتل المسيح وعدم صلبه، وأنه رفع إلى السماء كما يقول الله جل وعلا في محكم كتابه:
(وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً)
(النساء:157)
وقوله جل وعلا : (بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً)
(النساء:158) .
حكمه ::
** وعلى هذا اتفق أهل العلم على تحريم حضور أعياد الكفار والتشبه بهم فيها، وهو مذهب الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة (1).
وينطبق ذلك على الاحتفال بشم النسيم؛ وقد
وينطبق ذلك على الاحتفال بشم النسيم؛ وقد
قال - صلى الله عليه وآله وسلم -: «مًنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ»
(رواه أبو داود وقال الألباني: حسن صحيح)
،
وعَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم - قَالَ: «لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ شِبْرًا شِبْرًا وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ»، قُلْنَا: «يَا رَسُولَ اللهِ، الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى؟»، قَالَ: «فَمَنْ؟» (2)
(رواه البخاري ومسلم).
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - عَنِ النّبِيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم - قَالَ: «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَأْخُذَ أُمَّتِي بِأَخْذِ الْقُرُونِ قَبْلَهَا، شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ»، فَقِيلَ: «يَا رَسُولَ اللهِ، كَفَارِسَ وَالرُّومِ؟»، فَقَالَ «وَمَنِ النَّاسُ إِلاَّ أُولَئِكَ؟»
(رواه البخاري).
فشم النسيم عيد فرعوني، ثم يهودي، ثم نصراني؛ فكيف يسوغ لمسلم أن يتشبه بكل هؤلاء مع علمه بنهي النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - عن التشبه بغير المسلمين.
للمسلم مشاركة النصارى وغيرهم في الاحتفال بشم النسيم وغيره من الأعياد الخاصة بالكفار، كما لا يجوز تلوين البيض في أعيادهم، ولا التهنئة للكفار بأعيادهم، وإظهار السرور بها، كما لا يجوز تعطيل الأعمال من أجلها
لأن هذا من مشابهة أعداء الله المحرمة كما ذكرنا في الحديث السابق ومن التعاون معهم على الباطل،
لأن هذا من مشابهة أعداء الله المحرمة كما ذكرنا في الحديث السابق ومن التعاون معهم على الباطل،
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلا الْهَدْيَ وَلا الْقَلائِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَاناً وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)
(المائدة:2).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-:(لا يحل للمسلمين أن يتشبهوا بهم في شيء مما يختص بأعيادهم لا من طعام ولا لباس ولا اغتسال ولا إيقاد نار ولا تبطيل عادة من معيشة أو عبادة أو غير ذلك، ولا يحل فعل وليمة ولا الإهداء ولا البيع بما يستعان به على ذلك لأجل ذلك، ولا تمكين الصبيان ونحوهم من اللعب الذي في الأعياد ولا إظهار الزينة، وبالجملة: ليس لهم أن يخصوا أعيادهم بشيء من شعائرهم بل يكون يوم عيدهم عند المسلمين كسائر الأيام).
(مجموع الفتاوى 25/329).
وقال ابن التركماني الحنفي –رحمه الله-:(فيأثم المسلم بمجالسته لهم وبإعانته لهم بذبح وطبخ وإعارة دابة يركبونها لمواسمهم وأعيادهم) .
(اللمع في الحوادث والبدع (2/519-520).
لماذا لا نحتفل بشم النسيم ::
لا شك أن التمتع بمباهج الحياة من أكل وشرب وتنزه أمر مباح ما دام في إطار المشروع، الذي لا تُرتكب فيه معصية ولا تُنتهك فيه حُرمة ولا ينبعث من عقيدة فاسدة.
قال تعالى:
قال تعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ)
(المائدة:87)
وقال أيضًا جل وعلا:
(قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ)
(لأعراف: من الآية32) .
