إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

المنهاج النبوي في تصحيح أخطاء الفرد والجماعة ::متجدد وهام:: // مفهرس

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • المنهاج النبوي في تصحيح أخطاء الفرد والجماعة ::متجدد وهام:: // مفهرس

    الحمد لله رب العالمين
    والصلاة والسلام على النبيِّ الأمين
    وبعد,
    المنهاج النبوي في تصحيح أخطاء الفرد والجماعة(1)
    مقدمة
    إن من الأخطاء ما يُحدث مضرةً لصاحبه ولغيره من الناس, وبعضها يشكل خطراً على صاحبه, وقد تتعدى خطورته إلى الناس, كل ذلك يجعلنا نقف مع الأخطاء وقفة جادة, ونراها بعين البصيرة, لنحذَر ونُحَذِّر منها,
    ولأن عاقبة الخطأ قد لا تكون على المُخطئ نفسه; بل قد تتعدى إلى آخرين(2).
    فأما مضرة الخطأ على الفرد:
    فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال "أما يخشى أحكم -أوَلا يخشى أحدكم- إذا رفع رأسه قبل الإمام أن يجعل الله رأسه رأس حمار, أو يجعل صورته صورة حمار..."(3)
    ففي هذا الحديث بين -عليه الصلاة والسلام- أن من ال خطأ الواضح البيّن أن يرفعالمأموم رأسه قبل إمامه, وهذا من الكبائر للتوعد عليه بأشنع العقوبات وأبشعها وهو المسخ.(4)
    فانظر كيف أضرَّ هذا الخطأ بصاحبه كل هذا الضرر, ولكن من كمال شفقته -عليه الصلاة والسلام- بأمته, وبيانه لهم الأحكام وما يترتب عليهما من الثواب والعقاب حيث بيّن لهم وحدثهم بهذا الأمر.




    وأما مضرة الخطأ على الجماعة:
    عن النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- قال: قال النبي -عليه الصلاة والسلام- "لتسوّن صفوفكم, أو ليخالفَنّ الله بين وجوهكم"(5)
    ففي هذا الحديث بيان لمضرة الخطأ على الجماعة بأكملها, حيث يعمّ الجميع اختلاف الوجوه بسبب هذا الخطأ وهو عدم تسوية الصفوف.
    قال النووي -رحمه الله- "والأظهر والله أعلم أن معناه: يوقع بينكم العداوة والبغضاء واختلاف القلوب; كما يُقال: تغيّر وجه فلان عليّ, لأن مخالفتهم في الصفوف مخالفة في ظواهرهم, واختلاف الظواهر سبب لاختلاف البواطن.(6)
    لذا كان لزاماً إظهار هذه الأضرار وهذه الأخطار الكامنة في هذه الأخطاء, للابتعاد عنها وتحاشيها; اقتداءً بسيد ولد آدم محمد -عليه الصلاة والسلام-, حيث كان يُبيّن ما في هذه الأخطاء من أضرار على الفرد والجماعة




    وهنا سؤال -وهو المُراد من هذا الموضوع إن شاء الله-
    كيف التعامل في التغيير للخطأ..؟!
    فهذا الموضوع -بعد هذه المقدمة- سيكون للإجابة على هذا السؤال
    وستكون الإجابة على مباحث كما قسمها المؤلف -حفظه الله-
    وهاهي العناوين
    -المبحث الأول: الهدوء وترك الإستعجال
    -المبحث الثاني: الرفق والرحمة
    -المبحث الثالث: الحكمة والموعظة الحسنة
    -المبحث الرابع: الحوار والإقناع
    -المبحث الخامس: التعريض والاكتفاء بالبيان العام
    -المبحث السادس: المدح والثناء
    مع العلم: أنني لن أكون مُلزما بالنقل الكامل لكل ما تحت المباحث.. لكني سأقوم بالإختصار -الغير مُخل إن شاء الله- مع التقديم والتأخير; كما فعلت في المقدمة
    والله أسأل أن يوفقنا وإياكم إلى تبليغ دينه على المُراد الذي يحب ويرضى
    وأن يجمعنا مع النبيّ محمد -عليه الصلاة والسلام- في الآخرة
    والحمد لله رب العالمين
    ..


    --------
    (1)رسالة لصاحبها محمد بن علي بن محمد يحيى الأخرش. طـ دار الصميعي.
    (2) بتصرف من الأساليب النبوية في التعامل مع أخطاء الناس للمنجد صـ 49. عن الرسالة
    (3)متفق عليه
    (4)انظر بتصرف: فيض القدير (2/166), والفتح (2/215). عن الرسالة
    (5)متفق عليه
    (6)شرح مسلم للنووي (2/118). عن الرسالة
    التعديل الأخير تم بواسطة *أمة الرحيم*; الساعة 02-02-2018, 09:55 PM.
    قال الشاطبي في الموافقات
    "المقصد الشرعي من وضع الشريعة إخراج المُكَلَّف عن داعية هواه, حتى يكون عبدًا لله اختيارا, كما هو عبد لله اضطرارًا"



  • #2
    رد: المنهاج النبوي في تصحيح أخطاء الفرد والجماعة ::متجدد وهام::

