السلام عليكم
فائدة
رأيت للسهيلي فصلاً حسناً في اشتقاق الفعل من المصدر هذا لفظه . قال : فائدة اشتقاق الفعل من المصدر . إن المصدر اسم كسائر الأسماء يخبر عنه ، كما يخبر عنها . كقولك : أعجبني خروج زيد ، فإذا ذكر المصدر وأخبر عنه كان الاسم الذي هو الفاعل له مجروراً بالإضافة ، والمضاف إليه تابع للمضاف ، فإذا أرادوا أن يخبروا عن الاسم الفاعل للمصدر لم يكن الإخبار عنه وهو مخفوض تابع في اللفظ لغيره ، وحق المخبر عنه أن يكون مرفوعاً مبدوءاً به فلم يبق إلا أن يدخلوا عليه حرفاً يدل على أنه مخبر عنه ، كما تدل الحروف على معاني في الأسماء . وهذا لو فعلوه لكان الحرف حاجزاً بينه وبين الحدث في اللفظ . والحدث يستحيل انفصاله عن فاعله كما يستحيل انفصال الحركة عن محلها . فوجب أن يكون اللفظ غير منفصل ، لأنه تابع للمعنى فلم يبق إلا أن يشتق من لفظ الحدث لفظ يكون كالحرف في النيابة عنه دالاً على معنى في غيره ، ويكون متصلاً اتصال المضاف بالمضاف إليه وهو الفعل المشتق من لفظ الحدث ، فإنه يدل على الحدث بالتضمن ويدل على الاسم مخبراً عنه لا مضافاً إليه ، إذ يستحيل إضافة لفظ الفعل إلى الاسم كاستحالة إضافة الحرف ، لأن المضاف هو الشيء بعينه .
والفعل ليس هو الشيء بعينه ولا يدل على معنى في نفسه ، وإنما يدل على معنى في الفاعل وهو كونه مخبراً عنه فإن قلت : كيف لا يدل على معنى في نفسه وهو يدل على الحدث . قلنا : إنما يدل على الحدث بالتضمن . والدال عليه بالمطابقة هو الضرب والقتل لا ضرب وقتل ، ومن ثم وجب أن لا يضاف ولا يعرف بشيء من آلات التعريف ، إذ التعريف يتعلق بالشيء بعينه لا بلفظ يدل على معنى في غيره ، ومن ثم وجب أن لا يثنى ولا يجمع كالحرف ، ومن ثم وجب أن يبنى كالحرف ، ومن ثم وجب أن يكون عاملاً في الاسم كالحرف كما أن الحرف لما دل على معنى في غيره وجب أن يكون له أثر في لفظ ذلك الغير . كما له أثر في معناه ، وإنما أعرب المستقبل ذو الزوائد لأنه تضمن معنى الاسم إذ الهمزة تدل على المتكلم والتاء على المخاطب والياء على الغالب .
فلما تضمن بها معنى الاسم ضارعه فاعرب . كما أن الاسم إذا تضمن معنى الحرف بني . وأما الماضي والأمر فإنهما وإن تضمنا معنى الحدث وهو اسم فما شار كافيه الحرف من الدلالة على معنى في غيره وهي حقيقة الحرف أوجب بناءهما حتى إذا ضارع الفعل الاسم من وجه آخر غير التضمن للحدث خرج عن مضارعة الحرف وكان أقرب شبهاً بالأسماء كما تقدم . ولما قدمناه من دلالة الفعل على معنى في الاسم وهو كون الاسم مخبراً عنه وجب أن لا يخلو عن ذلك الاسم مضمراً أو مظهراً بخلاف الحدث ، فإنك تذكره ولا تذكر الفاعل مضمراً ولا مظهراً نحو قوله تعالى : أو إطعام في يوم ذي مسغبة * يتيما ذا مقربة [ البلد : 14 ] ، وقوله : وأقام الصلاة [ البقرة : 177 ] ، [ التوبة : 18 ] ، والفعل لا بد من ذكر الفاعل بعده كما لا بد بعد الحرف من الاسم . فإذا ثبت المعنى في اشتقاق الفعل من المصدر وهو كونه دالاً على معنى في الاسم ، فلا يحتاج من الأفعال الثلاثة إلا إلى صيغة واحدة . وتلك الصيغة هي لفظ الماضى لأنه أخف وأشبه بلفظ الحدث إلا أن تقوم الدلالة على