لكن هل للتزين والتمتع بالطيبات يوم معين أو موسم خاص لا يجوز في غيره ؟
وهل لا يتحقق ذلك إلا بنوع معين من المأكولات والمشروبات ، أو بظواهر خاصة؟
وهل لا يتحقق ذلك إلا بنوع معين من المأكولات والمشروبات ، أو بظواهر خاصة؟
هذا ما نحب أن نُلفت الأنظار إليه ، إن الإِسلام يريد من المسلم أن يكون في تصرفه على وعي صحيح وبُعد نظر، لا يندفع مع التيار فيسير حيث يسير، ويميل حيث يميل، بل لا بد أن تكون له شخصية مستقلة فاهمة، حريصة على الخير بعيدة عن الشر والانزلاق إليه، وعن التقليد الأعمى، لا ينبغي أن يكون كما قال الحديث " إمَّعة " يقول : إن أحسن الناس أحسنت ، وإن أساءوا أسأت ، ولكن يجب أن يوطِّن نفسه على أن يحسن إن أحسنوا، وألا يسيء إن أساءوا ، وذلك حفاظًاً على كرامته واستقلال شخصيته ، غير مبال بما يوجه إليه من نقد أو استهزاء ، والنبي -صلى الله عليه وسلم- نهانا عن التقليد الذي من هذا النوع فقال:
(لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع ، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه)
رواه البخاري ومسلم .
فلماذا نحرص على شم النسيم في هذا اليوم بعينه والنسيم موجود في كل يوم ؟ إنه لا يعدو أن يكون يوما عاديًّا من أيام الله حكمه كحكم سائرها ، بل إن فيه شائبة تحمل على اليقظة والتبصر والحذر، وهى ارتباطه بعقائد لا يقرها الدين ، حيث كان الزعم أن المسيح قام من قبره وشم نسيم الحياة بعد الموت .
ولماذا نحرص على طعام بعينه في هذا اليوم، وقد رأينا ارتباطه بخرافات أو عقائد غير صحيحة، مع أن الحلال كثير وهو موجود في كل وقت، وقد يكون في هذا اليوم أردأ منه في غيره أو أغلى ثمنا.
إن هذا الحرص يبرر لنا أن ننصح بعدم المشاركة في الاحتفال به مع مراعاة أن المجاملة على حساب الدين والخلُق والكرامة ممنوعة لا يقرها دين ولا عقل سليم ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:
(من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه اللّه مؤونة الناس ، ومن التمس رضا الناس بسخط الله وكَّله اللّه إلى الناس)
رواه الترمذي ورواه بمعناه ابن حبان في صحيحه .
.. وبعد أن تعرفنا على حكم شم النسيم وحكم والاحتفال به ولماذا يجب علينا نحن المسلمون ألا نحتفل به ، علينا ألا نكتفي بالمعرفة وفقط ، بل نترجمها لدعوة عملية ، وتبليغ فوري لغيرك بما عرفته واعتقدته وتُصحح مفاهيم خاطئة كادت أن تصبح عقائد راسخة في مجتماعاتنا ! فامتثلْ أمر نبيك صلى الله عليه وسلم عندما قال " بلغوا عني ولو آية " ، فدورك الآن تنبيه الناس لتلك البدعة وتحذيرهم منها بمعروفٍ ولين ، ولكي تدعوهم للتخلي عن الاحتفال به عليك أولًا أن تفهم طبيعة من تدعوه .
فعندما تُخاطب إنسان غير متعلم وتحذره من الاحتفال به يختلف تمامًا أسلوبك هذا عندما تتكلم به مع إنسان متعلم فعليكَ أن تُراعي أحوال الناس الذين تدعوهم وأن تراعي ظروفهم وبيئتهم التي يعيشون بها وتبدأ في نصحهم ودعوتهم من هذا المنطلق ، ولعل أهم الوسائل التي تدخل بها إلى قلوبهم هو تذكيرهم بالجنة والنار ويوم القيامة والكلام عن حب الله عز وجل ، ودعونا نطرح هذا السؤال فهناك أناس يسمعوا ويقبلوا دعوتك بالترغيب والحديث عن حُب الله ، وكيف أن شم النسيم بدعة والله عز وجل ونبيه صلى الله عليه وسلم من بعده ذموا البدعة ونهوا عنها ، فيا من تُحب ربك ومولاك ، بادر في طاعته ورضاه ، واجتنب كل ما يغضبه ويأباه ، فمن الذي خلقك ؟ وجعل لك سمعًا وبصرًا ؟ وجعل لك قلبًا وجوارح ، أخلقك سُدى؟ لتعصيه وتبعد عن ما أمر به ؟ أم خلقك لطاعته وتنفيذ ما أراده منك ؟
وهناك آخرون دعوتهم ومدخلهم يكون بالترهيب بالحديث عن الجنة والنار وما أعده الله للطائعين من نعيم مقيم ، وما جهزه للعاصين المتكبرين من عذاب أليم ، فمهم جدًا أن تفهم طباع ومدخل من تدعوهم قبل أن تتحدث معهم وتنصحهم .
