السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و على آله و صحبه و من والاه . أما بعد:
فالترف آفة من أعظم الآفات التي تصيب الأفراد والدول و الجماعات ، و هو عبارة عن نعمة تورث طغياناً أو كفراً و يصاحبها البطر و الظلم ،فإن فعلوا ذلك أحلوا بأنفسهم سخط الله وعقوبته: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) (إبراهيم:7)
الاستدراج بالنعم:
والنعمة تنقلب إلى نقمة في حق البعض بسبب عدم تأدية شكرها ، قال تعالى:
( سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ )" سورة الأعراف : 183 " قال العلماء : يسبغ عليهم نعمه و يمنعهم شكرها ، و قالوا أيضا : كلما أحدثوا ذنباً أحدث لهم نعمة فيزدادون بها أشراً
و بطراً و غروراً و كبراً حتى ينسوا ربهم و دينهم و أنفسهم:
( وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ )" سورة يس : 78 – 79 "
إن المال و السلطان و الجاه و الصحة و القوة من نعم الله على الخلق و العباد ،و بدلاً من أن نزداد بها طاعة و عبودية لخالق الأرض و السماوات ، تستخدم أحياناً في مبارزة الله بالحرب:
( كَلا إِنَّ الإنسَانَ لَيَطْغَى. أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى. إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى )" سورة العلق : 6 – 8 ".
الترف مذموم:
لم يذكر الترف في كتاب الله تعالى إلا في موضع الذم ، فقد ذكر القرآن أن المترفين كانوا أول من كفر بدعوات الأنبياء والمرسلين:( وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ . وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالاً وَأَوْلاداً وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ) (سـبأ:34ـ35).
و قال تعالى :( وَقَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاء الآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ ) " سورة المؤمنون : 33 " و الملأ هم الأشراف و القادة و الرؤساء الذين أنكروا البعث و الحساب ، وسع عليهم سبحانه نعم الدنيا حتى بطروا و صاروا يؤتون بالترفه و كان منهم الإعراض عن دعوة الأنبياء و المرسلين .
عذاب المترفين:
و في نفس السورة يقول جل و علا: ( حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِم بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ لَا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُم مِّنَّا لَا تُنصَرُونَ ) " سورة المؤمنون : 64 – 65 " يعني حتى إذا جاء مترفيهم عذاب الله و بأسه و نقمته بهم إذا هم يجأرون أي يصرخون و يستغيثون كما قال تعالى:(وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلا. إِنَّ لَدَيْنَا أَنكَالا وَجَحِيمًا ) " سورة المزمل : 11 – 12 " و قوله: ( لا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُم مِّنَّا لَا تُنصَرُونَ )" سورة المؤمنون : 65 " أي لا يجيركم أحد مما حل بكم سواء جأرتم أو سكتم لا مناص ولا وزر لزم الأمر ووجب العذاب، ثم ذكر أكبر ذنوبهم فقال:( قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنكِصُون ) " سورة المؤمنون : 66 " أي إذا دعيتم أبيتم و إن طلبتم امتنعتم.
معنى العذاب في الآية:
وقد فسر العذاب في قوله تعالى:( حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِم بِالْعَذَابِ )" سورة المؤمنون : 64 " بحصدهم بالسيف يوم بدر قاله ابن عباس ، و قال الضحاك يعني بالجوع حين قال النبي صلى الله عليه و سلم: " اللهم اشدد وطأتك على مضر، اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف " فابتلاهم الله بالقحط و الجوع حتى أكلوا العظام و الميتة و الكلاب و الجيف، و هلك الأموال و الأولاد ،
و قد قتل يوم بدر بعض صناديد قريش كأبي جهل و عتبة بن ربيعه و شيبة بن ربيعه ، و قد كان لقريش مكانة كبيرة وسط العرب ، و قد ناصبت النبي صلى الله عليه و سلم العداء و كان لسادتها و أشرافها الحظ الأكبر من الصد عن سبيل الله .
و بلغ بهم الأمر أن قالوا : نحن أهل الحرم ؛ فلا نخاف، واعتقدوا أن لهم أعظم الحقوق على الناس، فاستكبروا و ليس الاستكبار من الحق ، كما أحدث لهم سماع الآيات كبراً و طغياناً .
و قال تعالى :(َكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُم مِّنْهَا يَرْكُضُونَ لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ فَمَا زَالَت تِّلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ )" سورة الأنبياء : 11 – 15
" و المقصود مدائن كانت باليمن قتلوا أنبياءهم فسلط عليهم بختنصر فقتل و سبى ، و هذا توبيخ و تقريع لهم " لا تركضوا " أي لا تفروا " وارجعوا إلى ما أترفتم فيه و مساكنكم " أي إلى نعمكم التي كانت سبب بطركم ، و إنما أترفهم الله عز و جل كما قال ( وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا )" سورة المؤمنون : 33 " لعلكم تسألون عما نزل بكم من العقوبة فتخبرون به ، أو أن تؤمنوا كما كنتم تسألون ذلك قبل نزول البأس بكم قيل لهم ذلك استهزاء و توبيخاً .