    المبحث الأول
    الهدوء وترك الإستعجال

    ...ويكفي أن سيد ولد آدم -عليه الصلاة والسلام- قد حذّر من التسرع والعجلة, وذمّ من يفعل هذا الفعل, وقد كان من فعله -عليه الصلاة والسلام- تجاه ترك العجلة والتسرع التحلي بالحلم وحُسن الأخلاق, حتى مع مخالفيه! مما أعطى مثلاً أعلى للدعاة, بل لعامة المسلمين أن تتصف أعمالهم بهذه الصفة; وهي: التأنّي والتثبت والهدوء وترك العجلة والتسرع
    ومن الأمور التي نأخذ منها الأمثلة على هذا الأمر من أخلاق النبي -عليه الصلاة والسلام- وتعامله مع الأحداث ما يلي:

    1- حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: لما كان يوم حنين آثر النبي -عليه الصلاة والسلام- أناساً من القسمة. فأعطى أناساً من أشراف العرب..., فقال رجل: والله إن هذه القسمة ما عدل فيها, وما أريد فيه وجه الله!,... قال: فتغيّر وجهه -عليه الصلاة والسلام- حتى كان كالصّرف ثم قال: "فمن يعدل إن لم يعدل الله ورسوله؟" قال: ثم قال "رحم الله موسى قد أوذي بأكثر من هذا فصبر" متفق عليه.

    في هذا الحديث دلالة على أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قد تعامل بهدوء بعد غضبه(1), ولم يعاقب ذلك الرجل القائل... حتى استأذن عمر وخالد النبي -عليه الصلاة والسلام- في قتله, فقال -عليه الصلاة والسلام-: معاذ الله أن يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه, فهذه هي العلة.. لكنه صبر استيفاءً لانقيادهم, وتأليفاً لغيرهم. شرح مسلم للنووي (2/129)
    والنبيّ -عليه الصلاة والسلام- لم يعاقبه على ذلك, فدّل ذلك على كمال حلمه -عليه الصلاة والسلام-, حيث التأليف بالعفو مكان الإنتقام من أهم الوسائل الدعوية.
    قال ابن حجر -رحمه الله- "وقد ارتكب الرجل المذكور إثماً عظيماً فلم يكن له حرمه, وفيه أن أهل الفضل قد يغضبهم ما يُقال فيهم مما ليس فيهم, ومع ذلك فيتلقون ذلك بالصبر والحلم كما صنع النبي -عليه الصلاة والسلام- إقتداءً بموسى عليه السلام. الفتح (10/529)

    إذن حلمُ النبي -عليه الصلاة والسلام- على ذلك الرجل وعدم تعجيله العقوبة له يدل دلالة عظيمة على الخلق العظيم الذي أوتيه -عليه الصلاة والسلام- وحلمه وصبره على من آذاه, وهدوئه في معالجة هذا الخطأ.

    2- قصة الأعرابي الذي جذب رداء النبي -عليه الصلاة والسلام- حتى أثَّر في عاتقه -عليه الصلاة والسلام-.
    حيث عفا عنه -عليه الصلاة والسلام- فلم يعاقبه وصفح عنه, فأزال ما في نفسه عليه, فضحك النبي -عليه الصلاة والسلام-.
    والنبي -عليه الصلاة والسلام- قد تألفه بالعفو مكان الانتقام, وذلك امتثالاً لقوله -عز وجل- "فاصفَحْ عَنْهُم وقُل سلامٌ فسوف يعلمون"

    3- حديث الأعرابي الذي بال في المسجد, حيث عامل النبي -عليه الصلاة والسلام- هذا الأعرابي باللين ومنع أصحابه من تعنيفه, ولم يؤنبه, ولم يسبّه, بل أدّبه وعلّمه برفق وهدوء.
    قال النووي -رحمه الله- "وفيه الرفق بالجاهل, وتعليمه ما يلزم من غير تعنيفٍ ولا إيذاء" شرح مسلم (1/525)

    4- حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: أُتي رسول الله -عليه الصلاة والسلام- بصبي فبال على ثوبه, فدعا بماء فأتبعه إياه" متفق عليه.
    وفي رواية "فلم يزد على أن نضح بالماء", فالرسول -عليه الصلاة والسلام- قد تعامل مع هذا الخطأ -غير المقصود-(2) من هذا الطفل بكل هدوء ورويّة وتأنٍّ, فهو عليه الصلاة والسلام لم يُعَنِّف هذا الطفل ولا أهله على هذا الفعل, ولم يستعجل ويقذفه جانباً عنه, بل لم يزد على أن دعا بالماء ونضح هذا البول.