** كيفية دعوة الناس لترك الاحتفال بشم النسيم ::
1_ علينا أن نُذكرهم بالله ..
وأن ما يحتفلون به ليس مجرد عادات وحسب ، بل هي إقرار منهم بعقيدة النصارى كما ذكرنا أن من مظاهر احتفالهم أن يأكلون السمك والبيض بعد أن حرَّموهم عليهم حيث كانوا يُمسكون عن كل ما هو فيه روح وما حرم الله ذلك وما أمرنا بذلك قال تعالى :
(قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ)
(لأعراف: من الآية32)
، وأيضًا يلونون البيض فيه باللون الأحمر رمزًا إلى لون المسيح الذي صُلِبَ كما يزعمون ،
ويقول الله عز وجل
"وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ "ويقول الله عز وجل
النساء _157.
.
2_ نُذكرهم بقضية الولاء والبراء ..وما يجب علينا من موالاة ما أحبه الله ورضيه والبعد عن ما نهى عنه ويجلب سخطه والبراء منه .
فهؤلاء النصارى يزعمون أن الله ثالث ثالثة
" لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ ۘ " المائدة - 73
والأكثر من ذلك افترائهم وقولهم إن الله هو المسيح ابن مريم لقوله تعالى::" لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ "
المائدة _72
.. فهل يُعقل لك أيها المؤمن الوحد بالله أن تحتفل معهم وأن تعلم عقيدتهم الفاسدة تلك ! وكذبهم وافترائهم على الله عز وجل وعلى المسيح عليه السلام ؟!
قال تعالى :
قال تعالى :
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاء مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ
(1) الممتحنة .
3_ نُذكرهم بحديث النبي صلى الله عليه وسلم ..
" من تشبه بقومٍ فهو منهم "
(رواه أبو داود وقال الألباني: حسن صحيح) .
فهل تُريد أن تُحشر مع النصارى أم تُحشر مع أمة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، أيُّ الفريقين حق بالإتباع إن كنتم تعقلون . !
.. قال الشيخ علي محفوظ رحمه الله ـ عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف - رحمه الله -:«مما ابْتُلِي به المسلمون وفشا بين العامة والخاصة مشاركة أهل الكتاب من اليهود والنصارى في كثير من مواسمهم ... فانظر ما يقع من الناس اليوم من العناية بأعيادهم وعاداتهم، فتراهم يتركون أعمالهم ـ من الصناعات والتجارات والاشتغال بالعلم ـ في تلك المواسم، ويتخذونها أيام فرح وراحة يوسعون فيها على أهليهم، ويلبسون أجمل الثياب ويصبغون فيها البَيْض لأولادهم كما يصنع أهل الكتاب من اليهود والنصارى.
فهذا وما شاكله مصداق قول النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في الحديث الصحيح:
«لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ شِبْرًا شِبْرًا وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ»، قُلْنَا: «يَا رَسُولَ اللهِ، الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى؟».قَالَ «فَمَنْ»
(رواه البخاري)
4_ علينا أن نخبرهم ونعلمهم بأن من هنأ عبدًا بمعصية أو بدعة فقد تعرض لمقت الله وسخطه ..
ومن أنت كي تستطيع أن تتحمل مقت الله وسخطه ، كلنا ضعفاء لا نملك لأنفسنا شيء ، فكن عبدًا ربانيًا مطيعًا ولا تكن عاصيًا لله جحودًا .
قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -: وإنما كانت تهنئة الكفار بأعيادهم الدينية حرامًا وبهذه المثابة التي ذكرها ابن القيم؛ لأن فيها إقرارًا لما هم عليه من شعائر الكفر، ورِضىً به لهم، وإن كان هو لا يرضى بهذا الكفر لنفسه، لكن يَحرم على المسلم أن يَرضى بشعائر الكفر أو يُهنئ بها غيره؛ لأن الله ـ تعالى ـ لا يرضى بذلك، كما قال تعالى: {إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} (الزمر:7)، وقال تعالى:
{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}
(المائدة:3
فلماذا لا نرتضي بالإسلام دينًا ونذهب إلى ما هو دونه !!