اختلاف أحوال المحدث فتختلف صيغة الفعل . ألا ترى كيف تختلف صيغته بعد ما الظرفية من قولهم : لا أفعله ما لاح برق وما طار طائر لأنهم يريدون الحدث مخبراً . عنه على الإطلاق من غير تعرض لزمن ولا حال من أحوال الحدث ، فاقتصروا على صيغة واحدة وهي أخف أبنية الفعل . وكذلك فعلوا بعد التسوية نحو قوله : سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم [ البقرة : 6 ] ، وقوله : أدعوتموهم أم أنتم صامتون [ الأعراف : 193 ] ، لأنه أراد التسوية بين الدعاء والصمت على الإطلاق من غير تقييد بوقت ولا حال ، فلذلك لم يحتج إلا إلى صيغة واحدة وهي صيغة الماضي كما سبق . فالحدث إذاً على ثلاثة أضرب . ضرب يحتاج إلى الإخبار عن فاعله وإلى اختلاف أحوال الحدث ، فيشتق منه الفعل دلالة على كون الفاعل مخبراً عنه ، وتختلف أبنية دلالته على اختلاف أحوال الحدث . وضرب يحتاج إلى الإخبار عن فاعله على الإطلاق من غير تقييد بوقت ولا حال فيشتق منه الفعل ولا تختلف أبنية نحو ما ذكرناه من الفعل الواقع بعد التسوية وبعد ما الظرفية .
وضرب لا يحتاج إلى الإخبار عن فاعله بل يحتاج إلى ذكره خاصة على الإطلاق مضافاً إلى ما بعده نحو سبحان الله [ يوسف : 108 ] . وسبحان اسم ينبىء عن العظمة والتنزيه فوقع القصد إلى ذكره مجرداً من التقييدات بالزمان أو بالأحوال ولذلك وجب نصبه . كما يجب نصب كل مقصود إليه بالذكر نحو إياك وويله وويحه وهما مصدران لم يشتق منهما فعل حيث لم يحتج إلى الإخبار عن فاعلهما ولا احتيج إلى تخصيصهما بزمن ، فحكمها حكم سبحان ونصبهما كنصبه ، لأنه مقصود إليه ومما انتصب لأنه مقصود إليه بالذكر زيداً ضربته في قول شيخنا أبي الحسن وغيره من النحويين ، وكذلك زيداً ضربت بلا ضمير لا نجعله مفعولاً مقدماً لأن المعمول لا يتقدم على عامله وهو مذهب قوي ، ولكن لا يبعد عندي قول النحويين أنه مفعول مقدم وإن كان المعمول لا يتقدم على العامل والفعل كالحرف ، لأنه عامل في الاسم ودال على معنى فيه فلا ينبغي للاسم أن يتقدم على الفعل كما لا يتقدم على الحرف ، ولكن الفعل في قولك زيداً ضربت قد أخذ معموله وهو الفاعل فمعتمده عليه ومن أجله صيغ . وأما المفعول فلم يبالوا به إذ ليس اعتماد الفعل عليه كاعتماده على الفاعل ، ألا ترى أنه يحذف والفاعل لا يحذف فليس تقديمه على الفعل العامل فيه بأبعد من حذفه . وأما زيداً ضربته فينتصب بالقصد إليه كما قال الشيخ : هذا الفصل من أعجب كلامه . ولم أعرف أحداً من النحويين سبقه إليه .
فائدة
قولهم للضرب ونحوه مصدر إن أريد بحروف مصدر . مصدر صدر يصدر مصدراً فهو يقوي قول الكوفيين : إن المصدر صادر عن الفعل مشتق منه والفعل أصله . وأصله على هذا صادر، ولكن توسعوا فيه كصوم وزوز وعلل في صائم وبابه . قال السهيلي : هو على جهة المكان استعارة كأنه الموضع الذي صدرت عنه الأفعال والأصل الذي نشأت منه ، قلت : وكأنه يعني مصدوراً عنه لا صادر عن غيره ، قال : ولا بد من المجاز على القولين : فالكوفي يحتاج أن يقول الأصل صادر ، فإذا قيل : مصدر قدر فيه حذف أي ذو مصدر ، كما يقدر في صوم وبابه . ونحن نسميه مصدر استعارة من المصدر الذي هو المكان .