    قال النووي -رحمه الله- "وفيه: الندب إلى حُسن المعاشرة واللين والتواضع والرفق بالصغار وغيرهم. واللين يتضمن عدم الإسراع بالمؤاخذة, وترك الاستعجال بالعقوبة"

    يقول الدكتور فضل إلهي "إن اللين يتضمن: لين الجانب, وحسن الخلق, وكثرة الإحتمال, وعدم الإسراع بالغضب والتعنيف إذا بدر من المسلمين خطأ"


    ------
    (1)فيه أن المرء قد يغضبه ما يُقال فيه مما ليس فيه, ومع ذلك يتلقى ذلك بالصبر والحلم كما صنع النبي -عليه الصلاة والسلام-.
    (2)فإن كثيراً مما يصنعه الكبار -أيضاً- من تصرفات خاطئة يكون عن غير قصد أيضاً, فحينها يَحسُن التحلي بنفس هدي النبي -عليه الصلاة والسلام- الذي تعامل به مع الصبي.
    قال الشاطبي في الموافقات
    "المقصد الشرعي من وضع الشريعة إخراج المُكَلَّف عن داعية هواه, حتى يكون عبدًا لله اختيارا, كما هو عبد لله اضطرارًا"


    تعليق


    • #3
      رد: المنهاج النبوي في تصحيح أخطاء الفرد والجماعة ::متجدد وهام::

      المبحث الثاني
      الرفق والرحمة

      وفيه تمهيد ومطلبان:
      المطلب الأول: الرفق.
      المطلب الثاني: الرحمة.

      تمهيد:

      لقد كان رسول الله -عليه الصلاة والسلام- من الرأفة والرحمة وترك التعّنت, وحب اليسر والرفق بالمُتعلم والحرص عليه, وبذل العلم والخير له في كل وقتٍ ومناسبة بالمكان الأسمى والخُلُقِ الأعلى
      فقد قال الله سبحانه وتعالى عنه
      " لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ " التوبة (128)
      والرفق والرحمة من أبرز خصائص المصطفى -عليه الصلاة والسلام-
      قال الله سبحانه وتعالى
      " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " الأنبياء (107)
      وقال -عليه الصلاة والسلام-
      " إنِّي لم أُبعث لعاناً, وإنما بُعِثتُ رحمة " مُسلم
      قال الشاطبي في الموافقات
      "المقصد الشرعي من وضع الشريعة إخراج المُكَلَّف عن داعية هواه, حتى يكون عبدًا لله اختيارا, كما هو عبد لله اضطرارًا"


      تعليق


      • #4
        رد: المنهاج النبوي في تصحيح أخطاء الفرد والجماعة ::متجدد وهام::

        المطلب الأول
        الرفق

        الرفق في الإصطلاح: فهو كما قال ابن حجر -رحمه الله- "... هو لين الجانب بالقول والفعل والأخذ بالأسهل وهو ضد العنف"

        وقد ورد لفظ الرفق وما تفرع عنه في القرآن الكريم, فمن ذلك:
        قال الله
        " وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقاً " النساء (69)
        قال القرطبي "... والرفق: لين الجانب, وسُمِّي الصاحب رفيقاً لارتفاقك بصحبته, ومنه الرُفقة, ولارتفاق بعضهم ببعض"

        وأما الأحاديث بشأن الرفق فهي كثيرة, سواءً ما كان منها بالقول أو ماكان بالفعل الصادر من المُعلم الأول -عليه الصلاة والسلام- ومن ذلك:

        1-أن الله اتصف بالرفق, وأنه سبحانه يُحبُّه, كما في حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -عليه الصلاة والسلام- "إن الله رفيق يُحب الرِّفق, ويُعطي على الرفق مالا يُعطي على العنف, ومالا يُعطي على سواه" مُسلم.
        قال النووي بعد أن سرد أحاديث في الرفق "وفي هذه الأحاديث فضل الرفق والحث على التخلّق, وذم العنف, والرفق سبب كل خير, ومعنى يُعطي على الرفق: أي يُثيب عليه مالا يثيب على غيره" شرحه لمسلم (6/112)

        2- والرفق سبب الخير, والحرمان من الرفق حرمان من الخير, فعن جرير بن عبد الله قال: قال رسول الله -عليه الصلاة والسلام- " من حُرم الرفق حُرم الخير, أو من يُحرم الرفق يُحرم الخير " مُسلم.

        3- والرفق لا يدخل في شئ إلا زانه, ولا يُنزع من شئ إلا شانه,
        كما جاء في حديث عائشة -رضي الله عنها- عن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال " إن الرفق لا يكون في شئ إلا زانه, ولا يُنزع من شئ إلا شانه " مُسلم.

        وأما الأحاديث الدالة على موضوعنا, وهو تصحيح الأخطاء بمنهج النبي -عليه الصلاة والسلام-...
        تأتي المشاركة القادمة إن شاء الله

        رابط ذات صلة بالموضوع
        ياعباد الله :: إن من صفات الداعية اللين والرفق ::

        والحمد لله
        ..
        قال الشاطبي في الموافقات
        "المقصد الشرعي من وضع الشريعة إخراج المُكَلَّف عن داعية هواه, حتى يكون عبدًا لله اختيارا, كما هو عبد لله اضطرارًا"


        تعليق


        • #5
          رد: المنهاج النبوي في تصحيح أخطاء الفرد والجماعة ::متجدد وهام::

          الأحاديث الدالة على موضوعنا, وهو تصحيح الأخطاء بمنهج النبي -عليه الصلاة والسلام-, ومن هذا المنهج الرفق, فهي كثيرة; ومن ذلك:

          1- ما رواه البخاري عن عروة بن الزبير "أن عائشة رضي الله عنها زوج النبي -عليه الصلاة والسلام- قالت: دخل رهط من اليهود على رسول الله -عليه الصلاة والسلام- فقالوا: السّام عليكم.
          قالت عائشة: ففهمتها فقلتُ: وعليكم السّام واللعنة. قالت: فقال رسول الله -عليه الصلاة والسلام-: مهلاً يا عائشة!, إن الله يُحب الرفق في الأمر كله. فقلت: يارسول الله, أوَلم تسمع ما قالوا؟ قال رسول الله -عليه الصلاة والسلام- : قد قلت وعليكم "
          ففي هذا الحديث أن هؤلاء الرّهط من اليهود دعوا على الرسول -عليه الصلاة والسلام- بقولهم: السّام عليكم: أي الموت العاجل, ففهمت ذلك عائشة فردّت عليهم وزادت اللعنة لهم "فأراد النبيِّ -عليه الصلاة والسلام- أن لا يتعوَّدَ لسانها الفُحش, أو أنكر عليها الإفارط في السّب" اهـ لابن حجر
          وذلك غاية الرفق منه -عليه الصلاة والسلام- حتى مع مخالفيه, ومن يَدعون عليه بالموت العاجل!; فهو -عليه الصلاة والسلام- "لم يقابل قولهم القبيح ومقصدهم الفاسد بالعنف"

          2- حديث المسيئ صلاته, فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- دخل المسجد, فدخل رجل فصلى فسلّم على النبي -عليه الصلاة والسلام- فردّ وقال "ارجع فصلِّ فإنك لم تصلِّ" فرجع يصلي كما صلى, ثم جاء فسلم على النبي -عليه الصلاة والسلام-, فقال "ارجع فصلِّ فإنك لم تصلِّ"(ثلاثا) فقال: والذي بعثك بالحقِّ ما أحسن غيره, فعلِّمني.
          فقال -عليه الصلاة والسلام- " إذا قمتَ إلى الصلاة فكبِّر, ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن, ثم اركع حتى تطمئن راكعا, ثم ارفع حتى تعتدل قائما, ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً, ثم ارفع حتى تطئمن جالساً, وافعل ذلك في صلاتك كلها" متفق عليه.
          قال ابن حجر -رحمه الله- "وفيه حُسن التعليم بغير تعنيف... وفيه: حُسن خلُقه -عليه الصلاة والسلام- ولطف معاشرته" الفتح (2/327)

          فهذا الحديث يؤكد بيان حرصه -عليه الصلاة والسلام- وشفقته, وسعة صدره, على تعليم أصحابه ما ينفعهم, وتفهيمهم مالم يفهموه.
          ومن ذلك تصحيح هذا الخطأ من هذا الرجل يكل رفق ولين, وهذا يدل على حُسن خُلُقه ولطف معاشرته.

          3- قصة الأعرابي الذي بال في المسجد, وأغلب من شرح هذا الحديث أورد فيه الرفق وحُسن تعامل النبي -عليه الصلاة والسلام- معه وتصحيحه لخطئه.

          ومما سبق -باختصار- يتضح أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان رفيقاً بأصحابه, واسع الصدر أثناء تصحيح الأخطاء العادية منهم, فهو -عليه الصلاة والسلام- قد أرشدهم إلى الأخطاء وصحّحها لهم, وعلمهم كيفية الفعل الصحيح بدل الخطأ الذي ارتكبوه, وذلك بالرفق واللين في القول والفعل,
          ولذلك أثَّر عليهم هذا التعامل, بأن بدرت منهم أقوال عبّروا فيها عن تقديرهم للنبي الكريم -عليه الصلاة والسلام- وحبهم له ورغبتهم في السير على ما وجَّهَهُم له -عليه الصلاة والسلام-

          فهذا كان نهج النبيّ في التعامل مع المُخالف والصحابيّ, فتَمَثَّلوا به ياعبادَ الرب العليّ

          وفقني الله وإياكم إلى أحسن الخُلُق, فإنه لا يهدي لها إلا هو -سبحانه-
          والحمد لله رب العالمين

          يُتبع مع المطلب الثاني
          الرحمة
          ..
          قال الشاطبي في الموافقات
          "المقصد الشرعي من وضع الشريعة إخراج المُكَلَّف عن داعية هواه, حتى يكون عبدًا لله اختيارا, كما هو عبد لله اضطرارًا"


          تعليق


          • #6
            رد: المنهاج النبوي في تصحيح أخطاء الفرد والجماعة ::متجدد وهام::

            المطلب الثاني:
            الرحمة

            والرحمة لغة: الرِّقة والمغفرة والتعطّف(1)

            زفي مفردات ألفاظ القرآن "والرحمة: رقَّة تقتضي الإحسان إلى المرحموم, وقد تُستعمل تارة في الرقة المجردة, وتارة في الإحسان المجرد عن الرّقة, نحو رحم الله فلاناً"(2)

            فالرحمة من أخلاق الإسلام التي أمر الله بها, بل إنه سبحانه اتصف بها "كَتَبَ ربُّكُمْ على نَفْسِهِ الرحمة"
            وقال أيضاً "ورحمتي وسعت كل شئ"
            فقد وردت الرحمة في القرآن والسنة كثيراً
            فمن السنة:
            1- عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال "من لا يَرحم لا يُرحَم" البخاري.