5_ علينا توعيتهم وضرورة تكرار لهم أن تهنئتهم بذلك حرام سواءً كانوا مشاركين للشخص في العمل أم لا..
وإذا هنئونا بأعيادهم فإننا لا نُجيبهم على ذلك؛ لأنها ليست بأعياد لنا، ولأنها أعياد لا يرضاها الله ـ تعالى ـ؛ لأنها إما أعياد مبتدعة في دينهم، وإما مشروعة لكن نُسِخت بدين الإسلام الذي بَعَث الله به محمدًا - صلى الله عليه وآله وسلم - إلى جميع الخلق، وقال فيه:
{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}
(آل عمران:85).
وإجابة المسلم دعوتهم بهذه المناسبة حرام؛ لأن هذا أعظم من تهنئتهم بها لما في ذلك من مشاركتهم فيها.
وبعد توضيح حقيقة عيد شم النسيم وأمثاله من الأعياد التي عَمّتْ وطَمّتْ في هذا الزمن، وبيان حكم الاحتفال بها لمن اغتر بذلك من المسلمين، والتأكيد على ضرورة تميُّز المسلم بدينه، ومحافظته على عقيدته، وتذكيره بمخاطر التشبه بالكفار في شعائرهم الدينية كالأعياد، أو بما يختصون به من سلوكياتهم وعاداتهم؛ نصحًا للأمة، وأداءً لواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي بإقامته صلاح البلاد والعباد .
لذا عليك أيها المسلم الموحد في هذا العيد وشبيهه من الأعياد عدة أمور ::
أولًا: عدم الاحتفال به، أو مشاركة المحتفلين به في احتفالهم، أو حضور الاحتفال به
وذلك لما فيه من التشبه بالفراعنة الوثنيين ثم باليهود والنصارى، والتشبه بهم فيما يخصهم محرم فكيف بالتشبه بهم في شعائرهم؟!
ثانيًا: عدم إعانة من يحتفل به من الكفار أقباطًا كانوا أم يهودًا أم غيرهم بأي نوع من أنواع الإعانةكالإهداء لهم، أو الإعلان عن وقت هذا العيد أو مراسيمه أو مكان الاحتفال به، أو إعارة ما يعين على إقامته، أو بيع ذلك لهم، فكل ذلك محرم؛ لأن فيه إعانة على ظهور شعائر الكفر وإعلانها، فمن أعانهم على ذلك فكأنه يقرهم عليه، ولهذا حرم ذلك كله.
وقد أحسن الشيخ علي محفوظ - رحمه الله - حينما أوصى كل مسلم في بلاد يُحْتَفَلُ بهذا العيد فيها أن يلزم بيته، ويحبس أهله وأولاده عن المشاركة في مظاهر هذا العيد واحتفالاته.
ثالثًا: الإنكار على من يحتفل به من المسلمين، ومقاطعته في الله تعالى إذا صنع دعوة لأجل هذا العيدوهجره إذا اقتضت المصلحة ذلك ، وذلك بعد أن تكون قد نصحته وبينت له حقيقة هذا العيد وحذرته منه كما سبق .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: «وكما لا نتشبه بهم في الأعياد فلا يُعَان المسلم في ذلك؛ بل يُنْهَى عن ذلك، فمن صنع دعوة مخالفة للعادة في أعيادهم لم تُجَبْ دعوته، ومن أهدى مِن المسلمين هدية في هذه الأعياد مخالفة للعادة في سائر الأوقات غير هذا العيد لم تُقْبَل هديته خصوصًا إن كانت الهدية مما يستعان بها على التشبه بهم، ولا يبيع المسلم ما يستعين به المسلمون على مشابهتهم في العيد من الطعام واللباس ونحو ذلك؛ لأن في ذلك إعانة على المنكر»
وبناء على ما قرره شيخ الإسلام فإنه لا يجوز للتجار المصريين من المسلمين أو في أي بلاد يحتفل فيها بشم النسيم أن يتاجروا بالهدايا الخاصة بهذا العيد من بيض منقوش، أو مصبوغ مخصص لهذا العيد، أو سمك مملح لأجله، أو بطاقات تهنئة به، أو غير ذلك مما هو مختص به؛ لأن المتاجرة بذلك فيها إعانة على المنكر الذي لا يرضاه الله تعالى ولا رسوله - صلى الله عليه وآله وسلم -.