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و على آله و صحبه و من والاه . أما بعد:
فالترف آفة من أعظم الآفات التي تصيب الأفراد والدول و الجماعات ، و هو عبارة عن نعمة تورث طغياناً أو كفراً و يصاحبها البطر و الظلم ،فإن فعلوا ذلك أحلوا بأنفسهم سخط الله وعقوبته: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) (إبراهيم:7)
الاستدراج بالنعم:
والنعمة تنقلب إلى نقمة في حق البعض بسبب عدم تأدية شكرها ، قال تعالى:
( سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ )" سورة الأعراف : 183 " قال العلماء : يسبغ عليهم نعمه و يمنعهم شكرها ، و قالوا أيضا : كلما أحدثوا ذنباً أحدث لهم نعمة فيزدادون بها أشراً
و بطراً و غروراً و كبراً حتى ينسوا ربهم و دينهم و أنفسهم:
( وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ )" سورة يس : 78 – 79 "
إن المال و السلطان و الجاه و الصحة و القوة من نعم الله على الخلق و العباد ،و بدلاً من أن نزداد بها طاعة و عبودية لخالق الأرض و السماوات ، تستخدم أحياناً في مبارزة الله بالحرب:
( كَلا إِنَّ الإنسَانَ لَيَطْغَى. أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى. إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى )" سورة العلق : 6 – 8 ".
الترف مذموم:
لم يذكر الترف في كتاب الله تعالى إلا في موضع الذم ، فقد ذكر القرآن أن المترفين كانوا أول من كفر بدعوات الأنبياء والمرسلين:( وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ . وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالاً وَأَوْلاداً وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ) (سـبأ:34ـ35).
و قال تعالى :( وَقَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاء الآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ ) " سورة المؤمنون : 33 " و الملأ هم الأشراف و القادة و الرؤساء الذين أنكروا البعث و الحساب ، وسع عليهم سبحانه نعم الدنيا حتى بطروا و صاروا يؤتون بالترفه و كان منهم الإعراض عن دعوة الأنبياء و المرسلين .
عذاب المترفين:
و في نفس السورة يقول جل و علا: ( حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِم بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ لَا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُم مِّنَّا لَا تُنصَرُونَ ) " سورة المؤمنون : 64 – 65 " يعني حتى إذا جاء مترفيهم عذاب الله و بأسه و نقمته بهم إذا هم يجأرون أي يصرخون و يستغيثون كما قال تعالى:(وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلا. إِنَّ لَدَيْنَا أَنكَالا وَجَحِيمًا ) " سورة المزمل : 11 – 12 " و قوله: ( لا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُم مِّنَّا لَا تُنصَرُونَ )" سورة المؤمنون : 65 " أي لا يجيركم أحد مما حل بكم سواء جأرتم أو سكتم لا مناص ولا وزر لزم الأمر ووجب العذاب، ثم ذكر أكبر ذنوبهم فقال:( قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنكِصُون ) " سورة المؤمنون : 66 " أي إذا دعيتم أبيتم و إن طلبتم امتنعتم.
معنى العذاب في الآية:
وقد فسر العذاب في قوله تعالى:( حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِم بِالْعَذَابِ )" سورة المؤمنون : 64 " بحصدهم بالسيف يوم بدر قاله ابن عباس ، و قال الضحاك يعني بالجوع حين قال النبي صلى الله عليه و سلم: " اللهم اشدد وطأتك على مضر، اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف " فابتلاهم الله بالقحط و الجوع حتى أكلوا العظام و الميتة و الكلاب و الجيف، و هلك الأموال و الأولاد ،
و قد قتل يوم بدر بعض صناديد قريش كأبي جهل و عتبة بن ربيعه و شيبة بن ربيعه ، و قد كان لقريش مكانة كبيرة وسط العرب ، و قد ناصبت النبي صلى الله عليه و سلم العداء و كان لسادتها و أشرافها الحظ الأكبر من الصد عن سبيل الله .
و بلغ بهم الأمر أن قالوا : نحن أهل الحرم ؛ فلا نخاف، واعتقدوا أن لهم أعظم الحقوق على الناس، فاستكبروا و ليس الاستكبار من الحق ، كما أحدث لهم سماع الآيات كبراً و طغياناً .
و قال تعالى :(َكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُم مِّنْهَا يَرْكُضُونَ لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ فَمَا زَالَت تِّلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ )" سورة الأنبياء : 11 – 15
" و المقصود مدائن كانت باليمن قتلوا أنبياءهم فسلط عليهم بختنصر فقتل و سبى ، و هذا توبيخ و تقريع لهم " لا تركضوا " أي لا تفروا " وارجعوا إلى ما أترفتم فيه و مساكنكم " أي إلى نعمكم التي كانت سبب بطركم ، و إنما أترفهم الله عز و جل كما قال ( وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا )" سورة المؤمنون : 33 " لعلكم تسألون عما نزل بكم من العقوبة فتخبرون به ، أو أن تؤمنوا كما كنتم تسألون ذلك قبل نزول البأس بكم قيل لهم ذلك استهزاء و توبيخاً .
تعليق