            فالرحمة أمر فطري في البشر; بل في البهائم, وخي من الأخلاق المأمور بها
            حتى لقد رحم -عليه الصلاة والسلام- الجمادات, كما ورد عنه رحمته للجذع الذي حنَّ لفراقه -عليه الصلاة والسلام-, حيث لما سمع النبي -عليه الصلاة والسلام- حنين جذع النخلة نزل من على منبره وضمّه إليه وسكَّن من روعه

            أما بالنسبة لتصحيح الأخطاء بهذا الخُلُق العظيم منه -عليه الصلاة والسلام- فمن ذلك:

            1- حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال "دخل النبي -عليه الصلاة والسلام- فإذا حبل ممدود بين الساريتين فقال "ما هذا الحبل؟" قالوا: هذا حبل لزينب, فإذا فترت تعلقت. فقال النبي -عليه الصلاة والسلام- "لا. حُلّوه, لُيصلِّ أحدكم نشاطه, فإذا فتر فليقعد" البخاري.
            ففي هذا الحديث رحمته -عليه الصلاة والسلام- بهذه المرأة وبأمته كذلك, حيث لم يكلفهم ما يجهدهم, ويسقّ عليهم.

            2- حديث عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال: قال لي النبي -عليه الصلاة والسلام- "إنك لتصوم الدهو وتقوم الليل.." وفيه "صُم يوماً وأفطر يوماً" وفيه كذلك "فإنك إن فعلت ذلك هججَمَت عينك(3) ونَفَهَت نفسك(4), وإن لنفسك عليك حقاً" متفق عليه.
            فالنبي -عليه الصلاة والسلام- أشفق على ابن عمرو ورحمه وأرشده إلى الصواب من هذا الفعل,
            وفيه تصحيح للخطأ الذي وقع فيه هذا الصحابي الجليل, قال النووي -رحمه الله- "وحاصل الحديث بيان رفق رسول الله -عليه الصلاة والسلام- بأمّته, وشفقته عليهم, وإرشادهم إلى مصالحهم, وحثهم على ما يُطيقون الدوام عليه" شرح مُسلم (3/225)
            وقد قال ابن حجر مثل هذا الكلام في الفتح (4/265).

            فالداعية المُخلص هو الذي تدفعه الشفقة والرحمة على المدعوين, والخوف عليهم من عاقبة ذلك الخطأ إلى ملاحظتهم وتصحيح أخطائهم,
            وهذا ما فعله إمام الدعاة وقدوة المربيين محمد -عليه الصلاة والسلام-... وقد احتل رسول الله -عليه الصلاة والسلام- بهذا الخُلُق -الرحمة- المكانة العظيمة في قلوب أصحابه, حتى فَدَوَهُ بالأموال والآباء والبنين, بل تعدَّى ذلك الفداء بأنفسهم رضوان الله عليهم, وما ذلك إلا لأنه -عليه الصلاة والسلام- كان رحيماً شفيقاً بهم ولم يكن فاحشاً ولا مُفحشاً ولا صخّاباً ولا عنيفاً, قال سبحانه وتعالى عنه {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ }آل عمران159

            3- حديث الرجل الذي أصاب أهله في نهار رمضان وجاء إلى رسول الله -عليه الصلاة والسلام- يستفتيه, وفيه : أنه لم يجد ما يُعتق به ولا يستطيع الصيام, ولا يجد ما يُطعم به, فلما جاء بعض الطعام إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- أمره أن يتصدق به فأخبره النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه لا يجد أفقر من أهل بيته في المدينة, فضحك النبي -عليه الصلاة والسلام-, ورحمه ثم قال له: أطعم أهلك
            وهذا في حال من ندم على خطئه واشتدَّ أسفه.


            ------
            (1)القاموس المُحيط مادة (رحم) صـ 1436
            (2)مفردات ألفاظ القرآن للراغب الأصفهاني صـ 347
            (3)هجمت عينك: غارت وضعفت لكثرة السهر (فتح الباري)(النووي)
            (4)نفهت نفسك: كلَّت (الفتح) وقيل ضَعُفَت (النووي)
            قال الشاطبي في الموافقات
            "المقصد الشرعي من وضع الشريعة إخراج المُكَلَّف عن داعية هواه, حتى يكون عبدًا لله اختيارا, كما هو عبد لله اضطرارًا"


            تعليق


            • #7
              رد: المنهاج النبوي في تصحيح أخطاء الفرد والجماعة ::متجدد وهام::

              المبحث الثالث:
              الحكمة والموعظة الحسنة

              وفيه تمهيد ومطلبان:
              المطلب الأول: الحكمة.
              المطلب الثاني: الموعظة الحسنة.