كما لا يحل لمن أهديت له هدية هذا العيد أن يقبلها؛ لأن في قبولها إقرارًا لهذا العيد، ورضًا به.
كما لا يحل لمن أهديت له هدية هذا العيد أن يقبلها؛ لأن في قبولها إقرارًا لهذا العيد، ورضًا به.
ولا يعني ذلك الحكم بحرمة بيع البيض أو السمك أو البصل أو غيره مما أحله الله تعالى، وإنما الممنوع بيع ما خصص لهذا العيد بصبغ أو نقش أو تمليح أو ما شابه ذلك، ولكن لو كان المسلم يتاجر ببعض هذه الأطعمة، ولم يخصصها لهذا العيد لا بالدعاية، ولا بوضع ما يرغب زبائن هذا العيد فيها فلا يظهر حرج في بيعها ولو كان المشترون منه يضعونها لهذا العيد.
رابعًا: عدم تبادل التهاني بعيد شم النسيملأنه عيد للفراعنة ولمن تبعهم من اليهود والنصارى، وليس عيدًا للمسلمين، وإذا هنئ المسلم به فلا يرد التهنئة.
قال ابن القيم - رحمه الله -:
«وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق مثل: أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم فيقول: عيد مبارك عليك أو تهنأ بهذا العيد ونحوه، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب، بل ذلك أعظم عند الله وأشد مقتًا من التهنئة بشرب الخمر،وقتل النفس، وارتكاب الفرج الحرام ونحوه، وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك وهو لا يدري قبح ما فعل، فمن هنأ عبدًا بمعصية أو بدعة أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه» ..
«وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق مثل: أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم فيقول: عيد مبارك عليك أو تهنأ بهذا العيد ونحوه، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب، بل ذلك أعظم عند الله وأشد مقتًا من التهنئة بشرب الخمر،وقتل النفس، وارتكاب الفرج الحرام ونحوه، وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك وهو لا يدري قبح ما فعل، فمن هنأ عبدًا بمعصية أو بدعة أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه» ..
والواجب على العلماء أن يحذروا المسلمين من مغبة الاحتفال بعيد شم النسيم، أو مشاركة المحتفلين به، أو إعانتهم بأي نوع من أنواع الإعانة على إقامته، وحث الناس على إنكاره ورفضه؛ لئلا يكون الدين غريبًا بين المسلمين.
وكثيرٌ من إخواننا المسلمين يحتفلون بهذا العيد ولا يعرفون حقيقته وأصله، وحكم الاحتفال به، وبعضهم يعرف حقيقته، ولكنهم يقللون من خطورة الاحتفال به ظنًا منهم أنه أصبح عادة وليس عبادة، وحجتهم أنهم لا يعتقدون فيه ما يعتقده الفراعنة أو اليهود والنصارى.
وهذا فهم خاطئ فإن التشبه في شعائر الدين يؤدي إلى الكفر سواء اعتقد المتشبه بالكفار في هذه الشعيرة ما يعتقدون فيها أم لم يعتقد؟ بخلاف التشبه فيما يختصون به من السلوكيات والعادات فهو أخف بكثير، ولا سيما إذا انتشرت بين الناس ولم تعد خاصة بهم، وكثير من الناس لا يفرق بين الأمرين.
ولذا فإننا نرى المسلم يأنف من لبس الصليب؛ لأنه شعار النصارى الديني بينما نراه يحتفل بأعيادهم أو يشارك المحتفلين بها، وهذا مثل هذا إن لم يكن أعظم، لأن الأعياد من أعظم الشعائر التي تختص بها الأمم.
وهذا فهم خاطئ فإن التشبه في شعائر الدين يؤدي إلى الكفر سواء اعتقد المتشبه بالكفار في هذه الشعيرة ما يعتقدون فيها أم لم يعتقد؟ بخلاف التشبه فيما يختصون به من السلوكيات والعادات فهو أخف بكثير، ولا سيما إذا انتشرت بين الناس ولم تعد خاصة بهم، وكثير من الناس لا يفرق بين الأمرين.
ولذا فإننا نرى المسلم يأنف من لبس الصليب؛ لأنه شعار النصارى الديني بينما نراه يحتفل بأعيادهم أو يشارك المحتفلين بها، وهذا مثل هذا إن لم يكن أعظم، لأن الأعياد من أعظم الشعائر التي تختص بها الأمم.