فائدة
رأيت للسهيلي فصلاً حسناً في اشتقاق الفعل من المصدر هذا لفظه . قال : فائدة اشتقاق الفعل من المصدر . إن المصدر اسم كسائر الأسماء يخبر عنه ، كما يخبر عنها . كقولك : أعجبني خروج زيد ، فإذا ذكر المصدر وأخبر عنه كان الاسم الذي هو الفاعل له مجروراً بالإضافة ، والمضاف إليه تابع للمضاف ، فإذا أرادوا أن يخبروا عن الاسم الفاعل للمصدر لم يكن الإخبار عنه وهو مخفوض تابع في اللفظ لغيره ، وحق المخبر عنه أن يكون مرفوعاً مبدوءاً به فلم يبق إلا أن يدخلوا عليه حرفاً يدل على أنه مخبر عنه ، كما تدل الحروف على معاني في الأسماء . وهذا لو فعلوه لكان الحرف حاجزاً بينه وبين الحدث في اللفظ . والحدث يستحيل انفصاله عن فاعله كما يستحيل انفصال الحركة عن محلها . فوجب أن يكون اللفظ غير منفصل ، لأنه تابع للمعنى فلم يبق إلا أن يشتق من لفظ الحدث لفظ يكون كالحرف في النيابة عنه دالاً على معنى في غيره ، ويكون متصلاً اتصال المضاف بالمضاف إليه وهو الفعل المشتق من لفظ الحدث ، فإنه يدل على الحدث بالتضمن ويدل على الاسم مخبراً عنه لا مضافاً إليه ، إذ يستحيل إضافة لفظ الفعل إلى الاسم كاستحالة إضافة الحرف ، لأن المضاف هو الشيء بعينه .
والفعل ليس هو الشيء بعينه ولا يدل على معنى في نفسه ، وإنما يدل على معنى في الفاعل وهو كونه مخبراً عنه فإن قلت : كيف لا يدل على معنى في نفسه وهو يدل على الحدث . قلنا : إنما يدل على الحدث بالتضمن . والدال عليه بالمطابقة هو الضرب والقتل لا ضرب وقتل ، ومن ثم وجب أن لا يضاف ولا يعرف بشيء من آلات التعريف ، إذ التعريف يتعلق بالشيء بعينه لا بلفظ يدل على معنى في غيره ، ومن ثم وجب أن لا يثنى ولا يجمع كالحرف ، ومن ثم وجب أن يبنى كالحرف ، ومن ثم وجب أن يكون عاملاً في الاسم كالحرف كما أن الحرف لما دل على معنى في غيره وجب أن يكون له أثر في لفظ ذلك الغير . كما له أثر في معناه ، وإنما أعرب المستقبل ذو الزوائد لأنه تضمن معنى الاسم إذ الهمزة تدل على المتكلم والتاء على المخاطب والياء على الغالب .
فلما تضمن بها معنى الاسم ضارعه فاعرب . كما أن الاسم إذا تضمن معنى الحرف بني . وأما الماضي والأمر فإنهما وإن تضمنا معنى الحدث وهو اسم فما شار كافيه الحرف من الدلالة على معنى في غيره وهي حقيقة الحرف أوجب بناءهما حتى إذا ضارع الفعل الاسم من وجه آخر غير التضمن للحدث خرج عن مضارعة الحرف وكان أقرب شبهاً بالأسماء كما تقدم . ولما قدمناه من دلالة الفعل على معنى في الاسم وهو كون الاسم مخبراً عنه وجب أن لا يخلو عن ذلك الاسم مضمراً أو مظهراً بخلاف الحدث ، فإنك تذكره ولا تذكر الفاعل مضمراً ولا مظهراً نحو قوله تعالى : أو إطعام في يوم ذي مسغبة * يتيما ذا مقربة [ البلد : 14 ] ، وقوله : وأقام الصلاة [ البقرة : 177 ] ، [ التوبة : 18 ] ، والفعل لا بد من ذكر الفاعل بعده كما لا بد بعد الحرف من الاسم . فإذا ثبت المعنى في اشتقاق الفعل من المصدر وهو كونه دالاً على معنى في الاسم ، فلا يحتاج من الأفعال الثلاثة إلا إلى صيغة واحدة . وتلك الصيغة هي لفظ الماضى لأنه أخف وأشبه بلفظ الحدث إلا أن تقوم الدلالة على اختلاف