              تمهيد
              والعمدة في موضوع الحكمة والموعظة الحسنة هو قول الباري -عز وجل-
              " ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ "
              فالدعوة بالحكمة, والكلام بالموعظة الحسنة مع المُخاطب, والنظر في أحوال الناس لتوصيل الدعوة, وإزاله ما يتعلق بهم من أخطاء وتصحيحها هو المنهج الأمثل, والأسلوب الأحسن لاستجابة ذلك المُخاطب, ولاستمالة قلبه وللتأثير عليه
              والطريقة التي يخاطبهم بها, والتنوع في هذه الطريقة حسب مقتضايتها, فلا تستبدَّ به الحماسة, والإندفاع والغيرة, فيتجاوز الحكمة في هذا كله
              فعليك بالموعظة الحسنة التي تدخل إلى القلوب برفق, وتتعمَّق المشاعر بلطف, لا بالزجر في غير موجب!, ولا بفضح الأخطاء التي قد تقع عن جهل, أو حسن نيّة
              فإن الرفق في الموعظة كثيراً ما يهدي القلوب الشاردة, ويؤلف القلوب النافرة, ويأتي بخير من الزجر والتأنيب والتوبيخ.
              قال الشاطبي في الموافقات
              "المقصد الشرعي من وضع الشريعة إخراج المُكَلَّف عن داعية هواه, حتى يكون عبدًا لله اختيارا, كما هو عبد لله اضطرارًا"


              تعليق


              • #8
                رد: المنهاج النبوي في تصحيح أخطاء الفرد والجماعة ::متجدد وهام::

                المطلب الأول:
                الحكمة


                الحكمة في الاصطلاح... قيل فيها أقوال كثيرة, ورجَّح صاحب كتاب : الحكمة في الدعوة إلى الله أن التعريف الشامل لها هو " الإصابة في الأقوال والأفعال, ووضع كل شئ في موضعه " , والنبي -عليه الصلاة والسلام- كان من أحكم الخلق, يضع الشئ في موضعه, ولذا تآلفت عليه القلوب, وتواطأت الأفئدة على محبته, وتواترت الأقوال مدحه -عليه الصلاة والسلام-
                ومن تتبع سيرة النبي -عليه الصلاة والسلام- وأقواله وأفعاله, وجد أنه كان ملازماً للحكمة في جميع أموره وتصرفاته, كيف لا وقد أُفرغت الحكمة في صدره -عليه الصلاة والسلام- كما ورد في الحديث المتفق عليه من حديث أبي ذر -رضي الله عنه- حيث كان يحدّث أن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- قال " فُرج سقف بيتي وأنا بمكة فنزل جبريل عليه السلام فشق صدري ثم غسله من ماء زمزم, ثم جاء بطست من ذهب ممتلئاً حكمة وإيماناً فأفرغها في صدري "

                -وللحكمة أركان ثلاثة وهي:
                1-العلم 2-الحلم 3-الأناة

                وكلها قد وردت بها الأحاديث والمواقف منه -عليه الصلاة والسلام-, والتي دلّت على بالغ حكمته, ومن ذلك:

                1- حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: تخلف عنا النبي -عليه الصلاة والسلام- في سفرة سافرناها, فأدركنا وقد أرهقتنا الصلاة ونحن نتوضأ, فجعلنا نمسح على أرجلنا, فنادى بأعلى صوته -عليه الصلاة والسلام- "ويل للأعقاب من النار" ثلاثاً
                ولعل الحكمة في هذا الحديث هي عدم تسميته المُخطئ بعينه, إذ ليس الجميع كلهم قد نسوا مسح أعقابهم -بالتأكيد-,
                فرسول الله -عليه الصلاة والسلام- في هذا الحديث كان يرى الذين أخطأوا في وضوئهم وقصَّروا, وعند انكاره عليهم لم يقل لهم يا فلان ويا فلان, بل قال -عليه الصلاة والسلام- "ويل للأعقاب من النار", وستر على المُخطئ منهم, فدلّ ذلك على حكمته -عليه الصلاة والسلام-.

                2-كذلك حكمته -عليه الصلاة والسلام- مع معاوية بن الحكم السُلمي الذي شمّت العاطس وهو في الصلاة
                فهذا الموقف من أعظم الحكم البارزة السامية التي أوتيها النبي -عليه الصلاة والسلام-, وقد ظهر ذلك في نفس ومشاعر معاوية -رضي الله عنه-, لأن النفس مجبولة على حب من أحسن إليها, ولهذا قال -رضي الله عنه- " ما رأيتُ معلماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه "
                وصدق القائل:
                أحْسِن إلى الناسِ تَسْتَعْبِدْ قلوبهم * فطالما استعبدَ الإحسانُ إنسانا

                3- حكمته -عليه الصلاة والسلام- مع الأعرابي الذي بال في المسجد حيث تعامل معه النبي -عليه الصلاة والسلام- بكل حكمة وحلم ورفق, مع أنه أتى بأمر عظيم -وهو البول في المسجد- استحق عليه الهمّ بالضرب والأذى من الصحابة الكرام,
                ومع ذلك تؤثِّر فيه هذه الحكمة النبوية, فيرفع عقيرته بقوله " اللهم ارحمني ومحمداً ولا ترحم معنا أحداً " إنها أعظم حكمة تصدر من أعظم الخلق -عليه الصلاة والسلام-.
                قال الشاطبي في الموافقات
                "المقصد الشرعي من وضع الشريعة إخراج المُكَلَّف عن داعية هواه, حتى يكون عبدًا لله اختيارا, كما هو عبد لله اضطرارًا"