** شُبهات حول شم النسيم وكيفية الرد عليها ..
الشبهة الأولى:
الذين يحتفلون بهذا اليوم لا يتقربون بذلك إلى الله ولا يعتبرونه قُربة ولا عبادة سواء المسلمين أو النصارى.
الجواب:
أولًا:
لا يشترط لكون الفعل تشبهًا بالكفار أن يُقصد به القُربة والعبادة فلو أن مسلمًا لبس صليب النصارى ولم يَقصد العبادة والقربة فهل يقول هؤلاء إن ذلك جائز مع أنه شعار النصارى ودليل على أن لابسه راضٍ بانتسابه إليهم، والرضا بما هم عليه كفر ؟
فكذلك الاحتفال بأعيادهم مُحرم ولا يُشترط فيه قصد القربة والعبادة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : «لا يُرخص في اللعب في أعياد الكفار، كما يرخص في أعياد المسلمين ...فكذلك الاحتفال بأعيادهم مُحرم ولا يُشترط فيه قصد القربة والعبادة.
فلا يجوز لنا أن نفعل في كل عيد للناس من اللعب ما نفعل في عيد المسلمين ...
ومن المعلوم أن هؤلاء ـ أي اليهود والنصارى والفرس ـ كانت لهم أعياد يتخذونها، ومن المعلوم أيضًا أن المقتضي لما يُفعل في العيد: من الأكل والشرب، واللباس والزينة، واللعب والراحة ونحو ذلك، قائم في النفوس كلها إذا لم يوجد مانع خصوصًا نفوس الصبيان والنساء وأكثر الفارغين من الناس.
ثم من كان له خبرة بالسِّيَر عَلِم يقينًا أن المسلمين على عهد رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ما كانوا يشركونهم في شيء من أمرهم، ولا يغيرون لهم عادة في أعياد الكافرين، بل ذلك اليوم عند رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وسائر المسلمين يوم من الأيام لا يختصونه بشيء أصلًا إلا ما قد اختُلف فيه من مخالفتهم فيه، كصومه»
هذا اليوم مرتبط بدين النصارى وأعيادهم بدليل أنه ليس له يوم محدد في السنة بالتقويم الميلادي، فشم النسيم هو اليوم التالي لعيد القيامة ـ يوم الأحد ـ ويسبق هذا العيد سبت النور ويسبقه الجمعة الحزينة، فيوم شم النسيم ليس مرتبطًا فقط بأعياد الفراعنة بل له علاقة بأعياد النصارى.
ثالثًا: لو أن إخواننا المسلمين في فلسطين المحتلة احتفلوا كل عام يوم (15أبريل) بعيد الفصح (عيد اليهود) ولم يتقربوا إلى الله بذلك ولم يعتبروه قربة وعبادة، فهل هذا الاحتفال بدعة ومحرم كما يقول علماء الإسلام أم لا؟
فكذلك الاحتفال بشم النسيم.
فكذلك الاحتفال بشم النسيم.
الشبهة الثانية:
عيد شم النسيم تحول إلى عادة.
الجواب:
كَوْن عيد شم النسيم تحول إلى عادة كما يقوله كثير من المحتفِلين به وهم لا يعتقدون فيه ما يعتقده أهل الديانات الأخرى لا يبيح الاحتفال به.
ودليل ذلك ما رواه ثَابِتُ بْنُ الضَّحَّاكِ - رضي الله عنه -
ودليل ذلك ما رواه ثَابِتُ بْنُ الضَّحَّاكِ - رضي الله عنه -
قَالَ: نَذَرَ رَجُلٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - أَنْ يَنْحَرَ إِبِلًا بِبُوَانَةَ فَأَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وآله وسلم - فَقَالَ: «إِنِّى نَذَرْتُ أَنْ أَنْحَرَ إِبِلًا بِبُوَانَةَ». فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وآله وسلم -:
هَلْ كَانَ فِيهَا وَثَنٌ مِنْ أَوْثَانِ الْجَاهِلِيَّةِ يُعْبَدُ؟». قَالُوا: «لَا». قَالَ: «هَلْ كَانَ فِيهَا عِيدٌ مِنْ أَعْيَادِهِمْ؟». قَالُوا: «لَا». قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -: «أَوْفِ بِنَذْرِكَ؛ فَإِنَّهُ لاَ وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِى مَعْصِيَةِ اللهِ وَلاَ فِيمَا لاَ يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ».
