الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من نبي بعده، سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
أما بعد..
فأنقل لحضراتكم هذا الموضوع القيّم، كتبه الشيخ أحمد نواف المجلاد، بعنوان:
الجَوَّالَاتُ فِي المَسَاجِدِ أَفْيُوْنُ العَصْرِ
قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ:
{ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (36)
رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (37)
لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (38)} النُّوْرِ.
لِلْمَسَاجِدِ قُدْسِيَّةٌ وَمَكَانَةٌ عَظِيْمَةٌ فِي الشَّرْعِ، فَفِيْهَا تُؤَدَّى الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ جَمَاعَةً، وَيُتْلَى القُرْآنُ، وَيُذْكَرُ اللَّهُ تَعَالَى، وَتُعَالَجُ المُشْكِلَاتُ،
بَلْ يُعْلَنُ مِنْهَا بِالجِهَادِ فِي سَبِيْلِ اللَّهِ. فَلَمَّا كَانَتْ بِهَذِهِ المَكَانَةِ وَبِهَذَا الشَّرَفِ العَظِيْمِ اهْتَمَّ الشَّرْعُ المُطَهَّرُ بِهَا وَبِحِفْظِهَا.
فَنَجِدُ فِي القُرْآنِ الكَرِيْمِ الِاعْتِنَاءَ بِهَذَا الأَمْرِ، وَبَيَانَ مَا يَنْتَظِرُ المُعَظِّمِيْنَ لَهَا مِنَ الأَجْرِ الكَبِيْرِ وَالخَيْرِ العَمِيْمِ مِنَ العَزِيْزِ الرَّحِيْمِ.
وَكَذَلِكَ بَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سُنَّتِهِ.
رَوَى الإِمَامُ ابْنُ جَرِيْرٍ الطَّبَرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي تَفْسِيْرِهِ بِسَنَدِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي تَفْسِيْرِ قَوْل اللَّهِ تَعَالَى:
{فِي بُيُوْتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيْهَا اسْمُهُ}
قَوْلَهُ: هِيَ المَسَاجِدُ، تُكْرَمُ، وَنُهِيَ عَنِ اللَّغْوِ فِيْهَا.
وَاللَّغْوُ هُوَالكَلَامُ الَّذِيْ لَا نَفْعَ فِيْهِ.
أُمِرْنَا بِتَنْزِيْهِ مَسَاجِدِ اللَّهِ عَنْهَا، فَمَا بَالُكَ بِالمُحَرَّمِ وَالفِعْلِ المُحَرَّمِ؟؟؟؟؟
وَمَا بَالُكَ بِالغِنَاءِ وَبِأَصْوَاتِ النِّسَاءِ الَّتِيْ دَخَلَتْ فِي الجَوَّالَاتِ الَّتِيْ صَارَتْ بِسَبَبِ ذَلِكَ التَّمَيُّعِ وَالتَّهَاوُنِ فِي هَذِهِ الأُمُوْرِ مِنْ قِبَلِ أَصْحَابِهَا نِقْمَةً ؛
حَيْثُ تَسَبَّبُوا فِي التَّشْوِيْشِ عَلَى النَّاسِ فِي صَلَوَاتِهِمْ وَذِكْرِهِمْ.
وَالنَّاسُ فِي شُغْلٍ ؛ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
" إِنَّ فِي الصَّلَاةِ شُغْلاً " رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي صَحِيْحِهِ.
قَالَ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي شَرْحِ صَحِيْحِ مُسْلِمٍ: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"إِنَّ فِي الصَّلَاةِ شُغْلاً".
مَعْنَاهُ أَنَّ المُصَلِّيَ وَظِيْفَتُهُ أَنْ يَشْتَغِلَ بِصَلَاتِهِ، فَيَتَدَبَّرَ مَايَقُوْلُهُ، وَلَا يُعَرِّجُ عَلَى غَيْرِهَا ، فَلَا يَرُدُّ سَلَامًا وَلَا غَيْرَهُ .
فَتَتَحَتَّمُ عَلَيْنَاصِيَانَةُ مَسَاجِدِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ هَذِهِ المُنْكَرَاتِ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
{وَأَنَّ المَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (18) الجِنِّ.
فَالمَسَاجِدُ مَا بُنِيَتْ لِتَكُوْنَ مَرَاقِصَ، وَمَا بُنِيَتْ لِتَكُوْنَ مَحَلَّاتِ بَيْعٍ لِلْجَوَّالَاتِ فَيَتَفَرَّجَ عَلَيْهَا مَنْ أَرَادَ انْتِقَاءَ آخِرِ مَا نَزَلَ فَيَشْتَرِيَهُ.
إِنَّمَا المَسَاجِدُ لِلتَّسْبِيْحِ وَالتَّهْلِيْلِ وَتِلَاوَةِ القُرْآنِ وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ وَمَا أَذِنَ الشَّرْعُ فِيْهِ.
اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنْ يَرْعَى بُيُوْتَكَ حَقَّ رِعَايَتِهَا.
آمِيْنْ.
تعليق