                تعليق


                • #9
                  رد: المنهاج النبوي في تصحيح أخطاء الفرد والجماعة ::متجدد وهام::

                  من أروع مطالب الكتاب

                  المطلب الثاني:
                  الموعظة الحسنة

                  الموعظة في اللغة: كما جاء في القاموس المُحيط: وعظه, يعظه, وعظاً, وعظةً وموعظةً: ذكّره ما يليّن قلبه من الثواب والعقاب فاتّعظ. (القاموس مادة "وعَظَه صـ 903)

                  والموعظة في الاصطلاح هي: التذكير بالخير والحق على الوجه الذي يرق له القلب, ويبعث على العمل.

                  وقيل: هي الأمر والنهي المقرون بالترغيب والترهيب. (فتح القدير 3/230)
                  وأسلوب الوعظ هو من أنفع الأساليب التي يستخدمها المرء في التأثير على الغير.

                  ولأسلوب الوعظ أو الموعظة الحسنة صفات منها:

                  -النصح ومنه قوله سبحانه على لسان نوح " ولا ينفَعُكُم نُصْحِي إن أردْتُ أن أنصَحَ لكم إن كانَ الله يُريدُ أن يُغْوِيَكُم "

                  -ومنها التذكير, وأعظمه التذكير بيوم الحساب كما قال سبحانه وتعالى " ذلك يوعَظُ به من كانَ مِنكم يؤمِنُ بالله واليومِ الآخِر "

                  وقد كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يعظ أصحابه بالمواعظ الحسان, ويتخولهم بالموعظة, ويشدُّ أفئدتهم للانتباه له, وذلك امتثالاً لتوجيه الله له بذلك, حيث قال سبحانه " وعِظْهُم وَقُل لَّهُم في أنفُسِهِم قولاً بليغاً ", وقال الله سبحانه وتعالى "
                  ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ "
                  فكان النبي -عليه الصلاة والسلام- بعد هذا التوجيه يعظ أصحابه ومن ذلك:

                  -حديث العرباض بن سارية -رضي الله عنه- قال: صلى بنا رسول الله -عليه الصلاة والسلام- ذات يومٍ ثم أقبل علينا بوجهه, فوعظنا موعظة بليغة, ذرفت منها العيون, ووجلت منها القلوب..."
                  فانظر كيف فعلت موعظة النبي -عليه الصلاة والسلام- في قلوب سامعيه, حيث وجلت من موعظته قلوبهم, ودمعت لها أعينهم, وذلك لأنه وعظهم موعظة بليغة جعلت قلوبهم تتأثر ذلك التأثر...

                  -وكان النبي -عليه الصلاة والسلام- يتخوّل أصحابه بالموعظة كراهة السآمة, فعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يتخوّلنا بالموعظة في الأيام كراهية السآمة علينا..
                  قال ابن حجر تعليقاً على الحديث: وفيه رفق النبي -عليه الصلاة والسلام- بأصحابه(1), وحُسن التوصل إلى تعليمهم وتفهيمهم; ليأخذوا عن نشاط لا عن ضجر ولا ملل, ويُقتدى به في ذلك, فإن التعليم بالتدريج أخفُّ مؤنة, وأدعى إلى الثبات من أخذه بالكدِّ والمغالبة. (الفتح 11/232)

                  وقال العلامة الطيبي: المعنى أنه كان يتفقدنا بالموعظة في مظان القبول(2), ولا يُكثر علينا لئلا نسأم.

                  وهكذا كان رسول الله -عليه الصلاة والسلام- يعظ أصحابه, ويوجز في الموعظة ويتخولهم بها,
                  ومن تلك المواعظ ما استخدمه -عليه الصلاة والسلام- في تصحيح الأخطاء,
                  وقد كان هذا المنهج -منهج تصحيح الخطأ بالموعظة- من المناهج التي أثَّرت في الصحابة -رضوان الله عليهم- ووقرت في نفوسهم, وبالتالي انقادوا لها
                  ومن هذه المواقف ما يلي:

                  1- قصة أسامة بن زيد -رضي الله عنه- حين قتل الرجل الذي قال: لا إله إلا الله, فلما قدموا وبلغ النبي -عليه الصلاة والسلام- ما فعل أسامة
                  قال رسول الله -عليه الصلاة والسلام- "أقتلته؟" قال نعم
                  قال "فكيف تصنع بلا إله إلا الله إذ جاءت يوم القيامة؟"
                  قال: يارسول الله استغفر لي
                  قال "وكيف تصنع بلا إله إلا الله إذ جاءت يوم القيامة؟" ثلاثاً
                  علّق ابن حجر -رحمه الله- على هذا الحديث بقوله: قال ابن التِّين: وفي هذا اللوم تعليم وإبلاغ في الموعظة, حتى لا يقوم أحد على قتل من تلفظ بالتوحيد. (الفتح 12/203)

                  والنبي -عليه الصلاة والسلام- زجر أسامةوكرر عليه الإنكار لفداحة ما صنع, بل وزاده -عليه الصلاة والسلام- موعظة بليغة, حيث وعظه وذكّره باليوم الآخر, وأن ذلك اليوم تبلى فيه السرائر, ولا يخفى على الله فيه خافية!, فوعى أسامة هذ الدرس الكبير(3) حتّى تمنى أنه لم يُسلم إلا ذلك اليوم مخافة وقوعه في العذاب الشديد يوم القيامة.