(رواه أبو داود، وصححه الألباني).
فيلاحظ في الحديث أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - اعتبر أصل البقعة، ولم يلتفِتْ إلى نية هذا الرجل في اختيار هذه البقعة بعينها، ولا سأله عن ذبحه لمن يكون: أهو لله - سبحانه وتعالى - أم للبقعة؛ لأن ذلك ظاهر واضح، وإنما سأله النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - عن تاريخ هذه البقعة:
«هَلْ كَانَ فِيهَا وَثَنٌ مِنْ أَوْثَانِ الْجَاهِلِيَّةِ يُعْبَدُ؟»، «هَلْ كَانَ فِيهَا عِيدٌ مِنْ أَعْيَادِهِمْ؟»
. فلما أجيب بالنفي أجاز الذبح فيها لله تعالى.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: «إذا كان تخصيص بقعة عيدهم محذورًا فكيف نفس عيدهم؟»
وعيد شم النسيم ليس في زمان العيد ومكانه فحسب، بل هو العيد الوثني الفرعوني عينه في زمانه وشعائره ومظاهر الاحتفال به، فحرم الاحتفال به دون النظر إلى نية المحتفل به وقصده، كما يدل عليه هذا الحديث العظيم.
الشبهة الثالثة:
لا مانع أن يُنتفَع بيوم عطلة شم النسيم بالتنزه الخالي من المظاهر الموروثة.
الجواب:
1 - كيف يُنتفَع بيوم العطلة (الأجازة) فيه للفسح والتنزه الخالي من المظاهر الموروثة وطبيعة الاحتفال أصلًا هي التنزه حيث يخرج الناس للمزارع والحدائق للاحتفال بهذا اليوم.
2 - كيف يتميز المسلم الذي يريد أن يتنزه بعيدًا عن المظاهر الموروثة عن المسلم الآخر الذي يحتفل بهذه البدعة؟ هل يأخذ معه في الحدائق التونة بدلًا من الفسيخ، والفول السوداني بدلًا من الترمس، والبيض غير الملون بدلًا من الملون، أم ماذا يفعل ليتميز؟ فمجرد الخروج للتنزه في هذا اليوم مشاركة في هذا الاحتفال وتكثير لسواد النصارى ومن يتشبهون بهم.
3 - أليس حضور المسلم هذه الأماكن فتنة للآخرين الذين يحتفلون بهذا اليوم بالطريقة المبتدعة؟ فكيف يعرف الناس أن هذا يتنزه بالمظاهر الموروثة وذاك يتنزه بالمظاهر غير الموروثة؟
2 - كيف يتميز المسلم الذي يريد أن يتنزه بعيدًا عن المظاهر الموروثة عن المسلم الآخر الذي يحتفل بهذه البدعة؟ هل يأخذ معه في الحدائق التونة بدلًا من الفسيخ، والفول السوداني بدلًا من الترمس، والبيض غير الملون بدلًا من الملون، أم ماذا يفعل ليتميز؟ فمجرد الخروج للتنزه في هذا اليوم مشاركة في هذا الاحتفال وتكثير لسواد النصارى ومن يتشبهون بهم.
3 - أليس حضور المسلم هذه الأماكن فتنة للآخرين الذين يحتفلون بهذا اليوم بالطريقة المبتدعة؟ فكيف يعرف الناس أن هذا يتنزه بالمظاهر الموروثة وذاك يتنزه بالمظاهر غير الموروثة؟
*وختامًا نقول*
.. إن الخير كل الخير في إتباع من سلف ، والشر كل الشر في ابتداع من خلف ، فتمسك بالقرآن والسُنة ولا تتبع الضلالة والبدعة ، فما خُلقت إلا للعبادة ولن تُقبل تلك العبادة إلا بالإتباع والعمل الصالح ، فاحذر من تلك البدع والشبهات وحصِن نفسك واستمسك بكلام العزيز القهار .
قال الُفضيل بن عياض رحمه الله ..لا تجلس مع صاحب بدعة ، فإني أخاف أن تنزل عليك اللعنة ، وقال أيضًا رحمه الله ، من أحب صاحب بدعة أحبط الله عمله وأخرج نور الإسلام من قلبه .
جنبنا الله وإياكم شر البدع ورزقنا حُسن الإتباع والعمل وجعلنا مما يستمعون القول فيتبعون أحسنه .
تعليق