أحوال المحدث فتختلف صيغة الفعل . ألا ترى كيف تختلف صيغته بعد ما الظرفية من قولهم : لا أفعله ما لاح برق وما طار طائر لأنهم يريدون الحدث مخبراً . عنه على الإطلاق من غير تعرض لزمن ولا حال من أحوال الحدث ، فاقتصروا على صيغة واحدة وهي أخف أبنية الفعل . وكذلك فعلوا بعد التسوية نحو قوله : سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم [ البقرة : 6 ] ، وقوله : أدعوتموهم أم أنتم صامتون [ الأعراف : 193 ] ، لأنه أراد التسوية بين الدعاء والصمت على الإطلاق من غير تقييد بوقت ولا حال ، فلذلك لم يحتج إلا إلى صيغة واحدة وهي صيغة الماضي كما سبق . فالحدث إذاً على ثلاثة أضرب . ضرب يحتاج إلى الإخبار عن فاعله وإلى اختلاف أحوال الحدث ، فيشتق منه الفعل دلالة على كون الفاعل مخبراً عنه ، وتختلف أبنية دلالته على اختلاف أحوال الحدث . وضرب يحتاج إلى الإخبار عن فاعله على الإطلاق من غير تقييد بوقت ولا حال فيشتق منه الفعل ولا تختلف أبنية نحو ما ذكرناه من الفعل الواقع بعد التسوية وبعد ما الظرفية .
وضرب لا يحتاج إلى الإخبار عن فاعله بل يحتاج إلى ذكره خاصة على الإطلاق مضافاً إلى ما بعده نحو سبحان الله [ يوسف : 108 ] . وسبحان اسم ينبىء عن العظمة والتنزيه فوقع القصد إلى ذكره مجرداً من التقييدات بالزمان أو بالأحوال ولذلك وجب نصبه . كما يجب نصب كل مقصود إليه بالذكر نحو إياك وويله وويحه وهما مصدران لم يشتق منهما فعل حيث لم يحتج إلى الإخبار عن فاعلهما ولا احتيج إلى تخصيصهما بزمن ، فحكمها حكم سبحان ونصبهما كنصبه ، لأنه مقصود إليه ومما انتصب لأنه مقصود إليه بالذكر زيداً ضربته في قول شيخنا أبي الحسن وغيره من النحويين ، وكذلك زيداً ضربت بلا ضمير لا نجعله مفعولاً مقدماً لأن المعمول لا يتقدم على عامله وهو مذهب قوي ، ولكن لا يبعد عندي قول النحويين أنه مفعول مقدم وإن كان المعمول لا يتقدم على العامل والفعل كالحرف ، لأنه عامل في الاسم ودال على معنى فيه فلا ينبغي للاسم أن يتقدم على الفعل كما لا يتقدم على الحرف ، ولكن الفعل في قولك زيداً ضربت قد أخذ معموله وهو الفاعل فمعتمده عليه ومن أجله صيغ . وأما المفعول فلم يبالوا به إذ ليس اعتماد الفعل عليه كاعتماده على الفاعل ، ألا ترى أنه يحذف والفاعل لا يحذف فليس تقديمه على الفعل العامل فيه بأبعد من حذفه . وأما زيداً ضربته فينتصب بالقصد إليه كما قال الشيخ : هذا الفصل من أعجب كلامه . ولم أعرف أحداً من النحويين سبقه إليه .
فائدة
قولهم للضرب ونحوه مصدر إن أريد بحروف مصدر . مصدر صدر يصدر مصدراً فهو يقوي قول الكوفيين : إن المصدر صادر عن الفعل مشتق منه والفعل أصله . وأصله على هذا صادر، ولكن توسعوا فيه كصوم وزوز وعلل في صائم وبابه . قال السهيلي : هو على جهة المكان استعارة كأنه الموضع الذي صدرت عنه الأفعال والأصل الذي نشأت منه ، قلت : وكأنه يعني مصدوراً عنه لا صادر عن غيره ، قال : ولا بد من المجاز على القولين : فالكوفي يحتاج أن يقول الأصل صادر ، فإذا قيل : مصدر قدر فيه حذف أي ذو مصدر ، كما يقدر في صوم وبابه . ونحن نسميه مصدر استعارة من المصدر الذي هو المكان .
تعليق