                  قال ابن بطّال: كانت هذه القصة سبب حَلِفِ أسامة أن لا يقاتل مسلماً بعد ذلك, ومن ثم تخلف عن عليٍّ في الجمل وصِفِّين. (الفتح 12/204)

                  2- قصة أبي مسعود البدري -رضي الله عنه- حينما ضرب غلامه, واشتدَّ عليه في الضرب حتى أنه لم يسمع نداء النبي -عليه الصلاة والسلام- له من أول وهلة, ثم سمعه يقول له " اعلم أبا مسعود أن الله أقدر عليك منك على هذا الغلام " فقال أبو مسعود: يارسول الله هو حُرٌ لوجه الله, فقال -عليه الصلاة والسلام- " أما لو لم تفعل للفحتك النار, أو لمستك النار "

                  ففي هذا الحديث وعظُ النبي -عليه الصلاة والسلام- لأبي مسعود وتضكيره بالله تبارك وتعالى,
                  قال النووي -رحمه الله-: فيه الحثُّ على الرِّفق بالمملوك, والوعظ, والتنبيه على استعمال العفو, وكظم الغيظ, والحكم كما يحكم الله على عباده. (شرح مسلم 4/290)
                  فالنبي -عليه الصلاة والسلام- وعظه, وأبلغ في الموعظة بالتذكير بالله سبحانه وبقدرته على العبد.



                  -----
                  (1) ونحن لنا في رسولنا إسوة حسنة -عليه الصلاة والسلام-, فعلينا بالرفق مع مَن حولنا, والحرص على هدايتهم لا مُجرد تلقينهم الحجة فقط ولو كانت بغلظة!.
                  (2) وما أحلى هذا التأسي بالنبي في هذا الموطن, فبه تكون الفتوحات لفتح القلوب لرب البريات.
                  (3) وياليت شعري ليتنا نتعلمه نحن أيضاً ونتقي الله في أنفسنا وفي الخوض في المسلمين والعلماء بالسوء, فقد قال النبي -عليه الصلاة والسلام- "المُسلم من سلم المُسلمون من لسانه" والله المستعان.
                  قال الشاطبي في الموافقات
                  "المقصد الشرعي من وضع الشريعة إخراج المُكَلَّف عن داعية هواه, حتى يكون عبدًا لله اختيارا, كما هو عبد لله اضطرارًا"


                  تعليق


                  • #10
                    رد: المنهاج النبوي في تصحيح أخطاء الفرد والجماعة ::متجدد وهام::

                    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                    جزاكم الله خيراً وبارك الله فيكم
                    اللهم إن أبي وأمي و عمتي في ذمتك وحبل جوارك، فَقِهِم من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحق، اللهم اغفر لهما وارحمهما، فإنك أنت الغفور الرحيم.

                    تعليق


                    • #11
                      رد: المنهاج النبوي في تصحيح أخطاء الفرد والجماعة ::متجدد وهام::

                      جزاكم الله خيرًا وبارك الله فيكم
                      استغُفِركَ ربّي مِن كُل نية سيئة جَالت في صُدورنا
                      ومِن كُل عًمل سئ تَضيقُ به قبورنًا




                      تعليق


                      • #12
                        رد: المنهاج النبوي في تصحيح أخطاء الفرد والجماعة ::متجدد وهام::

                        جزاكم الله خيرا موضوع نافع جدا نرجوا ان ينتفع به الجميع واسمحوا لنا بتثبيته للاهمية

                        اسئلكم الدعاء ﻻخي بالشفاء العاجل وان يمده الله بالصحة والعمر الطويل والعمل الصالح

                        تعليق


                        • #13
                          رد: المنهاج النبوي في تصحيح أخطاء الفرد والجماعة ::متجدد وهام::

                          السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                          ماشاء الله آللهم بارك
                          جزيتم خير الجزاء وتقبل الله منكم صالح الأعمال
                          نسأل الله لنا ولكم الأخلاص والقبول

                          تعليق


                          • #14
                            رد: المنهاج النبوي في تصحيح أخطاء الفرد والجماعة ::متجدد وهام::


                            ( من شكر الله بقلبه ولسانه وعمله فليبشر بالمزيد ،

                            ومن قابل النعم بالغفلة والمعاصي فالعقاب شديد .
                            )

                            تعليق


                            • #15
                              رد: المنهاج النبوي في تصحيح أخطاء الفرد والجماعة ::متجدد وهام::

                              الموضوع مفيد جداااااااااااااااااااااااااااااااااا
                              جزاك الله كل خير

                              تعليق

                              يعمل...
                              X